مفهوم التقية في الفكر الاسلامي

مفهوم التقية في الفكر الاسلامي0%

مفهوم التقية في الفكر الاسلامي مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 55

مفهوم التقية في الفكر الاسلامي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد هاشم الموسوي
تصنيف: الصفحات: 55
المشاهدات: 5878
تحميل: 3451

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 55 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5878 / تحميل: 3451
الحجم الحجم الحجم
مفهوم التقية في الفكر الاسلامي

مفهوم التقية في الفكر الاسلامي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فإن عادوا فَعُدْ».

وروى منصور بن المُعْتَمِر عن مجاهد قال: أول شهيدة في الإسلام أم عمار، قتلها أبو جهل، وأوّل شهيد من الرجال مِهْجعٍ مولى عمر.

وروى منصور أيضاً عن مجاهد قال: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبو بكر، وبلال، وخَبّاب، وصهيب، وعمّار، وسُميّة أمّ عمار. فأما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمنعه أبو طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأخذوا الآخرين فألبسوهم أدراع الحديد، ثمّ صَهَروهم في الشمس حتى بلغ منهم الجهد كل مبلغ من حرّ الحديد والشمس، فلما كان من العشيّ أتاهم أبو جهل ومعه حربة، فجعل يَسُبُّهم ويوبخهم، وأتى سُمَيّة فجعل يسبّها ويَرْفُث، ثمّ طعن فرجها حتى خرجت الحربة من فمها فقتلها؛ (رضي الله عنها).

٢١

قال: وقال الآخرون ما سُئلوا؛ إلاّ بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله، فجعلوا يعذّبونه ويقولون له: ارجع عن دينك، وهو يقول أَحَدٌ أحد؛ حتى ملّوه، ثمّ كتّفوه وجعلوا في عنقه حبلاً من ليف، ودفعوه إلى صبيانهم يلعبون به بين أَخْشَبَيْ مكة حتى ملّوه وتركوه، قال: فقال عمّار: كلنا تكلم بالذي قالوا - لولا أن الله تدارَكنا - غير بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله، فهان على قومه حتى ملّوه وتركوه. والصحيح أن أبا بكر اشترى بلالاً فأعتقه.

وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أن ناساً من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة: أن هاجروا إلينا؛ فإنا لا نراكم منّا حتى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون المدينة حتى أدركتهم قريش بالطريق، ففتنوهم فكفروا مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية. ذكر الروايتين عن مجاهد

٢٢

إسماعيل بن إسحاق.

وروى الترمذيّ عن عائشة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما خُبِّرَ عَمّار بين أمرين إلاّ اختار أرشدهما» هذا حديث حسن غريب. وروي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن الجنّة تشتاق إلى ثلاثة عليّ وعمّار وسلمان بن ربيعة». قال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من حديث الحسن بن صالح.

الثالثة : لما سمح الله (عزّ وجلّ) بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الإكراه ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم؛ وبه جاء الأثر المشهور عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرِهوا عليه» الحديث. والخبر وإن لم يصح سنده فإن معناه

٢٣

صحيح باتفاق من العلماء؛ قاله القاضي أبو بكر بن العربيّ. وذكر أبو محمد عبد الحق أن إسناده صحيح، قال: وقد ذكره أبو بكر الأصيلي في الفوائد وابن المنذر في كتاب الإقناع.

الرابعة : أجمع أهل العلم على أن من أُكرِه على الكفر حتى خَشِيَ على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبُه مطمئن بالإيمان، ولا تَبِين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر»(1) .

وهكذا يتضح لنا أنّ القرآن الكريم قد تحدّث عن التقية وأوضح أنها للمكرَه، ولمن تلجئه الضرورة للدفاع عن النفس والمال والعرض، بعد أن نهى عن موالاة الكفّار وأعداء الإسلام وأخبر بقطع العلاقة بين الله سبحانه وبين مَنْ يوالي أعداءه.

____________________

(1) القرطبي / الجامع لأحكام القرآن 10: 119.

٢٤

وعندما عُرّض عمّار بن ياسر وبعض الصحابة إلى التعذيب والأذى اضطر إلى الاستجابة إلى أعداء الله والنطق بما أرادوا من الثناء على آلهتهم وذكر الرسول بسوء، فجاء وذكر ما حدث له للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقرّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على فعله، وقال له: فإن عادوا فعد.

وقد قرأنا ما ذكره المفسرون في سبب نزول الآية الكريمة:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) وعرفنا إقرار الرسول للتقية جرياً على إجازة القرآن الكريم لهذا الموقف الاضطراري.

وكما تحدّث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن التقية، وأقرّها للمكرَه والمضطر بشكل واضح وصريح، نجد عذراً ضمنياً باستعمال التقية للمكرَه والمضطر في حديث الرفع المشهور بين المسلمين جميعاً، فقد روي عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

٢٥

قوله: «رفع عن أُمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا اليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة»(1) .

