المرأة العظيمة قراءة في حياة السيِّدة زينب بنت علي عليهما السلام

المرأة العظيمة  قراءة في حياة السيِّدة زينب  بنت علي عليهما السلام0%

المرأة العظيمة  قراءة في حياة السيِّدة زينب  بنت علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 312

المرأة العظيمة  قراءة في حياة السيِّدة زينب  بنت علي عليهما السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ حسن الصفار
تصنيف: الصفحات: 312
المشاهدات: 107687
تحميل: 5600

توضيحات:

المرأة العظيمة قراءة في حياة السيِّدة زينب بنت علي عليهما السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 312 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 107687 / تحميل: 5600
الحجم الحجم الحجم
المرأة العظيمة  قراءة في حياة السيِّدة زينب  بنت علي عليهما السلام

المرأة العظيمة قراءة في حياة السيِّدة زينب بنت علي عليهما السلام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المرأة العظيمة

قراءة في حياة السيِّدة زينب

بنت علي عليهما السلام

حسن الصفّار

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٣

٤

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ) (١) .

____________________________

(١) سورة الأحزاب: الآية ٣٩.

٥

٦

إهداء:

أُقدِّم هذا الكتاب بحبّ وخشوع إلى:

أمّي الحنون

كما ربّتني صغيراً

وتحمّلتْ الآلام من أجلي كبيراً

جزاها الله عنِّي خير الجزاء

وأدام عليَّ ظلّها الوارف

ونفعني بدعواتها الصّادقة.

٧

٨

كلمات في البدء

٩

١٠

يُعترف للمرأة بدورها الخلفي المساعِد في صناعة العظماء وإبرازهم، حيث لاحظ العقلاء حضوراً مميّزاً للمرأة في حياة الكثيرين من العظماء والزعماء الناجحين، فقالوا:

(خلف كلّ عظيم امرأة).

ولكنْ هل يعني ذلك أنّ حظّ المرأة من العظمة هو في حدود دورها الخلفي(اللّوجستيكي) ؟ وأنّها غير مؤهّلة للعظمة ذاتاً؟ أَمْ ماذا ؟

إنّ العظمة تعني : وجود مواصفات نفسيّة عالية، وامتلاك كفاءات ذهنيّة وعمليّة متقدّمة، وإحداث تأثير فعلي هام على ساحة الحياة.

وبهذا المعنى للعظمة لا شيء يقصر بالمرأة عن بلوغ درجتها. والتاريخ يخلّد لنا ذكرى العديد من النساء اللاتي ارْتَقَيْنَ سنام العظمة، وبَلَغْنَ ذَرْوَتَهَا، كما لا يخلو حاضر البشريّة من نماذج نسائيّة عظيمة، وتأتي السيِّدة زينب في طليعة ومقدّمة النساء العظيمات في تاريخ الإنسانيّة.

وأمّا واقع المرأة في مجتمعاتنا فهو يحكي عمق التخلّف والانحطاط الذي انحدرنا إليه،

١١

فمع أنّنا نعيش أدنى درجات التطوّر والنمو، ومع حاجتنا إلى أقل وأبسط الطاقات والقدرات من أجل دفع عجلة التنمية والتطوّر في بلادنا، إلاّ أنّ نصف مجتمعنا المتمثّل في المرأة قد فرضنا عليه حالة الشلل والعُزْلة والجمود.

وإذا ما عاشت المرأة جاهلة منغلقة على هامش الأحداث، فإنّ تأثيرات وضعها الخاطئ سينعكس على كلّ المجتمع.وهل أبناء المجتمع إلاّ ثمرات أحشائها والمتربّون في أحضانها؟

وأسوأ ما في الأمر أنْ يتمّ تجهيل المرأة واحتقارها وتهميشها باسم الإسلام!! حيث يرى بعض المتديّنين كراهة تعليم المرأة، واستحباب الأُمِّيَّة والجهل لها! ويرون أفضليّة انزوائها في بيتها، فلا تخرج حتّى للمشاركة في البرامج الدينيّة كصلاة الجماعة!

