الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد13%

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 563

الجزء ١ المقدمة الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 563 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182110 / تحميل: 9887
الحجم الحجم الحجم
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

(باب )

(كراهية الارتماس في الماء للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ولا يرتمس رأسه.

في قضاء الصوم فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي(١) .

وقال الصدوق : بعد نقل هذه الرواية وفي خبر آخر إن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك.

وقال ابن إدريس : لا يجب قضاء الصوم لأنه ليس من شرطه الطهارة في الرجال إلا إذا تركها الإنسان معتمدا من غير اضطرار وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرائع والنافع.

باب كراهية الارتماس في الماء للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يستنقع » الاستنقاع كما يظهر من كتب اللغة النزول في الماء واللبس فيه وعبر عنه أكثر الأصحاب : بالجلوس فيه ، وهو أخص من المعنى اللغوي وعلى التقديرين هو مكروه للمرأة دون الرجال كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « ولا يرتمس » لعله كان الأولى يرمس كما في غيره من الكتب لأن الارتماس لازم وهو الاغتماس والاختفاء تحت الماء وقوله « رأسه » إما مرفوع بالفاعلية أو منصوب بنزع الخافض ويمكن أن يكون استعمل متعديا ولم ينقل.

ثم اعلم : أن الخبر ظاهرا يدل على عدم جواز الارتماس للصائم واختلف الأصحاب في حكمه فذهب الأكثر إلى أن الارتماس مفسد للصوم وبه قال المرتضى وادعى

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ٤٣ ح ١.

٢٨١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال لا يرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في الماء.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ويصب على رأسه ويتبرد بالثوب وينضح بالمروحة وينضح البورياء تحته ولا يغمس رأسه في الماء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن الهيثم ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا تلزق ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره.

٥ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن محمد بن علي الهمذاني ، عن حنان بن سدير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا ينغمس فيه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها.

الإجماع عليه.

وقال ابن إدريس إنه مكروه.

وقال الشيخ في الاستبصار : إنه محرم ولا يوجب قضاء ولا كفارة.

الحديث الثاني : حسن وهو كما تقدم.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ويتبرد بالثوب » يدل على الجواز ولا ينافي الكراهة المشهورةالحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا تلزق » يدل على المنع من بل الثوب على الجسد وحمل على الكراهة ولم يذهب إلى التحريم أحد ، لضعف المستند ووجود المعارض كما مر.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « والمرأة لا تستنقع » المشهور بين الأصحاب كراهة جلوس المرأة في الماء.

٢٨٢

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن مثنى الحناط والحسن الصيقل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال لا ولا المحرم قال وسألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا.

(باب )

(المضمضة والاستنشاق للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء.

وقال أبو الصلاح : إذا جلست المرأة في الماء إلى وسطها لزمها القضاء.

ونقل عن ابن البراج : أنه أوجب الكفارة أيضا بذلك وهما نادران.

والحق الشهيد في اللمعة بالمرأة : الخنثى والخصي الممسوح لمساواتها لهما في العلة وفيه إشكال.

الحديث السادس : ضعيف وقد مر الكلام فيه.

باب المضمضة والاستنشاق للصائم

الحديث الأول : حسن ورواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي(١) .

قوله عليه‌السلام : « إن كان وضوؤه » المشهور بين الأصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شيء عليه وقال في المنتهى : وهذا مذهب علمائنا. واستدل عليه بروايتي سماعة(٢) ويونس(٣) وفيهما ضعف ، وهذا الخبر يدل على وجوب القضاء إذا دخل الماء الحلق من وضوء

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ٣.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٠ ح ٤.

٢٨٣

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي جميلة ، عن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتمضمض قال لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد عمن ذكره ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه في الصائم يتمضمض ويستنشق قال نعم ولكن لا يبالغ.

النافلة ويستفاد منه وجوب القضاء إذا دخل من مضمضة التبرد أو العبث بطريق أولى.

وأما الكفارة فلا تثبت إلا مع تعمد الازدراد قطعا.

وقال بعض المحققين : وفي معنى دخول الماء من الوضوء الواجب دخوله من المضمضة للتداوي أو لإزالة النجاسة ولا يلحق بالمضمضة الاستنشاق في هذا الحكم قطعا ولا يجب بما يسبق منه قضاء ولا كفارة بل لو قيل بأن تعمد إدخال الماء من الأنف غير مفسد للصوم لم يكن بعيدا.

ثم اعلم : أن المعروف من مذهب الأصحاب جواز المضمضة للصائم في الوضوء وغيره ، بل قال في المنتهى ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء ، سواء كان في الطهارة أو غيرها ، وربما ظهر من كلام الشيخ عدم جواز المضمضة للتبرد وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أن (١) يبزق ثلاث مرات » حمل في المشهور على الاستحباب.

قال : في الدروس يستحب للمتمضمض أن يتفل ثلاثا ، وكذا ذائق الطعام وشبهه انتهى.

والأحوط عدم ترك العمل به.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولكن لا يبلغ » (٢) أي الماء وجوبا أو الريق بعد المضمضة كما مر

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : حتى يبق.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : ولكن لا يبالغ.

٢٨٤

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الريان بن الصلت ، عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضته فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء وقد تم صومه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم أن لا يتمضمض.

(باب )

(الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم

استحبابا ، وفي بعض النسخ لا يبالغ فهو أيضا محمول على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يستاك » المشهور بين الأصحاب استحباب الاستياك للصائم باليابس والرطب.

بل قال : في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع إلا ابن أبي عقيل فإنه كرهه بالرطب.

قوله عليه‌السلام : « في غير وقت فريضة » لا يخفى أنه موافق للتفصيل المستفاد من الخبر السابق وإن استدل به بعض الأصحاب على عدم النقض بما يدخل في الحلق من مضمضة الوضوء للصلاة مطلقا كما عرفت.

قوله عليه‌السلام : « أن لا يتمضمض » لعله محمول على المضمضة لغير الوضوء.

باب في الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فعليه قضاء ذلك اليوم » اختلف الأصحاب في حكم تعمد القيء للصائم بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه أي سبقه بغير اختياره لم يفطر.

٢٨٥

صومه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الذي يذرعه القيء وهو صائم قال يتم صومه ولا يقضي.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثم يرجع إلى جوفه وهو صائم قال ليس بشيء.

فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب : إلى أنه موجب للقضاء خاصة.

وقال ابن إدريس : إنه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة.

وحكى السيد المرتضى عن بعض علمائنا قولا : بأنه موجب للقضاء والكفارة ، وعن بعضهم أنه ينقض الصوم ولا يبطله قال : وهو الأشبه والمعتمد الأول كما يدل عليه هذا الخبر.

الحديث الثاني : صحيح. وهو كالخبر السابق والإفطار لا يستلزم الكفارة كما توهم.

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح.

الحديث الرابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « من جوفه القلس » قال : الجزري « القلس » بالتحريك ، وقيل : بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم ، أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء.

قوله عليه‌السلام : « ليس بشيء » إما لعدم الاختيار أو لعدم الوصول إلى الفم والأول أظهر.

٢٨٦

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن القلس يفطر الصائم قال لا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن القلس وهي الجشأة يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيأ وهو قائم في الصلاة قال لا ينقض ذلك وضوءه ولا يقطع صلاته ولا يفطر صيامه.

(باب )

(في الصائم يحتجم ويدخل الحمام )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم أيحتجم فقال إني أتخوف عليه أما يتخوف على نفسه قلت ما ذا يتخوف عليه قال الغشيان أو تثور به مرة قلت أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا قال نعم إن شاء.

قال في الدروس : لو ابتلع ما خرج منه كفر ، واقتصر في النهاية ، والقاضي في رواية محمد بن سنان(١) لا يفطر ويحمل على عوده بغير قصد.

الحديث الخامس : صحيح وقد مر فيه الكلام.

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام « وهي الجشأة » قال : الجوهري الجشأة كهمزة.

وقال الأصمعي : ويقال : الجشاء على وزن فعال.

باب في الصائم يحتجم ويدخل الحمام

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أو تثور به مرة » هي بالكسر تطلق على الصفراء والسوداء والخبر يدل على كراهة الحجامة مع خوف ثوران المرة وطريان الغشي ، ولا خلاف بين الأصحاب في عدم حرمة إخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : عبد الله بن سنان فراجع چ ٧ ص ٦٢ ح ٩.

٢٨٧

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحجامة للصائم قال نعم إذا لم يخف ضعفا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم قال لا بأس.

(باب )

(في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يشتكي أذنه يصب فيها الدواء قال لا بأس به.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد قال سألت أبا عبد الله

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح. ويدل على جواز دخول الحمام في الصوم ، والمنع منه إذا كان مضعفا وحمله الأصحاب على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » أي مطلقا ، ولا ينافي الكراهة إذا كان مضعفا ويمكن حمله على ما إذا لم يكن مضعفا.

