المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر

المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر0%

المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
تصنيف: علم أصول الفقه
الصفحات: 392

المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد باقر الصدر
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
تصنيف: الصفحات: 392
المشاهدات: 84585
تحميل: 7272

توضيحات:

المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84585 / تحميل: 7272
الحجم الحجم الحجم
المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر

المعالم الجديدة للأصول غاية الفكر

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر (قدّس سره)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المعالم الجديدة للأصول

غاية الفكر

تأليف:

آية العظمى الشهيد

السيّد محمّد باقر الصدرقدس‌سره

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

صدر، محمد باقر، ١٩٣١ - ١٩٧٩م. Sadr Muhammd Bagir

المعالم الجديدة للأصول / مؤلّف : محمد باقر الصدر ؛ إعداد وتحقيق لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر. قم : مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، ١٤٢١ ق. = ١٣٧٩.

٢٥٦، ١٤٤ ( تراث الشهيد الصدر : ٨) ISBN ٩٦٤-٥٨٦٠-٢٦-١عربى.

فهرست نويسى بر اساس اطلاعات فيپا.

كتاب حاضر بمناسبت برگزاري "المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدرقدس‌سره منتشر شده است.

كتابنامه:

١ - أصول فقه.ألف. كنگره بين المللى آيت الله العظمى شهيد صدرقدس‌سره گروه تحقيق.ب - پزوهشگاه علمى تخصص شهيد صدر. ج - عنوان : التشيع والإسلام.ه- عنوان.

٦م ٤ ص ٨ / ١٥٩ / ٢ BP

٣١٢ / ٢٩٧

كتابخانه ملّى إيران ١٥٤٢ - ٧٩ م

اسم الكتاب : المعالم الجديدة للأصول.[ وكتاب : ] غاية الفكر

المؤلّف : آية العظمى الشهيد السيّد محمّد باقر الصدرقدس‌سره

إعداد وتحقيق : لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدرقدس‌سره

الناشر : مركز الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدرقدس‌سره

الطبعة المحقّقة في المؤتمر : الثانية

المطبعة : شريعت - قم

تاريخ الطبع : ١٤٢٥ ق.

الكميّة : ٣٠٠٠ نسخة

رقم الشابك : ٤ - ٠٢ - ٥٨٦٠ - ٩٦٤ : ISBN

جميع الحقوق محفوظة للناشر

٣

٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٥

٦

كلمة المؤتمر :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

منذ منتصف القرن العشرين، وبعد ليل طويل نشر أجنحته السوداء على سماء الأُمة الإسلامية لعدة قرون، فلفّها في ظلام حالك من التخلّف والانحطاط والجمود، بدأت بشائر الحياة الجديدة تلوح في أُفق الأمّة، وانطلق الكيان الإسلامي العملاق - الذي بات يرزح تحت قيود المستكبرين والظالمين مدى قرون - يستعيد قواه حتى انتصب حيّاً فاعلاً قويّاً شامخاً بانتصار الثورة الإسلاميّة في إيران تحت قيادة الإمام الخمينيقدس‌سره يقضّ مضاجع المستكبرين، ويبدّد أحلام الطامعين والمستعمرين.

ولئن أضحت الأُمّة الإسلاميّة مدينة في حياتها الجديدة على مستوى التطبيق للإمام الخمينيقدس‌سره فهي بدون شك مدينة في حياتها الجديدة على المستوى الفكري والنظري للإمام الشهيد الصدرقدس‌سره ، فقد كان المنظّر الرائد بلا منازع للنهضة الجديدة ؛ إذ استطاع من خلال كتاباته وأفكاره التي تميّزت بالجِدَة والإبداع من جهة، والعمق والشمول من جهة أخرى، أن يمهّد السبيل للأمّة ويشقّ لها الطريق نحو نهضة فكرية إسلاميّة شاملة، وسط ركام هائل من التيّارات الفكرية المستوردة التي تنافست في الهيمنة على مصادر القرار الفكري والثقافي في المجتمعات الإسلاميّة، وتزاحمت للسيطرة على عقول مفكّريها وقلوب أبنائها المثقّفين.

