الإمامة والتبصرة من الحيرة

الإمامة والتبصرة من الحيرة0%

الإمامة والتبصرة من الحيرة مؤلف:
المحقق: السيد محمد باقر الموحد الأبطحي (الإصفهاني)
الناشر: مدرسة الإمام المهدي (عج)
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 160

الإمامة والتبصرة من الحيرة

مؤلف: أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الصدوق الأول)
المحقق: السيد محمد باقر الموحد الأبطحي (الإصفهاني)
الناشر: مدرسة الإمام المهدي (عج)
تصنيف:

الصفحات: 160
المشاهدات: 43194
تحميل: 4966


توضيحات:

الإمامة والتبصرة من الحيرة المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 160 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43194 / تحميل: 4966
الحجم الحجم الحجم
الإمامة والتبصرة من الحيرة

الإمامة والتبصرة من الحيرة

مؤلف:
الناشر: مدرسة الإمام المهدي (عج)
العربية

الحسينعليه‌السلام ، فخلا به، ثم قال له: يا ابن أخي، قد علمت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان جعل الوصية والإمامة من بعده لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثم إلى الحسن، ثم إلى الحسينعليهما‌السلام .

وقد قتل أبوكعليه‌السلام ، ولم يوص، وأنا عمك، وصنو أبيك وولادتي من عليعليه‌السلام ، في سني وقدمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني الوصية والإمامة ولا تخالفني،

فقال له علي بن الحسينعليه‌السلام :

يا عم اتق الله، ولا تدع ما ليس لك بحق،( إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) .

يا عم، إن أبي صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق، وعهد إلي من ( في / خ ) ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي، فلا تعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر، وتشتت الحال.

إن الله - تعالى - لما صنع مع معاوية ما صنع، بدا لله فآلى أن لا يجعل الوصية والإمامة إلا في عقب الحسينعليه‌السلام (٣) .

فإن أردت أن تعلم ذلك، فانطلق إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه، ونسأله عن ذلك.

قال أبو جعفرعليه‌السلام : وكان الكلام بينهما وهما يومئذ بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر.

فقال عليعليه‌السلام لمحمد: ابدأ - فابتهل إلى الله، وسله أن ينطق ( الحجر ) لك، ثم سله.

فابتهل محمد في الدعاء، وسأل الله، ثم دعا الحجر، فلم يجبه.

فقال عليعليه‌السلام : أما إنك - يا عم - لو كنت وصيا وإماما لأجابك.

__________________

(٣) كذا وردت الفقرة الأخيرة في ( أ )، وقريب منها في ( ب ) وكذلك أورده في الاحتجاج، إلا أنه لم يذكر فيه معاوية، وجاءت في كتاب مختصر بصائر الدرجات هكذا: إن الله - تبارك وتعالى - لما صنع الحسن مع معاوية ما صنع، أبى أن يجعل الوصية والإمامة إلا في عقب الحسين.

٦١

فقال له محمد: فادع أنت، يا ابن [ أخي ](٤) وسله.

فدعا الله علي بن الحسينعليه‌السلام بما أراد، ثم قال:

أسألك بالذي جعل فيك ميثاق العباد، وميثاق الأنبياء والأوصياء، لما أخبرتنا( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) : من الوصي والإمام بعد الحسين بن عليعليه‌السلام ؟! فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول من موضعه، ثم أنطقه الله( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) ، فقال:

اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي، إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام ، ابن فاطمةعليها‌السلام ، ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فانصرف محمد بن علي - ابن الحنفية وهو يتولى علي بن الحسينعليه‌السلام (٥) .

__________________

(٤) في الاصل [ أخ ].

(٥) رواه الصفار في البصائر ( ص ٥٠٢ ) عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب، مثله، ورواه في مختصر البصائر ( ص ١٤ ) عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن ( ابن محبوب ) مثله مع اختلاف، وعنهما في البحار ( ج ٤٢ ص ٧٧ ) و ( ج ٤٦ ص ١١٢ ) ورواه الكليني في الكافي ( ١ / ٣٤٨ ) عن ( محمد بن يحيى )، عن أحمد بن محمد ( عن ابن محبوب ) مثله، ونقله عنه في مختصر البصائر ( ص ١٧٠ ). وفي ذيل الكافي روى عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة مثله. وأورد الحديث الطبرسي في اعلام الورى ( ص ٢٥٨ - ٢٥٩ ) وقال: روى هذا الحديث محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب ( نوادر الحكمة ) وقال في المناقب ( ٣ / ٢٨٨ ) نوادر الحكمة بالاسناد عن جابر وعن أبي جعفر (ع).

ورواه الطبرسي في الاحتجاج ( ج ٢ ص ٤٦ ) مرسلا.

