أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة0%

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 79

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: رسول جعفريان
تصنيف: الصفحات: 79
المشاهدات: 31834
تحميل: 5958

توضيحات:

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 79 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31834 / تحميل: 5958
الحجم الحجم الحجم
أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١

٢

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنّة

معاونيّة العلاقات الدوليّة في

منظمة الإعلام الإسلامي

٣

الكتاب: أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنّة .

المؤلف: الشيخ رسول جعفريان .

الناشر: معاونيّة العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي

طهران، ص. ب: ١٣١٣ - ١٤١٥٥ .

المطبعة: سبهر - طهران - الجمهورية الإسلامية في إيران.

عدد النسخ: ٥٠٠٠

التاريخ: الطبعة الأولى ١٤٠٦هـ - ١٩٨٥م

٤

مقدمة الناشر:

ليس ( التّحريف ) وادعاؤه اليوم يشكّل أيّة مشكلة في حياة المسلمين، لا لشيء، إلاّ لأنّه لا قائل به، بعد وضوح الأدلة على سلامة النص القرآني من أي باطل يورد عليه، من بين يديه ولا من خلفه.

إذاً فما الداعي لنشر أمثال هذه الكتب؟

إنّ الداعي بكلّ اختصارٍ هو ما نراه أحياناً مِن تشكيك يُطرح بشكل علمي في بعض الكِتابات غير الناضجة، والتي تعمل على التشكيك المغرِض في أسمى نَصٍ قرآني؛ لهدف شيطاني في النفس.

والأنكى من هذا ما نجده من محاولة نسبة القول بالتحريف إلى هذه الفئة دون تلك، وبالتالي العمل على عزلها عن المسيرة الإسلامية، وإثارة الأفكار ضدها، وتنفيذ بعض المآرب الشخصية من وراء ذلك.

أمّا الحقيقة فهي ما بدأنا بها مقدمتنا هذه، مِن أنّه ليس هناك مسلمٌ واعٍ موضوعيٌ يؤمن بهذه الأكذوبة (أكذُوبة التّحريف) أو يرتب أيّ أثر عليها، وهذا ما يبدو لنا من استقراء أقوال العلماء واستدلالاتهم القوية على ردّ هذه الشبهة.

وهذا الكتاب يُعَدّ محاولة جيدة لتأكيد الحقيقة الآنفة بالإضافة إلى أنّه

٥

يدفع الكثير من الشبهات التي حاولت إلصاق القول (بالتّحريف) بمذهب أهل البيتعليهم‌السلام وهو بريءٌ من هذه التهمة تماماً.

نعم، يوجد في تاريخ كُلٍّ مِن الشيعة والسنّة أناسٌ غرّتهم بعض الظواهر، وابتلوا ببعض الاستدلالات غير المنطقية، فراحوا يشكّكون في المسألة. إلاّ أنّ ضعف استدلالهم ومخالفتهم للضرورة الإسلامية القائمة طوت أفكارهم فلم يعد لها أيّ ذكر.

وبقي النصّ القرآني ناصعاً قوياً، قطعي السند، خالداً معبِّراً عن خلود الإسلام العظيم.

وفقنا الله تعالى للعمل به وتطبيقه على كل مناحي الحياة.

معاونيّة العلاقات الدوليّة

في      

منظمة الإعلام الإسلامي

٦

معنى التّحريف:

يقول الراغب: (وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين)(١) .

فعلى هذا، ليس لكلمة التحريف ظهور في التحريف اللفظي، بمعنى: تغيير العبارات وتبديلها بعبارات أخرى، بل كلام الراغب ظاهر في التحريف المعنوي وعلى ذلك جاء قول الله تعالى:

( يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ ) (٢) .

فالآية تدل على أنّ اليهود مع حفظهم العبارات يغيّرون مواضع الكلم، ويحملون العبارات على معانٍ أخرى.

إلاّ أنّه رغم ظهور كلمة (التحريف) في التحريف المعنوي، فقد استعملت أيضاً في التحريف اللفظي. وعلى ذلك: انقسم التحريف إلى المعنوي واللفظي:

____________________

(١) مفردات غريب القرآن: ص١١٢.