وأنّ صوتها عورة فلا يبلغ مسامع الرجال!

وأنّ لا دخل لها في الشؤون السياسيّة، فجهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها فقط!

ويُبالغ بعضهم : أنّ على المرأة أنْ لا تخرج من بيتها إلاّ مرّتَين في حياتها الأولى: من بيت أبيها إلى بيت زوجها عندما تتزوّج.والثانية : من منزلها إلى القبر حينما تموت!!

ويستندون في نسبة هذه الآراء الرَجْعِيّة للدين على نصوص وروايات وفتاوى، إمّا أنْ تكون مختلَقة مصطنَعة لا أساس لها، وإمّا أنّهم أساءوا فَهْمها وحرّفوا تفسيرها بما يتناسب مع أفكارهم المتحجِّرة.

وأفضل ردّ يكشف زَيف هذه الآراء، ويفضح الواقع المتخلّف للمرأة في مجتمعاتنا، ويثبّت مخالفته للدين وبراءة الإسلام منه، هو القراءة الواعية لحياة السيِّدة زينب.

وهل أحد يستطيع المزايدة على السيّدة زينب في الدين، وهي وليدة النبوّة، وخرِّيجة بيت الوحي والرسالة، وعقلية بني هاشم ؟

١٢

وحينما نقرأ شخصيّتها العظيمة، ونراها العالِمة العارِفة، والمعلّمة المحدّثة، التي كانت تعلّم النساء، ويروي عنها الرجال.

ونراها الثائرة المجاهدة، حيث غادرتْ بيتها العائلي الهادئ والتحقتْ بقافلة الثورة، لِتَنْتَقل من المدينة إلى مكّة، ومنها إلى كربلاء، ثمّ إلى الكوفة والشام.

ونراها الحاضرة الشاهدة في جميع أحداث النهضة الحسينيّة، تحاور أخاها الإمام، وتحرّض أصحابه الأبطال، وتهرول إلى ساحة المعركة، وتصرخ في وجوه العسكر، وتقود قافلة العائلة.

ونراها الخطيبة المُفَوَّهة، ترتجل الخطاب أمام جماهير الكوفة وفي مجلس ابن زياد ومجلس يزيد، حيث رجالات الحكم والجمع الحاشد من الجند والأعيان.

هذه الصور الحيّة التي نراها في حياة السيّدة زينب تناقض ما نراه من واقع المرأة في مجتمعاتنا، فأين يقف الدين إذاً ؟

وأيّ من الواقعين يمثّل رؤية الإسلام ويجسِّد تعاليمه؟

وبعد :

قادني التوفيق الإلهي منذ بضع سنوات لمجاورة السيّدة زينبعليها‌السلام والعيش قرب مقامها الشريف في المنطقة التي تعرف باسمها، جنوب دمشق الشام.

وقد أفاض الله عليّ الكثير من ألطافه ونعمه ببركتها، وكنتُ أهرع إلى مقامها وأتوسّل إلى الله سبحانه بحقِّها وفضْلها كلّما واجهني مشكل من مشاكل الحياة، فأعود مطمئنِّاً برحمة الله، واثقاً من عنايته وتسديده.

وأداءً لبعض حقّها الكبير فكّرتُ في تقديم خدمة متواضعة لساحة قدسها الشامخ بالكتابة عن شيء من حياتها المجيدة وسيرتها المشرقة.

ورأيت آلاف الزائرين يتقاطرون على حرمها الشريف من مختلف بقاع الأرض يقصدون التقرّب إلى الله تعالى بزيارتها، ويعبّرون عن عظيم حبّهم وولائهم

١٣

لها ولأسرتها النبويّة الكريمة.

لكنّ أكثر هؤلاء الزائرين كانوا يعانون من قلّة المعرفة وضعْف الاطّلاع على حياة السيّدة زينبعليه‌السلام ، وأبعاد شخصيّتها العظيمة.

