الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم 44%

الأقسام في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 173

الأقسام في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50078 / تحميل: 7568
الحجم الحجم الحجم
الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأَقْسام في القُرآنِ الكريم

دراسةٌ مُبَسَّطةٌ حَول الأَقسامِ الوارِدَة في الكتابِ العَزيزِ

العَلاّمة المُحَقِّق جَعفر السُبحاني

١

بسم اللّه الرحمن الرحيم

القُرآنُ والآفاق اللامُتَناهية

الحمد للّه الّذي علَّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على سيِّدنا ونبيّنا محمّد ، خير من طاف الأرض وحَكَم ، وعلى آله الأئمّة السادة ، هُداة الأُمّة إلى الطريق الأقوَم

نزل القرآن الكريم على قلب سيّد المُرسَلين هادياً للإنسان ومنيراً له طريق السعادة ، وقد وضع علماء الإسلام علوماً جَمَّة لفهم حقائقه وكشف أسراره ومعانيه ، وعلى الرغم من ذلك ، لم يزل المُفسّرون في كلّ عصر يستخرجون منه حقائق غفلَ عنها الأقدمون ، وكأنّ الإنسان أمام بحر موّاج بالحقائق العلميّة ، لا يُدرَك غوره ، ولا يُتوصّل إلى أعماقه ، ولا يمكن لأحد الإحاطة بأسراره وعجائبه

وكأنّ القرآن هو النسخة الثانية لعالم الطبيعة ، الّذي لم يزل يبحث عن أسراره الباحثون ، وهم بعدُ في الأشواط الأُولى من الوقوف على حقائقه الكامنة

ولا غروَ أن يكون الكتاب العزيز كذلك أيضاً ، لأنّه كتاب صدر من لَدُن حكيم عليم ، لا نهاية لوجوده وعلمه ، فيجب أن يكون كتابه المُنزّل رَشحَة من رَشَحات وجوده

٢

وهذا هو مُتكلّمُ قريش وخطيبهم الوليد بن المغيرة المخزومي ، لمّا جلس إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع شيئاً من آيات سورة غافر ، ذهب إلى قومه ليُبيِّن موقفه من الكتاب ، وقال : واللّه قد سمعتُ من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنِّ ، وإنّ له لحلاوَة ، وإنّ عليه لطلاوَة ، وإنّ أعلاه لمُثمِر ، وإنّ أسفلَه لمُغدِق ، وإنّه ليعلو وما يُعلَى عليه(١)

فقد أدرك مُنطيق قريش ، بصفاء ذهنه ، ما يحتوي عليه القرآن من أسرارٍ وكنوز

نعم ، قد سبقه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك ، حيث عَرّف القرآن بقوله :

( له ظَهرٌ وبَطن ، وظاهره حُكْم ، وباطنُه عِلْم ، وظاهره أنيق ، وباطِنه عَميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تُحصَى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى و منار الحكمة ) .(٢)

وقد أفاض الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في بيان أبعاد القرآن غير المتناهية ، وقال في خطبةٍ يصف فيها القرآن بقوله :( أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ نُوراً لا تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَسِرَاجاً لا يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَبَحْراً لا يُدْرَكُ قَعْرُهُ ـ إلى أن قال : ـوَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ وَبُحُورُهُ وَرِيَاضُ الْعَدْلِ وَغُدْرَانُهُ وَأَثَافِيُّ الإِسْلامِ وَبُنْيَانُهُ وَأَوْدِيَةُ الْحَقِّ وَغِيطَانُهُ وَبَحْرٌ لا يَنْزِفُهُ الْمُسْتَنْزِفُونَ وَعُيُونٌ لا يُنْضِبُهَا الْمَاتِحُونَ وَمَنَاهِلُ لا يَغِيضُهَا الْوَارِدُونَ ) .(٣)

وقد أثبت توالي التأليف حول القرآن الكريم ، على مُختلَف الأصعدة ، أنّه كتاب القرون والأعصار ، وحُجّة خالدة للناس إلى يوم القيامة ، وقد استحوذ الكتاب العزيز على اهتمام بالغ لم يَحظ به أيّ كتاب آخر

ــــــــــــــــ

(١) مجمَع البيان : ١٠/٣٨

(٢) الكافي : ٢/٥٩٩ ، كتاب القرآن

(٣) نهج البلاغة : ٢/٢٠٢ ، طبعة عبده

٣

إلماعٌ إلى بعض آفاقه اللامتناهية :

إنّ من آفاق القرآن و معانيه السامية هو أَقسامه ، فقد أقسمَ القرآن الكريم بأُمور مختلفة ، ربّما يبلغ عدد أقسامه إلى أربعين حِلفاً أو أكثر ، وتمتاز عن الأقسام الرائجة في العصر الجاهلي بأنّها انصبّت على ذوات مُقدَّسة أو ظواهر كونيّة ذات أسرار عميقة ، في حين امتاز القَسَمُ في العصر الجاهلي بالحلف بالمغاني والمُدام(١) وجمال النساء ، إلى غير ذلك من الأمور المادِّية الساقطة

حلف سبحانه في كتابه ـ مضافاً إلى ذاته ـ بـ : القرآن ، الملائكة ، النفس ، الشمس ، القمر ، السماء ، الأرض ، اليوم ، الليل ، القلم و غير ذلك من الموضوعات الّتي تحتوي على أسرار مَكنونة ، ويصحّ في حقّها ، قوله سبحانه :( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٢) .

ينقل السيوطي أنّ أوّل من أفرد أقسام القرآن بالتأليف هو شمس الدِّين محمد بن أبي بكر ، المعروف بابن قيم الجوزيّة (المتوفّى٧٥١هـ) ، ولم يذكر كتاباً غيره ، ثُمّ جمع السيوطي أقسام القرآن و جعله نوعاً من أنواع علومه ، فبحث عنها بحثاً موجزاً لا يتجاوز عن خمس صفحات .(٣)

وقال الكاتب الچلبي في ( كشف الظنون ) ـ بعد سرد ما قام به السيوطي ـ : وتبعه صاحب مفتاح الكرامة ، حيث أورده من فروع علم التفسير .(٤)

ولم نقف على كتاب مفرد حول أقسام القرآن في الأوساط الشيعيّة ، مع ما

ــــــــــــــــ

(١) المدام والمدامَة : الخمر

(٢) الواقعة : ٧٨

(٣) الإتقان في علوم القرآن : ٤ / ٤٦ ـ ٥١

(٤) كشف الظنون : ١ / ١٣٧ـ ١٣٨

٤

فيها من بحوث هامّة ، سوى ما ألّفه ولدي العزيز الروحاني ، الحائز على مقام الشهادة ، الشيخ أبو القاسم الرزّاقي (١) تحت عنوان ( سوگندهاى قرآن ) ، و هو كتاب قَيِّم ، حافل بنقل الآراء حول القَسَم في القرآن ، وقد طُبع في حياته بتقديم منّا ، تغمَّده اللّه برحمته وأسكنه فسيح جناته

ثُمّ إنّ ابن قيم الجوزيّة وإن كان أوّل من ألّفَ ـ حسب ما نعلم ـ ، ولكن كتابه يعوزه المنهجيّة في البحث ؛ حيث لم يذكر الأقسام الواردة واحداً تلو الآخر ، حسب حروف التهجّي أو حسب سور القرآن ، وإنّما ذكر أقسام كلّ سورة في فصل واحد

لكن ما ألّفه الشيخ الرزّاقي خال من هذه النقيصة ، فانّه ألّف كتابه على نمط التفسير الموضوعي ، فجعل لكلّ حلفٍ فصلاً خاصاً ، وذكر جميع الآيات الواردة في خصوص ذلك الحلف مثلاً : ذكر الآيات الّتي أقسم اللّه فيها بنفسه في فصل خاصّ ، كما جمع ما أقسم اللّه فيه بالليل في سور وآيات مختلفة في مكان واحد

ولمّا كان ما ألّفه ابن قيم غير خال عن النقيصة ، كما أنّ ما ألّفه ولدنا البارّ لا ينتفع به القارئ العربي ؛ لأنّه أُلّف باللغة الفارسيّة ، عزمت على تأليفٍ مفرد في هذا الصدَد ، بُغيَة تعميم الفائدة