(٢) النّساء: ٤٦.

٧

التحريف: اللفظي - المعنوي.

اللفظي: في السور والآيات، في الكلمات، في الحروف والحركات.

التحريف اللفظي في الكلمات، قسم منه: يرجع إلى اختلاف القراءات، يرجع إلى التحريف الذي نبحثه في هذه الرسالة

الأوّل:

التحريف المعنوي: هذا النوع من التحريف، وقع في القرآن قطعاً، ولعل بعض ما ورد في التفاسير كان يهدف إلى تأييد بعض المذاهب، فتحمل فيه الآيات على غير معانيها الأصلية. وفي هذا النوع من التحريف يقول الإمام الباقرعليه‌السلام :

٨

« إنّهم أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده، فَهُم يَرْوونه ولا يَرْعونه » (١) .

الثاني:

التحريف اللفظي: وذلك إمّا في الحروف والحركات، وإمّا في الكلمات، وإمّا في الآيات والسور.

أمّا التحريف في القسم الأوّل فقد وقع قطعاً بدليل وجود الاختلاف في قراءة بعض الآيات، وبلوغ القراءات إلى السبع أو العشر، يشهد بذلك إنّنا نعتقد بأنّ اختلافها لم يأتِ من الله عز وجل أو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل جاء من المسلمين نتيجة عدم وقوفهم الدقيق على القراءة التي علّمهم إيّاها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتفرُّقِهم في البلاد كالعراق، والشام، مع وجود بعض اللَّهَجات الخاصة في هذا البلاد، مما تمهّد الأرضية اللازمة لوقوع التحريف في الإعراب والحروف، كما يمكن أن تكون علّة ذلك عدم وجود النُّقط، والإعراب في المصحف في ذلك الزمان، كقراءة( فَتَبيَّنوا ) ، (فَتَثَبَّتوا)، وهذه الاختلافات في القراءة دوَّنها أهل السنّة في كتبهم التفسيرية وكتب القراءات، كما رواها الشيعة أيضاً عن طريق أهل السنّة، أو غيرها.

يراجع في ذلك تفسير مجمع البيان، الذي روى هذه الاختلافات عن طريق علماء أهل السنّة.

أمّا التحريف في الكلمات فقد وقع في نوع خاص من هذا، وأكثر ما روي فيه من طريق أهل السنّة. وما نروي بعد ذلك في أمثلتنا للتحريف يعد شاهداً على ذلك.

ومنشؤه هنا إمّا بعض ما ذكرناه في التحريف في الحروف والحركات، وإمّا اعتقاد بعضهم بجواز بديل بعض الكلمات المشتركة في المعنى ووضعها بدلاً مِن الأخرى، كما أعلن الجواز في ذلك ابن مسعود(٢) .

لكنّ الذي يجب علينا ذكره هو أنّ هذا النوع لم يكن مهمّاً، لأنّنا نطرح روايات الآحاد حول تحريف هذه الكلمات.

وأمّا وقوع التحريف في الكلمات، بمعنى: حذف بعض الأسماء أو العبارات بشكل يختلف معناه مع ما هو المتواتر - وهو القرآن الموجود بين الدفتين - فهو مما لم يقبله عامّة المسلمين، إلاّ القليل منهم.

____________________

(١) روضة الكافي: ص ١٢٨ / ط / إسلامية. الوافي: ج٥ ص٢٧٤.

(٢) غريب الحديث: ج٢، ص٦٥.

٩

وأمّا التحريف في الآيات والسور فقد جاءت رواياتٌ أكثرها من الطرق السنّية، وبعضها من الطرق الشيعية، إلاّ إنّها جميعاً كانت موضع رفضٍ من قبل المسلمين جميعا، اللّهم إلاّ من بعض الإخباريّين (شيعة وسنّة) وسنبحث فيما يلي في مجمل الأمر بعونه تعالى.

دليل عدم التّحريف من الكتاب:

استدل بعض المفسّرين لإثبات عدم التحريف ببعض الآيات:

منها:( إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) .

