الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد13%

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 563

الجزء ١ المقدمة الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 563 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 181984 / تحميل: 9882
الحجم الحجم الحجم
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قالتْ فاطمةُ بنتُ الحسينِعليهما‌السلام : فلمّا جلسنا بينَ يَدَيْ يزيدَ رقَّ لنا، فقامَ إِليه رجلٌ من أَهلِ الشّام أحمرُ فقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ، هَبْ لي هذه الجاريةَ - يَعنيني - وكنتُ جَاريةً وَضيئةَ فأُرْعِدْتُ وظَنَنْتُ أنّ ذلكَ جائزٌ لهم، فأَخذتُ بثيابِ عمّتي زينبَ، وكانتْ تعلمُ أنّ ذلكَ لا يكونُ.

فقالتْ عمتي للشاميِّ: كَذبْتَ واللّهِ ولؤُمْتَ، واللهِّ ما ذلكَ لكَ ولا له.

فغَضِبَ يزيد وقالَ: كذبتِ، إِنَّ ذلكَ لي، ولو شئتُ أن أفعلَ لَفعلتُ.

قالتْ: كلاٌ واللهِّ ما جعلَ اللّهُ لكَ ذلكَ إلاّ أن تَخرجَ من ملّتنا وتدينَ بغيرها.

فاستطارَ يزيدُ غضباً وقالَ: إِيّاي تَستقبلينَ بهذا؟! إِنما خرجَ منَ الدِّينِ أَبوكِ وأَخوكِ.

قالتْ زينبُ: بدينِ اللهِّ ودينِ أبي ودينِ أخي اهتديتَ أنتَ وجدًّكَ وأَبوكَ إِن كنتَ مسلماً.

قالَ: كذبتِ يا عدوّةَ اللهِّ.

قالتْ له: أنتَ أميرٌ، تَشتمُ ظالماً وتَقهرُ بسلطانِكَ ؛

فكأنّه استحيا وسكتَ.

فعادَ الشّاميُّ فقالَ: هَبْ لي هذه الجاريةَ.

فقالَ له يزيدُ: اغرُبْ، وَهَبَ اللّهُ لكَ حَتْفاً قاضياً.

١٢١

ثمّ أَمرَ بالنِّسوةِ أَن يُنْزَلْنَ في دارٍ على حِدَةٍ معهنّ أَخوهُنَ ُ عليّ بنُ الحسينِعليهم‌السلام ، فأُفرِدَ لهم دارٌ تتّصلُ بدارِ يزيدَ، فأَقاموا أَيّاماً، ثمّ ندبَ يزيدُ النُّعمانَ بنَ بشيرٍ وقالَ له: تجهّزْلتخرجَ بهؤلاءِ النِّسوانِ(١) إِلى المدينةِ. ولمّا أَرادَ أَن يُجهِّزَهم، دعا عليَّ بن الحسينعليهما‌السلام فاستخلاه(٢) ثمّ قالَ له: لعنَ اللهُّ ابنَ مرجانةَ، أَمَ واللهِّ لو أَنَي صاحبُ أَبيكَ ما سأَلني خَصلةً أَبداً إلاٌ أَعطيتُه إِيّاها، ولَدفعتُ الحَتْفَ عنه بكلِّ ما استطعتُ، ولكنً اللّهَ قضى ما رَأَيتَ ؛ كاتِبْني منَ المدينةِ وَأنهِ كلَّ حاجةٍ تكونُ لكَ.

وتقدّمَ بكسوته وكسوةِ أَهلِه، وأَنفذَ معَهم في جملةِ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ رسولاً تَقدّمَ إِليه أن يسيرَبهم في الليلِ، ويكونوا أَمامَه حيثُ لا يفوتونَ طَرْفَه(٣) ، فإِذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّقَ هو وأَصحابُه حولَهم كهيئةِ الحَرَسِ لهم، وينزل منهم حيثُ إِذا أَرادَ إِنسانٌ من جماعتِهم وضوءاً أَو قضاءَ حاجةٍ لم يَحتشِمْ.

فسارَ معَهم في جملةِ النُّعمانِ، ولم يَزَلْ يُنازلهُم في الطّريقِ ويَرفقُ بهم - كما وصّاه يزيدُ - ويرعونهم حتّى دخلوا المدينةَ.

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: النسوة.

(٢) في «م» وهامش «ش»: فاستخلى به.

(٣) في «ش»: طرفة عين

١٢٢

فصل

ولمّا أَنفذَ ابنُ زيادٍ برأسِ الحسينِعليه‌السلام إِلى يزيدَ، تقدّمَ إِلى عبدِ الملكِ بنِ أَبي الحُدَيثِ السُّلَميِّ فقالَ: انطلقْ حتّى تأْتيَ عَمَرَو بنَ سعيدِ ابنِ العاصِ بالمدينةِ فبَشِّرْه بقتلِ الحسينِ، فقالَ عبد الملكِ: فركبتُ راحلتي وسرتُ نحوَ المدنيةِ، فلقيَني رجلٌ من قُريشٍ(١) فقالَ: ما الخبرُ؟ فقلتُ: الخبرُ عندَ الأميرِتسمعُه، فقالَ: إِنّا للّهِ وإنّا إِليه راجعونَ، قُتِلَ - واللهِ - الحسينُ. ولمّا دخلتُ على عمرِو بنِ سعيدٍ قالَ: ما وراءَكَ؟ فقلتُ: ما سَر الأميرَ، قُتِلَ الحسينُ بنُ عليٍّ ؛ فقالَ: اخرجْ فنادِ بقتلهِ ؛ فناديتُ، فلم أَسمعْ واللهِّ واعيةً قطًّ مثلَ واعيةِ بني هاشمٍ في دورِهم على الحسينِ ابنِ عليٍّعليهما‌السلام حينَ سمعوا النِّداءَ بقتلهِ، فدخلت على عَمرِو بنِ سعيدٍ، فلمّا رآني تبسّمَ إِليَّ ضاحكاً ثمّ أَنشأَ متمثّلاً بقولِ عمرِو بنِ مَعدي كرب:

عَجَّتْ نِسَاءُ بَنِيْ زِيَادٍ عَجَّةً

كَعَجِيْجِ نِسْوَتنَاغَدَاةَ الأرْنَبِ(٢)

ثمّ قالَ عَمرٌو: هذه واعيةٌ بواعيةِ عُثمانَ. ثمّ صعدَ المنبرَ فأَعلمَ النّاسَ قَتْلَ الحسينِ بنِ عليّعليهما‌السلام ودعا ليزيد بن معاويةَ ونزلَ.

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»: قيس.

(٢) في هامش «ش» و «م»: (قال ابو الندى الاعرابي: الأرنب: ماء، وروي: الأثأب وهو: شجر). وفي الطبري ٥: ٤٦٦، والكامل ٤: ٩٨: الأرنب: وقعة كانت لبني زُبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب.

١٢٣

ودخلَ بعضُ موالي عبدِاللهِّ بن جعفر بن أَبي طالبٍعليه‌السلام فنعى إليه ابنيه فاسترجعَ، فقالَ أبوالسلاسِلِ مولى عبدِاللهِّ: هذا ما لَقِيْنا منَ الحسينِ بنِ عليِّ ؛ فحذَفه عبدُاللهّ بن جعفرٍ بنعلِه ثمّ قالَ: يا ابنَ اللَخْناءِ، أَلِلحسيَنِ تقولُ هذا؟! واللهِّ لو شَهِدْتُه لأحببْتُ ألا أفارقَه حتّى أُقتلَ معَه، واللّهِ إِنّه لَمِمّا يُسَخِّي بنفسي عنهما ويُعَزِّيني(١) عنِ المُصاب بهما أَنّهما أُصِيبا معَ أَخي وابنِ عمِّي مواسِيَيْنِ له، صابرَينِ معَه. ثمّ أَقبلَ عَلى جُلسائه فقالَ: الحمدُ للهِّ، عزّ عليّ مصرع(٢) الَحسين، إنْ لا أكُنْ(٣) آسيتُ حسيناً بيدي فقد آساه ولدي.

وخرجتْ أمًّ لُقمانَ بنتُ عقيلِ بنِ أبي طالبٍ حينَ سمعتْ نَعْيَ الحسينِعليه‌السلام حاسرة ومعَها أخواتُها: أمُّ هانئ، وأَسماءُ، ورملةُ، وزينبُ، بناتُ عقيلِ بنِ أبي طالبٍ رحمة اللّهِ عليهنّ تبكي قتلاها بالطّفِّ، وهي تَقولُ:

ماذَا تَقُوْلُوْنَ إذْ(٤) قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ:

ماذَا فَعَلتُمْ وَأنتُمْ اخرُ الأممِ

بِعِتْرَتيْ وَبِأَهْليْ بَعْدَ مفْتَقَدِيْ

مِنْهُمْ اسَارَى ومِنهُمْ ضُرِّجُوْا بدَمِ

مَاكَانَ هَذَا جَزَائي إذْنَصَحْتُ لَكُمْ

أَنْ(٥) تَخْلُفُوْنِيْ بِسُوءٍ فِيْ ذَوِيْ رَحِمِي

 فلمّا كانَ الليلُ منْ ذلكَ اليومِ الّذي خَطَبَ فيه عَمروبنُ سعيدٍ بقتلِ الحسينِ بنِ عليٍّعليهما‌السلام بالمدينةِ، سَمِعَ أَهلُ المدينةِ في جوف الليل مُنادياً ينُادي، يَسمعونَ صوتَه ولا يَرَوْنَ شخصَه:

__________________

(١) في « م » وهامش « ش »:يعزي.

