الإمام جعفر الصادق عليه السلام الجزء ٢

الإمام جعفر الصادق عليه السلام0%

الإمام جعفر الصادق عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الصادق عليه السلام
الصفحات: 163

الإمام جعفر الصادق عليه السلام

مؤلف: العلامة الجليل الشيخ محمد الحسين المظفر
تصنيف:

الصفحات: 163
المشاهدات: 60049
تحميل: 5836


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 163 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60049 / تحميل: 5836
الحجم الحجم الحجم
الإمام جعفر الصادق عليه السلام

الإمام جعفر الصادق عليه السلام الجزء 2

مؤلف:
العربية

عبد اللّه بن شريك :

أبو المحجل عبد اللّه بن شريك العامري، صحب الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وكان عندهما وجيهاً مقدماً، وعَدُّوه في حواريهما، وروي عن الصادقعليه‌السلام أنه يخرج لنصرة القائم المهدي عجّل اللّه فرجه، وهذا هو الفضل والفوز، والرفعة والجلال، نسأله جلّ شأنه أن نكون ممّن يخفق على رأسه لواؤه المنصور.

عبد اللّه بن مسكان :

عبد اللّه بن مسكان الكوفي مولى، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام وهو من الستة أصحاب الصادقعليه‌السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه كما مرَّ في أبان بن عثمان، ويعدّ من أجلّة الفقهاء العظام والرؤساء الأعلام، والمأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا طريق للطعن عليهم بشيء، وله كتب عديدة يرويها عنه أجلّة الثقات وأعلام الرواة.

عبد اللّه بن النجاشي :

أبو بحير عبد اللّه النجاشي الأسدي، كان زيديّاً ثمّ عدل الى القول بإمامة الصادقعليه‌السلام حين شاهد كرامة منه، انظر ذلك في «١ : ٢٦٠»، وكان والياً على الأهواز من قبل المنصور، وكتب الى الصادقعليه‌السلام يسأله عن السيرة في العمل، وعمّا يصنعه في أمواله وعن غير ذلك من شؤون ولايته، وأجاب الصادق بكتاب طويل وهي الرسالة المعروفة برسالة عبد اللّه النجاشي، وقد اقتطفنا منها فقرات ثمينة، ذكرناها في وصاياه من هذا الجزء ص ٤٤، وكان محمود السيرة في ولايته مرضيّاً عند الإمام، موثقاً عند العلماء الأعلام، حتّى أن شيخ الطائفة الطوسي طاب ثراه في التهذيب كتاب المكاسب منه عدّه من الزُهاد على أنه عامل المنصور على الأهواز.

عبد اللّه الكاهلي :

عبد اللّه بن يحيى الكاهلي الكوفي، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وكان ابو الحسن يرعاه ويحبّه، حتى قال لعلي بن يقطين : اضمن لي الكاهلي أضمن لك الجنّة، فضمن للإمام ما أراد، حتّى أن نعمته كانت تعمّ الكاهلي وقراباته، وكانت يجري عليهم النفقات مستغنين حتّى بعد موت الكاهلي.

وقد بشّره أبو الحسنعليه‌السلام بحسن المآل، فقد قال له يوماً : اعمل خيراً في سنتك هذه فإن أجلك قد دنا، فبكى الكاهلي، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : ما يبكيك ؟ قال له : جعلت فداك

١٤١

نَعيتَ إِليّ نفسي، قال : ابشر فإنك من شيعتنا وأنت الى خير، ثمّ ما لبث بعدها إِلا يسيراً حتّى مات.

فمن هذا ومثله تعرف كرامة الكاهلي عليهم وارتفاع محلّه عندهم، وله كتاب رواه عنه أعيان الثقات وبعض أهل الإجماع.

عبد الملك بن أعين :

أبو ضريس عبد الملك بن أعين الشيباني مولاهم أخو زرارة وحمران، روى عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، ومات أيام الصادق، ولمّا بلغه خبر وفاته وهو بمكّة رفع يده ودعا له واجتهد في الدعاء وترحّم عليه، ولمّا قدم المدينة زار قبره بالمدينة مع أصحابه، وقال زرارة : قال أبو عبد اللّهعليه‌السلام بعد موت عبد الملك : اللّهمّ إِن أبا الضريس كنّا عنده خيرتك من خلقك فصيّره في ثقل محمّد صلوات اللّه عليه وآله يوم القيامة، الى غير هذا ممّا ورد في حقّه، وهذا كما ترى يرشدك الى علوّ درجته، ورفيع محلّه، كما يرشد الى معرفته بأئمته.

وأمّا ابنه ضريس الذي يكنّى به فكان من رواة الصادق أيضاً وثقاتهم وروى عنه الثقات، وكانت تحته ابنة عمّه حمران.

عبيد بن زرارة :

عبيد بن زرارة بن أعين الشيباني مولاهم، ممّن أخذ عن أبي جعفر وأبي عبد اللّهعليهما‌السلام ، وله كتاب رواه عنه أجلّة الرواة، وبعض أهل الإجماع، وهو من عيون الثقات الذين لا لبس فيهم ولا شك، ومن الفقهاء البارزين، والأعلام الرؤساء الذين اُخذ عنهم الحلال والحرام، ومن أرباب الاُصول المدوَّنة، والمصنّفات المشهورة.

عبيد اللّه الحلبي :

عبيد اللّه بن علي بن أبي شعبة الكوفي الحلبي، وآل أبي شعبة بيت معروف من الشيعة بالكوفة كان متجرهم الى حلب فنسبوا اليها، وقد روى جدّهم أبو شعبة عن الحسن والحسينعليهما‌السلام وكانوا جميعهم ثقات، وكان عبيد اللّه هذا كبيرهم ووجههم، واذا اُطلق الحلبي فعلى الغالب يراد به عبيد اللّه هذا، وإِن كان قد يراد به أحياناً أخوه محمّد، وهو أوّل من صنّف من أصحاب أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، ولما صنَّف كتابه المعروف في الفقة عرضه على أبي عبد اللّهعليه‌السلام فاستحسنه وصحّحه، وقال عند قراءته له : أترى لهؤلاء مثل هذا ؟ وقد رواه عنه عدّة من أعلام الرواة وثقاتهم جزاهم اللّه عن الدين وأهله خير جزاء المحسنين.

