فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد3%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243441 / تحميل: 10712
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

المـُبَارَكَة

البركة: النماء والسعادة والزيادة كما في (تاج العروس). وقال الراغب: ولمّا كان الخير الإِلهي يصدر من حيث لا يُحبس، وعلى وجه لا يُحصى ولا يُحصر قيل - لكل ما يشاهَد منه زيادة محسوسة -: هو مبارك فيه، وفيه بركة.

ولقد بارك الله في السيّدة فاطمة أنواعاً من البركات، وجعل ذرّيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نسلها، وجعل الخير الكثير في ذريَّتها، فإنّها ماتت وتركت ولدين وابنتين فقط، وهم: الإمام الحسن والإمام الحسينعليهما‌السلام وزينب وأُم كلثوم، وجاءت واقعة كربلاء، وقتل فيها أولاد الحسين ولم يبق من أولاده إلاَّ علي بن الحسين (زين العابدين).

وقُتل من أولاد الإمام الحسن سبعة (على قول) واثنان من ولد زينب، وأمّا أُم كلثوم فإنّها لم تعقب.

وبعد واقعة كربلاء تكرّرت الحوادث، وأُقيمت المذابح والمجازر في نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذرّيّة فاطمة الزهراء من واقعة الحرَّة، إلى واقعة زيد بن علي بن الحسين إلى، واقعة الفخ، إلى مطاردة العلويين في عهد الأُمويين.

وجاء دَور بني العبّاس، فضربوا الرقم القياسي في مكافحة العلويين وإبادتهم واستئصال شأْفتهم، راجع كتاب (مقاتل الطالبيين ) تجد بعض تلك الحوادث.

٦١

واستمرت المكافحة أكثر من قرنين حتى قُتل الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام وهو الإمام الحادي عشر مسموماً في مدينة سامراء، ولم يكن صلاح الدين الأيوبي بأقل من العباسيين في إراقة دماء آل رسول الله ودماء شيعتهم، فلقد أقاموا في المغرب العربي مجازر ومذابح جماعية تقشعرّ منها الجلود.

ومع ذلك كلّه فقد جعل الله البركة في نسل فاطمة الزهراء، وقد جعل الله منها الخير الكثير.

وفي تفسير قوله تعالى:( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) أقوال للمفسّرين، وإن كان المشهور أنّ الكوثر هو الحوض المعروف في القيامة، أو النهر المشهور في الجنّة، ولكنّ الكوثر على وزن فوعل: هو الشيء الكثير والخير الكثير.

وقد ذكر السيوطي في (الدر المنثور ) في تفسير شرح الكوثر: وأخرج البخاري وابن جرير والحاكم، عن طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما أنّه قال: الكوثر: الخير الكثير الذي أعطاه الله إيّاه، قال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير فإنّ ناساً يزعمون أنَّه نهر في الجنّة. قال: النهر الذي في الجنّة هو من الخير الكثير الذي أعطاه.

والأنسب بالمقام، وبمقتضى الحال - كما في التفسير للرازي - أن يكون المقصود من الكوثر هي الصدّيقة فاطمة الزهراء، فقد ذكر الطبرسي في (مجمع البيان ) في تفسير سورة الكوثر: قال: قيل: الكوثر هو الخير الكثير، وقيل: هو كثرة النسل والذرّيّة، وقد ظهرت الكثرة في نسله - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - من وُلد فاطمة حتى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم.

وقال الفخر الرازي في تفسيره حول الآية:

والقول الثالث: الكوثر أولاده، قالوا: لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردَّاً علة من عابهعليه‌السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون

٦٢

على مرِّ الزمان فانظر كم قُتل من أهل البيت؟ ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أُمية في الدنيا أحد يُعبأُ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام والنفس الزكية وأمثالهم.

ووجه المناسبة: أنّ الكافر شمت بالنبي حين مات أحد أولاده وقال: إنّ محمداً أبتر، فإن مات، مات ذكره. فأنزل الله هذه السورة على نبيّه تسلية له كأنّه تعالى يقول: إن كان ابنك قد مات فإنّا أعطيناك فاطمة، وهي وإن كانت واحدة وقليلة، ولكنّ الله سيجعل هذا الواحد كثيراً.