بالطبع فإنّ مستوى الفائدة والثواب من الزيارة يترتّب على مستوى المعرفة بشخصيّة المزور، كما ورد ذلك في العديد من النصوص والروايات التي تتحدّث عن ثواب وفضل زيارات قبور الأولياء ومشاهد أئمّة الهدىعليهم‌السلام ، حيث تَجعل المعرفةَ شرطاً في حصول كامل الفائدة والثواب، ك-:

-الحديث الوارد عن الإمام الصادق عليه‌السلام حول زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام : (مَن زار الحسين عارفاً بحقِّه كَتَبَ اللهُ له ثواب ألف حجّة.

-وما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام : (ما زارني أحدٌ من أوليائي عارفاً بحقّي إلاّ تشفَّعْتُ فيه يوم القيامة).

ومن الواضح أنّ المعرفة بالإمام أو الولي تدفع الإنسان للاقتداء به واستلهام القِيَم الخيّرة من حياته.

وقد يرغب الكثيرون في التعرّف على شخصيّة السيِّدة زينب، وخاصّة زوّار مرقدها الشريف، لكنّ وسائل هذه المعرفة وأدواتها ليستْ في متناول أيدي الجميع.

فمن المتداول في البلدان المتقدّمة أنّك حينما تزور متحفاً أو معلِّماً تاريخيّاً أو مقاماً لتخليد شخصيّة معيّنة، فإنّ وسائل التعريف بذلك المكان أو تلك الجهة متوفّرة عند البوابة أو المدخل، من: كتب، ونشرات، مصوّرة، وأفلام، ومرشدين، سياحيّين، يشرحون لك ما تشاهده وتتساءل عنه.

فلماذا لا يتوفّر عندنا شيء من هذا القبيل لإفادة الزائرين لمقامات الأئمّة والأولياء ومعالم تاريخنا المجيد؟

١٤

من هذا المنطلق، وبدافع الأداء لبعض حقّ السيِّدة زينب، شرعتُ في إعداد هذا الكتاب، لأُقدِّم من خلاله صورةً واضحة مبسّطة عن حياة السيِّدة زينبعليه‌السلام وأبعاد شخصيّتها العظيمة.

بالتأكيد فإنّ التاريخ لم يحتفظ لنا بكل تفاصيل حياة السيِّدة زينبعليه‌السلام ، كما أنّ بعض جوانب سيرتها أصبحت مسرحاً لاختلاف الرواة والمؤرِّخين، كتحديد زمان ومكان وفاتها، وتعيين مدفنها وقبرها.

وقد اطّلعتُ حين إعداد هذا الكتاب على مجموعة من المؤلّفات والكتابات عن شخصيّة السيِّدة زينب وحياتها، وكان في بعضها جودة وفائدة، لكن اعتماد بعض المؤلِّفين على الروايات غير الموثوقة، والمصادر الضعيفة، واتّباع طريقة السرد التاريخي والقصصي دون أيّ تحليل أو استنتاج، ودون تركيز على المواقف والجوانب الأساسيّة في شخصيتها وسيرتها.. كل ذلك يجعل استفادة القارئ محدودة، والمعرفة التي يكسبها عن السيِّدة زينب غير وافية.

وإذا كان الإلمام بسيرتها، أو إبراز كامل حقيقة شخصيّتها أمراً صعب المنال، فإنّ المطلوب هو بذْل الجهد لرسم أجلى صورة عن ملامح شخصيّتها العظيمة وسيرتها العطرة. وهذا ما حاولْتُهُ في هذه السطور، مع اعترافي المسبق بالقصور والتقصير، أسأل الله تعالى القبول، وأنْ يجعلنا من السائرين على خُطَى السيِّدة زينب، وعلى نهج أُسرتها النبويّة الطاهرة.. وأنْ يكفينا الأسواء بحقّهم، وأنْ يحشرنا يوم القيامة في زمرتهم، إنّه وليّ التوفيق والحمد.

