الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد10%

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 563

الجزء ١ المقدمة الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 563 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 181980 / تحميل: 9881
الحجم الحجم الحجم
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال محمد بن عيسى بن الطباع: قال عبد الرحمن بن مهدي: كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري، كان يقوى من الحديث على شيء لم يكن يقوى عليه سفيان، وسمعت وكيعاً يقول: نحوا عنّي هشيماً وهاتوا من شئتم - يعني في المذاكرة -.

وقال ابن مهدي: هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة، وقال علي بن حجر: هشيم وأبو بشر مثل ابن عيينة في الزهري. وقال عيينة بن سعيد عن ابن المبارك قال: من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم، وقال العجلي: هشيم ثقة يدلس، وسئل أبو حاتم عن هشيم ويزيد بن هارون فقال: هشيم أحفظ منه ومن أبي عوانة »(١) .

عود إلى ترجمة الكلبي

وقد أثنى أبو اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي على الكلبي، وجعله من أقران مجاهد والسدي حيث قال في ديباجة تفسيره: « وفرقة جرّدوا التفسير دون الأحكام وبيان الحلال والحرام، والحل عن العويصات المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات، كمشايخ السلف الماضين والعلماء السابقين من التابعين وأتباعهم، مثل مجاهد، ومقاتل، والكلبي، والسدي، رضي الله عنهم أجمعين، ولكل من أهل الحق منهم غرض محمود وسعي مشكور »(٢) .

وقال ابن جزلة: « قال الحسن بن عثمان القاضي: وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة: علم أبي حنيفة، وتفسير الكلبي، ومغازي محمد بن إسحاق »(٣) .

وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن علي العامري: « قد خرجت هذا من التفاسير التي سمعتها من الأئمةرحمهم‌الله ، منها: ما سمعت من الأُستاذ الامام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الإِسفراينيرحمه‌الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). الكشف والبيان - مخطوط.

(٣). مختصر تاريخ بغداد - مخطوط.

٢١

والحلبي والكلبي وغيرهما ولم أعتمد إلّا بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة أو روي في الصحاح بغير طعن الطاعن، والله الموفق لذلك »(١).

وقال ابن قتيبة: « الكلبي صاحب التفسير، وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، ويكنى أبا النضر وكان نسّاباً عالماً بالتفسير، وتوفي بالكوفة سنة ١٤٦ »(٢) .

وقال البغوي: « وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمة، ومن بعده من التابعين، أئمة السلف مثل: مجاهد، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري،رضي‌الله‌عنه ، وقتادة، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن حبان، ومقاتل بن سليمان، والسدّي، وغيرهم فأكثره مما أخبرني الشيخ أبو سعيد أحمد بن محمد الشريحي المذكور »(٣) .

وقال صديق حسن القنوجي: « وجمعته جمعاً حسناً، بعبارة سهلة، وألفاظ يسيرة، مع تعرض للترجيح بين التفاسير المتعارضة في مواضع كثيرة، وبيان المعنى العربي الإِعرابي واللغوي، مع حرص على إيراد صفوة ما ثبت عن التفسير النبوي، وعن عظماء الصحابة وعلماء التابعين، ومن دونهم من سلف الأئمة وأئمتها المعتبرين، كابن عباس حبر هذه الأمة ومن بعده من الأئمة، مثل مجاهد وعكرمة، وعطاء، والحسن، وقتادة، وأبي العالية، والقرظي، والكلبي والضحاك، ومقاتل، والسدي، وغيرهم من علماء اللغة والنحو كالفراء، والزجّاج، وسيبويه، والمبرد، والخليل، والنحاس »(٤) .

وقال علي بن محمد البزدوي: « ليس من اتهم بوجه ما يسقط به كلّ حديثه

____________________

(١). الناسخ والمنسوخ - مخطوط.

(٢). المعارف ٥٣٥ - ٥٣٦.

(٣). معالم التنزيل ١ / ٣ هامش تفسير الخازن.

(٤). فتح البيان في مقاصد القرآن ١ / ١٧.

٢٢

مثل الكلبي وأمثاله، ومثل سفيان الثوري وأصحابه، مع جلالة قدره وتقدّمه في العلم والورع »(١).

وقال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في شرح كلام البزدوي المذكور ما نصه: « قوله: مثل الكلبي. هو أبو سعيد محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير، ويقال له أبو النضر أيضاً، طعنوا فيه بأنه يروي تفسير كلّ آيه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسمى زوائد الكلبي، وبأنه روى حديثاً عند الحجاج، فسأل عمن يرويه فقال: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلمـّا خرجٍ قيل له: هل سمعت ذلك من الحسن؟ فقال: لا ولكنّي رويت عن الحسن غيظاً له.

وذكر في الأنساب: إن الثوري ومحمد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. قال: وكان الكلبي سبائياً من أصحاب عبد الله ابن سبأ، من أولئك الذين يقولون إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة، ويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وإذا رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها، والرعد صوته والبرق سوطه، حتى تبرأ واحد منهم وقال:

ومن قوم إذا ذكروا علياً

يصلّون الصلاة على السحاب

مات الكلبي سنة ١٤٦.

وأمثاله. مثل عطاء بن السائب، والربيعة، وعبد الرحمن، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم، اختلطت عقولهم فلم يقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط، وقبلت الروايات التي قبله.

فإنْ قيل: ما نقل عن الكلبي يوجب الطعن عاماً، فينبغي أن لا يقبل رواياته جميعاً.

____________________

(١). أصول الفقه ٣ / ٧٢ بشرح عبد العزيز البخاري.

٢٣

قلنا: إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضاً، إلّا أن ذلك يورث شبهة في الثبوت، وبالشبهة تردّ الحجة، وينتفي ترجح الصدق في الخبر، فلذلك لم يثبت أو معناه.

ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث، مثل الكلبي، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة، وسفيان الثوري وغيرهم، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه، ولكن علوّ درجتهم في الدين، وتقدّم رتبتهم في العلم والورع، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن ردّ حديثهم به، إذ لو ردّ حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار، إذ لم يوجد بعد الأنبياءعليهم‌السلام من لا يوجد فيه أدنى شيء مما يجرح إلاّ من شاء الله تعالى، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن، فيحمل على أحسن الوجوه، وهو قصد الصيانة »(١) .

ترجمة عبد العزيز البخاري

وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي، من مشاهير الأئمة الكبار، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ) ومحمود بن سليمان الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) والكاتب الجلبي في ( كشف الظنون ).

____________________

(١). كشف الأسرار في شرح أصول الفقه ٣ / ٧٢.

٢٤

(٢)

يحيى بن زياد الفراء

وفسّر يحيى بن زياد الفرّاء ( المولى ) بـ ( الأولى ) كما قال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى:( هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) : «( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) . وفي لفظ المولى هاهنا أقوال: أحدها - قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: أن المولى موضع الولي وهو القرب، فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

والثاني - قال الكلبي: يعني أولى بكم. وهو قول الزّجاج والفرّاء وأبي عبيدة »(١) .

ترجمة الفراء

١ - ابن خلكان: « أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء، الديلمي الكوفي، مولى بني أسد، وقيل مولى بني منقر.

كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفراء لما كانت العربية، لأنه خلّصها وضبطها، ولو لا الفرّاء لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع، ويدّعيها كل من أراد، ويتكلّم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم. فتذهب.

وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو والأحمر المقدّم ذكره من أشهر

____________________

(١). التفسير الكبير ٢٩ / ٢٢٧.

٢٥

أصحابه وأخصّهم به.

ولمـّا عزم الفرّاء على الاتصال بالمأمون كان يتردّد إلى الباب، فبينما هو ذات يوم على الباب، إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمري المعتزلي - وكان خصيصاً بالمأمون - قال: فرأيت أبهة أديب، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحراً، وفاتشته عن النحو فوجدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلاً فقيهاً عارفاً باختلاف القوم، وبالنجوم ماهراً، وبالطب خبيراً، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً، فقلت: من تكون وما أظنك إلا الفرّاء؟ قال: انا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به

وقال الخطيب في تاريخ بغداد: إنّ الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ في كتاب المعاني، وقال الرّاوي: وأردنا أن نعدّ الناس الذين اجتمعوا لإِملاء كتاب المعاني فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضياً، فلم يزل يمليه حتى أتمّه

وكان سبب إملائه كتاب المعاني: أن أحد أصحابه - وهو عمر بن بكير - كان يصحب الحسن بن سهل المقدّم ذكره، فكتب إلى الفراء أنّ الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني فيها جواب، فإنْ رأيت أن تجمع لي أصولاً، وتجعل في ذلك كتاباً يرجع اليه فعلت. فلمـّا قرأ الكتاب قال لأصحابه: إجتمعوا حتى أملي عليكم في القرآن، وجعل لهم يوماً، فلمـّا حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء، فقال له: إقرأ. فقرأ فاتحة الكتاب، ففسّرها حتى مرّ في القرآن كلّه على ذلك، يقرأ الرجل والفرّاء يفسّره، وكتابه هذا نحو ألف ورقة، وهو كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن لأحدٍ أنْ يزيد عليه.