وتصديقاً لهذا الكلام ترى في العالم (اليوم) ذرّيّة فاطمة الزهراء الذين هم ذرّيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منتشرين في بقاع العالم، ففي العراق حوالي مليون، وفي إيران حوالي ثلاثة ملايين، وفي مصر خمسة ملايين، وفي الجزائر وفي تونس وليبيا عدد كثير، وكذلك في الأردن وسوريا ولبنان، والسودان وبلاد الخليج والسعودية ملايين، وفي اليمن والهند وباكستان والأفغان وجزر إندونيسيا حوالي عشرين مليوناً.

وقلَّ أن تجد في البلاد الإسلامية بلدة ليس فيها أحد من نسل السيدة فاطمة الزهراء. ويقدَّر مجموعهم بخمسة وثلاثين مليوناً، ولو أجريت إحصائيات دقيقة وصحيحة فلعلّ العدد يتجاوز هذا المقدار(١) .

هؤلاء ذرّيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم من صلب علي وفاطمة، وفيهم الملوك والأُمراء والوزراء والعلماء والكتَّاب والشخصيات البارزة والعباقرة المرموقة.

____________________

(١) هذا الإحصاء لعام ١٣٦٦ هـ، أمّا اليوم فقد تضاعف عددهم إلى ما يعلمه الله تعالى.

٦٣

ومنهم مَن يعتزُّ بهذا الانتساب ويفتخر به، ومنهم مَن يهمله ولا يبالي به، ومنهم مَن يسير على طريقة أهل البيت، ومنهم مَن يسير على خلاف مذهب أهل البيت.

وقد سمعت أنَّ بعض العلويين في إندونيسيا خوارج ونواصب!!

ومن أعجب العجب أنّ بعض المسلمين ما كان يعجبهم أن يعترفوا بهذا الانتساب أي انتساب ذرّيّة علي وفاطمة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بل يعتبرون هذا الاعتراف كذباً وافتراءً، ويحاربون هذه الفكرة محاربة شعواء لا هوادة فيها، وكانوا يسفكون الدماء البريئة لأجل هذه الحقيقة.

انظر إلى موقف الحَجّاج السفَّاك الهتَّاك تجاه هذا الأمر، وهكذا المنصور الدوانيقي، وهارون الرشيد وغيرهم ممّن حذا حذوهم وسلك طريقتهم.

عن عامر الشعبي أنّه قال: بعث إليَّ الحجاج ذات ليلة فخشيت فقمت فتوضّأْت وأوصيت، ثم دخلت عليه، فنظرت فإذا نطع منشور والسيف مسلول، فسلَّمت عليه فردَّ عليَّ السلام فقال: لا تخف فقد أمنتك الليلة وغداً إلى الظهر، وأجلسني عنده ثم أشار فأُتي برجل مقيَّد بالكبول والأغلال، فوضعوه بين يديه فقال: إنّ هذا الشيخ يقول: إنَّ الحسن والحسين كانا ابني رسول الله، ليأْتيني بحجّة من القرآن وإلاَّ لأضربنَّ عنقه.

فقلت: يجب أن تحلَّ قيده، فإنَّه إذا احتج فإنَّه لا محالة يذهب وإن لم يحتج فإنَّ السيف لا يقطع هذا الحديد.

فحلّوا قيوده وكبوله، فنظرت فإذا هو سعيد بن جبير، فحزنت بذلك، وقلت: كيف يجد حُجَّةً على ذلك من القرآن؟ فقال الحجّاج: ائتني بحجّة من القرآن على ما ادعيت وإلاّ أضرب عنقك.

٦٤

فقال له: انتظر.

فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك. فقال: انتظر. فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ... إلى قوله:وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ثم سكت وقال للحجّاج: اقرأْ ما بعده. فقرا:( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ) فقال سعيد: كيف يليق هاهنا عيسى؟

قال: إنَّه كان من ذرّيّته.

قال: إن كان عيسى من ذرّيّة إبراهيم ولم يكن له أب بل كان ابن ابنته فنُسب إليه مع بعده فالحسن والحسين أولى أن يُنسب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع قربهما منه.

فأمر له بعشرة آلاف دينار، وأمر أن يحملوه إلى داره وأذن له في الرجوع.