وأُردِفه ـ إن شاء اللّه ـ بالبحث عن أمثال القرآن

ــــــــــــــــ

(١) استشهد مع مجموعة من العلماء أثر إسقاط الطائرة الّتي كانت تقلّهم أثناء رحلة داخلية خلال الحرب العراقية الإيرانية من قبل النظام البعثي الغاشم عام ١٤٠٨ هـ / ١٣٦٧هـ .ش

٥

بحوثٌ تمهيديَّة في أقسام القرآن

إنّ البحث عن الأقسام الواردة في القرآن الكريم رهن استعراض أُمور ، في معنى القسم و ما يتبعه من المُقسَم به والمُقسَم عليه وأبحاث أُخرى ، فنقول :

١ـ تفسير القَسَمِ :

إنّ لفظة القَسَمِ واضحة المعنى ، تُعادل الحلف واليمين في لغة العرب ، ولها مُعادل في عامّة اللغات ، وإنّما يُؤتى به لأجل تأكيد الخبر والمضمون ، قال الطبرسي : القَسَم جملة من الكلام يؤكَّد بها الخبر ، بما يجعله في قسم الصواب .(١)

قال السيوطي : القصد بالقَسَمِ تحقيق الخبر وتوكيده ، حتى جعلوا مثل :( وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقينَ لَكاذِبُون ) (٢) قسماً ، وإن كان فيه إخبار بشهادة ؛ لأنّه لمّا جاء توكيداً للخبر سُمّي قسماً .(٣)

ولذلك نُقِل عن بعض الأعراب أنّه لمّا سمع قوله تعالى :( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ ) (٤) صرخ وقال : مَن ذا الّذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين .(٥)

ــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان : ٥/٢٢٥

(٢) المنافقون : ١

(٣) الإتقان : ٤/٤٦

(٤) الذاريات : ٢٢ـ ٢٣

(٥) الإتقان : ٤/٤٦

٦

٢ ـ أَرْكانُ القَسَمِ :

إنّ القَسَم من الأمور ذات الإضافة ، وهو فعل فاعل مختار ، له إضافة إلى أُمور أربعة :

أ ـ الحالِف ، ب ـ ما يُحلَف به ، ج ـ ما يُحلَف عليه ، د ـ الغاية من القَسَمِ

أمّا الأوّل : فالحلف عبارة عن فعل الفاعل المختار ، فلا يصدر إلاّ منه ، سواء أكان واجباً كاللّه سبحانه ، أم مُمكناً كالإنسان وغيره

والّذي يتناوله بحثنا في هذا الكتاب هو : القسم الّذي صدرَ عن الواجب في كتابه العزيز دون سواه

فلا نتعرَّض لما حلف به الشيطان في القرآن وقال :( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .(١)

ثُمّ إنّ أدوات القَسَم عبارة عن الأمور الأربعة ، أعني : ( الباء ، والتاء ، والواو ، واللام ) وأمثلة الكُلّ واضحة

وأمّا الأخير فكقول الشاعر :

للّهِ لا يبقى على الأيّامِ ذُو حَيَدٍ

بمُشمَخَرٍّ به الظيّانُ والآسُ(٢)

وسيوافيك أنّ حرف الباء يجتمع مع فعل القسم دون سائر الأدوات ، إذ يحذف فيها فعله ، أعني : أُقسم

وأمّا الثاني ـ أي : ما يُحلَف به ـ : فانّ لكلّ قوم أُموراً مُقدّسة يحلفون بها ، وأمّا القرآن الكريم فقد حلَفَ سبحانه بأُمور تجاوزت عن الأربعين مُقسَماً به

وأمّا الثالث ـ أي : ما يُحلَف عليه ـ : والمُراد هو جواب القَسَم الّذي يُراد منه التأكيد عليه وتثبيته وتحقيقه ، وهذا ما يقال : القصد بالقَسَم تحقيق الخبر وتوكيده

ــــــــــــــــ

(١) ص : ٨٢

(٢) والحَيَد ـ كعَنَب ـ : جَمْع حيدة ، وهو القرن فيه عقد

والمُشمَخَرّ : الجبل العالي

والظيّان : الياسمين الصحرائي

والآس : شجر معروف

٧

ففي الآية التالية تتجلّى الأركان الثلاثة ، وتقول :( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ ) .(١)

فقوله :( وأقسَمُوا ) فهو الركن الأوّل

وقوله :( باللّهِ ) هو المُقسَم به

وقوله :( لا يبعثُ اللّه مَن يموتُ ) هو المُقسَم عليه

وكثيراً ما يُحذف الفعل ؛ وذلك لكثرة تردّد القَسَم في كلامهم ، ويُكتفى بالواو أو التاء في أسماء اللّه

نعم ، يلازم الأقسام بالباء ذكر الفعل ، كما في الآية السابقة ، وقوله :( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ) .(٢)

وعلى ضوء ذلك ، فباء القَسَم تُلازم ذكر فعله ، كما أنّ واو القَسَم وتاءه تلازم حذفه ، فيقال : أُقسِم باللّه ، ولا يقال : أُقسِم تاللّه أو أُقسِم واللّه ، بل يُقتصَر على قوله : تاللّه ، واللّه يقول سبحانه :( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) (٣) ، وقوله :( ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) .(٤)

ــــــــــــــــ

(١) النحل : ٣٨

(٢) التوبة : ٦٢

(٣) الأنبياء : ٥٧

(٤) الأنعام : ٢٣ .

٨

وثَمَّة نكتة جديرة بالإشارة ، وهي أنّ أكثر المفسّرين حينما تطرّقوا إلى الأقسام الواردة في القرآن الكريم ، ركّزوا جهودهم لبيان ما للمُقسَم به من أسرار و رموز ، كالشمس والقمر في قوله سبحانه :( والشَّمْسِ وَضُحاها * وَالْقَمرِ إِذا تَلاها ) (١) ، أو قوله :( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ) (٢) ، ولكنّهم غفلوا عن البحث في بيان الصلة والعلاقة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه

لاحظ مثلاً قوله سبحانه :( وَالضُّحى * وَالليلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) (٣) ، فالضحى والليل مُقسَم بهما ، وقوله :( ما ودَّعَكَ ربُّك وما قَلَى ) هو جواب القَسَم الّذي نُعبِّر عنه بالمُقسَم عليه ، فهناك صلة في الواقع بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، وهو أنّه لماذا لم يُقسم بالشمس ولا بالقمر ، ولا بالتين ولا بالزيتون ، بل حلف بالضحى والليل لأجل المُقسَم عليه ، أعني قوله :( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) ؟

وصفوة القول : إنّ كلّ قَسَم جدير لتحقيق الخبر ، ولكن يقع الكلام في كلّ قَسَم ورد في القرآن الكريم أنّه لماذا اختار المُقسَم به الخاصّ دون سائر الأُمور الكثيرة الّتي يُقسَم بها ؟!

فمثلاً : لماذا حلفَ في تحقيق قوله :( ما ودَّعَكَ ) بقوله :( والضُحى والليل ) ولم يُقسِم بالشمس والقمر ؟! وهذا هو المهمّ في بيان أقسام القرآن

ولم يتعرّض له أكثر المُفسّرين ، ولا سيّما ابن قيم الجوزيّة في كتابه ( التبيان في أقسام القرآن ) إلاّ نَزرَاً يسيراً

ــــــــــــــــ

(١) الشمس : ١ـ٢

(٢) التين : ١

(٣) الضحى : ١ـ٣

٩

ثُمّ إنّ الغالب هو ذكر جواب القَسَم ، وربّما يُحذَف كما يُحذَف جواب ( لو ) كثيراً ، أمّا الثاني فكقوله سبحانه :( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) (١) ، فانّ الجواب محذوف ، وهو نظير قوله :( لما آمنوا )

وأمّا الأوّل ، فكقوله سبحانه :( ص والقُرآنِ ذِي الذِّكر ) (٢) ، فانّ الحلف بالقرآن الكريم المُعرب عن تعظيمه ووصفه بأنّه مُذكِّر للعباد ، يدلّ على جوابه ، وهو أنّه مُنزَّل من عنده سبحانه غير مُفتَرى ، وما أشبه ذلك