لقد استطاع الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدرقدس‌سره بكفاءةٍ عديمة النظير أن ينازل بفكره الإسلامي البديع عمالقة الحضارة الماديّة الحديثة ونوابغها الفكريّين، وأن يكشف للعقول المتحرّرة عن قيود التبعيّة الفكريّة والتقليد الأعمى ،

٧

زيف الفكر الإلحادي، وخواء الحضارة الماديّة في أُسسها العقائدية ودعائمها النظريّة، وأن يثبت فاعليّة الفكر الإسلامي وقدرته العديمة النظير على حلّ مشاكل المجتمع الإنساني المعاصر، والاضطلاع بمهمّة إدارة الحياة الجديدة بما يضمن للبشريّة السعادة والعدل والخير والرفاه.

ثمّ إنّ الإبداع الفكري الذي حقّقته مدرسة الإمام الشهيد الصدر، لم ينحصر في إطار معيّن، فقد طال الفكر الإسلامي في مجاله العام، وفي مجالاته الاختصاصيّة الحديثة كالاقتصاد الإسلامي والفلسفة المقارنة والمنطق الجديد، وشمل الفكر الإسلامي الكلاسيكي أيضاً، كالفقه والأُصول والفلسفة والمنطق والكلام والتفسير والتاريخ، فأحدث في كل فرع من هذه الفروع ثورةً فكريّة نقلت البحث العلمي فيه إلى مرحلة جديدة متميّزة سواء في المنهج أو المضمون.

ورغم مضيّ عقدين على استشهاد الإمام الصدر، ما زالت مراكز العلم ومعاهد البحث والتحقيق تستلهم فكره وعلمه، وما زالت الساحة الفكريّة تشعر بأمسّ الحاجة إلى آثاره العلميّة وإبداعاته في مختلف مجالات البحث والتحقيق العلمي.

ومن هنا كان في طليعة أعمال المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر إحياء تراثه العلمي والفكري بشكل يتناسب مع شأن هذا التراث القيّم.

وتدور هذه المهمّة الخطيرة - مع وجود الكمّ الكبير من التراث المطبوع للشهيد الصدر - في محورين :

أحدهما : ترجمته إلى ما تيسّر من اللغات الحيّة بدقّة وأمانة عاليتين.

والآخر : إعادة تحقيقه للتوصّل إلى النصّ الأصلي للمؤلّف منزّهاً من الأخطاء التي وقعت فيه بأنواعها من التصرّف والتلاعب والسقط نتيجة كثرة الطبعات وعدم دقّة المتصدّين لها وأمانتهم، ثمّ طبعه من جديد بمواصفات راقية.

ونظراً إلى أنّ التركة الفكرية الزاخرة للسيّد الشهيد الصدرقدس‌سره شملت العلوم والاختصاصات المتنوّعة للمعارف الإسلاميّة وبمختلف المستويات الفكريّة، لذلك

٨

أوكل المؤتمر العالمي للشهيد الصدر مهمّة التحقيق فيها إلى لجنة علمية تحت إشراف علماء متخصّصين في شتّى فروع الفكر الإسلامي من تلامذته وغيرهم، وقد وُفّقت اللجنة في عرض هذا التراث بمستوى رفيع من الاتقان والأمانة العلميّة، ولخّصت منهجيّة عملها بالخطوات التالية :

١ - مقابلة النسخ والطبعات المختلفة.

٢ - تصحيح الأخطاء السارية من الطبعات الأُولى أو المستجدة في الطبعات اللاحقة، ومعالجة موارد السقط والتصرّف.

٣ - تقطيع النصوص وتقويمها دون أدنى تغيير في الأُسلوب والمحتوى، أمّا الموارد النادرة التي تستدعي إضافة كلمة أو أكثر لاستقامة المعنى فيوضع المضاف بين معقوفتين.

٤ - تنظيم العناوين السابقة، وإضافة عناوين أخرى بين معقوفتين.