قال الشعبي: فلمّا أصبحت قلت في نفسي: قد وجب عليَّ أن آتي هذا الشيخ فأتعلَّم منه معاني القرآن؛ لأنّي كنت أظن أنّي أعرفها، فإذا أنا لا أعرفها. فأتيته فإذا هو في المسجد، وتلك الدنانير بين يديه، يفرِّقها عشراً عشراً، ويتصدق بها ثم قال: هذا كله ببركة الحسن والحسينعليهما‌السلام لئن أغممنا واحداً لقد أفرحنا ألفاً وأرضينا الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

أقول: الآيات التي استدلّ بها سعيد بن جبير (رضوان الله عليه) هي:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

____________________

(١) بحار الأنوار: ج ٤٣.

٦٥

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (١) .

ولقد جرى حوار - حول هذا الموضوع - بين هارون الرشيد والإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام :

كما في كتاب عيون أخبار الرضاعليه‌السلام أنّ هارون الرشيد قال للإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام :

لِمَ جوَّزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولون لكم يا بني رسول الله، وأنتم بنو علي، وإنّما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنما هي وعاء والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جدّكم من قِبَل أُمِّكم؟؟

فقال الإمام: لو أنّ النبي نُشر (أي بعث حياً) فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟

قال الرشيد: سبحان الله! ولِمَ لا أُجيبهُ؟ بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك.

فقال الإمام: ولكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يخطب إليَّ ولا أزوِّجه.

قال الرشيد: ولِمَ؟

قال الإمام: لأنّي ولدني ولم يلدك.

قال الرشيد: أحسنت يا موسى.

ثم قال الرشيد: كيف قلتم إنا ذرّيّة النبي، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعقّب؟ وإنّما العقب للذكر، لا للأنثى، وأنتم ولد الابنة، ولا يكون لها عقب؟

____________________

(١) الأنعام: ٨٠.

٦٦

فاعتذر الإمام عن الإجابة على هذا السؤال المحرج وطلب من الرشيد إعفاءه عن الجواب رعاية للتقية. فقال الرشيد: لا، أو تخبرني بحجّتكم فيه يا ولد علي وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم، كذا أنهي إلي ولست أَعفيك في كل ما أسألك حتى تأْتيني فيه بحجّة من كتاب الله، فأنتم تدَّعون - معشر وُلد علي - أنَّه لا يسقط عنكم منه شيء ألِفٌ ولا واو إلاَّ وتأْويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل:( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم.

فقال الإمام: تأذن لي في الجواب؟

قال الرشيد: هات.

قال الإمام: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعـِيسَى ) ، مَن أبو عيسى؟

قال الرشيد: ليس لعيسى أب.

قال الإمام: إنّما ألحقناه بذراري الأنبياءعليهم‌السلام من طريق مريمعليها‌السلام ، وكذلك أُلحقنا بذراري النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قَبِل أمِّنا فاطمةعليها‌السلام ... إلى آخر الحديث(١) .

هذه هي الآيات التي استدلّ بها الأئمّةعليهم‌السلام حول انتسابهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن طريق السيّدة فاطمة الزهراء، وأمّا الأحاديث التي تصرّح بهذا المعنى فكثيرة جداً، ونكتفي هنا بما يلي:

١ - الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد ج١ص٣١٦).

____________________

(١) عيون أخبار الرضا: ج ١ ص ٨١ ح ٩.

٦٧

عن ابن عباس قال: كنت أنا وأبي: العباس بن عبد المطلب جالسين عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل علي ابن أبي طالب فسلّم، فردّ عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبشّ به، فقال العباس: يا رسول الله أتحبّ هذا؟

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمَّ رسول الله! واللهِ اللهُ أشدُّ حُبَّاً له منّي، إنَّ الله جعل ذرّيّة كل نبي في صلبه، وجعل ذرّيّتي في صلب هذا.

ورواه الخوارزمي في (المناقب ص٢٢٩).

٢ - عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنَّ الله عزّ وجل جعل ذرّيّة كل نبي في صلبه؛ وجعل ذرّيّتي في صلب علي.

ورواه محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى).

والجويني في (فرائد السمطين).

والذهبي في (ميزان الاعتدال).

وابن حجر في (الصواعق المحرقة ص٧٤).

والمتقي الهندي في (منتخب كنز العمّال).

والزرقاني في (شرح المواهب اللدنية).

والقندوزي في (ينابيع المودّة ص١٨٣).

٣ - وذكر النسائي في كتاب (خصائص أمير المؤمنين )، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما أنت يا علي فختني(١) وأبو ولدي وأنت منّي وأنا منك.

____________________

(١) الخَتَن: الصهر.

