الغيبة

الغيبة0%

الغيبة مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 480

  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23962 / تحميل: 3684
الحجم الحجم الحجم
الغيبة

الغيبة

مؤلف:
العربية

خروجك من عندنا بسنتين.

كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي وأنا بين النائمة واليقظانة، إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرائحة، فقال: يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران، فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي، ففزعت فناديت(١) ابنتي، وقلت(٢) لها: هل شعرت بأحد دخل البيت فقالت: لا، فذكرت الله وقرأت ونمت، فجاء الرجل بعينه وقال لي مثل قوله، ففزعت وصحت بابنتي فقالت: لم يدخل البيت [أحد](٣) فاذكري الله ولا تفزعي فقرأت ونمت.

فلما كان في [الليلة](٤) الثالثة جاء الرجل وقال: يا فلانة قد جاء‌ك من يدعوك ويقرع الباب فاذهبي معه، وسمعت دق الباب فقمت وراء الباب وقلت: من هذا؟ فقال: افتحي ولا تخافي، فعرفت كلامه وفتحت الباب فإذا خادم معه إزار فقال: يحتاج إليك بعض الجيران لحاجة مهمة، فادخلي ولف رأسي بالملاء‌ة وأدخلني الدار وأنا أعرفها، فإذا بشقاق(٥) مشدودة وسط الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق، فرفع الخادم طرفه فدخلت وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنها تقبلها.

فقالت المرأة: تعيننا(٦) فيما نحن فيه، فعالجتها بما يعالج به مثلها فما كان إلا قليلا حتى سقط غلام فأخذته على كفي وصحت غلام غلام، وأخرجت رأسي من طرف الشقاق أبشر الرجل القاعد، فقيل لي لا تصيحي، فلما رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفي فقالت لي المرأة القاعدة: لا تصيحي، وأخذ الخادم بيدي ولف رأسي بالملاء‌ة وأخرجني من الدار وردني إلى داري وناولني صرة وقال

______________________

(١) في البحار ونسخة " ف " وناديت.

(٢) في نسخ " أ، ف، م " فقلت.

(٣، ٤) من تبصرة الولي.

(٥) الشقاق جمع الشقة بالكسر وهي ما شق من الثوب مستطيلا.

وفي نسخ " أ، ف، م " فإذا شقاق(البحار).

(٦) في نسخ " أ، ف، م " تعينينا.

(*)

٢٤١

[لي]:(١) لا تخبري بما رأيت أحدا.

فدخلت الدار ورجعت إلى فراشي في هذا البيت وابنتي نائمة [بعد](٢) فأنبهتها وسألتها هل علمت بخروجي ورجوعي؟ فقالت: لا، وفتحت الصرة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عددا(٣) ، وما أخبرت بهذا أحدا إلا في هذا الوقت لما تكلمت بهذا الكلام على حد(٤) الهزء فحدثتك إشفاقا عليك، فإن لهؤلاء القوم عند الله عزوجل شأنا ومنزلة، وكل ما يدعونه حق(٥) ، قال: فعجبت(٦) من قولها وصرفته إلى السخرية والهزء ولم أسألها عن الوقت غير أني أعلم يقينا أني غبت عنهم في سنة نيف وخمسين ومائتين ورجعت إلى سر من رأى في وقت أخبرتني العجوزة(٧) بهذا الخبر في سنة إحدى وثمانين ومائتين في وزارة عبيدالله بن سليمان(٨) لما قصدته.

قال حنظلة: فدعوت بأبي الفرج المظفر بن أحمد حتى سمع معي [منه](٩) هذا الخبر(١٠) .

______________________

(١) من البحار.

(٢) من البحار ونسخ(أ، ف، م ".

(٣) في نسخ " أ، ف، م " عددت.

(٤) في نسخة " ف " على جهة(حد خ ل).

(٥) في البحار: حتى.

(٦) في نسخة " ف " فتعجبت.

(٧) في البحار: عجوز.

(٨) هو أبوالقاسم عبيدالله بن سليمان بن وهب، كان وزيرا للمعتضد استوزره في سنة ٢٧٩ بعد أن مات المعتمد وبويع له، وهو قد خالف المعتضد في لعن معاوية(عليه لعنة الله) وأنه - بعد أن أمر المعتضد بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية وأن يقرأ الكتاب بعد صلاة الجمعة على المنبر - أحضر يوسف بن يعقوب القاضي وأمره أن يعمل الحيلة في إبطال ما عزم عليه المعتضد وبعد أن صار الكلام بين المعتضد ويوسف بن يعقوب أمسك المعتضد فلم يرد عليه جوابا ولم يأمر في الكتاب بعده بشئ(تاريخ الطبري ١ / ٣٠ و ٥٤ - ٦٣) وفي الاصل: عبدالله.

(٩) من نسخ " أ، ف، م ".

(١٠) عنه البحار: ٥١ / ٢٠ ح ٢٨ ومدينة المعاجز: ٥٩٢ ح ١٣ وحلية الابرار: ٢ / ٥٤٠ وتبصرة الولي: ح ٩.

(*)

٢٤٢

٢٠٩ - محمد بن يعقوب، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت والشيخ أبوعمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف.

فقلت له: يا أبا عمرو إني لاريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الارض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما(رفع الحجة وغلق باب التوبة *(فلم يكن ينفع)(١) نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *(٢) فأولئك شرار [من](٣) خلق الله عزوجل وهم الذين تقوم عليهم القيامة.

ولكن أحببت أن أزداد يقينا فإن إبراهيمعليه‌السلام سأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى *(قال: أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) *(٤) .