يقول العلاّمة الطباطبائيرحمه‌الله في الآية:

( فهو ذِكر ٌحيٌّ خالدٌ مَصُونٌ مِن أن يموت وينسى من أصله، مَصُونٌ مِن الزيادة عليه بما يُبطَل به كونه ذكراً، مصونٌ من النقص كذلك، مصونٌ مِن التغيير في صورته وسياقه، بحيث تتغير به صفةُ كونه ذكراً لله مبيّناً لحقائق معارفه، فالآية تدلّ على كون كتاب الله محفوظاً من التحريف، بجميع أقسامه).

ويقول أيضاً: (إنّ الآية بقرينة السياق إنّما تدلّ على حفظ الذكر الذي هو القرآن بعد إنزاله إلى الأبد)(٢) .

ويقول الزَمخشري حول الآية:

(... وهو حافظه في كل وقت من كلِ زيادةٍ ونقصانٍ وتحريفٍ وتبديل، بخلاف الكتب المتقدمة... قد جعلَ ذلك دليلاً على أنّه منزّل من عنده آيةً، لأنّه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق على كل كلام سواه...)(٣) .

ويقول السيد الخوئي:

(... فإنّ في هذه الآية دلالة على حفظ القرآن من التحريف، وأنّ الأيدي الجائرة لن تتمكن من التلاعب فيه)(٤) .

ويقول الفخر الرازي حول الآية:

____________________

(١) سورة الحِجْر: الآية ٩.

(٢) الميزان: ج١٢، ص١٠٣ - ١٠٤.

(٣) الكشّاف: ج٣ ص٥٧٢.

(٤) البيان: ص٢٢٦.

١٠

(... وإنّا نحفظ ذلك الذكر من التحريف والزيادة والنقصان)(١) .

ويقول الفيض الكاشاني:

(  وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ   ) مِن التحريف والتغيير والزيادة والنقصان)(٢) .

ويقول الشيخ أبوعلي الطبرسي:

(  وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ   ) عن الزيادة والنقصان، والتحريف والتغيير. وعن الحسن: معناه متكفل بحفظه إلى آخر الدهر على ما هو عليه، فتنقله الأمّة وتحفظه عصراً بعد عصر إلى يوم القيامة؛ لقيام الحجّة به على الجماعة من كل من لّزِمته دعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

إشكالات على هذا الاستدلال وأجوبتها:

ألف - يمكن أن يقال: إننا لا ننكر أنّ الآية في صدد بيان حفظ القرآن من الزيادة والنقصان، ولكن يصدق هذا المفهوم على حفظ القرآن في الجملة عند بعض الأفراد.

إلاّ أنّنا نقول:

إنّ هذا لا يصح، لأنّ هدف إنزال القرآن من قِبل الله هو إيصال الإنسان إلى غايته وهدايته الصراط المستقيم، وهذه الهداية لا تختص بإنسان دون آخر حتى يحفظ القرآن عند بعضهم فقط، فعلى ذلك، يقتضي هدف الإنزال حفظ القرآن عند الناس عامّة.

إذ ما الفائدة في حفظه عند شخصٍ؟ وهل الغرض حفظه فقط دون إفادته للناس؟؟ إنّ كان هذا، فحفظه في اللوح المحفوظ يكفي، أمّا إذا كان بقصد الهداية فلا معنى لتصور حفظه عند بعض الإفراد.

يقول السيد الخوئي رداً على هذا الإشكال:

(... إنّما المراد بالذكر هو المحكي بهذا القرآن الملفوظ أو المكتوب، وهو المنزل على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ، والمراد بحفظه صيانته من التلاعب والضياع، فيمكن

____________________

(١) التفسير الكبير: ج ١٩، ص ١٦٠ - ١٦١.

(٢) تفسير الصافي: ج١، ص ٨٩٨ ط/ إسلامية.

(٣) مَجمع البيان: ج٥ و٦، ص٣٣١ ويقول قتادة حول الآية: ( فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقاً ) الدر المنثور: ج٤، ص٩٤.

١١

للبشر عامّة أن يصلوا إليه، وهو نظير قولنا: "القصيدة الفلانية محفوظة "، فإنّا نريد من حفظها صيانتها وعدم ضياعها بحيث يمكن الحصول عليها)(١) .