(٢) في نسخنا: بمصرع، وما اثبتناه من نسخة العلامة المجلسي في البحار.

(٣) في «ش» و «م»: ألا أكون، وصحح في هامشهما بما في المتن.

(٤) في «م»:إن.

(٥) في هامش «ش» و «م»: اذ.

١٢٤

ايها القاتلون جهْلاً حُسَيناً

أَبشِرُوا بِالعَذَاب وَالتَنْكِيْلِ

(كُلُّ أَهْلِ )(١) السَّمَاءِ يَدْعُوْ عَلَيْكُمْ

مِنْ نَبي وَملاك وَقبيْلِ(٢)

قَدْ لُعنْتُمْ على لِسَانِ ابْنِ دَاوُوْ

دَ وَموسَى وَصَاحِبِ الإنْجِيْل

 فصل

أَسماء من قُتِلَ معَ الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام من أَهلِ بيتهِ بطفِّ كربلاءَ، وهم سبعةَ عشرَنفساً، الحسينُ بنُ عليعليه‌السلام ثامنَ عشرَ منهم: العبّاسُ وعبدُاللّهِ وجعفرٌ وعُثمانُ بنو أَمير المؤمنينَ عليهِ وعليهم السّلامُ، أُمُّهم أُمُّ البنينَ.

وعبداللهِّ(٣) وأَبو بكرٍ ابنا أَميرِ المؤمنينَعليهما‌السلام ، أُمهما ليلى بنتُ مسعودِ الثّقفيّةُ.

وعليٌّ وعبدُاللهِّ ابنا الحسينِ بنِ عليٍّعليهم‌السلام .

والقاسمُ وأَبو بكرٍ وعبدُاللّهِ بنو الحسنِ بنِ عليٍّعليهم‌السلام .

ومحمّدٌ وعونٌ ابنا عبداللهِ بنِ جعفرِبن أَبي طالبٍ رحمةُ اللهِ عليهم.

وعبدُاِللهّ وجعفرٌ وعبدُ الرّحمنِ بنوعقيلِ بنِ أَبي طالبٍ.

__________________

(١) في هامش «ش»: كل من في.

(٢) في هامش «ش»: وقتيل.

(٣) كذا في«ش» و «م» لكن الصحيح عبيدالله كما مضى من المصنف في أولاد أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، وهو الموافق لما في المصادر الاخرى.

١٢٥

ومحمّدُ بنُ أَبي سعيدٍ بنِ عقيلِ بنِ أَبي طالبٍ رحمةُ اللّهِ عليهم أجمعينَ.

فهؤلاءِ سبعةَ عشرَنفساً من بني هاشم - رضوانُ اللّهِ عليهم أجمعينَ - إِخوةُ الحسينِ وبنو أَخيه وبنو عمّيه جعفرٍ وعقيلٍ، وهم كلُّهم مدفونونَ ممّا يلي رِجلَي الحسينِعليه‌السلام في مشهدِه حفِرَ لهم حَفِيرةٌ وأُلقُوا فيها جميعاً وسُوِّيَ عليهم التًّرابُ، إلا العبّاسَ بنَ عليٍّ رضوانُ اللّهِ عليه فإنَّه دُفِنَ في موضعِ مَقتلِه على المُسَنَّاةِ بطريقِ الغاضِريّةِ وقبرُه ظاهرٌ، وليسَ لقبورِ إِخوته وأَهلِه الّذينَ سمّيناهم أَثر، وإنّما يزورُهم الزّائرُ من عندِ قبرِ الحسينِعليه‌السلام ويومئ إِلى الأرضِ الّتي نحوَ رِجلَيه بالسّلامِ، وعليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام في جملتِهم، ويقالُ: إِنّه أَقربُهم دفناً إِلى الحسينِعليه‌السلام .

فأَمّا أَصحابُ الحسينِ رحمةُ اللّهِ عليهم الّذينَ قُتِلوا معَه، فإِنّهم دُفِنُوا حولَه ولسنا نُحَصِّلُ لهم أَجْدَاثاً على التّحقيقِ والتّفصيلِ، إلا أَنّا لا نَشُكُّ أَنّ الحائرَ مُحيطٌ بهم رضيَ اللّهُ عنهم وأَرْضَاهم وأَسكنَهم جنّاتِ النّعيمَ.

* * *

١٢٦

باب طرف من فضائلِ الحسينِ عليهِ السّلامُ وفضل زيارتِه وذكر مصيبتهِ

روى سعيدُ بنُ راشدٍ(١) ، عن يعلى بن مُرَّةَ قالَ: سمعتُ رسول اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقولُ: «حسينٌ منِّي وأَنا من حسينٍ ؛ أحبَّ اللهُّ من أَحبَّ حسيناً ؛ حسينٌ سبطٌ منَ الأسباطِ »(٢) .

ورَوى ابنُ لَهِيْعَةَ، عن أَبي عَوانَةَ(٣) رفعَه إِلى النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله قالَ: قالَ رسولُ اللّهِ: «إِنّ الحسنَ والحسينَ شَنَفَا(٤) العرشِ، وِانّ الجنّةَ قالتْ: يا ربّ أسكنْتَني الضُّعَفاءَ والمساكين ؛ فقالَ اللّه لها: ألا تَرْضَيْنَ أنِّي زَيّنْتُ أَركانَكِ بالحسنِ والحسينِ ؛ قالَ: فماست(٥) كما تَمِيْسُ العروسُ

__________________

(١) في بعض المصادر: سعيد بن ابي راشد، وكلاهما واحد. انظر تهذيب الكمال ١٠: ٤٢٦ / ٢٢٦٧ ومصادره.

(٢) رواه أحمد في مسنده ٤: ١٧٢: ابن ماجة في سننه ١: ٥١ / ١٤٤، والترمذي في سننه ٥: ٦٥٨ / ٣٧٧٥، والحاكم في مستدركه ٣:١٧٧، والذهبي في تلخيصه له، وابن قولويه في كامل الزيارات: ٥٢، ٥٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الامام الحسينعليه‌السلام : ٧٩ / ١٢٢، وابن الأثير في اُسد الغابة ٢: ١٩، والحمويني في فرائد السمطين ٢: ١٣٠ / ٤٢٩، والمزّي في تهذيب الكمال ١٠: ٤٢٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٣: ٢٧١.

(٣) في تاريخ بغداد وكنز العمال: ابو عُشانة.

(٤) الشنف: قرط يلبس في أعلى الأذن، انظر «الصحاح - شنف - ٤: ١٣٨٣ ».

(٥) الميس: التبختر. «الصحاح - ميس - ٣: ٩٨٠».

١٢٧

فَرَحاً »(١) .

وروى عبدُاللهّ بن ميمون القدّاح، عن جعفرِ بنِ محمّدٍ الصّادقعليه‌السلام قالَ: «اصْطَرَعَ الحسنُ والحسينُعليهما‌السلام بينَ يَدَيْ رسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالَ رسولُ اللّهِ: إِيهاً(٢) حسنُ، خُذْ حسيناً؟ فقالتْ فاطمةُعليها‌السلام : يا رسولُ اللّهِ، أَتَستَنْهِضُ الكبيرَ على الصّغيرِ؟! فقالَ رسول اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا جَبْرئيْلُعليه‌السلام يقول للحسينِ: إيهاً يا حسينا(٣) ، خُذِ الحسنَ »(٤) .

وروى إِبراهيمُ بن الرّافعي(٥) ، عن أَبيه، عن جدِّه قالَ: رأيتُ الحسنَ والحسينعليهما‌السلام يمشيانِ إِلى الحجِّ، فلم يَمُرّا براكبٍ إلّا نزلَ يمشي، فثقلَ ذلكَ على بعضِهم فقالوا لسعدِ بن أبي وَقّاصٍ: قد ثقلَ علينا المشيُ، ولا نسَتحسنُ أَن نركبَ وهذانِ السّيًّدانِ يَمشيانِ ؛ فقاكَ سعدٌ للحسنعليه‌السلام : يا أبا محمّدٍ، إِنّ المشيَ قد ثقلَ على جماعةٍ ممن معَكَ، والنَّاسُ إِذا رأوْكما تَمشيانِ لم تَطِبْ أَنفسُهم

__________________

(١) ذكر قطعة منه الخطيب في تاريخ بغداد ٢: ٢٣٨، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٢: ١٢١، ونقل الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ١٨٤ قطعة منه بسند آخر، ورواه ابن شهرآشوب في مناقبه ٣: ٣٩٥ ونقله العلامة المجلسي في ألبحار ٤٣: ٢٧٥ / ٤٤.