٦٨

٤ - وروى أيضاً عن أسامة قال: طرقت باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة لبعض الحاجة، فخرج وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو؟ فلمّا فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا هو الحسن والحسين على وركيه، فقال: هذان ابناي، وابنا بنتي، اللّهمّ إنّك تعلم أنّي أحبُّهما فأحبّهما.

والأحاديث التي تصرّح بأنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام كانا ابني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرة جداً، وجاء بعض الجهلاء يتفلسف ليُنكر أبوّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لولديه: الحسن والحسينعليهما‌السلام مستدلاً بقوله تعالى:( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ) . فيزعم الجاهل أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس بأب أحد، مع العلم أنّ الآية نزلت حول نفي نسب زيد الذي تبنَّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم زوَّجه زينب بنت جحش ثمّ طلّقها زيد وتزوّجها النبي( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً ) (١) ففي هذا بيان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس بأب لزيد حتى تحرم عليه زوجته، فإنّ تحريم زوجة الابن معلّق بثبوت النسب، فمَن لا نسب له لا حرمة لامرأته، ولهذا أشار إليهم فقال:( مِنْ رِجَالِكُمْ ) وقد ولد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أولاد ذكور: إبراهيم والقاسم والطيب والمطهّر، فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله أباهم.

وقد صح وثبت أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للحسن (عليه

____________________

(١) الأحزاب: ٣٨.

٦٩

السلام): إنّ ابني هذا سيّد. وقال أيضاً: إنّ كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلاَّ أولاد فاطمة فإنّي أنا أبوهم.

وقيل: أراد بقوله:( مِنْ رِجَالِكُمْ ) البالغين من رجال ذلك الوقت، ولم يكن أحد من أبنائه رجلاً في ذلك الوقت.

وختاماً لهذا الفصل: كل ما تقوله في أبوَّة رسول الله لأولاده الذكور فهو الثابت في أبوَّة رسول الله لولديه الحسن والحسين، والكلام هناك نفس الكلام هنا.

٧٠

الطّاهِرَة

لقد مرّ عليك أنّ من جملة أسمائهاعليها‌السلام : الطاهرة.

وقد روي عن الإمام محمد الباقر عن آبائهعليهم‌السلام قال: (إنّما سُمّيت فاطمة بنت محمد: الطاهرة، لطهارتها من كلّ دنس، وطهارتها من كل رفث وما رأت قط يوماً حُمرةً ولا نفاساً)(١) .

وأحسن ما نبحث فيه حول هذا الموضوع هي آية التطهير، وهي قوله تعالى:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

إنّ هذه الآية الكريمة تعتبر في طليعة الآيات ذات الأهمّية الكبرى، وذلك لعظم معناها ومغزاها؛ لأنّها منبع فضائل أهل البيت النبوي لاشتمالها على أمور عظيمة، وقد كثرت الأقوال، وجالت الأقلام حول هذه الآية.

ولعلّ من الصحيح أن نقول: إنّ آية التطهير معترك الآراء المتضاربة والأقوال المختلفة، وخاصة حول كلمة:( أَهْلَ الْبَيْتِ ) والمقصود منهم، ومدى شمول هذه الكلمة.

والأمر الذي لا شك فيه أنّ آية التطهير تشمل الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراءعليها‌السلام قطعاً، وبإجماع المفسّرين والمحدِّثين من الشيعة والسنَّة، إلاَّ من شذّ وندر.

إذ إنّ جميع الأحاديث الواردة حول نزول هذه الآية متفقة على

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٣ ص ١٩.

٧١

شمولها لعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام بالقدر المتيقّن.

وإن كان هناك قول يشعر بشمولها لزوجات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتماداً على ظاهر لفظ (أهل البيت ) أو سياق الآية التي سبقتها ولحقتها خطابات لزوجات النبي، فإنّ جميع الأحاديث تصرّح بأنّ النبي لم يسمح حتى لزوجته السيدة أم سلمة أن تدخل تحت الكساء قبل نزول آية التطهير.

وقد ذكرنا الشيء اليسير - ممّا يتعلّق بالآية - في كتاب (علي من المهد إلى اللحد ) ونذكر هنا بعض الأحاديث ومصادرها من كتب علماء السنّة، رعاية لأسلوب الكتاب وتتميماً للفائدة، وينبغي أن نعلم أنّ الذين رووا نزول آية التطهير في حق علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام يعسر إحصاؤهم، ولعلّهم يتجاوزون المئات.