باء - وإن قيل: إنّ الاستدلال يمكن نقضه بوقوع التحريف في القرآن في أخطاء غير عمديّة - فيما انتشر من القرآن في البلاد الإسلامية - بحذف كلمة أو آية دون قصد وعمد، فإذا كان الحفظ يعني حفظه من كل تحريف وتغيير فما هذه التحريفات غير العمديّة؟؟

فهنا نقول:

إنّ هذه التحريفات لا تضرّ بمسألة حفظ القرآن مِن قبل الله لأنّها لا تصل حد تغيير القرآن بحيث لا يتبين أصله، ذلك، أنّ انتشار القرآن بالشكل الصحيح المحقّق سوف يوضّح الموقف دونما غبش.

جيم - يمكن أن يقال: إنّ التمسك بالقرآن لإثبات عدم تحريفه غير صحيح، لإمكان وقوع التحريف في نفس الآية التي استدلّ بها على عدم التحريف، فالآية الشريفة( إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) يمكن أن تكون محرّفة، وإذا كانت كذلك فالاستدلال بها لا يصح.

فنقول: إنّ هناك إجماعاً على عدم تحريف هذه الآية وغيرها ممّا لم يدّعَ التحريف فيه.

ومنها:(  .. وَإِنّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٢) .

إنّ الآية الشريفة تدلّ على عدم ورود الباطل في الكتاب، وعدم إمكان تبديل الآيات بما هي غير آيات، فالتحريف من أتم وأكمل مصاديق الباطل، فإذا انتفى إمكان ورود الباطل فيه، انتفى إمكان ورود التحريف في الآية.

يقول العلاّمة الطباطبائي: (معنى إتيان الباطل: وروده فيه وصيرورة بعض أجزائه أو جميعها باطلاً، بأن يصير ما فيه من المعارف الحقّة أو بعضها غير حقّة، أو ما فيه من الأحكام والشرائع وما يلحقها من الأخلاق أو بعضها لغىً لا ينبغي العمل

____________________

(١) البيان في تفسير القرآن: ص ٢٢٧ - ١٢٢٨.

(٢) سورة فُصّلَت: ٤١ - ٤٢.

١٢

به)(١) .

فالآية تنكر ورود ذلك في الكتاب.

أدلّة عدم التحريف في الروايات:

ألف - وردت مِن طُرِق السنّة والشيعة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الأطهار روايات كثيرة تحضّ على عرض الخبر على الكتاب وتدعو لقبول الروايات الموافقة له وردِّ ما كانت مخالفة له.

منها ما جاء عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله:

«  تكثر لكم الأحاديث بعدي، فإذا رُوي لكم عنّي حديثٌ فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاقبلوه ، وما خالف فردّوه » .

وقوله أيضاً:

« إنّ على كلّ حقٍ حقيقة، وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه  » .

وعن الصّادقعليه‌السلام :

« كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زُخرف » (٢) .

فإذا كان القرآن هو المعيار لصحة الأخبار - ومنها الأخبار التي ظاهرها التحريف - وجب أن يكون سالماً مِن التحريف والتغيير.

وهنا طريقان في الاستدلال:

١ - إن القرآن مقدم على الأخبار وهو الميزان في تصحيحها، وهذا يدل على سلامة القرآن وعدم تحريفه؛ وإلاّ كان أمرهم بعرض الخبر على الكتاب مع تحريفه غير معقول.

٢ - إنّ الذين استدلوا ببعض الروايات على التحريف يعدّ استدلالهم هذا مخالفاً للعمل بهذه الروايات، لأنّ بعض الآيات يدلّ صراحة على عدم

____________________

(١) الميزان: ج١٧، ص٤٢٤.

(٢) راجع في الموارد الثلاثة: أصول الحنفية ص٤٣، نقلا عن الصحيح من سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ج١ ص٣٠، ووسائل الشيعة: ج١٨ ص٧٨ ، عن الكافي، والمحاسن، والآمالي، وكذا: ص٧٩، ومصنّف عبد الرزاق : ج١١ ص١٥٦ و ج١٠ ص٣١٣ و ج٦ ص١١٢، وتهذيب تاريخ دمشق: ج١٥ ص١٣٤، وتفسير البرهان: ج١ ص٢٨، والبيان والتبيين: ج٢ ص٢٨.