(٢) كذا في النسخ، ويلاحظ في ذلك. «لسان العرب - أيه - ١٣: ٤٧٤ ».

(٣) في «ش»: حسيناً. وفي «م»: حسين، وما اثبتثاه من هامش «ش».

(٤) قرب الاسناد: ٤٨، مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ١٠٥ كتاب سليم بن قيس: ١٧٠، امالي الصدوق: ٣٦١، امالي الطوسي ٢: ١٢٧، تاريخ دمشق - ترجمة الامام الحسينعليه‌السلام -: ١١٦ - ١١٧ و ١٥٤ - ١٥٦، اُسد الغابة ٢: ١٩، الاصابة ١: ٣٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٣: ٢٧٦ / ٤٥.

(٥) في هامش «ش»: من أولاد ابي رافع الصحابي.

١٢٨

أَن يركبوا، فلو ركبتما؛ فقالَ الحسنُعليه‌السلام : «لا نَركبُ، قد جَعلْنا على أَنفسِنا المشيَ إِلى بيتِ اللهِّ الحرامِ على أَقدامِنا، ولكنّنا نتنكّبُ الطّريقَ » فأَخذا جانباً منَ النّاسِ(١) .

وروى الاوزاعيٌُ، عن عبدِاِللهّ بنِ شدّادٍ(٢) عن أُمِّ الفضلِ بنتِ الحارثِ:أَنّها دخلتْ على رسولِ اللّهِ صلّى لم اللّه عليهِ وآلهِ فقالتْ: يا رسولَ اللهِّ، رأَيتُ الليلةَ حُلماً مُنكَراً؛ قالَ: «وما هو؟» قالتْ: إِنّه شديدٌ ؛ قالَ: «ما هو؟» قالتْ: رأَيتُ كأنَّ قطعةً من جسدِكَ قُطِعَتْ ووُضِعَتْ في حجْري ؛ فقالَ رسولُ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «خيراً رأَيتِ، تَلِدُ فاطمةُ غلاماً فيكونُ في حجرِكِ » فولدتْ فاطمةُ الحسينَعليه‌السلام فقالتْ: وكانَ في حجري كما قالَ رسولُ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت به يوماً على النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعتُه في حجرِهِ، ثمّ حانتْ منِّي التفاتة فإِذا عَينا رسولِ اللّهِ عليه وآلهِ السّلامُ تُهراقانِ بالدُّموعِ، فقلتُ: بأَبي أَنتَ وأُمِّي يا رسولَ اللهِّ، ما لَكَ؟! قالَ: «أَتاني جَبْرئيْلُعليه‌السلام فأَخبرَني أَنّ أُمّتي ستقتلُ ابني هذا، وأَتاني بتربةٍ من تربتهِ حمراءَ»(٣) .

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ٣: ٣٩٩، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٣: ٢٧٦ / ٤٦.

(٢) وهو أبن ألهاد، وام الفضل لبانة بنت الحارث الهلالية خالته، توفيت في خلافة عثمان، وتوفي هو سنة ٨١، ٨٢، ٨٣ هـ.

وفي اغلب المصادر والتراجم:ان الأوزاعي يروي عن شداد بن عبدالله ابي عمار مولى معاوية، ولم يذكروا تاريخ وفاته، وهو وعبدالله بن شداد من طبقة واحدة.

والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو، ولد سنة ٨٨ وتوفي سنة ١٥٧، وذكره ابن ابي حاتم الرازي فيمن يرسل، انظر «المراسيل: ١١٢، سير اعلام النبلاء ٧: ١٠٧، ٢: ٣١٤، ٣: ٤٨٨، تهذيب الكمال١٥: ٨١، ١٢: ٣٩٩ ومصادرهما».

(٣) روى الحديث الحاكم في مستدركه ٣: ١٧٦، وابن عساكر في تاريخ دمشق - ترجمة

١٢٩

وروى سِماكٌ، عنِ ابنِ مُخارِقٍ، عن أمِّ سلمةَ - رضيَ اللهُّ عنها - قالتْ: بينا رسولُ اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاتَ يومٍ جالسٌ والحسينُعليه‌السلام جالسٌ في حجرِه، إِذ هَمَلَتْ عيناه بالدُّموعِ، فقلتُ له: يا رسولَ اللّهِ، ما لي أَراكَ تبكي، جعِلْت فداك؟! فقالَ: «جاءَني جَبْرَئيْلُعليه‌السلام فعزّاني بابني الحسينِ، وأَخبرَني أَنّ طائفةً من أمّتي تقتلُه، لا أَنالهمُ اللّهُ شفاعتي »(١) .

ورُويَ بإِسنادٍ آخرَ عن أُمِّ سلمةَ - رضيَ اللهُّ عنها - أَنّها قالتْ: خرجَ رسولُ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله من عندِنا ذاتَ ليلةٍ فغابَ عنّا طويلاً، ثمّ جاءَنا وهو أَشعثُ أَغبرُ ويدُه مضمومةٌ، فقلتُ: يا رسولَ اللّهِ، مالي أَراكَ شَعِثاً مُغْبَرّاً؟! فقالَ: «أُسِريَ بي في هذا الوقتِ إِلى موضعٍ منَ العراقِ يقالُ له كربلاءُ، فأُرِيتُ فيه مَصرعَ الحسينِ ابني وجماعةٍ من ولدي وأَهلِ بيتي، فلم أَزَلْ ألْقُطُ دماءهم فها هي في يدي » وبسطَها إِليَّ فقالَ: «خُذِيها واحتفظي بها» فأخذتُها فإِذا هي شِبْة ترابٍ أَحمَر، فوضعتُه في قارورةٍ وسَدَدْت(٢) رأسهَا واحتفظتُ به، فلمّا خرجَ الحسينُعليه‌السلام من مكّةَ متوجِّهاً نحوَ العراقِ، كنتُ أُخرجُ تلكَ القارورةَ في كلِّ يومِ وليلةٍ فأشمُّها وأَنظرُ إِليها ثمّ أَبكي لمصابِه، فلمّا كانَ في اليومِ(٣)

__________________

الامام الحسينعليه‌السلام -: ١٨٣ / ٢٣٢، والطبري في دلائل الامامة: ٧٢، والتستري في احقاق الحق ١١:٣٦٣ عن الخصائص، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤: ٣٣٨ / ٣٠.

(١) اعلام الورى:٢١٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤: ٢٣٩ / ٣١.

(٢) في «م» وهامش «ش»: شددت.

(٣) في «م» وهامش «ش»: يوم.

١٣٠

العاشرِ منَ المحرّمِ - وهو اليومُ الّذي قتِلَ فيهعليه‌السلام - أَخرجتُها في أَوّلِ النّهارِ وهي بحالِها، ثمّ عُدْتُ إِليها آخرَ النّهارِ فإِذا هي دمٌ عبيطٌ، فصِحْتُ في بيتي وبكيتُ وكظمتُ غيظي مخافةَ أَن يسمعَ أَعداؤهم بالمدينةِ فيُسرعوا بالشّماتةِ، فلم أَزلْ حافظةً للوقتِ حتى جاءَ النّاعي ينعاه فحقّقَ ما رأَيت(١) .

ورُويَ:أَنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانَ ذاتَ يومِ جالساً وحولَه عليٌ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُعليهم‌السلام فقالَ لهمَ: «كيفَ بكم إذا كنتم صَرْعَى وقبورُكم شتّى؟ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : أَنموتُ موتاً أَو نُقتَلُ؟ فقالَ: بل تقتل يا بُنَيَّ ظلماً، ويُقتلُ أَخوكَ ظلماً، وتشَرَّدُ ذراريُّكم فِى الأرض، فقال الحسينُعليه‌السلام : ومن يقتلُنا يا رسولَ اللّهِ؟ قالَ: شِرارُ الَنّاسِ، قالَ: فهل يزورنا بعدَ قتلِنا أحدٌ؟ قالَ: نعم، طائفةٌ من أمّتي يُريدونَ بزيارتِكم بِرِّي وصِلَتي، فإِذا كانَ يومُ القيامةِ جئتُهم(٢) إِلى الموقفِ حتّى آخُذَ (بأَعضادِهم فاخَلِّصَهم )(٣) من أَهوالِه وشدائدِه».

وروى عبدُاللهِ بن شريكٍ العامريّ قالَ: كنتُ أَسمعُ أَصحابَ عليٍّعليه‌السلام إِذا دخلَ عُمَرُ بنُ سعدٍ من بابِ المسجدِ يقولونَ: هذا

__________________

(١) روى اليعقوبي في تاريخه ٢:٢٤٥ - ٢٤٦ مضمون الخبر، وابن حجر في تهذيب التهذيب ٢: ٣٤٧، وذكره الطبرسي في اعلام الورى: ٢١٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤: ٢٣٩.

(٢) في هامش «ح »: جئتها.

(٣) في «ش»: باعضادها فاخلصها.

١٣١

قاتلُ الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام وذلكَ قبلَ قتْلِه(١) بزمانٍ(٢) .

وروى سالمُ بن أَبي حَفْصَةَ قال: قالَ عمرُ بنُ سعدٍ ِللحسينعليه‌السلام : يا أَبا عبداللهِ إِنَّ قِبَلنَا ناساً سُفَهاءَ، يزعمونَ أنيِّ أقتلُكَ، فقالَ له الحسينِعليه‌السلام : «إِنّهم ليسوا بسفهاءَ ولكنّهم حُلَماءُ، أَما إِنّه يُقِر عيني ألا تأَكلَ بُرَّ العراقِ بعدي إلّا قليلاًَ»(٣) .

وروى يوسفُ بنُ عَبْدَةَ قالَ: سمعت محمّدَ بنَ َسيرينَ يقولُ: لم تُرَ هذه الحُمرةُ في السّماءِ إلا بعدَ قتلِ الحسينِعليه‌السلام (٤) .

وروى سعدُ الاسكاف قالَ: قالَ أَبوجعفرٍعليه‌السلام : «كانَ قاتلُ يحيى بن زكريّا ولدَ زِناً، وقاتلُ الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام ولد زِناً، ولم تَحْمَرَّالسّماءُ إلا لهما»(٥) .

وروى سُفيانُ بنُ عيَيْنَةَ، عن عليِّ بنِ يزيدَ، عن عليَ بنِ الحسينِعليهما‌السلام قالَ: «خرجْنا معَ الحسينِعليه‌السلام فما نزلَ منزلاً ولا ارتحلَ منه إلاٌ ذَكَرَيحيى بنَ زكريّا وقَتْلَه ؛ وقالَ يوماً: ومِن هوانِ الدُّنيا على اللهِّ أَنّ رأسَ يحيى بن زكريّاعليه‌السلام أُهدِيَ إِلى بَغِيّ من بَغايا بني إِسرائيلَ »(٦) .

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: أن يقتل.

(٢) نقله العلامة ألمجلسي في البحار٤٤: ٢٦٣ / ١٩.

(٣) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤: ٢٦٣ / ٢٠.

(٤) ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق - ترجمة الامام الحسينعليه‌السلام -: ٢٤٥ / ٢٩٨، وانظر مصادره.

(٥) رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: ٧٧ و ٧٩، عن ابي عبداللهعليه‌السلام .

(٦) مجمع البيان ٣: ٥٠٢.

١٣٢

وتَظاهرتِ الأخبارُ بأَنّه لم يَنْجُ أَحدٌ من قاتلي الحسينِعليه‌السلام وأَصحابِه - رضيَ ّ اللهُ عنهم - من قتل أَو بلاءٍ افْتَضَحَ به قبلَ موتِه.

فصل

ومضى الحسينُعليه‌السلام في يوم السّبتِ العاشرِمنَ المحرّم سنةَ إِحدى وستِّينَ منَ الهجرةِ بعدَ صلاةِ الظُّهرِ منه قتيلاً مظلوماً ظَمآن صابراً مُحتسِباً - على ما شرحْناه - وسِنه يومئذٍ ثمان وخمسونَ سنةً، أَقامَ منها معَ جدِّه رسولِ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعَ سنينَ، ومعَ أَبيه أَميرِالمؤمنينَعليه‌السلام ثلاثينَ سنةً، ومعَ أَخيه الحسنِعليهما‌السلام عشرَ سنينَ، وكانتْ مدّةُ خلافتِه بعدَ أَخيه إِحدى عشرةَ سنةً، وكانَعليه‌السلام يخضب بالحِنّاءِ والكَتَمِ(١) ، وقُتِلَعليه‌السلام وقد نَصَلَ الخِضابُ من عارِضيْه.

وقد جاءَتْ رواياتٌ كثيرةٌ في فضلِ زيارتِهعليه‌السلام بل في وجوبها.

فرُوِيَ عنِ الصّادقِ جعفرِ بنِ محمّدٍعليهما‌السلام أَنّه قالَ: «زيارةُ الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام واجبةٌ على كلِّ من يُقِرُّ للحسينِ بالإمامةِ منَ اللّهِ.عزّ وجلَّ »(٢) .

__________________

(١) الكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه «القاموس المحيط - كتم - ٤: ١٦٩ »؟ وانظر طبقات ابن سعد٥: ٢١٧.

(٢) رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: ١٢١ و ١٥٠ / ذيل ح ١، والصدوق في الفقيه ٢:

١٣٣

وقالَعليه‌السلام : «زيارةُ الحسينِعليه‌السلام تَعْدِلُ مائةَ حجّةٍ مبرورةٍ، ومائةَ عُمرةٍ مُتَقَبَّلةٍ »(١) .

وقالَ رسولُ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من زارَ الحسينَعليه‌السلام بعدَ موته فله الجنّةُ»(٢) .

والأخبارُ في هذا البابِ كثيرةٌ، وقد أَوردْنا منها جملةً كافيةً في كتابِنا المعروفِ بمنَاسِكِ المزَارِ.

__________________

٣٤٨ / ذيل ح ١٥٩٤، والامالي: ١٢٣ / ١٠، الشيخ في التهذيب ٦: ٤٢ / ذيل ح ١، والمصنف نحوه في المقنعة: ٤٦٨، والمزار: ٣٧ / ١.

(١) كامل الزيارات: ١٤٢، وامالي الصدوق: ١٢٣ / ١١، وتهذيب الاحكام ٦: ٥١ / ١١٩، ومصباح المتهجد: ٦٥٩، باختلاف يسيرفيها.

(٢) كامل الزيارات: ١٠ / ١، تهذيب الاحكام ٦: ٤٠ / ٨٤، ومزار المفيد: ٣٠ / ذح ١.

١٣٤

باب ذكر ولدِ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهما السّلامُ

وكانَ للحسينِعليه‌السلام ستّةُ أَولادٍ: عليُّ بنُ الحسينِ الأكبرُ، كنيتهُ أَبو محمدٍ، وأمه شاه زنان بنت كسرى يَزدجرد.

وعليُّ بن الحسينِ الأصغرُ، قُتِلَ معَ أَبيه بالطّفِّ، وقد تقدّمَ ذكرُه فيما سلفَ، وأُمُّه ليلى بنت أَبي مُرّة بن عروة بن مسعودِ الثّقفيّةُ.

وجعفرُ بنُ الحسينِ، لا بقيّةَ له، وأُمُّه قُضاعيّةٌ، وكانتْ وفاتُه في حياةِ الحسينِ.

وعبدُاللّهِ بن الحسينِ، قُتِلَ معَ أَبيه صغيراً، جاءه سهمٌ وهو في حجرِ أَبيه فذبحَه، وقد تقدّمَ ذكره فيما مضى.

وسُكَيْنَةُ بنتُ الحسينِ، وأمها الرَّبابُ بنتُ امرئ القيسِ بنِ عديٍّ، كلبيّةٌ، وهي أُمُّ عبداللهِ بنِ الحسينِ.

وفاطمةُ بنتُ الحسينِ، وأمُّها أُمُّ إِسحاقَ بنتُ طلحةَ بن عُبيدِاللهِّ، تيميٌةُ.

* * *

١٣٥

١٣٦

باب ذِكْر الإمام بعدَ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهما السلام

وتأريخ مولدَه، ودلائل إِمامتِه، ومبلغ سنِّه،

ومدّة خلافتِه، ووقت وفاتِه وسببها، وموضع قبرهِ،

وعدد أَولادِه، ومختصرٍ من أَخبارِه

والإمام بعد الحسينِ بنِ عليٍّ ابنهُ أَبو محمّدٍ عليُّ بنُ الحسينِ زينُ العابدينَ صلواتُ اللّه عليهم، وكانَ يُكنى أَيضاً أَبا الحسنِ، وأُمُّه شاه زنان بنتُ يزدجرد بن شهريار بن كسرى، ويُقالُ إِنّ اسمَها (شهربانوا )(١) ، وكانَ أَميرُ المؤمنينعليه‌السلام ولّى حُرَيثَ بنَ جابرٍ الحنفيّ جانباً منَ المشرقِ، فبعثَ إِليه بنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى، فَنَحلَ ابنَه الحسينَعليهما‌السلام شاه زنان منهما فاَولدَها زينَ العابدينَعليه‌السلام ، ونَحلَ الاخرى محمّدَ بنَ أَبي بكرٍ فولدتْ له القاسمَ بنَ محمّدِ ابنِ أَبي بكرٍ، فهما ابنا خالةٍ.

