البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن0%

البيان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 526

البيان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
تصنيف: الصفحات: 526
المشاهدات: 32142
تحميل: 6105

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 526 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32142 / تحميل: 6105
الحجم الحجم الحجم
البيان في تفسير القرآن

البيان في تفسير القرآن

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

- وأنّ هذه الشُبهة مُبتنية على أنْ يُراد مِن لفظَي التأويل والتنزيل ، ما اصطلح عليه المتأخّرون مِن إطلاق لفْظ التنزيل على ما نزل قرآناً ، وإطلاق لفْظ التأويل على بيان المراد مِن اللفظ ، حَمْلاً له على خلاف ظاهره ، إلاّ أنّ هذين الإطلاقَين مِن الاصطلاحات المُحدَثة ، وليس لهما في اللُغة عَينٌ ولا أثر ، ليُحمَل عليهما هذان اللفظان ( التنزيل والتأويل ) متى ورَدا في الروايات المأثورة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) .

وإنّما التأويل في اللُغة مصدر مزيدٌ فيه ، وأصلُه ( الأوّل - بمعنى الرجوع ) ، ومنه قولهم : ( أوّلَ الحكمَ إلى أهله أي ردّه إليهم ) وقد يُستعمل التأويل ويُراد منه العاقبة ، وما يؤول إليه الأمر ، وعلى ذلك جرَتْ الآيات الكريمة :

( وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ١٢ : ٦. نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ١٢ : ٣٦. هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ ١٢ : ١٠٠. ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ١٨ : ٨٢) .

وغير ذلك مِن موارد استعمال هذا اللفظ في القرآن الكريم ، وعلى ذلك فالمراد بتأويل القرآن ، ما يرجع إليه الكلام ، وما هو عاقبته ، سواء أكان ذلك ظاهراً يفهمه العارف باللُغة العربية ، أم كان خفيّاً لا يعرفه إلاّ الراسخون في العِلم .

وأمّا التنزيل ، فهو أيضاً مصدر مَزيدٌ فيه ، وأصلُه النزول ، وقد يُستعمل ويُراد به ما نزل ، ومِن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة ، منه قوله تعالى :

٢٢١

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٥٦ : ٧٧. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ٥٦ : ٧٨لا يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَهَّرُونَ ٥٦ : ٧٩تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٥٦ : ٨٠) .

وعلى ما ذكرناه فليس كلّ ما نزل مِن الله وحْياً ، يلزم أنْ يكون مِن القرآن ، فالذي يُستفاد مِن الروايات في هذا المقام ، أنّ مُصحف عليّ ( عليه السلام ) كان مشتملاً على زيادات تنزيلاً أو تأويلاً ولا دلالة في شيء مِن هذه الروايات على أنّ تلك الزيادات هي مِن القرآن ، وعلى ذلك يُحمَل ما ورَد مِن ذِكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فإنّ ذِكر أسمائهم لا بدّ وأنْ يكون بعنوان التفسير .

ويدلّ على ذلك ما تقدّم مِن الأدلّة القاطعة على عدم سقوط شيء مِن القرآن ، أضف إلى ذلك أنّ سيرة النبيّ ( ص ) مع المنافقين تأبى ذلك ، فإنّ دأبه تأليف قلوبهم ، والإسرار بما يعلمه مِن نِفاقهم ، وهذا واضح لمَن له أدنى اطّلاع على سيرة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وحُسْن أخلاقه ، فكيف يُمكن أنْ يذكر أسماءهم في القرآن ، ويأمُرُهم بلَعْن أنفسهم ، ويأمُر سائر المسلمين بذلك ، ويحثّهم عليه ليلاً ونهاراً .

وهل يُحتمَل ذلك حتّى يُنظَر في صحّته وفساده ، أو يُتمسَّك في إثباته بما في بعض الروايات مِن وجود أسماء جملة مِن المنافقين في مصحف عليّ ( عليه السلام ) ، وهل يُقاس ذلك بذِكر أبي لهَب المُعلن بشِرْكِه ، ومعاداته النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، مع عِلم النبيّ بأنّه يموت على شِركه .