٦٢

١١ - باب امامة الباقر: أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام

٥٠ - سعد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن جعفر:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فسأله عن الأئمةعليهم‌السلام ، فسماهم حتى انتهى إلى ابنه، ثم قال: والأمر هكذا يكون، والأرض لا تصلح إلا بإمام، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( من مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية ) ثلاث مرات(١) .

٥١ - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود:

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال:

إن حسيناعليه‌السلام لما حضره ( الذي حضره )(٢) دعا ابنته الكبرى فاطمة

__________________

(١) لم نعثر له على مصدر تخريج، ولكن قد وردت الرواية بحديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من كلام الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام في عدة نصوص، فراجع البحار ( ج ٢٣ ص ٨٥ ) عن الصدوق في ثواب الأعمال ( ص ٢٤٤ ) عن أبيه ( المؤلف ) عن سعد بسنده، عن عيسى بن السري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ورواه البرقي في المحاسن ( ج ١ ص ٩٢ / ٤٦ وص ١٥٤ / ٧٩ ) والنعماني في الغيبة ١٣٠ بسنده، عن معاوية بن وهب عنهعليه‌السلام .

وروى حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طريق سلمان وأبي ذر والمقداد، الصدوق في الإكمال (٤١٣) عن أبيه ( المؤلف ) وابن الوليد، عن سعد والحميري، عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن حماد بن عيسى بسنده، فراجع.

(٢) ما بين المعقوفين ورد في البصائر والكافي.

٦٣

ابنة الحسينعليه‌السلام ، فدفع إليها كتابا ملفوفا، ووصية ظاهرة، ووصية باطنة.

وكان علي بن الحسينعليه‌السلام مبطونا معهم، لا يرون إلا أنه لما به.

فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسينعليه‌السلام .

ثم صار ذلك الكتاب - والله - إلينا.

فقلت: ما في ذلك الكتاب؟ جعلني الله فداك.

فقال: فيه - والله - جميع ما احتاج إليه ولد آدم إلى أن تفنى الدنيا(٣) .

٥٢ - الحسن بن أحمد المالكي، عن علي بن المؤمل:

عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: اسم جدي أبي جعفرعليه‌السلام في التوراة: باقر(٤) .

٥٣ - حدثني سعد بن عبد الله - يرفع الحديث - قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا مضى الغلامان من ولدي، جعفر وأبو جعفرعليهما‌السلام طويت طنفسة العلم(٥) .

__________________

(٣) رواه الصفار في البصائر (١٤٨) عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان مثله، نقله في البحار ( ٢٦ / ٣٥ ) و ( ٤٦ / ١٧ ) وفيه ( ص ١٦٨ ) عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن عبد الجبار، عن عبد الرحمان بن أبي نجران جميعا عن محمد بن سنان قريبا منه، وفيه: كتاب مدرج. نقله في البحار ( ٢٦ / ٥٤ ) وانظر الكافي ( ١ / ٣٠٤ ح ٢ )، وفيه ( ص ١٦٣ ) عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسماعيل عن منصور، عن أبي الجارود مثله، وفيه ( ص ١٦٤ ) عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف، عن منصور - أو - عن يونس ( كذا ) قال حدثني أبو الجارود نحوه مختصرا، ونقله عنه في البحار ( ٢٦ /٥٠ )

ورواه في الكافي ( ١ / ٣٠٣ ) عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، وأحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن ( أبي الجارود ) مثله، وأضاف في آخره: - والله - إن فيه الحدود، حتى أرش الخدش. نقله عن الكافي في البحار ( ٤٦ / ١٨ ) واعلام الورى (٢٥٧) واثبات الهداة ( ٥ / ٢١٣ ).

(٤) لم نعثر له على مصدر تخريج، ولكن الصدوق: ابن المؤلف روى في الاكمال ص ٢٥٣ ح ٣ والخزاز في كفاية الأثر ص ٥٤ - باسنادهما عن جابر بن عبد الله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - الى أن - قال: هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين ( من ) بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم، محمد بن علي: المعروف في التوراة بالباقر و ...

ونقله في البحار ج ٣٦ ص ٢٤٩ ح ٦٧ وأيضا في الاكمال ص ٣١٩ - ٣٢٠ ح ٢ باسناده عن علي بن الحسين عليهما‌السلام - إلى أن قال: - فمن الحجة والامام بعدك؟ قال: إبني محمد واسمه في التوراة: باقر، يبقر العلم بقرا، هو الحجة والامام من بعدي، نقله عنه في البحار ج ٣٦ / ٣٨٦ ح ١.

(٥) لم نعثر له على مصدر تخريج.

٦٤

١٢ - باب إمامة أبي عبد اللهعليه‌السلام

٥٤ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ما مضى أبو جعفر حتى صارت الكتب إلي(١) .

٥٥ - وعنه، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن فضيل، عن طاهر، قال:

كنت قاعدا عند أبي جعفر(٢) عليه‌السلام ، فأقبل جعفرعليه‌السلام ، فقال: هذا( خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٣) .