وكانَ مولدُ عليِّ بنِ الحسينِعليه‌السلام بالمدينةِ سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ منَ الهجرةِ، فبقي معَ جدِّه أَمير المؤمنينَعليه‌السلام سنتين، ومعَ عمِّه الحسنِ عشرَ سنينَ، ومعَ أَبيه الحسينِعليه‌السلام إِحدى عشرةَ سنةً، وبعد أَبيه أَربعاً وثلاثينَ سنةً. وتُوُفِّيَ بالمدينةِ سنةَ خمسٍ وتسعينَ للهجرةِ، وله يومئذٍ سبعٌ وخمسونَ سنةً.

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي هامش «ش»: نُويْه.

١٣٧

وكانتْ إِمامتُه أَربعاً وثلاثينَ سنةً، ودُفِنَ بالبقيعِ معَ عمِّه الحسنِ ابنِ عليٍّعليهما‌السلام ، وثبتتْ له الأمامة من وجوه:

أحدُهما: أَنّه كانَ أَفضلَ خلقِ اللّهِ بعدَ أَبيه علماً وعملاً؛ والأمامةُ للأفضلِ دونَ المفضولِ بدلائلِ العقولِ.

ومنها: أَنّه كانَ أَولى باَبيه الحسينِعليه‌السلام وأَحقَّهم بمقامِه من بعدِه بالفضلِ والنّسب ؛ والأولى بالإمام الماضي أَحقُّ بمقامِه من غيرِه، بدلالةِ آيةِ ذوي الأرحامَ وقصّةِ زكريّاعليه‌السلام .

ومنها: وجوبُ الإمامةِ عقلاً في كلِّ زمانٍ، وفسادُ دعوى كلِّ مدع ِللإمامةِ في أَيّامِ عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام أَو مُدَّعىً له سواه، فثبتتْ فيه، لاستحالةِ خلوِّ الزّمانِ من إِمامِ.

ومنها: ثبوتُ الإمامةِ أَيضاً في العترةِ خاصّةً، بالنّظرِ والخبرِعنِ النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفسادُ قولِ منِ ادّعاها لمحمّدِ بنِ الحنفيّةِ - رضيَ اللهُ عنه - بتعرِّيه منَ النّصِّ عليه بها، فثبتَ أَنّها في عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام ، إِذ لا مُدّعى له الإمامةُ منَ العترةِ سوى محمّدٍ رضيَ اللّهُ عنه وخروجه عنها بما ذكرناه.

ومنها: نصُّ رسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإمامةِ عليه فيما رُوِيَ من حديثِ اللوحِ - الّذي رواه جابرٌ - عنِ النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورواه محمّدُ بنُ عليٍّ الباقرُعليهما‌السلام عن أَبيه عن جدِّه عن فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِّ صلّى اللهُّ عليهم(١) ؛ ونصُّ جدِّه أَميرِ المؤمنينَ عليهِ

__________________

(١) للتحقق من شهرة حديث اللوح انظر: اثبات الوصجة: ١٤٣، ٢٢٧، ٢٣٠، الكافي ١:

١٣٨

السّلام في حياةِ أَبيه الحسينِعليه‌السلام بما تضمّنَ(١) ذلكَ منَ الأخبار،(٢) ووصيةُ أَبيه الحسينِعليه‌السلام إِليه، وايداعُه أُمَّ سلمةَ رضيَ اللّهُ عنها ما قبضَه عليٌّ من بعدِه، وقد كانَ جعلَ التماسَه من أًمِّ سلمةَ علامةً على إِمامةِ الطّالبِ له منَ الأنامِ(٣) ، وهذا باب يعرفُه من تصفّحَ الأخبارَ، ولم نقصدْ في هذا الكتاب إِلى القولِ في معناه فنستقصيَه على التّمامِ.

__________________

٣ / ٤٤٢، أكمال الدين: ٣١١ / ١، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٤٠ / ١، غيبة النعماني: ٦٢، امالي الطوسي ١: ٢٩٧، غيبة الطوسي: ١٤٣ / ١٠٨، القاب الرسول وعترته صلّى الله عليه وآله: ١٧٠، فرائد السمطين ٢: ١٣٦ / ٤٣٢ - ٤٣٥، والمصنف في الاختصاص: ٢١٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٣٦: ١٩٢ - ٢٠٣.

(١) في «م»:ضَمِنَ.

(٢) حضره الفقيه ٤: ١٣٩ / ٤٨٤.

(٣) الكافي ١: ٢٤٢ / ٣، غيبة الطوسي: ١٩٥ / ١٥٩.

١٣٩

باب ذكر طرفٍ منَ الأخبارِ لعليِّ بنِ الحسينِ عليهما السّلامُ

أَخبرَني أَبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ بنِ يحيى قالَ: حدّثَنا جدِّي(١) قالَ: حدّثَني إِدريسُ بنُ محمّدِ بنِ يحيى(٢) بن عبداللهِ بنِ حسنِ بنِ حسنٍ، وأَحمدُ بنُ عبداللهِ بنِ موسى، واسماعيلُ بنُ يعقوبَ جميعاً قالوا: حدّثَنا عبدُاللّهِ بن موسى، عن أَبيه، عن جدِّه قالَ: كانتْ أُمِّي فاطمةُ بنتُ الحسينِعليه‌السلام تأْمرُني أَن أَجلسَ إلى خالي عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام ، فما جلستُ إِليه قطُّ إِلا قمتُ بخيرٍ قد أَفدتُه: إِمّا خشيةٍ للّهِ تَحدثُ في قلبي لمِا أَرى من خشيتِه للّهِ تعالى ؛ أوعلمٍ قدِ استفدتُهُ منه(٣) .

__________________

(١) هويحيى بن الحسن بن جعفربن عبيداللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو الحسين المعروف بالعبيدلي، العالم الفاضل الصدوق، صنف كتباً، منها كتاب نسب آل أبي طالب، كتاب المسجد، وقد روى عنه حفيده الحسن بن محمد بن يحيى، انظررجال النجاشي: ٤٤١ / ١١٨٩.

وستأتي له روايات كثيرة في أبواب أحوال الامامين زين العابدين والباقر عليهما‌السلام وأبواب أحوال الامامين الكاظم والرضا عليهما‌السلام مصرحة بانها من روايات العبيدلي وبعض ما لم يصرح بالأخذ منه أُخذ منه - كما سياتي ذكر موارد منها - ولا يبعد أخذه من كتابه نسب ال ابي طالب.

(٢) في «ش»: «بحر» بدل «يحيى»، وفي هامشها: يحيى، ولعله تصحيح، وفي «م» و «ت »: يحيى، وهو ما اثبتناه.

(٣) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٣ / ٥٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وقت فريضة، ارأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان، اكان لك ان تتطوع حتى تقتضيه »، قال، قلت: لا، قال: « فكذلك الصلاة » قال: فقايسني، وما كان يقايسني.

٤٧ - ( باب جواز قضاء الفرائض في وقت الفريضة الحاضرة ما لم يتضيق وحكم تقديم الفائتة على الحاضرة )

٣٢٦٧ / ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، انه قال: « من فاتته صلاة حتى دخل وقت صلاة اخرى، فان كان في الوقت سعة بدأ بالتي فاتته، وصلى التي هو منها في وقت، وان لم يكن في الوقت (١) الا مقدار ما يصلي فيه التي هو في وقتها بدأ بها، وقضى بعدها الصلاة الفائتة ».

٣٢٦٨ / ٢ - فقه الرضا عليه‌السلام: عن رجل نام ونسي فلم يصلّ المغرب والعشاء، قال: « ان استيقظ قبل الفجر بقدر ما يصلّيهما جميعاً يصلّيهما، وإن خاف أن يفوته أحدهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ».

____________________________

الباب - ٤٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

(١) في المصدر زيادة: سعة.

٢ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١٠، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٤ ح ٢.

١٦١

٤٨ - ( باب وجوب الترتيب بين الفرائض أداء وقضاء، ووجوب العدول بالنيّة إلى السابقة، إذا ذكرها في أثناء الصلاة أداء، وقضاء جماعة ومنفرداً )

٣٢٦٩ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: عن رجل نسي الظهر حتى صلّى العصر، قال: « يجعل صلاة العصر التي صلّى الظهر، ثم يصلّى العصر بعد ذلك ».

وعن رجل نام ونسي فلم يصلّي المغرب والعشاء - إلى أن قال -: « وإن استيقظ بعد الصبح فليصلّ الصبح، ثم المغرب، ثم العشاء، قبل طلوع الشمس ».

٣٢٧٠ / ٢ - دعائم الإسلام: وروينا عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام أنّ رجلاً سأله فقال: يابن رسول الله، ما تقول في رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى ركعتين من العصر؟ قال: « فيجعلهما الظهر (١)، ثم يستأنف العصر » قال: فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء (٢)؟ قال: « يتمّ صلاته، ثم يصلّي المغرب بعد » قال له الرجل: جعلت فداك (يابن رسول الله) (٣)، ما الفرق بينهما؟ قال: « لأنّ العصر ليس بعدها صلاة، يعني لا يتنفّل بعدها، والعشاء الآخرة يصلّي بعدها ما شاء ».

