الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد10%

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 563

الجزء ١ المقدمة الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 563 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182043 / تحميل: 9886
الحجم الحجم الحجم
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

مؤلف:
العربية

سلسلة زاد عاشوراء

بلاغ عاشوراء

١

الكتاب: بلاغ عاشوراء

نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني

الطبعة: الاولى، كانون٢، ٢٠٠٦م- ١٤٢٧هـ

جميع حقوق الطبع محفوظة ©

٢

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

"ينبغي على الخطباء إثارة عواطف الناس تجاه الحسين عليه السلام. وتوضيح واقعة عاشوراء ومبادئها... وإثارة المعرفة والإيمان".

الإمام الخامنئي دام ظله

السادة الأفاضل المحاضرين في المجالس الحسينية دمتم موفقين.

تتقدم منكم الوحدة الثقافية المركزية في حزب اللَّه بأسمى آيات العزاء بالمصاب العظيم بإمامنا أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام سائلة المولى تعالى أن يجعلنا من الطالبين بثاره مع الولي الأعظم الإمام الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف.

ومع إطلالة شهر محرم لعام ١٤٢٨هـ وتلافياً للوقوع في تكرار مضامين الكلمات ومن أجل إنجاح البرامج المقرَّرة نقترح توزيع مضامين الكلمات، للمحاضرين الكرام، وفق الترتيب والبرنامج الزمني المحدَّد في هذا الكتيب.

٣

وقد توَّجنا هذا الكتيب بكلمات توجيهية للإمام الراحل الخميني العظيم قدس سره ولولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله سائلين المولى تعالى أن يعجل فرج صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وأن يتقبل أعمالنا وأعمالكم بأحسن قبول إنه سميع مجيب الدعاء.

٤

توجيهات الولي

توجيهات الإمام الخميني قدس سره للمحاضرين والخطباء الحسينيين

١- إن على الخطباء أن يقرأوا المراثي حتى آخر الخطبة ولا يختصروها بل ليتحدثوا كثيراً عن مصائب أهل البيت عليهم السلام.

٢- ليهتم خطباء المنابر ويسعوا إلى دفع الناس نحو القضايا الإسلامية وإعطائهم التوجيهات اللازمة في الشؤون السياسية والاجتماعية.

٣- يجب التذكير بالمصائب والمظالم التي يرتكبها الظالمون في كل عصر ومصر.

توجيهات الإمام الخامنئي دام ظله للمحاضرين والخطباء الحسينيين

أول شيء يجب أن تهتموا به هو رسالة الثورة في المصيبة وفي المدح وفي الأخلاقيات والوعظ.

٥

كيف يجب أن تقام مراسم العزاء؟

إنه سؤال موجَّه إلى جميع من يشعر بالمسؤولية في هذه القضية، وباعتقادي أن هذه المجالس يجب أن تتميز بثلاثة أمور:

١- تكريس محبة أهل البيت عليهم السلام ومودتهم في القلوب لأن الارتباط العاطفي ارتباط قيِّم ووثيق.

٢- اعطاء صورة واضحة عن أصل قضية عاشوراء وتبيانها للناس من الناحية الثقافية والعقائدية والنفسية والاجتماعية.

٣- تكريس المعرفة الدينية والإيمان الديني. والاعتماد على آية شريفة أو حديث شريف صحيح السند أو رواية تاريخية ذات عبرة.

٤- على أيّ منبر صعدتم وأي حديث تحدثتم، بيّنوا للناس يزيد هذا العصر وشمر هذا العصر ومستعمري هذا العصر.

٦

السياسات العامة للخطاب العاشورائي

السادة الأفاضل محاضري وخطباء المنبر الحسيني دمتم موفقين.

السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته

مع إطلالة شهر محرّم الحرام تتجدَّد الجاذبية الخاصة للإمام أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام لتأتي بالناس من كل حدب وصوب ولتمتلئ المجالس العاشورائية بشكل لا تعهده مناسبات أخرى. وهذا ما يثقل المسؤولية في الاستفادة والإفادة من هذا الموسم المبارك لا سيما من روّاد المنبر الحسيني الشريف محاضرين وخطباء، وهنا تأتي أهمية تحديد أولويات الخطاب العاشورائي بما يخدم الناس في توجيههم وتحديد تكليفهم الإلهي، لا سيّما في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة التي تشهد هجمات جائرة وشرسة تهددها بمخاطر كبيرة مقبلة مما يتطلب خطاباً تعبوياً للأمة يهيؤها لممارسة الدور المنشود منها.

٧

ونطرح هنا بعض السياسات لهذا الخطاب العاشورائي التعبوي المطلوب:

١- التأكيد على أهمية الجانب المعنوي الذي يحققه الارتباط باللَّه تعالى والتوكل عليه، وأهمية هذا الجانب في استنزال المدد والنصر الإلهي ولو قلَّ المؤمنون وكثر أعداؤهم.

٢- ربط الناس بالتكليف الإلهي على قاعدة كونه الموجِّه لموقف الفرد والأمة.

٣- توجيه الناس نحو العمل للآخرة لضمان استمرار الحياة بسعادة باقية. وإبراز دور الشهادة في تحقيق ذلك.

٤- غرس روح التضحية في أبناء الأمة لكون معركة الحق ضد الباطل لا بد لها من تضحيات، وتضحيات الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء الدليل الواضح على ذلك.

٨

٥- الإرشاد إلى دور الولاية في توجيه الأمة وترشيدها. وإن وحدة الولي والقائد هي الضمان لوحدة الأمة وعزِّها.

٦- تأكيد ضرورة وحدة المسلمين صفاً واحداً أمام أعدائهم.

٧- تحديد طواغيت العصر ويزيدييه المتمثلين اليوم في الدرجة الأولى بأمريكا وإسرائيل والتطرق إلى الممارسات الإرهابية التي يمارسها هؤلاء الطواغيت ضد مسلمي ومستضعفي العالم.

٨- بيان تكليف الأمة في نصرة المظلومين.

٩- التشديد على ضرورة الثبات في معركة الحق ضد الباطل ودورها في تحقيق النصر الإلهي.

١٠- إبراز التشابه بين ثورة الإمام الحسين عليه السلام ومعركتنا ضد الباطل، سواء على مستوى أهداف وممارسات الأعداء، أو على مستوى مشاركة الشرائح المتنوعة من المجتمع لنصرة الحق (شبان، شيوخ، نساء، أطفال، طبقات اجتماعية متفاوتة).

٩

١١ ـ الإلفات إلى ضرورة التكافل الاجتماعي في الأمة بما يؤمِّن القوة الداخلية للمجتمع في معركته ضد الباطل.

١٢- تقوية علاقة الناس بصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وتبيان مسؤوليتهم في التمهيد لظهوره المبارك، واستعدادهم الاستمرار التضحية بين يديه.

والحمد للَّه رب العالمين

١٠

الليلة الأولى

الارتباط بالحق بين القلة والكثرة

الهدف:

تعريف المستمع بإن تشخيص الحق والباطل لا يعتمد على كثرة أو قلة أتباعهما.

تصدير الموضوع:

٭﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون ﴾.(١)

محاور الموضوع:

تشخيص طريق الحق

١ ـ معرفة الحق:

٭" لا يعرف الحق بالرجال، إعرف الحق تعرف أهله"(٢)

٢ ـ التدبر في القرآن يؤكد معادلة أن العباد الصالحين قلة

٭﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ٭ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ٭ فِي

__________

١- يونس٣٥

٢- بحار الأنوار ج٤٠ ص١٢٦

١١

َجنَّاتِ النَّعِيمِ ٭ ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ ٭ وَقَلِيلٌ مِنَ الآَخِرِينَ(٣) .