ولو أردنا استعراض أقوال المفسّرين والمحدّثين حول الآية لطال بنا الكلام، وخرج الكتاب عن أسلوبه، ولكنّنا نذكر هنا عشرين مصدراً من مشاهير مؤلّفات علماء العامّة وحفّاظهم ومفسّريهم ومحدّثيهم، وفي ذلك كفاية لكل منصف:

١ - الخطيب البغدادي في تاريخه (ج١٠) بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى:

( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) قال: جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، ثم أدار عليهم الكساء فقال: هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأُم سلمة على الباب فقالت: يا رسول الله ألست منهم؟

٧٢

فقال: إنّك لعلى خير أو: إلى خير.

٢ - الزمخشري في تفسيره (الكشاف ج١ ص١٩٣).

روى عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج وعليه مرط مرجَّل من شعر أسود موشى منقوش، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءَت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

٣ - الإمام الرازي في تفسيره (ج٢ ص٧٠٠ طبع الأستانة).

روى أنّهعليه‌السلام لما خرج في المرط الأسود، فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله ثم فاطمة ثم علي ثم قال: إنّما يريد الله... الخ.

٤ - ابن الأثير الجزري في كتابه: (أسد الغابة في معرفة الصحابة ج٢ ص١٢): عن عمر بن أبي سلمة (ربيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال: لما نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ... ) في بيت أم سلمة فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة وحسناً وحسيناً فجللّهم بكساءٍ وعليّ خلف ظهره ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: أنتِ على مكانك، أنت في خير.

٥ - سبط ابن الجوزي في (تذكرة الأئمّة ص٢٤٤) عن واثلة بن الأسقع قال: أتيت فاطمةعليها‌السلام أسألها عن علي فقالت: توجَّهَ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فجلست أنتظره فإذا برسول الله قد أقبل ومعه علي والحسن والحسين، قد أخذ بيد كل واحدٍ منهم حتى دخل الحجرة فأجلس الحسن على فخذه اليمنى، والحسين على فخذه اليسرى، وأجلس عليّاً وفاطمة بين يديه ثم لفَّ عليهم كساه أو ثوبه ثم قرأ:( إِنَّمَا يُرِيدُ

٧٣

اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ... ) ثم قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي حقّاً.

٦ - الإمام الواحدي في كتابه: (أسباب النزول) بسنده إلى أم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكرت أنّ رسول الله كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال لها: ادعي لي زوجك وابنيك، قال: فجاء علي الحسن والحسين فدخلوا، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، وهو على دكان(١) وتحته كساء خيبري قالت: وأنا في الحجرة أصلّي، فأنزل الله تعالى:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ؛ قال: فأخذ فضلَ الكساء فغشّاهم به، ثم أخرج يديه فأَلوى بهما إلى السماء ثم قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: أنا معكم يا رسول الله؟ قال: آيل إلى خير، آيل إلى خير.

ونقل الترمذي في صحيحه: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان من وقت نزول هذه الآية إلى قريب ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة يقول: الصلاة أهل البيت،( مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ... ) الخ.

٧ - ابن الصباغ المالكي في كتابه: (الفصول المهمّة ص٧) يروي عن الواحدي قريباً من الحديث الذي مرّ، وذيّله بقوله: وقال بعضهم في ذلك شعراً:

__________

(١) الدكان: شيء كالمصطبة يقعد عليه.

٧٤

إنّ النبيّ محمّداً ووصيّه

وابنيه وابنته البتول الطاهره

أهل العباء فإنّني بولائهم

أرجو السلامة والنجا في الآخره

٨ - أبو بكر السيوطي في كتابه: (الدر المنثور ج٥ ص١٩٨) و(الخصائص الكبرى ج٢ ص ٢٦٤) و(الإتقان ج٢ ص٢٠٠) روى هذا الحديث بطرق كثيرة، متعددة الأسانيد تنتهي أسانيدها إلى كل من: أم سلمة، وعائشة، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، وابن عباس، والضحّاك بن مزاحم، وأبي الحمراء، وعمر بن أبي سلمة، وغيرهم:

أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً. لما نزلت:إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ، فجلّلهم بكساء وقال: والله هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

٩ - الطبري في (ذخائر العقبى ص٢١): روى عن عمر بن أبي سلمة نزول الآية في الخمسة الطيبة، وروى عن أم سلمة: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ ثوباً وجلّله فاطمة وعلي والحسن والحسين وهو معهم، وقرأ هذه الآية:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . قالت: فجئت أدخل معهم فقال: مكانك إنّكِ على خير.