____________________________

الباب - ٤٨.

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١٠، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٢١٦

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

(١) في المصدر: فليجعلهما للظهر.

(٢) في المصدر زيادة: الآخرة.

(٣) ليس في المصدر.

١٦٢

٣٢٧١ / ٣ - وعنه عليه‌السلام: أنّه سئل عن رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى العصر، قال: « يجعل التي صلّى الظهر، ويصلّي العصر » قيل: فإن نسي المغرب حتى صلّى العشاء الآخرة؟ قال: « يصلّي المغرب، ثم العشاء الآخرة ».

قال في البحار في الخبر الأول: لم أر قائلاً به، وحمل على ما إذا تضيّق وقت العشاء دون العصر، وان كان التعليل يأبى عنه لمعارضته للأخبار الكثيرة، ويمكن حمله على التقيّة والتعليل ربّما يؤيده، انتهى.

٣٢٧٢ / ٤ - السيّد عليّ بن طاووس في رسالة المواسعة، عن كتاب الصلاة للحسين بن سعيد الأهوازي: عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل نسي الاُولى حتى صلّى ركعتين من العصر، قال: « فليجعلهما الاولى وليستأنف العصر » قلت: فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء ثم ذكر؟ قال: « فليتم صلاته، ثم يقضي بعد المغرب » قال: قلت: جعلت فداك، متى نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر يجعلها الاولى ثم يستأنف، وقلت لهذا يقضي صلاته بعد المغرب؟! فقال: « ليس هذا مثل هذا، إنّ العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة ».

٣٢٧٣ / ٥ - وعن كتاب النقض على من أظهر الخلاف على أهل البيت عليهم‌السلام للحسين بن عبيد الله بن عليّ الواسطي: عن الصادق

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١ باختلاف يسير في لفظه، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

٤ - رسالة المواسعة ص ١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٩.

٥ - رسالة المواسعة ص ٢، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٣٠.

١٦٣

جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه قال: « من كان في صلاة ثم ذكر صلاة اُخرى فاتته أتمّ التي هو فيها، ثم يقضي ما فاتته ».

٤٩ - ( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب المواقيت )

٣٢٧٤ / ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) قال: « دلوكها زوالها، و: ( غَسَقِ اللَّيْلِ ) انتصافه، ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) صلاة الغداة، ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ».

ثم قال: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ) قال: « صلاة الليل ».

٣٢٧٥ / ٢ - العيّاشي: عن أبي هاشم الخادم، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال: « ما بين غروب الشمس إلى سقوط القرص غسق ».

٣٢٧٦ / ٣ - الطبرسي في مجمع البيان: في قوله تعالى: ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ) (١). الآية عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام: « إنّهم قوم إذا حضرت الصلاة تركوا التجارة، وانطلقوا إلى الصلاة، وهم أعظم أجراً ممّن (لم) (٢) يتّجر ».

____________________________

الباب - ٤٩

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥، والآيتان في سورة الاسراء ١٧: ٧٨، ٧٩.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣١٠ ح ١٤٤، وعنه في البحار ج ٨٢ ص ٣٥٩ ح ٤١.

٣ - مجمع البيان ج ٧ ص ١٤٥.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

(٢) ليس في المصدر.

١٦٤

٣٢٧٧ / ٤ - الصدوق في الخصال: عن الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري، عن عمه، عن أبي إسحاق قال: أملى علينا تغلب (١) ساعات الليل: الغسق، والفحمة، والعشوة، والهداة، والسباع (٢)، والجنح، والهزيع، والفقد (٣)، والزلفة، والسحرة، والبهرة.

٣٢٧٨ / ٥ - عليّ بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن أبان (١) الثقفي قال: سأل النصرانيّ الشاميّ الباقر عليه‌السلام عن ساعة ما هي من الليل ولا هي من النهار، أيّ ساعة هي؟ قال أبوجعفر عليه‌السلام: « ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » قال النصراني: إذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أيّ ساعات هي؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام: « من ساعات الجنّة، وفيها تفيق مرضانا » فقال النصراني: أصبت.

٣٢٧٩ / ٦ - زيد النرسي في أصله: قال: سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول: « إنّ الشمس تطلع كلّ يوم بين قرني شيطان إلّا صبيحة [ ليلة ] (١) القدر ».

____________________________

٤ - الخصال ص ٤٨٨ ح ٦٧.

(١) في المصدر: ثعلب.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: والعقر.

٥ - تفسير القمي ج ١ ص ٩٨.

(١) في المصدر: عبدالله، ولعل الصواب: عمرو بن عبدالله الثقفي، أنظر « رجال الشيخ ص ١٢٨ رقم ٢١ ».

٦ - كتاب زيد النرسي ص ٥٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٦٥

٣٢٨٠ / ٧ - عوالي اللآلي: روى خباب بن الأرت قال: ربّما شكونا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الرمضاء (١) فلم يشكنا.

٣٢٨١ / ٨ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « رحم الله عبداً قام من الليل فصلّى، وأيقظ أهله فصلّوا ».

٣٢٨٢ / ٩ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أنّه قال: « لا يغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم، فإنّها العشاء، وإنّهم يعتمون بالإبل »، وذلك لأنّهم كانوا يعتمون بالحلب، أي يؤخّرون حلبها إلى أن يعتم الليل، ويسمّون الحلبة العتمة باسم عتمة الليل، وعتمته: ظلامه.

____________________________

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢ ح ٦.

(١) الرمضاء: الحجارة الحامية من حرّ الشمس (لسان العرب ج ٧ ص ١٦٠، ومجمع البحرين ج ٤ ص ٢٠٩ - رمض -).

٨ - لبّ اللباب: مخطوط.

٩ - دور اللآلي ج ١ ص ١١٦.

١٦٦

أبواب القبلة

١ - ( باب وجوب استقبال القبلة في الصلاة )

٣٢٨٣ / ١ - الصدوق في الخصال: عن ستة من مشايخه، عن أحمد بن يحيى بن زكريا، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام قال: « فرائض الصلاة سبع: الوقت، والطهور، والتوجّه، والقبلة، والركوع، والسجود، والدعاء ».

ورواه في الهداية مرسلاً عنه عليه‌السلام، مثله (١).

٣٢٨٤ / ٢ - البحار، عن كتاب العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم: عن أبيه، عن جدّه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن كبار حدود الصلاة؟ فقال: « سبعة: الوضوء، والوقت، والقبلة، وتكبيرة الإفتتاح، والركوع، والسجود والدعاء ».

____________________________

أبواب القبلة

الباب - ١

١ - الخصال ص ٦٠٣ ح ٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٠ ح ١.

(١) الهداية ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٤.

٢ - البحار ج ٨٣ ص ١٦٣.

١٦٧

٣٢٨٥ / ٣ - القطب الراوندي في فقه القرآن: عنهما عليهما‌السلام في قوله تعالى: ( وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١) « في الفرض »، وقوله تعالى: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٢) قالا: « هو في النافلة ».

٣٢٨٦ / ٤ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، في قول الله عزّوجلّ: ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) (١) قال: « أمره أن يقيمه للقبلة حنيفا، ليس فيه شئ من عبادة الأوثان ».

٣٢٨٧ / ٥ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما‌السلام، في قول الله تعالى: ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال: « هو إلى القبلة ».

٣٢٨٨ / ٦ - وعن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام عن قوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال: « مساجد محدثة فاُمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام ».

وأبو بصير، عن أحدهما عليهما‌السلام قال: « هو إلى القبلة،

____________________________

٣ - فقه القرآن ج ١ ص ٩١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٤٩ ح ٣.

(١) البقرة ٢: ١٤٤، وفي المصدر - بعد ذكر الآية - زيادة: روي عن الباقر والصادق عليهم‌السلام أنّ ذلك.

(٢) البقرة ٢: ١١٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٠ ح ٢٧

(١) الروم ٣٠: ٣٠.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ٢٠، والبحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٩.

(١) الأعراف ٧: ٢٩.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ١٩ و ٢٠، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٠.

(١) الأعراف ٧: ٢٩.

١٦٨

ليس فيها عبادة الأوثان خالصاً مخلصاً ».

٢ - ( باب أنّ القبلة هي الكعبة مع القرب، وجهتها مع البعد )

٣٢٨٩ / ١ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: رأيت الأحاديث المأثورة أنّ الله تعالى أمر آدم عليه‌السلام أن يصلّي إلى المغرب، ونوحاً عليه‌السلام أنّ (١) يصلّي إلى المشرق، وإبراهيم عليه‌السلام [ أن ] (٢) يجمعهما (٣)، فلمّا بعث موسى عليه‌السلام أمره أن يحيي دين آدم عليه‌السلام، ولمّا بعث عيسى عليه‌السلام أمره أن يحيي دين نوح عليه‌السلام، ولمّا بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمره أن يحيي دين إبراهيم عليه‌السلام.