وعلى كلّ حال ، فالغالب هو الأوّل أي : الإتيان بالجواب

إلى هنا تمَّ بيان أركان القَسَم الثلاثة ، وثَمّة رُكن رابع ، وهو : الغاية المُتوخّاة من القَسَم

فنقول : إنّ الغاية إمّا هي تحقيق الخبر ودعوة المخاطَب إلى الإيمان والإذعان به ، كما هو الغالب ، أو إلفات النظر إلى عظمة المُقسَم به ، وما يكمُن فيه من أسرار ورموز ، أو لبيان قداسته وكرامته ، كما في قوله :( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .(٣)

ومن خلال هذا البيان ، يتّضح الجواب على ما ربّما يقال من أنّ حلفه سبحانه إن كان لأجل المؤمن ، فهو يصدّقه بلا حلف ، وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده

والجواب : إنّ إيمان المؤمن بصدقِ إخباره سبحانه لا يُنافي تأكيده بالحلف ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ حلفه سبحانه بشيء إشارة إلى كرامته وقداسته أو إلى عظمته وما يكمن فيه من أسرار ورموز

ــــــــــــــــ

(١) الرعد : ٣١

(٢) ص : ١

(٣) الحجر : ٧٢

١٠

٣ جَوازُ الحلف بغير اللّه سبحانه :

تضافر الحلف بغيره سبحانه في الكتاب العزيز والسُنّة النبويّة

أمّا الكتاب ، فسيُوافيك حلفه بأشياء كثيرة ، وأمّا السُنّة فقد حلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير مورد بغير اسم اللّه

١ ـ فقد أخرج مسلم في صحيحه : أنّه جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول اللّه ، أيّ الصدقة أعظم أجراً ؟ فقال :( أمَا و أبيكَ ، لتُنَبَّأنَّه أن تصدّقَ وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ) .(١)

٢ ـ أخرج مسلم أيضاً : جاء رجل إلى رسول اللّه ، من نَجْد ، يسأل عن الإسلام ، فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( خمس صلوات في اليوم والليل

فقال : هل عليَّ غيرهُنّ ؟

قال : لا ، إلاّ أن تطَّوَّع ، وصيام شهر رمضان .

فقال : هلّ عليَّ غيره ؟

قال : لا ، إلاّ تطَوَّع ، وذكر له رسول اللّه الزكاة .

فقال الرجل : هل عليّ غيره ؟

قال :لا ، إلاّ أن تطَّوَّع

فأدبر الرجل وهو يقول : واللّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه

فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفلح وأبيه إن صدقَ .

أو قال : دخل الجنة ، و أبيه ، إن صدقَ ) .(٢)

ــــــــــــــــ

(١) صحيح مسلم : ٣/٩٤ ، باب أفضل الصدقة من كتاب الزكاة

(٢) صحيح مسلم : ١/٣٢ ، باب ما هو الإسلام

١١

وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه ، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة على ما يرويه مالك في مُوطّئه : أنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر ، فشكا إليه أنّ عامل اليمن قد ظلمه ، فكان يُصلِّي من الليل ، فيقول أبو بكر : وأبيك ، ما ليلُك بليلِ سارقٍ ) .(١)

وهذا علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خُطبه :

١ ـ( وَلَعَمْرِي ، مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ وَخَابَطَ الْغَيَّ مِنْ إِدْهَانٍ وَلا إِيهَانٍ ) .(٢)

٢ ـ( وَلَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَلا بِهِمُ الْعُهُودُ ) .(٣)

إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في كلامهعليه‌السلام ، وسائر أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام

نعم ، ثَمَّة أحاديث استُدلَّ بها على المنع عن الحلف بغير اللّه ، غير أنّها ترمي إلى معنى آخر كما سيوافيك

الحديث الأوّل :

إنّ رسول اللّه سمع عُمَر وهو يقول : ( وأبي ) ، فقال :( إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، ومَن كان حالفاً فليحلف باللّه أو يسكُت ) .(٤)

ــــــــــــــــ

(١) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٤/١٥٩ برقم : ٥٨٠

(٢) نهج البلاغة : الخطبة : ٢٣و٨٥

(٣) نهج البلاغة : الخطبة : ٢٣و٨٥

(٤) سُنن ابن ماجة : ١/٢٧٧ سُنن الترمذي : ٤/١٠٩

١٢

والجواب : إنّ النهي عن الحلف بالآباء ؛ قد جاء لأنّهم كانوا ـ في الغالب ـ مشركين وعبَدَة للأوثان ، فلم يكن لهم حرمة ولا كرامة حتى يحلف أحد بهم ، ولأجلذلك نرى أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل آباءَهم قرناء مع الطواغيت مرّة ، وبالأنداد ـ أي الأصنام ـ ثانية ، وقال : ( لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ) . (١)

وقال أيضا :( لا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمَّهاتكم ولا بالأنداد ) .(٢)

وهذان الحديثان يؤكّدان على أنّ المنهيّ عنه هو الحلف بالآباء الكافرين ، الّذين كانوا يعبدون الأنداد والطواغيت ، فأين هو من حلف المسلم بالكعبة والقرآن والأنبياء والأولياء ، في غير القضاء والخصومات ؟!

الحديث الثاني :

جاء ابنَ عُمَر رجل فقال : أحلفُ بالكعبة ؟ قال له : لا ، ولكن احلف بربِّ الكعبة ، فانّ عُمَر كان يحلف بأبيه ، فقال رسول اللّه له :( لا تحلف بأبيك ، فانّ مَن حلف بغير اللّه فقد أشرك ) .(٣)

إنّ الحديث يتألّف من أمرين :

أ ـ قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن حلف بغير اللّه فقد أشرك )

ب ـ اجتهاد عبد اللّه بن عُمَر ، حيث عدَّ الحلف بالكعبة من مصاديق حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

أمّا الحديث ، فنحن نذعنُ بصحَّته ، والقدر المتيقَّن من كلامه : ما إذا كان المحلوف به شيئاً يُعدّ الحلف به شركاً ، كالحلف بالأنداد والطواغيت ، والآباء الكافرين ، فهذا هو الّذي قصده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يعمّ الحلف بالمُقدَّسات كالقرآن وغيره

ــــــــــــــــ

(١) سُنن النسائي : ٧/٧ سُنن ابن ماجة : ١/٢٧٨

(٢) سُنن النسائي : ٧/٩

(٣) سُنن النسائي : ٧/٨ .

١٣

وأمّا اجتهاد ابن عُمَر ، حيث عدَّ الحلف بالكعبة من مصاديق الحديث ، فهو اجتهاد منه وحُجّة عليه دون غيره

وأمّا أنّ الرسول عدَّ حلف عُمَر بأبيه من أقسام الشرك ، فلأجل أنّ أباه كان مُشركاً ، وقد قلنا إنّ الرواية ناظرة إلى هذا النوع من الحلف

ومُجمَل القول : إنّ الكتاب العزيز هو الأُسوة للمسلمين عبر القرون ، فإذا وردَ فيه الحلف من اللّه سبحانه بغير ذاته سبحانه ، من الجماد والنبات والإنسان ، فيُستكشَف منه أنّه أمر سائغ ، لا يمُتّ إلى الشرك بصِلة ، وتصوّر جوازه للّه سبحانه دون غيره أمر غير معقول ؛ فانّه لو كان حقيقة الحلف بغير اللّه شركاً ، فالخالق والمخلوق أمامه سواء

نعم ، الحلف بغير اللّه لا يصحّ في القضاء وفضّ الخصومات ، بل لا بدّ من الحلف باللّه (جلّ جلاله) ، أو بإحدى صفاته الّتي هي رمز ذاته ، وقد ثبت هذا بالدليل ، ولا علاقة له بالبحث

وأمّا المذاهب الفقهيّة ، فغير مُجمعين على أمر واحد

أمّا الحنفيَّة ، فقالوا : بأنّ الحلف بالأب والحياة ، كقول الرجل : وأبيك ، أو : وحياتك ، وما شابه ، مكروه

وأمّا الشافعيَّة ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير اللّه ، لو لم يكن باعتقاد الشرك ، فهو مكروه

وأمّا المالكيَّة ، فقالوا : إنّ في القَسَم بالعظماء والمُقدّسات ـ كالنبيِّ و الكعبة ـ فيه قولان : الحرمة والكراهة ، والمشهور بينهم : الحرمة