١٣

التحريف، فإذا وجِدت رواية ظاهرها التحريف وجب طَرْحُها؛ كما أمر بهذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام .

ولذا يقول الفيض الكاشانيرحمه‌الله :

( وقد استفاض عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام حديث عَرْض الخبر المروي على كتاب الله؛ لتعلم صحته بموافقته له، أو فساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرّفا فما فائدة العرض، مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله )(١) .

أمّا الإشكال الذي يمكن أن يورد على ذلك من إمكان وقوع الحذف والتحريف في قسم من القرآن الذي لا يخل بالمعنى، ولا يؤثر في العقائد والأحكام - فهو وإن أمكن دفعه بعد الدقّة في توضيحنا لدلالة الرواية - إلاّ إنّه لا داعي للمنحرفين والمنافقين في تحريف هذا القسم من الآيات والقرآن، كما إنّ الدواعي متوفرة من ناحية العلماء والمسلمين لحفظ القرآن حتى في واوه ، كما سترى.

باء - ومن الروايات التي تدل على سلامة القرآن من التحريف رواية الثقلين المتوافرة بين فرق المسلمين ، واليك هذه الرواية بطريق واحد ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«  إنّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله، وفيه الهدى والنور فتمسّكوا بكتاب الله وخذوا به ( فحثّ عليه ورغّب فيه) وأهلّ بيتي، اذكّر كم الله في أهل بيتي، ثلاث مرات » (٢) .

فمعنى التمسّك بالقرآن - كما تذكر الرواية - أخذ الهداية والنور منه، كما يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« وعليك بكتاب الله، فإنّه الحبل المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والرِّيُّ الناقع، والعصمة للمتمسّك، والنجاة للمتعلِق، لا يعوجّ فيقام، ولا يزيغ فيُستَعتب، ولا يخْلقه كثرة الرّد، وولوج السمع، مَن قال به صَدَق، ومن عمل به

____________________

(١) تفسير الصافي: ج١ ص٥١.

(٢) سنن الدارمي: ج٢ ص٤٣١، ٤٣٢ وراجع مصادرها الكثيرة في كتاب (الغدير) للعلاّمة الاميني في باب (حديث الثقلين).

١٤

سَبق » .

ويقول أيضاً...

«  واعلموا، أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدِّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في الهدى أو نقصان في العمى، واعلموا أنّه ليس على أحدٍ بعد القرآن مِن فاقة، ولا لإحد قِبل القرآن من غنى، فاستشفعوه من أدوائكم، واستعينوه على لأوائكم، فإنّه فيه شفاءٌ من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق، والغيّ والضلال » .

 ويقول أيضاً:

« إنّ القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تُكشف الظلمات إلاّ به » (١) .

وأيضاً يقول:

«  القرآن فيه خبر مَن قبلِكم ونبأ مَن بعدكم وحكم فيكم  » (٢) .

فالإمامعليه‌السلام يصرّح بأنّ المتمسك بهذا القرآن والعامل به يهدى إلى صراط مستقيم، وكما يقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«  ما أن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله  » (٣) .

جَمْع القرآن في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعدم التحريف

أدلّة جمع القرآن في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

إنّنا لا نشك في أنّ القرآن قد جمع كله في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكُتب بأمره في ظهر بعض الأشياء. وعلى هذا فلا يمكن قبول القول بأنّ جمع القرآن قد كان بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلاّ إذا كان المراد استنساخ نسخة مما جمع في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليك بعض الأدلّة على ذلك:

ألف - توجد هنا روايات نقلها أهل السنّة حول جمْع بعض الصحابة

____________________

(١) ربيع الأبرار: ج٢ ص٨٠.

(٢) روض الأخيار: ج١ ص٧.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة: ج١٠، ص٥٠٥، وفي هامشه عن سنن ابن ماجة، ص٢٢٨.

١٥

للقرآن على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

* عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك، (من جمع القرآن على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار، أُبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه)(١) . فإذا كان الجمع بمعنى الحفظ فانحصاره في أربعة في غير محله لأنّهم رَووا أيضاً أنّ مسلمين آخرين حفظوا القرآن كله.