__________________

(١) رواه في البصائر ( ص ١٦٧ ) عن ( محمد بن الحسين ) مثله، ونقله في البحار ( ٢٦ / ٥٣ ).

(٢) كذا في الكافي في حديث ( طاهر ) بأسانيده الثلاثة، وقد أثبته في نسخة ( أ ) مع الحرف ( ظ )، وكان في النسختين هكذا: عند أبي عبد الله.

(٣) رواه المسعودي في اثبات الوصية ( ص ١٧٨ ) بقوله: روى عن فضيل بن يسار قال كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام . وروى الكليني هذا الحديث بأسانيد ثلاثة عن ( طاهر ) عن أبي جعفر، هي:

(١) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن طاهر.

(٢) أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن يونس بن يعقوب، عن طاهر، (٣) أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن فضيل بن عثمان، عن طاهر، الكافي ١ ص ٣٠٧ وفيه ٣٠٦.

وفي ارشاد المفيد ( ص ٣٠٥ ) وكشف الغمة ( ٢ / ١٦٧ ) عن علي بن الحكم عن طاهر صاحب أبي جعفر عليه‌السلام ، ونقله عن الجميع في البحار ( ج ٤٧ ص ١٣ )، وانظر اثبات الهداة ( ج ٥ ص ٣٢٤ ) واعلام الورى ( ص ٢٧٤ ).

٦٥

١٣ - باب إمامة موسى بن جعفرعليه‌السلام

٥٦ - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن أبي جعفر الضرير، عن أبيه، قال:

كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وعنده إسماعيل ابنه، فسألته عن قبالة الأرض، فأجابني فيها(١) .

فقال له إسماعيل: يا أبت، إنك لم تفهم ما قال لك!

قال: فشق ذلك علي، لأنا كنا يومئذ نأتم به بعد أبيه،

فقال: إني كثيرا ما أقول لك: ( الزمني، وخذ مني ) فلا تفعل.

قال: فطفق إسماعيل وخرج، ودارت بي الأرض، فقلت: إمام يقول لأبيه: ( إنك لم تفهم ) ويقول له أبوه: ( إني كثيرا ما أقول لك أن تقعد عندي، وتأخذ مني، فلا تفعل! )

قال: فقلت: بأبي أنت وأمي، وما على إسماعيل أن لا يلزمك ولا يأخذ عنك، إذا كان ذلك وأفضت الأمور إليه، علم منها مثل الذي علمته من أبيك حين كنت مثله؟! قال: فقال: إن إسماعيل ليس مني كأنا من أبي.

قال: قلت:( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، ثم( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، فمن

__________________

(١) ورد هذا السؤال، والجواب عنه، بصورة كاملة في الكافي ( ٥ / ٢٦٩ ) عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبي نجيح عن الفيض بن المختار، ورواه في تهذيب الأحكام ( ٧ / ١٩٩ ) ووسائل الشيعة ( ١٣ / ٢٠٨ ).

٦٦

بعدك؟ - بأبي أنت وأمي - فقد كانت في يدي بقية من نفسي، وقد كبرت سني، ودق عظمي، وجاء أجلي، وأنا أخاف أن أبقى بعدك.

قال: فرددت عليه هذا الكلام ثلاث مرات، وهو ساكت لا يجيبني، ثم نهض في الثالثة، وقال: لا تبرح.

فدخل بيتا كان يخلو فيه، فصلى ركعتين، يطيل فيهما، ودعا فأطال الدعاء.

ثم دعاني، فدخلت عليه، فبينا أنا عنده، إذ دخل عليه العبد الصالح، وهو غلام حدث، وبيده درة، وهو يبتسم ضاحكا.

فقال له أبوه: بأبي أنت وأمي، ما هذه المخفقة التي أراها بيدك؟

فقال: كانت مع إسحاق يضرب بها بهيمة له، فأخذتها منه.

فقال: ادن مني.

فالتزمه، وقبله، وأقعده إلى جانبه، ثم قال: إني لأجد بابني هذا ما كان يعقوب يجد بيوسف.

قال: فقلت: بأبي أنت وأمي، زدني.

فقال: ما نشأ فينا - أهل البيت - ناشئ مثله.

قال: فقلت: زدني.

قال: فقال: ترى ابني هذا؟ إني لأجد به كما كان أبي يجد بي.

قال: قلت: يا سيدي زدني.

قال: إن أبي كان إذا دعا، فأحب أن يستجاب له، وقفني عن يمينه، ثم دعا وأمنت، وإني لأفعل ذلك بابني هذا، ولقد ذكرتك أمس في الموقف فدعوت لك كما كان أبي يدعو لي - وابني هذا يؤمن، وإني لا أحتشم منه كما كان أبي لا يحتشم مني.

قال: فقلت: يا سيدي زدني.