باب في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن

الحديث الأول : صحيح.

٢٨٨

عليه‌السلام عن الصائم يصب في أذنه الدهن قال لا بأس به.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له أن يحتقن.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن علي بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز صب الدواء في الأذن وبإطلاقه يشمل ما إذا وصل إلى الجوف وإن كان بعيدا ، وحمله بعض الأصحاب على عدمه وحكم بأنه مع الوصول إلى الجوف مفسد للصوم ، وللمناقشة فيه مجال.

وحكم في الدروس : بكراهته مع عدم التعدي إلى الحلق.

الحديث الثاني : حسن وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام . « لا يجوز له أن يحتقن » يدل على عدم جواز الاحتقان للصائم مطلقا ، واختلف الأصحاب في حكمه.

وقال المفيد : إنه يفسد الصوم وأطلق.

وقال علي بن بابويه : لا يجوز للصائم أن يحتقن.

وقال ابن الجنيد : ويستحب للصائم الامتناع من الحقنة لأنها تصل إلى الجوف.

واستقرب العلامة في المختلف : أنها مفطرة مطلقا ، ويجب بها القضاء خاصة.

وقال : الشيخ في جملة من كتبه ، وابن إدريس تحرم الحقنة بالمائع خاصة ، ولا يجب بها قضاء ولا الكفارة واستوجه المحقق في المعتبر تحريم الحقنة بالمائع والجامد بدون الإفساد ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق.

٢٨٩

يحتجم ويصب في أذنه الدهن قال لا بأس إلا السعوط فإنه يكره.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان قال لا بأس.

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ما تقول في التلطف يستدخله الإنسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد.

قوله عليه‌السلام : « فإنه يكره » يدل على كراهة السعوط وعدم كراهة صب الدواء في الأذن ، والمشهور كراهة التسعط بما لا يتعدى إلى الحلق.

وقال : الصدوق في الفقيه : ولا يجوز للصائم أن يتسعط.

ونقل عن المفيد وسلار : أنهما أوجبا به القضاء والكفارة ، وأما السعوط بما يتعدى إلى الحلق فالمشهور : إن تعمده يوجب القضاء والكفارة.

ويمكن المناقشة فيه بانتفاء ما يدل على كون مطلق الإيصال إلى الجوف مفسدا.

الحديث الخامس : صحيح ويدل على جواز الاحتقان بالجامد فيمكن حمل الخبر السابق على المائع جمعا.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « في التلطف » قال الجوهري : « التلطف » للأمر الترفق له وألطف الرجل البعير أدخل قضيبه في الحياء وذلك إذا لم يهتد لموضع الضراب انتهى وهنا كناية عن الحقنة.

والجواب : يدل على التفصيل المتقدم.

٢٩٠

(باب )

(الكحل والذرور للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان الفراء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان الفراء ، عن غير واحد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذر

باب الكحل والذرور للصائم

الحديث الأول : سنده الأول صحيح. والثاني مرسل في قوة الحسن.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز الاكتحال للصائم مطلقا.

والمشهور بين الأصحاب : كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك ، ومقتضى بعض الروايات المعتبرة كراهة الاكتحال بكل ما له طعم يصل إلى الحلق ، وبه قطع العلامة في التذكرة والمنتهى وهو قوي.

بل قال بعض المحققين : لا يبعد كراهة الاكتحال مطلقا لصحيحة سعد بن سعد(١) وصحيحة الحلبي(٢) .

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « هل يذر » قال : في القاموس « الذر » طرح الذرور في العين وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٢ ح ٣.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٣. ح ٩.

٢٩١

عينه بالنهار وهو صائم قال يذرها إذا أفطر ولا يذرها وهو صائم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس به.

(باب )

(السواك للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السواك للصائم فقال نعم يستاك أي النهار شاء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يستاك بالماء قال لا بأس به وقال لا يستاك بسواك رطب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب وقال لا يضر أن يبل سواكه

الذرور ما يذر في العين.

الحديث الثالث : موثق وقد مر الكلام فيه.

باب السواك للصائم

الحديث الأول : حسن وقد مر الكلام في مثله.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « لا يستاك » قال الشيخ في التهذيب : الكراهة في هذه الأخبار إنما توجهت إلى من لا يضبط نفسه فيبصق ما يحصل في فيه من رطوبة العود ، فأما من يتمكن من حفظ نفسه فلا بأس باستعماله على كل حال.

الحديث الثالث : حسن.

٢٩٢

بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شيء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم ينزع ضرسه قال لا ولا يدمي فاه ولا يستاك بعود رطب.

(باب )

(الطيب والريحان للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن

قوله عليه‌السلام : « حتى لا يبقى » قال سيد المحققين في المدارك : لا بأس بالمصير إلى ما تضمنه هذه الروايات. لأن رواية ابن سنان(١) مطلقة ورواية الحلبي(٢) غير صريحة في انتفاء كراهة السواك بالرطب لأن نفي البأس لا ينافي الكراهة انتهى كلامه ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق. ويدل على جواز قلع الضرس في الصوم.

وقال في الدروس : ويكره نزع الضرس لمكان الدم رواه عمار(٣) ولعل المرادبالعود الرطب العود المرطب بالماء لا العود الذي فيه رطوبة من نفسه وإن أمكن أن يشمله.

باب الطيب والريحان للصائم

الحديث الأول : موثق. وفي بعض النسخ هكذا عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث وهو الظاهر ، وفي بعضها عن أحمد بن محمد بن علي ، عن غياث وهو اشتباه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ٢.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٩ ح ١١.

٢٩٣

إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيهعليه‌السلام أن عليا صلوات الله عليه كره المسك أن يتطيب به الصائم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن داود بن إسحاق الحذاء ، عن محمد بن الفيض قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ينهى عن النرجس فقلت جعلت فداك لم ذلك فقال لأنه ريحان الأعاجم.

وأخبرني بعض أصحابنا أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا وقالوا إنه يمسك الجوع.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن

قوله عليه‌السلام : « كره المسك » ظاهر أكثر الأصحاب استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب ، وإنما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.

وألحق العلامة في المنتهى. بالنرجس المسك لشدة رائحته ، ولهذه الرواية واقتصر الشهيد (ره) في الدروس على نسبة الكراهة إلى هذه الرواية.

الحديث الثاني : مجهول. وقد أومأنا إلى أن المشهور بين الأصحاب كراهة شم الرياحين في الصوم وتأكد كراهة شم النرجس من بينها.

بل قال في المنتهى : إن كراهة شم الرياحين قول علمائنا أجمع ، والذي يظهر من كلام أهل اللغة أنه يطلق الريحان على كل نبت له رائحة طيبة وربما يخص بما له ساق.

وأما تأكد كراهة النرجس فمستنده هذه الرواية.

قوله عليه‌السلام : « وأخبرني » الظاهر أنه كلام الكليني ، وعلله المفيد في المقنعة بوجه آخر ، وهو أن ملوك العجم كان لهم يوم معين يصومونه فيكثرون فيه شم النرجس فنهواعليهم‌السلام عنه خلافا لهم.

الحديث الثالث : ضعيف.

٢٩٤

الفضل النوفلي ، عن الحسن بن راشد قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا صام تطيب بالطيب ويقول الطيب تحفة الصائم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الصائم يشم الريحان والطيب قال لا بأس به.

وروي أنه لا يشم الريحان لأنه يكره له أن يتلذذ به.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الحائض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال نعم قلت من أين جاء ذا قال إن أول من قاس إبليس قلت والصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت فيبل ثوبا على جسده قال لا قلت من أين جاء ذا قال من

قوله عليه‌السلام : « تحفة الصائم » أي يستحب أن يؤتى به للصائم ويتحف به لأنه ينتفع به في حالة الصوم ولا ينتفع بغيره من المأكول والمشروب ، أو أتحف الله الصائم به بأنه أحل له التلذذ به في الصوم.

ثم اعلم : أن هذا الخبر يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل على استحبابه.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على عدم كراهة شم الريحان ، وحمل على الجواز جمعا ، لكن روايات الجواز التي ظاهرها عدم الكراهة أقوى سندا ، ولذا مال بعض المحققين من المتأخرين إلى عدم الكراهة.

قوله عليه‌السلام : « يكره له أن يتلذذ » جعل الشهيدرحمه‌الله في الدروس هذا التعليل مؤيدا لكراهة المسك ولعله مخصوص بالتلذذ الحاصل من الريحان.

الحديث الخامس : ضعيف.

٢٩٥

ذاك قلت الصائم يشم الريحان قال لا لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ.

(باب )

(مضغ العلك للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت الصائم يمضغ العلك قال لا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا محمد إياك أن تمضغ علكا فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا.

قوله عليه‌السلام : « من ذاك » أي مما أنبأتك عليه من عدم تطرق القياس في دين الله ووجوب التسليم في كل ما ورد من الشارع.