وقد أخبرني أبوعلي أحمد بن إسحاق أنه سأل أبا الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام وقال: من أعامل وعمن آخذ وقول من أقبل؟ فقال [له](٥) : العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون.

وأخبرني أبوعلي سأل أبا محمدعليه‌السلام عن مثل ذلك فقال له: العمري وإبنه ثقتان، فما أديا إليك فعني يؤديان، وما قالا فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.

[قال](٦) فخر أبوعمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل [حاجتك](٧)

______________________

(١) بدل ما بين القوسين في الكافي: فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة فلم يكن ينفع.

(٢) مقتبس من الانعام: ١٥٨.

(٣) من الكافي.

(٤) البقرة: ٢٦٠.

(٥) من الكافي.

(٦) من الكافي.

(٧) من نسخ " أ، ف، م ".

(*)

٢٤٣

فقلت له: أنت رأيت الخلف من أبي محمدعليه‌السلام فقال: إي والله ورقبته مثل هذا وأومأ بيده، فقلت بقيت واحدة، فقال هات، قلت: الاسم قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه صلوات الله عليه، فإن الامر عند السلطان أن أبا محمدعليه‌السلام مضى ولم يخلف ولدا، وقسم ميراثه وأخذ من لا حق له، فصبر على ذلك وهو ذا عماله يجولون، فليس أحد يجسر أن يتقرب إليهم ويسألهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فالله الله، اتقوا الله وأمسكوا عن ذلك(١) .

٢١٠ - وروي أن بعض أخوات أبي الحسنعليه‌السلام كانت لها جارية ربتها تسمى نرجس فلما كبرت دخل أبومحمدعليه‌السلام فنظر إليها فقالت له: أراك يا سيدي تنظر إليها؟ فقال: إني ما نظرت إليها إلا متعجبا.

أما إن المولود الكريم على الله تعالى يكون منها ثم أمرها أن تستأذن أبا الحسنعليه‌السلام في دفعها إليه ففعلت فأمرها بذلك(٢) .

٢١١ - وروى علان الكليني(٢) ، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن علي النيشابوري الدقاق، عن إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن السياري(٤) قال: حدثني نسيم ومارية قالت:(٥) لما خرج

______________________

(١) الكافي: ١ / ٣٢٩ ح ١ وعنه إعلام الورى: ٣٩٦ وحلية الابرار: ٢ / ٦٨٧ وتبصرة الولي: ح ٢١ و ١٠٠ وقطعة منه في الوسائل: ١٨ / ٩٩ ح ٤ عن كتابنا هذا وعن الكافي.

ويأتي في ح ٣٢٢ وله تخريج نذكره هناك.

(٢) عنه البحار: ٥١ / ٢٢ ح ٢٩ وإثبات الهداة: ٣ / ٤١٤ ح ٥٣ وأخرجه في البحار: ٥١ / ١١ ح ١٤ والاثبات المذكور: ص ٤٠٩ ح ٣٩ وتبصرة الولي ح ٢ ومدينة المعاجز: ٥٨٦ ح ٣ وحلية الابرار: ٢ / ٥٢٤ عن كمال الدين: ٤٢٦ ح ٢ مفصلا.

ورواه في عيون المعجزات: ١٣٨ باختلاف.

وفي روضة الواعظين: ٢٥٧ كما في الكمال.

(٣) قال النجاشي: علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني، المعروف بعلان، يكنى أبا الحسن، ثقة، عين له كتاب أخبار القائمعليه‌السلام .

(٤) هو أحمد بن محمد بن سيار السياري.

(٥) كذا في نسخ الاصل والاظهر أنه سهو والصحيح: قالتا.

(*)

٢٤٤

صاحب الزمانعليه‌السلام من بطن أمه سقط جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابته نحو السماء، ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله عبدا داخرا لله غير مستنكف ولا مستكبر، ثم قال: زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك(١) .

٢١٢ - وروى علان بإسناده أن السيدعليه‌السلام ولد في سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة بعد مضي أبي الحسن بسنتين(٢) .

٢١٣ - وروى محمد بن علي الشلمغاني في كتاب الاوصياء قال: حدثني حمزة ابن نصر غلام أبي الحسنعليه‌السلام عن أبيه قال: لما ولد السيدعليه‌السلام تباشر أهل الدار بذلك فلما نشأ خرج إلي الامر أن أبتاع في كل يوم مع اللحم قصب مخ وقيل إن هذا لمولانا الصغيرعليه‌السلام (٣) .

٢١٤- وعنه قال: حدثني الثقة، عن إبراهيم بن إدريس(٤) قال: وجه

______________________

(١) عنه إعلام الورى: ٣٩٥، وفي البحار: ٥١ / ٤ ح ٦ ومدينة المعاجز: ٥٨٦ ح ٢ عنه وعن كمال الدين: ٤٣٠ ح ٥ بإسناده عن محمد العطار.

وفي إثبات الهداة: ٣ / ٦٦٨ ح ٣٤ عنها وعن الخرائج: ١ / ٤٥٧ ح ٢ عن السياري مثله.

وأخرجه في حلية الابرار: ٢ / ٥٤٤ وتبصرة الولي: ح ١٠ عن ابن بابويه.

وفي كشف الغمة: ٢ / ٤٩٨ والبحار: ٧٦ / ٥٣ ح ٥ عن الخرائج.

ورواه في إثبات الوصية: ٢٢١ عن علان الكلابي وفي ألقاب الرسول وعترته: ٢٨٧ وثاقب المناقب: ٢٥٤ عن السياري مثله وفي هداية الحضيني: ٧١ باختلاف يسير.