١٤٢

العلاء بن رزين :

العلاء بن رزين القلا الكوفي مولى ثقيف، روى عن الصادقعليه‌السلام وكان وجهاً جليل القدر ضبطاً متقناً لم يرد غمز فيه من أحد، بل متّفق على جلالته ووثاقته، صحب محمّد بن مسلم وتفقَّه عليه، وله كتب رواها عنه أعيان الثقات من الرواة، وبعضهم من أصحاب الإجماع.

علي بن يقطين :

علي بن يقطين بن موسى الكوفي البغدادي، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وشأنه في الوثاقة والوجاهة والجلالة معروف، ومقامه عند الرشيد لا يجهل، وأخباره معه مسطورة، وما اكثر ما جاء فيه من الثناء والإطراء والبشارة بحسن العقبى، والانقلاب الى رضوانه وجنانه، مثل قول أبي الحسنعليه‌السلام : ضمنت لعلي بن يقطين الجنّة وألا تمسّه النار، وقولهعليه‌السلام وقد أقبل علي بن يقطين : من سرَّه أن يرى رجلاً من أصحاب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلينظر الى هذا المقبل، فقال له رجل من القوم : هو إِذن من أهل الجنّة، فقال أبو الحسن : أمّا أنا فأشهد أنه من أهل الجنّة، وقوله : من سعادة علي بن يقطين أنه ذكرته في الموقف، وقوله : إِني استوهبت علي بن يقطين من ربي جلّ وعزّ فوهبه لي، إِن علي بن يقطين بذل ماله ومودّته، فكان لذلك مستوجباً، الى كثير من أمثال هذه الأحاديث.

وأعماله الصالحة، وخدماته لأهل البيت، وقضاؤه لحوائج أوليائهم لا تحصر بحساب، كان ينيب في كلّ سنة من يحجّ عنه واُحصي له بعض السنين ثلاثمائة مُلبّ له، وكان يعطي بعضهم عشرين ألف وبعضهم عشرة آلاف للحج، مثل الكاهلي وعبد الرحمن بن الحجّاج وغيرهما، ويعطي أدناهم ألف درهم، وكان يحمل الأموال في كلّ سنة لأبي الحسنعليه‌السلام من مائة ألف الى ثلاثمائة ألف درهم، وزوَّج أبو الحسن ثلاثة أو أربعة من بنيه منهم أبو الحسن الرضاعليه‌السلام ، فكتب له علي

١٤٣

بن يقطين : وإِني قد صيّرت مهورهم اليك وزاد عليه ثلاثة آلاف دينار للوليمة، فبلغ ثلاثة عشر ألف دينار في دفعة واحدة(١) .

وكفى من قضائه لحوائج أوليائهم قيامه بنفقات الكاهلي وعيالاته وقراباته، وقيامه بحوائج كلّ من يأتيه من اولئك الأولياء.

وكفى علوّ شأنه ورفيع قدره قول أبي الحسنعليه‌السلام له : يا علي إِن للّه تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي، قال له ذلك حين قدم أبو ابراهيم موسى العراق، وقال له علي بن يقطين : أما ترى حالي وما أنا فيه(٢) .

وجملة القول أن علي بن يقطين كان عيناً للّه وملجأً لأولياء اللّه بين أعدائه، يقوم بأداء حقوقهم، ويدفع عادية السوء عنهم، هذا سوى صلاحه في أعماله الاُخر، وروايته لأحكام الدين، وإِن مثله ليعجز القلم عن استيفاء محاسنه وجميل خِصاله.

كانت ولادة علي بالكوفة عام ١٢٤، وكان أبو يقطين من وجوه الدُّعاة للدولة الهاشميّة، فطلبه مروان الحمار فهرب، وهربت زوجته بولديها علي وعبيد من الكوفة الى المدينة، الى أن ظهرت الدولة العبّاسيّة، فلمّا قامت ظهر يقطين، فلم يزل بخدمة السفّاح والمنصور، وهو مع ذلك كان يتشيَّع ويقول بالإمامة، وكذلك كان ولده، وكان يقطين يحمل الأموال الى الصادقعليه‌السلام ونما خبره الى المنصور والمهدي فصرف اللّه كيدهما عنه.

وتوفي علي بن يقطين بمدينة السلام - بغداد - عام ١٨٢، وصلّى عليه وليّ العهد محمّد الأمين بن الرشيد، وتوفي أبوه يقطين من بعده عام ١٨٥ فرحمة اللّه عليهما.

______________________

(١) الكشي : ٤٣٣/٨١٩.

(٢) نفس المصدر : ٤٣٣/٨١٧.

١٤٤

عمّار الدهني :

أبو معاوية عمّار بن خباب البجلي الدهني الكوفي، ودهن حيّ من بجيلة، كان من عيون أصحاب الصادقعليه‌السلام الثقات وبيته من بيوتات الشيعة المعروفة في الكوفة في يومهم، وقيل : إِن أباه يسمّى بمعاوية أيضاً.

قيل للصادقعليه‌السلام :إِن عمّاراً الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى (١)