باب مضغ العلك للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قال : لا » ماله طعم كالعلك إذا تغير الريق بطعمه ولم ينفصل منه أجزاء فابتلع الصائم الريق المتغير بطعمه ففي فساد الصوم به قولان :

أحدهما : الإفساد لهذا الخبر ولما ذكره في المختلف من أن وجود الطعم في الريق دليل على تحلل شيء من أجزاء ذي الطعم فيه لاستحالة انتقال الأعراض فكان ابتلاعه مفطرا.

واعترض عليه باحتمال الانفعال بالمجاورة.

قال في المنتهى : وقد قيل أن من لطخ باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطره إجماعا انتهى.

وأما الخبر : فالأجود حمل النهي فيه على الكراهة كما اختاره الشيخ في المبسوط ، وابن إدريس ، وجماعة لصحيحة محمد بن مسلم(١) وغيرها.

الحديث الثاني : صحيح وقد مر الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٧٣ ح ١.

٢٩٦

(باب )

(في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه فقال لا بأس قال وسئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ الخبز وتطعمه فقال لا بأس والطير إن كان لها.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسين بن زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس للطباخ والطباخة أن يذوق المرق وهو صائم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن فاطمة صلى الله عليها كانت تمضغ للحسن ثم للحسين صلوات الله عليهما وهي صائمة في شهر رمضان.

باب في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « لا بأس به » المشهور بين الأصحاب جواز مضغ الطعام للصبي وزق الطائر وذوق المرق مطلقا كما دل عليه هذه الرواية.

وقال : الشيخ في كتاب الأخبار بتفصيل سنشير إليه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. ويدل على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف. ويدل على المشهور أيضا.

٢٩٧

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يذوق الشيء ولا يبلعه قال لا.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « قال لا » اعلم : أن الشيخقدس‌سره أورد هذا الخبر في الكتابين وأوله بما لفظه في التهذيب هذه الرواية محمولة على من لا يكون له حاجة إلى ذلك والرخصة إنما وردت في ذلك لصاحبة الصبي أو الطباخ الذي يخاف فساد طعامه أو من عنده طائر إن لم يزقه هلك ، فأما من هو مستغن عن جميع ذلك فلا يجوز له أن يزق الطعام انتهى.

ولا يخفى ما فيه من البعد ، إذ لا دلالة في الأخبار السابقة على التقييد الذي اعتبره والأولى الحمل على الكراهة.

« فرع »

لو مضغ الصائم شيئا فسبق منه شيء إلى الحلق بغير اختياره فظاهر أصول الأصحاب عدم فساد صومه بذلك للإذن فيه شرعا وعدم تعمد الازدراد.

وقال في المنتهى : لو أدخل فمه شيئا فابتلعه سهوا ، فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه وإلا وجب القضاء انتهى وفيه نظر.

٢٩٨

(باب )

(في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام أن عليا صلوات الله عليه سئل عن الذباب يدخل حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام.

باب في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب

الحديث الأول : موثق. واختلف الأصحاب في حكم النخامة ، فجوز المحقق في الشرائع : ابتلاع ما يخرج عن الصدر ما لم ينفصل عن الفم ، ومنع من ازدراد ما ينزل عن الرأس وإن لم يصل إلى الفم.

وحكم الشهيدان : بالتسوية بينهما في جواز الازدراد ما لم يصلا إلى فضاء الفم والمنع إذا صارتا فيه.

وجزم الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة : بجواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس وابتلاعهما ما لم ينفصلا عن الفم وهو الأقوى.

ثم إن قلنا : إن ذلك مفسد للصوم فالأصح أنه غير موجب للكفارة.

وربما قيل : بوجوب كفارة الجمع بناء على تحريمه وهو مدفوع بالأصل والروايات الدالة على جواز الابتلاع في باب المساجد.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لأنه ليس بطعام » أي ليس مما يعتاد أكله أو ليس دخول الذباب

٢٩٩

(باب )

(في الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال لا بأس بأن يمص الخاتم.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن محسن بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الخاتم في فم الصائم ليس به بأس فأما النواة فلا.

مما يعد طعما وأكلا ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى.

واختلف الأصحاب في أكل ما ليس بمعتاد أو شربه.

قال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في بعض كتبه : إن ابتلاع غير المعتاد كالحصاة ونحوها لا يفسد الصوم وحكاه في المختلف عن ابن الجنيد أيضا ، واستدل لهما بأن تحريم الأكل والشرب إنما ينصرف إلى المعتاد ثم أجاب بالمنع من تناول المعتاد خاصة ولا بأس به إذا صدق على تناوله اسم الأكل والشرب.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : ولا إفطار لسبق الغبار إلى الحلق أو الذباب وشبهه ويجب التحفظ من الغبار.

باب الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » بأن يمص الخاتم لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « فأما النواة فلا » يحمل مع العلم بانفصال شيء على الحرمة كما هو المشهور ، وإن أمكن المناقشة فيه بأن ابتلاع في مثل هذا لا يسمى أكلا عرفا ، وقل ما يخلو الريق عن مثله ، ومع عدم العلم على الكراهة إما لتكليف الريق بالطعم أو لاحتمال انفصال شيء منها وقد مر بعض القول فيه في باب مضغ العلك.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

باب ذِكْرِ طرفٍ من أخْبارِ أبي محمد عليه السلامُ

ومَناقِبه واياتِه ومُعْجزاتهِ

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين(١) بن محمد الأشعري ومحمد بن يحيى وغيرهما، قالُوا: كانَ أحمدُ ابن عبيداللهّ بن خاقان على الضياعِ والخَراجِ بـ (قُمْ ) فَجَرى في مَجْلِسِه يوماً ذكرُ العَلَويٌةِ ومذاهبِهم، وكان شديدَ النَصْب والانحرافِ عن أَهلِ البيتِعليهم‌السلام فقالَ: ما رَأيتُ ولا عَرَفْتُ بسُرّ مَنْ رأى من العلويةِ مِثْلَ الحسنِ بن عليّ بن محمد بن الرضا في هَدْيِه وسُكونه وعَفافِه ونبلِه وكِبْرَتِه عنْدَ أهْلِ بَيْتِه وبني هاشمٍ كافّة، وتَقْديمِهِمْ إِيّاه على ذوي السنِّ منهم والخَطَرِ، وكذلك كانَتْ حالهُ عند القُوّادِ والوُزَراءِ وعامّةِ الناسِ.

فأَذكُرُ أَنّني كُنْتُ يوماً قائماً على رَأْس أَبي وهو يَوْمُ مَجْلِسهِ للناس، إِذ دَخَلَ حُجّابُه فقالُوا: أَبو محمد ابن الرضا بالباب، فقالَ بصَوْتٍ عالٍ: ائْذَنُوا له، فَتَعَجَّبْتُ ممّا سَمِعْتُ منهم ومن جَسَارَتِهمْ أَنْ يُكَنُّوا رجلاً بحضرة أَبي، ولم يَكُنْ يُكَنّى عنده إِلا خليفةٌ أَو وَليُّ عهدٍ أَو مَنْ أمَرَ السلطانُ أَنْ يُكَنّى. فدَخَلَ رَجُلٌ أَسمر حسنُ القامةِ جميلُ الوجه جَيِّدُ البدنِ حَدِيثُ السِنِّ، له جلالة وهيئة حسنةٌ، فلمّا نَظَرَ إِليه أَبي قامَ فمَشى إِليه خُطىً، ولا أَعْلَمُهُ فَعَلَ هذا بأَحدٍ من بني هاشمٍ والقُوّادِ، فلمّا

__________________

(١) كذا في« ح »، وفي «ش» و «م»: الحسن، وهوتصحيف.

٣٢١

دَنا منه عانَقَه وقَبَّلَ وَجْهَه وصَدْرَه، وأَخَذَ بيدِه وأَجْلَسَه على مُصلاّه الذي كانَ عليه، وجَلَسَ إِلى جَنْبِه مُقْبِلاً عليه بوَجْهِه، وجَعَلَ يُكَلِّمُه ويُفَدِّيه بنفسهِ، وأَنا متَعجّبٌ مما أَرى منه، إِذ دَخَلَ الحاجِبُ فقالَ: الموفقُ(١) قد جاءَ، وكانَ الموفَّقُ إِذا دَخَلَ على أَبي يَقْدُمُه حُجّابُه وخاصّةُ قُوّادِه، فقامُوا بينَ مَجْلسِ أَبي وبين باب الدار سِماطَيْن إِلى أَنْ يَدْخُلَ ويَخْرُجَ. فلمْ يَزَلْ أَبي مُقْبِلاً على أَبي محمّد يُحدِّثُه حتى نَظَرَ إِلى غلْمان الخاصّةِ فقالَ حينَئذٍ له: إِذا شِئْتَ جَعَلَني اللهُ فداك، ثم قال لحُجّابِه: خُذُوا به خَلْفَ السِماطَيْن لا يَراهُ هذا - يَعْني الموفّق - فقامَ وقامَ أبي فعانَقَه ومضى.