* عن زيد بن ثابت قال: ( كنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نؤلف القرآن من الرقاع )(٢) .

* أخرج ابن أبي داود بسند حسنٍ، عن محمد بن كعب القرظي، قال: (جَمع القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل، وعبادة بن ثابت، وأُبيّ بن كعب، وأبو الدرداء، وأبو أيوب الأنصاري)(٣) .

* وأخرج البيهقي وابن أبي داود، عن الشعبي، قال: (جَمع القرآن في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة: أُبيّ، وزيد، ومعاذ، وأبو الدرداء، وسعيد بن عبيد، وأبو زيد)(٤) ، وهذه الرواية مشهورة عن الشعبي ولكنّ بعض الرواة غيّروا عبارة الشعبي، بأنّ قرّاء القرآن في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا ستّة(٥) ، ولكن من الواضح أنّ أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان الكثير منهم قرّاءً للقرآن، وذكر ستّة منهم يعني ظاهراً أنّهم جَمَعوا القرآن.

* ويدلّ على المطلوب ما قيل حول جَمْع عليعليه‌السلام للقرآن في ثلاثة أيام بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسنذكر مصادره، فهذا يدل على أن القرآن كان قد كتب في عهد النبي بتمامه، وعليعليه‌السلام جمعه في مصحف في ثلاثة أيام وإلاّ فلا يمكن أن نقول أنّهعليه‌السلام قد كتب القرآن في ثلاثة أيام، أو حفظه، كما قال البعض(٦) .

____________________

(١) صحيح البخاري: ج٦ ص٢٣٠، والطبقات الكبرى: ج٢ ص٣٥٥ و٣٥٦ وقال بأنّهم خمسة، وبحوث حول علوم القرآن: ص٢١٥، والبرهان في علوم القرآن: ج١ ص٢٤١، وتفسير ابن كثير: ج١ قسم فضائل القرآن ص٢٨.

(٢) المستدرك للحاكم، والبرهان: ج١ ص٢٣٧ عنه، والإتقان: ج١، والمصنف، لابن أبي شيبة: ج١٢ ص١٩١.

(٣) الإتقان: ج١ ص٧٢.

(٤) الطبقات الكبرى: ج٢ ص٣٥٥ و٣٥٦، والإتقان: ج١ ص٧٢، وبحوث حول علوم القرآن: ص٢١٤، ونور القبس: ص٢٤٥، وراجع: ص١٠٥، والبرهان: ج١ ص٢٤١.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة: ج١٠ ص٥٠٠.

(٦) تاريخ القرآن، لعبد الصبور شاهين: ص٧١.

١٦

* عن علي بن إبراهيم (... إنّ النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أمرَ بجمع القرآن، الذي كان في صحفٍ، وحريرٍ، وقرطاسٍ، في بيته، لا يضيع كما ضيع التوراة والإنجيل)(١) .

* عن ابن النديم قال: (إنّ الجَمّاع للقرآن على عهد النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: علي بن أبي طالبعليه‌السلام وسعد بن عبيد، وأبو الدرداء، وعويمر بن زيد، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأُبي بن كعب، وعبيد بن معاوية، وزيد بن ثابت)(٢) .

* عن ابن سعد، عن الكوفيين، في ترجمة مجمع بن حارثة، أنّه جمع القرآن على عهد النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إلاّ سورة أو سورتين. وقال ابن إسحاق: كان مجمع غلاماً حَدِثاً قد جَمع القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

 * عن ابن حبّان: أن أُبيّ جَمع القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمر الله صفيَّه صلوات الله عليه أن يقرأ على أُبيّ القرآن(٤) .

فنفهم من انحصار جمع القرآن في أربعة أو أكثر حتى ستة أنّه جُمع القرآن في المصحف وإلاّ فقد كان القّراء، والحفّاظ للقرآن كثيرين. فثبت من ذلك أنّ القرآن جُمع في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . كما إنّ الزركَشي يصرح بأسامي سبعة من الذين عرضوا القرآن كله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) .