وفي الصراط المستقيم: ٢ / ٢١٠ والعدد القوية: ٧٢ ح ١١٧ عن نسيم ومارية مختصرا.

(٢) عنه البحار: ٥١ / ٢٢ ح ٣٠ وإثبات الهداة: ٣ / ٥٠٧ ح ٣١٦.

ورواه في إثبات الوصية: ٢٢١ عن علان، وفيه " بنحو سنتين " بدل بسنتين.

(٣) عنه البحار: ٥١ / ٢٢ ح ٣١ وإثبات الهداة: ٣ / ٥٠٧ ح ٣١٧.

ورواه في إثبات الوصية: ٢٢١ عن حمزة بن نصر.

(٤) عده الشيخ والبرقي في رجالهما من أصحاب الهاديعليه‌السلام .(*)

٢٤٥

إلي مولاي أبومحمدعليه‌السلام بكبش وقال: عقه عن ابني فلان وكل وأطعم أهلك ففعلت، ثم لقيته بعد ذلك فقال لي: المولود الذي ولد لي مات، ثم وجه إلي بكبشين وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم عق هذين الكبشين عن مولاك وكل هنأك الله وأطعم إخوانك، ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئا(١) .

٢١٥ - وروى علان قال: حدثني ظريف(٢) أبونصر الخادم قال: دخلت عليه - يعني صاحب الزمانعليه‌السلام - فقال لي: علي بالصندل الاحمر فقال: فأتيته به فقالعليه‌السلام : أتعرفني؟ قلت: نعم قال: من أنا؟ فقلت: أنت سيدي وابن سيدي فقال: ليس عن هذا سألتك.

قال ظريف(٣) : فقلت جعلني الله فداك فسر لي، فقال: أنا خاتم الاوصياء، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي(٤) .

٢١٦ - جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني محمد بن جعفر بن عبدالله(٥) عن أبي نعيم محمد بن أحمد الانصاري قال: وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمدعليه‌السلام ، قال كامل: فقلت في نفسي:

______________________

(١) عنه البحار: ٥١ / ٢٢ ح ٣٢ وإثبات الهداة: ٣ / ٥٠٨ ح ٣١٨ والوسائل: ١٥ / ١٧٢ ح ٤.

وأخرجه في مستدرك الوسائل: ١٥ / ١٤٠ ح ٣ وص ١٥٤ ح ١ عن إثبات الوصية: ٢٢١ عن الثقة من إخوانه مثله.

(٢، ٣) في البحار: طريف.

(٤) عنه إثبات الهداة: ٣ / ٥٠٨ ح ٣١٩ وفي البحار: ٥٢ / ٣٠ ح ٢٥ والعوالم: ١٥ / الجزء ٣ / ٢٩٨ ح ١ عنه وعن كمال الدين: ٤٤١ ح ١٢ بإسناده عن طريف أبونصر ودعوات الراوندي: ٢٠٧ ح ٥٦٣ نقلا من الكمال مختصرا.

وأخرجه في حلية الابرار: ٢ / ٥٤٤ وتبصرة الولي: ح ٣٩ عن الكمال.

وفي مدينة المعاجز: ٦١١ ح ٨٢ وإثبات الهداة: ٣ / ٦٩٤ ح ١١٥ ومنتخب الانوار المضيئة: ١٥٩ وكشف الغمة: ٢ / ٤٩٩ عن الخرائج: ١ / ٤٥٨ ح ٣ عن علان.

ورواه الحضيني في هدايته: ٨٧ باختلاف.

والمسعودي في إثبات الوصية: ٢٢١ نحوه.

والقندوزي في ينابيع المودة: ٤٦٣ مختصرا.

وبعض المحدثين في ألقاب الرسول وعترته: ٢٨٧ عن علان مثله.

(٥) قال النجاشي: محمد بن جعفر بن محمد بن عبدالله النحوي(أبوبكر المؤدب) حسن العلم بالعربية والمعرفة بالحديث، له كتاب الموازنة لمن استبصر في إمامة الاثني عشرعليهم‌السلام .

وعده العلامة وابن داود في القسم الاول.

(*)

٢٤٦

أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما(١) دخلت على سيدي أبي محمدعليه‌السلام نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان وينهانا عن لبس مثله.

فقال: متبسما: يا كامل وحسر عن ذراعيه: فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله وهذا لكم، فسلمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاء‌ت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها.

فقال: لي(٢) يا كامل بن إبراهيم، فاقشعررت من ذلك وألهمت أن قلت: لبيك يا سيدي فقال: جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟ فقلت: إي والله، قال: إذن والله يقل داخلها، والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية، قلت: يا سيدي ومن هم؟ قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله.

ثم سكت صلوات الله عليه عني ساعة ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوضة، كذبوا، بل(٣) قلوبنا أوعية لمشية الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: *(وما تشآؤون إلا أن يشآء الله) *(٤) .

ثم رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إلي أبومحمدعليه‌السلام متبسما فقال: يا كامل ما جلوسك؟ وقد(٥) أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك.

قال أبونعيم: فلقيت كاملا فسألته عن هذا الحديث فحدثني به.

______________________

(١) في نسخ " أ، ف، م " لما.

(٢) ليس في نسخة " ف ".

(٣) في نسخة " ف " بك.

(٤) الانسان: ٣٠، التكوير: ٢٩.

(٥) في نسخة " ف " فقد.