وعنها أيضاً: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة: ائتي بزوجك وابنيك. فجاءت بهم وأَكفأ عليهم كساءً فدكياً، ثم وضع يده عليهم، ثم قال: اللّهمّ هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد إنّك حميد مجيد. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: إنّكِ على خير.

١٠ - محمد بن أحمد القرطبي في كتابه: (الجامع لأحكام القرآن ج١٤ ص١٨٢) روى نزول الآية في حق أهل البيتعليهم‌السلام .

١١ - ابن العربي في كتابه: (أحكام القرآن ج٢ ص١٦٦).

٧٥

١٢ - ابن عبد البر الأندلسي في كتابه: (الاستيعاب ج٢ ص٤٦٠).

١٣ - البيهقي في كتابه: (السنن الكبرى ج٢ ص١٤٩).

١٤ - الحاكم النيسابوري في كتابه: (المستدرك على الصحيحين ج٢ ص٤١٦) روى عن أم سلمة قريباً ممّا تقدَّم... إلى أن قالت: فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم هؤلاء أهل بيتي. قالت أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: إنّكِ أهلي إلى خير، وهؤلاء أهل بيتي... الخ.

١٥ - الإمام أحمد بن حنبل في (مسند ج١ ص ٣٣١).

١٦ - النسائي في كتابه: (الخصائص ص٤).

١٧ - محمد بن جرير الطبري في تفسيره (ج٢٢ ص٥).

١٨ - الخوارزمي في: (كتاب المناقب ص٣٥).

١٩ - الهيثمي في: (مجمع الزوائد ٩ ص١٦٦).

٢٠ - ابن حجر الهيثمي في (الصواعق المحرقة ص ٨٥).

انتخبنا هذا العدد وهذه العدة من جماعة كثيرة من المفسّرين والمحدّثين، ولولا الخوف من الملل لأسهبنا في ذكر المصادر، وفي هذا المقدار تبصرة لمـَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

لا أراني بحاجة إلى المزيد من التحدّث حول الموضوع بعد شهادة آية التطهير التي يستفاد منها أنّ الزهراء طاهرة - بجميع معنى الكلمة - وستأتيك الأحاديث الكثيرة حول كونها بتولاً ورعاية لأسلوب الكتاب وبمناسبة اسمها (الطاهرة ) نذكر ما تيسّر:

لقد طهرّها الله عن العادة الشهرية، وعن كل دنس ورجس، وعن كل رذيلة، والرجس: كل أمر تستقذره الطباع، ويأمر به الشيطان، ويحق لأجله العذاب، ويشين السمعة وتقترف به الآثام، وتمجّه الفطرة، وتسقط

٧٦

به المروَّة.

وذكر ابن العربي في (الفتوحات المكية باب ٢٩) أنّ (الرجس فيها عبارة عن كل ما يشين الإنسان) وهذا معنى العصمة التي تعتقد به الشيعة في الأنبياء والأئمّة والسيدة فاطمة الزهراء، وهي مرتبة عظيمة، ومنزلة سامية خصّ الله بها بعض عباده.

وليس من لوازم العصمة تبليغ الأحكام، فإن كانت العصمة لازمة للنبي والإمام لقيامهما بأعباء التبليغ فليس معنى ذلك أنّ غيرهما لا يتصف بالعصمة.

وقد احتجّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام على عصمة السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بآية التطهير، في حوار جرى بينه وبين أبي بكر، نذكر بعضه شاهداً لما نحن فيه:

قال عليعليه‌السلام لأبي بكر: يا أبا بكر أتقرأ كتاب الله؟ قال: نعم.

قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجل:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . فيمن نزلت؟ فينا أو في غيرنا؟

قال: بل فيكم.

قال: فلو أنّ شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله بفاحشة ما كنت صانعاً؟

قال: كنت أقيم عليها الحدَّ كما أقيم على نساء المسلمين!!

قال: كنت إذن عند الله من الكافرين.

قال: ولِم؟

قال: لأنّك رددت شهادة الله لها بالطهارة، وقبلت شهادة الناس

٧٧

عليها... إلى آخره(١) .