باء - وتدلّ أيضاً على جَمْع القرآن في عهد النبي أقوالُ بعض العلماء في ذلك:

* قال الحارث المحاسبي: (كتابة القرآن ليست بمُحدثة، فإنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنّه كان مفرّقا في الرقاع والأكتاف والعُسُب، فأمر الصديق بنسخه من مكان إلى مكان مجتمعا، وكان ذلك بمنزلة الأوراق وجدت في بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها القرآن منتشراً فجمعها جامع وربطها بخيط لا يضيع منها شيء)(٦) .

 * وقال أبو شامة: (وكان غرضهم - أبي بكر وغيره - أن لا يُكتب إلاّ مِن

____________________

(١) المصاحف للسجستاني: ص١٠، وعمدة القاري: ج٢٠ ص١٦.

(٢) الفهرست: ص٣٠.

(٣) التراتيب الإدارية: ج١ ص٤٦ ، عن الطبقات ج١ ص٣٤.

(٤) كتاب مشاهير علماء الأمصار: ص١٢.

(٥) البرهان في علوم القرآن: ج١ ص٢٤٣.

(٦) الإتقان: ج١ ص٥٨ ،عن كتاب فهم السنن.

١٧

عين ما كُتب بين يدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(١) .

 * قال الزركشي: (أمّا أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، فبغير شكٍ جمعوا القرآن، والدلائل عليها متضافرة)(٢) .

 * قال الزرقاني: (... وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدلّهم على موضع المكتوب من سورته فيكتبونه، فيما يسهل عليهم من العُسُب واللخاف والرقاع وقطع الأديم وعظام الأكتاف والأضلاع ثم يوضع المكتوب في بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهكذا انقضى العهد النبوي والقرآن مجموع على هذا النمط)(٣) .

* وقال الدكتور عبد الصبور شاهين: (إنّ القرآن ثَبُت تسجيلا ومشافهة في عهد رسول الله)(٤) .

* وقال الشيخ محمّد الغزالي: (فلمّا انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى كان القرآن كلّه محفوظاّ في الصدور، وكان كذلك مثبتا في السطور)(٥) .

* وقال الباقلاني: (وما على جديد الأرض أجهل ممّن يظنّ بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أهمل القرآن أو ضيّعه، مع أنّ له كتّابا أفاضل معروفين بالانتصاب لذلك من المهاجرين والأنصار)(٦) .

ونحن نقول أيضاً ما قال الباقلاني، فهل على ظهر الأرض أجهل ممّن يقول بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يهتمّ بجمع القرآن، مع أنّ الرواة ذكروا أسامي أربعين من الصحابة الذين يكتبون القرآن، وجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضهم لذلك(٧) .

فمع أمْر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتابة الوحي وتأكيده على أن«  قيّدوا العلم بالكتابة  » (٨) ومع قوله لعبد الله بن عمرو بن العاص: بكتابة العلم(٩) وقوله لرجل آخر

____________________

(١) الإتقان: ج١ ص٥٨.

(٢) البرهان في علوم القرآن.

(٣) مناهل العرفان: ج١ ص٢٤٠.

(٤) تاريخ القرآن: ص٥٧.

(٥) نظرات في القرآن: ص٣٥.

(٦) الانتصار: ص٩٩.

(٧) تاريخ القرآن، دكتور راميار: ص٩٦، ومكاتيب الرسول: ج١، وصبح الأعشى: ج١ ص٩٢، وتاريخ القرآن، للدكتور شاهين: ص٥٤.

(٨) التراتيب الإدارية: ج٢ ص٢٤٤ و٢٤٧ و٢٤٨، وأخبار أصبهان: ج٢ ص٢٢٨.

(٩) نفس المصدر: ص٢٤٨.

١٨

حول حفظ العلم بالاستعانة باليمين(١) ، هل يمكن إهمال كتابة القرآن بتمامه وعدم جمع القرآن؟

فمع الظروف التي في الجزيرة والتي تشير إلى إمكان ضياع القرآن، ومع تأكيد الكتاب على أنّ اليهود والنصارى حرفوا الكتاب( فَوَيْلٌ لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ.. ) (٢) هل يمكن فرض إهمال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكتابة القرآن حتى يضطر زيد بن ثابت إلى جمعه من صدور الرجال؟!!