قال: أترى ابني هذا؟ إني لأئتمنه على ما كان أبي يأتمنني عليه.

فقلت: يا مولاي، زدني.

فقال: إن أبي كان إذا خرج إلى بعض أرضه، أخرجني معه فرآني أنعس في

٦٧

الطريق(٢) ، أمرني فأدنيت راحلتي من راحلته، ثم وسدني ذراعي(٣) ، وناقتانا(٤) مقترنان ما يفترقان، فنكون كذلك الليلتين والثلاث، وإن ابني يصنع هذا، على ما ترى من حداثة سنه، كما كنت أصنع.

قال: قلت: يا مولاي، زدني.

قال: إن أبي كان يأتمنني على كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخط علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وإني لأئتمن ابني هذا عليه، فهي عنده اليوم.

قال: قلت: يا مولاي، زدني.

قال: قم، فخذ بيده فسلم عليه، فهو مولاك وإمامك من بعدي، لا يدعيها فيما بيني وبينه - أحد إلا كان مفتريا.

يا فلان، إن أخذ الناس يمينا وشمالا، فخذ معه، فإنه مولاك وصاحبك، أما إنه لم يؤذن لي في أول ما كان منك.

قال: فقمت إليه، فأخذت بيده، فقبلتها وقبلت رأسه، وسلمت عليه، وقلت: أشهد أنك مولاي وإمامي.

قال: فقال لي: أجل، صدقت، وأصبت، وقد وفقت، أما إنه لم يؤذن لي في أول ما كان منك.

قال: قلت له: بأبي أنت وأمي، أخبر بهذا؟

قال: نعم، فأخبر به من تثق به، وأخبر به فلانا وفلانا - رجلين من أهل الكوفة - وارفق بالناس، ولا تلقين(٥) بينهم أذى.

قال: فقمت فأتيت فلانا وفلانا، وهما في الرحل، فأخبرتهما الخبر.

وأما فلان: فسلم وقال: سلمت ورضيت،

وأما فلان: فشق جيبه وقال: لا والله، لا أسمع ولا أطيع ولا أقر حتى أسمع منه.

__________________

(٢) وفي الكشى: فنعس وهو على راحلته.

(٣) كذا في النسختين، وفي الكشى: فوسدته ذراعي.

(٤) هذا هو الصحيح، وكان في النسختين: وناقتان.

(٥) هذا هو الظاهر، وكان في النسختين: لا تلقون.

٦٨

ثم نهض مسرعا من فوره - وكانت فيه أعرابية - وتبعته، حتى انتهى إلى باب أبي عبد اللهعليه‌السلام .

قال: فاستأذنا، فأذن لي قبله، ثم أذن له، فدخل.

فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا فلان ( أيريد كل امرئ منكم( أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) )(٦) ؟ إن الذي أتاك به فلان الحق، فخذ به.

قال: فقلت: بأبي أنت وأمي، أنا أحب أن أسمعه من فيك.

فقال: ابني موسىعليه‌السلام إمامك ومولاك ( من - خ ) بعدي، لا يدعيها أحد فيما بيني وبينه إلا كاذب ومفتر.

قال: فالتفت إلي - وكان رجلا(٧) له قبالات يتقبل بها، وكان يحسن كلام النبطية - فالتفت إلي فقال: ( رزقه )(٨) .

قال: فقال أبو عبد الله: إن ( رزقه ) بالنبطية: خذ هذا، أجل خذها(٩) .

__________________

(٦) مقتبس من الآية (٥٢) من سورة المدثر.

(٧) في النسختين: وكان رجل.

(٨) كذا في البحار، في الموضعين، وكانت الكلمة مهملة في نسختي كتابنا وكأنها بالفاء.

(٩) روى المسعودي في اثبات الوصية ( ص ١٨٧ ) عن ( ابراهيم بن مهزيار ) بسنده مثله، وروى الصفار في البصائر ( ص ٣٣٦ ) عن محمد بن عبد الجبار، عن اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن، عن الفيض بن المختار، قطعة منه نحوه، ونقله عنه في البحار ( ٤٧ / ٨٣ و ٤٨ / ١٤ )، ورواه الكليني في الكافي ( ١ / ٣٠٩ ) عن محمد بن يحيى وأحمد بن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار بسنده كما في البصائر.

وعن الكافي في اعلام الورى (٢٩٧) وإثبات الهداة ( ٥ / ٤٧٠ )، وروى الكشي ( ص ٣٥٤ رقم ٦٦٣ ) عن جعفر بن أحمد بن أيوب، عن الميثمي، عن ابن أبي نجيح، عن الفيض بن المختار، وعنه، عن علي بن اسماعيل، عن أبي نجيح عن الفيض، مثله، وعنه البحار ( ٤٨ / ٢٦ ) وروي في إرشاد المفيد (٣٢٤) عن عبد الأعلى عن الفيض، قطعة منه.