(*)

٢٤٧

وروى هذا الخبر أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن علي، عن علي بن عبدالله بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي(١) قال: سمعت أبا نعيم محمد بن أحمد الانصاري، وذكر مثله(٢) .

٢١٧ - محمد بن يعقوب، عن أحمد بن النضر(٣) ، عن القنبري - من ولد قنبر الكبير - مولى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: جرى حديث جعفر فشتمه فقلت: فليس غيره فهل رأيته؟ قال: لم أره ولكن رآه غيري قلت: ومن رآه قال: رآه جعفر مرتين، وله حديث(٤) .

٢١٨ - وحدث عن رشيق صاحب المادراي قال: بعث إلينا المعتضد(٥)

______________________

(١) هو الحسن بن محمد بن الوجناء أبومحمد النصيبي، روى عن أبي محمدعليه‌السلام ، وروى عنه الصفواني، ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن عبدالله بن مهران.

(٢) عنه البحار: ٢٥ / ٣٣٦ ح ٦ وج ٧٢ / ١٦٣ ح ٢٠.

وفي ج: ٥٢ / ٥٠ ح ٣٥ وتبصرة الولي ح ٢٦ عنه وعن دلائل الامامة: ٢٧٣ بإسناده عن جعفر بن محمد باختلاف.

وصدره في ج ٥٠ / ٢٥٣ ح ٧ وج ٧٠ / ١١٧ ح ٥ وج ٧٩ / ٣٠٢ ح ١٢ وإثبات الهداة: ٣ / ٤١٥ ح ٥٤.

وقطعة منه في الاثبات المذكور ص ٥٠٨ ح ٣٢٠ وصدره في ص ٦٨٣ ح ٩١ عن كتابنا هذا وعن الخرائج: ١ / ٤٥٨ ح ٤ مختصرا نحوه.

وأخرجه في كشف الغمة: ٢ / ٤٩٩ عن الخرائج.

ورواه في منتخب الانوار المضيئة: ١٣٩ عن أحمد بن محمد الايادي يرفعه إلى كامل بن إبراهيم المدني باختصار في أوله.

وفي إثبات الوصية: ٢٢٢ عن جعفر بن محمد بن مالك مثله، وفيه المدائني بدل المدني.

والحضيني في هدايته: ٨٧ عن جعفر بن محمد بن مالك باختلاف.

والقندوزي في ينابيع المودة: ٤٦١ مختصرا.

(٣) قال النجاشي: أحمد بن النضر الخزاز أبوالحسن بن الجعفي، مولى كوفي، ثقة.

(٤) عنه البحار: ٥٢ / ٥١ ح ٣٦ وإثبات الهداة: ٣ / ٥٠٨ ح ٣٢١.

وأخرجه في إعلام الورى: ٣٩٧ عن الكافي: ١ / ٣٣١ ح ٩.

وفي كشف الغمة: ٢ / ٤٥٠ والمستجاد: ٥٣١ عن إرشاد المفيد: ٣٥١ بإسناده عن الكليني.

(٥) هكذا في النسخ والمصادر والظاهر أنه تصحيف المعتمد، حيث بويع أبوالعباس أحمد بن طلحة المعتضد بالله في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله عمه وهو يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت منرجب سنة ٢٧٩ بينما قبض الامام الحسن العسكريعليه‌السلام في سنة ٢٦٠(راجع مروج الذهب: ٤ / ١١١ و ١٤٣).

٢٤٨

ونحن ثلاثة نفر فأمرنا أن يركب كل واحد منا فرسا ونجنب(١) آخر ونخرج مخفين(٢) لا يكون معنا قليل ولا كثير إلا على السرج مصلى(٣) ، وقال(لنا)(٤) : الحقوا بسامرة ووصف لنا محلة ودارا وقال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسود فاكبسوا(٥) الدار، ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه.

فوافينا سامرة فوجدنا الامر كما وصفه، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها فقال: صاحبها، فو الله ما التفت إلينا وقل اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا، فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل(٦) منه، كأن الايدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحد.

فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحرا فيه(ماء)(٧) ، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا ولا إلى شئ من أسبابنا.

فسبق أحمد بن عبدالله ليتخطى البيت فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتا.

فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك، فو الله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجئ وأنا تائب إلى الله.

فما التفت إلى شئ مما قلنا، وما انفتل عما كان فيه فهالنا ذلك، وانصرفنا

______________________

(١) من باب الافعال: أي نجعله جنبه وفي البحار: يجنب.

(٢) من باب الافعال أيضا أي جاعلين ما معهم شيئا خفيفا.

(٣) مصلى: أي فرشا خفيفا يصلى عليه ويكون حمله على السرج(هامش نسخة الاصل).

(٤) ليس في نسخة " ف ".

(٥) أي أدخلوها باقتحام.

(٦) في نسخة " ف " أنيل.

(٧) ليس في البحار.

(*)

٢٤٩

عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان.

فوافيناه في بعض الليل فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر، فحكينا له ما رأينا، فقال: ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟ قلنا: لا فقال: أنا نفي(١) من جدي، وحلف بأشد أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته(٢) .

٢١٩ - وأخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويهرحمه‌الله قال: حدثنا علي بن الحسن بن الفرج المؤذن قال: حدثني محمد بن حسن الكرخي قال: سمعت أبا هارون - رجلا من أصحابنا - يقول: رأيت صاحب الزمانعليه‌السلام ووجهه يضئ كأنه القمر ليلة البدر، ورأيت على سرته شعرا يجري كالخط، وكشف الثوب عنه فوجدته مختونا، فسألت أبا محمدعليه‌السلام عن ذلك، فقال: هكذا ولد وهكذا ولدنا، ولكنا سنمر الموسي عليه لاصابة السنة(٣) .