قاضي الكوفة شهادة فقال له القاضي : قُم يا عمّار فقد عرفناك، لا نقبل شهادتك لأنك رافضي، فقام عمّار وقد ارتعدت فرائصه، وقد استغرقه البكاء، فقال له ابن أبي ليلى : أنت رجل من أهل العلم والحديث إِن كان ليسوؤك أن يقال لك رافضي فتبرّأ من الرفض وأنت من اخواننا، فقال له عمّار : ما ذهبت واللّه حيث ذهبت، ولكن بكيت عليك وعليّ، أمّا بكائي على نفسي فنسبتني الى مرتبة شريفة لست من أهلها، زعمت أني رافضي، ويحَك لقد حدّثني الصادقعليه‌السلام إِن أوّل من سمّي السحرة الذين شهدوا أنه موسى في عصاه، ثمّ آمنوا به واتّبعوه ورفضوا أمر فرعون واستسلموا لكلّ ما نزل بهم، فسمّاهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه، فالرافضي من رفض كلّ ما كرهه اللّه، وفعل كلّ ما أمره اللّه، وأين في الزمان هذا، فإنما بكيت عليَّ خشية أن يطبع على قلبي وقد تقبّلت هذا الاسم الشريف على نفسي، فيعاتبني ربّي ويقول : يا عمّار كنت رافضاً للأباطيل ؟ عاملاً للمطاعات كما قال لك ؟ فيكون ذلك مقصّراً لي في الدرجات أن يسامحني، موجباً لشديد العقاب على أن ناقشني، إِلا أن يتداركه مولى بشفاعتهم، وأمّا بكائي عليك فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي وشفقتي الشديدة عليك عذاب اللّه تعالى إِن صرفت أشرف الأسماء إِليّ أن جعلتها أرذلها، كيف تصبر بذلك على عذاب كلمتك هذه، فقال الصادقعليه‌السلام «لو أن على عمّار من الذنوب ما هو أعظم من السموات والأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، وأنها لتزيد في حسناته عند ربّه» الحديث.

وهذا كما ترى كاشف عن صلابة إِيمانه، وثباته في عقيدته وأن العواصف لم تمل به، وله كتاب يرويه جماعة من الثقات.

______________________

(١) هو محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، تولّى محمّد هذا قضاء الكوفة ثلاثاً وثلاثين سنة، ولي أولاً لبني اُميّة ثمّ لبني العبّاس، كانت ولادته عام ٧٤، ووفاته بالكوفة عام ١٤٨ وهو على القضاء، وعدّه الشيخ رحمه اللّه من أصحاب الصادقعليه‌السلام إِلا أن الظاهر أنه ممّن يحارب الصادق في أعماله.

١٤٥

وروى عن جماعة من أعلام السنّة، كما روى عنه منهم جماعة ومن ثمّ وثّقوه مع اعترافهم بتشيّعه، وذكره ابن النديم في الفهرست وعدّه من فقهاء الشيعة، وذكر في القاموس في - دهن - بني دهن وقال : بالضم حي منهم معاوية بن عمّار، فقال في التاج : أبوه عمّار يكنّى أبا معاوية روى عن مجاهد وأبي الفضل وعدّة، وعن شعبة والسفيانان، وكان شيعيّاً ثقةً مات سنة ١٣٣.

عمّار الساباطي :

أبو اليقظان عمّار بن موسى الساباطي، كوفي سكن المدائن، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وقد نسب إِلى الفطحيّة فإن صحّ فلا يخدش ذلك في وثاقته في الرواية، لا سيّما بعد أن ورد فيه عن الكاظمعليه‌السلام قوله :«استوهبت عمّاراً من ربي فوهبه لي» وقد ذكر ذلك الكشي في ثلاثة مواطن ص ١٦٤ و٢٥٦ و٣١٣، وقد عدّوه في الرؤساء الأعلام المأخوذ عنهم الحلال والحرام، وقد عمل الأصحاب بأحاديثه، وهو كثير الرواية، ومن سبَرَ كتب الحديث عرف كثرة روايته، وقال الشيخ في الفهرست : له كتاب كبير جيّد معتمد.

وإِن له أخوين هما قيس وصباح، وقد رويا عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام وهما من ثقات رواتهما أيضاً.

عمرو بن أبي المقدام :

عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز العجلي الكوفي، روى عن السجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام ، وعداده في التابعين، وقد سبق (١ :١٣٦) قوله : قال لي أبو عبد اللّهعليه‌السلام في أول دخلة دخلت عليه«تعلّموا الصدق قبل الحديث» . وهو القائل : اذا نظرت الى جعفر بن محمّدعليهما‌السلام علمت أنه من سلالة النبيّين، وقد روى الفريقان عنه هذه الكلمة، وله مقام معروف عند الفرقتين، وجاء عن الصادقعليه‌السلام فيه قول يدلّ على صلاحه وارتفاع مقامه عند اللّه تعالى، فقد قيل والصادق قاعد بفناء الكعبة : ما اكثر الحاجّ، فقالعليه‌السلام : ما أقل الحاجّ، فمرَّ عمرو بن أبي المقدام فقال : هذا من الحاجّ، انظر الكشي ص ٢٤٨. وله كتاب يرويه عنه الثقات، قال النجاشي : وله كتاب لطيف، ثمّ ذكر سنده اليه.

ابن أبي نصر السكوني :

عمرو بن أبي نصر الأنماطي السكوني الشرعبي، كان من الثقات الذين لا غمز فيهم بوجه، وله كتب يرويها عنه جماعة من الثقات وبعضهم من أصحاب الإجماع، وعداده في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

١٤٦

عمر بن اُذينة :

عمر بن اُذينة، روى عن الصادقعليه‌السلام مكاتبة، وروى عن الكاظمعليه‌السلام سماعاً، وكان شيخ أصحابنا البصريّين ووجهم كما قال النجاشي، وكان قد هرب من المهدي ومات باليمن، ولذا لم يروِ عن الكاظمعليه‌السلام كثيراً.

وقال الكشي ص ٢١٥ : ويقال اسمه محمّد بن عمر بن اُذينة غلب عليه اسم أبيه، غير أنه ذكر أنه كوفي وهو ينافي ما ذكره النجاشي إِلا أن يكون كوفي الأصل سكن البصرة وله كتاب الفرائض رواه عنه جماعة من الثقات.

عمر بن حنظلة :

أبو صخر عمر بن حنظلة العجلي البكري الكوفي، روى عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وله عند أهل البيت منزلة رفيعة دلّت على علوّ كعبه في الايمان والوثاقة، وقد قال فيه الصادقعليه‌السلام : إِذن لا يكذب علينا هذا حين قال للصادقعليه‌السلام يزيد بن خليفة(١) أن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، كما في فروع الكافي، باب وقت الصلاة، وقال له الصادق أيضاً يا أبا صخر أنتم واللّه على ديني ودين آبائي لنشفعنّ واللّه، ثلاث مرّات، حين يقول عدوُّنا :«فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» الى ما سوى ذلك ممّا جاء فيه، فهو كما ترى وتقرأ صادق عند الصادقعليه‌السلام ، وعلى دينه ودين آبائه، وهم الشفعاء له ولأمثاله، وأيّ مقام أرفع من هذا ؟

وله عن الصادقينعليهما‌السلام حديث كثير، رواه عنه أعيان الثقات ومنهم بعض أصحاب الإجماع.

عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام :

عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام مات وله ٦٥ سنة، وقيل ٧٠، قال الشيخ المفيد في إِرشاده : كان فاضلاً جليلاً، ولّي صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصدقات أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان ورعاً

______________________

(١) الحارثي، عداده في أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام ونسب الى الوقف، وروي فيه عن الصادقعليه‌السلام مدح.

١٤٧

سخيّاً وعن الباقرعليه‌السلام أنه قال : عمر بصري الذي أبصر به، وهو جدّ الشريفين المرتضى والرضي من قبل الاُم، وعن علَم الهدى في شرح المسائل الناصريّة عند ترجمة أجداده من قِبل اُمّة : وأمّا عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ولقبه الأشرف فإنه كان فخم السيادة، جليل القدر والمنزلة في الدولتين معاً الاُمويّة والعبّاسيّة، وكان ذا علم وقد روي عنه الحديث، الى غير هذا ممّا جاء في تقريظه وإِطرائه.

الفضيل بن يسار :

الفضيل بن يسار النهدي عربي بصري، روى عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، ومات في أيام الصادقعليه‌السلام ، وهو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، والإقرار لهم بالفقه من الستة أصحاب أبي جعفرعليه‌السلام ، وكان أبو عبد اللّه اذا نظر اليه مقبلاً قال : بشّر المخبتين، وكان يقول : إِن فضيلاً من أصحاب أبي، وإني لأحبّ الرجل أن يحبّ أصحاب أبيه، والأحاديث في فضله وصلاحه كثيرة حتّى قال الصادقعليه‌السلام : رحم اللّه الفضيل بن يسار وهو منّا أهل البيت، وذلك حين أخبروه أن يده لتبقى الى عورته عند غسله، ودلّت بعض الأحاديث أنه مستودع أسرار له، وهل بعد هذا من كرامة وجلالة ووثاقة ؟ رضوان اللّه عليه.

أبو بصير :

ليث بن البختري أبو بصير المرادي الكوفي، روى عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، ومقامه أرفع من أن يطرى، وكان من المقدّمين عند الصادقينعليهما‌السلام ، وللصادق فيه كلمات تكشف عن محلّ لا يُنال، ودرجة لا يساوقه فيها إِلا قلائل من نخبة رجالهم، وقد تقدّم البعض منها في بريد العجلي مثل قوله : أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة، وعدَّ منهم ليثاً هذا، وقوله : أصحاب أبي كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً، وعدَّ منهم ليثاً هذا، وقوله : بشّر المخبتين بالجنّة، وعدَّه منهم، الى كثير سوى هذا، وقد رأى في نفسه كرامات من الصادقعليه‌السلام ، منها مسحه على عينيه حتّى أبصر ثمّ إِعادته الى حاله الاُولى، ومنها نهيه عن دخوله عليه جُنباً، وكان قد دخل عليه وهو جُنب اختباراً.

وصفوة القول أن الرجل كان من أعاظم المحدّثين، وأعيان الفقهاء، ومن نظر في كتب الحديث عرف كثرة ما له من الحديث، وهو من الستة أصحاب الباقرعليه‌السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه، وشأنه اكبر من أن يذكر بوثاقة وجلالة قدر.

١٤٨

مؤمن الطاق*

محمّد بن علي بن النعمان أبو جعفر والأحول الصيرفي الكوفي، الملقّب بمؤمن الطاق عند الخاصّة، وبشيطان الطاق عند العامّة، ومن عرف مواقفه في مناظرات أعلامهم في الإمامة اتضح له المنشأ في تلقيبهم إِيّاه بهذا اللقب، وبغضهم له، فإن الحقّ ثقيل على النفس.

وهو يروي عن الصادقينعليهما‌السلام ، وجاء فيه ثناء جميل وتقريظ ومدح من إِمامه ومثقفه الصادقعليه‌السلام ، منها قوله : زرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، والأحول أحبّ الناس إِليّ أحياءً وأمواتاً، الى ما سوى ذلك.

وحديثه شائع في كتب الحديث، ومن نظر في مناظراته عرف كيف كان قويّ الحجّة، شديد العارضة، سريع الجواب، نبيه الخاطر، ذكيّ القلب، وكان في طليعة متكلّمي الاماميّة، على أن له القدح المعلّى في الفقاهة.

وشأنه أرفع من أن يطنب في إِطرائه، وأعرف من أن يكثر الكلام في تعريفه.

محمّد بن مسلم :

محمّد بن مسلم الثقفي الكوفي القصير، روى عن الصادقينعليهما‌السلام وأدرك زمن الكاظمعليه‌السلام ، وكان من الأفذاذ الذين لا يأتي بهم الدهر إِلا صدفة، وقد كان المثل الأعلى في الصلاح والطاعة لأئمّته، والامتثال لأوامرهم، والاقتداء بسيرتهم، والأمين عند جماعة الناس، فكان فضله وصلاحه معروفين حتّى عند مَن يخالفه في سيرته وسريرته، غير أنهم طعنوا فيه بالرفض، الذي كان يراه وأهل طريقته سِمَة جميلة، ومفخرة سامية، ولربّما رجعوا اليه فيما أشكل عليهم أمره، وجهلوا الحكم فيه، ولولا الإطالة لأوردنا من ذلك أمثلة.

______________________

(*) وقد توفّقت بلطفه سبحانه لإفراد رسالة فيه غير مطبوعة.