٥ - استخراج المصادر التي استند إليها السيّد الشهيد بتسجيل أقربها إلى مرامه وأكثرها مطابقة مع النصّ ؛ ذلك لأنّ المؤلّف يستخدم النقل بالمعنى - في عددٍ من كتبه وآثاره - معتمداً على ما اختزنته ذاكرته من معلومات أو على نوع من التلفيق بين مطالب عديدة في مواضع متفرّقة من المصدر المنقول عنه، وربّما يكون بعض المصادر مترجماً وله عدة ترجمات ؛ ولهذا تُعدّ هذه المرحلة من أشقّ المراحل.

٦ - إضافة بعض الملاحظات في الهامش للتنبيه على اختلاف النسخ أو تصحيح النصّ أو غير ذلك، وتُختم هوامش السيّد الشهيد بعبارة :( المؤلّف قدس‌سره ) تمييزاً لها عن هوامش التحقيق.

وكقاعدة عامّة - لها استثناءات في بعض المؤلّفات - يُحاول الابتعاد عن وضع الهوامش التي تتولّى عرض مطالب إضافيّة أو شرح وبيان فكرةٍ مّا أو تقييمها ودعمها بالأدلّة أو نقدها وردّها.

٩

٧ - تزويد كلّ كتاب بفهرس موضوعاته، وإلحاق بعض المؤلّفات بثبت خاص لفهرس المصادر الواردة فيها.

وقد بسطت الجهود التحقيقيّة ذراعيها على كلّ ما أمكن العثور عليه من نتاجات هذا العالم الجليل، فشملت : كتبه، وما جاد به قلمه مقدمةً أو خاتمةً لكتب غيره ثم طُبع مستقلاًّ في مرحلة متأخرة، ومقالاته المنشورة في مجلاّت فكريّة وثقافيّة مختلفة، ومحاضراته ودروسه في موضوعات شتّى، وتعليقاته على بعض الكتب الفقهيّة، ونتاجاته المتفرّقة الأُخرى، ثمّ نُظّمت بطريقة فنيّة وأعيد طبعها في مجلّدات أنيقة متناسقة.

ونقدّم بين يدي القارئ كتابين من الكتب التي شملته الجهود التحقيقيّة المذكورة، وهما :

١ - ( المعالم الجديدة للأصول ) الذي ألّفه الإمام الشهيدقدس‌سره في سنة ١٣٨٥ الهجريّة كحلقةٍ أولى من سلسلة ( دروس تمهيديّة في علم الأصول ) وكان يقدّر وقتئذٍ ضرورة تكميل هذه الحلقة بحلقتين أخريين على غرارها ضمن هذه السلسلة لتكون بمجموعها كتباً دراسيّةً معدّةً لثلاث مراحل دراسيّة لعلم الأصول، ولكنّه لم يوفّق لذلك إلى حين مضيّ اثنتي عشرة سنة تقريباً من تأليفه لهذا الكتاب.

وفي عام ١٣٩٧ الهجري حالفه التوفيق الربّاني لاستئناف النظر في هذه الأُطروحة، وإدخال تعديلات أساسيّة فيها، وإكمالها وإخراجها في ثلاث حلقات تحت عنوان ( دروس في علم الأصول )، وهي السلسلة المعروفة اليوم ب- ( الحلقات ).

ولا يخفى أنّ كتاب ( المعالم الجديدة للأُصول ) وإن انتهى أمره - في التطوّر التكاملي المذكور - إلى الصياغة المطروحة في الحلقة الأُولى من حلقات ( دروس في علم الأُصول )، لكن قد بقي لهذا الكتاب بعض المميّزات الخاصّة به، من قبيل تميّزه بلغة عصريّة بعيدة عن التعقيدات اللفظيّة والمنويّة بدرجةٍ أعلى وأرفع ممّا التزم به المؤلّفقدس‌سره في كتاب الحلقات، وتميّزه - أيضاً - بالشرح والتفصيل وكثرة

١٠

الأمثلة التوضيحيّة لجملة من المطالب المندرجة فيه.