وكما يثبّت هذا الحديث الشريف قاعدة عامة برفع المسؤولية عن المضطر والمكرَه نجد كذلك في قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا ضرر ولا ضرار»، حكماً في رفع الضرر عن النفس والمال والعرض، إذا كان الواقع يمكن رفعه بإظهار التوافق مع الوضع السياسي أو الفكري وأمثالهما، الذي يشكّل خطراً حقيقياً على النفس والمال والعرض ما زال القلب مطمئناً بالحق، وثابتاً على الإيمان والإخلاص لإرادة الله سبحانه.

____________________

(1) الشيخ الصدوق / الخصال: ص 417 « باب 9».

٢٦

وعلى أساس كتاب الله وسنُّة نبيه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله التزم أئمة أهل البيتعليهم‌السلام وفقهاؤهم بمبدأ التقية في المجال السياسي والفكري عندما أصابهم الظلم والاضطهاد والتقتيل والتعذيب والتشريد الذي أخبرهم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله: «إنا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدُنيا. وإنّ أهل بيتي سيلقونَ بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً...»(1) دفاعاً عن النفس، وحماية لذلك الكيان الفكري والسياسي الأصيل، الذي كان يقوده أئمة أهل البيتعليهم‌السلام كقوة معارضة للحكمين الأموي والعباسي، اللذين عُرفا بالعداء والتنكيل بأئمة أهل البيت وأتباعهم وفكرهم المعبّر عن الوعي الأصيل، والفهم العميق، والموقف الرافض لتسلّط الحاكم الظالم، وقد أوضح علماء أهل البيت مجال

____________________

(1) سنن ابن ماجة 2: 1366 / ح 4082.

٢٧

انطباق التقية وتوظيفها.

روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : «التقية في كلّ ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به»(1) .

وروي عنه قولهعليه‌السلام : «إنما جُعِلَتْ التقية ليُحقَنَ بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية»(2) .

وروي عنه قولهعليه‌السلام : «التقية في كلّ شيء يضطر إليه ابن آدم، فقد أحلّه الله له»(3) .

وهكذا يوضح الإمام الباقرعليه‌السلام أن التقية هي موقف دفاعي في حالة الضرورة والاضطرار وحفظ النفس.

فالتقية كما اتضح لنا ليست من اجتهاد الفكر

____________________

(1) الكليني / الاُصول من الكافي 2: 219.

(2) المصدر السابق: ص 220.

(3) المصدر السابق.

٢٨

الشيعي، إنما هي نص إسلامي نطق به القرآن، وأقرّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومارسه الصحابة وأوضحه المفسّرون من مختلف الاتجاهات والآراء كما قرأنا آنفاً؛ لرفع الضرر ومعالجة الضرورة، ولحقن الدماء، كما أوضح الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ذلك.

وتأسيساً على هذا المبدأ أقتى فقهاء الإمامية بوجوب التقية، فللمسلم أن يُبْطِنَ الحق من عقيدة وموقف سياسي وقناعة تشريعية وعبادية ويظهر خلافها دفاعاً عن النفس والمال والعرض، كما أجاز له القرآن والسنّة ذلك.

قال الشيخ الطوسي: «والتقية - عندنا - واجبة عند الخوف على النفس، وقد روي رخصة في جواز الإفصاح بالحق عندها»(1) .

____________________

(1) الطوسي / التبيان في تفسير القرآن 2: 435.

٢٩

وعرَّف الشيخ المفيد التقية بقوله: «التقية: كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا، وفرض ذلك إذا علم بالضرورة، أو قوي في الظن، فمتى لم يعلم ضرراً بإظهار الحق، ولا قوي في الظن ذلك، لم يجب فرض التقية، وقد أمر الصادقونعليهم‌السلام جماعة من أشياعهم بالكف والإمساك عن إظهار الحق والمباطنة والستر له عن أعداء الدين والمظاهرة لهم بما يزيل الريب عنهم في خلافهم وكان ذلك هو الأصلح لهم، وأمروا طائفة اُخرى من شيعتهم بمكالمة الخصوم ومظاهرتهم ودعائهم إلى الحق لعلمهم بأنّه لا ضرر عليهم في ذلك، والتقيّة تجب بحسب ما ذكرناه ويسقط فرضها في مواضع اُخرى على ما قدّمناه»(1) .

____________________

(1) الشيخ المفيد / شرح عقائد الصدوق: ص 241.

٣٠

٣١

لماذا التقية

٣٢

ونستطيع أن نتفهم ظروف التقية السياسية والفكرية إذا فهمنا محنة أئمة أهل البيتعليهم‌السلام وأتباعهم في العهدين الأموي والعباسي، بسبب معارضتهم الفكرية والسياسية للظلم السياسي والعبث بأموال الأُمة وانحراف الحكّام والولاة عن السلوكية الإسلامية.