١٤٩

وقد عُدَّ فقيه عصره، الذي هو خيرة العصور في الفقه والفقهاء حتّى قال فيه عبد الرحمن بن الحجّاج، وحمّاد بن عثمان، وهما مَن علمت : ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمّد بن مسلم، وأن فقهاء عصره هم الذين حفظوا شرع أحمد المختارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما قال ذلك إمامهم الصادقعليه‌السلام ، وكيف لا يكون الفقيه الأوحد وقد سمع من أبي جعفرعليه‌السلام ثلاثين ألف حديث، ومن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ستة عشر ألف حديث، ومن ألقى نظرة على كتب الحديث عرف كيف بلغت روايته كثرة ووفرة.

وأمّا ثناء أئمته عليه فهو جمّ كثير، وقد سبق بعضه في بريد العجلي، ولو أردنا استيفاء ما جاء فيه لخرجنا عن الصدد، وهو من الستة أصحاب أبي جعفرعليه‌السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه.

وكانت وفاته عام ١٥٠، وله نحو من سبعين سنة، فيكون قد أدرك من عصر أبي الحسنعليه‌السلام سنتين، فرضوان اللّه عليه.

مرازم :

مرازم بن حكيم الأزدي المدائني، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وقتل أيام الرضاعليه‌السلام ، وكان مرازم هذا مع الصادق هو ومصادف مولى الصادق لمّا بعث عليه المنصور الى الحيرة، ولمّا سمح له بالعودة سار من الحيرة في أوّل الليل فعارضه عاشر، وحال بينه وبين المسير فطلب مصادف من الإمام أن يستعين هو ومرازم هذا على قتله، فأبى عليه الإمام، وما زال الإمام بالعاشر حتّى رضي بعد أن ذهب اكثر الليل، وهذا يدلّنا على اختصاصه بالإمام وشدّة حبّه وولائه له، وامتثاله لأمره.

وقال النجاشي وغيره : إِنه ممّن بلي باستدعاء الرشيد له وأخوه(١) أحضرهما الرشيد مع عبد الحميد بن غواص(٢) فقتله وسَلمِا، فرحمة اللّه عليه وألحقه اللّه بالرفيق الأعلى مع أئمته الاطهار.

______________________

(١) إِن لمرازم أخوين هما محمّد وجرير، وقيل إِن جريراً مصحف وإِنما هو حديد، على أيّ حال فهما معاً ثقتان ومن أرباب الكلام، وإِن الكاظمعليه‌السلام كان يرتضي كلام محمّد ويأمره أن يناظر، ولا أدري أيّ الاخوين المعني ههنا.

(٢) قيل : إِن في غواص ثلاث لغات اعجام العين والصاد، واعجام الاولى وإِهمال الثانية، وبالعكس، وهو من أصحاب الكاظمعليه‌السلام وقيل : ومن أصحاب الصادقينعليهما‌السلام أيضاً وهو من ثقات الرواة.

١٥٠

مسمع كردين :

مسمع كردين أبو سيار بن عبد الملك، عربي صميم من بكر بن وائل ومسمع اسمه وكردين لقبه، قال النجاشي ص ٢٩٨ : شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها وسيّد المسامعة، وروى عن أبي جعفرعليه‌السلام رواية يسيرة وروى عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام واكثر واختصّ به، وقال له أبو عبد اللّهعليه‌السلام : إِني لأعدّك لأمر عظيم يا أبا سيار، وروى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام وله نوادر كثيرة، انتهى.

وله أخبار كثيرة تشهد بتمسّكه الشديد بأهل البيتعليهم‌السلام وإِطاعته لإمامه، وإِخراجه لحقوق أمواله على كثرتها، بل أراد أن يجمع كلّ ماله ويحمله الى الإمام ولكن الإمام أبى عليه ذلك، بل سمع له بحقّ ماله الذي حمله اليه.

معاوية بن عمّار :

معاوية بن عمّار بن خباب البجلي الدهني الكوفي، وقد سبق ذكر أبيه عمّار، وكان معاوية وجهاً من أصحابنا مقدّماً كبير الشأن، فوق عظم المحلّ والوثاقة، وفي الوسائل كتاب النكاح باب نظر المملوك الى مالكه قول الصادقعليه‌السلام له : «يا بني» وهذا ممّا يرشدك الى عطفه عليه وحبّه له وعنايته به، وهل اكبر مقاماً من إِحلاله له هذا المحل.

وقد سبق في عمّار ذكر صاحب القاموس له في - دهن - وصاحب التاج لأبيه عمّار، وهذا ممّا يدلّ على معروفيّة معاوية وأبيه عمّار، وشهرتهم بالتشيّع.

معروف بن خربوذ :

معروف بن خربوذ المكّي، روى عن السجّاد والباقر والصادقعليهم‌السلام ، وهو من الستة أصحاب أبي جعفر الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه، وقد جاءت فيه أحاديث دلّت على جلالته وكبير مقامه، بل وكونه من أهل الأسرار، وكان من العبّاد الطويل سجودهم.

١٥١

المعلّى بن خنيس :

المعلّى بن خنيس مولى أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، إِن من تتبع أحاديثه عرف أنه من أهل الفقه والمعرفة بمنزلة الإمام، ومن أعيان الأصحاب، والذي يدلّ على علوّ مقامه عند الإمام حُزن الإمام على قتله، وخروجه من داره مغضباً يجرّ رداءه وإِسماعيل ابنه خلفه، وهو يقول«إِن المرء يصبر على الثكل ولا يصبر على الحرب» حتّى دخل على قاتله داود بن علي العبّاسي والي المنصور، وقال له : يا داود قتلت مولاي وأخذت مالي، وما هدأ حاله حتّى اقتصّ ممّن قتله، وهو السيرافي صاحب شرطة داود، ولمّا قدّموه لأن يقتل اقتصاصاً جعل يصيح : يأمروني أن أقتل لهم الناس ثمّ يقتلونني.