ومن المميّزات المهمّة لهذا الكتاب أيضاً اشتماله على فصل مهمّ جدّاً في دراسة وتحليل تأريخ علم الأصول لم يسبقه في ذلك غيره، وقد حذفه السيّد الشهيدرحمه‌الله في كتاب الحلقات حرصاً منه على الاحتفاظ بالطابع العلمي والدراسي للكتاب بالنحو المقبول في أوساط الحوزة العلميّة.

ولعلّه بهذه المميّزات وغيرها بقي الكتاب - بصورته السابقة - أكثر تناسباً وائتلافاً مع حاجة الأوساط العلميّة في الجامعات والمعاهد العلميّة غير الحوزويّة، بالإضافة إلى قيمته التأريخيّة المعبّرة عن النشاط العلمي للمؤلّف في ذلك العهد.

٢ -( غاية الفكر ) وهو كتاب علمي تخصّصي رفيع المستوى في علم الأصول، رتّبه المؤلّفقدس‌سره في عشرة أجزاء - كما جاء في مقدّمة الكتاب - ولم يطبع منه سوى هذا الجزء الذي هو الجزء الخامس منه، ولا يعرف مصير باقي الأجزاء، لذا فلم نستطع استخراج ما ورد في هذا الجزء من إحالاتٍ أو إرجاعات إلى الأجزاء الأُخرى ؛ لعدم توفّر تلك الأجزاء.

وهذا الكتاب على صغر حجمه يعبّر عن مستوى العمق الفكري الذي كان يتمتّع به الإمام الشهيد الصدرقدس‌سره وهو في ريعان الشباب ؛ فقد طبع هذا الجزء من الكتاب في سنة ١٣٧٤ الهجريّة، وصرّح المؤلّف في مقدّمته بأنّه بدأ بتأليف الكتاب قبل ثلاث سنوات تقريباً، وهو يساوي سنة ١٣٧١ الهجريّة، وبمقارنة هذا التأريخ مع تأريخ ولادته ( ١٣٥٣ ه- ) يعرف أنّ عمره الشريف عند شروعه بتأليف هذا الكتاب لم يكن يتجاوز ثماني عشرة سنة، ولا شكّ أنّ صدور مثل هذا الكتاب المشتمل على أعقد المطالب العلميّة الرفيعة في مجال هذا العلم على يد شابّ مراهق في مثل هذا العمر يعتبر رقماً قياسيّاً بين العلماء والمجتهدين في العصر الأخير.

ولا يخفى أنّ هذا الكتاب - رغم أنّه خالف المشهور في جملة من الآراء والنظريّات العلميّة - قد جرى فيه المؤلّفقدس‌سره على مسايرة الأصحاب ومجاراتهم في

١١

بعض ما لا يتّفق معهم فيه من رأي، ظنّاً منه بأنّ التصريح بمخالفتهم في ذلك ممّا لا يمكن استيعابه في الوسط العلمي السائد وقتئذٍ، فبنى في محاوراته العلميّة مع المشهور على التسليم ببعض المباني السائدة بينهم وإن لم يتّفق معهم في ذلك منذ عهد تأليفه لهذا الكتاب، وقد صرّح بمخالفته لهم بعد ذلك في كتبه المتأخّرة.

فليس تسليمه لقاعدة قبح العقاب بلا بيان مثلاً في هذا الكتاب مع رفضه لها في كتبه الأخرى من أجل تبدّلٍ له في الرأي، بل إنّما هو من أجل ما ذكرناه من التزامهرحمه‌الله بمجاراة الأصحاب في بعض المباني في هذا الكتاب.

ولمّا كان الكتاب المذكور قد طبع في حياة المؤلّفقدس‌سره طبعة واحدة فحسب بالطريقة القديمة، فاقدةً للعناوين المناسبة للمواضيع العلميّة المطروحة فيه، وخاليةً عن الضوابط الفنّية الأُخرى المتداولة اليوم، لهذا اضطرّت لجنة التحقيق إلى بذل جهود خاصّة في تحقيق هذا الكتاب، ومن جملة ما صنعته فيه وضع العناوين المناسبة لمواضيع الكتاب بصورة كاملة من العناوين الرئيسيّة والفرعيّة، ولمّا كانت هذه العناوين كلّها جديدة وصادرة من قبل لجنة التحقيق لم تجد اللجنة حاجةً إلى وضعها بين المعقوفتين على خلاف ما حصل في باقي مؤلّفات الشهيد الصدر، حيث وضعت العناوين الجديدة فيها بين المعقوفتين.