نعم لا بُعْدَ في ذِكر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أسماء المنافقين لبعض خواصِّه ، كأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وغيره في مجالسه الخاصّة .

وحاصل ما تقدّم : أنّ وجود الزيادات في مصحف عليّ ( عليه السلام ) وإنْ كان صحيحاً ، إلاّ أنّ هذه الزيادات ليست مِن القرآن ، وممّا أمَر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )

(البيان - ١٥)

٢٢٢

بتبليغه إلى الأمّة ، فإنّ الالتزام بزيادة مُصحفه بهذا النوع مِن الزيادة قولٌ بلا دليل ، مضافاً إلى أنّه باطل قطعاً ، ويدلّ على بطلانه جميع ما تقدّم مِن الأدلّة القاطعة على عدم التحريف في القرآن .

الشُبهة الثالثة :

أنّ الروايات المتواترة عن أهل البيت ( ع ) ، قد دلّت على تحريف القرآن ، فلا بدّ مِن القول به :

والجواب :

أنّ هذه الروايات لا دلالة فيها على وقوع التحريف في القرآن ، بالمعنى المتنازَع فيه ، وتوضيح ذلك : أنّ كثيراً مِن الروايات ، وإنْ كانت ضعيفة السنَد ، فإنّ جملة منها نُقلت مِن كتاب أحمد بن محمّد السياري ، الذي اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسُخ ، ومِن عليّ بن أحمد الكوفيّ الذي ذَكر علماء الرجال أنّه كذّاب ، وأنّه فاسد المذهب ، إلاّ أنّ كَثرة الروايات تورِث القطع بصدور بعضها عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، ولا أقلّ مِن الاطمئنان بذلك ، وفيها ما رُوي بطريقٍ معتبَر ، فلا حاجة بنا إلى التكلّم في سند كلّ رواية بخصوصها .

عَرْض روايات التحريف :

علينا أنْ نبحث عن مداليل هذه الروايات ، وإيضاح أنّها ليست متّحدة في المَفاد ، وأنّها على طوائف ، فلا بدّ لنا مِن شرح ذلك ، والكلام على كلّ طائفة بخصوصها .

الطائفة الأُولى : هي الروايات التي دلّت على التحريف بعنوانه ، وأنّها تبلُغ عشرين رواية ، نذكر جملة منها ، ونترك ما هو بمضمونها وهي :

١ - ما عن علي بنّ إبراهيم القمّي ، بإسناده عن أبي ذرّ قال :

٢٢٣

( لمّا نزلت هذه الآية : يوم تبيَضّ وجوهٌ وتسودّ وجوه قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ترِد أمّتي عليَّ يوم القيامة على خمس رايات ، ثمّ ذَكر أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يسأل الرايات عمّا فعلوا بالثقلَيْن ، فتقول الراية الأُولى : أمّا الأكبر فحرّفناه ، ونبَذْناه وراء ظهورنا ، وأمّا الأصغر فعادَيناه ، وأبغضناه ، وظلمناه وتقول الراية الثانية : أمّا الأكبر فحرّفناه ، ومزّقناه ، وخالفناه ، وأمّا الأصغر فعاديناه ، وقاتلناه . ) .

٢ - ما عن ابن طاووس ، والسيّد المحدِّث الجزائري ، بإسنادهما عن الحسن ابن الحسن السامري في حديث طويل ، أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال لحذيفة فيما قاله ، في مَن يهتِك الحرم :

( إنّه يضلّ الناس عن سبيل الله ، ويُحرِّف كتابه ، ويُغيِّر سُنّتي ) .

٣ - ما عن سعد بن عبد الله القمّي ، بإسناده عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :

( دعا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بمِنى ، فقال : أيّها الناس إنّي تاركٌ فيكم الثقَلَين ( أما إنْ تمسّكتُم بهما لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي ) ، والكعبة البيت الحرام ، ثمّ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أمّا كتاب الله فحرّفوا ، وأمّا الكعبة فهدَموا ، وأمّا العترة فقتلوا ، وكلّ ودائع الله قد نبَذوا ومنها قد تبرّأوا ) .