وقال الصادقعليه‌السلام لمّا قُتل المعلّى : أما واللّه لقد دخل الجنّة، وقال : اُفٍّ للدنيا، سلّط اللّه فيها عدوّه على وليّه، الى ما سوى ذلك ممّا يشهد له بالمنزلة الرفيعة، وما قتله داود إِلا لأنه كان من قوام أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، وبعث عليه ليدلّه على شيعة الصادق وأصحابه، فأبى عليه المعلّى فهدّده بالقتل إِن لم يخبره فأصرَّ على الكتمان، وهذا شاهد على تحرّجه في الدين، وسخائه بنفسه دون تلك الصفوة المنتجبة، فرضوان اللّه عليه وعليهم، وقد سبق ذكره في «١ : ١٢٢ و٢٥٩».

المفضّل بن عمر :

أبو عبد اللّه المفضّل بن عمر الجعفي الكوفي، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام وجمعَ من فواضل الخصال ما قلَّ أن يجمعه سواه من فقهاء الرواة وأعيان الثقات، فهو قد جمع الى العلم الجم، والفضل الغزير، والصلاح والورع، الوكالة عن الإمامينعليهما‌السلام ، يجمع لهما حقوق الأموال، ويصلح ما بين الناس من أموالهما، ويداري الضعفاء امتثالاً لأمرهما، الى غير هذا من كريم الصفات، وكفى به نبلاً ومعرفةً أن يعتمدا عليه في هذه المهمّة الكبرى، التي يحتاج القائم بها الى سعة صدر، وعلوّ همّة، وجدّ في قضاء حوائج إِخوانه، وإِيمان كامل، وأن أعماله لتشهد بكفاءته للاعتماد، وقد جعله الصادق وكيله بعد مضي عبد اللّه بن أبي يعفور كما سلف في عبد اللّه، وكيف ترى أهليّة من يكون خلَفاً عن مثل ذلك السلف، وما زال مضطلعاً بأعباء هذه الوكالة مع كثرة رجالهما في الكوفة الى أن وافاه القدر المحتوم، وهو محمود السيرة زكيّ السريرة.

١٥٢

وكفى من رفيع مقامه أن يقول فيه أبو عبد اللّهعليه‌السلام «نِعمَ العبد واللّه الذي لا إِله إِلا هو المفضّل بن عمر الجعفي» حتّى اُحصي عليه بضعاً وثلاثين مرّة يقولها ويكرّرها، ويقول فيه أبو الحسنعليه‌السلام بعد موته«إِن المفضّل كان اُنسي ومستراحي» وقال أيضاً«رحم اللّه المفضّل قد استراح» الى كثير من أمثال هذا البيان، وجملة القول إِن الرجل أرفع شأناً من أن يذكر بتوثيق، وأجلّ مقاماً من أن يزان بثناء.

وله كتب رواها عنه جملة من الثقات، واليه تنسب رواية التوحيد والاهليلجة عن الصادقعليه‌السلام ، كما سبق «١ : ١٤٩ و١٦٤».

ميسر بن عبد العزيز :

ميسر بن عبد العزيز النخعي الكوفي المدائني، روى عن الصادقينعليهما‌السلام ، وروى عنه عدّة من أعيان الثقات، وكثير منهم من أصحاب الإِجماع، وعدَّه ابن شهراشوب في المناقب من خواصّ الصادقعليه‌السلام وقيل إِنه توفي أيام الصادق عام ١٣٦.

والثناء عليه كثير كقول أبي جعفرعليه‌السلام «يا ميسر أما أنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرّتين، كلّ ذلك يؤخّر اللّه بصلتك لقرابتك» وجاء مفاد هذا الحديث مكرّراً، وكقوله أيضاً له«إِني لأحبّ ريحكم وأرواحكم، وإِنكم على دين اللّه ودين ملائكته» الى ما سوى هذه الأحاديث الشاهدة له بالكرامة والجلالة.

هشام بن الحكم :*

أبو محمّد هشام بن الحكم مولى كندة، وقد يكنّى بأبي الحكم، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وله كتب كثيرة ذكرها الرجاليّون في ترجمته.

وكان سابقاً في الكلام لا يشقّ غباره، ومجلياً قد أمن فيه عثاره، ومناظراته في فنونه ترشدك الى تلك القوّة في الحجّة، وفلّه لحجج مناظريه، وكان الصادقعليه‌السلام يمنع أصحابه من المناظرة والخصام إِلا شاذاً منهم، وكان هشام في طليعة من سمح له، وكان الصادقعليه‌السلام يحترمه ويقدّمه وهو شاب على

______________________

* توفّقت بحمده تعالى الى تأليف رسالة مستقلة فيه.

١٥٣

شيوخ أصحابه ذوي الرتب العليّة ويقول فيه«هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده» ويقول فيه أيضاً«هشام بن الحكم رائد حقّنا، وسائق قولنا، المؤيّد لصدقنا، والدامغ لباطل أعدائنا، من تبعه وتبع أثره تبعنا، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا» الى كثير سوى ذلك.

وقد اثنى عليه غير الصادقعليه‌السلام من أئمة أهل البيت كالرضاعليه‌السلام في قوله«كان عبداً صالحاً» وكالجوادعليه‌السلام في قوله :«رحمه اللّه ما كان اذبّه عن هذه الناحية» الى كثير من أمثال هذا.

وإِن أمثال هذه الكلمات من أئمة أهل البيت في شأنه لتغني الفطن اليقظ عن تنميق كلّ ثناء، ونسج كلّ مدح، وإِن هذه الكلم الفارطة تريك موقف الرجل في الذبّ عن الحقّ، ومحاربة الباطل، وإِن صارم مقوله في الدفاع عن الإمامة أمضى من مائة ألف سيف، كما يقول الرشيد، وهل هو إِلا الرجل الفرد الذي فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذاهب بالنظر، وقد أسرع اليه الموت من جرّاء تلك المناظرات في الإمامة، وذلك حين علم بمكانه الرشيد وخافه على نفسه، فهرب الى الكوفة فزع القلب، فمات بهذا الفزع، وقيل إِن موته كان عام ١٧٩.

وجاءت فيه بعض المطاعن، ومثله بتلك المنزلة في الذبّ عن أهل البيت ذلك الذبّ الذي ما زال أثره حيّاً حتّى اليوم، كيف لا يحتال حسّاده وأعداؤه في إِنقاصه، وهدم ما بناه، على أنه قد يطعن فيه الإمام نفسه ليدفع بذلك عنه السوء.