ولا يفوتنا أن نشيد بالموقف النبيل لورثة السيّد الشهيد كافّة سيّما نجله البارّ ( سماحة الحجّة السيّد جعفر الصدر حفظه الله ) في دعم المؤتمر وإعطائهم الإذن الخاصّ في نشر وإحياء التراث العلمي للشهيد الصدرقدس‌سره .

وأخيراً نرى لزاماً علينا أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى اللجنة المشرفة على تحقيق تراث الإمام الشهيد، والعلماء والباحثين كافّة الذين ساهموا في إعداد هذا التراث وعرضه بالأسلوب العلمي اللائق، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يتقبّل جهدهم، وأن يمنّ عليهم وعلينا جميعاً بالأجر والثواب، إنّه سميع مجيب.

المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدرقدس‌سره

أمانة الهيئة العلميّة

١٢

١٣

١٤

كلمة المؤلِّف :

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله المعصومين الطاهرين.

وبعد : فإنّي لم أضع هذا الكتاب ليعبِّر عن بحوث علم أصول الفقه كما تعالج في الدراسات الخاصّة، ولا ليبرهن على وجهات نظري في المسائل الأصولية بالصورة الكافية لإبرازها إبرازاً دقيقاً والاستدلال عليها ومقارنتها الواسعة بسائر الآراء والاتّجاهات القائمة في علم الأصول، كما هي الطريقة المتّبعة في الكتب التي تُصنَّف على مستوى الدراسات العالية وبحوث الخارج.

وإنّما الهدف الذي أتوخّاه من هذا الكتاب هو تقديم علم الأصول بصورةٍ بدائيةٍ ومبسَّطةٍ للمبتدِئين في دراسة هذا العلم، ولهذا راعيت في كلّ جوانب الكتاب أن يكون في مستوى هذا الهدف.

وقد حاولت إضافةً إلى ذلك أن أمكِّن الهواة الراغبين في معلوماتٍ عامّةٍ عن العلم من الحصول عليها في هذا الكتاب، ولأجل هذا لاحظت في درجة التوضيح ما يحقّق ذلك.

ويعبِّر هذا الكتاب عن حلقةٍ من حلقاتٍ ثلاثٍ تندرّج في عرض علم الأصول وتمهيده، وتشكِّل كلّ واحدةٍ منها دراسةً كاملةً لعلم الأصول وإن اختلفت في مستوى العرض والدرجة العلمية للبحث.

١٥

ففي هذه الحلقة تَوفَّرنا على إيجاد تصوّراتٍ علميةٍ عامّةٍ عن النظريات الأصولية، وتجنّبنا في الغالب الخوض في المناقشات والاحتجاج.

ويتهيّأ الطالب عند إكمال هذه الحلقة لدراسة تلك النظريات بصورةٍ تصديقيةٍ في الحلقة الثانية التي سوف نعمِّق فيها التصوّرات المعطاة في الحلقة الأولى مع بحثٍ تصديقيٍّ مجملٍ عن كلّ نظرية.

وأمّا الحلقة الثالثة فهي تعرض المستوى الثالث من الدروس التمهيدية لعلم الأصول، ويمارس فيها الطالب دراسة النظريات الأصولية في إطارٍ من الأقوال ووجهات النظر المتخالفة والأدلّة المتقابلة.

وأمّا الهيكل العامّ والتصميم المشترك الذي وضعتُه للحلقات الثلاث فله مبرّراته التي ترتبط بما أشرت إليه من الأهداف المتوخّاة من وضع هذه الحلقة وما يليها، كما سنتحدّث عنه في الحلقات المقبلة إن شاء الله تعالى.