٣ ـ ملاحظة أن كثرة العدد والعدة والعتاد ليس دليلاً على الأحقية بل غالباً ما يكون العكس قال تعالى:

٭﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَ يَخْرُصُون(٤) .

٭﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ(٥) .

٭ عدد جيش ابن سعد قياساً لجيش الإمام الحسين عليه السلام

التمييز بين النمو الطبيعي و النمو الورمي:

مقارنة بين أصحاب علي عليه السلام الذين تخلوا عنه في ساحات الصراع والمواجهة وأصحاب الحسين عليه السلام الذين بذلوا مهجهم دونه.

٭مثال: قادة جيش الإمام علي عليه السلام في صفين حيث تحول أكثرهم إلى قادة في جيش عمر بن سعد (الأشعث ـ عمر بن سعد ـ شبث بن ربعي..)

١٢

بعض خصائص طريق الحق:

١ ـ أنه مؤيد من الله

٭﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ(٦) .

٢ ـ أنه موعود بالغلبة والنصر

٭﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٍ﴾(٧) .

٭انتصار موسى على فرعون بعد دخوله عليه بعصاه فقط.

٭بداية الدعوة إلى الإسلام بدأت بثلاثة أشخاص فقط.

أهمية الثبات على طريق الحق:

٭عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن سلكَ الناس كلهم واديً وسلكَ عليٌ وادياً فاسلك وادي علي وخلِّ عن الناس يا عمار"(٨)

الوحشة في طريق الحق:

٭ عن أمير المؤمنين عليه السلام: " أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه"(٩) .

١٣

٭ عن الإمام السجاد عليه السلام في دعاء عرفة: " ويا أُنسي في كل وحشة ويا ثقتي في كل شديدة".

٭ ما يرفع وحشة الطريق أنه طريق الحق.

الخلاصة:

تعزيز الارتباط بالله بشكل دائم تحسباً لأي تحدٍ.

١٤

ـــــــــــــــــ

٣- الواقعة،١٠ـ ١٣

٤- الأنعام،١١٦

٥- الزخرف،٧٨

٦- الحج،٣٨

٧- الحج،٤٠

٨- بحار الأنوار ج٣٣ ص١٧

٩- مستدرك الوسائل ج١٢ ص١٩٤

١٥

الليلة الثانية

الاستجابة للحسين عليه السلام ـ لنبدأ التغيير

الهدف:

إيجاد دوافع الإصلاح النفسي وتغيير السلوكيات السيئة.

تصدير الموضوع:

" لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة في حظيرة القدس، تقربهم عينه، وينجز بهم وعده، من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى"(١) .

محاور الموضوع:

خطبة الحسين عليه السلام الأولى في مكة.

وجوب نصرة الحسين عليه السلام

في كل مجلس وزيارة نكرر القول للامام الحسين عليه السلام: " يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً" وفي زيارتنا لأصحابه نقول: " طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم وفزتم والله فوزا

١٦

اعظيما يا ليتني كنت معكم فأفوز معكم في الجنان مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا"(٢) .

كيف نكون مع الحسين عليه السلام لنفوز؟

أ- الجهاد و التواجد في ساحات الجهاد بكل أقسامه (العسكري ـ السياسي) وعدم التهرب من تحمل المسؤوليات ومن المشاركة فيما يقتضيه العمل السياسي والجهادي..

ب- الاستجابة لندائه

٭ "هل من ذابٍ يذبُ عن حرم رسول الله ؟ هل من موحدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مغيثٍ يرجو الله بإغاثتنا ؟"(٣) .

ج- تحقيق أهدافه (الإصلاح)

٭ "وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر(٤) .

الإصلاح له مصداقان:

١- عام (إصلاح المجتمع) عبر القيام بواجب الأمر

١٧

بالمعروف والنهي عن المنكر.

٭ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.

وصية الحسين عليه السلام لأخيه محمد بن الحنفية قبيل خروجه من مكة

٭ لماذا: " ألا ترون أن الحق لا يعمل به! وأن الباطل لا يتناهى عنه! ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإني لا أرى الموت إلا سعادة! والحياة مع الظالمين إلا برما!(٥) .

٢- خاص (إصلاح النفس)

أ- ترك وهجر الفساد

ب- العزم على التوبة

ج- العمل على تربية النفس وتهذيبها

د- الاستعداد للتضحيات

٣- اغتنام الفرص:

٭ الحسين عليه السلام دعانا الى مجالسه لنسمع سيرته وكلماته فهذه فرصة

٭ هل نحن جادون بقولنا " يا ليتنا كنا معكم" و" لبيك يا حسين"

٭ لقد أحسنا بمجيئنا الى مأتم الحسين عليه السلام لكن لنكمل هذا العمل ونتمه بالبدء بعملية تغيير أنفسنا

١٨

﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ(٦) .

ــــــــــــــــــــ

١- خطبة الحسين عليه السلام الأولى في مكة.

٢- إقبال الأعمال، ص٣٣٥ ـ زيارة عرفة

٣- رحلة الشهادة ص١٥٣

٤- وصية الحسين عليه السلام لأخيه محمد بن الحنفية قبيل خروجه من مكة

٥- من خطبته الأولى مع أصحابه

٦- الرعد، ١١.

١٩

الليلة الثالثة

نصرةُ الله

الهدف:

إيجاد دوافع للجهاد وإعداد النفس أخلاقياً وسلوكياً وروحياً لذلك وتمتين الارتباط بولي الأمر.

تصدير الموضوع:

" السلام عليكم يا أصفياء الله وأوداءه السلام عليكم يا أنصار دين الله وأنصار نبيه وأنصار أمير المؤمنين وأنصار فاطمة سيدة نساء العالمين السلام عليكم يا أنصار أبي محمد الحسن الولي الناصح السلام عليكم يا أنصار أبي عبد الله الحسين الشهيد المظلوم صلوات الله عليهم أجمعين"(١) .

محاور الموضوع:

هل يحتاج الله إلى نصرنا له؟

الله تعالى قوي وعزيز وغني عن نصرنا له:

٭ ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً ٭ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

فَجَعَل الحسن يُعَظِّمُ ذلك عليه ويُعَرِّفه ما في إِخْراجِ الأمْرِ منِ أهْله عليه، فقالَ له المأمون: إِنّي عاهَدْتُ اللّهَ أَنَّني إِنْ ظَفِرْتُ بالمَخْلوع(١) أَخْرَجْتُ الخلافَةَ إِلى أَفَضَلِ آل أَبي طالب، وما أَعْلَمُ أَحَداً أَفْضَلَ من هذا الرجل على وَجْهِ الأرْضَ.

فلمّا رأَى الحسنُ والفضلُ عزيمتَه على ذلك أَمسَكا عن مُعارَضَته فيه، فاَرْسَلَهما إِلى الرضاعليه‌السلام فعَرَضا ذلك عليه فامْتَنَعَ منه، فلم يَزالا به حتى أَجابَ، ورَجَعا إِلى المأمونِ فعَرَّفاه إِجابتَه فَسُرَّ بذلك وجَلَسَ للخاصّة في يوم خميسٍ، وخَرَجَ الفَضْلُ بن سهل فأَعْلَمَ الناسَ برأي المأمون في عليّ بن موسى، وأنٌه قد ولاّه عَهْدَه وسمّاه الرضا، وأَمَرَهم بلبْس الخُضْرةِ والعَوْدِ لبيعته في الخميس الآخر، على أَنْ يَأْخُذُوا رِزْقَ سَنَةٍ.