وكان المأمون قد وكّل الفرّاء يلقّن ابنيه النحو، فلما كان يوماً أراد الفرّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفرّاء يقدّمانها له، فتنازعا أيّهما

٢٦

يقدّمانها له، فاصطلحا على أن يقدّم كلّ واحد منهما فرداً فقدّماها

وقال الخطيب أيضاً: كان الفقيه محمد بن الحسن ابن خالة الفرّاء، وكان الفرّاء يوماً جالساً عنده فقال له الفرّاء: قلّ رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلّا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية، فأسألك عن باب من أبواب الفقه، فقال: هات على بركة الله تعالى. قال: ما تقول في رجل صلّى فسهى فسجد سجدتين للسهو فسهى فيهما؟ ففكّر الفرّاء فيهما ساعة ثم قال: لا شيء عليه. فقال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام الصلاة وليس للتمام تمام. فقال محمد: ما ظننت آدميّاً يلد مثلك

وقال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفرّاء كيف كان يعظّم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

ومولد الفرّاء بالكوفة وتوفّي الفرّاء سنة سبع ومائتين في طريق مكّة، وعمره ثلاثة وستون سنة، رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الامام البارع النحوي، يحيى بن زياد الفرّاء الكوفي، أجلّ أصحاب الكسائي، كان رأساً في النحو واللغة، أبرع الكوفيّين وأعلمهم بفنون الأدب، على ما ذكر بعض المؤرّخين، وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لو لا الفرّاء »(٢) .

٣ - الذهبي: « الفرّاء أخباري علامة نحوي، كان رأساً في قوة الحفظ. أملى تصانيفه كلّها حفظاً، مات بطريق مكة سنة ٢٠٧. عن ثلاث وستين سنة. اسمه يحيى بن زياد »(٣) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ٥ / ٢٢٥ - ٢٣٠.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢٠٧.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٢.

٢٧

٤ - الذهبي أيضاً: « وهو أجلّ أصحاب الكسائي، وكان رأساً في النحو واللغة »(١) .

٥ - ابن الوردي: « أبرع الكوفيين نحواً وأدباً، وله كتاب الحدود وكتاب المعاني، وكتابان في المشكل، وكتاب النهي، وغير ذلك. توفي بطريق مكة، وعمره نحو ثلاث وستين، كان يفري الكلام فلقّب بذلك »(٢) .

(٣)

أبو زيد اللّغوي

وأمّا تصريح أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري اللّغوي بورود ( المولى ) بمعنى ( الأولى )، فقد اعترف به ( الدهلوي ) نفسه في كلامه، كما جاء في كلام غلام محمد بن محيي الدين بن عمر الأسلمي في ترجمة ( التحفة الاثنا عشرية ) حيث قال في الجواب عن حديث الغدير: « ولا يخفى أنّ أوّل الغلط في هذا الاستدلال هو إنكار أهل العربيّة قاطبة ثبوت ورود المولى بمعنى الأولى، بل قالوا لم يجيء قط المفعل بمعنى أفعل في موضع ومادة أصلاً، فضلاً عن هذه المادة بالخصوص، إلّا أن أبا زيد اللّغوي جوّز هذا متمسكاً بقول أبي عبيدة في تفسير( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ».

وستأتي ترجمة أبي زيد اللّغوي في الكتاب إنْ شاء الله تعالى.

____________________

(١). العبر حوادث ٢٠٧.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٢٠٧.

٢٨

(٤)

أبو عبيدة

وأمّا تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنّى البصري ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد نصّ عليه الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) أيضاً كما سيأتي قريباً، وفي ( التفسير ) كما عرفت من عبارته الماضية، وكذا ذكره ابن الجوزي في ( زاد المسير )، واعترف به ( الدّهلوي ) كذلك، وصرّح به الأسلمي المذكور في ( الترجمة العبقريّة ).

ترجمة أبي عبيدة

١ - الذهبي: « أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري، اللغوي الحافظ، صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروبة وأبي عمرو بن شيبة. وعنه: أبو عثمان المازني وأبو العيناء وخلق.

قال الحافظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وذكره ابن المبارك فصحّح رواياته.

مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، وقيل سنة تسع »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي، العلّامة الأخباري صاحب التصانيف، روى عن: هشام بن عروة وأبي عمر بن العلا وكان أحد أوعية العلم. وقيل توفي سنة إحدى عشرة »(٢) .

٣ - وذكر ابن الأثير في خطبة كتابه ( النهاية ) القول بأنّ أبا عبيدة أوّل من

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧١.

(٢). العبر حوادث ٢١٠.

٢٩

ألّف في فن غريب الحديث بعد اختلاط الألسن وتداخل اللغات، حيث قال: « فلما أعضل الدّاء وعزّ الدّواء ألهم الله جماعة من أولى المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفاً من عنايتهم، وجانباً من رعايتهم، فشرّعوا فيه للناس موارد، ومهّدوا فيه لهم معاهد، حراسة لهذا العلم الشريف من الضّياع، وحفظاً لهذا المهمّ العزيز من الاختلال، فقيل: إنّ أوّل من جمع في هذا الفن شيئاً وألّفه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتاباً »(١).

٤ - وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب اللّغوي بعد ذكر الخليل: « وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم، عنهم أخذ جلّ ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كلّه، وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي، وكلّهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر، ورووا عنه القراءة. ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمرو أبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم وكان أبو زيد أحفظ الناس للّغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية وأكثرهم أخذاً عن البادية، وقال ابن منادر: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها

وأبو زيد من الأنصار، وهو من رواة الحديث، ثقة عندهم مأمون، وكذلك حاله في اللغة، وقد أخذ عنه اللغة أكابر الناس منهم سيبويه وحسبك، قال أبو حاتم عن أبي زيد: كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان قال: فإذا سمعته يقول: وحدثني من أثق بعربيته فإنّما يريدني.

وكبر سنّ أبي زيد حتى اختلّ حفظه ولم يختل عقله، ومن جلالة أبي زيد في اللغة ما حدثنا به جعفر بن محمد حدثنا محمد بن الحسن الأزدي عن أبي حاتم عن

____________________

(١). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

٣٠

أبي زيد قال: كتب رجل من أهل رامهرمز إلى الخليل يسأله كيف يقال: ما أوقفك هاهنا ومن أوقفك؟ فكتب إليه: هما واحد. قال أبو زيد: ثم لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له: إنما يقال من وقفك وما أوقفك. قال: فرجع إلى قولي.

وأما أبو عبيدة فإنه كان أعلم الثلاثة بأيّام العرب وأخبارهم وأجمعهم لعلومهم، وكان أكمل القوم، قال عمر بن شيبة: كان أبو عبيدة يقول: ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلّا عرفتهما وعرفت فارسيهما، وهو أوّل من ألّف في غريب الحديث ».

وقال السيوطي نقلاً عن أبي الطيّب: « أخبرنا جعفر بن محمد أخبرنا إبراهيم ابن حمد قال قال أبو حاتم: إذا فسّرت حروف القرآن المختلف فيها وحكيت عن العرب شيئاً فإنّما أحكيه عن الثقات منهم، مثل أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة ويونس، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم »(١) .

(٥)

أبو الحسن الأخفش

وممن نصّ على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ): أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش قال الفخر الرازي: « إنّ أبا عبيدة وإنْ قال في قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه: هي أولى بكم. وذكر هذا أيضاً الأخفش والزّجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد »(٢) .

____________________

(١). المزهر في اللغة ٢ / ٢٤٩.

(٢). نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول - مخطوط.

٣١

ترجمة الأخفش

١ - ابن خلكان: « أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط. أحد نحاة البصرة من أئمة العربية، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئاً إلّا وعرضه عليّ وكان يرى أنه أعلم به منّي وأنا اليوم أعلم به منه

وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى »(١) .

٢ - اليافعي: « وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية »(٢) .

٣ - السيوطي: « قال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب. قال: وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل »(٣) .

(٦)

أبو العباس ثعلب

وأما تفسير أبي العباس ثعلب أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد ذكره الحسين بن أحمد الزوزني في شرح المعلّقات السّبع حيث قال:

« فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

الفرج موضع المخافة، والفرج ما بين قوائم الدواب، فما بين اليدين فرج

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ١٢٢.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٢١٥.

(٣). بغية الوعاة ١ / ٥٩٠.

٣٢

وما بين الرجلين فرج، والجمع فروج.

وقال ثعلب: إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء كقوله تعالى( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي هي الأولى بكم »(١) .

مصادر ترجمة ثعلب

ولقد ترجم لأبي العباس ثعلب بكل ثناء وتبجيل في المصادر التالية:

١ - وفيات الأعيان ١ / ٨٤ - ٨٧.

٢ - تاريخ بغداد ٥ / ٢٠٤.

٣ - مرآة الجنان حوادث سنة ٢٩١.

٤ - العبر في خبر من غبر حوادث سنة ٢٩١.

٥ - تتمة المختصر في أخبار البشر حوادث سنة ٢٩١.

وقد أوردنا في الكتاب سابقاً ترجمته عن هذه الكتب.

وقال الذهبي بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ): « ثعلب - العلّامة المحدّث شيخ اللّغة والعربية حدّث عنه: نفطويه ومحمد بن العباس اليزيدي وعلى الأخفش ومحمد بن الأعرابي وأحمد بن كامل وأبو عمرو الزاهد ومحمد بن مقسم وآخرون. مولده سنة ٢٠٠. وابتدأ بالطلب سنة ست عشرة حتى برع في علم الأدب، ولو سمع إذ ذاك لسمع من عفان ودونه.

وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من القواريري مائة ألف حديث. وقال الخطيب. وقال الخطيب: كان ثعلب ثقة حجة ديّناً صالحاً مشهوراً بالحفظ قال المبرّد: أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفرّاء فقال: لا يعشره »(٢) .