فقُلْتُ لحُجّاب أَبي وغِلْمانه: ويْلَكمُ مَنْ هذا الذي كَنَّيتُموه بحَضْرَة أَبي وفَعَلَ به أَبي هذاَ الفِعْلُ؟ فقالوُا: هذا عَلَويٌّ يُقالُ له: الحسنُ بن عليّ يُعْرَفُ بـ: ابن الرضا، فازْدَدْتُ تَعَجُّباً، ولمْ أَزَلْ يَوْمي ذلك قَلقاً مُفَكّراً في أَمْرِه وأَمرِ أَبي وما رَأَيْتُه منه حتى كانَ الليلُ، وكانَتْ عادَتُه أَنْ يُصَلِّيَ العتمةَ ثم يَجْلِسُ فَينَظُرُ فيما يَحْتاجُ إِليه من المؤامَرات وما يَرْفَعُه إِلى السلطانِ.

فلمّا صَلَّى وجَلَسَ جئْتُ فجَلَسْتُ بين يدَيْه، وليسَ عنْدَه أحَد، فقالَ لي: يا أَحمدُ، أَلك حاجةَ؟ فقُلْتُ: نعَمْ يا أَبه، فإِنْ أَذِنْتَ سَأَلْتُك عنها، فقالَ: قد أَذِنْتُ، قُلْتُ: يا أَبه، مَنِ الرجلُ الذي رَأَيْتُك بالغَداةِ فَعَلْتَ به ما فَعَلْتَ من الإجْلالِ والكَرامةِ والتبجيلِ وفدٌَيتَه بنَفْسِك وأبَوَيك؟ فقالَ: يا بُنَيّ ذاك إِمامُ الرافِضَةِ الحسنُ بن عليّ، المعروف بـ: ابن الرضا، ثم سَكتَ ساعةً وأَنا ساكِتٌ، ثم قالَ: يا بُنيَ، لو زالَت الإمامَةُ عن خُلفائِنا بني العباس مَا اسْتَحقَّها أحَدٌ من بني هاشمِ غَيْرُه، لِفَضْلِه وعَفافِه وهَدْيِه

__________________

(١) هو أبو أحمد بن المتوكل العباسي وأخو الخلفاء المعتزّ والمهدي والمعتمد.

٣٢٢

وصِيانتِه وزُهْدِه وعِبادتِه وجميلِ أَخلاقِه وصَلاحِه، ولو رَأَيْتَ أَباه رَأَيْتَ رجلاً جَزْلاً نَبيلاً فاضلاً.فازْدَدْتُ قلقاً وتَفَكُّراً وغَيْظاً على أَبي وما سمعتُ منه فيه، ورَأَيْتُ من فِعْلِه به، فلم يَكُنْ لي هِمَّةٌ بعد ذلك إِلّا السؤالَ عن خَبَرِه والبَحْثَ عن أَمْرِه.

فما سَأَلْتُ أَحَداً من بني هاشم والقُوّادِ والكُتّاب والقُضاةِ والفُقهاءِ وسائرِ الناسِ إلا وَجدْتُه عِنْدَه في غاية الإجلالَِ والإعظامِ والمحلِّ الرفيعِ والقولِ الجميلِ والتقديمِ له على جميع أَهل بيتهِ ومشايخه، فعَظُمَ قَدْرُه عندي إِذْ لم أَرَ له وَلِيّاً ولا عَدُوّاً إلا وهو يحسِنُ القَوْلََ فيه والثناءَ عليه.

فقالَ له بعضُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَه من الأشعريّينَ: فما خبرُ أَخيه جعفرٍ، وكيفَ كانَ منه في المحلِّ؟

فقالَ: ومَنْ جعفرُ فيُسْأَلَ عن خبره أويُقْرَنَ بالحَسَن؟! جعفرمُعلِنُ الفُسوقِ(١) فاجرٌ شِرّيب للخُمور، أَقلُّ مَنْ رأَيْتُه من الرجالِ وأَهْتَكُهُم لنَفْسِه، خفيفٌ قليلٌ في نَفْسِهِ، ولقد وَرَدَ على السلطان وأَصحابه في وقتِ وفاةِ الحسنِ بن عليّ ما تَعَجَّبْتُ منه، وما ظَنَنْتُ أَنّه يكونُ، وذلك أًنّه لمّا اعْتَلَّ بُعِثَ إِلى أَبي: أَنَّ ابنَ الرضا قد اعْتَل، فرَكِبَ من ساعتِه إِلى دارِ الخلافةِ، ثَم رَجَعَ مُسْتَعْجِلاً ومعه خمسة من خَدَمِ أَمير المؤمنينَ كُلهم من ثقاتِه وخاصّتِه، فيهم نِحرير، وأَمَرَهم بلزوم دارِ الحسن وتَعَرُّفِ خَبَرِه وحالهِ، وبعثَ إلى نَفَرٍ من المتَطَبِّبينَ فأَمَرَهُم بالاخْتلافِ إِليه وتَفَقُده صَباحَ مساء.

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: الفسق.

٣٢٣

فلمّا كانَ بعد ذلك بيومين أَو ثلاثة أُخْبرَ أَنّه قد ضَعفَ، فأَمَرَ المُتَطبَبينَ بلزومِ دارِه، وبعَثَ إِلى قاضي القُضاةِ فَاَحْضَرَه مَجْلِسَه وأَمَرَه أَنْ يَخْتارَ عَشرةً ممّن يُوثَقُ به في دينِهِ ووَرَعِهِ وأمانَتِهِ، فأَحْضَرهم فبَعَثَ بهم إِلى دارِ الحسن وأَمَرَهم بلزومِه ليلاً ونهاراً، فلم يَزالُوا هناك حتّى تُوُفَيَعليه‌السلام ، فلما ذاعَ خَبَرُ وفاتِه صارَتْ سُرّ مَنْ رأى ضَجّة واحِدَةً، وعُطِّلتِ الأسْواقُ، ورَكِبَ بنو هاشمٍ والقُوّادُ وسائرُ الناسِ إِلى جَنازتِه، فكانَتْ سُرّ مَنْ رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة، فلمّا فَرَغوا من تَهْيئتِهِ بَعَثَ السلطانُ إلى أبي عيسى بن المتوكل يأْمُرُه بالصلاةِ عليه، فلمّا وُضعَتِ الجَنازةُ للصلاةِ عليه دَنا أَبو عيسى منه فكَشَفَ عن وَجْهِهِ، فعَرَضَه على بني هاشم من العَلَويٌةِ والعبّاسيةِ والقُوّادِ والكُتّابِ والقُضاةِ والمعدٌلينَ، وقالَ: هذا الحسنُ بن علي ابن محمّد بن الرضا ماتَ حَتْفَ أَنْفِه على فِراشِهِ، وحَضَرَه من خَدَم أَمير المؤمنينَ وثِقاتِه فلانٌ وفلانٌ وفلان، ومن القُضاةِ فلانٌ وفلانٌ، ومن المُتًطَببينَ فلانٌ وفلانٌ، ثم غَطّى وَجْهَه وصَلّى عليه وأَمَرَ بحَمْلِه.

ولمّا دُفِنَ جاء جعفرُ(١) بن علي أَخوه إِلى أَبي فقالَ: اجْعَلْ لي مَرْتبةَ أَخي وأَنا أُوصِلُ إِليك في كلّ سنة عشرينَ أَلف دينارٍ، فزَبرَه أَبي وأَسْمَعَه ما كَرِهَ، وقالَ له: يا أَحمقُ، السلطانُ - أَطالَ اللهُّ بقاءه - جَرَّدَ سَيْفَه في الذين زَعَموا أَنَ أَباك وأَخاك أَئمَّةً، ليَرُدَّهم عن ذلك فلم يَتَهَيأ له ذلك، فإِنْ كُنْتَ عند شيعةِ أَبيك وأَخيك إِماماً فلا حاجة بك إِلى السلطانِ لِيُرَتِّبَكَ مراتِبَهم ولا غيرِ السلطانِ، واِن لم تَكُنْ عندَهم بهذهِ المنزلةِ لم تَنَلْها بنا، فاسْتَقَلَه أَبي

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»: جعفر هذا يلقب بالكذاب ويلقب أيضاً بزق الخمر لانهماكه فيها وكان يسعى بأخيه ابي محمدعليه‌السلام الى المتوكل.

٣٢٤

عند ذلك واسْتَضْعَفَه وأَمَرَ أَنْ يُحْجَبَ عنه، فلم يَأْذَنْ له في الدخولِ عليه حتى ماتَ أَبي. وخَرَجْنا وهو على تلك الحالِ، والسلطانُ يَطْلُبُ أَثراً لولدِ الحسن بن عليّ إلى اليومِ وهو لا يَجِدُ إِلى ذلك سبيلاً، وشيعتُه مُقيمونَ على أَنّه ماتَ وخَلّفَ وَلَداً يقومُ مَقامَه في الإمامةِ(١) .