٤ - ما عن الصدوق في الخصال بإسناده عن جابر عن النبيّ قال :

( يجيء يوم القيامة ثلاثة يَشْكون : المصحف ،

٢٢٤

والمسجد ، والعترة يقول المصحف : يا ربِّ حرّفوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : يا ربِّ عطّلوني وضيّعوني ، وتقول العترة : يا ربِّ قتلونا ، وطردونا ، وشرّدونا . ) .

٥ - ما عن الكافي والصدوق ، بإسنادهما عن عليّ بن سويد قال :

( كتبتُ إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، وهو في الحَبْس كتاباً ، إلى أنْ ذَكر جوابه ( عليه السلام ) بتمامه ، وفيه قوله ( عليه السلام ) : اُؤتُمِنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه ) .

٦ - ما عن ابن شهرآشوب ، بإسناده عن عبد الله ، في خُطبة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) في يوم عاشوراء ، وفيها :

( إنّما أنتم مِن طواغيت الأمّة ، وشُذّاذ الأحزاب ، ونَبَذة الكتاب ، ونَفْثة الشيطان ، وعُصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب ) .

٧ - ما عن كامل الزيارات ، بإسناده عن الحسن بن عطيّة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال :

( إذا دخلتَ الحائر فقل : اللهمّ اِلعَن الذين كَذّبوا رُسُلَك ، وهَدموا كعبتك ، وحرّفوا كتابك . ) .

٨ - ما عن الحجال عن قطبة بن ميمون عن عبد الأعلى ، قال :

( قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أصحاب العربية يُحرّفون كلام الله عزّ وجلّ عن مواضعه ) .

٢٢٥

المفهوم الحقيقي للروايات :

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة : أنّ الظاهر مِن الرواية الأخيرة تفسير التحريف باختلاف القُرّاء ، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات ومرجع ذلك إلى الاختلاف في كيفيّة القراءة مع التحفّظ على جَوهر القرآن وأصله .

وقد أَوضحنا للقارئ في صدر المبحث ، أنّ التحريف بهذا المعنى ممّا لا رَيب في وقوعه ، بناءً على ما هو الحقّ مِن عدم تواتر القراءات السَبع ، بل ولا رَيب في وقوع هذا التحريف ، بناءً على تواتر القراءات السبع أيضاً ، فإنّ القراءات كثيرة ، وهي مُبتنية على اجتهادات ظنّية توجِب تغيير كيفية القراءة فهذه الرواية لا مَساس لها بمُراد المستدلّ .

وأمّا بقيّة الروايات ، فهي ظاهرة في الدلالة على أنّ المراد بالتحريف : حَمْل الآيات على غير معانيها ، الذي يُلازم إنكار فضْل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ونصْب العداوة لهم وقتالهم ، ويشهد لذلك - صريحاً - نِسبة التحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله ( عليه السلام ) في الخُطبة المتقدّمة

ورواية الكافي التي تقدّمت في صدر البحث ، فإنّ الإمام الباقر ( عليه السلام ) يقول فيها :

( وكان مِن نَبْذِهم الكتاب أنّهم أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده ) .

وقد ذكرنا أنّ التحريف بهذا المعنى واقع قطعاً ، وهو خارج عن محلّ النزاع ، ولولا هذا التحريف لم تزل حقوق العترة محفوظة ، وحُرمة النبيّ فيهم مرعيّة ، ولَما انتهى الأمر إلى ما انتهى إليه مِن اهتضام حقوقهم ، وإيذاء النبيّ ( ص ) فيهم .

الطائفة الثانية : هي الروايات التي دلّت على أنّ بعض الآيات المُنزَلة مِن القرآن ، قد ذُكرت فيها أسماء الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وهي كثيرة :

٢٢٦

منها : ما ورَد مِن ذِكر أسماء الأئمّة ( عليهم السلام ) في القرآن ، كرواية الكافي بإسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال :

( ولاية عليّ بن أبي طالب مكتوبة في جميع صُحُف الأنبياء ، ولن يبعث الله رسولاً ، إلاّ بنبوّة محمّد و ( ولاية ) وصيِّه ، صلى الله عليهما وآلهما ) .