____________________

(١). شرح المعلقات للزوزني: ٩١.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٦.

٣٣

(٧)

أبو العباس المبرد

وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه حيث قال: « قال أبو العباس بالمبرّد في كتابه المترجم عن صفات الله تعالى: أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق، ومثله المولى »(١) .

مصادر ترجمة المبرد

وللمبرّد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل، وقد أشرنا سابقاً إلى ترجمته في عدة من المصادر، مثل:

١ - وفيات الأعيان ٤ / ٣١٤.

٢ - العبر في خبر من غبر حوادث: ٢٨٥.

٣ - تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ - ٣٨٧.

٤ - مرآة الجنان حوادث: ٢٨٥.

٥ - بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٦ - المنتظم في تاريخ الأمم ٧ / ٩ - ١١.

وقد نصّ جلال الدين السّيوطي على وثاقته حيث قال: « وكان فصيحاً بليغاً مفوهاً ثقةً أخباريا علّامة صاحب نوادر وظرافة »(٢) .

____________________

(١). الشافي في الامامة: ١٢٣.

(٢). بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٣٤

ترجمة الشريف المرتضى

وأما السيد المرتضى الذي نقل عن المبرد كلامه المذكور فمن كبار علمائنا الذي أطراهم علماء السنة وأثنوا عليهم الثناء البالغ، وذكروا فضائلهم وأوصافهم الحميدة في معاجم الرجال ومصادر التراجم وقد تقدم سابقاً في الكتاب طرف من كلماتهم في حقه. فراجع.

(٨)

أبو إسحاق الزجّاج

وأما حكم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهو صريح كلام الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) وقد نقلناه آنفا.

ترجمة الزجاج

١ - السمعاني: « والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج، صاحب كتاب معاني القرآن.

كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، حميد المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب »(١) .

٢ - النووي: « أبو اسحاق الزجاج الامام في العربية، مذكور في الروضة في الشرط في الطلاق، فيمن علّق طلاقها بأوّل ولد، هو أبو إسحاق [ إبراهيم ] بن السرّي بن سهل البصري النحوي، صاحب كتاب معاني القرآن قال الخطيب في

____________________

(١). الأنساب - الزجاج.

٣٥

تاريخ بغداد. كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد وحسن المذهب، له مصنّفات حسان في الأدب. روى عنه علي بن عبد الله بن المغيرة وغيره وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإِحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣١١ »(١).

٣ - ابن خلكان: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين »(٢) .

٤ - اليافعي: « كان من أهل العلم بالأدب والدّين المتين، وله من التصانيف في معاني القرآن وعلوم الأدب والعربية »(٣) .

(٩)

إبن الأنباري

وأما تصريح محمد بن القاسم الأنباري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد نقله السيد المرتضى حيث قال: « وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه في القرآن المعروف بالمشكل: والموالي في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام، أوّلهنّ المولى المنعم المعتق، ثم المنعم عليه المعتق، والمولى الولي والمولى الأولى بالشيء، وذكر شاهداً عليه الآية التي قدّمنا ذكرها، وبيت لبيد، والمولى الجار، والمولى ابن العم، والمولى الصهر، والمولى الحليف، واستشهد على كلّ واحد من أقسام مولى بشيء من الشعر، لم نذكره لأن غرضنا سواه »(٤) .

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٠.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٣١ - ٣٣.

(٣). مرآة الجنان، حوادث ٣١٠.

(٤). الشافي في الامامة: ١٣٤.

٣٦

ترجمة ابن الأنباري

١ - السمعاني: « أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ابن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي، صاحب التصانيف، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً روى عنه: أبو الحسن الدار قطني، وأبو عمر ابن حيويه الخزاز، وأبو الحسين بن البواب وطبقتهم.

وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً برّاً خيراً من أهل السنّة، وصنّف كتباً كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة، وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وكان يملي من حفظه، وما كتب عنه الإِملاء قط إلّا من حفظه. وكانت ولادته في رجب سنة ٢٧١. وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة ٣٢٨ »(١) .

٢ - ابن الأثير: « ثم صنّف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم: شمس بن حمدويه، وأبو العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأحمد بن الحسن الكندي، وأبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب وغيرهم.

هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث »(٢) .

٣ - ابن خلكان: « كان علّامة وقته في الأدب، وأكثر الناس حفظاً لها، وكان صدوقاً ثقة ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٣) .

____________________

(١). الأنساب - الأنباري.

(٢). النهاية في غريب الحديث - خطبة الكتاب.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٣.

٣٧

٤ - الذهبي: « ابن الأنباري الحافظ شيخ الإسلام كان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصّدق والدين. قال الخطيب: كان صدوقاً ديّناً من أهل السنّة »(١) .

٥ - الصفدي: « محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلّامة كان إماماً في نحو الكوفيين، وأملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ورقة ...»(٢) .

٦ - ابن الجزري: « الإِمام الكبير والأُستاذ الشهير قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهداً في القرآن، وكان ثقة صدوقاً، وكان أحفظ من تقدّم من الكوفيين.

وقال حمزة بن محمد بن ماهر: كان زاهداً متواضعاً.

وقال الداني فيه: إمام في صناعته مع براعة فهـ وسعة علمه وصدق لهجته. وقال أبو علي التنوخي: كان ابن الأنباري يملي من حفظه، ما أملى قط من دفتر قال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه، حدّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقاً. قال التميمي:

وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدّثت عنه أنّه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيراً بأسانيدها ...»(٣) .

٧ - السيوطي: « قال الزبيدي: كان من أعظم الناس علماً بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً، سمع من ثعلب وخلق، وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً خيّراً من أهل السنّة »(٤) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٢.

(٢). الوافي بالوفيات ٤ / ٣٤٤.

(٣). طبقات القراء ٢ / ٢٣٠.

(٤). بغية الوعاة ١ / ٢١٢.

٣٨

(١٠)

محمد بن عزيز السجستاني

وأما تصريح محمد بن عزيز السجستاني العزيزي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في تفسيره لغريب القرآن المسمى ( نزهة القلوب ) حيث قال: « مولانا. أي: ولينا. والمولى على ثمانية أوجه: المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف ».

نزهة القلوب

وهذا التفسير أوله: « الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله وسلّم تسليما، هذا تفسير غريب القرآن ألف على حروف المعجم ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده. وبالله التوفيق والعون ».

ذكره القاضي الشوكاني بقوله: « تفسير السجستاني المسمى نزهة القلوب أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد ابن علي المؤذن عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن أبي الحسن عبد الباقي بن فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المقري عن المؤلف »(١) .

ترجمة العزيزي السجستاني

١ - السيوطي: « محمد بن عزيز أبو بكر العزيزي السجستاني بزائين

____________________

(١). إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: ٢٥.

٣٩

معجمتين كما ذكره الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما. وقيل: الثانية مهملة نسبة لبني عزرة، وردّ بأن القياس فيه العزري لا العزيري.

كان أديباً فاضلاً متواضعاً، أخذ عن أبي بكر الأنباري، وصنّف غريب القرآن المشهور فجوّده، ويقال: إنه صنّفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه الأنباري يصلح فيه مواضع. رواه عنه ابن سحنون وغيره. مات سنة ٣٠٣.

وقال ابن النجّار في ترجمته: كان عبداً صالحاً، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطّة العكبري وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزّان، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقري وغيرهم.

قال: والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء. هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ، وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين. وذكر لي شيخنا أبو محمد الأخضر أنه رأى نسخة بغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها: كتبه محمد بن عزير بالراء المهملة »(١) .

٢ - السيوطي: أيضاً: « النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه، أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم: أبو عبيدة وأبو عمرو الزاهد وابن دريد. ومن أشهرها: كتاب العزيزي فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري »(٢) .

٣ - السمعاني: « وكتاب غريب القرآن للعزيري، وهو: محمد بن عزير السجستاني المعروف بالعزيري لأنه من بني عزرة. هكذا ذكره القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن أبي البقاء القاضي، وروى الكتاب عن أبي موسى الأندلسي

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ١٧١.

(٢). الإِتقان في علوم القرآن ١ / ١١٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

لذلك ودَعا مَسْرُوراً الخادمَ فقالَ له: اُخْرُجْ على البريدِ(١) في هذا الوقتِ إِلى بغداد، وادْخُلْ من فَوْرك على موسى بن جعفر، فإِنْ وَجَدْتَه في دَعَةٍ ورَفاهيةٍ فأَوْصِلْ هذا الكتابَ إِلى العبّاسِ بن محمّد ومُرْهُ بامْتِثالِ ما فيه. وسَلَّمَ إليه كتاباً آخرَ إِلى السِنْدي بن شاهَك يَأْمُرُه فيه بطاعةِ العباس بن محمد.

فقَدِمَ مَسْرُورٌ فَنَزَلَ دارَ الفضل بن يحيى لا يَدْري أَحَدُ ما يُريد، ثَم دَخَلَ على موسى بن جعفرعليه‌السلام فَوَجَدَه على ما بَلَغَ الرَّشيدَ، فَمضَى مِنْ فَوْرِه الى العبّاس بن محمّد والسنديّ بن شاهَكَ فَأَوْصَلَ الْكتابَيْنِ إِليْهِما، فلم يَلْبث الناسُ أَنْ خَرَجَ الرسُولُ يَرْكُضُ إِلى الفضل بن يحيى، فَرَكِبَ معه وخَرَجَ مَشْدُوهاً دَهِشاً حتى دَخَلَ على العباس بن محمد، فدَعا العباسُ بِسِياط وعقَابَينِ(٢) وأَمَرَ بالْفَضْل فجُرِّدَ وضرَبَه السِندي بين يَدَيْه مائةَ سَوْطٍ، وخَرَجَ مُتَغَيِّرَ اللوْنِ خِلافَ ما دَخَلَ، وجَعَلَ يُسلِّمُ على النّاس يَميناً وشِمالاً.