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ ابن محمد، عن محمد بن إِسماعيل بن إِبراهيم بن موسى بن جعفر قالَ: كَتَبَ أَبو محمد إِلى أَبي القاسم إِسحاق بن جعفر الزُبيريّ قَبْلَ مَوْتِ المُعْتَزّ بنحوٍ من عشرين يوماً: «إِلزَمْ بَيْتَك حتى يَحْدُثَ الحادثُ لما فلمّا قُتِلَ تُرُنجة(٢) كَتَبَ إِليه: قد حَدَثَ الحادِثُ، فما تَأْمُرُني؟ فكَتَبَ إِليه: «ليس هذا الحادثُ، الحادثُ الأخَر» فكانَ من المعتزّ ما كان.

قالَ: وكَتَبَ إِلى رجلٍ آخَرَ: «بقتلِ [ ابن ](٣) محمد بن داود» قَبْلَ قَتْلِه بعشرة أيّامٍ، فلمّا كانَ في اليومِ العاشِر قُتِلَ(٤) .

__________________

(١) الكافي ١: ٤٢١ / ١، اعلام الورى: ٣٥٧، وذكره باختلاف يسير الصدوق في إكمال الدين: ٤٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٣٢٩ / ٢.

(٢) كذا في النسخ، وفي الكافي ونقل العلامة المجلسي عن الارشاد: بريحة، والظاهر ان الصحيح: ابن أترجة، وهو عبدالله بن محمد بن داود الهاشمي بن أُترجة من ندماء المتوكل والمشهور بالنصب والبغض لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقد قتل بيد عيسى بن جعفر وعلي بن زيد الحسنيين بالكوفة قبل موت المعتز بايام. انظر: الكامل لابن الأثير ٧: ٥٦، تاريخ الطبري ٩: ٣٨٨.

(٣) في النسخ الخطية من الارشاد ونسخة البحار: محمد بن داود، والظاهر ان الصحيح: ابن محمد ابن داود - كما في الكافي - وهو عبدالله بن محمد بن داود الهاشمي المعروف بـ(ابن أُترجة) المشار اليه في صدر الحديث.

(٤) الكافي ١: ٤٢٣ / ٢، مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٧٧ / ٥١.

٣٢٥

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن (عليّ بن محمد بن إبراهيم، المعروف بابن الكردي )(١) ، عن محمد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفرقالَ: ضاقَ بنا الأمرُفقالَ لي أبي: امْضِ بنا حتى نصيرُ إِلى هذا الرجل - يعني أبا محمّد - فإِنّه قد وُصِفَ عنه سماحَةٌ، فقُلْتُ: تَعْرِفُه؟ قالَ: ما أَعْرِفُه ولا رأتيه قطُّ، قالَ: فقَصَدْناه فقالَ لي أبي وهو في طريقه: ما أحْوَجَنا إلى أنْ يَأْمُرَ لنا بخَمْسِ مائة درهم: مائتَيْ درهم للكِسْوَة، ومائتيْ درهم للدقيقِ، ومائةِ درهمٍ للنفقةِ. وقُلْتُ في نفسي: لَيْتَه أمَرَ لي بثلاث مائة درهمٍ: مائة أشتري بها حماراً، ومائة للنفقةِ، ومائة للكِسوة، فأخْرُجَ إِلي الجبلِ(٢) .

قالَ: فلمّا وافَيْنا البابَ خَرَجَ إِلينا غلامُه فقالَ: يَدْخُلُ عليٌ بن إبراهيم ومحمد ابنُه، فلمّا دَخَلْنا عليه وسَلَّمْنا قالَ لأبي: «يا عليّ، ما خَلَّفَك عنّا إِلى هذا الوقت؟» قالَ: يا سيدي، اسْتَحْيَيْتُ أنْ ألقاكَ على هذه الحال.

فلمّا خَرَجْنا من عنده جاءنا غلامُه، فناوَلَ أبي صُرّة وقالَ: هذه خمسمائة درهم: مائتانِ للكِسوةِ، ومائتانِ للدقيقِ، ومائة للنفقةِ. وأعْطاني صُرّةً وقالَ: هذه ثلاث مائة درهم: فاجْعَلْ مائة في ثمن حمار، ومائةً

__________________

(١) كذا في النسخ، وفي البحار: علي بن ابراهيم المعروف بابن الكردي، والظاهر ان الصواب ما في الكافي حيث رواه عن علي بن محمد عن محمد بن ابراهيم المعروف بابن الكردي، فقد يأتي في ذيل الحديث: قال محمّد بن ابراهيم الكردي.

(٢) في «م» وهامش «ش»: الخيل.

الجبل والجبال اسم علم لعراق العجم، وهي ما بين اصفهان الى زنجان وقزوين وهمدان والدينور وقرميسين (كرمانشاه ) والري وما بين ذلك. «معجم البلدان ٢: ٩٩».

٣٢٦

للكِسوة، ومائةً للنفقةِ، ولا تَخْرُجْ إِلى الجبلِ(١) وصِرْ إِلى سوْراء(٢) .

قالَ:فصارَ إِلى سُوْراء. وتَزوَّجَ امْرَاة منها، فدَخْلُه اليومَ ألفا دينار، ومع هذا يقولُ بالوقفِ.

قالَ محمّدُ بن ابراهيم الكردي: فقُلْتُ له: وَيحَكَ أتُريدُ أمْراً أبْيَنَ من هذا؟!

قالَ: فقالَ: صَدَقْتَ، ولكنا على أمرٍ قد جَرَيْنا عليه(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ ابن محمد، عن محمد بن علي بن إِبراهيم قالَ: حَدَّثَني أحمدً بن الحارث القزويني قالَ: كُنْتُ مع أبي بسُرَّمَنْ رأى، وكانَ أبي يتعاطى البَيْطرة في مربطِ أبي محمّدعليه‌السلام ، قالَ: وكانَ عند المستعين بَغْلٌ لم يُرَمثلُه حُسْناً وكِبَراً، وكانَ يَمْنَعُ ظَهْرَه واللِجامَ، وقد كان جَمَعَ عليه الرُوّاضُ فلم يَكُنْ لهم حيلةٌ في ركوبهِ، قالَ: فقالَ له بعضُ ندمائِه: يا أميرَ المؤمنين، ألا تَبْعَثُ إِلى الحسن بن الرضا حتى يجيء فإمّا أنْ يَرْكبَه وِامّا أنْ يَقْتُلَه.

قال: فبعَثَ إلى أبي محمّد ومَضى معه أبي.

قالَ: فلمّا دَخَلَ أبومحمّد الدارَ كُنْتُ مع أبي، فنَظَرَ أبومحمّد إِلى البَغْلِ واقِفاً في صحنِ الدارِ فعَدَلَ إِليه فوَضَعَ يَدَه على كَفَلِه(٤) .

__________________

(١) في «ش» و «م»: الخيل، وما أثبتناه من هامشهما.

(٢) سوراء: موضع بالعراق من أرض بابل، قريبة من الحلة «معجم البلدان ٣: ٢٧٨ ».

(٣) الكافي ١: ٤٢٤ / ٣، مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣٧ بحذف آخره، وكذلك ثاقب المناقب: ٥٦٩ / ٥١٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٧٨ / ٥٢.

(٤) في هامش «ش»: كتفه.

٣٢٧

قالَ: فنَظَرْتُ إِلى البَغْلِ وقد عَرِقَ حتى سالَ العرَقُ منه.

ثم صارَ إِلى المستعين فسَلَّمَ عليه، فرَحَّبَ به وقَرَّبَ وقالَ: يا أبا محمد، ألجْمْ هذا البَغْلَ. فقالَ أبومحمد لأبي: «ألجمه يا غلام » فقالَ له المستعينُ: ألْجمْه أنْتَ، فوَضَعَ أبو محمد طَيْلَسانَه ثم قامَ فألْجَمَه، ثم رَجَعَ إِلى مَجلَسِهِ وجَلَسَ، فقالَ له: يا أبا محمد، أسرجْهُ، فقالَ لأبي: «يا غلامُ أسرجْهُ» فقالَ له المستعينُ: أسْرِجْهُ أنت، فقامَ ثانيةً فأسْرَجَهَ ورَجَعَ، فقالَ له: ترى أنْ تَرْكبَه؟ فقالَ أبو محمد: «نعَمْ » فرَكِبَه من غَيْر أنْ يَمْتَنِعَ عليه، ثم رَكَضَه في الدارِ، ثم حَمَلَه على الهَمْلجَة(١) فمَشى أحْسَنَ مشي يَكُونُ، ثم رَجَعَ فنزل. فقالَ له المستعينُ: يا أبا محمد، كيفَ رأيته؟ قالَ: «ما رَأيت مِثْلَه حُسْناً وفراهةً» فقالَ له المستعينُ: فإِنَّ أميرَالمؤمنينَ قد حمَلَكَ عليه، فقالَ أبو محمد لأبي: «يا غلامُ خُذْه فأخَذه أبي فقادَه(٢) .