وأمّا الحنابلة ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير اللّه وبصفاته سبحانه حرام ، حتى لو كان حلفاً بالنبيِّ أو بأحد أولياء اللّه تعالى

١٤

هذه فتاوى أئمّة المذاهب الأربعة(١) ، ولسنا الآن بصدَد مناقشتهم

وكان الحريّ بفقهاء المذاهب الأربعة ـ ولا سيّما في العصر الراهن ـ فتح باب الاجتهاد ، والرجوع إلى المسألة والنظر إليها بمنظار جديد ؛ إذ كم ترك السَلَف للخَلَفِ

على أنّ نسبة الحرمة إلى الحنابلة غير ثابتة أيضاً ؛ لاَنّ ابن قدامة يُصرّح في كتاب ( المُغني ) ـ الّذي كتبه على غرار فقه الحنابلة ـ : أنّ أحمد بن حنبل أفتى بجواز الحلف بالنبيّ ، وأنّه ينعقد لأنّه أحد رُكني الشهادة

وقال أحمد : لو حلف بالنبيِّ انعقد يمينه ، فإن حنث ، لَزَمَته الكفّارة .(٢)

إكمال :

قد ذكر السيوطي في كتاب ( الإتقان ) وقال : كيف أُقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القَسَمِ بغير اللّه ؟!

ثُمَّ ذكر أجوبة ثلاثة ، وهي :

الأوّل : إنّه على حذف مضاف ، أي : وربِّ التين وربِّ الشمس ، وكذا الباقي

الثاني : إنّ العرب كانت تُعظّم هذه الأشياء وتُقسِم بها ، فنزل القرآن على ما يعرفون

ــــــــــــــــ

(١) انظر : الفقه على المذاهب الأربعة : ٢/٧٥ ، كتاب اليمين ، مبحث الحلف بغير اللّه تعالى

(٢) المُغني : ١١/٢٠٩

١٥

الثالث : إنّ الأقسام إنّما تكون بما يُعظّمه المُقسِم أو يُجلُّه وهو فوقه ، واللّه تعالى ليس شيء فوقه ، فأقسمَ تارة بنفسه ، وتارة بمصنوعاته ، لأنّها تدلّ على بارئ وصانع

وقال ابن أبي الأصبع في ( أسرار الفواتح ) : القَسَم بالمصنوعات يستلزم القَسَم بالصانع ؛ لاَنّ ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل ، إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن ، قال : إنّ اللّه يُقسِم بما شاء من خلقه ، وليس لأحدٍ أن يُقسِم إلاّ باللّه .(١)

ولا يخفى ضعف الأجوبة

أمّا الأوّل : فانّ معنى ذلك إرجاع الأقسام المختلفة إلى قِسمٍ واحد ، وهو الربّ ، مع أنّه سبحانه تارة يُقسِم بنفسه ويقول :( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطين ) (٢) ، وأُخرى بالتين والزيتون والصافات والشمس ، فلو كان الهدف القسَم بالربِّ ، فما فائدة هذا النوع من الأقسام ، حيث يضيف نفسه إلى واحد من مخلوقاته ؟! فانّ العظمة للّه لا للمضاف إليه ، ولو كانت له عظمة فإنّما هي مقتبسة من الربِّ

وأمّا الثاني : فمعنى ذلك أنّه سبحانه جرى على ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي ، وقد هدمَ بعمله ما شرَّعه من النهي عن القسم بغير اللّه

وأمّا الثالث : فيكتنفه كثير من الغموض ، ولا يعلم كيفيّة رفع الإشكال ، وأمّا ما نقله عن ابن أبي الأصبع ، فيرجع إلى المعنى الأوّل ، وهو أنّ القَسَم بالمخلوق قَسَم بالخالق

ــــــــــــــــ

(١) الإتقان : ٤/٤٧

(٢) مريم : ٦٨

١٦

وما نقله عن ابن أبي حاتم ، من أنّ اللّه يُقسِم بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يُقسِم إلاّ باللّه ، أمر غير واضح ، لاَنّ إقسام المخلوق بغير اللّه لو كان من مقولة الشرك ، فالقاعدة لا تقبل التخصيص ، فيكون قَسَمه سبحانه بغير اللّه أيضاً شركاً وعبادة

وإن كان قَسَمه سبحانه لأجل بيان قداسته وعظمته ، أو الأسرار المكنونة فيه ، فهو أمر مشترك بين الخالق والمخلوق

والجواب : إنّ النهي عن الحلف بغير اللّه مُختصّ بالطواغيت والأنداد والمشركين من الآباء ، وأمّا غيرهم فلم يرد فيهم نهي

منهجنا في تفسير أقسام القرآن :

إنّه سبحانه تبارك و تعالى حلف بذوات مُقدَّسة بما يربو على الأربعين مرَّة ، فتفسيرها يُمكن أن يتمَّ بإحدى الصور التالية :

أ ـ أن نتناول تلك الأقسام بالبحث طِبق حروف التَهجّي ، ككتاب اللغة

ب ـ أن نتناولها بالبحث حسب أفضليّة المُقسَم به ، فنُقدِّم الحلف باللّه أو الربّ على الحلف بعُمْرِ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحياته ، وهو على الحلف بالملائكة ، وهكذا

وعلى ذلك ، يجب عقد واحد وأربعين فصلاً على النحو التالي :

١ـ الحلف بلفظ الجلالة ، وفيه فصلان :

أ ـ الحلف بلفظ الجلالة

ب ـ الحلف بالربِّ

٢ ـ الحلف بالنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيه فصلان :

أ ـ بعُمْرِ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ب ـ شاهد

٣ ـ الحلف بالقرآن ، وفيه فصلان :

أ ـ بالقرآن

ب ـ بالكتاب

١٧

٤ ـ الحلف بالملائكة ، وفيه أربعة فصول :

أ ـ الصافّات ، الزاجرات ، التاليات

ب ـ الذاريات ، الحاملات ، الجاريات ، المقسّمات

ج ـ المُرسَلات ، العاصفات ، الناشرات ، الفارِقات ، المُلقيات

د ـ النازعات ، الناشطات ، السابحات ، السابقات ، المُدبِّرات

٥ ـ الحلف بالقَلَمِ ، وفيه فصلان :

أ ـ القلم

ب ـ وما يسطرون

٦ ـ الحلف بالقيامة ، وفيه ثلاثة فصول :

أ ـ القيامة

ب ـ اليوم الموعود

ج ـ مشهود

٧ ـ الحلف بالنفس

٨ ـ الحلف بالشفع والوتر

٩ ـ الحلف بالوَلد والوالِد

١٠ ـ الحلف بالأمكنة ، وفيه ثلاثة فصول :

أ ـ الحلف بالبلد الأمين

ب ـ الحلف بطورِ سينين

ج ـ الحلف بالبيت المَعمور

١١ ـ الحلف بالأزمنة ، وفيه ثمانية فصول :

أ ـ الحلف بالصبح

ب ـ الحلف بالفجر

ج ـ الحلف باليوم

د ـ الحلف بالضحى

هـ ـ الحلف بالنهار

١٨

و ـ الحلف بالشفق

ز ـ الحلف بالليل

ح ـ الحلف بالعصر

١٢ ـ الحلف بالأرض والأجرام السماويّة ، وفيه ثمانية فصول :

أ ـ الحلف بالشمس وضحاها

ب ـ الحلف بالكواكب

ج ـ الحلف بالنجم

د ـ الحلف بمواقع النجوم

هـ ـ الحلف بالأرض

و ـ الحلف بالقمر

ز ـ الحلف بالخُنَّسِ الجَوار

ح ـ الحلف بالطارِق

١٣ ـ الحلف بالظواهر الجوِّيّة ، وفيه أربعة فصول :

ا ـ الحلف بالسماء

ب ـ الحلف بالذاريات

ج ـ الحلف بالحاملات

د ـ الحلف بالجاريات

ج ـ أن نتناولها حسب السور القرآنيّة ، فنُفسِّر ما ورد من الأقسام في سورة الشمس مرّةً واحدةً ، أو نُفسِّر ما ورد في سورة الفجر أو البلد في مكان واحد ، وعلى ذلك يجب عقد عدّة فصول حسب عدد السور الّتي وردَ فيها الحلف