وكَتَبَ مَسْرُورٌ بالخبرِ إِلى الرشيدِ، فأمَرَ بتسليم موسىعليه‌السلام إِلى السِنديّ بن شاهَكَ، وجَلَسَ الرَّشيدُ مَجْلِساً حافِلاً وقالَ: أَيُّها النّاسُ، إِنّ الفضلَ بن يحيى قد عَصاني وخالَفَ طاعَتي، ورأَيْتُ أَنْ أَلعَنَه فالْعنُوه لَعَنَه اللهُّ. فَلَعَنَه النّاسُ مِنَ كُلِّ ناحيةٍ، حتى ارتجَّ البَيْتُ والدارُ بلَعْنِهِ.

وبَلَغَ يحيى بن خالد الخَبَرُ، فَركِبَ إِلى الرشيدِ فَدَخَلَ من غَيْر

__________________

(١) في هامش «ش»: حُمل فلان على البريد، وخرج على البريد: اذا كان رُتّب له في كل مرحلة مركوب فينزل عن المعييٌ الوجع ويركب القارّ المتودع، وكذا في جمع المنازل.

(٢) في هامش «ش»: العقابان: آلة من آلات العقوبة لها طرفان اذا شال احدهما نزل الآخر وبالعكس حتى تأتيا على روحه.

٢٤١

الباب الذي تَدْخُلُ الناسُ منه، حتى جاءهُ مِنْ خَلْفِهِ وهو لا يَشْعُرُ، ثمَّ قالَ لَه: الِتفتْ - يا أَميرَ المؤمنين - إِليٌ، فأَصْغى إِليه فَزِعاً، فقالَ له: إِنَّ الْفَضْلَ حَدَثٌ، وأَنا أَكْفيكَ ما تريد، فانْطَلَقَ وَجْهُهُ وسُرَّ، وأَقبَلَ على النّاسِ فقالَ: إِنَّ الفَضْلَ كانَ قد عَصاني في شيءٍ فَلَعَنْتُه، وقد تابَ وأَنابَ إِلى طاعَتي فَتَوَلّوْهُ. فقالُوا: نَحْنُ أَولياءُ مَنْ والَيْتَ، وأَعداءُ مَنْ عادَيْتَ وقد تَوَليناه.

ثمَّ خَرَجَ يحيى بن خالد على البريدِ حتّى وافى بغداد، فماجَ النّاسُ وأَرجَفُوا بكلِّ شيءٍ، وأَظْهَرَ أَنّه وَرَدَ لتعديِل السَّوادِ والنَّظَرِ في أمْرِ العُمّال، وتَشاغَلَ ببعضِ ذلك أَيّاماً، ثم دَعا السِندي فأَمَرَه فيه بأَمْرهِ فامْتَثَله.

وكانَ الذي تَوَلّى به السِندي قَتْلَهُعليه‌السلام سمّاً جَعَلَهُ في طعامِ قَدَّمَه إِليه، ويقال: انَّه جَعَلَه في رُطَبِ أَكَلَ منه فأَحَسَّ بالسُّمِّ، ولَبثَ ثلاثاً بَعْدَه مَوْعُوكاً منه، ثم ماتَ في اليًوْمِ الثالثِ(١) .

وَلمّا ماتَ موسىعليه‌السلام أَدْخَلَ السندي بن شاهَك عليه الفقهاءَ ووُجُوهَ أَهْل بغداد، وفيهم الهَيْثَم بن عَدِيّ وغَيْرُه، فنَظَرُوا إِليه لا أَثَرَ به من جَراحٍ ولا خَنْقٍ، وأَشْهَدَهُم على أَنّه ماتَ حَتْفَ أَنفِهِ فَشَهدُوا على ذلك.

وأُخْرِجَ ووُضعَ على الجسرِ ببغداد، ونُودِيَ: هذا موسى بن جعفر قد ماتَ فَانْظُرُوا إِليه، فَجَعَلَ النّاسُ يَتَفَرَّسُونِ في وَجْهِهِ وهو

__________________

(١) في هامش «ش»: روي انه أذاب الرصاص فصبّه في حلق الكاظمعليه‌السلام فكان سببَ موته.

٢٤٢

ميِّتٌ، وقد كانَ قَوْمٌ زَعَمُوا في أَيّامِ موسى أَنّه القائمُ المُنْتَظَرُ، وجَعَلَوا حَبْسَه هو الغيبةَ المذكورةَ للقائمِ، فأَمَرَ يحيى بن خالد أَنْ ينادى عليه عِنْدَ مَوْتِه: هذا موسى بن جعفر الذي تَزَعَمُ الرّافِضَةُ أَنّه لا يَمُوتُ فَانْظُرُوا إِليه، فَنَظَرَ النّاسُ إِليه ميِّتاً. ثم حُمِلَ فدُفِنَ في مَقابِرِ قُرَيْشٍ(١) في باب التّبن(٢) ، وكانَتْ هذهِ المَقْبَرةُ لبني هاشمٍ والأشرافِ مِنَ النّاسِ قَديماً.

ورُوِيَ: أنٌهعليه‌السلام لمّا حَضَرَتْهُ الوفاةُ سَأَلَ السنديَّ بن شاهَكَ أَنْ يحُضِرَه مَوْلىً له مَدَنيّاً يَنْزِلُ عِنْدَ دارِ العباسِ بن محمّد في مَشرعَةِ القَصَب(٣) ، ليتوَلّى غُسْلَه وتَكْفينَه، ففَعَلَ ذلك. قالَ السِّنْدي بن شاهَك: وكُنْتُ أَسْأًلُه في الإذْنِ لي في أَنْ أُكَفِّنَهُ فأَبى، وقالَ: «إنّا أَهْلُ بَيْتٍ، مُهورُ نسائنا وحَجُّ صرُورَتِنا وأَكْفانُ موتانا مِنْ طاهِر أَمْوالِنا، وعِنْدي كَفَنٌ، وأُريدُ أَنْ يَتَوَلّى غُسْلي وجَهازي مولايَ فلان » فَتَوَلّى ذلك منه(٤) .

* * *

__________________

(١) مقابر قريش: هي مدينة الكاظمية الحالية.

(٢، ٣) باب التبن ومشرعة القصب من مناطق بغداد في تلك الايام.

(٤) رواه ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين: ٥٠١، وقد سقطت منه بعض الفقرات، والشيخ الطوسي في الغيبة: ٢٦ / ٦ مثل ما في الارشاد، وذكره مختصراً الطبرسي في اعلام الورى: ٢٩٩، وابن الصباغ في الفصول المهمة: ٢٣٨، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ٢٣٤ / ٣٩.

٢٤٣

باب عَدَدِ أَولادِهِ وطرفٍ مِنْ أخْبارِهِمْ

وكانَ لأبي الحسن موسىعليه‌السلام سَبْعَةٌ وثلاثونَ وَلَداً ذَكَراً وأنثى مِنْهم: عليُّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام ، وابراهيمُ، والعباسُ، والقاسمُ، لأمهاتِ أَولادٍ.

وإسماعيلُ، وجعفرُ، وهارونُ، والحسينُ، لأمّ ولدٍ.

وأَحمدُ، ومحمدُ، وحمزةُ، لأمّ ولدٍ.

وعبدُ اللّهِ، وإسحاقُ، وعُبَيْدُ الله، وزيد، والحسنُ، والفضلُ، وسليمانُ، لأمَّهاتِ أَولادٍ.

وفاطمةُ الكبرى، وفاطمةُ الصغرى، ورُقَيّةُ، وحَكيمةُ، وأُمّ أَبيها، ورُقيّةُ الصُغرى، وكلثم، وأمّ جعفرٍ، ولُبابَةُ، وزينبُ، وخديجةُ، وعُلَيّةُ، وآمِنة، وحَسَنَةُ،، وبريهةُ، وعائشةُ، وأُمُّ سلمة، وميمونةُ، وأُمُّ كلثوم، لأمّهات أَولادٍ.

وكانَ أَفضلَ ولد أَبي الحسن موسىعليهم‌السلام وأنبَهَهُم وأَعْظَمَهُم قَدْراً وأَعلَمَهُمْ وأَجْمعَهم فَضْلاً أَبو الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام .

وكانَ أحمدُ بن موسى كريماً جليلاً وَرِعاً، وكانَ أَبو الحسن موسىعليه‌السلام يُحِبّه ويُقَدِّمه، وَوَهَبَ له ضَيْعَتَه المعروفةَ بالْيَسيرةِ. ويُقالُ: إِنّ

٢٤٤

أحمد بن موسى رَضِيَ اللّهُ عنه أَعْتَقَ أَلفَ مَمْلوك.

أخْبَرَني الشريفُ أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى قالَ: حَدَّثَنا جَدِّي قالَ: سمعت إِسماعيلَ بن موسى يَقُولُ: خَرَجَ أبي بوَلَدِه إِلى بَعْض أَمْوالِه بالمدينةِ - وأَسْمى ذلك المالَ إلا أَنَّ أَبا الحسين يحيى نَسِيَ الاسْمَ - قالَ: فكُنَّا في ذلك المكانِ، وكانَ مع أَحمد بن موسى عشرونَ من خَدَمِ أَبي وحَشَمِهِ، إِنْ قامَ أَحمدُ قاموا معه، وان جَلَسَ جَلَسُوا معه، وأَبي بعد ذلك يَرْعاهُ بِبَصَرِهِ ما يَغْفُلُ عنه، فما انْقَلَبْنا حتى انْشَجّ(١) أحمد بن موسى بيننا(٢) .