ورَوى (أبو عليّ بن راشد )(٣) ، عن أبي هاشم الجعفري قالَ: شَكَوْتُ إِلى أبي محمد الحسن بن عليّعليهما‌السلام الحاجةَ، فحكَّ

__________________

(١) الهَمْلَجَة: مشي شبيه الهرولة. «مجمع البحرين - هملج - ٢: ٣٣٧».

(٢) الكافي ١: ٤٢٤ / ٤، الخرائج والجرائح ١: ٤٣٢ / ١١، ثاقب المناقب: ٥٧٩ / ٥٢٨، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٦٦.

قال العلامة المجلسيرحمه‌الله في مرآة العقول ٦: ١٥١ تعليقاً على هذا الحديث: يشكل هذا بأن الظاهر ان هذه الواقعة كانت في أيام امامة أبي محمد بعد وفاة أبيهعليهما‌السلام وهما كانتا في جمادى الأخرة سنة ٢٥٤ كما ذكره الكليني وغيره، فكيف يمكن ان تكون هذه في زمان المستعين.

فلابد اما من تصحيف المعتز بالمستعين، وهما متقاربان صورة، أو تصحيف أبي الحسن بالحسن، والاول اظهر للتصريح بابي محمد في مواضع، وكون ذلك قبل امامتهعليه‌السلام في حياة والده وان كان ممكناً، لكنه بعيد.

(٣) كذا في «ش» و «م» والبحار، وفي «ح »: علي بن راشد، ورواه في الكافي عن علي عن أبي أحمد ابن راشد.

٣٢٨

بسَوْطِهِ الأرْضَ فأخَرَجَ منها سبيكة فيها نحو الخمس مائة دينارٍ، فقالَ: «خُذْها يا أبا هاشم وأعْذِرْنا»(١).

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن أبي عبدالله بن صالح، عن أبيه، عن أبي عليّ (المطهّري )(٢) : أنّه كَتَبَ إِليه من القادِسيّةِ يُعْلِمُه انْصِرافَ الناسِ عن المضيُّ إِلى الحجِّ، وأنه يَخافُ العَطَشَ إِنْ مَضى، فكَتَبَعليه‌السلام : «اِمضوا فلا خَوْفَ عليكم إنْ شاءَ اللهُّ » فمَضى مَنْ بَقِيَ سالمينَ ولم يِجِدُواعطَشَاً(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد، عن عليّ بن الحسن بن الفضل اليماني قالَ: نَزلَ بالجعفري من آل جعفر خَلْقٌ كثيرُ لا قِبَلَ له بهم، فكَتَبَ إِلى أبي محمدعليه‌السلام يَشْكُو ذلك، فكَتَبَ إِليه: «تَكْفُونَهم إِنْ شاءَ الله ». قالَ: فخَرجً إِليهم في نفرِ يسيرٍ - والقومُ يزيدونَ على عشرين ألف نفسٍ، وهو في أقلِّ من أَلفٍ - فاسْتَباحَهُمْ(٤) .

وبهذا الإسنادِ، عن محمد بن إِسماعيل العلوي قالَ: حُبسَ أبومحمدعليه‌السلام عند (عليِّ بن اوتامِش )(٥) - وكانَ شديدَ العَدَاوةِ في لآل محمّد

__________________

(١) الكافي ١: ٤٢٥ / ٥، مناقب آل أبي طالب ٤: ٤٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٧٩ / ٥٣.

(٢) في الكافي: المطهّر.

(٣) الكافي ١: ٤٢٥ / ٦، مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٧٩ / ٥٤.

(٤) الكافي ١: ٤٢٥ / ٧، مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٨٠ / ٥٥.

(٥) في الكافي: علي بن نارمش (نارش خ. ل)، وفي اعلام الورى: علي بن اوتاش.

٣٢٩

عليه وعليهم السلامُ غليظاً على الِ أبي طالبٍ - وقيلَ له: اِفعَلْ به وافعَلْ. قالَ: فما أقامَ إلاّ يَوْماً حتى وَضَعَ خَدَّيه له، وكانَ لا يَرْفَعُ بَصَرَه إليه إجْلالاً له وإعْظاماً، وخَرَجَ من عنده وهو أحسَنُ الناسِ بصيرةً وأحْسَنهم قولاً فيه(١) .

ورَوى إسحاقُ بن محمد النخعي قالَ: حَدَّثَني أبو هاشمِ الجعفري قالَ: شَكَوْتُ إلى أبي محمّدعليه‌السلام ضيْقَ الحَبْس وكَلَبَ القَيْدِ، فكَتَبَ إليَّ: «أنتَ مُصَلّي اليومَ الظهرَ في منزلك » فأخرِجْتُ وَقْتَ الظهرِ فصَلَيْتُ في مَنْزلي كما قالَ. وكُنْتُ مُضِيقاً فأرَدْتُ أنْ أطْلُبَ منه معونةً في الكتاب الذي كَتَبْتُه فاسْتَحْيَيْتُ، فلمّا صِرْتُ إلى مَنْزِلي وَجهَ لي بمائة دينارٍ وكَتَب إلَيَّ: «إذا كانَتْ لك حاجةٌ فلا تَسْتَحي ولا تَحْتَشمْ، واطْلُبْها تَأتِك على ما تُحِبُّ إن شاءَ الله »(٢) .

وبهذا الإسنادِ، عن أَحمدَ بن محمد الأقرع قالَ: حَدَّثَني (أَبو حمزة نصير الخادم )(٣) قالَ: سَمِعْتً أَبا محمدعليه‌السلام غَيْرَ مَرّةٍ يُكلّمُ

__________________

(١) الكافي ١: ٤٢٥ / ٨، اعلام الورى ٣٥٩، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٣٠٧ / ٤.

(٢) الكافي ١: ٤٦٢ / ١٠، اعلام الورى: ٣٥٤، الخرائج والجرائح ١: ٤٣٥ / ١٣، وذكر صدره ابن شهرآشوب في المناقب ٤: ٤٣٢، وذيله في ٤: ٤٣٩، وذكرقطعاً منه المسعودي في اثبات الوصية: ٢١١، وعماد الدين الطوسي في ثاقب المناقب ٢٧٦ / ٥٢٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٦٧ / ٢٧.

(٣) كذا في النسخ، ونسخ الكافي هنا مختلفة بين نصر ونصير، رقد ورد في الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٢٧، وفي نسخه اختلاف أيضاً، وهو من شهود وصية أبي جعفر الثانيعليه‌السلام الى ابنه عليعليه‌السلام ، وكتب شهادته بيده (الكافي ١: ٢٦١ / ٣ والموجود هنا نصر لا غير) وفي الغيبة للشيخ؟ ٢٤٥ / ٢١٣: روى محمد بن علي الشلمغاني في كتاب الاوصياء قال:حدثني حمزة بن نصر غلام أبي الحسنعليه‌السلام عن أبيه قال: لمّا ولد السيدعليه‌السلام تباشر أهل الدار

٣٣٠

غِلْمانَه بلُغاتِهم، وفيهم تُرْكٌ ورومٌ وصَقالبة، فتَعجبْتُ من ذلك وقُلْتُ: هذا وُلدَ بالمدينة، ولم يَظْهَرْ لأحَدٍ حتى مَض أَبو الحسنعليه‌السلام ولا رَآه أَحَدٌ، فكيفَ هذا؟! أُحدِّثُ نَفْسي بذلك، فاَقَبَلَ عليٌ فقالَ: «إن اللهَ جَلَّ ذِكْرُه أَبانَ حجٌتَه من سائرِ خَلْقِه، وأَعْطاه مَعْرِفَةَ كُلِّ شيءٍ، فهو يَعْرفُ اللغات والأسباب والحوادثَ، ولولا ذلك لم يكُنْ بين الحجّةِ والمحجوجَ فرقُ »(١) .

وبهذا الإسنادِ قالَ: حَدَّثَني الحسنُ بن طريف قالَ: اخْتَلَجَ في صَدْري مسألتان أَرَدْتُ الكتابَ بهما إلى أَبي محمدعليه‌السلام ، فكَتَبْتُ أَسْأَلهُ عن القائمِ إذا قامَ بمَ يَقْضي، وأَيْنَ مَجْلِسُه الذي يَقْضي فيه بين الناس؟ وأَرَدْت (أَنْ أَسْألَه )(٢) عن شيءٍ لحُمّى الرِبع فاَغْفَلْتُ ذِكرَ الحمّى، فجاءَ الجوابُ: «سَأَلْتَ عن القائمِ، واذا قامَ قَضى بين الناسِ بعِلمِه كقَضاءِ داود لا يَسْأل البَيِّنةَ، وكُنْتَ أَرَدْتَ أنْ تَسْألَ عن حُمّى الربع فاُنسيتَ، فاكتُبْ في َورَقةٍ وعَلِّقْه على المحموم:( يَا نَارُكُوني بَرْدَاً وسلاماً على اِبْراهِيم ) (٣) » فكَتَبْتُ ذلك وعَلَّقْتهُ على المحَمومِ(٤) فاَفَاقَ وبرىء(٥) .