فلمّا كانَ ذلك اليوم رَكِبَ الناسُ على طبقاتهم من القُوّادِ والحُجّابِ والقُضاة وغيرهم في الخُضْرة، وجَلَسَ المأمون ووَضَعَ للرضا وسادتين عظيمتين حتى لَحِقَ بمجلسه وفَرْشِه، وأَجْلَسَ الرضاعليه‌السلام عليهما في الخُضْرة وعليه عمامةٌ وسَيْف، ثم أَمَرَ ابنَه العبّاس بنَ المأمون يُبايعُ له أَوّلَ الناس، فرَفَعَ الرضاعليه‌السلام يَدَه فتَلَقّى بها وجهَ نَفْسِهِ وبِبَطْنِها وجوههم، فقالَ له المأمون: اُبسُط يَدَك للبيعة، فقالَ الرضاعليه‌السلام : «إِنَّ رسولَ اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هكذا كان يبايعُ » فبايَعَه الناسُ ويَدُه فوقَ أَيْديهم، ووُضِعَت البدَر(٢) وقامَتِ الخطباءُ والشعراء فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ فَضْلَ الرضاعليه‌السلام ، وَما كانَ من المأمونِ في أَمره.

__________________

(١) المخلوع: هو محمد بن هارون الامين.

(٢) البِدَر: جمع بدرة، وهي عشرة آلاف درهم. «الصحاح - بدر - ٢: ٥٨٧».

٢٦١

ثم دَعا أبو عَبّاد بالعباس بن المأمون، فوَثَبَ فدَنا من أَبيه فَقبَّلَ يَدَه، وأَمَرَه بالجلوسِ، ثم نُودِيَ محمّدُ بن جعفر بن محمد وقالَ له الفَضْلُ بن سهل: قُمْ، فقامَ فمشى حتى قَرُبَ من المأمونِ فوَقَفَ ولم يُقبِّل يَدَه، فقيل له: امْضِ فخُذْ جائِزَتَك، وناداه المأمون: ارْجِعْ يا أباجعفر إِلى مَجْلِسِك، فرَجَعَ، ثم جَعَلَ أَبو عبّادٍ يَدْعُو بعَلَوِيّ وعَبّاسِيٍّ فيَقْبضان جوائزَهما حتى نَفِدَت الأموالُ، ثم قالَ المأمون للرضاعليه‌السلام : اُخطُب الناسَ وتَكَلَّمْ فيهم، فحَمدَ اللّهَ واثْنى عليه وقالَ: «إِنَّ لنا عليكم حقّاً برسولِ اللّه، ولكم علينا حقّاً به، فإِذا أَدَّيْتُمْ إِلينا ذلك وَجَبَ علينا الحقُّ لكم » ولم يُذْكَرْ عنه غير هذا في ذلك المجلس.

وأَمَرَ المأمونُ فضُرِبَتْ له الدراهم وطُبِعَ عليها اسمُ الرضاعليه‌السلام ، وزَوَّجَ إِسحاقَ بن موسى بن جعفر بنتَ عمِّه إسحاق بن جعفر ابن محمّد، وأَمَرَه فحجّ بالناس(١) ، وخُطِبَ للرضاعليه‌السلام في كلِّ بلد بولايةِ العَهْدِ(٢) .

فرَوى أَحمدُ بن محمد بن سعيد قالَ: حَدَّثَني يحيى بن الحسن العلوي قالَ: حَدَّثَني من سَمِعَ (عَبْدَ الجبار بن سعيد )(٣) يَخْطُبُ في تلك السنةِ على منبرِ رسولِ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بالمدينةِ، فقالَ في الدعاء له: وليُّ عهد المسلمينَ عليُّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن

__________________

(١) في هامش «ش»: فحج بالناس: أي صار أمير الحاج.

(٢) مقاتل الطالبيين: ٥٦٢ - ٥٦٥، الفصول المهمة: ٢٥٥، اعلام الورى: ٣٢٠، ونقله العلاّمة المجلسي في البحار ٤٩:١٤٥ / ١٣.

(٣) كذا في النسخ، وفي العيون: عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي، وفي البحار عن ألارشاد: عبد الحميد بن سعيد.

٢٦٢

أبي طالبعليهم‌السلام .

ستة اباءٍ هُم ما همُ

أَفضَلُ مَنْ يَشربُ صَوْبَ الغَمامِ(١)

وذَكَر المدائني عن رجاله قالَ: لمّا جَلَسَ الرضا عليُّ بن موسىعليه‌السلام ، في الخِلَعِ بولايةِ العَهْدِ، قامَ بين يديه الخُطباءُ والشُعراءُ وخَفَقَتِ الألوِلَةُ على رَأْسِهِ، فذُكِرَعن بَعْضِ مَنْ حَضَرَممَّن كانَ يَخْتَصُّ بالرضاعليه‌السلام ، أنّه قال: كُنْتُ بين يديه في ذلك اليوم، فنَظَرَ إِليَّ وأَنا مستبشر بما جَرى، فاَوْمَأ إِليَّ أَنْ أدْنُ منّي فدَنَوْتُ منه، فقالَ لي من حيث لا يَسْمَعُه غيري: « لا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بهذا الأمْرِولا تَسْتَبْشِرْ به، فإِنّه شيءٌ لا يَتُمُّ »(٢) .

وكانَ فيمَنْ وَرَدَ عليه من الشُعراءِ دِعْبلُ بن عليِّ الخُزاعيّ، فَلمّا دَخَلَ عليه قالَ: إِنّي قد قُلْتُ قَصيدةً وجَعَلْتُ على نفسي ألّا اُنشِدَهَا أَحَداً قبلَك، فأمَرَه بالجلوسِ حتى خفًّ مَجْلِسُه، ثم قالَ له: «هاتِها» قال: فأَنْشَدَه قصيدَتَه التي أَوَّلهُا:

مَدارسُ آياتٍ خَلَتْ مِن تِلاوة

فِي ومَنْزِلُ وَحي مُقْفَرُالعَرَصاتِ

 حتى أَتى على اخِرها(٣) ، فَلمّا فَرَغَ من إِنشاده قامَ الرضاعليه‌السلام فدَخَلَ إِلى حُجْرَتِه وبَعَثَ إِليه خادِماً بخِرْقَةِ خَزٍّ فيها ستمائةُ دينارٍ،

__________________

(١) مقاتل الطالبيين: ٥٦٥، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٤٥ / ١٤، وفيه: سبعة آباء هم، مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٦٤، الفصول المهمة: ٢٥٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٤٦، كما ان الشعر هو للنابغة الذبياني، راجع ديوانه: ١١٧، وفيه:خمسة آباء هم، وانظر خزانة الادب ١: ٢٨٨، وفيه: من يثرب صفو المدام.

(٢) الفصول المهمة: ٢٥٦، اعلام الورى: ٣٢١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٤٧.

(٣) انظر القصيدة في الديوان: ١٢٤.

٢٦٣

وقالَ لخادِمه: «قُلْ له: اسْتَعِنْ بهذه على سَفَرِك واعذِرْنا» فقال له دِعْبل: لا واللهِّ ما هذا أَرَدْتُ ولا له خَرَجْتُ، ولكن قُلْ له: أكسني ثوباً من أَثوابك، وردها عليه، فردها عليه الرضاعليه‌السلام وقالَ له: «خُذْها» وبَعَثِ إِليه بِجُبَّةٍ من ثيابه.