وقد سلك ابن قيم الجوزيّة (المتوفّى٧٥١هـ) هذا المنهج ، فراح يبحث عن أقسام القرآن حسب السور

١٩

فابتدأ بتفسير الأقسام الواردة بالنحو التالي :

١ ـ القيامة ، ٢ ـ الشمس ، ٣ ـ الفجر ، ٤ ـ البلد ، ٥ ـ التين ، ٦ ـ الليل ، ٧ ـ الضحـى ، ٨ ـ١٠ ـ البـروج ، ١١ ـ الطارق ، ١٢ ـ الانشقاق ، ١٣ ـ التكوير ، ١٤ ـ النازعات ، ١٥ ـ المُرسَلات ، ١٦ ـ القيامة ، ١٧ ـ المُدَّثِّر ، ١٨ ـ الحاقّة ، ١٩ ـ المعارج ، ٢٠ ـ القلم ، ٢١ ـ الواقعة ، ٢٢ ـ النجم ، ٢٣ ـ الطور ، ٢٤ ـ الذاريات ، ٢٥ ـ ق ، ٢٦ ـ يس ، ٢٧ ـ الصافّات ، ٢٨ ـ الحِجْر ، ٢٩ ـ النساء

فقد عقد ٢٩ فصلاً حسب عدد السور الّتي وردت فيها الأقسام ، وهذا المنهج لا يخلو من مناقشة

لأنّه سبحانه ربّما حلف بالربِّ في سوَر مختلفة ، فلو كان مِحور البحث هو السور ، يلزم عليه تكرار البحث حسب تعدّد وروده في السور المختلفة ، وهذا بخلاف ما إذا جمع الآيات الّتي حلف فيها القرآن بربوبيَّته ، ويبحث فيها دفعة واحدة ، فهذا النوع من البحث يكون خالياً عن التكرار والتطويل

مضافاً إلى أنّه لم يُراعِ ترتيب السور حتى فيما اختاره ، من ذكر السور القصيرة مُتقدِّمة على السور الطويلة ، والعجب أنّه بحث عن الحلف الوارد في سورة القيامة مرّتين .(١)

د ـ وهناك منهج رابع ، سلكه ولدنا الروحاني الشهيد الشيخ أبو القاسم الرزّاقي (قدس اللّه سرّه) ، فقد أفرد لكلّ قَسَمٍ فصلاً خاصاً

ويُؤخَذ على هذا المنهج أنّه سبحانه حلف في بعض السور بموضوعات مُختلفة ، كسورة الشمس ، حيث حلف فيها بالشمس والقمر ، وفي الوقت نفسه بالنفس الإنسانيّة ، وجعل للجميع جواباً واحداً

وبما أنّ من البحوث المُهمَّة في أقسام القرآن هو بيان الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، فعلى ذلك المنهج يجب أن يتكرَّر البحث في أكثر الفصول ، بالنسبة إلى أُمور حلف بها سبحانه مرّة واحدة ، وذلك كالشمس و القمر والنفس الإنسانيّة ، وهذا مُستلزِم للإطناب

ــــــــــــــــ

(١) تارة في ص ٣٥ من كتابه المعروف ( التبيان في أقسام القرآن ) تحت عنوان : ( فَصْلٌ / القَسَم في سورة القيامة ) ، وأُخرى بنفس العنوان في ص ١٤٧ ، فلاحظ

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

شرائطها التي منها الاعتماد على الحسّ دون الحدس. وهو شرط اتّفق عليه العلماء ، ومن المعلوم عدم تحقّق هذا الشَّرط ، لعدم تعاصر المعدِّل ( بالكسر ) والمعدَّل ( بالفتح ) غالباً.

والجواب أنَّه يشترط في الشهادة ، أن يكون المشهود به أمراً حسّياً أو تكون مبادئه قريبة من الحسّ وإن لم يكن بنفسه حسّياً ، وذلك مثل العدالة والشّجاعة فإنَّهما من الأُمور غير الحسيّة ، لكن مبادئها حسّية من قبيل الالتزام بالفرائض والنوافل ، والاجتناب عن اقتراف الكبائر في العدالة ، وقرع الأبطال في ميادين الحرب ، والاقدام على الأُمور الخطيرة بلا تريُّث واكتراث في الشجاعة.

وعلى ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة ، اوبقيام القرائن والشَّواهد على عدالته ، أو شهرته وشياعه بين الناس ، على نحو يفيد الاطمئنان ، فكذلك يمكن إحراز عدالة الراوي غير المعاصر من الاشتهار والشياع والأمارات والقرائن المنقولة متواترة عصراً بعد عصر ، المفيدة للقطع واليقين أو الاطمئنان.

ولا شكَّ أنَّ الكشّي والنجاشي والشيخ ، بما أنَّهم كانوا يمارسون المحدِّثين والعلماء ـ بطبع الحال ـ كانوا واقفين على أحوال الرواة وخصوصيّاتهم ومكانتهم من حيث الوثاقة والضبط ، فلأجل تلك القرائن الواصلة اليهم من مشايخهم وأكابر عصرهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، شهدوا بوثاقة هؤلاء.

وهناك جواب آخر ؛ وهو أنَّ من المحتمل قويّاً أن تكون شهاداتهم في حق الرواة ، مستندة إلى السَّماع من شيوخهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، وكانت الطّبقة النهائيَّة معاشرة لهم ومخالطة إيّاهم.

وعلى ذلك ، لم يكن التَّعديل أو الجرح أمراً ارتجاليّاً ، بل كان مستنداً ، إمّا إلى القرائن المتواترة والشواهد القطعية المفيدة للعلم بعدالة الراوي أو

٤١

ضعفه ، أو إلى السَّماع من شيخ إلى شيخ آخر.

وهناك وجه ثالث ؛ وهو رجوعهم إلى الكتب المؤلفة في العصور المتقدّمة عليهم ، التي كان أصحابها معاصرين للرواة ومعاشرين لهم ، فإنَّ قسماً مهمّاً من مضامين الأصول الخمسة الرجاليّة ، وليدة تلك الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة.

فتبيَّن أنَّ الأعلام المتقدّمين كانوا يعتمدون في تصريحاتهم بوثاقة الرَّجل ، على الحسّ دون الحدس وذلك بوجوه ثلاثة :

1 ـ الرجوع إلى الكتب التي كانت بأيديهم من علم الرجال التي ثبتت نسبتها إلى مؤلّفيها بالطّرق الصحيحة.

2 ـ السَّماع من كابر عن كابر ومن ثقة عن ثقة.

3 ـ الاعتماد على الاستفاضة والاشتهار بين الأصحاب وهذا من أحسن الطّرق وأمتنها ، نظير علمنا بعدالة صاحب الحدائق وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري وغيرهم من المشايخ عن طريق الاستفاضة والاشتهار في كل جيل وعصر ، إلى أن يصل إلى زمان حياتهم وحينئذ نذعن بوثاقتهم وإن لم تصل الينا بسند خاصّ.

ويدلّ على ذلك ( أي استنادهم إلى الحسّ في التوثيق ) مانقلناه سالفاً عن الشيخ ، من أنّا وجدنا الطائفة ميَّزت الرجال الناقلة ، فوثّقت الثّقات وضعَّفت الضعفاء ، وفرَّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ـ إلى آخر ما ذكره.(1)

ولاجل أن يقف القارئ على أنَّ أكثر ما في الأُصول الخمسة الرجالية ـ لا جميعها ـ مستندة إلى شهادة من قبلهم من الاثبات في كتبهم في حق الرواة ،

__________________

1 ـ لاحظ عدة الأُصول : 1 / 366.

٤٢

نذكر في المقام أسامي ثلّة من القدماء ، قد ألَّفوا في هذا المضمار ، ليقف القارئ على نماذج من الكتب الرجاليَّة المؤلَّفة قبل الأُصول الخمسة أو معها ولنكتف بالقليل عن الكثير.

1 ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( المتوفّى 381 هـ ) ، ترجمه النجاشي ( الرقم 1049 ) وعدَّ من تصانيفه كتاب « المصابيح » في من روى عن النبي والأئمةعليهم‌السلام وله ايضاكتاب « المشيخة » ذكر فيه مشايخه في الرجال وهم يزيدون عن مائتي شيخ ، طبع في آخر « من لايحضره الفقيه »(1) .