__________________

بذلك الخبر، والظاهر ان نصر والد حمزة في هذا السند هو أبو حمزة نصر الخادم الذي نبحث عنه، فحينئذٍ الاظهر صحة نصر وكون نصيرتصحيفاً.

(١) الكافي ١: ٤٢٦ / ١١، اعلام الورى: ٣٥٦، الخرائج والجرائح ١: ٤٣٦ / ١٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٦٨ / ٢٨، وذكره مختصراً المسعودي في اثبات الوصية: ٢١٤، وابن شهرآشوب ني المناقب ٤: ٤٢٨.

(٢) في «م» وهامش «ش»: ان اكتب اليه اسأله.

(٣) الانبياء ٢١: ٦٩.

(٤) في «م»:محموم لنا.

(٥) الكافي ١: ٤٢٦ / ١٣، دعوات الراوندي: ٢٠٩ / ٥٦٧، اعلام الورى: ٣٥٧، الخرائج والجرائح ١: ٤٣١ / ١٠، ومختصراً في مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣١، ونقله العلامة المجلسي

٣٣١

أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ ابن محمد، عن إسحاق بن محمد النخعي قالَ: حَدَّثَني إسماعيلُ بن محمد ابن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبدالله بن العباس قالَ: قَعَدْتُ لأبي محمّدعليه‌السلام على ظَهْرِ الطريقِ، فلمّا مَرَّ بي شَكَوْتُ إليه الحاجَةَ، وحَلفْتُ أَنّه ليس عندي درهمٌ فما فوقَه ولا غداءَ ولا عَشاءَ، قالَ، فقالَ: «تَحْلِفُ بالله كاذباً! وقد دَفَنتَ مائتي دينارٍ، وليس قَوْلي هذا دفعاً لك عن العطّيةِ، أَعْطِه يا غلامُ ما معك » فأَعْطاني غلامُه مائةَ دينارٍ، ثمّ أقْبَلَ عليّ فقالَ لي: «إنَّكَ تحْرَمُ الدنانيرَ التي دَفَنْتَها أحْوَجَ ما تَكُونُ إليها» وصَدَقَعليه‌السلام ، وذلك أَنَّني أَنْفَقْتُ ما وَصَلَني به واضْطررْتُ ضرورةً شديدةً إلى شيءٍ أُنْفقُه، وآنغَلَقَتْ عَلَيَّ أَبْوابُ الرِزْقِ، فنَبَشْتُ عن الدنانيرِالتي كُنْتُ دَفَنْتُها فلم أجِدْها، فَنَظَرْتُ فإذا (ابنُ عمٍّ لي )(١) قد عَرَفَ مَوْضِعها فأخَذَها وهَرَبَ، فما قَدَرْتُ منها على شيءٍ(٢) .

وبهذا الإسنادِ، عن إسحاقِ بن محمد النخعي قالَ: حَدَّثَنا عليُّ بن زيد بن عليّ بن الحسين قالَ: كانَ لي فرسُ وكُنْتُ به مُعْجَباً أُكْثِرُذِكْرَه في المجالسِ، فدَخَلْتُ على أَبي محمدعليه‌السلام يوماً فقالَ: «ما فَعَلَ فرسُك؟» فقُلْتُ: هو عندي، وهُو ذا، هو على بابك، الآن نَزَلْتُ عنه، فقالَ لي: «اسْتَبْدِل به قبلَ المساء إِنْ قَدَرْتَ على مُشْتٍر ولا تُؤَخَرْ ذلك »

__________________

في البحار ٥٠: ٢٦٥.

(١) في «م» وهامش «ش»: ابن لي.

(٢) الكافي ١: ٤٢٦ / ١٤، اعلام الورى: ٣٥٢، ثاقب المناقب: ٥٧٨ / ٥٢٧، الفصول المهمة: ٢٨٦، وذكره مختصراً المسعودي في اثبات الوصية: ٢١٤، والراوندي في الخرائح والجرائح ١: ٤٢٧ / ٦، وابن شهرآشوب في المناقب ٤: ٤٣٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٨٠ / ٥٦.

٣٣٢

ودَخَلَ علينا داخلٌ فانْقَطَعَ الكلامُ، فقُمْتُ مُفكِّراً ومَضَيْتُ إِلى مَنْزلي فأخْبَرْتُ أخي فقالَ: ما أدْري ما أقُولُ في هذا، وشَحَحْتُ به ونَفِسْتُ على الناسِ ببيعهِ، وأمْسَيْنا فلمّا صَلَّيْتُ العَتَمةَ جاءني السائس فقالَ: يا مولاي، نَفَقَ فَرَسُك الساعةَ، فاغْتَمَمْتُ وعَلِمْتُ أنَّه عَنى هذا بذلك القولِ. ثَم دَخَلْتُ على أبي محمدعليه‌السلام بعدَ أيام وأنا أقولُ في نفسي: لَيْتَه أخْلَفَ عليًٌ دابّةً، فلمّا جَلَسْتُ قالَ قَبْلَ أنْ أُحَدِّثَ(١) بشيء: «نعَمْ نُخْلف عليك، يا غلامُ أعْطِهِ برذوني الكميت » ثمَّ قالَ: اهذا خَيْرٌ من فرسِك وأوْطَأ وأطْوَلُ عُمراً»(٢) .

وبهذا الإسنادِ قالَ: حدَثَني محمدُ بن الحسن بن شمّون قالَ: حدَثَني أحمدُ بن محمد قالَ: كَتَبْتُ إِلى أبي محمدعليه‌السلام حينَ أخَذَ المهتدي في قَتْلِ الموالي(٣) : يا سيدي، الحمدُ للهِ الذي شَغَلَه عنّا، فقد بَلَغَني أنّه يَتَهدَدُك ويقولُ: واللهِ لأجلِّيَنَّهم عن جَدَد(٤) الأرضِ. فوَقَّعَ أبومحمدعليه‌السلام بخطٌه(٥) : «ذلك أقْصَرُ لعُمرِه، عُدَّ من يومِك هذا خمسةَ أيّامٍ، ويقتَلُ في اليوم السادس بَعْدَ هَوانٍ واستخفافٍ يَمرٌ به » وكانَ كما قالَعليه‌السلام (٦) .

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: اتحدث.

(٢) الكافي ١: ٤٢٧ / ١٥، اعلام الورى: ٣٥٢، الخرائج والجرائح: ١: ٤٣٤ / ١٢، ثاقب المناقب: ٥٧٢ / ٥١٦، وذكره مختصراً المسعودي في اثبات الوصية: ٢١٥، وابن شهرآشوب في مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٦٧.

(٣) في هامش «ش»: أي موالي نفسه.

(٤) في «م» وهامش «ش»: جديد. وفي «ش» هامش آخر: جديد الارض أي ظهرها.

(٥) قتل المهتدي يوم الثلاثاء لاربع عشر بقين من رجب سنة ٢٥٦، فتوقيع الامام كان في ٨ رجب سنة ٢٥٦.

(٦) الكافي ١: ٤٢٧ / ١٦، اعلام الورى: ٣٥٦، ومختصراً في مناقب آل ابي طالب ٤: ٤٣٦،

٣٣٣

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ ابن محمد، عن محمد بن إِسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر(١) قالَ: دَخَلَ العباسيونَ على (صالح بن وصيف )(٢) عندما حُبسَ أبو محمدعليه‌السلام فقالُوا له: ضَيِّقْ عليه ولا تُوَسِّعْ، فقالَ لهم صالَح:ما أصْنَعُ به؟! قد وَكلْتُ به رجلين شرَّ مَنْ قَدَرْتُ عليه، فِقد صارا من العبادة والصلاةِ والصيام إِلى أمْرٍ عَظيمٍ. ثم أمَرَ بإحضارِ الموَكَّلَينِ فقالَ لهما: ويَحْكما ما شأْنكما فيَ أمْرِ هذا الرجلِ؟ فقالا له: ما نقولُ في رجلٍ يَصومُ النهار َويَقُومُ الليلَ كُلَّه، لا يَتَكلَّمُ ولا يَتَشاغَلُ بغيرِ العبادةِ، فإذا نَظَرَ الينا ارْتَعَدَتْ(٣) فرائصُنا وداخَلَنا ما لا نَمْلِكُه من أنْفُسِنا. فلمّا سَمِعَ ذلك العباسيون انْصَرَفوا خاسِئين(٤) ،(٥) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليٌ بن محمد، عن جماعةٍ من أصْحابنا قالوا: سلمَ أبو محمدعليه‌السلام إلى نِحْريرٍ(٦) وكانَ يُضَيِّقُ عليه ويُؤْذيه، فقالَتْ له امْرَاته: اتقِ اللهَ، فإنَك لا تَدْري مَنْ في مَنْزِلك، وذَكَرَتْ له صَلاحَه وعبادَته، وقالَتْ: إِنّي أخافُ عليك منه، فقالَ: واللهِ لأرْمِيَنَّه بين السباعِ. ثم اسْتأْذَنَ في ذلك فاُذِنَ له، فرَمى به إليها، ولم

__________________

ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٣٠٨ / ٥.