ومع وجود روايات مثل:

  (إنّ الوحي إذا أُنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر أحد الكتّاب كزيد أو غيره أن يكتب ذلك الوحي) (٣) .

 أو مثل رواية وردت عن عثمان بن أبي العاص، يقول فيها:( كنت جالساً عند رسول الله إذ شَخَص ببصره، ثم صوّبه ثمّ قال: أتاني جبرئيل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة ) (٤) .

ومع رواية عن ابن عبّاس أنّه قال:(كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا نزلت عليه سورة، دعا بعض من كتب، فقال: ضَعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا ) (٥) .

ومع رواية:(عُرِض القرآن من قِبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جبرئيل، سيّما في العام الأخير الذي عُرض على جبرئيل مرتين) (٦) .

مع كل هذه الروايات، هل يمكن يمكن فرض إهمال النبي لجمع القرآن؟ وهل هذا إلاّ قدح في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإظهار عدم اهتمامه بحفظ الكتاب؟ فبعد ثبوت أنّ القرآن جُمع كلّه في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثبوت أنّ جَمْع أبي بكر وغيره للقرآن، بمعنى استنساخ ما هو مكتوب من قَبْل، ينهدم أكثر ما أورده البعض في إثبات التّحريف؛

____________________

(١) تقييد العلم: ص: ٣٣.

(٢) سورة البقرة: ٧٩.

(٣) دلائل النبوة للبيهقي: ص٢٤١.

(٤) الإتقان: ج١ ص١٠٤، وراجع البخاري: كتاب التفسير الباب ١٨ ،وكتاب الأحكام، الباب ٧ ، ومسند احمد: ج٣ ص١٢٠ وج٤ ص٣٨١.

(٥) مناهل العرفان :ج١ ص٢٤٠.

(٦) إرشاد الساري: ج٧ ص٤٤٩، وتفسير ابن كثير: قسم فضائل القرآن ج٤ ص٢٦.

١٩

لأنّهم يقولون بتواتر القرآن بعد جَمْعه، فإذا كان جَمْعه في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثَبت تواتره منذ زمن حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتصور التحريف بعد ذلك غير معقول.

الدليل من التاريخ:

إنّ الشواهد في التاريخ تدلّ على عدم تحريف القرآن عمدا من أحد الصحابة.

فمن ذلك ما قاله عمر:( لولا أن يقول الناس: إنّأ عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) (١) .

فإنّك ترى أنّ عمر لم يجرؤ أن يضيف إلى القرآن قصة الرجم؛ لخوفه من الناس فكيف يمكن أن يجرؤ على حذف آيات وسور من القرآن؟!!

وأيضاً: إنّ عثمان أصرّ على حذف الواو مِن آية الكنز، ولكنّ الصحابة اعترضوا عليه. عن علباء بن احمد: إنّ عثمان بن عفّان لمّا أراد أنّ يكتب المصاحف أراد أن يلقوا الواو التي في براءة(  وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ.. ) فقال أُبي: لتلحقنّها أو لأضعنَّ سيفي على عاتقي، فألحقوها(٢) .

واتفق مثل هذا بالنسبة للخليفة الثاني في سورة التوبة، أخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن حبيب الشهيد، عن عمرو بن عامر الأنصاري، أنّ عمر بن الخطّاب قرأ:( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصارُ - ( و ٣) - الذين اتبعوهم بإحسان) .

فرفع(الأنصارُ) ولم يلحق الواو بـ( الذين ) ، فقال له زيد بن ثابت: (والذين) ، فقال عمر:(الذين)، فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم !!!! فقال عمر رضي‌الله‌عنه : ائتوني بأُبيّ بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أُبيّ: والذين...).

____________________

(١) سنذكر مصادر آية الرَّجْم في المباحث الآتية.

(٢) الدر المنثور: ج٣ ص٢٣٣، وقال أخرجه ابن الضريس، والميزان: ج٩ ص٢٥٦ عنه، ودراسات وبحوث في التاريخ الاسلامي: ج١ ص٩٤ عنه.

(٣) لم يقرأ الواو.

٢٠