ومنها : رواية العياشي بإسناده عن الصادق ( عليه السلام ) :

( لو قُرِئ القرآن - كما أُنزل - لأُلفَيْنا مُسَمَّيْن )

ومنها : رواية الكافي ، وتفسير العياشي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وكنز الفوائد بأسانيد عديدة عن ابن عبّاس ، وتفسير فرات بن إبراهيم الكوفي بأسانيد متعدّدة أيضاً ، عن الأصبغ بن نباتة قالوا : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :

( القرآن نزل على أربعة أرباع : رُبُع فينا ، ورُبع في عدوِّنا ، ورُبع سُنَنٌ وأمثال ، ورُبع فرائض وأحكام ، ولنا كرائم القرآن ) .

ومنها : رواية الكافي أيضاً بإسناده عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال :

( نزل جبرئيل بهذه الآية على محمّد ( ص ) هكذا : وإنْ كنتم في رَيبٍ ممّا نزّلنا على عبدِنا - في عليّ - فأتوا بسورةٍ مِن مثله ) .

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة :

أنّا قد أَوضحنا فيما تقدّم ، أنّ بعض التنزيل كان مِن قبيل التفسير للقرآن ، وليس مِن القرآن نفسه ، فلا بدّ مِن حَمْل هذه الروايات على أنّ ذِكر أسماء الأئمّة ( عليهم السلام ) في التنزيل مِن هذا القبيل ، وإذا لم يتمّ هذا الحَمْل ، فلا بدّ مِن

٢٢٧

طَرْح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب ، والسُنّة ، والأدلّة المتقدّمة على نفْيِ التحريف وقد دلّت الأخبار المتواترة على وجوب عَرْض الروايات على الكتاب والسُنّة ، وأنّ ما خالَف الكتاب منها يجب طرحه ، وضربه على الجدار .

وممّا يدلّ على أنّ اسم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يُذكر صريحاً في القرآن ، حديثُ الغدير ، فإنّه صريح في أنّ النبيّ ( ص ) إنّما نَصَّب عليّاً بأمر الله ، وبعد أنْ ورَد عليه التأكيد في ذلك ، وبعد أنْ وعَدَه الله بالعِصمة مِن الناس ، ولو كان اسم ( عليّ ) مذكوراً في القرآن ، لم يُحتجّ إلى ذلك النَصب ، ولا إلى تهيئة ذلك الاجتماع الحافل بالمسلمين ، ولَما خشِيَ رسول الله ( ص ) مِن إظهار ذلك ، ليحتاج إلى التأكيد في أمْرِ التبليغ .

وعلى الجُملة : فصحّة حديث الغدير توجِب الحُكم بكَذِب هذه الروايات ، التي تقول : إنّ أسماء الأئمّة مذكورة في القرآن ، ولا سيّما أنّ حديث الغدير كان في حِجّة الوداع ، التي وقعَتْ في أواخر حياة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ونزول عامّة القرآن ، وشيوعه بين المسلمين .

على أنّ الرواية الأخيرة المروِيّة في الكافي ممّا لا يُحتمَل صِدْقه في نفسه ، فإنّ ذِكْر اسم عليّ ( عليه السلام ) في مقام إثبات النبوّة ، والتحدّي على الإتيان بمِثل القرآن ، لا يُناسب مقتضى الحال ، ويعارِض جميع هذه الروايات : صحيحة أبي بصير المرويّة في الكافي قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله تعالى :

( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) ٤ : ٥٩ .

( قال : فقال نزلَت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين ( ع ) ، فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم

٢٢٨

يُسَمِّ عليّاً وأهل بيته في كتاب الله قال ( عليه السلام ) : فقولوا لهم إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) نزلت عليه الصلاة ، ولم يُسَمّ الله لهم ثلاثاً ، ولا أربعاً ، حتّى كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هو الذى فسّر لهم ذلك . ) (١) .

فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات ، ومُوَضِّحة للمراد منها ، وأنّ ذِكر اسم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تلك الروايات قد كان بعنوان التفسير ، أو بعنوان التنزيل ، مع عدم الأمر بالتبليغ .

ويُضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر ، لم يحتجّوا بذِكر اسم عليٍّ في القرآن ، ولو كان له ذِكر في الكتاب لكان ذلك أبْلَغ في الحُجّة ، ولا سيّما أنّ جَمْع القرآن - بزعم المستدلّ - كان بعد تمامية أمْرِ الخلافة بزمان غير يسير ، فهذا مِن الأدلّة الواضحة على عدم ذِكره في الآيات

الطائفة الثالثة : هي الروايات التي دلّت على وقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان ، وأنّ الأمّة بعد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) غيّرت بعض الكلمات ، وجعلت مكانها كلماتٍ أخرى .

فمنها : ما رواه عليّ بن ابراهيم القمّي ، بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله ( عليه السلام ): ( صِراط مَن أنعمْتَ عليهم، غير المغضوب عليهم ، وغير الضالّين ) .

ومنها : ما عن العياشي ، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قوله تعالى :

( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ ) ٣ : ٣٣ .

_______________________

(١) الوافي ج ٢ باب ٣٠ ما نصّ الله ورسوله عليهم ص ٦٣

٢٢٩

( قال : هو آل إبراهيم ، وآل محمّد على العالَمين ، فوضعوا اسماً مكان اسم أي إنّهم غيّروا ، فجعلوا مكان آل محمّد آل عِمران ) .

والجواب :

عن الاستدلال بهذه الطائفة - بعد الإغضاء عمّا في سندها مِن الضَعف - أنّها مخالفة للكتاب ، والسُنّة ، ولإجماع المسلمين على عدم الزيادة في القرآن ولا حرفاً واحداً ، حتّى مِن القائلين بالتحريف وقد ادّعى الإجماع جماعة كثيرون على عدم الزيادة في القرآن ، وأنّ مجموع ما بين الدفّتَين كلّه مِن القرآن وممّن ادّعى الإجماع : الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والشيخ البهائي ، وغيرهم مِن الأعاظم - قدّس الله أسرارهم - .

وقد تقدّمت رواية الاحتجاج الدالّة على عدم الزيادة في القرآن .

الطائفة الرابعة : هي الروايات التي دلّت على التحريف في القرآن بالنقيصة فقط .

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة :

أنّه لا بدّ مِن حَمْلها على ما تقدّم ، في معنى الزيادات في مصحف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وإنْ لم يمكن ذلك الحَمْل في جملة منها ، فلا بدّ مِن طَرْحها ؛ لأنّها مخالفة للكتاب والسُنّة ، وقد ذكرنا لها في مجلس بحثنا توجيهاً آخر أعْرَضنا عن ذِكره هنا حَذَراً مِن الإطالة ، ولعلّه أقرب المحامل ، ونُشير إليه في محلٍّ آخر إنْ شاء الله تعالى .

على أنّ أكثر هذه الروايات ، بل كثيرها ضعيفة السند ، وبعضها لا يحتمل صِدقه في نفسه وقد صرّح جماعة مِن الأعلام بلزوم تأويل هذه الروايات ، أو لزوم طَرْحها

٢٣٠

وممّن صرّح بذلك المحقّق الكُلباسي ، حيث قال على ما حُكيَ عنه : ( أنّ الروايات الدالّة على التحريف مخالفة لإجماع الأمّة ، إلاّ مَن لا اعتداد به . وقال : إنّ نقصان الكتاب ممّا لا أصل له ، وإلاّ لاشتهر وتواتَر ، نظراً إلى العادة في الحوادث العظيمة ، وهذا منها ، بل أعظمها ) .

وعن المحقّق البغدادي شارح الوافية التصريح بذلك ، ونَقَله عن المحقّق الكركي الذي صنّف في ذلك رسالة مستقلّة ، وذَكر فيها : ( أنّ ما دلّ مِن الروايات على النقيصة لا بدّ مِن تأويلها أو طرحها ، فإنّ الحديث إذا جاء على خلاف الدليل مِن الكتاب ، والسُنّة المتواترة ، والإجماع ، ولم يمكنْ تأويله ، ولا حَمْله على بعض الوجوه ، وجَب طرحُه ) .