______________________

(١) نفي من جدي أي منفي من جدي، ويريد بجده العباس، أي لست من بني العباس لو لم أضرب أعناقكم إن بلغني عنكم هذا الخبر، وفي بعض النسخ " لغي " أي لزنية منفيا من جدي.

(٢) عنه تبصرة الولي ح ٢٥ ومدينة المعاجز: ٥٩٧ ح ١٨.

وفي البحار: ٥٢ / ٥١ ملحق ح ٣٦ وإثبات الهداة: ٣ / ٦٨٣ ح ٩٢ عنه وعن الخرائج: ١ / ٤٦٠ ح ٥ عن رشيق حاجب المادراني مختصرا، والظاهر أنه أحمد بن الحسن المادراني ذكره القمي في الكنى والالقاب: ٣ / ١٠٧ وله بيان فراجع.

وأخرجه في كشف الغمة: ٢ / ٤٩٩ وفرج المهموم: ٢٤٨ عن الخرائج.

وأورده في كشف الاستار: ٢١٢ عن رشيق صاحب المادراي مختصرا.

وفي منتخب الانوار المضيئة: ١٤٠ عن أحمد بن محمد الايادي يرفعه إلى رشيق المادراي مثله.

(٣) عنه البحار: ٥٢ / ٢٥ ح ١٨ وعن كمال الدين: ٤٣٤ ح ١.

وصدره في إثبات الهداة: ٣ / ٥٠٨ ح ٣٢٢.

وأخرجه في حلية الابرار: ٢ / ٥٨١ وتبصرة الولي ح ١٥ و ١١٦ والخرائج: ٢ / ٩٥٧ عن ابن بابويه.

وفي الوسائل: ١٥ / ١٦٤ ح ١٢ عن الكمال مختصرا.

وفي إعلام الورى: ٣٩٧ عن محمد بن يعقوب، ولكن لم نجده في الكافي، فلعل ما نقله أما عن غير الكافي أو ضمير " عنه " سهو من النساخ والصحيح عن أبي جعفر بن بابويه.

(*)

٢٥٠

٢٢٠ - أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة الفهري المعروف بقرقارة قال: حدثني أبوسعيد المراغي، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق أنه سأل أبا محمدعليه‌السلام عن صاحب هذا الامر فأشار بيده، أي إنه حي غليظ الرقبة(١) .

٢٢١ - أخبرني ابن أبي جيد القمي، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن عبدالله بن العباس بن عبدالله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، عن أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن(٢) بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: وردت على أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام بسر من رأى فهنأته بولادة ابنهعليه‌السلام (٣) .

٢٢٢ - وأخبرني جماعة، عن محمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا أبي ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكل، عن عبدالله بن جعفر الحميري، أنه قال سألت محمد بن عثمانرضي‌الله‌عنه فقلت له: رأيت صاحب هذا الامر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني.

قال محمد بن عثمانرضي‌الله‌عنه ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم لي من أعدائك(٤) .

______________________

(١) عنه البحار: ٥١ / ١٦١ ح ١٢ وإثبات الهداة: ٣ / ٥٠٩ ح ٣٢٣.

(٢) في نسخ " أ، ف، م " أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وفي البحار، الحسن بن الحسين العلوي.

(٣) عنه إثبات الهداة: ٣ / ٥٠٩ ح ٣٢٤ وفي البحار: ٥١ / ١٦ ح ٢٢ عنه وعن كمال الدين: ٤٣٤ ح ١.

(٤) عنه البحار: ٥١ / ٣٥١، وفي ج ٥٢ / ٣٠ ح ٢٣ عنه وعن كمال الدين: ٤٤٠ ح ٩ و ١٠.

وفي إثبات الهداة: ٣ / ٤٥٢ و ٤٥٣ ح ٦٩ و ٧٠ عنهما وعن الفقيه: ٢ / ٥٢٠ ذح ٣١١٥.

وأخرجه في الوسائل: ٩ / ٣٦٠ ح ١ و ٢ عن الفقيه والكمال.

وفي حلية الابرار: ٢ / ٦٠٧ وتبصرة الولي ح ٣٧ و ٣٨ عن الكمال، وفي الكمال: من أعدائي بدل " من أعدائك ".

ويأتي في حديث ٣٣٠.

(*)

٢٥١

٢٥٢

٣ - فصل وأما ما روي من الاخبار المتضمنة لمن رآهعليه‌السلام ...

وهو لا يعرفه أو عرفه فيما بعد

فأكثر من أن تحصى غير أنا نذكر طرفا منها:

٢٢٣ - أخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي قال: حدثني شيخ ورد الري على أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي، فروى له حديثين في صاحب الزمانعليه‌السلام وسمعتهما منه كما سمع، وأظن ذلك قبل سنة ثلاثمائة أو قريبا منها، قال: حدثني علي بن إبراهيم الفدكي قال: قال الاودي(١) .

بينا أنا في الطواف قد طفت ستة وأريد أن أطوف السابعة فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه، طيب الرائحة، هيوب، ومع هيبته متقرب إلى الناس، فتكلم فلم أر أحسن من كلامه، ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه فذهبت أكلمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم من هذا؟ فقال: ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يظهر للناس في كل سنة يوما لخواصه، فيحدثهم ! ويحدثونه، فقلت: مسترشد أتاك فأرشدني هداك الله.