٣٢٩٠ / ٢ - أحمد بن محمّد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن بشير في حديث سليمان مولى طربال، قال: ذكرت هذه الاهواء عند أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: « لا والله، ما هم على شئ ممّا جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلّا استقبال الكعبة فقط ».

٣٢٩١ / ٣ - عليّ بن إبراهيم في تفسيره: وفي رواية أبي الجارود، عن

____________________________

الباب - ٢

١ - فلاح السائل ص ١٢٨، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٧ ح ٩.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: وهي الكعبه.

٢ - المحاسن ج ١٥٦ ح ٨٩ وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٨ ح ١٠.

٣ تفسير القمي ج ١ ص ١٠٥.

١٦٩

أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى: ( وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (١): « فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لما قدم المدينة وهو يصلي نحو البيت المقدس أعجب ذلك اليهود، فلمّا صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت (الله) (٢) الحرام وَجَدَت (٣) (اليهود من ذلك) (٤)، وكان صرف القبلة صلاة الظهر فقالوا: صلّى محمّد الغداة واستقبل قبلتنا فآمنوا بالذي انزل على محمّد وجه النهار واكفروا آخره، يعنون القبلة، حين استقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ المسجد الحرام، لعلّهم يرجعون إلى قبلتنا ».

٣٢٩٢ / ٤ - وقال في قوله تعالى: ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (١) فان هذه الآية متقدمة على قوله: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) (٢) وانه (٣) نزل اولا: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) ثم نزل ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ ) الآية، وذلك ان اليهود كانوا يعيرون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، ويقولون له: انت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا، فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، من ذلك غما شديدا، وخرج

____________________________

(١) آل عمران ٣: ٧٢.

(٢) لفظة الجلالة لم ترد في المصدر.

(٣) وَجَدَ عليه، يَجُد ويَجِد: غضب (لسان العرب - وجد - ج ٣ ص ٤٤٦).

(٤) مابين القوسين ليس في المصدر.

٤ - تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٢، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦١ ح ١٣.

(١) البقرة ٢: ١٤٢.

(٢) البقرة ٢: ١٤٤.

(٣) في المصدر: لأنه.

١٧٠

في جوف الليل ينظر في آفاق السماء، وينتظر امر الله تبارك وتعالى في ذلك، فلما اصبح وحضرت صلاة الظهر، وكان في مسجد بني سالم، قد صلى بهم الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرئيل فأخذ بعضديه، فحوله إلى الكعبة، فأنزل الله عليه: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) فصلى (ركعتين إلى بيت المقدس) (٤)، وركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. وتحولت القبلة إلى الكعبة، بعد ما صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، بمكة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة، صلى إلى بيت المقدس سبعة اشهر، ثم حول الله عزّوجلّ القبلة إلى البيت الحرام، هكذا فيما عندنا من نسخ التفسير.

قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان (٥): عن البراء بن عازب قال: صليت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، نحو البيت المقدس ستة عشر، شهرا أو سبعة عشر شهرا، ثم صرفنا نحو الكعبة.

اورده مسلم في الصحيح (٦).

وعن انس بن مالك: انما كان تسعة اشهر، أو عشرة اشهر.

وعن معاذ بن جبل: ثلاثة عشر شهرا.

ورواه علي بن ابراهيم (٧): بإسناده عن الصادق عليه‌السلام، قال: « تحولت القبلة إلى الكعبة، بعد ما صلى النبي

____________________________

(٤) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٥) مجمع البيان ج ١ ص ٢٢٣.

(٦) صحيح مسلم ج ١ ص ٣٧٤ ح ١٢.

(٧) تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٣.

١٧١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌بمكة ثلاثة عشر سنة، إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة، صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر.

قال: ثم وجهه الله إلى الكعبة، وذلك ان اليهود - وساق كما نقلناه إلى قوله - كانوا عليها » والظاهر انه اخرجه من غير تفسيره، أو من النسخة الاخرى منه، فان لتفسيره نسختان كبيرة وصغيرة، والله العالم.

٣٢٩٣ / ٥ - محمّد بن مسعود العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن ابي عبدالله عليه‌السلام، قال: « لما صرف الله نبيّه إلى الكعبة عن بيت المقدس، قال المسلمون للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: أرأيت صلاتنا التي كنّا نصلّي إلى بيت المقدس [ ما حالنا فيها، وما حال من مضى من أمواتنا وهم يصلّون إلى بيت المقدس ] (١)؟ فأنزل الله ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢) فسمّى الصلاة إيماناً » (٣).

٣٢٩٤ / ٦ - محمّد بن ابراهيم النعماني في تفسيره: عن احمد بن محمّد بن عقدة، عن جعفر بن احمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن ابي حمزة، عن أبيه عن اسماعيل بن جابر، عن ابي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق، عن

____________________________

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٦٣ ح ١١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقره ٢: ١٤٣.

(٣) يأتي في الباب ١٤ ح ١ عن البحار عن تفسير سعد بن عبدالله مثله.

٦ - تفسير النعماني ص ١٢، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢١.

١٧٢

أميرالمؤمنين عليهما‌السلام، قال: « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما بعث كانت الصلاة إلى (١) بيت المقدس، فكان في اول مبعثه يصلي إلى بيت المقدس، جميع ايام مقامه بمكة، وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر، فعيّرته اليهود وقالوا: انت تابع لقبلتنا، فأنف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ذلك منهم، فأنزل الله تعالى عليه، وهو يقلب وجهه في السماء، وينتظر الأمر: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ - إلى قوله - لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود في هذا الموضع، ثم اخبرنا الله عزّوجلّ العلة التي من اجلها لم يحول قبلته من اول مبعثه، فقال تبارك وتعالى: ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا - إلى قوله - لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) فسمى سبحانه الصلاة هاهنا ايمانا ».

٣٢٩٥ / ٧ - البحار عن تفسير سعد بن عبدالله القمي، برواية ابن قولويه عنه، باسناده إلى الصادق عليه‌السلام، قال: « قال اميرالمؤمنين عليه‌السلام: ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما بعث كانت القبلة إلى بيت المقدس، على سنة بني اسرائيل، وذلك ان الله تبارك وتعالى، اخبرنا في القرآن، انه امر موسى بن عمران ان يجعل بيته قبلة، في قوله: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (١).

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ على هذا يصلي إلى بيت

____________________________

(١) في المصدر زيادة: قبلة.

(٢) البقرة ٢: ١٤٤ - ١٥٠.

(٣) البقرة ٢: ١٤٣.

٧ - البحار ج ٨٤ ص ٧١ ح ٣١.

(١) يونس ١٠: ٨٧.

١٧٣

المقدس، مدة مقامه بمكة وبعد الهجرة اشهرا، حتى عيرته اليهود، وقالوا: انت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا، وبيوت نبينا، فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لذلك، واحب ان يحول الله قبلته إلى الكعبة، وكان ينظر في آفاق السماء، ينتظر امر الله، فأنزل الله عليه ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ - إلى قوله - لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود.

٣٢٩٦ / ٨ - الطبرسي في الاحتجاج: بالاسناد إلى الإمام ابي محمّد العسكري عليه‌السلام، قال: « لما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بمكة، امره الله تعالى ان يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته، ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا امكن، وإذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يفعل ذلك طول مقامه بها، ثلاث عشرة سنة، فلما كان بالمدينة، وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة، سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا (١)، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: والله ما درى محمّد كيف صلى، حتى صار يتوجه إلى قبلتنا، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، فاشتد ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما اتصل به عنهم، وكره قبلتهم، واحب الكعبة، فجاءه جبرئيل، فقال له رسول الله

____________________________

(٢) البقرة: ١٤٤ - ١٥٠.

٨ - الإحتجاج ص ٤٠، باختلاف بسيط في الالفاظ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٩ ح ١٢.

(١) في هامش المخطوط: « ليس هذا الترديد في بعض النسخ، وعلى تقديره فهو إمّا من الراوي أو منه عليه‌السلام مشيراً إلى اختلاف العامّة فيه » (منه قدّس سرّه).

١٧٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: يا جبرئيل، لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم، فقال جبرئيل: فسل ربك ان يحولك إليها، فانه لا يردك عن طلبتك، ولا يخيبك من بغيتك، فلما استتم دعاؤه، صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته، فقال: اقرأ يا محمّد ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٢)... الآيات، فقالت اليهود عند ذلك: ( مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (٣) فأجابهم الله بأحسن جواب فقال: ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) (٤) وهو يملكهما، وتكليفه التحول إلى جانب، كتحويله لكم إلى جانب آخر ( يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٥) هو مصلحهم، وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم ».