2 ـ الشيخ أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزاز المعروف بـ « ابن عبدون » ( بضم العين المهملة وسكون الباء الموحدة ) ، كما في رجال النجاشي ( الرقم 211 ) وبـ « ابن الحاشر » كما في رجال الشيخ(2) ، والمتوفّى سنة 423 هـ وهو من مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي وله كتاب « الفهرس ». أشار إليه الشيخ الطوسي في الفهرس في ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي(3) .

3 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بـ « ابن عقدة » ( بضم العين المهملة وسكون القاف ، المولود سنة 249 هـ والمتوفّى سنة 333 هـ ) له كتاب « الرجال » وهو كتاب جمع فيه أسامي من روى عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام وله كتاب آخر في هذا المضمار جمع فيه أسماء الرواة عمن تقدم على الإمام الصّادق من الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .(4)

__________________

1 ـ ترجمة الشيخ في الرجال ، في الصفحة 495 ، الرقم 25 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 156 ، تحت الرقم 695 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 184 ، تحت الرقم 709.

2 ـ رجال الشيخ : 450 ، ترجمه الشيخ بـ « أحمد بن حمدون ».

3 ـ الفهرس : 4 ـ 6 ، « الطبعة الأولى » ، تحت الرقم 7 و « الطبعة الثانية » : 27 ـ 29.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 44 ، الرقم 30 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » ص 28 ،

٤٣

4 ـ أحمد بن علي العلويّ العقيقيّ ( المتوفى عام 280 هـ ) له كتاب « تاريخ الرجال » وهو يروي عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم القمي.(1)

5 ـ أحمد بن محمّد الجوهري البغدادي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 207 ) والشيخ الطوسي(2) وتوفّي سنة 401 هـ ، ومن تصانيفه « الاشتمال في معرفة الرجال ».

6 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمّد بن نوح ، ساكن البصرة له كتاب « الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام »(3) .

7 ـ أحمد بن محمَّد القمي ( المتوفى سنة 350 هـ ) ترجمه النجاشي ( الرقم 223 ) ، له كتاب « الطبقات ».

8 ـ أحمد بن محمَّد الكوفي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 236 ) وعدَّ من كتبه كتاب « الممدوحين والمذمومين »(4) .

9 ـ الحسن بن محبوب السرّاد ( بفتح السين المهملة وتشديد الراء ) أو الزرّاد ( المولود عام 149 هـ ، والمتوفّى عام 224 هـ ) روى عن ستّين رجلاً من

__________________

تحت الرقم 76 ، وفي « الطبعة الثانية » ص 52 ، تحت الرقم 86 ، وذكر في رجال النجاشي تحت الرقم 233.

1 ـ ترجمه النجاشي في رجاله ، تحت الرقم 196 ، والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 24 ، تحت الرقم 63 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 48 ، تحت الرقم 73 ، وفي الرجال في الصفحة 453 ، الرقم 90.

2 ـ رجال الشيخ : 449 ، الرقم 64 ، والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 33 ، تحت الرقم 89 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 57 ، تحت الرقم 99.

3 ـ ترجمه الشيخ في رجاله : 456 ، الرقم 108 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 37 ، تحت الرقم 107 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 61 ، تحت الرقم 117.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 454 ، وقال في الفهرس « الطبعة الأولى » بعد ترجمته في الصفحة 29 ، تحت الرقم 78 : « توفي سنة 346 هـ » ويكون في « الطبعة الثانية » من الفهرس في الصفحة 53 ، تحت الرقم 88.

٤٤

اصحاب الصادقعليه‌السلام وله كتاب « المشيخة » وكتاب « معرفة رواة الأخبار »(1) .

10 ـ الفضل بن شاذان ، الّذي يُعدُّ من أئمّة علم الرجال وقد توفّي بعد سنة 254 هـ ، وقيل 260 هـ ، وكان من أصحاب الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام وتوفّي في أيام العسكريعليه‌السلام (2) ينقل عنه العلاّمة في الخلاصة في القسم الّثاني في ترجمة « محمد بن سنان » ـ بعد قوله : والوجه عندي التوقّف فيما يرويه ـ « فإنَّ الفضل بن شاذان ـ رحمهما الله ـ قال في بعض كتبه : إنَّ من الكذّابين المشهورين ابن سنان »(3) .

إلى غير ذلك من التآليف للقدماء في علم الرِّجال وقد جمع أسماءها وما يرجع اليها من الخصوصيّات ، المتتبع الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتاب أسماه « مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال »(4) .

والحاصل ، أنّ التتبّع في أحوال العلماء المتقدّمين ، يشرف الإنسان على الاذعان واليقين بأنَّ التوثيقات والتضعيفات الواردة في كتب الأعلام الخمسة وغيرها ، يستند إمّا إلى الوجدان في الكتاب الثّابتة نسبته إلى مؤلّفه ، أو إلى النّقل والسّماع ، أو إلى الاستفاضة والاشتهار ، أو إلى طريق يقرب منها.

__________________

1 ـ راجع رجال الشيخ الطوسي : 347 ، الرقم 9 والصفحة 372 ، الرقم 11 والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 46 ، تحت الرقم 151 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 72 ، تحت الرقم 162.

2 ـ ذكره النجاشي في رجاله تحت الرقم 840 والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 124 ، تحت الرقم 552 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 150 ، تحت الرقم 564 ، وفي الرجال في الصفحة 420 ، الرقم 1 ، والصفحة 434 ، الرقم 2.

3 ـ الخلاصة : 251 ، طبع النجف.

4 ـ طبع الكتاب عام 1378.

٤٥

السابع : التوثيق الإجمالي

إنَّ الغاية المُتوخّاة من علم الرجال ، هو تمييز الثِّقة عن غيره ، فلو كانت هذه هي الغاية منه ، فقد قام مؤلّف الكتب الأربعة بهذا العمل ، فوثَّقوا رجال أحاديثهم واسناد رواياتهم على وجه الاجمال دون التَّفصيل ، فلو كان التَّوثيق التفصيلي من نظراء النَّجاشي والشَّيخ وأضرابهما حجَّة ، فالتَّوثيق الاجمالي من الكليني والصَّدوق والشيخ أيضاً حجَّة ، فهؤلاء الأقطاب الثَّلاثة ، صحَّحوا رجال أحاديث كتبهم وصرَّحوا في ديباجتها بصحّة رواياتها.

يقول المحقّق الكاشاني في المقدّمة الثانية من مقدّمات كتابه « الوافي » في هذا الصَّدد ، ما هذا خلاصته(1) : « إنَّ أرباب الكتب الأربعة قد شهدوا على صحَّة الروايات الواردة فيها. قال الكليني في أوَّل كتابه في جواب من التمس منه التَّصنيف : « وقلت : إنَّك تحبُّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه مَنْ يُريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنّة نبيّه إلى أن قالقدس‌سره : وقد يسَّر الله له الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخَّيت ». وقال الصَّدوق في ديباجة « الفقيه » : « إنّي لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وأعتقد فيه أنَّه حجَّة فيما بيني وبين ربي ـ تقدَّس ذكره ـ ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المُعوَّل وإليها المرجع ». وذكر الشيخ في « العدّة » أنَّ جميع ما أورده في كتابيه ( التهذيب والاستبصار ) ، إنَّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها.

والجواب : أنَّ هذه التَّصريحات أجنبيَّة عمّا نحن بصدده ، أعني وثاقة

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ، المقدمة الثانية.

٤٦

رواة الكتب الأربعة.