فخَرَجَ دِعْبِلُ حتى وَرَدَ «قُم » فلما رأَوا الجُبّةَ معه أَعْطَوه بها أَلفَ دينارٍ فأَبى عليهم وقالَ: لا واللّهِ ولا خِرْقَةَ منها بألفِ دينارِ، ثم خَرَجَ من «قُم »، فاتَّبَعوه وقَطَعوا عليه وأَخَذوا الجُبَّةَ، فرَجَعَ إِلى «قُم » وكلَمَهم فيها فقالُوا: ليس إِليها سبيلٌ، ولكن إِنْ شِئْتَ فهذه أَلفُ دينار، قالَ لهم: وخِرقَةٌ منها، فأَعْطَوْه أَلفَ دينار وخِرْقَةً من الجبَّةِ(١) .

وروى عليُّ بن إِبراهيم، عن ياسر الخادم والريّان بن الصَلْت جميعاً قالا: لمّا حَضَرَ العيد وكانَ قد عُقِدَ للرضاعليه‌السلام الأمرُ بولايةِ العهدِ، بَعَثَ اليه المأمونُ في الركوب إِلى العيدِ والصلاةِ بالناسِ والخُطبةِ بهم، فبَعَثَ إِليه الرضاعليه‌السلام : «قد عَلِمْتَ ما كانَ بيني وبينَك من الشروط في دخول الأمرِ، فاعْفني من الصلاةِ بالناسِ » فقالَ له المأمون: إِنّما أريدُ بذلك أَنْ تَطْمَئنَّ قُلوبُ الناس ويَعْرِفُوا فَضْلَكَ، ولم تَزَل الرُسلُ تَرَدّدَ بينهما في ذلك، فلمّا أَلحَّ عليه المَأمونُ أَرْسَلَ إِليه: «إِنْ أعْفَيْتَني فهوأحَبُّ إِليّ، وإنْ لم تُعْفِني خَرَجْتُ كما خَرَجَ رسولُ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وأَميرُ المؤمنين عليُّ بن أَبي طالبعليه‌السلام » فقالَ له المأمونُ: أُخرُجْ كيف شِئْتَ. وأَمَرَ القُوّادَ والناسَ أَن يُبَكِّرُوا إِلى بابِ الرضاعليه‌السلام .

قالَ: فقَعَدَ الناسُ لأبي الحسنعليه‌السلام في الطُرُقاتِ والسُطوحِ،

__________________

(١) رجال الكشي: ٥٠٤ / ٩٧٠، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٢٦٣ - ٢٦٥.

٢٦٤

واجْتَمَعَ النساءُ والصبيانُ يَنْتَظِرونَ خُروجَه، وصارَ جميعُ القوّادِ والجُنْدِ إِلى بابه، فوَقَفُوا على دَوابِّهِمْ حتى طَلَعَتِ الشمسُ.

فاغْتَسَلَ أَبو الحسنعليه‌السلام ولَبسَ ثِيابَه وتَعَمَّمَ بعَمامةٍ بيضاءٍ من قُطْنٍ، أَلقى طَرَفاً منها على صَدْرِه وطَرَفاً بين كَتِفَيهِ، ومَسٌَ شَيْئاً من الطيبِ، وأَخَذَ بيدِه عُكّازةً، وقال لمواليه: «إِفْعَلوا مثْلَ ما فَعَلْتُ » فَخَرجُوا بين يديه وهو حافٍ قد شَمَّر سَراويلَه إِلى نصفِ الساقِ وعليه ثيابٌ مشمّرة، فمشى قليلاً ورَفَعَ رَأْسَهُ الى السماءِ وكَبّرَ وكَبَّرَمواليه معه، ثم مَشى حتى وقَفَ على البابِ، فلمّا رآه القُوّاد والجُنْدُ على تلك الحال(١) سَقَطُوا كُلُّهم عن الدوابّ إِلى الأرضِ وكانَ أَحْسَنَهم حالاً من كان معه سِكّينٌ قَطَعَ بها شرّابةَ جاَجيلتهِ ونَزَعَها وتَحَفّى.

وكَبَّرَ الرضاعليه‌السلام على الباب وكَبَّرَ الناسُ معه، فخُيِّل إِلينا أَنّ السماءَ والحيطانَ تُجاوِبُهُ، وتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بالبكاء والضجيج لمّا رَأوْا أَبا الحسنعليه‌السلام وسَمِعوا تَكْبيرهُ.

وبَلَغَ المأمونَ ذلك فقالَ له الفضلُ بن سهل ذو الرئاستين: يا أَميرَ المؤمنينَ، إِنْ بَلَغَ الرضا المُصلّى على هذا السبيل افْتَتَنَ به الناسُ وخِفْنا كلُّنا على دمائِنا، فأَنفذ إِليه أَنْ يَرْجِعَ، فبَعَثَ إِليه المامونُ: قد كَلَفْناك شَطَطاً وأتعَبْناك، ولَسْنا نحِبُّ أَن تَلْحَقَك مَشقَّةٌ فَارْجِعْ وَليصَلِّ بالناس مَنْ كان يُصلّي بهم على رَسْمِه. فدَعا أَبو الحسنعليه‌السلام بخُفَه فَلبسَه ورَكِبَ ورَجَعَ، واخْتَلَفَ أَمْرُ الناس في ذلك اليومِ، ولَمْ يَنْتَظِمَْ في

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»: الصورة.

٢٦٥

صلاتهِم(١) .

أخْبرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ ابن إبراهيم، عن ياسر قالَ: لمّا عَزَمَ المأمونُ على الخروجِ مِنْ خراسان إِلى بغداد، خَرَجَ وخَرَجَ معه الفَضْلُ بن سَهْل ذو الرئاستين، وخَرَجْنا مع أَبي الحسن الرضاعليه‌السلام فوَرَدَ على الفَضْلِ بن سَهْل كتابٌ من أَخيه الحسنِ بن سهل ونحنُ في بعض المنازلِ: إنّي نَظَرْت في تحويلِ السنةِ فوَجَدْتُ فيه أَنَّك تَذوقُ في شهرِ كذا وكذا يومَ الأربعاء حَرَّ الحديدِ وحر النارِ، وأَرى أَنْ تَدْخُلَ أَنت وأَمير المؤمنين والرضا الحمّامَ في هذا اليومِ وتَحْتَجِمَ فيه وتصُبَّ على بدنك الدمَ ليزولَ عنك نَحْسُه.

فكَتَبَ ذو الرئاستين إِلى المأمونِ بذلك، فسَألَه أَنْ يَسْأَلَ أَبا الحسنعليه‌السلام ذلك، فكَتَبَ المأْمونُ إِلى أَبي الحسنعليه‌السلام يَسْأَلُه فيه، فأَجابَه أَبو الحسن: «لَسْتُ بداخلِ الحمّام غداً» فأَعادَ عليه الرُقْعَةَ مرّتين فكَتَبَ إِليه أَبو الحسنعليه‌السلام : «لَسْتُ داخلاً الحمّامَ غداً، فإِنّي رَأَيْتُ رسولَ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الليلةِ فقالَ لي: يا عليّ، لا تَدْخلِ الحمّامَ غَداً، فلا أرى لَكَ - يا أميرَ المؤمنين - ولا للفضلِ أَنْ تَدْخلا الحمامَ غدا» فكَتَبَ إليه المأمونُ: صَدَقْتَ - يا أَبا الحسن - وصَدَقَ رَسولُ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لَسْتُ بداخلِ الحمّام غداً، والفضلُ أَعْلَمُ.