هشام بن سالم :

هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العلاف، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وكان من المجلين في الكلام، الذين أشرقوا أعداءهم بالريق، وألزموهم الحجّة، وأوضحوا للناس المحجّة، وكان ممّن سمحوا له بالمناظرة والكلام، ولو كان يخشى من عثاره، ويخاف من سقوطه، ما سمحوا له بتلك المخاصمات في يوم فيه العلم قد حلَّق بأعلى الجو، والسلطة عدوّة أهل البيت ونصيرة مخاصميهم في الإمامة، بل وفي كلّ فنّ وعلم.

وما كان متخصّصاً بالكلام فحسب، بل كان من أجلّة الفقهاء الكرام وجاءت فيه مدائح دلّتنا على علوّ مقامه، ورفيع قدره.

١٥٤

وجاءت فيه مطاعن كما جاءت في غيره من أجلّة أنصار أهل البيت وأصحابهم الثقات، والجواب عنها عامّة مفهوم، كما أنهم يذكرون الجواب عن كلّ طعنٍ طعن، وكيف يصحّ في أمثال هؤلاء الأعاظم قدح، وهل قام دين الحق، وظهر أمر أهل البيت إِلا بصوارم حُججهم، وقواطع براهينهم، فهم من المجاهدين في اللّه الذين لا تنهض لمواضي ألسنتهم وأدلّتهم الجيوش والعساكر، والسلطان والإرهاب.

يونس بن يعقوب :

يونس بن يعقوب البجلي الدهني الكوفي، روى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، ومات في عهد الرضاعليه‌السلام بالمدينة، فبعث اليه بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج اليه، وأمر مواليه وموالي أبيه وجدّه أن يحضروا جنازته، وأمر بدفنه بالبقيع، وأيّ كرامة أعظم من هذه.

وكان من أعلام الفقهاء ورؤسائهم الذين يؤخذ عنهم الحلال والحرام وكان وكيلاً لأبي الحسن موسىعليه‌السلام وذا حظوة عند الأئمةعليهم‌السلام ، ووردت فيه عنهم عدّة أحاديث تدلّ على جليل منزلته عندهم، وكبير عنايتهم به، مثل قول الكاظمعليه‌السلام «فنحن لك حافظون» وقول الصادق أو الكاظمعليهما‌السلام «إِنما أنت منّا أهل البيت، فجعلك اللّه مع رسوله وأهل بيته، واللّه فاعل ذلك إِن شاء اللّه» الى ما سوى هذه، فبهذا ومثله تتجلى حاله من الجلالة وعظم المقام، فضلاً عن الوثاقة في الرواية.

وبهذا نختم الكلام عن المشاهير من ثقات الرواة لأبي عبد اللّهعليه‌السلام ، الذين أخذوا عنه معالم الدين ومكارم الأخلاق وسائر العلوم، ومن ذلك تعرف قدر الرواة والرواية عنه، ومبلغ العلوم والفنون المرويّة عنه، والمأخوذة منه.

١٥٥

مواليه

كان لأبي عبد اللّهعليه‌السلام موال كثيرة، ولكن الذي جاء في ترجمة معتب الآتي ذكره أنهم عشرة وقالعليه‌السلام «وفيهم خائن فاحذروه وهو صغير» ولم يضبط أنه بالفاء، أو بالعين المهملة فيكون اسماً، أو بالغين المعجمة فيكون وصفاً، على أنه يحتمل أن يكون اسماً أيضاً، وعلى أيّ حال فإن الذي وجدته منهم يتجاوز العشرة، ولعلّهم كانوا عشرة في وقت من الأوقات، ونحن نستطرد ذكر من عثرنا عليه منهم :

١ - المعلّى بن خنيس :

كان المعلّى بن خنيس من موالي أبي عبد اللّهعليه‌السلام الذين يعتمد عليهم في تدبير شؤونه، ومن الثقات الذين قد يفضي اليهم بسرّه، وكان من مشاهير الثقات من رواته، كما ذكرناه فيهم.

٢ - معتب*

ومنهم معتب، وقد عدّه الرجاليّون في أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وعن الصادق أن مواليه عشرة، وأن خيرهم وأفضلهم معتب وقال : وفيهم خائن فاحذروه، وهو صغير، وفي آخر قالعليه‌السلام : مواليّ عشرة خيرهم معتب، وما يظن معتب إِلا أني أحقّ الناس.

وروى عنه من مشاهير الثقات وأعيانهم أمثال يونس بن يعقوب والمعلّى بن خنيس، وإِسحاق بن عمّار، وغيرهم، ومن هذا ومثله تعرف أنه من أهل المعرفة والفضيلة، والوثاقة في الحديث، وقد وثّقه العلامة في الخلاصة من دون ريب وتوقّف.

______________________

(*) بضمّ الميم وفتح العين المهملة وتشديد التاء المثناة الفوقانيّة المكسورة وباء موحّدة كما في الخلاصة للعلامة الحلّي طاب ثراه.

١٥٦

٣ - مسلم :

ومنهم مسلم، وعن أبي الحسنعليه‌السلام أن مسلماً سندي، وأن الصادق جعفرعليه‌السلام قال له«أرجو أن تكون وفّقت الاسم» وعنهعليه‌السلام «إن مسلماً عُلّم القرآن في النوم وأصبح قد علمه» ، وروي عن الرضاعليه‌السلام مثله، وبعض الأحاديث تدلّ على موالاته للإمام بل ومن أهل سرّه.

٤ - مصادف :

ومنهم مصادف، وعدّه أرباب الرجال في أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وروى عنه من أعلام الثقات أمثال الحسن بن محبوب، وعلي بن رئاب وغيرهما، وهذا شاهد على وثاقته وعرفانه بالحديث ومقام الإمامة.