أقول : أشار المحقّق الكركي بكلامه هذا إلى ما أشرنا إليه - سابقاً - مِن أنّ الروايات المتواترة ، قد دلّت على أنّ الروايات إذا خالفت القرآن ، لا بدّ مِن طرحِها فمِن تلك الروايات :

ما رواه الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بسنده الصحيح عن الصادق ( عليه السلام ) :

( الوقوف عند الشُبهة خيرٌ مِن الاقتحام في الهلَكة ، إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صَواب نوراً ، فما وافَق كتاب الله فخذوه ، وما خالَف كتاب الله فدَعوه . )(١) .

وما رواه الشيخ الجليل سعيد بن هبة الله ( القطب الراوندي ) بسنده الصحيح إلى الصادق ( عليه السلام ) :

_______________________

(١) الوسائل ج ٣ كتاب القضاء ، باب وجوه الجَمْع بين الأحاديث المختلفة ، وكيفية العمل ، ص ٣٨٠

٢٣١

( إذا ورَد عليكم حديثان مختلفان ، فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافَق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه . )(١) .

وأمّا الشُبهة الرابعة :

فيتلخّص في كيفية جَمْع القرآن ، واستلزامها وقوع التحريف فيه وقد انعقد البحث الآتي ( فِكرةٌ عن جَمْع القرآن ) ؛ لتصفية هذه الشُبهة وتفنيدها .

_______________________

(١) المصدر السابق

٢٣٢

٢٣٣

فِكرةٌ عن جَمْع القرآن

٢٣٤

كيفيّة جَمْع القرآن عَرْض الروايات في جمْع القرآن تناقضها وتضاربها معارضتها لِما دلّ على أنّ القرآن جُمِع على عهد الرسول معارضتها للكتاب وحُكم العقل مخالفتها لإجماع المسلمين على أنّ القرآن لا يثبت إلاّ بالتواتر الاستدلال بهذه الروايات يستلزم التحريف بالزيادة المتسالَم على بطلانه

٢٣٥

إنّ موضوع جمْع القرآن مِن الموضوعات ، التي يتذرّع بها القائلون بالتحريف ، إلى إثبات أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً ، وأنّ كيفيّة جمْعِه مستلزمة - في العادة - لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه .

فكان مِن الضروريّ أنْ يُعقَد هذا البحث إكمالاً لصيانة القرآن مِن التحريف ، وتنزيهه عن نقصٍ أو أيّ تغيير .

إنّ مصدر هذه الشُبهة هو زعْمِهم بأنّ جمْع القرآن كان بأمْرٍ مِن أبي بكر ، بعد أنْ قُتِل سبعون رجلاً مِن القُرّاء في بئر معونة ، وأربعمئة نفر في حرب اليمامة ، فخِيف ضياع القرآن وذهابه مِن الناس ، فتصدّى عُمَر وزيد بن ثابت لجمْع القرآن مِن العَسب ، والرقاع ، واللخاف ، ومِن صدور الناس بشرط أنْ يشهد شاهدان على أنّه مِن القرآن ، وقد صرّح بجميع ذلك في عدّةٍ مِن الروايات ، والعادة تقضي بفوات شيء منه على المتصدّي لذلك ، إذا كان غير معصوم ، كما هو مشاهد فيمَن يتصدّى لجمْع شِعر شاعر واحد أو أكثر ، إذا كان هذا الشِعر متفرِّقاً ، وهذا الحُكم قطعيّ بمقتضى العادة ، ولا أقلّ مِن احتمال وقوع التحريف، فإنّ مِن المحتمَل عدم إمكان إقامة شاهدَين على بعض ما سَمِع مِن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فلا يبقى وثوق بعدم النقيصة .