وكانَ محمدُ بن موسى من أهلِ الفضلِ والصَّلاحِ. أَخْبَرَني أَبو محمد الحسن بن محمّد بن يحيى قالَ: حَدَّثني جدِّي قالَ: حَدَّثَتْني هاشميةُ مولاة رُقَيَّة بنت موسى قالَتْ: كان محمَّدُ بن موسى صاحبَ وُضوء وصَلاةٍ، وكانَ لَيْلَهُ كلَّه يتوضأ ويُصَلِّي فَنَسْمَعُ سَكْبَ الماءِ والوُضوء ثمَّ يُصَلِّي لَيْلاً ثمَّ يَهْدَأ ساعَةً فيَرقُدُ، ويَقُومُ فَنَسْمَعُ سَكْبَ الماءِ والوضوء ثَم يُصَلِّي ثمَّ يَرْقُد سًويعةً ثمَّ يَقُومُ فَنَسمَعُ سكْبَ الماءِ والوُضوء، ثمَّ يصّلِّي فلا يَزالُ ليلَه كذلك حتى يُصبِحَ، وما رَأيْتهُ قَطُّ إِلا ذَكَرْتُ قَوْلَ اللهِ تعالى:( كَانُوا قَليلاً مِنَ اللَيْلِ مَا يَهْجَعًونَ ) (٣) ،(٤) .

وكان إِبراهيمُ بن موسى سَخِيّاً شجاعاً كَريماً، وتَقَلَّد الإمْرَةَ على

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»: أي اصابته مع تلك المراعاة العظيمة اصابته شجٌة.

(٢) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ٢٨٧ / ٢.

(٣) الذاريات ٥١: ١٧.

(٤) ذكره مختصراً ابن الصباغ في الفصول المهمة: ٢٤٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨: ٢٨٧ / ٣.

٢٤٥

اليمن في أَيّام المأمونِ من قِبَلِ محمد بن زيد(١) بن عليّ بن الحسين بن عليِّ ابن أبي طالبَ الذي بايَعَهُ أَبو السرايا بالكوفةِ، ومَضى إِليها فَفَتَحَها وأَقامَ بها مدّةً إِلى أَنْ كانَ مِنْ أمرِ أَبي السرايا ما كان، فأُخِذَ له الأمانُ مِنَ المَأمونِ.

ولكلِّ واحدٍ من ولد أَبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام فَضْلٌ ومَنْقَبَةٌ مشهورةٌ، وكانَ الرضاعليه‌السلام المقدَّمَ عليهم في الْفَضْلِ حَسَبَ ما ذَكَرْناهُ.

* * *

__________________

(١) هذا نسبة الى الجدّ، وهو محمد بن محمد بن زيد كما صرّح به الطبري في تاريخه ٨: ٥٢٩، والنجاشي في ترجمة علي بن عبيد اللّه بن حسين العلوي: ٢٥٦ / ٦٧١.

٢٤٦

بابُ ذِكْرِ الإِمام القائم بَعْدَ أَبي الحسن موسى عَليه السلامُ

مِنْ ولده، وتاريخِ مَوْلِدِه ودلائلِ إِمامتهِ، ومَبْلَغِ سِنِّهِ،

ومُدَّة خِلافَتِهِ، ووَقْتِ وَفاتِهِ وسَبَبِها، ومَوْضِعِ

قَبْرِه، وعَدَدِ أَوْلادِهِ، ومُخْتَصَرٍ مِنْ أَخْبارِهِ

وكانَ الإمامُ بَعْدَ أَبي الحسن موسى بن جعفر ابنَه أَبا الحسن عليَّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام لِفَضْلهِ على جماعةِ إِخْوَتهِ وأَهْلِ بَيْتِهِ، وظُهورِ عِلْمِهِ وحِلْمِهِ ووَرَعِهِ واجْتهادِهِ، واجْتماعِ الخاصّةِ والعامّةِ على ذلك فيه ومَعْرِفَتِهِمْ به منه، وبِنَصِّ أَبيهِ على إِمامَتِهِعليه‌السلام من بَعْده وأشارته إِليه بذلك دونَ جَماعَةِ إِخْوَتهِ وأَهْلَ بَيْتِهِ.

وكانَ مَوْلدُهُ بالمدينةِ سنةَ ثمانٍ وأَربعينَ ومائة. وقًبضَ بطوسٍ من أَرْضِ خُراسان، في صفر من سنة ثلاثٍ ومائتين، وله يومئذٍ خمسٌ وخمسونَ سنة، وأمُّه أُمُ ولدٍ يُقالُ لها: أُمّ البنين. وكانَتْ مُدَّةُ إِمامَتِهِ وقِيامِهِ بَعْدَ أَبيه في خِلافتهِ عشرين سنةً.

فصل

فممَّنْ رَوَى النَصَّ على الرضا عليِّ بن موسىعليهما‌السلام بالإمامة

٢٤٧

من أَبيه والإشارةِ اليه منه بذلك، من خاصّتهِ وثِقاتِهِ وأَهلِ الوَرَعِ والعِلْمِ والفِقْهِ من شيعته: داودُ بن كَثير الرَقّي، ومحمّدُ بن إِسحاق بن عمّار، وعليُّ ابن يَقْطينَ، ونُعَيمُ القابوسيّ، والحسينُ بن المختار، وزيادُ بن َمروان، والمخَزومي، وداودُ بن سليمان، ونَصر بن قابوس، وداود بن زرَبْيّ، ويزيد ابن سَليط، ومحمّد بن سِنان.

أَخْبَرَني أَبُو القاسم جعفرُ بن محمد بن قولويه، عن محمدِ بن يعقوب، عن أَحمدَ بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن سنان وإسماعيل بن غياث القصري جميعاً عن داود الرَقّي قالَ: قُلْتُ لأبي إِبراهيمعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِداكَ، إِنّي قَدْ كَبُرت سِنِّي فَخُذْ بِيَدِي وأنقِذْني ِمن النارِ، مَنْ صاحِبُنا بَعْدَكَ؟ قالَ: فأَشارَ إِلى ابْنِهِ أَبي الحسن فقالَ: «هذا صاحِبُكم مِنْ بَعْدي »(١) .

أَخْبَرَني أَبُو القاسم ُ جعفر بن محمد، عن محمد يعقوب الكليني، عن الحسين(٢) بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أَحمد بن محمد بن عبد الله، عن الحسن، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمّار قالَ: قُلْتُ لأبي الحسن الأولعليه‌السلام : أَلا تَدُلني على مَنْ آخُذُ

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤٩ / ٣، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٢٣ / ٧، غيبة الطوسي: ٣٤ / ٩، الفصول المهمه لابن الصباغ: ٢٤٣، اعلام الورى: ٣٠٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٢٣ / ٣٤.

(٢) في «م»: ظاهره الحسن بن محمد، وهو الموجود في «ش»، وفي «ح »:الحسين، وهو الصواب وفقاً للكافي وهو متكرر في اسناد الكافي، وهو الحسين بن محمد بن عامر الأشعري الذي يروي كتب معلى بن محمد البصري كما في رجال النجاشي: ٤١٨ / ١١١٧، وفهرست الشيخ: ١٦٥ / ٧٣٢، ونظيرهما في رجال الشيخ ٥١٥ / ١٣٢، ومشيخة الصدوق ٤: ١٣٦.

٢٤٨

عنه ديني؟ فقالَ: «هذا ابني علي، إنّ أبي أخَذ بيدَي فأدْخَلَني إلى قبر رَسُول اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالَ لي: يا بُنَيَّ، إِنَّ اللهَّ جَلَ وعَلا قالَ:( إِنْي جَاعِلٌ في الأرْضِ خَليفَةً ً) (١) وإنَّ اللّهَ إذا قالَ قَوْلاً وَفى بِهِ »(٢) .

أَخْبرَني أَبوُ القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أَحمدَ بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين(٣) بن نُعَيمْ الصحّاف قالَ: كُنْتُ أَنا وهُشامُ بن الحكم وعليّ ابن يقطين ببغداد، فقالَ عليُّ بن يقطين: كُنْتُ عند العبدِ الصالحِ فقالَ لي: «يا عليَّ بن يقطين، هذا علي سيدُ ولدي، أما إنّي قد نَحَلْتُهُ كنيتي » وفي روايةٍ أُخْرى «كًتُبي » فَضَرَب هشامُ براحَتِهِ جَبْهَتَه، ثمَّ قالَ: وَيْحَكَ، كَيْفَ قُلْتَ؛ فقالَ عليُّ بن يقطين: سمعتُهُ واللّهِ منه كما قُلْتُ، فقالَ هُشامُ: إِنَّ الأمْرَ واللّهِ فيه من بَعْدِهِ(٤) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عدّةٍ من أَصْحابهِ، عن أحمدَ بن محمد بن عيسى، عن معاوية بن حكيم، عن نُعَيْم القابوسي، عن أَبي الحسن موسىعليه‌السلام قالَ: «ابْني علي أَكْبَرُ ولدي، وأثرهُم عندي، وأَحَبُّهُمْ إِليَّ، وهو يَنْظُر معي في الجَفْرِ، ولم

__________________

(١) البقرة ٢: ٣٠.