قال: فناولني حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه ما الذي دفع

______________________

(١) في الكمال والخرائج: الازدي، وهو أحمد بن الحسين بن عبدالملك، أبوجعفر الازدي(الاودي) كوفي، ثقة(رجال النجاشي، فهرست الشيخ).

(*)

٢٥٣

إليك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقلت: حصاة فكشفت عن يدي، فإذا أنا بسبيكة من ذهب، [فذهبت](١) وإذا أنا به قد لحقني فقال: ثبتت عليك الحجة، وظهر لك الحق، وذهب عنك العمى أتعرفني؟ فقلت: اللهم لا.

فقال:(أنا)(٢) المهدي، أنا قائم الزمان، أنا الذي أملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، إن الارض لا تخلو من حجة ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل، وقد ظهر أيام خروجي، فهذه أمانة في رقبتك فحدث(٣) بها إخوانك من أهل الحق(٤) .

٢٢٤ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن علي الرازي، قال: حدثني محمد بن علي، عن محمد بن أحمد بن خلف، قال: نزلنا مسجدا في المنزل: المعروف بالعباسية، - على مرحلتين من فسطاط مصر - وتفرق غلماني في النزول وبقي معي في المسجد غلام أعجمي [فرأيت](٥) في زاويته شيخا كثير التسبيح فلما زالت الشمس ركعت [وسجدت](٦) وصليت الظهر في أول وقتها، ودعوت بالطعام وسألت الشيخ أن يأكل معي(فأجابني)(٧) .

فلما طعمنا سألت(٨) عن اسمه واسم أبيه وعن بلده وحرفته

______________________

(١) من البحار، وفيه: فإذا بدل " وإذا ".

(٢) ليس في الاصل.

(٣) في نسخ " أ، ف "، م " تحدث.

(٤) عنه البحار: ٥٢ / ١ ح ١ وعن الخرائج: ٢ / ٧٨٤ ح ١١٠ عن علي بن إبراهيم الفدكي وكمال الدين: ٤٤٤ ح ١٨ بإسناده عن الازدي باختلاف.

وفي إثبات الهداة: ٣ / ٦٧٠ ح ٣٩ عن كتابنا هذا وعن الكمال وإعلام الورى: ٤٢١ نقلا عن ابن بابويه.

وأخرجه في حلية الابرار: ٢ / ٥٧٣ وتبصرة الولي: ح ٤٥ عن الكمال، وفي فرج المهموم: ٢٥٨ عن الخرائج.

(٥) من البحار ونسخ " أ، ح، ف، م ".

(٦) من نسخة " ف ".

(٧) ليس في نسخ " أ، ف، م ".

(٨) في البحار ونسخ " أ، ف، م " سألته.

(*)

٢٥٤

(ومقصده)(١) ، فذكر أن اسمه محمد بن عبدالله(٢) ، وأنه من أهل قم، وذكر أنه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحق ويتنقل في البلدان والسواحل، وأنه أوطن مكة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الاخبار ويتبع الآثار.

فلما كان في سنة ثلاث وتسعين ومائتين طاف بالبيت ثم صار إلى مقام إبراهيمعليه‌السلام فركع فيه وغلبته عينه فأنبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله، قال: فتأملت الداعي فإذا هو شاب أسمر لم أر قط في حسن صورته واعتدال قامته، ثم صلى فخرج وسعى، فاتبعته وأوقع الله عزوجل في نفسي أنه صاحب الزمانعليه‌السلام .

فلما فرغ من سعيه قصد بعض الشعاب فقصدت أثره فلما قربت منه إذ أنا بأسود(٣) مثل الفنيق(٤) قد اعترضني فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه: ما تريد عافاك الله؟ فأرعدت ووقفت، وزال الشخص عن بصري وبقيت متحيرا.

فلما طال بي الوقوف والحيرة انصرفت ألوم نفسي وأعذلها بانصرافي(٥) بزجرة الاسود، فخلوت بربي عزوجل أدعوه وأسأله بحق رسوله وآلهعليهم‌السلام أن لا يخيب سعيي وأن يظهر لي ما يثبت بن قلبي ويزيد في بصري.

فلما كان بعد سنين زرت قبر المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله فبينا أنا(أصلي)(٦) في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرك يحركني فاستيقظت فإذا أنا بالاسود فقال: ما خبرك؟ وكيف كنت؟ فقلت: الحمد لله(٧) وأذمك فقال: لا تفعل فإني أمرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيرا كثيرا،

______________________

(١) ليس في البحار.

(٢) في البحار: عبيدالله.

(٣) إذ أنا بأسود: أي برجل أسود.

(٤) الفنيق: بالفاء والنون، الفحل الكريم من الابل لا يؤذى لكرامته على أهله ولا يركب، والتشبيه في العظم والكبر(البحار).

(٥) في نسخ " أ، ف، م " في انصرافي.

(٦) ليس في البحار.

(٧) في البحار ونسخ " أ، ف، م " أحمد الله.

(*)

٢٥٥

فطب نفسا وازدد من الشكر لله عزوجل ما أدركت وعاينت، ما فعل فلان؟ وسمى بعض إخواني المستبصرين فقلت: ببرقة، فقال: صدقت ففلان؟ وسمى رفيقا لي مجتهدا في العبادة، مستبصرا في الديانة، فقلت: بالاسكندرية، حتى سمى لي عدة من إخواني.