حسن الصفّار

١٠ |١١ |١٤١٣ ه-

٢ | ٥ |١٩٩٣ م

١٥

١٦

أشرف عائلة

١٧

١٨

حَسَبَ الإنسان ونَسَبُهُ وانتماؤه العائلي، له أهمِّيَّة كبيرة في شخصيّة الإنسان وفي نظرة الآخرين إليه، فهو عامل مؤثِّر في صياغة نفس الإنسان وفي توجيه سلوكه ومسار حياته.

وقد أثبتتْ العلوم الحديثة - عبر دراسة الجينات و(الكروموسومات ) الموجودة في الخليّة الحَيّة - ما يخلقه العامل الوراثي من قابليّة واستعداد في نفس الإنسان. فإنّه إذا ما انحدر من أُسرة شريفة وعائلة كريمة، فإنّ ذلك يخلق في نفسه أرضيّة واستعداداً لتقمّص صفات أسرته وعائلته، وعكس ذلك لو كان ينتمي لعائلة فاسدة وأسرة منحرفة، فإنّ انشداده ومَيْله للانحراف والفساد يكون أقوى.

بالطبع تلك قاعدة للأعم الأغلب، ولا تمثّل حتميّة كلِّيَّة ثابتة. كما أنّ للبيئة والتربية والظروف المحيطة بالإنسان دورها في تنمية تأثيرات العامل الوراثي أو كبحها عبر إرادة الإنسان وحرّيّة اختياره.

هذا عن التأثير الذاتي لعامل الحسب والنسب، أمّا التأثير الاجتماعي فإنّ من الطبيعي أنْ يأخذ الناس في الاعتبار عند نظرتهم للشخص تاريخ أهله وعائلته.

١٩

* وذلك من زاويتين:

الأولى:

توقّعهم مشابهة الفرد لأهله وأسرته - فهم يرجون منه الخير والصلاح إنْ كان مَنْبَتُهُ طيّباً، ويحذرون منه السوء والانحراف إنْ كان أصله فاسداً - لِمَا يلحظه الناس من تأثير العامل الوراثي غالباً.

-يقول الإمام علي عليه‌السلام : (عليكم في طلب الحوائج بشراف النفوس، ذوي الأصول الطيّبة، فإنّها عندهم أقضى وهي لديهم أزكى)(١) .

-ويقول - أيضاً - موصياً مالك الأشتر : (ثمّ الصق بذوي المروءات والأحساب، وأهل البيوتات الصالحة، والسوابق الحسنة.. فإنّهم جماع الكرم، وشعب من العرف)(٢) .

والثانية:

إنّ الفرد يعتبر امتداداً لأهله وأُسرته، فإذا كانت عائلته ذات فضل وإحسان للمجتمع فإنّ الوجدان يدفع الناس لمقابلة ذلك الفضل والإحسان باحترام أبناء العائلة المحسنة، وعكس ذلك لو انتمى الفرد لعائلة سيّئة أصاب الناس منها الأذى والضرر، فإنّ حسّ الانتقام سيدفعهم لإهمال أبناء تلك العائلة وتجاهلهم على الأقل.

تقول السيدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام : (أَمَا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبي يقول:(المرء يحفظ في ولده)(٣) .

من هذا المنطلق سنبدأ حديثنا عن السيّدة زينبعليه‌السلام بتسليط الأضواء على حسبها ونسبها.

فإنّها قد انحدرتْ من أشرف حسب، وانتمت إلى أفضل عائلة في تاريخ

____________________

(١) الطفل بين الوراثة والتربية: محمّد تقي فلسفي: ج ١، ص ٨٣.

(٢) نهج البلاغة: الإمام عليعليه‌السلام : كتاب رقم: ٥٣.

(٣) فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: محمّد كاظم القزويني: ص ٤٤٩.

٢٠