__________________

(١) الكافي ١: ٤٠٨ / ٧، وباختلاف يسير في عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٥٠، والفصول المهمة: ٢٦١، وذكره مختصراً ابن شهرآشوب في المناقب ٤: ٣٧١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٣٦.

٢٦٦

قالَ: فقالَ ياسرُ: فلمّا أَمْسَيْنا وغابَتِ الشمسُ، قالَ لنا الرضاعليه‌السلام : «قوُلوا: نَعوُذ باللهِّ مِنْ شَرِّ مايَنْزِلُ في هذه الليلةِ» فلَم نَزَلْ نَقُولُ ذلك، فلمّا صلّى الرضا الصُبحَ قالَ لي: «اِصْعَد السطحَ، استَمِعْ هل تَجِدُ شَيْئاً؟» فلما صعِدْتُ سَمعتُ الضّجّةَ وكَثُرَت وزادَتْ فلم نَشْعُرْ بشيءٍ فإِذا نحنُ بالمأمونِ قد دَخَلَ من الباب الذي كانَ مِنْ دارهِ إِلى دارِ أَبي الحسنعليه‌السلام وهو يَقُولُ: يا سيدي، يا أًبا الحسن، آجَرَك اللّه في الفَضْل، فإِنَّه دَخَلَ الحمّامَ ودَخَلَ عليه قومٌ بالسُّيوفِ فقَتَلُوه، وأُخِذَ ممَّن دَخَلَ عليه ثلاثةُ نفرٍ، أَحَدُهم ابن خاله الفَضْلُ بن ذي القلمين.

قالَ: واجْتَمَعَ الجُنْدُ والقُوّادُ ومَنْ كانَ مِن رجالِ الفَضْل على باب المأمون فقالُوا: هو اغْتالَه، وشَغَبوا(١) عليه وطَلِبوا بدَمِهِ، وجاؤوا بالنيرانِ ليحْرِقوا البابَ، فقالَ المأمونُ لأبي الحسنعليه‌السلام : يا سيدي، نَرى أَنْ تَخْرُجَ إِليهم وتُرفق بهم حتى يتفرقوا، قالَ: «نعم » ورَكِبَ أَبو الحسنعليه‌السلام وقالَ لي: «يا ياسرُ اركَبْ » فرَكِبْتُ فلمّا خَرَجْنا من باب الدارِ نَظَرَ إِلى الناسِ وقد ازْدَحَموا عليه، فقالَ لهم بيده: «تَفَرَّقوا» قالَ ياَسرُ: فأَقْبَلَ الناسُ واللهِّ يَقَعُ بَعْضمهُمْ على بعضٍ، وما أَشارَ إِلى أحَدٍ إِلا رَكَضَ ومَضى لوجهِه(٢) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُبن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن معلّى ابن محمد، عن مسافر قالَ: لمّا أَراد هارونُ بن المسيّب أَنْ يواقعَ محمّدَ بنَ

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»: وشَنّعُوا.

(٢) الكافي ١: ٤٠٩ / ٨، وباختلاف يسير في عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٥٩ / ضمن حديث ٢٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ١٧٠ / ٦.

٢٦٧

جعفر قالَ لي أَبو الحسن الرضاعليه‌السلام : «اِذْهَبْ إِليه وقُلْ له: لا تَخْرُجْ غَداً، فإنك إِنْ خَرَجْتَ غداً هُزمْتَ وقُتِلَ أَصحابُك، فإِن قالَ لك: مِنْ أَينَ عَلِمتَ هذا؟ فقُلْ: رأَيْتُ في النومِ » قالَ: فاَتَيْتُهُ فقُلْتُ له:جُعِلْتُ فداك، لا تَخْرُجْ غداً، فإِنَك إِنْ خَرَجْتَ هُزِمْتَ وقتِلَ أَصحابُك، فقالَ لي: من أَيْنَ عَلِمْتَ؟ قُلْتُ في النوم، فقالَ: نامَ العبدُ ولم يَغْسِل اسْتَه، ثم خَرَجَ فانْهَزَم وقُتِلَ أَصحابُه(١) .

* * *

__________________

(١) الكافي ١: ٤١٠ / ٩، مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٣٩، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٥٧ / ٧١.

٢٦٨

باب ذِكْرِ وفاةِ الرضا عليِّ بن موسى عليه السلامُ

وسببها، وطَرَفٍ من الأخبارِ في ذلك

وكانَ الرضا عليُّ بن موسىعليهما‌السلام يَكْثُرُ وَعْظَ المأمونِ إِذا خَلا به ويُخَوِّفُه باللهِ ويقَبِّحُ له ما يَرْتَكِبه من خِلافِه، فكانَ المأموُنُ يظهرُ قَبولَ ذلك منه ويبطِنُ كراهَتَه واستثقالَه.

ودَخَل الرضاعليه‌السلام يوماً عليه فرآه يَتَوَضَّأُ للصلاةِ والغلامُ يَصُبُّ على يدِه الماءَ، فقالَ: «لا تُشْرِكْ - يا أميرَ المؤمنينَ - بعبادةِ ربِّك أحداً» فصَرَفَ المأمونُ الغلامَ وتَوَلّى تمامَ وُضوئه بنفسِهِ وزادَ ذلك في غَيْظِهِ ووَجْدِه.

وكانَعليه‌السلام يُزْري(١) على الحسنِ والفضلِ - ابنَي سهلٍ - عند المأمونِ إذا ذَكَرَهما ويَصِفُ له مَساوِئهما ويَنْهاه عن الإصغاءِ إِلى قولهما، وعَرَفا ذلك منه فجَعَلا يَحْطِبانِ(٢) عليه عند المأمونِ ويَذْكُرانِ له عنه ما يُبْعِده منه ويخَوِّفانِه من حَمْلِ الناسِ عليه، فلم يَزالا كذلك حتى قَلَبا رَأيَه، وعَمِلَ على قَتْلِهِعليه‌السلام ، فاتَّفَقَ أَنّه أَكَلَ هو والمأمونُ يوماً طعاماً، فاعْتَلَّ منه الرضاعليه‌السلام (٣) وأَظْهَرَ المأمونُ تمارضاً.

__________________

(١) الازراء: التهاون بالشيء. « الصحاح - زرى - ٦: ٢٣٦٨».

(٢) في هامش «ش»: حطب فلان واحتطب: جذب عليه شراً.

(٣) في مقاتل الطالبيين: ٥٦٦ بعده: ولم يزل الرضا عليلاً حتى مات.

٢٦٩

فَذَكَرَ محمدُ بن علي بن حمزة، عن منصور بن بشير، عن أخيه عبدالله بن بشير قالَ: أَمَرَني المأمونُ أَنْ أُطوِّلَ أَظْفاري عن العادةِ ولا أُظْهرُ لأحدٍ ذلك ففَعَلْتُ، ثم اسْتَدْعاني فأَخْرَجَ إِليَّ شيئأ شبْهَ التمرِ الهِنْدي وقالَ لي: اعْجِن هذا بيدَيْك جميعاً ففَعَلْت، ثم قامَ وتَرَكَني فدَخَلَ على الرضاعليه‌السلام فقالَ له: ما خَبَرك؟ قالَ: «أَرْجُوأَنْ أَكونَ صالحاً» قالَ له: أَنا اليومَ بحمدِ اللهِ أيضاً صالحٌ، فهل جاءك أحدٌ من المترَفّقِين في هذا اليوم؟ قالَ: «لا» فغَضِبَ المامونُ وصاحَ على غِلْمانِه، ثم قالَ: خُذْ ماءَ الرمانِ الساعةَ، فإِنَّه مما لا يُسْتَغْنى عنه، ثم دَعاني فقالَ: ائْتِنا برُمّانٍ، فأَتَيْتُه به، فقالَ لي: اِعْصرْه بيديك، ففَعَلْتُ وسَقاهُ المأمونُ الرضاعليه‌السلام بيده، فكان ذلك سبَب وفاتِه، فَلم يلبثْ إِلّا يومين حتى ماتَعليه‌السلام .