واعلم أن الكشي ذكر ( في الموضع المذكور ) أن الفيض هو أول من سمع من أبي عبد اللهعليه‌السلام نصه عليه ابنه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وبما أنا لا نحتمل التعدد في رواية هذا الحديث الطويل، فان من المحتمل قويا أن يكون ( أبو جعفر الضرير ) هو محمد بن الفيض بن المختار، راويا عن أبيه الفيض.

وأما ما ذكره النجاشي في ترجمة الفيض من رجاله ( ص ٢٤٠ ) من أن الفيض بن المختار له كتاب يرويه ابنه جعفر، فنحتمل فيه التصحيف، وأن الصحيح: ابنه ( أبو ) جعفر.

وذلك لأنا لم نجد للفيض ابنا يروي الحديث غير ( محمد ) وقد جاءت روايته في الاقبال ( ص ١٠ ) في زيارة

٦٩

٥٧ - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد(١٠) ، قال:

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يوما، ونحن عنده، لعبد الله:

اذهب في حاجة كذا وكذا،

فقال له: وجه فلانا، فإنه لا يمكنني، ونحو ذلك،

قال: فرأيت الغضب في وجه أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهو يقول:

اللهم العنه، أبى الله أن لا يعبد، وإن رغم أنفك، يا فاجر.

ثم دعا أبا الحسن موسىعليه‌السلام ، فقال لنا:

عليكم بهذا بعدي، فهو - والله - صاحبكم(١١) .

٥٨ - وعنه، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن حمزة القمي، عن محمد بن علي بن إبراهيم القرشي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال:

سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام ، يقول:

لعن الله عبد الله، فلقد كذب على أبيعليه‌السلام ، فادعى أمرا كان لله سخطا في السماء(١٢) .

__________________

الصادقعليه‌السلام نقله في البحار ( ج ١٠١ / ص ٩٨ ) كما انا لا نجد لجعفر بن الفيض ذكرا في كتب الرجال، بل المذكور، هو محمد بن الفيض بن المختار، كما في رجال الشيخ ( ص ٢٩٨ رقم ٢٨٧ ) مضافا إلى أن المسمى بمحمد يكنى بأبي جعفر عادة.

(١٠) لاحظ الحديث (٦٥) المتحد مع هذا الحديث سندا في صفوان وما بعده، كما أن الهدف منهما واحد، وهو تحرز الامامعليه‌السلام من عبد الله، والسعي في ابعاده عن الحديث المتداول بين الامام وأصحابه.

(١١) رواه الكليني في الكافي ( ١ / ٣١٠ ) عن أحمد بن ادريس عن محمد بن عبد الجبار، عن ( صفوان ) بسنده، وأورد ذيله من قوله ثم دعا - الخ - ونقله عنه في البحار: ٤٨ ص ١٩ ح ٢٥.

(١٢) لم نعثر له على مصدر تخريج.

٧٠

١٤ - باب ابطال إمامة إسماعيل بن جعفر

٥٩ - أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى:

عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن الحسين بن المختار، عن الوليد بن صبيح، قال:

جاءني رجل فقال: تعال، حتى أريك ابن الرجل، قال: فذهبت معه.

قال: فجاء بي(١) إلى قوم يشربون، فيهم إسماعيل بن جعفر.

قال: فخرجت مغموما، فجئت إلى الحجر، فإذا إسماعيل بن جعفر متعلق بالبيت، يبكي، قد بل أستار الكعبة بدموعه.

قال: فرجعت، وأسندت(٢) فإذا إسماعيل جالس مع القوم، فرجعت، فإذا هو آخذ بأستار الكعبة قد بلها بدموعه.

قال: فذكرت ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال:

لقد ابتلي ابني بشيطان يتمثل في صورته(٣) .

__________________

(١) كذا في الاكمال، وكان في النسختين: فجاءني.

(٢) كذا في النسختين، وفي الاكمال: فخرجت أشتد.

(٣) رواه في الاكمال ( ج ١ ص ٧٠ ) عن ابن الوليد عن سعد، عن محمد بن عبد الجبار مثله متنا وسندا، ونقله في البحار ( ٤٧ / ٢٤٧ )، وقال الصدوق في ذيل الرواية: وقد روي أن الشيطان لا يتمثل في صورة نبي ولا في صورة وصي نبي، فكيف يجوز أن ينص عليه بالامامة مع صحة هذا القول منه فيه.

٧١

١٥ - باب إبطال إمامة عبد الله بن جعفر

٦٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران أو غيره:

عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام : قال: قلت له: أكان عبد الله إماما؟

فقال: لم يكن كذلك، ولا أهل لذلك، ولا موضع ذاك(١) .

٦١ - وعنه، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: لما مضى أبو عبد اللهعليه‌السلام ، ارتحلت إلى المدينة، والناس يدخلون على عبد الله بن جعفر، فدخلت إليه، فقلت: أنت الإمام بعد أبيك؟

فقال: نعم.