والجواب :

إنّ هذه الشُبهة مبتنية على صحّة الروايات الواردة في كيفية جمْع القرآن ، والأَولى أنْ نذكر هذه الروايات ، ثمّ نعقبها بما يرِد عليها

٢٣٦

أحاديث جَمْع القرآن :

١ - روى زيد بن ثابت ، قال :

( أرسل إليَّ أبو بكر ، مقتلَ أهل يمامة ، فإذا عُمَر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر : إنّ عُمَر أتاني ، فقال : إنّ القتْل قد استحرَّ يوم اليمامة بقُرّاء القرآن ، وإنّي أخشى أنْ يستحرّ القَتْل بالقُرّاء بالمواطن ، فيذهب كثير مِن القرآن ، وإنّي أرى أنْ تأمُر بجَمْع القرآن ، قلت لعُمَر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله ؟ قال عُمَر : هذا والله خير ، فلم يزل عُمَر يراجعني حتّى شَرَح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر .

قال زيد : قال أبو بكر : إنّك رجلٌ شابٌّ عاقل لا نتَّهِمُك ، وقد كنتَ تكتُب الوحي لرسـول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّـم ) ، فتتبّع القرآن فاجْمَعْه فوَالله لو كلّفوني نقْل جبل مِن الجبال ، ما كان أثْقَل عليَّ ممّا أمَرَني مِن جمْع القرآن ، قلت : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يُراجِعُنى ، حتّى شرح الله صدري ، للَّذي شرح له صدرَ أبي بكر وعُمَر ، فتتبّعتُ القرآن أجْمَعه مِن العَسب ، واللخاف ، وصدور الرجال ، حتّى وجدتُ آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع أحدٍ غيره :

( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ٩ : ١٢٨فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ٩ : ١٢٩) .

حتّى خاتمة براءة ، فكانت الصُحُف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله ، ثمّ عند عُمَر حياته ، ثمّ عند حَفصة بنت عمر )(١) .

_______________________

(١) صحيح البخاري ، باب جَمْع القرآن ج ٦ ص ٩٨

٢٣٧

٢ - وروى ابن شهاب أنّ أنس بن مالك حدَّثه :

( أنّ حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمان ، وكان يُغازي أهل الشام في فَتْح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزعَ حُذَيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين أدْرِك هذه الأمّة ، قبل أنْ يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حَفصة أنْ أرسلي إلينا بالصُحُف نَنسخُها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ، فأرسلَتْ بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيدَ بن ثابت ، و عبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف .

وقال عثمان للرهط القُرَشيّين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء مِن القرآن ، فاكتبوه بلسان قُريش ، فإنّما نَزَل بلسانهم ، ففعلوا حتّى إذا نَسَخوا الصُحُف في المصاحف ، ردّ عثمان الصُحُف إلى حفصة ، فأرسل إلى كلّ أُفُق بمُصحَف ممّا نَسَخوا ، وأمَرَ بما سِواه مِن القرآن في كلّ صحيفة أو مُصحف أنْ يُحرَق ) .

قال ابن شهاب : ( وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال : فقدتُ آيةً مِن الأحزاب ، حين نَسخْنا المُصحَف ، قد كنتُ أسمع رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) يقرأ بها ، فالتمَسناها ، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري :

( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) ٣٣ : ٢٣

فألحقناها في سورتها في المُصحَف )(١) .

_______________________

(١) صحيح البخاري ج ٦ ص ٩٩ ، وهاتان الروايتان وما بعدهما إلى الرواية الحادية والعشرين ، مذكورة في منتخب كنز العمّال ، بهامش مسند أحمد ج ٢ ص ٤٣ - ٥٢

(البيان - ١٦)

٢٣٨

٣ - وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن عليّ ، قال :

( أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر ، إنّ أبا بكر أوّل مَن جَمَع ما بين اللوحَين ) .

٤ - وروى ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله وخارجة :

( أنّ أبا بكر الصدّيق كان جمَع القرآن في قراطيس ، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك ، فأبى حتّى استعان عليه بعُمَر ، ففَعَل ، فكانت الكتُب عند أبي بكر حتّى تُوفّيَ ، ثمّ عند عُمَر حتّى توفّيَ ، ثمّ كانت عند حَفصة زَوج النبيّ ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) ، فأرسل إليها عثمان ، فأبَتْ أنْ تدفعها ، حتّى عاهدَها ليردّنّها إليها ، فبعثَت بها إليه ، فنَسَخ عثمان هذه المصاحف ، ثمّ ردّها إليها ، فلم تزَلْ عندها . ) .