أَمّا أوّلاً : فلأن المشايخ شهدوا بصحَّة روايات كتبهم ، لا بوثاقة رجال رواياتهم ، وبين الأمرين بون بعيد ، وتصحيح الروايات كما يمكن أن يكون مستنداً إلى إحراز وثاقة رواتها ، يمكن أن يكون مستنداً إلى القرائن المنفصلة التي صرّح بها المحقّق البهائي في « مشرق الشمسين » والفيض الكاشاني في « الوافي » ومع هذا كيف يمكن القول بأنَّ المشايخ شهدوا بوثاقة رواة أحاديث كتبهم؟ والظّاهر كما هو صريح كلام العَلَمين ، أنَّهم استندوا في التَّصحيح على القرائن لا على وثاقة الرواة ، ويدلّ على ذلك ما ذكره الفيض حول هذه الكلمات ، قالقدس‌سره بعد بيان اصطلاح المتأخّرين في تنويع الحديث المعتبر : « وسلك هذا المسلك العلاّمة الحلّيرحمه‌الله وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كلِّ حديث اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه ، واقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه (1) كوجوده في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمةعليهم‌السلام (2) وكتكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة ـ وأسانيد عديدة معتبرة (3) وكوجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ومحمَّد بن مسلم والفضيل بن يسار (4) ، أو على تصحيح مايصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرّحمن ، وأحمد بن محمَّد بن أبي نصر البزنطي (5) ، أو العمل بروايتهم ، كعمار الساباطي ونظرائه (6) وكاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام فأثنوا على مؤلّفيها ، ككتاب عبيد الله الحلبي الّذي عرض على الصّادقعليه‌السلام وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكريعليه‌السلام (7) وكأخذه من أحد الكتب التي شاع

٤٧

بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الإماميّة ، ككتاب الصَّلاة لحريز بن عبد الله السجستاني وكتب ابني سعيد ، وعليّ بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ، ككتاب حفص بن غياث القاضي ، والحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري إلى أن قال : فحكموا بصحَّة حديث بعض الرواة من غير الإماميّة كعليّ بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الَّذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم إلى أن قال : فإن كانوا لا يعتمدون على شهادتهم بصحَّة كتبهم فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم من الجرح والتعديل إلى أن قال : نعم ، إذا تعارض الخبران المعتمد عليهما على طريقة القدماء فاحتجنا إلى الترَّجيح بينهما ، فعلينا أن نرجع إلى حال رواتهما في الجرح والتعَّديل المنقولين عن المشايخ فيهم ونبني الحكم على ذلك كما اُشير إليه في الأخبار الواردة في التراجيح بقولهمعليهم‌السلام « فالحكم ما حكم به أعدلهما وأورعهما واصدقهما في الحديث » وهو أحد وجوه التّراجيح المنصوص عليها ، وهذا هو عمدة الأسباب الباعثة لنا على ذكر الأسانيد في هذا الكتاب »(1) .

وثانياً : سلَّمنا أنَّ منشأ حكمهم بصحَّتها هو الحكم بوثاقة رواتها ، لكن من أين نعلم أنَّهم استندوا في توثيقهم إلى الحسِّ ، إذ من البعيد أن يستندوا في توثيق هذا العدد الهائل من الرواة الواردة في هذه الكتب إلى الحسّ ، بل من المحتمل قويّاً ، أنَّهم استندوا إلى القرائن التي يستنبط وثاقتهم منها ، ومثله يكون حجَّة للمستنبط ولمن يكون مثله في حصول القرائن.

وثالثاً : نفترض كونهم مستندين في توثيق الرُّواة إلى الحسِّ ، ولكنَّ الأخذ بقولهم إنَّما يصحّ لو لم تظهر كثرة أخطائهم ، فإنَّ كثرتها تسقط قول

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ـ 12 ، المقدمة الثانية.

٤٨

المخبر عن الحجّية في الإخبار عن حسٍّ أيضاً ، فكيف في الاخبار عن حدس. مثلاً إنَّ كثيراً من رواة الكافي ضعّفهم النجاشي والشيخ ، فمع هذه المعارضة الكثيرة يسقط قوله عن الحجّية. نعم ، إن كانت قليلة لكان لاعتبار قوله وجه. وإنَّ الشيخ قد ضعَّف كثيراً من رجال « التهذيب والاستبصار » في رجاله وفهرسه ، فكيف يمكن أن يعتمد على ذلك التَّصحيح.

فظهر أنَّه لا مناص عن القول بالحاجة إلى علم الرجال وملاحظة أسناد الروايات ، وأنَّ مثل هذه الشهادات لا تقوم مكان توثيق رواة تلك الكتب.

الثامن : شهادة المشايخ الثلاثة

إذا شهد المشايخ الثلاثة على صحَّة روايات كتبهم ، وأنَّها صادرة عن الأئمّة بالقرائن التي أشار إليه المحقّق الفيض ، فهل يمكن الاعتماد في هذا المورد على خبر العدل أو لا؟

الجواب : أنَّ خبر العدل وشهادته إنَّما يكون حجَّة إذا أخبر عن الشَّيء عن حسٍّ لا عن حدس ، والاخبار عنه بالحدس لا يكون حجَّة إلا على نفس المخبر ، ولا يعدو غيره إلا في موارد نادرة ، كالمفتي بالنّسبة إلى المستفتي. وإخبار هؤلاء عن الصُّدور إخبار عن حدس لا عن حسٍّ.

توضيح ذلك ؛ أنَّ احتمال الخلاف والوهم في كلام العادل ينشأ من أحد أمرين :

الأوّل : التعمُّد في الكذب وهو مرتفع بعدالته.

الثاني : احتمال الخطأ والاشتباه وهو مرتفع بالأصل العقلائي المسلَّم بينهم من أصالة عدم الخطأ والاشتباه ، لكن ذاك الأصل عند العقلاء مختصٌّ بما إذا أخبر بالشيء عن حسٍّ ، كما إذا أبصر وسمع ، لا ما إذا أخبر عنه عن حدس ، واحتمال الخطأ في الإبصار والسَّمع مرتفع بالأصل المسلَّم بين العقلاء ، وأمّا احتمال الخطأ في الحدس والانتقال من المقدّمة إلى النتيجة ،

٤٩

فليس هنا أصل يرفعه ، ولأجل ذلك لا يكون قول المحدس حجَّة الا لنفسه.

والمقام من هذا القبيل ، فإنَّ المشايخ لم يروا بأعينهم ولم يسمعوا بآذانهم صدور روايات كتبهم ، وتنطّق أئمّتهم بها ، وإنَّما انتقلوا إليه عن قرائن وشواهد جرَّتهم إلى الاطمئنان بالصّدور ، وهو إخبار عن الشيء بالحدس ، ولا يجري في مثله أصالة عدم الخطأ ولايكون حجَّة في حق الغير.

وإن شئت قلت : ليس الانتقال من تلك القرائن إلى صحَّة الروايات وصدورها أمراً يشترك فيه الجميع أو الأغلب من النّاس ، بل هو أمر تختلف فيه الأنظار بكثير ، فرُبَّ إنسان تورثه تلك القرائن اطمئناناً في مقابل إنسان آخر ، لا تفيده إلا الظنَّ الضعيف بالصحَّة والصدور ، فإذن كيف يمكن حصول الاطمئنان لأغلب النّاس بصدور جميع روايات الكتب الأربعة التي يناهز عددها ثلاثين ألف حديث ، وليس الإخبار عن صحَّتها كالاخبار عن عدالة إنسان أو شجاعته ، فإنَّ لهما مبادئ خاصَّة معلومة ، يشترك في الانتقال عنها إلى ذينك الوصفين أغلب الناس أو جميعهم ، فيكون قول المخبر عنهما حجَّة وإن كان الإخبار عن حدس ، لأنَّه ينتهي إلى مبادئ محسوسة ، وهي ملموسة لكلّ من أراد أن يتفحَّص عن أحوال الإنسان. ولا يلحق به الإخبار عن صحِّة تلك الروايات ، مستنداً إلى تلك القرائن التي يختلف الناس في الانتقال عنها إلى الصحَّة إلى حدٍّ ربَّما لا تفيد لبعض الناس إلا الظّنَّ الضَّعيف. وليس كلُّ القرائن من قبيل وجود الحديث في كتاب عرض على الإمام ونظيره ، حتّى يقال إنَّها من القرائن الحسيّة ، بل أكثرها قرائن حدسية.

فان قلت : فلو كان إخبارهم عن صحَّة كتبهم حجَّة لأنفسهم دون غيرهم ، فما هو الوجه في ذكر هذه الشهادات في ديباجتها؟

قلت : إنَّ الفائدة لا تنحصر في العمل بها ، بل يكفي فيها كون هذا الإخبار باعثاً وحافزاً إلى تحريك الغير لتحصيل القرائن والشواهد ، لعلَّه يقف

٥٠

أيضاً على مثل ما وقف عليه المؤلِّف وهو جزء علَّة لتحصيل الرُّكون لا تمامها.