فقلت: إن الناس قد كتبوا عن أبيك أحاديث كثيرة، ويسألونك؟

فقال لي: سل.

فقلت: أخبرني كم في مائتي درهم من زكاة؟ قال: خمسة دراهم.

فقلت: ففي مائة؟ فقال: درهمين(٢) ونصف.

فخرجت من عنده، ودخلت مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبو الحسن موسىعليه‌السلام جالس، فجلست مقابله، وأنا أقول في نفسي: إلى أين؟ إلى أين؟ إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الحرورية؟

__________________

(١) لم نعثر له على مصدر تخريج.

(٢) كذا في النسختين وفيما نقله المسعودي: درهمان، ومقتضى موضع الكلمة من الإعراب هو ( درهمان ) بالرفع، فلعل ذلك من غلط عبد الله في اللفظ كما غلط في الحكم والمعنى!

٧٢

فقال أبو الحسنعليه‌السلام : إلي لا إلى المرجئة، ولا إلى القدرية، ولا إلى الحرورية.

فقمت، وقبلت رأسه(٣) .

٦٢ - وعنه، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، قال: قلت لعبد الله بن جعفر: أنت إمام؟

فقال: نعم.

فقلت: إن الشيعة تروي: أن صاحب هذا الأمر يكون عنده سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما عندك منه؟

فقال: عندي رمحه.

ولم يعرف لرسول الله رمح(٤) .

٦٣ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن فضيل، عن طاهر:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

كان يلوم عبد الله، ويعاتبه، ويعظه(٥) ويقول:

ما يمنعك أن تكون مثل أخيك؟ فو الله، إني لأعرف النور في وجهه.

فقال عبد الله: أليس أبي وأبوه واحدا، وأمي وأمه واحدة؟(٦)

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنه(٧) من نفسي، وأنت ابني(٨) .

__________________

(٣) روى صدره المسعودي في إثبات الوصية ص ١٨٨ بعنوان: روي ان عبد الله الأفطح لما ادعى الامامة دخل اليه جماعة من الشيعة ليسألوه ...، وروى ذيله في ص ١٩١ بقوله: روي عن هشام بن سالم.

(٤) لم نعثر له على مصدر تخريج.

(٥) كذا في ( ب )، لكن في ( أ ): ويعاطبه ويعطبه، بدل الكلمتين الاخيرتين.

(٦) في ارشاد المفيد واعلام الورى والبحار: أصلي وأصله واحد.

(٧) هكذا في المصادر والجوامع، وفي الأصل: إن إسماعيل.

(٨) أورده الكليني في الكافي ( ١ / ٣١٠ ) عن ( محمد بن يحيى ) بسنده مثله ورواه المفيد في الارشاد ( ص ٣٢٥ ) عن الفضيل، عن طاهر بن محمد، مثله ونقله عنهما في البحار ( ٤٨ / ١٨ و ١٩ )، وانظر اثبات الهداة ( ٥ / ٤٧١ ) واعلام الورى (٢٩٨).

٧٣

٦٤ - وعنه، عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، جالسا بمنى، فسألته عن مسألة، وعبد الله جالس عنده، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

يا أبا بصير، هيه الآن.

فلما قام عبد الله، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : تسألني، وعبد الله جالس؟! فقال أبو بصير: وما لعبد الله؟

قال: مرجئ صغير.(٩)

٦٥ - وعنه، عن محمد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد(١٠) ، قال:

كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: كفوا عما تسألون(١١) .

فأمرنا بالسكوت، حتى قام عبد الله وخرج من عنده، فقال لنا أبو عبد اللهعليه‌السلام :

إنه ليس على شيء مما أنتم عليه، وإني لبريء منه، برئ الله منه(١٢) !

__________________

(٩) لم نعثر له على مصدر تخريج.

(١٠) راجع الحديث (٥٧) وما أشرنا اليه في هامشه هناك.

(١١) وكان في النسختين: تسألوا.

(١٢) لم نعثر له على مصدر تخريج.

٧٤

١٦ - باب السبب الذي من أجله قيل بالوقف

٦٦ - أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إبراهيم، عن أحمد بن الفضل، عن يونس بن عبد الرحمان، قال:

مات أبو الحسنعليه‌السلام ، وليس من قوامه أحد إلا وعنده المال الكثير، فكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم موته،

وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار،

وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار،

وكان أحد القوام عثمان بن عيسى وكان يكون بمصر، وكان عنده مال كثير، وست من الجواري.

قال: فبعث إليه أبو الحسن الرضاعليه‌السلام فيهن وفي المال.

فكتب إليه: إن أباك لم يمت.

فكتب اليه: « إن أبي قد مات، وقد اقتسمنا ميراثه، وقد صحت الأخبار بموته » واحتج عليه.

فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء، وإن كان مات فلم يأمرني بدفع شيء إليك، وقد أعتقت الجواري وتزوجتهن(١) .