(١) كذا في النسخ والبحار، وفي الكافي زيادة: عن علي بن عبد الغفار هنا.

(٢) صالح بن وصيف رئيس الامراء في خلافة المهتدي قتل سنة ٢٥٦. «دول الاسلام: ١٤١ ».

(٣) في «م» و «ح» وهامش «ش»: اُرْعِدَت.

(٤) في هامش «ش»: خائبين.

(٥) الكافي ١: ٤٢٩ / ٢٣، باختلاف يسير، اعلام الورى: ٣٦٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٣٠٨ / ٦.

(٦) هو نحرير الخادم من خواص خدم بني العباس.

٣٣٤

يَشُكُّوا في أكْلِها له، فَنظَروُا إلى الموضعِ ليَعْرِفوا الحالَ، فوَجَدُوهعليه‌السلام قائماً يُصَلِّي وهي حَوْلَه، فاُمِرَ بإخْراجِه إلى دارِه(١) .

والرواياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ، وفيما أثْبَتْناه منها كفايةٌ فيما نَحَوْناه إِنْ شاءَ اللهُ تعالى.

* * *

__________________

(١) الكافي ١: ٤٣٠ / ٢٦، باختلاف يسير، اعلام الورى: ٣٦٠، ثاقب المناقب: ٥٨٠ / ٥٣٠، ومختصراً في المناقب لابن شهرآشوب ٤: ٤٣٠، وفيه: انه سلم الى يحيى بن قتيبة، عوض «نحرير». ونقله العلامة المجلسي فى البحار ٥٠: ٣٠٩ / ٧.

٣٣٥

فصل

ذكْرِ وفاةِ أبي محمدٍ الحسن بن عليٍّ عليهما السلامُ ومَوْضِعِ قَبْرِه وذِكْر ولدِهِ

ومَرِضَ أبو محمدعليه‌السلام في أول شهر ربيع الأول سنةَ ستين ومائتين، وماتَ في يوم الجمعة لثمانِ ليالٍ خَلَوْنَ من هذا الشهر في السنةِ المذكورةِ، وله يَوْمَ وفاته ثمانٌ وعشروَنَ سنة، ودُفِنَ في البيت الذي فيه أبوه من دارِهما بسُرَّ مَنْ رأى.

وخَلَّفَ ابْنَه المنتَظَرَ لدولةِ الحقِّ. وكانَ قد أخْفى مَوْلدَه وسَتَرَأمْرَه، لصُعوبة الوَقْتِ، وشِدَّةِ طَلَب سُلْطانِ الزمانِ له، واجْتهادِه في البَحْثِ عن أمْرِه، ولمِا شاعَ مِنْ مَذْهَب الشيعةِ الإمامية فيه، وعُرِفَ من انتظارِهم له، فلم يُظْهِرْ وَلَدَهعليه‌السلام في حياتِه، ولا عَرَفَه الجُمْهورُ بعد وَفاتِه.

وتولىّ جعفرُ بن عليّ أخو أبي محمدعليه‌السلام أخْذَ تَركَتِه، وسَعى في حَبْسِ جواري أبي محمدعليه‌السلام واعْتقالِ حلائِلهِ، وشنٌعَ على أصحابه بانْتِظارِهم وَلَدَه وقَطْعِهِمْ بوجودِه والقولِ بإِمامتِه، وأغْرى بالقوم حتى أخافَهم وشرّدَهم، وجَرى على مخلَّفي أبي محمدعليه‌السلام بسببَ ذلك كُلّ عظيمةٍ، من اعتقالٍ وحَبْسٍ وتَهْديدٍ وتَصْغيرٍ واسْتِخْفافٍ وذُلٍّ، ولم يَظْفَرِ السلطانُ منهم بطائلٍ.

وحازَ جعفرُ ظاهِرَ تَركةِ أبي محمدعليه‌السلام وَاجْتَهَدَ في القيام عند الشيعةِ مَقامَه، فلم يَقْبَلْ أحدٌ منهم ذلك ولا اعْتَقَدَه فيه، فصارَ إِلى

٣٣٦

سُلطانِ الوقْتِ يَلْتَمِسُ مَرْتَبَةَ أخيه، وبَذَلَ مالاً جليلاً، وتقّرب بكل ما ظَنَ أنّه يتقرب به فلم يَنْتَفِعْ بشيءٍ من ذلك.

ولجعفر أخبار كثيرة في هذا المعنى، رأيتُ الإعْراضَ(١) عن ذكرِها لأسبابَ لا يَحْتَمِل الكتابُ شَرْحَها، وهي مشهورةٌ عند الإماميَّةِ ومَنْ عرَفَ أخْبارَ الناسِ من العامة، وبالله اسْتَعينُ.

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: الإضراب.

٣٣٧

٣٣٨

باب ذِكْرِ الإِمام القائمِ بعد أبي محمد عليه السلام

وتاريخِ مَوْلدِه، ودلائلِ إِمامتِه، وذِكْرِ طَرَفٍ

من اخْبارِه وغَيْبتِه، وسيرتِه عند قيامِه ومُدَّةِ دولتِه

وكانَ الإمامُ بعد أبي محمدعليه‌السلام ابْنَه المسمّى باسمِ رسولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المكنَى بكُنْيته، ولم يُخَلِّفْ أبوه ولَداً غَيْرَه ظاهراً ولا باطناً، وخلفَه غائباً مُسْتَترا ً(١) على ما قَدَّمنا ذِكْرَه.

وكانَ مولدهعليه‌السلام ليلةَ النصفِ من شعبان، سنةَ خمسٍ وخمسين ومائتين.

وأُمُّه أُمُّ ولدٍ يُقال لها: نَرْجِس.

وكانَ سِنُّه عِنْدَ وفاةِ أبي محمد(٢) خمسَ سنين، آتاه الله فيها الحِكْمةَ وفَصْلَ الخطاب، وجَعَلَه آيةً للعالمين، وآتاه الحكمةَ كما آتاها يحيى صبيّاً، وجَعَله إِمامَاً في حال الطُفوليّةِ الظاهرةِ كما جَعَلَ عيسى بن مريمعليه‌السلام في المَهْدِ نَبياً.

وقد سَبَقَ النصُّ عليه في ملّةِ الإسلام من نبيّ الهُدىعليه‌السلام ثمَّ مِنْ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بن أبي طالبعليهما‌السلام ، ونَصٌَ عليه الأئمةُعليهم‌السلام واحداً بعد واحدٍ إِلى أبيه الحسن عليه

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: مستوراً.

(٢) في « م » وهامش « ش »: أبيه.

٣٣٩

السلامُ، ونَصٌَ أبوه عليه عِنْدَ ثِقاتِه وخاصّةِ شيعتِه.

وكانَ الخبرُ بغَيبتِه ثابتاً قبل وُجوده، وبدَوْلتِه مُستفيضاً قَبْل غَيْبتِه، وهو صاحبُ السيفِ من أئمَّةِ الهُدىعليهم‌السلام ، والقائُم بالحقِّ، المُنتَظَرُ لدولةِ الإيمانِ، وله قَبْلَ قيامِه غَيْبَتان، إِحْداهما اطْوَلُ من الأخْرى، كما جاءَتْ بذلك الأخْبارُ، فأمّا القصرى منهما فمُنذ وَقْتِ مَوْلدِه إلى انقطاعِ السَفارةِ بَيْنَه وبينَ شيعتِه وعَدَم السفراءِ بالوفاةِ. وأما الطُولى فهي بَعْدَ الأولى وفي آخرها يَقُومُ بالسَيْفِ.

قالَ الله تعالى:( وَنُريدُ أنْ نَمُن عَلَى الذين استُضعِفوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَرْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهمُا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) (١) وقالَ جلّ ذِكْرُه: وَلَقَدْ كَتَبْنَا في ألزٌبورِ مِنْ بَعْدِ ألذِّكْر أنَ الأرْضَ يَرثُها عِبَادِيَ ألصالِحُونَ )(٢) .

وقالَ رَسولُ ِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لَنْ تَنْقَضِيَ الأيام والليالي حتى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً من أهل بيتي، يُواطِن اسْمُه اسْمي، يَمْلَؤُها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَتْ ظُلْماً وجَوْراً )(٣) .

وقالَعليه‌السلام : «لولَمْ يَبْقَ من الدنيا إِلّا يوم واحد لَطَوٌَلَ اللهً ذلك اليومَ حتّى يَبْعَثَ الله فيه رَجلاً من ولدي، يُواطىءِ اسْمُه اسْمي، يَمْلَؤُها

__________________

(١) القصص ٢٨: ٥ - ٦.

(٢) الأنبياء ٢١: ١٠٥.

(٣) وردت قطعة منه في مسند أحمد ١: ٣٧٦، وتاريخ بغداد ٤: ٣٨٨، ونقله ابن الصباغ في الفصول المهمة: ٢٩١.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563