النجف الأشرف : ١٤ جمادي الثانية ١٣٨٥ ه-

محمد باقر الصدر

١٦

المعالم الجديدة للأصول القسم الأوّل

المدخل إلى علم الأُصول

تعريف علم الأصول.

جواز عمليّة الاستنباط.

الوسائل الرئيسيّة للإثبات في علم الأصول.

تأريخ علم الأصول.

مصادر الإلهام للفكر الأصولي.

الحكم الشرعي وتقسيمه.

١٧

١٨

تعريف علم الأصول

تمهيد :

بعد أن آمن الإنسان بالله والإسلام والشريعة، وعرف أنّه مسئول - بحكم كونه عبداً لله تعالى - عن امتثال أحكام الله تعالى يُصبح ملزَماً بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الإسلامية، ومدعوّاً بحكم عقله إلى بناء كلّ تصرّفاته الخاصّة علاقاته مع الأفراد الآخرين على أساسها، أي اتّخاذ الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيّته للشريعة بوصفه عبداً للمشرِّع سبحانه الذي أنزل الشريعة على رسوله.

ولأجل هذا كان لزاماً على الإنسان أن يعيِّن الموقف العملي الذي تفرضه هذه التبعية عليه في كلّ شأنٍ من شؤون الحياة ويحدّده، فهل يفعل أو يترك ? وهل يتصرّف بهذه الطريقة أو بتلك ؟

ولو كانت أحكام الشريعة وأوامرها ونواهيها في كلّ الأحداث والوقائع واضحةً وضوحاً كاملاً بديهياً للجميع لكان تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ أمراً ميسوراً لكلّ أحد ؛ لأنّ كلّ إنسانٍ يعرف أنّ الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعة في الواجبات هو ( أن يفعل)، وفي المحرّمات هو ( أن يترك )، وفي المباحات هو ( أنّه بالخيار : إن شاء فعل وإن شاء ترك ).فلو

١٩

كانت الواجبات والمحرّمات وسائر الأحكام الشرعية محدّدةً ومعلومةً بصورةٍ عامةٍ وبدهية لكان الموقف العملي المحتّم على الإنسان بحكم تبعيته للشريعة واضحاً في كلّ واقعة، ولَما احتاج تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة إلى بحثٍ علميٍّ ودراسةٍ واسعة.

ولكنّ عوامل عديدةً - منها بُعدنا الزمني عن عصر التشريع - أدّت إلى عدم وضوح عددٍ كبيرٍ من أحكام الشريعة واكتنافها بالغموض.فنشأ نتيجةً لذلك غموض في الموقف العملي الذي تفرضه على الإنسان تبعيته تجاه الشريعة في كثيرٍ من الوقائع والأحداث ؛ لأنّ الإنسان إذا لم يعلم نوع الحكم الذي تقرِّره الشريعة في واقعةٍ مّا، أهو وجوب أو حرمة أو إباحة ؟ فسوف لن يعرف طبيعة الموقف العملي الذي يتحتّم عليه أن يتّخذه تجاه الشريعة في تلك الواقعة بحكم تبعيته للشريعة.

وعلى هذا الأساس كان من الضروري أن يوضَع علم يتولّى رفع الغموض عن الموقف العملي تجاه الشريعة في كلّ واقعةٍ بإقامة الدليل على تعيين الموقف العملي الذي تفرضه على الإنسان تبعيته للشريعة وتحديده.

وهكذا كان، فقد أنشئ علم الفقه للقيام بهذه المهمّة، فهو يشتمل على تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً.والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العملي في كلّ حدثٍ من أحداث الحياة وناحيةٍ من مناحيها، وهذا ما نطلق عليه في المصطلح العلمي اسم ( عملية استنباط الحكم الشرعي )، فاستنباط الحكم الشرعي في واقعةٍ معناه إقامة الدليل على تحديد الموقف العملي للإنسان تجاه الشريعة في تلك الواقعة، أي تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً.ونعني بالموقف العملي تجاه الشريعة : السلوك الذي يفرض على الإنسان بحكم تبعيته للشريعة أن يسلكه تجاهها ؛ لكي يفي

٢٠