وذُكِرَ عن أَبي الصلْت الهروي أَنه قالَ: دَخَلْت على الرضاعليه‌السلام وقد خَرَجَ المأمونُ من عنده، فقالَ لي: «يا أَبَا الصلت قد فَعَلُوها» وجَعَلَ يُوَحِّدُ اللّهَ ويمُجّدُه(١) .

ورُوي عن محمد بن الجهم أَنّه قالَ: كانَ الرضاعليه‌السلام يُعْجِبُه العنبُ، فأُخِذَ له منه شيءٌ فجُعِلَ في موضعِ أقْماعِه(٢) الإبرُ أَيّاماً ثم نُزِعَتْ منه، وجِيء به إليه فأَكَلَ منه وهو في عِلَّتهِ التي ذكرناها فقَتَلَه، وذُكِرَ

__________________

(١) مقاتل الطالبيين: ٥٦٦، اعلام الورى: ٣٢٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩: ٣٠٨ / ١٨، وذيل الحديث في مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٧٤.

(٢) في هامش «ش»: اقماع: جمع قمع وقِمَع، وهوموصل حبة العنب بالعنقود.

٢٧٠

أَنَّ ذلك من لطيف السمومِ(١) .

ولَمّا تُوفِّي الرضاعليه‌السلام كَتَمَ المأمونُ مَوْتَه يوماً وليلة، ثم أَنْفَذَ إِلى محمّد بن جعفر الصادق وجماعة من آل أَبي طالب الّذين كانوا عنده، فلمّا حَضَروه نَعاهُ إليهم وبكى وأَظْهَرَ حُزْناً شديداً وتَوَجُّعاً، وأَراهم إيّاه صحيحَ الجسدِ، وقالَ: يَعز عَلَيَّ يا أَخي أَنْ أراك في هذه الحال، قد كُنْتُ آمُلُ أَنْ أُقَدَّمَ قَبْلك، فأَبَى اللهُ إلّا ما أَرادَ، ثمّ أَمَرَ بغسْلِه وتكْفينه وتَحْنيطه وخَرَجَ مع جنازته يَحْمِلُها حتى انتهى إلى الموضعِ الذي هو مدفونٌ فيه الآن فدَفَنَه. والموضعُ دارُ حُمَيْد بن قَحْطَبة(٢) في قرية يُقالُ لها: «سناباد» على دعوة(٣) من «نوقان »(٤) بأَرضِ طوسٍ، وفيها قبرُ هارونِ الرشيد(٥) ، وقَبْرُ أَبي الحسنعليه‌السلام بين يديه في قِبْلَتِهِ.

ومَضَى الرضا عليُّ بن موسىعليه‌السلام ولم يَتْرُكْ ولَداً نَعْلَمُه إلا ابنَه الإمامَ بَعْدَه أَبا جعفر محمد بن عليّعليهما‌السلام وكانت سنُّه يومَ وفاة أَبيه سبعَ سنين وأَشهراً.

__________________

(١) مقاتل الطالبيين: ٥٦٧، اعلام الورى: ٣٢٥، مناقب آل ابي طالب ٤: ٣٧٤، ونقله العلّامة المجلسي في البحار ٤٩: ٣٠٨.

(٢) في هامش «ش»: كان قحطبة قد وجهه الخليفة الى بعض الأمور فانجح فقال له: انت قحطبة. فقال: يا أميرالمؤمنين وما معنى ذلك؟ فقال: اردت هبط حق فقلبتُ لئلا يوقف عليه.

(٣) على دعوة: يعني مسافة بلوغ الصوت.

(٤) نوقان: احدى قصبتي طوس، والاخرى طابران «معجم البلدان ٥: ٣١١».

(٥) انظر: مقاتل الطالبيين: ٥٦٧.

٢٧١

٢٧٢

باب ذِكْرِ الإمام بعد أبي الحسن عليِّ بن موسى عليهما السلامُ،

وتاريخ مولدهِ، ودلائلِ إِمامتهِ

وطَرَفٍ من أخباره، ومدّةِ إِمامتِه، ومبلغِ سنه، وذكرِ وفاتِه

وسببها، وموضعِ قَبْرِه، وعددِ أولادِه، ومختصر من أخبارهم

وكان الإمامُ بعد الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ابنَه محمَّدَ بن عليّ المرتضى بالنصِّ عليه والإِشارةِ من أبيه إليه، وتكاملِ الفَضْلِ فيه، وكانَ مولدهعليه‌السلام في شهر رمضان سنةَ خمسٍ وتسعين ومائة، وقُبِضَ ببغداد في ذي القعدة سنةَ عشرين ومائتين وله يومئذٍ خمس وعشرون سنة، وكانت مُدَةُ خلافته لأبيه وِإمامتِه من بعده سبعَ عشرة سنة، وأُمّهُ أُمُّ ولد يُقالُ لها: سَبِيكة، وكانت نوبيةً(١) .

__________________

(١) في هامش «ش»: النوبة: جنس من السمر.

النوب والنوبة، والواحد نوبي: بلاد واسعة للسودان، وأيضاً جبل من السودان: «لسان العرب - نوب - ١: ٧٧٦».

٢٧٣

باب ذكرِ طَرَفٍ من النصّ على أبي جعفر محمد بن عليّ عليهما السلامُ

بالإمامةِ، والإشارةِ بها إليه من أبيه عليهما السلامُ

فممَّن رَوَى النصَّ عن أَبي الحسن الرضا على ابنهِ أَبي جعفرعليهما‌السلام بالإمامةِ: عليُّ بن جعفر بن محمّد الصادق، وصَفوانُ بن يحيى، ومَعمَرُ بن خَلاَد، و ( الحسينُ بن يسار(١) ، وابنُ أَبي نَصْر البَزَنطيّ، ( وابنُ

__________________

(١) كذا في «ش» و «م» وكان اصلهما: بشاراً فصحح بيسار، وفي «ح »: بشار، وهذا الاختلاف يوجد عند ذكر روايته أيضاً، ونسخ الكافي مختلفة هناك أيضاً، وفي رجال الكشي: الحسين بن بشار.

وفي المصادر اختلاف في اسم هذا الرجل، فقد أورده البرقي في اصحاب الامام الجوادعليه‌السلام : ٥٦ بعنوان الحسن بن بشار، لكن في نسخة: بسر أويسار، ويمكن ان يكون الحسن خطأ مطبعياً، اذ أورده في فهرست الكتاب: الحسين بن بشار، وأورده في باب اصحاب الامام الكاظمعليه‌السلام بعنوان: الحسين بن يسار.

وأورده الشيخ في اصحاب الكاظمعليه‌السلام بعنوان الحسين بن بشار، وفي اصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام : الحسين بن يسار على ما في كثيرمن النسخ، كنسخة ابن سراهنك المؤرخة سنة ٥٣٣ وفي بعضها في كلا البابين: بشار، وعبارة الشيخ في أصحاب الرضاعليه‌السلام بعد عنوانه: مدائني، مولى زياد ثقة صحيح، روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وأورده الشيخ في باب اصحاب الجوادعليه‌السلام أيضاً: الحسن بن يسار، فظاهره تغاير الحسين بن يسار مع الحسن بن يسار.