وهو الذي أرسله الصادقعليه‌السلام الى مصر ببضاعة قدرها ألف دينار، وعاد وربحها ألف دينار، فاستكثر الصادق الربح، فأعلمه مصادف أن المتاع الذي معهم ليس منه شيء في مصر، فحلفوا ألا يبيعوه إِلا بربح دينار ديناراً، فأنكر الصادقعليه‌السلام هذا الحلف وهذا الربح وعدَّه حراماً، فأخذ الأصل وترك الربح، وقال له : يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال، وقد ذكرنا هذا في عطفه «١ : ٢٣٣».

وهو الذي كان مع الإمامعليه‌السلام ومرازم معهما لمّا استدعاه المنصور الى الحيرة، ولمّا سمح له المنصور بالرجوع الى المدينة خرج ليلاً فمنعه عاشر هناك عن الذهاب فحاول مصادف ومرازم أن يقتلاه فأبى عليهما الإمام، وما زال الإمام بالعاشر حتّى اقتنع فخلا عن السبيل، وقد مضى اكثر الليل فقال الصادق : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه، وقد ذكرنا ذلك في حلمه «١ : ٢٣٢» وفي مرازم من هذا الجزء.

٥ - سعيد الرومي :

ومنهم سعيد الرومي، وعدَّه الشيخ طاب ثراه في رجاله من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وروى عنه ابن مسكان وأبان وحمّاد وهؤلاء ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه، كما سبق في تراجمهم، وهذا دليل واضح على وثاقته في الرواية، واعتماد هؤلاء الأعيان الثقات عليه، وعلى معرفته بالحديث والأحكام، وأخذه عن الإمام.

١٥٧

٦ - صباح :

ومنهم صباح، والظاهر أنه بتخفيف الباء الموحدة، وكان عداده في أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وهذا يدلّ أن له رواية عنه، وحظّاً للأخذ منه، ودلالة على المعرفة بالإمام وكفى بها توفيقاً وسعادةً، زيادة على السعادة بخدمة الإمامعليه‌السلام ، والقيام بحوائجه.

٧ - طاهر :

ومنهم طاهر، ولم يذكر في ترجمته غير أنه من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وهذا كما ذكرناه في صباح كاشف عن أخذه عن سيّده وروايته عنه وهو سعادة وحظوة، ودلالة على المعرفة.

والظاهر أن طاهراً الذي روى عتاب الصادقعليه‌السلام لابنه عبد اللّه الأفطح وتوبيخه على ما لا يرضاه الإمام من فعله، هو طاهر هذا مولى الصادقعليه‌السلام .

٨ - عباس بن زيد :

ومنهم عباس بن زيد وهو مدني، وعداده في أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وأن له أحاديث، ولم يذكر فيه اكثر من هذا.

وإِن خدمة الإمام حظوة كبرى، والنظر الى وجهه الكريم كلّ حين من أسعد الطوالع، والأخذ عنه والانتهال من نميره من أفضل الباقيات الصالحات، لو كان يفعله المرء عن بصيرة ومعرفة وقصد وإِرادة، منتبهاً الى هذه الكرامة العظمى، شاكراً اللّه على بلوغ هذه النعمة السابغة.

٩ - الفضيل :

ومنهم الفضيل، وعداده أيضاً في أصحاب الصادق، وقد وقع في طريق الصدوق في باب نوادر الوصايا، ولم يذكر بشيء اكثر من هذا.

١٠ - المغيرة

ومنهم المغيرة، وعدّوه في أصحابهعليه‌السلام وأن له رواية وهذا كلّ ما يذكر فيه.

١١ - موسى

ومنهم موسى، وعداده في أصحابهعليه‌السلام ، وهذا كلّ ما يذكر فيه، وهذا كما عرفت حظّ سعيد، وتوفيق رفيع يسوقه وليّ التوفيق جلّ شأنه.

١٥٨

١٢ - نصر بن ساعد

ومنهم نصر بن ساعد، وقد ذكروا فيه أن له رواية عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام وهو كسوابقه ممّن حظي بالكرامة والتوفيق.

١٣ - سالمة

ومنهم سالمة، وقد عدّها الشيخ طاب ثراه في رجاله من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وهي التي روت أنها كانت عند أبي عبد اللّهعليه‌السلام حين حضرته الوفاة وقد اُغمي عليه، ولمّا أفاق قال«اعطوا الحسن الأفطس سبعين ديناراً، واعطوا فلاناً كذا، وفلاناً كذا» فقلت : أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك، قال : أتريدين ألا اكون من الذين قال اللّه عزّ وجلّ فيهم :( والذين يَصِلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب ) (١) وقد سبق ذلك في هباته السرّية «١ : ٢٢٩» وفي حاله عند الموت من هذا الجزء ص ١٠٤.

ومن هذه الرواية يستفاد أن سالمة كانت مقرّبة لدى الإمامعليه‌السلام يصغي لكلامها، ويجيب عنه من دون زجر وردع بل بالتعليم والوعظ.

هذا آخر ما توفّقت له من التحبير عن شخصية الإمام الصادقعليه‌السلام ، راجياً منه جلّ شأنه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يعفو عمّا زلّ به القلم، ويسمح لي ما خالط قصدي فيه ما لا يرتضيه.

كما أرجو من سيّدي أبي عبد اللّهعليه‌السلام أن يغمرني بألطاف قبوله لهذه الهديّة المزجاة التي أرفعها لمقامه الكريم، فإن الهدايا على مقدار مهديها.

وله الحمد كما بدأ يعود، والصلاة والسلام على خيرته من العباد، محمّد المصطفى، وعترته الأطايب الأمجاد.

______________________

(١) الرعد : ٢١.

١٥٩

الى القارئ الكريم

لعلّك تجد - كما أجد - هذه الصحائف غير كافلة بالابانة عن تلك الشخصيّة الفذَّة الكريمة - الإمام الصادق - ولا بدع فإن المرتقى ليس بسهل فالقصور عذري الذي سجّلته واُسجله على نفسي أبداً، ولا أدفع التقصير.

وأرجو أن تتحفني - بعد أن تجيل الطرف فيها - بما يحضرك من ملاحظات، فإن أحبّ اخواني من أهدى إِليَّ عيوبي، لنتدارك ذلك في طبعة اُخرى.

محمّد الحسين المظفّر

١٦٠