(٢) الكافي ١: ٢٤٩ / ٤، غيبة الطوسي: ٣٤ / ١٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٢٤ / ٣٥.

(٣) كذا في «م» وهو الموجود في الكافي، وفي «ش» و «ح »: الحسن، وهو تصحيف كما يعلم من رجال النجاشي: ٥٣ / ١٢٠، وفهرست الشيخ: ٥٦ / ٢١٧، ورجال الشيخ: ٤٦٣ / ١١.

(٤) ‎الكافي ١: ٢٤٨ / ١، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٢١ / ٣، غيبة الطوسي: ٣٥ / ١١.‎‎

٢٤٩

يَنْظُرْ فيه إِلا نبيٌّ أَووَصِيُّ نبيٍّ »(١) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن أحمدَ ابن مهران، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن سنان، وعليّ بن الحكم - جميعاً - عن الحسين بن المختار قالَ: خَرَجَتْ إِلينا أَلْواحٌ من أبي الحسن موسىعليه‌السلام وهو في الحبس: «عهدي إِلى أكبر ولدي أَن يَفْعَلَ كذا وأَنْ يَفْعَلَ كذا، وفلانٌ لا تُنِلْه شَيْئاً حتى أَلقاكَ أَويَقْضيَ اللهُّ عَلَيَّ الموتَ »(٢) .

وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن (زياد ابن مروان القندي(٣) ، قال: دَخَلت على أَبي إبراهيم وعنده أَبو الحسن ابنُهعليهما‌السلام فقالَ لي: «يا زياد، هذا ابني فلان، كتابُه كتابي، وكلامه كلامي، ورسولُه رسولي، وما قالَ فالقَوْلُ قَوْلي »(٤) .

وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن محمد بن الفُضَيْل قالَ: حَدَّثَني المخزومي - وكانَتْ أُمُّه من ولد جعفر بن أبي طالب -، قالَ: بَعَثَ إِلينا أَبو الحسن موسى فَجَمَعَنا ثم قالَ: «أَتَدْرونَ لِمَ

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤٩ / ٢، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣١ / ٢٧، وفيه «واسمعهم لقولي وأطوعهم لأمري »بدل: «وآثرهم عندي واحبهم الي » غيبة الطوسي: ٣٦ / ١٢، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٦٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٢٤ / ٣٦.

(٢) الكافي ١: ٢٥٠ / ٨، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٠ / ٢٣، مختصراً، غيبة الطوسي: ٣٦ / ١٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٢٤ / ٣٧.

(٣) قال الصدوق - رحمة الله عليه - في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام : ان زياد بن مروان القندي روى هذا الحديث ثم انكره بعد مضي موسىعليه‌السلام ، وقال بالوقف وحبس ما كان عنده من مال موسى بن جعفرعليه‌السلام .

(٤) الكافي ١: ٢٤٩ / ٦، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣١ / ٢٥، غيبة الطوسي: ٣٧ / ١٤، الفصول المهمة: ٢٤٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٩ / ٢٣.

٢٥٠

جَمَعُتكُمْ؟ » فقلُنْا: لا، قال: «اشْهَدُوا أَنَّ ابني هذا وَصِّي، والقَيِّمُ بأَمْريَ، وخليفتي من بعدي، مَنْ كان له عندي دَيْنٌ فَلْيَأْخذْه من ابني هذا، ومَنْ كانَتْ له عندي عِدَةٌ فَلْيَتَنَجزْها منه، ومَنْ لم يَكُنْ له بدٌ من لقائي فلا يَلْقَني إلّا بِكتابهِ »(١) .

وبهذا الإسناد عن محمد بن علي، عن أَبي علي الخزاز، عن داود بن سليمان قالَ: قُلْتُ لأبي إبراهيمعليه‌السلام : إنّي أَخافُ أنَ يَحْدُثَ حَدَثٌ ولا أَلقاك، فأَخْبِرْني مَن الإمامُ بعدك؟ فقالَ: «ابني فلانٌ » يعني أَبا الحسنعليه‌السلام (٢) .

وبهذا الإسناد عن ابن مهران، عن محمد بن عليّ، عن سعيد بن أَبي الجهم، عن نصر بن قابوس، قالَ: قُلْتُ لأبي إبراهيمعليه‌السلام : إِنّني سَأَلْتُ أَباك: مَن الذي يكون من بعدك؟ فأَخْبَرَني أَنَّكَ أَنْتَ هُو، فَلَمّا تُوفَي أَبو عبد اللهعليه‌السلام ، ذهب الناسُ يميناً وشمالاً، وقُلْتُ بك أَنا وأَصحابي، فأَخْبرْني مَن الذي يكون بعدك من ولدك؟ قالَ: «ابني فلانٌ »(٣) .

وبهذا الإسناد عن محمد بن علي، عن الضحّاك بن الأشعث، عن

__________________

(١) الكافي ١: ٢٤٩ / ٧، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٢٧ / ١٤، غيبة الطوسي: ٣٧ / ١٥، الفصول المهمة: ٢٤٤، ونقله المجلسي في البحار ٤٩٩: ١٦ / ١٢.

(٢) الكافي ١: ٢٥٠ / ١١، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٢٣ / ٨، باختلاف يسير، غيبة الطوسي: ٣٨ / ١٦، ونقله المجلسي في البحار ٤٩: ٢٤ / ٣٨.

(٣) الكافي: ١: ٢٥٠ / ١٢، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣١ / ٢٦، وفيه: ابني علي، رجال الكشي: ٤٥١ / ٨٤٩، غيبة الطوسي: ٣٨ / ١٧، ونقله المجلسي في البحار ٤٩:٢٥ / ٣٩.

٢٥١

داود بن زَربِيّ قالَ: جِئْتُ إِلى أَبي إِبراهيمعليه‌السلام بمالٍ، فأَخَذَ بَعْضَه وتَرَكَ بَعْضَه، فقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللّهُ لأيِّ شيءٍ تَرَكْتَه عندي؟ فقالَ: «إِنَّ صاحبَ هذا الأمر يَطْلُبه منك » فَلَمّا جاءَ نَعْيُه بَعَثَ إِليَّ أَبو الحسن الرضاعليه‌السلام فَسَأَلَني ذلكَ المالَ فَدَفَعْتُه إِليه(١) .

وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن إِبراهيم بن عليّ بن عبد الله بن جعفر بن أَبي طالب، عن يزيد بن سليط - في حديث طويل - عن أَبي إِبراهيمعليه‌السلام أَنّه قالَ في السنة التي قُبِضَ عليه فيها: «إِنّي أؤخَذُ في هذه السنة، والأمرُ إِلى ابني عليٍّ سَمِيُّ عليِّ وعليٍّ، فأَمّا علي الأوٌلُ فعَليًّ بن أَبي طالب، وأَمّا علي الآخر فعليّ بن الحسينَ - صلوات اللهّ عليهم - أُعْطِيَ فَهْمَ الأوَّلِ وحِلْمَه ونَصْرَه ووَرَعَه ووِرْدَه ودينَه، ومِحْنَةَ الآخرَ وصَبْرهَ على ما يَكْرَه »(٢) في الحديثِ(٣) بطولهِ.

أَخْبَرَني أَبُو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي وعُبَيْدِالله بن المرْزبان، عن ابن سنان قالَ: دَخَلْتُ على أبي الحسن موسىعليه‌السلام من قبل أَن يقْدَمَ العراقَ بسنةٍ، وعلي ابنهُ جالسٌ بين يديه، فنَظَر الَىّ وقالَ: «يا محمّد، إِنّه سَيَكُون في هذه السنة حَرَكَةٌ فلا تَجْزَعْ لذلكَ ».

__________________

(١) الكافي ١: ٢٥٠ / ١٣، غيبة الطوسي: ٩٣ / ١٨، مناقب آل أبي طالب ٤: ٣٦٨، وذكره بإختلاف يسير الكشي في رجاله: ٣١٣ / ٥٦٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩:٢٥ / ٤٠.

(٢) الكافي ١: ٢٥٢ / ذيل الحديث ١٤، غيبة الطوسي: ٤٠ / ١٩.

(٣) في هامش «ش»: يعني المَروي أو الموُرد.

٢٥٢

قال: قلت: وما يكونُ جَعَلَني اللهُ فداك فقد أَقْلَقْتَني؟

قالَ: «أَصيرُ إِلى هذه الطاغية، أَما إِنّه لا يَنْداني(١) منه سوء، ولامِن الذي يكون من بعده ».

قال: قلت: وما يكون، جَعَلَني اللهُ فداك؟

قالَ:( يُضِلُّ اللّهُ الظّاِلمينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ ما يَشاءُ ) (٢) .

قالَ: قُلْتُ: وما ذاك، جَعَلَني اللهُ فداك؟

قالَ: «مَنْ ظَلَمَ ابني هذا حَقَّه وجَحَدَه إِمامَته من بعدي، كانَ كمن ظَلَم عليَّ بن أَبي طالبعليه‌السلام إمامَته وجَحَدَه حقَّه بعد رسولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قالَ: قُلْتُ: واللهِ لئن مَدَّ اللهّ لي في العمر لأسَلَمَنَّ له حقَّه ولأقِرنّ بإمامته.

قالَ: «صَدَقْتَ - يا محمّد - يَمُدُّ اللهُ في عُمْركَ، وتُسَلّم له حقَّه، وتُقِرّ له بإِمامته وإمامة مَنْ يكونُ من بعده ».

قالَ: قُلْتُ: ومَنْ ذاك؟

قالَ: «ابنُه محمّد».