__________________

(١) روى الصدوق في العلل ( ١ / ٢٣٥ ) صدر هذا الحديث من أوله الى قوله: ثلاثون ألف دينار، بروايته عن ابن الوليد، عن العطار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور عن أحمد بن الفضل مثله، وروى ذيله في ( ص ٢٣٦ ) بقوله: وبهذا الاسناد عن محمد بن جمهور عن أحمد بن حماد قال: أحد القوام عثمان بن

٧٥

__________________

عيسى الرواسي لكن أضاف في أول سند الذيل، روايته له عن ( أبيه ) وهو مؤلف كتابنا، وكذلك عمل الصدوق في العيون، فأورد الصدر في ( ج ١ ص ٩١ ) والذيل في ( ص ٩٢ ) ورواه الكشي في رجاله ( ص ٤٩٣ برقم ٩٤٦ ) صدرا، و ( ص ٥٩٨ رقم ١١٢٠ ) ذيلا وأول سنده: علي بن محمد، ومحمد بن أحمد ( بن يحيى العطار ) الى آخر ما أورده الصدوق، ورواه في البحار: ٤٨ / ٢٥٣ عن الكتب المذكورة.

ورواه الطوسي في الغيبة ( ص ٤٢ ) صدرا فقط، عن الكليني عن العطار بسنده، وذكر الشيخ الطوسي في الغيبة ( ص ٤٣ ) ما يلي: روى محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار وسعد بن عبد الله الأشعري، جميعا عن يعقوب بن يزيد الأنباري، عن بعض أصحابه، قال: مضى أبو ابراهيمعليه‌السلام وعند زياد القندي سبعون ألف دينار، وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار، ومسكنه بمصر، فبعث اليهم أبو الحسن الرضاعليه‌السلام أن: احملوا ما قبلكم من المال، وما كان اجتمع لأبي عندكم من أثاث وجوار، فاني وارثه، وقائم مقامه،

وقد اقتسمنا ميراثه، ولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولوارثه قبلكم، وكلام يشبه هذا.

فأما ابن أبي حمزة، فانه أنكره، ولم يعترف بما عنده، وكذلك زياد القندي، وأما عثمان بن عيسى، فانه كتب اليه: إن أباك صلوات الله عليه لم يمت، وهو حي قائم، ومن ذكر أنه مات فهو مبطل.

واعمل على أنه قد مضى، كما تقول، فلم يأمرني بدفع شيء اليك، وأما الجواري، فقد أعتقتهن، وتزوجت بهن.

٧٦

١٧ - باب إمامة أبي الحسن علي بن موسىعليه‌السلام

٦٧ - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن النجاشي الأسدي، قال:

قلت للرضاعليه‌السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟

قال: إي - والله - على الإنس والجن(١) .

٦٨ - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد الشامي، عن الحسن بن موسى، عن علي بن أسباط، عن الحسن مولى أبي عبد الله، عن أبي الحكم، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري(٢) عن يزيد بن سليط الزيدي، قال(٣) :

لقينا أبا عبد اللهعليه‌السلام في طريق مكة، ونحن جماعة، فقلت له:

بأبي أنت وأمي، أنتم الأئمة المطهرون، والموت لا يعرى منه أحد فأحدث إلي

__________________

(١) اثبته في بحار الانوار ( ج ٤٩ ص ١٠٦ / ٣٥ ) نقلا عن كتاب ( الإمامة والتبصرة، لعلي بن بابويه ) ( عن أحمد بن ادريس ).

ورواه الصدوق في العيون ( ١ / ٢١ ) عن أبيه ( المؤلف ) مثله، لكن لم يرد في ما أورده الصدوق في العيون، ذكر كلمة ( بن ) بين النجاشي وكلمة العباس.

(٢) في الكافي: قال أبو الحكم: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط.

(٣) في الكافي: عن يزيد بن سليط، قال: لقيت أبا إبراهيمعليه‌السلام ، ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟

قال: نعم، فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم، إني أنا وأبي لقيناك هاهنا وأنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام ومعه إخوتك، فقال له أبي: بأبي أنت وأمي، أنتم كلكم أئمة مطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا أحدث به من يخلفني من بعدي فلا يضل. قال: نعم يا أبا عبد الله، هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم الخ.

٧٧

شيئا ألقيه إلى من يخلفني.

فقال لي: نعم هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم - وأشار إلى موسىعليه‌السلام ابنه -، وفيه علم الحكم، والفهم، والسخاء، والمعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا - من أمر دينهم -، وفيه حسن الخلق، وحسن الجوار، وهو باب من أبواب الله، وفيه أخرى هي خير من هذا كله.

فقال أبي: ما هي بأبي أنت وأمي؟

قال: يخرج الله منه غوث هذه الأمة وغياثها، وعلمها، ونورها، وفهمها، وحكمتها، خير مولود، خير ناشئ، يحقن الله به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل به القطر، ويؤمن به العباد(٤) .