٥ - وروى هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال :

( لمّا قُتِل أهلُ اليمامة أمَر أبو بكر عُمَر بن الخطّاب ، وزيد بن ثابت ، فقال : اجلسا على باب المسجد ، فلا يأتيَنّكما أحد بشيءٍ مِن القرآن تُنكرانه يشهد عليه رجلان إلاّ أثْبَتُّماه ؛ وذلك لأنّه قُتِل باليمامة ناس مِن أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) قد جمَعوا القرآن ) .

٦ - وروى محمّد بن سيرين ، قال : ( قُتِل عُمَر ، ولم يُجمَع القرآن ) .

٧ - وروى الحسن :

( أنّ عُمَر بن الخطّاب سأل عن آيةٍ مِن كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان ، فقُتِل يوم اليمامة ، فقال : إنّا لله ، وأمَر بالقرآن فجُمِع ، فكان أوّل مَن جمَعَه في المُصحَف ) .

٨ - وروى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال :

( أراد عُمَر بن الخطّاب أنْ يجْمَع القرآن ، فقام في الناس ، فقال : مَن كان تلَقّى مِن رسول الله ( ص ) شيئاً مِن القرآن ، فليأتِنا به ، وكانوا كتَبوا ذلك في الصُحُف

٢٣٩

والألواح ، والعَسب ، وكان لا يقبل مِن أحدٍ شيئاً حتّى يشهد شهيدان ، فقُتِل وهو يُجْمَع ذلك إليه ، فقام عثمان ، فقال : مَن كان عنده مِن كتاب الله شيء ، فليأتِنا به ، وكان لا يقبل مِن ذلك شيئاً حتّى يشهد عليه شهيدان ، فجاءه خزيمة بن ثابت ، فقال : إنّي قد رأيتُكم تركتُم آيتَين لم تكتبوهما قالوا : ما هما ؟ قال : تلَقّيتُ مِن رسول الله ( صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ) :

( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ .)

إلى آخِر السورة ، فقال عثمان : وأنا أشهد أنّهما مِن عند الله ، فأين ترى أنْ نجعلهما ؟ قال : اختم بهما آخِر ما نزَل مِن القرآن ، فخُتِمَت بهما براءة ) .

٩ - وروى عبيد بن عمير ، قال :

( كان عُمَر لا يُثبت آية في المُصحَف حتّى يشهد رجلان ، فجاءه رجلٌ مِن الأنصار بهاتَين الآيتَين : لقد جاءكم رسول مِن أنفسكم . إلى آخرها ، فقال عُمَر : لا أسألك عليها بيّنة أبداً ، كذلك كان رسول الله )(١) .

١٠ - وروى سليمان بن أرقم ، عن الحسن وابن سيرين ، وابن شهاب الزهري ، قالوا :

( لمّا أسْرَع القتْل في قُرّاء القرآن يوم اليمامة ، قُتِل منهم يومئذٍ أربعمئة رجُل ، لَقِيَ زيد بن ثابت عُمَرَ بن الخطّاب ، فقال له : إنّ هذا القرآن هو الجامع لدينِنا ، فإنْ ذَهب القرآن ذَهب دينُنا ، وقد عزَمْتُ على أنْ أجْمَع القرآن في كتاب ، فقال له : انتظر حتّى أسأل أبا بكر ، فمَضَيا إلى أبي بكر فأخبراه بذلك ، فقال : لا تعجَلْ حتّى أُشاور المسلمين ، ثمّ قام خطيباً في الناس فأخبرهم بذلك ، فقالوا :

_______________________

(١) الروايات التي نقلناها عن المنتخب مذكورة في كنز العمال ( جَمْع القرآن ) الطبعة الثانية ج ٢ ص ٣٦١ ، عدا هذه الرواية ، ولكن بمضمونها رواية عن يحيى بن جعدة

٢٤٠