قالَ: قُلْتُ: له الرّضى والتسليم(٣) .

__________________

(١) في هامش «ش»: لا ينداني: أي لا يصيبني، وهومن حرّ الكَلام.

(٢) ابراهيم ١٤: ٢٧.

(٣) الكافي ١: ٢٥٦ / ١٦، غيبة الطوسي: ٣٢ / ٨، وأورده الصدوق في عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٢ / ٢٩، باختلاف، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٢٢ / ٢٧.

٢٥٣

باب ذكر طرف من دلائله واخباره

أَخْبَرَني جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوبِ، عن محمد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن أَحمر قالَ: قالَ لي أبو الحسن الأوّلُعليه‌السلام : « هل عَلِمتَ أحداً من أَهل المغرب قَدِمَ؟ » قُلْتُ: لا، قالَ: «بلى، قد قَدِمَ رَجُلٌ من أَهلِ المغرب المدينَة، فانَطلِقْ بنا» فرَكِبَ ورَكِبْتُ معه حتى انتهينا إِلى الرجل، فإِذا رجلٌ من أَهلِ المغرب معه رقيقٌ، فقُلْتُ له: إِعرِضْ علينا، فعَرَضَ علينا سبْعَ جَوارٍ كلُّ ذلكَ يَقُولُ أَبو الحسنعليه‌السلام : «لا حاجةَ لي فيها» ثم قالَ: «اعرِضْ علينا» فقالَ: ما عندي إِلا جاريةٌ مريضةٌ، فقالَ له: «ما عليك أن تَعْرِضَها؟» فأَبى عليه، فانْصَرفَ.

ثم أرْسَلَني من الغدِ فقالَ لي: «قُلْ له: كمْ كانَ غايَتُك فيها؟ فإِذا قالَ لك: كذا وكذا، فقُلْ: قد أَخَذْتها» فأَتَيْتُه فقالَ: ما كُنْتُ أُريدُ أَنْ أَنْقُصَها من كذا وكذا، فقُلْتُ: قد أَخَذْتُها. قالَ: هي لك، ولكن أَخْبِرْني مَنْ الرجل الذي كانَ معك بالأمْس؟ قُلْتُ: رَجلٌ من بني هاشم، قال: من أَيّ بني هاشم؟ فقُلْتُ: ما عندي أَكثرمن هذا. فقالَ: أُخْبرك أَنّي اشْتَرَيْتُها من أَقصى المغرب، فلقِيَتْني امرأةٌ من أَهلِ الكتاب فقالَتْ: ما هذه الوصيفةُ معك؟ قُلْتُ: اشتَرَيتُها لنفسي، فقالَتْ: ما يَنْبغيَ أَن تكونَ هذه عند مِثْلِك، إِنَّ هذه الجارية ينبغي أَن تَكُونَ عند خَيْر أَهْلِ

٢٥٤

الأرِضِ، فلا تَلبثُ عنده إلّا قليلاً حتى تَلِدَ غُلاماً لم يوُلَدْ بشرق الأرض ولا غَرْبها مِثلُه. قالَ: فَأَتَيْتُه بها فلم تَلْبثْ عنده إلّا قليلاً حتى وَلَدَتْ الرضاعليه‌السلام (١) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أَحمدَ بن محمد(٢) ، عن صفوان بن يحيى قالَ: لمّا مَضى أَبو إِبراهيمعليه‌السلام وتَكَلَّمَ أَبو الحسن الرضاعليه‌السلام خِفْنا عليه من ذلك، فقيلَ له: إِنّك قد أَظْهَرْتَ أَمْراً عظيماً، وِانّا نخاف عليك هذا الطاغيةَ، فقالَ: «ليَجْهَدْ جَهْدَه فلا سبيلَ له عَلَيَّ »(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد، عن ابن جمهور، عن إبراهيم بن عبدالله، عن (أحمد بن عبيد الله )(٤) ، عن الغفاري قالَ: كانَ لرجلٍ من الِ أبي رافع - مولى رسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله - يقالُ له: فلان، عَلَيَّ حق فتقاضاني وألحَّ علَيّ، فلمّا رَأَيْتُ ذلك صَلّيْتُ الصُبحَ في مسجدِ رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ تَوَجهْتُ نَحْوَ الرضاعليه‌السلام - وهويومئذٍ بالغرَيْضِ(٥) - فلمّا قَربْتُ من

__________________

(١) الكافي ١: ٤٠٦ / ١، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ١٧ / ٤، دلائل الامامة:١٧٥، اثبات الوصية: ١٧٠، عيون المعجزات: ١٠٦، الخرائج والجرائح ٢: ٦٥٣ / ٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٨ / ١١.

(٢) في الكافي هنا زيادة: عمّن ذكره ...، وما هنا أوفق بسائر الاسناد.

(٣) الكافي ١: ٤٠٦ / ٢، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٢٢٦ / ٤، مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٤٠، الفصول المهمة: ٢٤٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١١٤ / ٣.

(٤) كذا في النسخ الثلاث والبحار، وفي الكافي: أحمد بن عبدالله.

(٥) ذكر صاحب تاريخ قم نقلاً عن بعض الرواة: أنّ العُرَيْض من قرى المدينة على بُعد فرسخ منها، وكانت القرية ملكاً للامام الباقرعليه‌السلام ، وأوصى الامام الصادقعليه‌السلام بهذه القرية الى ولده علي العريضي. تاريخ قم: ٢٢٤.

٢٥٥

بابه إِذا هو قد طَلَعَ على حمارٍ وعليه قَميص ورِداءٌ، فلَمّا نَظَرْتُ إِليه اسْتَحْيَيْتُ منه، فلمّا لَحِقَني وَقَفَ ونَظَرَ إِلَيَّ فسَلَّمْت عليه - وكانَ شهرُ رمضانَ - فقُلْتُ: جعْلْتُ فداك، إِنَّ لمولاك فلان عَليَّ حقّاً، وقد واللهِ شَهَرَني؛ وأَنا أَظُنُّ في نفسي أَنّه يَأْمُرُه بالكفِّ عنّي، وواللّهِ ما قُلْتُ له كَمْ له عليٌ ولا سَمَّيْتُ له شيئاً، فأَمَرَني بالجلوسِ إِلى رجوعِه.

فَلمْ أَزَلْ حتى صَلَّيْتُ المغربَ وأَنا صائمٌ، فضاقَ صَدْري وأَرَدْتُ أَن أَنصرِفَ، فإِذا هو قد طَلَعَ عَلَيَّ وحوله الناسُ، وقد قَعَدَ له السؤّالُ وهو يتصدق عليهم، فمضى فدَخَلَ بَيْتَه ثم خَرَجَ، ودعاني فقُمْتُ إِليه ودَخَلْتُ معه، فَجَلَسَ وجَلَسْتُ معه فجَعلْتُ أحَدِّثُهُ عن ابن المسيّب(١) - وكانَ كثيراً ما أُحَدِّثه عنه - فلمّا فَرَغْت قالَ: «ما أظُنُّك أَفْطَرْتَ بعدُ» قُلْتُ: لا، فدَعا لي بطعامٍ فوضعَ بين يَدَيَ، وأَمَرَ الغلامَ أَن يَاْكُلَ معي، فأَصَبْتُ والغلام من الطعام، فلمّا فَرَغْنا قالَ: «ارفَع الوسادةَ وخذْ ما تحتها» فرَفَعْتُها فإِذا دنانير فأَخَذْتُها ووَضَعْتُها في كُمّي.

وأمر أربعةً من عَبيده أن يكونوا معي حتى يَبْلغوا بي منزلي، فقُلْتُ: جعلت فداك إِنَّ طائفَ(٢) ابن المسيب يَقْعُدُ وأَكْرَهُ أَنْ يَلْقاني ومعي عَبِيدُك، فقالَ لي: «أَصَبْتَ، أَصابَ اللّهُ بك الرشادَ» وأَمَرهُم أَنْ يَنْصَرِفوا إِذا رَدَدْتُهم.

فلمّا قربت من منزلي وأَنِسْتُ رَدَدْتًهم وصِرْتُ إِلى منزلي ودَعَوْتُ السِراجَ ونَظَرْتُ إِلى الدنانير، فإذا هي ثمانيةٌ وأَربعونَ ديناراً، وكانَ حَقُّ الرجلِ عَلَيَّ ثمانيةً وعشرين ديناراً، وكانَ فيها دينارٌ يَلُوحُ فأَعْجَبَني حُسْنُه فأَخَذْتُه

__________________

(١) هو هارون بن المسيب كان والي المدينة.

(٢) الطائف: العاسّ بالليل. «العين - طوف - ٧: ٤٥٨».

٢٥٦

وقَرَّبته من السراجِ فإِذا عليه نقشٌ واضحٌ: «حقّ الرجلِ ثمانيةٌ وعشرونَ ديناراً، وما بقي فهولك » لا واللّه ما كُنْتُ عَرَّفْت ما لَهُ عَلَيَّ على التحديد(١) .