خير كهل، وخير ناشئ، تسر(٥) به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم، وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه.

قال: فقال أبي: بأبي أنت ولد بعد؟(٦)

قال: نعم.

ثم قطع الكلام(٧) .

قال يزيد: ثم لقيت أبا الحسنعليه‌السلام بعد، فقلت له:

بأبي أنت وأمي، إني أريد أن تخبرني بمثل ما أخبرني به أبوك.

قال: فقال: كان أبي في زمن ليس هذا زمانه.

قال يزيد: فقلت: من يرض(٨) منك بهذا، فعليه لعنة الله!

قال: فضحك، ثم قال: أخبرك يا با عمارة: أني خرجت من منزلي،

__________________

(٤) في العيون: ويأتمر له العباد.

(٥) في العيون: يبشر، وفي الكافي: يسود عشيرته من قبل ...

(٦) في العيون: فيكون له ولد بعده.

(٧) في الكافي: قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما.

(٨) كذا في ( ب ) وكان في ( أ ): من لم يرض، وفي الكافي والعيون: فمن يرضى.

٧٨

فأوصيت بالظاهر إلى بني، وأشركتهم مع علي ابني، وأفردته بوصيتي في الباطن.

ولقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام، وأمير المؤمنينعليه‌السلام معه، ومعه خاتم وسيف وعصا وكتاب وعمامة.

قلت له: ما هذا؟

فقال: أما العمامة: فسلطان الله.

وأما السيف: فعزة الله.

وأما الكتاب: فنور الله.

وأما العصا: فقوة الله.

وأما الخاتم: فجامع هذه الأمور.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والأمر يخرج إلى علي -عليه‌السلام ابنك.

قال: ثم قال: يا يزيد، إنها وديعة عندك، فلا تخبرها(٩) إلا عاقلا، أو عبدا امتحن الله قلبه، أو صادقا، ولا تكفر(١٠) نعم الله.

وإن سئلت عن الشهادة، فأدها، فإن الله - تبارك وتعالى - يقول:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (١١) وقال:( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ) .(١٢)

فقلت: والله ما كنت لأفعل ذلك أبدا.

قال: ثم قال أبو الحسنعليه‌السلام : ثم وصفه لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: علي ابنك الذي ينظر(١٣) بنور الله، ويسمع بفهمه(١٤) وينطق بحكمته،

__________________

(٩) في العيون: فلا تخبر بها.

(١٠) وردت هذه الكلمة في ( أ ) بتشديد الفاء.

(١١) الآية (٥٨) من سورة النساء ٤.

(١٢) الآية (١٤٠) من سورة البقرة ٢.

(١٣) كذا في العيون، وكان في النسختين: ينطق.

(١٤) في العيون: بتفهيمه.

٧٩

يصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، يعلم(١٥) حكما وعلما.

وما أقل مقامك معه، إنما هو شيء كأن لم يكن(١٦) ، فإذا رجعت من سفرك، فأوص وأصلح أمرك، وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنه ومجاور غيره(١٧) فاجمع ولدك، وأشهد الله عليهم جميعا،( وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً ) .

ثم قال: يا يزيد، إني أؤخذ في هذه السنة، والأمر إلى ابني علي، سمي علي وعلي:

أما علي الأول: فعلي بن أبي طالب.

وأما علي الآخر: فعلي بن الحسين.

أعطي فهم الأول، وحكمته، وبصره ووده، ودينه ومحنة الآخر، وصبره على ما يكره.

وليس له أن يتكلم إلا بعد هارون بأربع سنين، فإذا مضت أربع سنين، فاسأله عما شئت يجبك، إن شاء الله تعالى.(١٨)

ثم قال: يا يزيد، فإذا مررت بهذا الموضع، ولقيته، وستلقاه، فبشره، أنه سيولد له غلام أمره ميمون(١٩) مبارك.

وسيعلمك: أنك لقيتني، فأخبره عند ذلك: أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية، جارية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن قدرت أن تبلغها عني السلام فافعل ذلك.

قال يزيد: فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم - علياعليه‌السلام -، فبدأني، فقال لي: يا يزيد، ما تقول في العمرة؟

__________________

(١٥) في العيون: قد ملئ حلما وعلما.

(١٦) من هنا يبدأ النقص الأول في نسخة ( ب )، وقد ترك له في المصورة أكثر من سبع صفحات من (٥٧) إلى (٦٥)، وانظر ما كتبناه في المقدمة بعنوان: عملنا في التحقيق.

(١٧) كتب فوق كلمتي ( عنه وغيره ): عنهم وغيرهم، عن نسخة، ولاحظ الكافي.

(١٨) إلى هنا ينتهي الحديث في العيون.

(١٩) كتب في الهامش: وأميره مأمون.

٨٠