ثم ذكر اسما غريبا فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، فقال: كيف تعرفه وهو رومي؟ فيهديه(١) الله فيخرج ناصرا من قسطنطينية، ثم سألني عن رجل آخر فقلت: لا أعرفه، فقال: هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولايعليه‌السلام إمض إلى أصحابك فقل لهم: نرجوا أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظالمين، ولقد لقيت جماعة من أصحابي وأديت إليهم وأبلغتهم ما حملت وأنا منصرف وأشير عليك أن لا تتلبس بما يثقل به ظهرك، ويتعب(٢) به جسمك وأن تحبس نفسك على طاعة ربك، فإن الامر قريب إن شاء الله تعالى.فأمرت خازني فأحضر لي(٣) خمسين دينارا وسألته قبولها فقال: يا أخي قد حرم الله علي أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه كما أحل لي أن آخذ منك الشئ إذا إحتجت إليه فقلت له: هل سمع هذا الكلام منك أحد غيري من أصحاب السلطان؟ قال: نعم(أخوك)(٤) أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان، وقد استأذن للحج تأميلا أن يلقى من لقيت، فحج أحمد بن الحسين الهمدانيرحمه‌الله في تلك السنة فقتله ذكرويه بن مهرويه، وافترقنا وانصرفت إلى الثغر.

ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر(٥) من ولد الحسين

______________________

(١) في نسخ " أ، ف، م " يهديه الله.

(٢) في البحار: تتعب.

(٣) في البحار ونسخ " أ، ف، م " فأحضرني.

(٤) ليس في الاصل.

(٥) هو طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله الاعرج بن الحسين الاصغر ابن الامام علي بن الحسينعليهما‌السلام .

قال الفخري في أنساب الطالبيين ص ٥٨: طاهر أبوالقاسم العالي المحدث بالمدينة شيخ الحجاز، وهو بطن.

(*)

٢٥٦

الاصغر(١) ، يقال إنه يعلم من هذا الامر شيئا فثابرت عليه حتى أنس بي، وسكن لي(٢) ووقف على صحة عقيدتي، فقلت له: يا بن رسول الله بحق آبائك الطاهرينعليهم‌السلام لما جعلتني مثلك في العلم بهذا الامر، فقد شهد(٣) عندي من توثقه بقصد القاسم بن عبدالله بن سليمان بن وهب(٤) إياي لمذهبي واعتقادي وأنه أغرى بدمي مرارا فسلمني الله منه.

فقال: يا أخي اكتم ما تسمع مني الخبر في هذه الجبال، وإنما يرى العجائب الذين(٥) يحملون الزاد في الليل ويقصدون به مواضع يعرفونها، وقد نهينا عن الفحص والتفتيش، فودعته وانصرفت عنه(٦) .

٢٢٥ - وأخبرني أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أبي الحسن محمد بن علي الشجاعي الكاتب، عن أبي عبدالله محمد بن إبراهيم النعماني، عن يوسف بن أحمد(محمد خ ل)(٧) الجعفري قال، حججت سنة ست وثلاثمائة، وجاورت بمكة تلك السنة وما بعدها إلى سنة تسع وثلاثمائة، ثم خرجت عنها منصرفا إلى الشام، فبينا أنا في بعض الطريق، وقد فاتتني صلاة الفجر، فنزلت

______________________

(١) الحسين الاصغر: عده الشيخ في رجاله في أصحاب السجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام قائلا: أخو الباقر وعم الصادقعليهما‌السلام .تابعي، مدني، مات سنة " ١٥٧ ".

وقال المفيد -رحمه‌الله - في الارشاد: كان فاضلا ورعا، وروى حديثا كثيرا عن أبيه علي بن الحسينعليهما‌السلام ، وعمته فاطمة بنت الحسين، وأخيه أبي جعفرعليهما‌السلام .

(٢) في البحار ونسخ " أ، ف، م " إلي.

(٣) أي قد حضر عندي من تعرفه بالوثاقة مخبرا بقصد القاسم إياي لمذهبي " وفي البحار " غرضه بيان أنه مضطر في الخروج خوفا من القاسم لئلا يبطأ عليه بالخبر أو أنه من الشيعة قد عرفه بذلك المخالف والمؤالف " انتهى ".

(٤) في البحار: القاسم بن عبيدالله وفي نسخ " أ، ف، م " القاسم بن عبيدالله بن سليمان وهب، وفي نسخة " ح " القاسم بن عبدالله(عبيدالله خ ل).

(٥) في نسخ " أ، ف، م " ترى العجائب الذي.

(٦) عنه البحار: ٥٢ / ٣ ح ٢ وتبصرة الولي ح ٦٢.

وقطعة منه في الايقاظ من الهجعة: ٢٧٠ ح ٧٦.

(٧) ليس في البحار ونسخ " أ، ف، م ".

(*)

٢٥٧

من المحمل وتهيأت للصلاة، فرأيت أربعة نفر في محمل، فوقفت أعجب منهم، فقال أحدهم: مم تعجب؟ تركت صلاتك وخالفت مذهبك.

فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي؟ فقال: تحب أن ترى صاحب زمانك؟ قلت نعم، فأومأ إلى أحد الاربعة، فقلت(له)(١) : إن له دلائل وعلامات فقال: أيما أحب إليك أن ترى الجمل وما عليه صاعدا إلى السماء، أو ترى المحمل صاعدا إلى السماء؟ فقلت: أيهما كان فهي دلالة، فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء، وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة، وكان لونه الذهب، بين عينيه سجادة(٢) .

٢٢٦ - أحمد بن علي، الرازي، عن محمد بن علي(٣) ، عن محمد بن عبد ربه الانصاري(٤) الهمداني، عن أحمد بن عبدالله الهاشمي من ولد العباس قال: حضرت دار أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام بسر من رأى يوم توفي، وأخرجت جنازته ووضعت، ونحن تسعة وثلاثون رجلا قعود ننتظر، حتى خرج إلينا(٥) غلام عشاري حاف عليه رداء قد تقنع به.