ويشهد بذلك أنَّهم مع ذاك التَّصديق ، نقلوا الروايات بإسنادها حتّى يتدبَّر الآخرون في ما ينقلونه ويعملوا بما صحَّ لديهم ، ولو كانت شهادتهم على الصحَّة حجَّة على الكلّ ، لما كان وجه لتحمّل ذاك العبء الثقيل ، أعني نقل الروايات بإسنادها. كلّ ذلك يعرب عن أنَّ المرمى الوحيد في نقل تلك التصحيحات ، هو إقناع أنفسهم وإلفات الغير إليها حتّى يقوم بنفس ما قام به المؤلّفون ولعلَّه يحصِّل ما حصَّلوه.

٥١
٥٢

الفصل الثالث

المصادر الاولية لعلم الرجال

1 ـ الاصول الرجالية الثمانية.

2 ـ رجال ابن الغضائري.

٥٣
٥٤

الاصول الرجالية الثمانية

* رجال الكشي.

* فهرس النجاشي.

* رجال الشيخ وفهرسه.

* رجال البرقي.

* رسالة أبي غالب الزراري.

* مشيخة الصدوق.

* مشيخة الشيخ الطوسي.

٥٥
٥٦

اهتم علماء الشيعة من عصر التابعين الى يومنا هذا بعلم الرجال ، فألفوا معاجم تتكفل لبيان أحوال الرواة وبيان وثاقتهم أو ضعفهم ، وأول تأليف ظهر لهم في أوائل النصف الثاني من القرن الاول هو كتاب « عبيد الله بن أبي رافع » كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث دون أسماء الصحابة الذين شايعوا علياً وحضروا حروبه وقاتلوا معه في البصرة وصفين والنهروان ، وهو مع ذلك كتاب تاريخ ووقائع.

وألف عبدالله بن جبلة الكناني ( المتوفى عام 219 هـ ) وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم في القرن الثاني الى أوائل القرن الثالث ، كتباً في هذا المضمار ، واستمر تدوين الرجال الى أواخر القرن الرابع.

ومن المأسوف عليه ، أنه لم تصل هذه الكتب الينا ، وانما الموجود عندنا ـ وهو الذي يعد اليوم اصول الكتب الرجالية(1) ـ ما دوّن في القرنين الرابع والخامس ، واليك بيان تلك الكتب والاصول التي عليها مدار علم الرجال ، واليك اسماؤها وأسماء مؤلفيها وبيان خصوصيات مؤلفاتهم.

__________________

1 ـ المعروف أن الاصول الرجالية اربعة أو خمسة بزيادة رجال البرقي ، لكن عدها ثمانية بلحاظ أن الجميع من تراث القدماء ، وان كان بينها تفاوت في الوزن والقيمة ، فلاحظ.

٥٧

1 ـ رجال الكشّي

هو تأليف محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشّي ، والكشّ ـ بالفتح والتشديد ـ بلد معروف على مراحل من سمرقند ، خرج منه كثير من مشايخنا وعلمائنا ، غير أن النجاشي ضبطه بضم الكاف ، ولكن الفاضل المهندس البرجندي ضبطه في كتابه المعروف « مساحة الارض والبلدان والاقاليم » بفتح الكاف وتشديد الشين ، وقال : « بلد من بلاد ما وراء النهر وهو ثلاثة فراسخ في ثلاثة فراسخ ».

وعلى كل تقدير ; فالكشي من عيون الثقات والعلماء والاثبات. قال النجاشي : « محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي أبو عمرو ، كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة »(1) .

وقال الشيخ في الفهرست : « ثقة بصير بالاخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، له كتاب الرجال »(2) .

وقال في رجاله : « ثقة بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب »(3) .

وأما اُستاذه العيّاشي أبو النَّضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي ، فهو ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة قال لنا أبو جعفر الزاهد : أنفق أبو النَّضر على العلم والحديث تركة أبيه وسائرها وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1018.

2 ـ فهرس الشيخ « الطبعة الاولى » الصفحة 141 ، الرقم 604 ، و : « الطبعة الثانية » ، الصفحة 167 الرقم 615.

3 ـ رجال الشيخ : 497.

٥٨

مقابل أو قارئ أو معلِّق ، مملوءة من الناس(1) وله كتب تتجاوز على مائتين.

قد أسمى الكشّي كتابه الرجال بـ « معرفة الرجال » كما يظهر من الشّيخ في ترجمة أحمد بن داود بن سعيد الفزاري(2) .

وربَّما يقال بأنه أسماه بـ « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين » أو « معرفة الناقلين » فقط ، وقد كان هذا الكتاب موجوداً عند السيد ابن طاووس ، لأنه تصدّى بترتيب هذا الكتاب وتبويبه وضمِّه الى كتب أُخرى من الكتب الرجاليَّة وأسماه بـ « حلّ الاشكال في معرفة الرجال » وكان موجوداً عند الشهيد الثاني ، ولكن الموجود من كتاب الكشّي في هذه الاعصار ، هو الذي اختصره الشيخ مسقطاً منه الزوائد ، واسماه بـ « اختيار الرجال » ، وقد عدَّه الشيخ من جملة كتبه ، وعلى كل تقدير فهذا الكتاب طبع في الهند وغيره ، وطبع في النجف الاشرف وقد فهرس الناشر أسماء الرواة على ترتيب حروف المعجم. وقام اخيراً المتتبع المحقق الشيخ حسن المصطفوي بتحقيقه تحقيقاً رائعاً وفهرس له فهارس قيّمة ـ شكر الله مساعيه ـ.

كيفية تهذيب رجال الكشي

قال القهبائي : « إن الاصل كان في رجال العامة والخاصة فاختار منه الشيخ ، الخاصة »(3) .

والّظاهر عدم تماميّته ، لأنه ذكر فيه جمعاً من العامة رووا عن ائمّتنا

__________________

1 ـ راجع رجال النجاشي : الرقم 944.

2 ـ ذكره في « ترتيب رجال الكشي » الذي رتب فيه « اختيار معرفة الرجال » للشيخ على حروف التهجي ، والكتاب غير مطبوع بعد ، والنسخة الموجودة بخط المؤلف عند المحقق التستري دام ظله.

3 ـ راجع فهرس الشيخ : « الطبعة الاولى » الصفحة 34 ، الرقم 90 ، و : « الطبعة الثانية » الصفحة 58 ، الرقم 100.

٥٩

كمحمد بن اسحاق ، ومحمد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، والحسين بن علوان ، وعبد الملك بن جريج ، وقيس بن الربيع ، ومسعدة بن صدقة ، وعباد بن صهيب ، وأبي المقدام ، وكثير النوا ، ويوسف بن الحرث ، وعبد الله البرقي(1) .

والظاهر أن تنقيحه كان بصورة تجريده عن الهفوات والاشتباهات التي يظهر من النجاشي وجودها فيه.

ان الخصوصية التي تميز هذا الكتاب عن سائر ما ألف في هذا المضمار عبارة عن التركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة التي يقدر القارئ بالامعان فيها على تمييز الثقة عن الضعيف وقد ألفه على نهج الطبقات مبتدءاً بأصحاب الرسول والوصي الى أن يصل الى أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام ثم الى الذين يلونهم وهو بين الشيعة كطبقات ابن سعد بين السنة.

2 ـ رجال النجاشي

هو تأليف الثبت البصير الشيخ أبي العباس(2) أحمد بن علي بن أحمد بن العباس ، الشهير بالنجاسي ، وقد ترجم نفسه في نفس الكتاب وقال : « أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي ، الذي ولي الاهواز وكتب الى أبي عبد اللهعليه‌السلام يسأله وكتب اليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة(3) ولم ير لأبي عبداللهعليه‌السلام مصنَّف غيره.

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 17.

2 ـ يكنى بـ « أبي العباس » تارة وبـ « أبي الحسين » اخرى.

3 ـ هذه الرسالة مروية في كشف الريبة ونقلها في الوسائل في كتاب التجارة ، لاحظ : الجزء 12 ، الباب 49 من أبواب ما يكتسب به.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173