٣٢٩٧ / ٩ - قال أبومحمّد عليه‌السلام: « وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، فقالوا: يا محمّد هذه القبلة بيت المقدس، قد صليت إليها اربع عشرة سنة، ثم تركتها الآن، افحقا كان ما كنت عليه؟ فقد تركته إلى باطل، فانما يخالف الحق الباطل، أو باطلا كان ذلك؟ فقد كنت عليه طول هذه المدة، فما يؤمننا ان تكون الآن على باطل؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: بل ذلك كان حقا وهذا حقّ، يقول الله: ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) إذا عرف صلاحكم يا ايها العباد في استقبال (٢)

____________________________

(٢) البقرة ٢: ١٤٤.

(٣، ٤، ٥) البقرة ٢: ١٤٢

٩ - الاحتجاج ص ٤١.

(١) البقرة ٢: ١٤٢.

(٢) في المصدر: استقبالكم

١٧٥

المشرق امركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب امركم به، وان عرف صلاحكم في غيرهما امركم به، فلا تنكروا تدبير الله في عباده، وقصده إلى مصالحكم، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: قد تركتم العمل يوم السبت، ثم عملتم بعده سائر الأيام، ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده، افتركتم الحق إلى الباطل والباطل إلى حق؟ أو الباطل إلى باطل؟ أو الحق إلى حق؟ قولوا كيف شئتم، فهو قول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وجوابه لكم، قالوا: بل ترك العمل في السبت حق، والعمل بعده حق، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق، ثم قبلة الكعبة في وقته حق، فقالوا: يا محمّد، أفبدا لربك فيما كان امرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس، حين (٣) نقلك إلى الكعبة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: ما بدا له عن ذلك، فانه العالم بالعواقب، والقادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطا، ولا يستحدث رأيا يخالف (٤) المتقدم، جل عن ذلك، ولا يقع أيضا عليه مانع يمنعه عن مراده، وليس يبدو الا لمن كان هذا وصفه، وهو عزّوجلّ متعال عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: ايها اليهود، اخبروني عن الله، أليس يُمرض ثم يُصح؟ ويصح ثم يمرض؟ أبدا له في ذلك؟ اليس يحيي ويميت؟ (أليس يأتي بالليل في أثر النهار ثم بالنهار في أثر الليل) (٥)؟ أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك الله تَعبَّد نبيّه محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، بالصلاة إلى

____________________________

(٣) في المصدر: حتى.

(٤) وفيه: بخلاف.

(٥) مابين القوسين ليس في المصدر.

١٧٦

الكعبة، بعد أن (٦) تَعبَّده بالصلاة إلى بيت المقدس، وما بدا له في الأول ثم قال: - أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف؟ والصيف في اثر الشتاء؟ ابدا له في كلّ واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك لم يبد له في القبلة.

قال، ثم قال: اليس قد الزمكم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة؟ والزمكم في الصيف ان تحترزوا من الحر؟ فبدا له في الصيف حتى امركم بخلاف ما كان امركم به في الشتاء؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشئ، ثم بعده (٧) في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشئ آخر، فإذا اطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه، وانزل الله ( وَلِلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٨) اي إذا توجهتم بأمره، فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: يا عباد الله، انتم كالمرضى والله رب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلمه (٩) الطبيب [ و ] (١٠) يدبره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه، الا فسلموا لله امره تكونوا من الفائزين.

فقيل له: يابن رسول الله، فلم امر بالقبلة الاولى؟ فقال: لما قال الله عزّوجلّ: ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ) وهي بيت

____________________________

(٦) وفيه زيادة: كان.

(٧) في المصدر: تعبدكم

(٨) البقره ٢: ١١٥.

(٩) في المصدر: يعمله.

(١٠) أثبتناه من المصدر.

١٧٧

المقدس ( إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ) (١١) الا لنعلم ذلك منه موجودا، بعد ان علمناه سيوجد ذلك، ان هوى اهل مكة كان في الكعبة، فأراد الله ان يبين متبع (١٢) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ من مخالفه (١٣)، باتباع القبلة التي كرهها، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يأمر بها، ولما كان هوى اهل المدينة في بيت المقدس، امرهم مخالفتها والتوجه إلى الكعبة، ليتبين (١٤) من يوافق محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فيما يكرهه، فهو مصدقه وموافقه.

ثم قال: ( وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ) (١٥) انما كان التوجه إلى بيت المقدس، في ذلك الوقت كبيرة، الا على من يهدي الله، فعرف ان الله يُتعبّد بخلاف ما يريده المرء، ليبتلي طاعته في مخالفته هواه ».

٣٢٩٨ / ١٠ - السيد الرضي (رحمه الله) في تفسيره الكبير المسمى بحقائق التأويل في قول تعالى: ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ) (١) ان فيه اقوالا منها: ان يكون المراد بذلك، ان اول بيت وضع لعبادة المكلفين، قبلة لصلاتهم، وغاية لحجّهم، ومؤدّى لمناسكهم، هذا البيت الذي ببكة، وان كان من قبلة بيوت ليست هذه صفتها، وهذا القول مروي عن اميرالمؤمنين عليه‌السلام.

____________________________

(١١) البقره ٢: ١٤٣.

(١٢) في المصدر: متبعي.

(١٣) وفيه: ممّن خالفه.

(١٤) وفيه: ليُبيّن،

(١٥) البقره ٢: ١٤٣.

١٠ - حقائق التأويل ص ١٧٤.

(١) آل عمران ٣: ٩٦.

١٧٨

٣٢٩٩ / ١١ - جعفر بن احمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: لم يعمل ابن آدم عملا، اعظم عند الله تعالى، من رجل قتل نبيا أو اماما، أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده »... الخبر.

٣٣٠٠ / ١٢ - عوالي اللآلي: عن اسامة بن زيد، ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبّل الكعبة وقال: « هذه هي القبلة ».

قلت: الحق ان الكعبة هي القبلة للقريب والبعيد، وفاقا للفقيه النبيه الشيخ موسى النجفي، قال في شرح الرساله: والذي يظهر من الكتاب والسنة، انها شرفها الله، كبيت المقدس من قبل نسخه، قبلة لجميع العالم، يستوي فيها الداني والقاصي، المشاهد وغيره، المتمكن وغيره، لا يشترك معها غيرها من مسجد حرام أو حرم، الا ان الشئ كلما بعد اتسعت دائرة استقباله عرفا، وصدق عليه الاستقبال حقيقة، كاشتراك الناس في رؤية الشمس والقمر والكواكب على حد سواء، ولا عبرة بالمداقة الحكمية، وفرض الخطوط المتوازية في الصدق العرفي وكلما عسر تحريه للبعد عنه يتسامح في استقباله، ويكون صدق الاستقبال له عادة وعرفا، انما هو على حسب ما يتحراه المستقبل، من مرتبة العلم إلى الظن، إلى الشك، إلى الوهم، كما هو غير خفي، فالاتساع في القبلة في البعد من حيثية الاستقبال، لا من حيثية الاتساع بالقبلة، والا فالقبلة عين واحدة، لا زيادة فيها ولا نقص إلى آخر ما ذكره. وتبعه عليه المحقق صاحب المستند (١)، وهذا

____________________________

١١ - الغايات ص ٨٦.

١٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٧ ح ٦٤.

(١) المستند ج ١ ص ٢٥٥.

١٧٩

هو الظاهر من صاحب الجواهر في نجاة العباد (٢)، وان ذكر الشيخ الاعظم في الحاشية (٣) في هذا المقام، ما يحتاج إلى التأمل وتمام الكلام في الفقه.

٣٣٠١ / ١٣ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن اسامة بن زيد قال: دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ البيت، وخرج فوقف على باب البيت وصلى ركعتين، وقال: « هذه القبلة » واشار إليها.

٣ - ( باب استحباب التياسر لأهل العراق ومن والاهم قليلاً )

٣٣٠٢ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « إذا اردت توجه القبلة فتياسر مثلَيْ ما تيامن، فان الحرم عن يمين الكعبة اربعة اميال، وعن يساره ثمانية (١) اميال ».

قلت: مما يجب التنبيه عليه، ان الشيخ ذكر في الأصل (٢) خبراً عن التهذيب (٣)، بهذا المضمون - إلى أن قال - ورواه الفضل بن شادان (٤) في رسالة القبلة (٥) مرسلا، عن الصادق عليه‌السلام، نحوه.

____________________________

(٢) جواهر الكلام ج ٧ ص ٣٢٢.

(٣) كتاب الصلاة للشيخ الانصاري ص ٣٢.

١٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣٦.

الباب - ٣

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٦، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٠ ح ٥.

(١) في المصدر: ثلاث.

(٢) الوسائل ج ٣ ص ٢٢٢ ذيل الحديث ٢.

(٣) التهذيب ج ٢ ص ٤٤ ح ١٤٣، الفقيه ج ١ ص ١٧٨ ح ٨٤٢، علل الشرائع ج ٢ ص ٣١٨ ح ١.

(٤) في الوسائل: أبوالفضل شاذان بن جبرئيل.

(٥) عنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563