فلما أن خرج قمنا هيبة له من غير أن نعرفه، فتقدم وقام الناس فاصطفوا

______________________

(١) ليس في البحار ونسخ " أ، ف، م ".

(٢) عنه البحار: ٥٢ / ٥ ح ٣ وإثبات الهداة: ٣ / ٦٨٤ ح ٩٣ وتبصرة الولي: ح ٦٣ وعن الخرائج: ١ / ٤٦٦ ح ١٣.

وقطعة منه في الايقاظ من الهجعة: ٣٥٥ ح ٩٧.

وأخرجه في مدينة المعاجز: ٦١١ ح ٨٣ عن الخرائج.

ورواه في ثاقب المناقب: ٢٧٠ عن يوسف بن أحمد الجعفري مختصرا.

(٣) هو محمد بن علي بن الفضل بن تمام بن سكين بن بندار بن داد مهر بن فرح زاد بن مياذرماه بن شهريار الاصغر، قاله النجاشي، ثم قال: وكان لقب سكين بسبب إعظامهم له وكان ثقة، عينا، صحيح الاعتقاد، جيد التصنيف.

وعنونه الشيخ في الفهرست إلى أن قال: وأخبرنا أيضا جماعة، عن التلعكبري عنه.

(٤) عده الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام ، قائلا: محمد بن عبد ربه الانصاري، أجاز التلعكبري جميع حديثه.

(٥) في البحار ونسخة " ف " علينا وكذا في نسختي " أ، م ".

(*)

٢٥٨

خلفه، فصلى عليه ومشى، فدخل بيتا غير الذي خرج منه.

قال أبوعبدالله الهمداني فلقيت بالمراغة رجلا من أهل تبريز يعرف بإبراهيم بن محمد التبريزي، فحدثني بمثل حديث الهاشمي لم يخرم(١) منه شئ، قال: فسألت الهمداني فقلت: غلام عشاري القد أو عشاري السن لانه روي أن الولادة كانت سنة ست وخمسين ومائتين وكانت غيبة(٢) أبي محمدعليه‌السلام سنة ستة ومائتين بعد الولادة بأربع سنين.

فقال: لا أدري هكذا سمعت، فقال لي شيخ معه حسن الفهم من أهل بلده له رواية وعلم: عشاري القد(٣) .

٢٢٧ - عنه، عن علي بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، عن أبي نعيم محمد بن أحمد الانصاري قال: كنت حاضرا عند المستجار(بمكة)(٤) وجماعة زهاء ثلاثين رجلا لم يكن منهم مخلص غير محمد بن القاسم العلوي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين ومائتين، إذ خرج علينا شاب من الطواف عليه إزاران(فاحتج)(٥) محرم بهما، وفي يده نعلان.

فلما رأيناه قمنا جميعا هيبة له، ولم يبق منا أحد إلا قام، فسلم علينا وجلس متوسطا ونحن حوله، ثم التفت يمينا وشمالا ثم قال: أتدرون ما كان أبو عبداللهعليه‌السلام يقول في دعاء الالحاح؟ [قلنا: وما كان يقول؟](٦) قال: كان يقول:

______________________

(١) في البحار: يقال ما خرمت منه شيئا أي ما نقصت، وعشاري القد هو أن يكون له عشرة أشبار.

(٢) المراد بغيبته وفاتهعليه‌السلام ، وكانت في تلك السنة كما صرحت به التواريخ والروايات، وفي تلك السنة وقعت الغيبة الكبرى.

(٣) عنه البحار: ٥٢ / ٥ ح ٤ وتبصرة الولي: ح ٦٤.

(٤) ليس في نسخ " أ، ف، م ".

(٥) ليس في البحار.

(٦) من البحار ونسخ " أ، ف، م ".

(*)

٢٥٩

" اللهم إني أسألك باسمك الذي به تقوم السماء، وبه تقوم الارض وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وبه أحصيت عدد الرمال، وزنة الجبال، وكيل البحار، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ".

ثم نهض ودخل الطواف فقمنا لقيامه حتى انصرف وأنسينا أن نذكره أمره، وأن نقول من هو؟ وأي شئ هو؟ إلى الغد في ذلك الوقت فخرج علينا من الطواف، فقمنا له كقيامنا(١) بالامس، وجلس في مجلسه متوسطا، فنظر يمينا وشمالا وقال(٢) : أتدرون ما كان يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد صلاة الفريضة؟ فقلنا وما كان يقول؟ قال: كان يقول: " إليك رفعت الاصوات [ودعيت الدعوات ولك](٣) عنت الوجوه، ولك وضعت(٤) الرقاب، وإليك التحاكم في الاعمال، يا خير من سئل، ويا خير من أعطي، يا صادق يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدعاء ووعد بالاجابة، يا من قال: " ادعوني استجب لكم " يا من قال: " إذا(٥) سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " ويا من قال: " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور(٦) الرحيم " لبيك وسعديك، ها أنا ذا بين يديك المسرف، وأنت القائل " لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ".

ثم نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء - فقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين

______________________

(١) في نسخ " أ، ف، م " كقيامنا له بالامس.

(٢) في نسخ " أ، ف، م " فقال.

(٣) من البحار.

(٤) في البحار ونسخ " أ، ف، م " وخضعت.

(٥) في البحار ونسخة " ف " وإذا.

(٦) في البحار: هو العزيز.

(*)

٢٦٠