أَخْبرني أَبو القاسمِ جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ ابن إِبراهيم، عن أَبيه، عن بعض أصحابه، عن أَبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه خَرجَ من المدينةِ - في السنة التىِ حجََّ فيها هارونَ - يُريد الحجّ فانتهى الِى جبل على يسار الطريق يُقال له: فارعٌ، فنَظَرَ إِليه أبو الحسنعليه‌السلام ثمّ قالَ: «يا فارع(٢) ، وهادِمُه يًقَطَّعُ اِرْباً ارباً» فلمْ نَدْرِ ما مَعْنى ذلك. فلمّا بَلَغَ هارونُ ذلك المكان(٣) نَزَلَه وصعد جعفرُ بن يحيى الجبَلَ وأَمَرَ أَن يُبْنى له فيه مجلسٌ، فلمّا رَجَعَ من مكة صَعِدَ إِليه وأَمَرَ بهَدْمِه، فلمّا انْصرَفَ إِلى العراقِ قُطِّعَ جعفرُ بن يحيى إِرْباً إرْبا(٤) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن أَحمدَ ابن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى، عن (محمد بن حمزة ابن الهيثم )(٥) ، عن إِبراهيم بن موسى قالَ: أَلْححْتُ على أبي الحسن

__________________

(١) الكافي ١: ٤٠٧ / ٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٩٧ / ١٢.

(٢) في الكافي والمناقب: باني فارع.

(٣) في «م» وهامش «ش»: الموضع.

(٤) الكافي ١: ٤٠٧ / ٥، مناقب ال ابي طالب ٤: ٣٤٠، ونقله العلّامة المجلسي في البحار ٤٩: ٥٦ / ٧٠.

(٥) كذا في النسخ، والظاهر انّ الصواب محمد بن حمزة بن القاسم، كما في الكافي والاختصاص والبصائر، وفيه: محمد بن حمزة بن القاسم أو عمّن أخبره عنه قال: أخبرني ابراهيم بن موسى، ولا يبعد اتحاده مع محمد بن حمزة بن القاسم الذي عده الشيخ (قده) في اصحاب الامام الرضاعليه‌السلام : ٣٩٢ / ٦٧، والموجود في نقل دلائل الامامة للخبر: محمد بن حمزة الهاشمي، فيحتمل قوياً كونه محمد بن حمزة بن القاسم بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب، وقد أورد اسمه في المجدي: ٢٢، وذكر ان ابناءه قتلوا مع الكوكبي، والحسين

٢٥٧

الرضاعليه‌السلام في شيءٍ اطلبه منه فكانَ يَعِدُني، فخَرَجَ ذاتَ يوم يَسْتَقْبِلُ والي المدينة وكُنْتُ معه، فجاءَ إِلى قُرْب قَصْرِ فلانٍ فَنَزَلَ عنده تحتَ شَجَراتٍ، ونَزَلْتُ معه وليسَ معنا ثالثٌ فقُلْتُ: جُعِلْتُ فداك، هذا العيدُ قد أظَلَّنا، ولا واللهِّ ما أَمْلِكُ درهماً فما سواه، فحَكَّ بسَوْطِه الأرضَ حَكّاً شديداً، ثم ضرَبَ بيده فتناوَلَ منه سَبيكةَ ذهبٍ ثم قالَ: «اسْتَنْفِعْ بها واكتُمْ ما رَأيْتَ »(١) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلِّى بن محمد، عن مسافر قالَ: كُنْتُ مع أَبي الحسن الرضاعليه‌السلام بمنى فمرَّ يحيى بن خالد فغَطّى وَجْهَه من الغبار، فقالَ الرضاعليه‌السلام : «مساكينُ لا يَدْرُونَ ما يحلُّ بهم في هذه السنة» ثم قالَ: «وأَعْجَبُ من هذا، هارون وأَنا كهاتين » وضَمَّ إِصْبَعَيْه، قالَ مُسافر: فواللهِّ ما عَرَفْت معنى حديثهِ حتّى دَفَنّاه معه(٢) .

__________________

الكوكبي خرج سنة ٢٥٠ كما في مروج الذهب، فيناسب كون والد المقتولين معه من اصحاب الرضاعليه‌السلام .

(١) بصائر الدرجات: ٣٩٤ / ٢، الكافي ١: ٤٠٨ / ٦، دلائل الامامة: ١٩٠، الاختصاص: ٢٧٠، الخرائج والجرائح ١: ٣٣٧ / ٢، بتفصيل، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٤٨.

(٢) الكافي ١: ٤١٠ / ذيل الحديث ٩، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢:٢٢٥ / ٢ و ٢٢٦ / ١ و ٢، اعلام الورى: ٣١٢، مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٤٠ الى قوله: اصبعيه، الفصول المهمة: ٢٤٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٤٤ / ٥٦.

٢٥٨

فصل

وكانَ المأمونُ قد أَنْفَذَ إِلى جماعةٍ من آل أَبي طالب، فحَمَلَهم إِليه من المدينةِ وفيهم الرضا عليُّ بن موسىعليهما‌السلام ، فأُخِذَ بهم على طريقِ البصرةِ حتى جاؤوه بهم، وكانَ المتولّي لإشْخاصِهم المعروف بالجَلودي(١) ، فقَدِمَ بهم على المأمون فأَنْزَلَهم داراً، وأنزَلَ الرضا عليَّ بن موسىعليهما‌السلام داراً، وأَكْرَمَه وعَظّمَ أَمْرَه، ثم أنْفَذَ إِليه:إِنّي أُريدُ أَنْ أَخْلَعَ نفسي من الخلافةِ وأُقَلِّدك إِيّاها فما رَأيُك في ذلك؟ فأَنْكَرَ الرضاعليه‌السلام هذا الأمرَ وقالَ له: «اُعيذك بالله - يا أمير المؤمنين - من هذا الكلامِ، وأَنْ يَسْمَع به أَحَدٌ « فرَدَّ عليه الرسالةَ: فإِذ أَبَيْتَ ما عَرَضْتُ عليك فلا بُدّ من ولايةِ العهد من بعدي، فأَبى عليه الرضا إِباءاً شديداً، فاسْتَدْعاه إِليه وخَلا به ومعه الفَضْلُ بن سَهْل ذو الرئاستين، ليس في المجلسِ غَيْرهم وقالَ له: إِنّي قد رَأَيْتُ أَنْ أُقَلِّدك أَمْرَ المسلمين، وأَفْسَخَ ما في رَقَبَتي وأَضَعه في رَقَبَتِكَ، فقالَ له الرضاعليه‌السلام : «اللّهَ اللّهَ - يا أمير المؤمنين - إِنّه لا طاقةَ لي بذلك ولا قوّة لي عليه » قالَ له: فأني مُولّيك العهدَ من بعدي، فقالَ له: «أَعْفِني من ذلك يا أَميرَ المؤمنين » فقالَ له المأمون كلاماً فيه كالتهدُّدِ له على الامتناعِ عليه، وقالَ له في كلامه: إِنَّ عمرَ بن الخطّابِ جَعَلَ الشورى في ستّةٍ أحَدهم جَدُّك أَميرُ المؤمنين عليُّ بن أَبي طالب وشَرَطَ فيمن خالَفَ منهم أَن تُضْرَبَ عُنُقُه، ولا بُدَّ من قبولك ما أُريدُه منك،

__________________

(١) هو عيسى بن يزيد الجلودي.

٢٥٩

فإِنَّني لا أجدُ مَحيصاً عنه، فقالَ له الرضاعليه‌السلام : «فإِنّي أجيبُك(١) إِلى ما تُريدُ من ولايةِ العَهْدِ، على أَنّني لا آمُر ولا أَنهى ولا اُفْتي ولا أَقْضي ولا أُوَلّي ولا أَعْزلُ ولا أُغَيِّرُ شَيْئاً ممّا هو قائم » فأَجابَه المأَمونُ إِلى ذلك كلِّه.

أَخْبَرني الشريفُ أبو محمد الحسنُ بن محمد قالَ: حدَّثنا جَدِّي قالَ: حدَّثني(٢) موسى بن سلمة قالَ: كُنْتُ بخراسان مع محمّد بن جعفر، فسَمِعْتُ أَنَّ ذا الرئاستين خَرَجَ ذاتَ يَوْمِ وهو يقولُ: وا عجباه وقد رَأَيْتُ عَجَباً، سَلُوني ما رَأَيْتُ؛ فقالوا: وما رَأَيْت أَصلَحكَ اللهُّ؟ قالَ: رَأَيْتُ المأمون أَميرَ المؤمنينَ يَقولُ لعليّ بن موسى الرضا: قد رَأَيْتُ أَنْ اقلدك أُمورَ المسلمينَ، وأَفْسَخَ ما في رقَبتي وأَجْعَلَه في رَقَبَتِك، ورأَيْتُ عليَّ بن موسى يَقُولُ: «يا أَميرَ المؤمنين لا طاقَة لي بذلك ولا قوّة» فما رَأَيْتُ خلافة قَطُّ كانت أَضْيَعَ منها، إِنّ أَميرَ المؤمنينَ يَتَفَصّى(٣) منها ويَعْرِضُهَا على عَليِّ بن موسى وعَليُّ بن موسى يَرْفُضُها ويأبى(٤) .

وذَكَر جماعةٌ من أَصحاب الأخْبارِ ورُواة السِيَر والآثارِ وأيامِ الخُلفاءِ: أَنَّ المأمون لمّا أَرادَ العقدَ للرضاَ عليِّ بن موسىعليه‌السلام وحَدَّثَ نَفْسَه بذلك، أَحْضَر الفَضْلَ بن سهل فأَعْلَمَه ما قد عَزَمَ عليه من ذلك وأَمَرَه بالاجتماعِ مع أَخيه الحسن بن سهل على ذلك، ففَعَلَ واجْتَمعا بحضرته،

__________________

(١) في «م»:مجيبك.

(٢) في هامش «ش»: حدثنا، وكان في جنبه علامة التصحيح.

(٣) في هامش «ش» و «م»: يتفصّى: اي يتنصّل.

(٤) عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٤١ / ٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٣٦ / ١١.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563