ومن لوازم هذه الطهارة عدم التنجّس بالموت مع العلم أنّ كل إنسان مهما بلغ في التقوى والعبادة إذا مات نجس جسمه نجاسة مشدّدة، بحيث يجب الغسل على مَن مسَّ ذلك الميت بعد برده، ولا يطهر الميت إلاّ بالتغسيل، ولكنّ المعصومين كانوا مطهّرين في حياتهم وبعد موتهم، ففي الوسائل عن الحسن بن عبيد قال: كتبت إلى الصادقعليه‌السلام : هل اغتسل أمير المؤمنين حين غسَّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند موته؟ فأجاب: (النبي طاهر مطهَّر، ولكن فعل أمير المؤمنين وجرت به السُنة)(٢) .

وسيأتيك المزيد من التفصيل في أواخر هذا الكتاب في باب تغسيلها، إن شاء الله.

____________________

(١) البحار: ج ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة ج ٢ ص ٩٢٨، ح ٧.

٧٨

حديث الكساء

وقد روى في كتب الشيعة حول نزول آية التطهير حديث اشتهر بحديث الكساء وهو - كما في عوالم العلوم للشيخ عبد الله البحراني ج١١، وغيره - الكبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري:

عن فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّها قالت: دخل عليَّ أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض الأيام فقال: السلام عليك يا فاطمة. فقلت: وعليك السلام. فقال: إنّي أجد في بدني ضعفاً. فقلت له: أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف. فقال: يا فاطمة ائتيني بالكساء اليماني وغطِّني به. قالت فاطمةعليها‌السلام : فأتيته بالكساء اليماني فغطَّيته به وصرت أنظر إليه وإذا وجهه يتلألأ كأنّه البدر في ليلة تمامه وكماله.

قالت فاطمة: فما كانت إلاَّ ساعة وإذا بولدي الحسنعليه‌السلام قد أقبل وقال: السلام عليك يا أُمّاه. فقلت: وعليك السلام يا قرّة عيني وثمرة فؤادي. قال لي: يا أُمّاه إنّي أشمّ عندك رائحة طيّبة كأنّها رائحة جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: نعم يا ولدي إنّ جدّك نائم تحت الكساء فأقبل الحسنعليه‌السلام نحو الكساء وقال: السلام عليك يا جدّاه، السلام عليك يا رسول الله أتأذن لي أن أدخل معك تحت الكساء؟ فقال: وعليك السلام يا ولدي وصاحب حوضي قد أذنت لك. فدخل معه تحت الكساء.

٧٩

قالت: فما كان إلاّ ساعة وإذا بولدي الحسينعليه‌السلام قد أقبل وقال: السلام عليك يا أُمّاه. فقلت: وعليك السلام يا قرّة عيني وثمرة فؤادي فقال لي: يا أُمّاه إنّي أشمّ عندك رائحة طيّبة كأنّها رائحة جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: نعم، إنّ جدَّك وأخاك تحت الكساء. فدنى الحسينعليه‌السلام نحو الكساء وقال: السلام عليك يا جدَّاه السلام عليك يا مَن اختاره الله أتأذن لي أن أكون معكما تحت هذا الكساء؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعليك السلام يا ولدي وشافع أُمّتي قد أذنت لك. فدخل معهما تحت الكساء.

قالت فاطمةعليها‌السلام : فأقبل عند ذلك أبو الحسن علي بن أبي طالبعليه‌السلام وقال: السلام عليكِ يا بنت رسول الله.

فقلت: وعليك السلام يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين.

فقال: يا فاطمة إنّي أشمّ عندك رائحة طيّبة كأنّها رائحة أخي وابن عمّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقلت: نعم، هاهو مع ولديك تحت الكساء.

فأقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام نحو الكساء وقال: السلام عليك يا رسول الله، أتأذن لي أن أكون معك تحت هذا الكساء؟

قال له: وعليك السلام يا أخي وخليفتي وصاحب لوائي قد أذنت لك. فدخل عليعليه‌السلام تحت الكساء.

ثم أتيتُ نحو الكساء وقلت: السلام عليك يا أبتاه السلام عليك يا رسول الله أتأذن لي أن أدخل معكم تحت هذا الكساء؟

قال: وعليكِ السلام يا بنتي وبضعتي قد أذنت لكِ. فدخلت فاطمة معهم تحت الكساء.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568