وقد ترجم العلامة الحلي للحسين بن بشار المدائني، وضبط بشار: بالباء المنقطة تحتها والشين المعجمة المشددة. (الخلاصة ٤٩ / ٦ )، وأورده ابن داود بعنوان: الحسن بن بشار - بالباء المفردة والشين المعجمة - (رجال ابن داود ٧٢ / ٤٠٠ ).

والروايات الواردة عن هذا الرجل مختلفة أيضاً، فقد ذكر في اكثرها: الحسين بن بشار، وقد

٢٧٤

قياما الواسطِيّ )(١) ، والحسنُ بن الجَهْم، وأَبو يحيى الصنعانيّ، والخَيْرانيّ(٢) ، ويحيى بن حبيب الزَيّات، في جماعةٍ كثيرة يَطُولُ بذِكْرِهم الكتابُ.

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ ابن إِبراهيم بن هاشم، عن أَبيه و(٣) علي بن محمد القاساني جميعاً عن زكريا ابن يحيى بن النعمان قالَ: سَمِعْتُ علي بن جعفر بن محمد يُحدِّثُ الحسنَ ابن الحسين بن عليّ بن الحسين فقالَ في حديثه: لقد نَصَرَ اللهُ أَبا الحسن الرضاعليه‌السلام لمّا بَغى عليه إِخوتُه وعُمومتُه، وذَكَرَحديثاً طويلاً حتّى انْتَهى إِلى قوله: فقُمتُ وقَبَضْتُ على يَدِ أَبي جعفرمحمد بن عليِّ الرضاعليه‌السلام وقلْتُ له: أَشْهَدُ أَنَّك إِمامٌ(٤) عند اللّهِ، فبَكَى الرضاعليه‌السلام ثم قال: «يا عمّ، أَلم تَسْمَعْ أَبي وهو يَقوُل: قالَ رَسولُ اللّه صلّى اللّهُ عليهِ

__________________

بدّل الحسين في بعضها أو في بعض نسخها بالحسن، وكذلك بدّل بشار بيسار، وقد وصفه في بعض الروايات بالواسطي، وفي رواية بالمدائني، انظر: معجم رجال الحديث ٤: ٢٩٠، ٥: ١١٦ و ٢٠٢ و ٢٠٤، ٦: ١١٥، والكشي رقم ٧٤٧ و ٧٦٦ و ٧٨٦ و ٩٤٢، بصائر الدرجات: ٧١ و ١٩٣ و ٤٤٧، والرجعة: ٢٠٩، واكمال الدين: ١٣٦، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ١١٨ و ٢: ٢٠٩، والتوحيد: ١٣٦.

والظاهر كون الصواب: الحسين بن بشّار، لكن الجزم به اعتماداً على ضبط العلامة الحلي وتأثره بضبط ابن داود مشكل، لاحتمال اعتمادهما في الضبط على بعض النسخ المصححة بنظرهما.

(١) اثبتناه من هامش «ش» و «م»، وفي هامش «ش» عليه علامة النسخة، ولم يذكروه في متن النسخ، ولعل وجه عدم الاتيان به في بعض النسخ - مع ذكر روايته في ما بعد - كونه واقفياً، والمعهود في الكتاب الاستدلال بروايات الثقات من اصحاب الامام السابق. فتأمل.

(٢) يروي الخيراني النصّ عن أبيه - كما ياتي - وليس هو الراوي بالمباشرة، ولا يعلم توصيف والده بالخيراني في كتب الرجال أيضاً. ويأتي في ص ٢٩٨، ٢٩٩.

(٣) كذا في «م» و «ح»، وفي «ش» وهامش «م»: عن، وهو تصحيف كما يظهر من سائر الاسناد، ومن كلمة (جميعاً) في نفس السند.

(٤) في هامش «ش» و «م»: امامي.

٢٧٥

وآلهِ: بأَبي ابنُ خِيرَةِ الإماء النُوبيّة الطيِّبة، يكُونُ من ولده الطريدُ الشريدُ، المَوْتورُ بأَبيه وجدِّه، صاحبُ الغيبة، فيُقالُ: ماتَ أَو هَلَكَ أيَّ وادٍ سَلَكَ؟» فقلْتُ: صَدَقْتَ جعِلْتُ فداك(١) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد ابن يحيى، عن أَحمدَ بن محمد، عن صفوان بن يحيى قالَ: قُلْت للرضاعليه‌السلام : قد كُنّا نَسْأَلُكَ قَبْلَ أَنَ يَهَبَ اللّهُ لك أَبا جعفرٍ فكُنْتَ تَقولُ: «يَهَبُ اللهُّ لي غُلاماً» فقد وَهَبهَ اللهُ لك وقَرَّ عُيوُننا به، فلا أَرانا اللهُّ يومَك، فإِن كانَ كونٌ فإلى مَنْ؟ فأَشارَ بيده إِلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه، فقُلْتُ له: جُعِلْتُ فداك، وهذا ابنُ ثلاث سنين، قالَ: «وما يَضُرُّ من ذلك! قد قامَ عيسى بالحجةِ وهو ابنُ أَقل من ثلاث سنين »(٢) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أَحمدَ بن محمد بن عيسى، عن معمربن خلاد قالَ: سَمِعْتُ الرضاعليه‌السلام وذَكَرَ شَيئاً(٣) فقالَ: «ما حاجتكم إِلى ذلك، هذا أَبوجعفر قد أجْلَسْتهُ مجلسي وصَيَّرْتُه مكاني » وقالَ: «إنّا أَهْلُ بَيْتٍ يَتَوارَثُ أَصاغِرُنا عن أَكابِرِنا القُذَّةُ بالقُذَة(٤) »(٥) .

__________________

(١) الكافي ١: ٢٥٩ / ١٤، اعلام الورى: ٣٣٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢١ / ٧.

(٢) الكافي ١: ٢٥٨ / ١٠، اثبات الوصية:١٨٥، الفصول المهمة:٢٦٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢١ / ٨، وذكر نحوه الخزاز في كفاية الأثر: ٢٧٩.

(٣) قال العلامة المجلسي (ره) في البحار ٥٠: ٢٢: وذكر شيئاً أي من علامات الامام وأشباهه وربما يقرأ على المجهول من باب التفعيل.

(٤) يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. «النهاية - قذذ - ٤: ٢٨ ».

(٥) الكافي ١: ٢٥٦ / ٢، الفصول المهمة:٢٦٥، اعلام الورى: ٣٣١، ونقله العلامة المجلسي

٢٧٦

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن أحمدَ بن محمد، عن جعفربن يحيى، عن مالك ابن أشيم، عن الحسين بن يسار(١) قالَ: كَتَبَ ابنُ قياما(٢) إِلى أَبي الحسن الرضاعليه‌السلام كتاباً يقولُ فيه: كيف تَكُونُ إِماماً وليس لك ولدٌ؟ فأجابَه أَبو الحسنعليه‌السلام : «وما عِلْمُك أَنَّه لا يكونُ لي ولدٌ؟! واللّهِ لا تَمضي الأيّامُ والليالي حتّى يَرْزُقَني اللهُ ذَكَراً يُفرِّقُ بين الحقِّ والباطلِ»(٣) .

حَدٌثَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن بعض أَصحابه، عن محمد بن عليّ، عن معاوية بن حكيمِ، عن ابن أبي نصر البزنطي قالَ: قالَ لي ابنُ النجاشي: مَنِ الإمامُ بعدَ صاحبِك؟ فاُحِبُّ أَنْ تَسْأَله حتى أَعلَمَ. فدَخَلْت على الرضاعليه‌السلام فاَخْبَرْته، قال:فقالَ لي: « الإمام: اِبْني » وليس له ولدٌ، ثم قالَ: هل يَجْتَرِئُ أَحَدٌ أَن يَقُولَ: اِبْني، وليسَ له ولد؟! ولم يَكُنْ وُلِدَ أَبوجعفرعليه‌السلام ، فلم تَمْضِ الأيامُ حتّى وُلِدَ صلّى اللّهُ عليهِ(٤) .

أخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن ( أحمدَ بن محمد )(٥) ، عن محمد بن عليّ، عن ابن قياما الواسطي - وكانَ

__________________

في البحار ٥٠: ٢١ / ٩، وذكر الكليني قطعة منه بطريق آخرعن معمربن خلاد ١: ٢٥٧ / ٦.

(١)كذا في «ش» و «م»، وفي «ح»: بشّار، وقد تقدم الكلام عنه آنفاً.

(٢) في هامش «ش»: ابن قياما الواسطي.

(٣) الكافي ١: ٢٥٧ / ٤، رجال الكشي: ٥٥٣ / ١٠٤٤، اعلام الورى: ٣٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٢ / ١٠، وذكر نحوه الطبري في دلائل الامامة: ١٨٩، والمسعوديَ في اثبات الوصية: ١٨٣.

(٤) الكافي ١: ٢٥٧ / ٥، اعلام الورىَ: ٣٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٢ / ١١.

(٥) كذا في «م» و «ح » ومثله في السندين الآتيين، وهو الموجود في هامش «ش» في الموارد الثلاثة

٢٧٧

واقِفاً - قالَ: دَخَلْتُ على عليّ بن موسى، فقُلْتُ له: أَيكونُ إِمامان؟ قالَ: «لا، إلا أَنْ يكونَ أحَدُهما صامتاً» فقُلْتُ له: هو ذا أَنت، ليس لك صامتٌ؟ فقالَ لي: «واللهِ ليَجْعَلَنَّ اللهُ منّي ما يُثْبِتُ به الحق وأهْلَه، ويَمْحَقُ(١) به الباطل وأَهْلَه » ولم يَكنْ في الوقت له وَلَدٌ، فولدَ له أَبو جعفرعليه‌السلام بعدَ سنة(٢) .

أخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن أحمدَ بن محمد(٣) ، عن محمد بن عليّ، عن الحسن بن الجهم قالَ: كُنْتُ مع أَبي الحسنعليه‌السلام جالساً فدعا بابنه وهو صغير فاجْلَسَه في حِجْري وقالَ لي: «جَرِّدْه، اِنْزَع قَميصَه » فنَزَعْتُه فقالَ لي: «اُنْظرْ بين كَتِفَيْه »: فنَظَرْتُ، فإِذا في إِحدى كَتِفَيه شبهُ الخاتَم داخلَ اللحم، ثم قالَ لي: «أَترى هذا؟ مثلُه في هذا الموضعِ كانَ من أَبيعليه‌السلام »(٤) .

__________________

وقد جعل في جنبه هنا علامة النسخة، وفي السندين الأتيين علامة التصحيح، وفي متن «ش»: أحمد بن هارون، وهو أصل نَسخ «م» ثم غيّر وصحّح بأحمد بن محمد.

وهذه الروايات وردت في الكافي ١: ٢٥٧ / ٧ و ٨ و ٩ وسند حديث ٦ هكذا: أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن معمر بن خلّاد وسند حديث ٧: أحمد عن محمد بن علي وسند حديث ٨: أحمد عن محمد بن علي وسند حديث ٩: عنه عن محمد بن علي وفي بعض النسخ المعتبرة ( عنه ) في السندين ٧ و ٨ أيضاً.

ولعل الموجود في نسخة الكافي التي عند المصنف ( قده ) في سند الحديث ٦: أحمد بن محمد بدل أحمد بن مهران، فاخذ المفيد سائر الروايات منها، وأرجع الضميرإلى مرجعه أو أضاف ( ابن محمد ) بعد أحمد توضيحاً.

(١) في «ش»:يمحو.

(٢) الكافي ١: ٢٥٧ / ٧ و ٢٨٨ / ١١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٢ / ١٢.

(٣) مرّ آنفاً ما يتعلق به.

(٤) الكافي ١: ٢٥٧ / ٨، اعلام الورى: ٣٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠:

٢٧٨

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن أحمدَ بن محمد(١) ، عن محمد بن عليّ، عن أبي يحيى الصنعاني قالَ: كُنْتُ عند أبي الحسنعليه‌السلام فجيءَ بابنه أَبي جعفرٍعليه‌السلام وهو صغيرٌ، فقالَ: «هذا المولود الذي لم يُولَدْ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ على شيعتنا بركةً منه »(٢) .

أخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن ( الحسين بن محمد )(٣) ، عن الخيراني، عن أَبيه قالَ: كنت واقفاً بين يدَيْ أَبي الحسن الرضاعليه‌السلام بخُراسان، فقآلَ قائلٌ: يا سيّدي إِنْ كانَ كَوْنٌ فإِلى مَنْ؟ قالَ: «إِلى أَبي جعفر ابني » فكأَن القائَل استصْغَرَ سنَّ أَبي جعفرعليه‌السلام فقالَ أَبو الحسنعليه‌السلام : « إِنَّ اللّهَ سبحانَه بَعَثَ عيسى بَن مريم رسولاً نبيّاً صاحبَ شريعةٍ مُبْتَدَأةٍ في أصْغَرَمن السنِّ الذي فيه أَبوجعفرعليه‌السلام »(٤) .

أخْبَرَني (أَبو القاسم )(٥) ، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد،

__________________

٢٣ / ١٣.

(١) مرّ آنفاً ما يتعلق به.

(٢) الكافي ١: ٢٥٨ / ٩، اعلام الورى: ٣٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٣ / ١٤، وذكر المسعودي في اثبات الوصية: ١٨٤، نحوه.

(٣) كذا حكاه في البحار عن الارشاد، وهو الصواب الموافق للكافي وسائر الاسناد. وفي النسخ: الحسن بن محمد.

(٤) الكافي ١: ٢٥٨ / ١٣، اعلام الورى: ٣٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٣ / ١٥، وذكره باختلاف الطبري في دلائل الامامة: ٢٠٤، والمسعودي في اثبات الوصية: ١٨٦.

(٥) في «ش» و «م» و «ح »: جعفر بن محمد، لكن جعل عليه في «ش» علامة الزيادة، وضرب عليه خطأ في «م».

٢٧٩

عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يحيى بن حبيب الزيات قالَ: أَخْبَرَني مَنْ كانَ عند أَبي الحسنعليه‌السلام جالساً، فلمّا نَهَضَ القَومُ قالَ لهم أَبو الحسن الرضاعليه‌السلام : «القَوْا أَبا جعفر فسَلِّمُوا عليه وأَجِدُّوا به عَهْداً« فلمّا نَهَضَ القوم الْتَفَتَ إِليَّ فقالَ: «يَرْحَمُ اللّهُ المُفَضَّلَ، إِنّه كانَ لَيَقْنَعُ بدون هذا»(١) .

* * *

__________________

(١) الكافي ١: ٢٥٦ / ١، اعلام الورى: ٣٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٤ / ١٦، ورواه الكشي في رجاله ٢: ٦٢٠ / ٥٩٣، بسند آخر، عن محمد بن حبيب، باختلاف يسير.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563