فقد نقل المؤرخون صوراً مروّعة من سياسة البطش والإرهاب والقتل والسجن، ابتداءً من عهد معاوية بن أبي سفيان الذي قتل عدداً من أتباع الإمام علي وولديه الحسن والحسينعليهم‌السلام

٣٣

أمثال الصحابي الجليل حجر بن عدي الذي وصفه الحاكم في المستدرك بقوله: «إنه راهب أصحاب محمد»(1) ، وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن شداد الشيباني وعمرو بن الحمق الخزاعي ورشيد الهجري وعبد الله بن يحيى الحضرمي وعبد الرحمن بن حسّان العنزي وعشرات أمثالهم.

وحين ولي السلطة ابنه يزيد أقدم على أفدح جريمة في تاريخ الإسلام ضد أهل بيت النبوة وصحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله) والتابعين لهم بإحسان، حيث جرت مذبحة كربلاء المروّعة التي قتل فيها الإمام الحسين بن علي وسبعة عشر رجلاً من أهل بيته، وستون من أصحابه، وهم كل الذين كانوا برفقته، ثمّ ديس جسد الحسين الطاهر بحوافر

____________________

(1) الحاكم / المستدرك على الصحيحين 3: 468.

٣٤

الخيل تشفيّاً وانتقاماً... تلك المذبحة التي لم يقف فيها العدوان عند حدّ قتل المقاتلين، وسلب أموالهم، بل ذبح الأطفال ومنعوا شرب الماء، وأُحرقت خيام آل محمد، وسيقت نساؤهم سبابا من العراق إلى الشام وحُملت رؤوس الشهداء إلى دمشق الشام على رؤوس الأعواد والرماح.

وحين امتد الصراع بين طلائع المسلمين والمعارضين للحزب الأموي وانتفضت مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على سلطة يزيد بقيادة عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، بعد شهادة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام فزحف الجيش الأموي على المدينة في واقعة الحرّة فسفك الدماء، وانتهك الحرمات، وهتك الأعراض، ونهب الأموال.

وقد نقل ابن قتيبة الدينوري صورة من تلك المأساة بقوله: «وذكروا أنه قُتل يوم الحرّة من

٣٥

أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمانون رجلاً، ولم يبق بدريّ بعد ذلك، ومن قريش والأنصار سبعمائة، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف، وكانت الوقعة في ذي الحجة لثلاث بقين منها، سنة ثلاث وستين»(1) .

ويستمر الحزب الأموي في الإرهاب وسفك الدماء على امتداد مراحل وجوده في السلطة، فيسجل لنا التاريخ حوادث اُخرى تحكي أبشع صور الإرهاب والاستخفاف بقيم الحق والعدل أيام عبد الملك بن مروان وقتله سعيد بن جبير. وقد جاء في كتاب عبد الملك بن مروان الذي ولّى فيه خالد بن عبد الله القسري:

«اما بعد: فاني وليت عليكم خالد بن عبد الله

____________________

(1) ابن قتيبة الدينوري / الإمامة والسياسة 1: 185.

٣٦

القسري، فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن أمرؤ على نفسه سبيلاً، فإنما هو القتل لا غير، وقد برئت الذمّة من رجل آوى سعيد بن جبير، والسلام، ثمّ التفت اليهم خالد، وقال: والذي نحلف به، ونحج إليه، لا أجده في دار أحد إلاّ قتلته، وهدمت داره، ودار كل من جاوره، واستبحت حرمته. وقد أجّلت لكم فيه ثلاثة أيام...»(1) .

ثمّ يلقى القبض على سعيد بن جبير الذي كان من طلائع الموالين لآل البيت النبوي، ويُسلّم إلى الحجاج السّفاح الشهير في تاريخ الإسلام الذي قتل عشرات الآلاف من معارضي السلطة فيقتله.

وتستمر سياسة التعسف والاضطهاد لجماهير الأُمّة وطلائع المعارضة العلوية وتتراكم المحن

____________________

(1) المصدر السابق 2: 42.

٣٧

وممارسة الإرهاب، فينطلق زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بثورته سنة (121 هجري) ويقتل في نفر من أصحابه في خلافة هشام بن عبد الملك فيحرق جسده الطاهر ويذرّ في الفرات والبساتين، ويرتد أَثَرُ هذه الثورة على أخيه الإمام الباقر محمد بن علي وولده الصادقعليهم‌السلام فتفرض الرقابة عليهما ويسلط الإرهاب والملاحقة لتطويق حركتهما السياسة والفكرية في تلك المرحلة.

وقد حفظ لنا التاريخ نصاً لأحد قادة المعارضة الموالية لأهل البيت يصوّر عمق المأساة والكوارث التي حلّت بالحزب العلوي وبأتباع آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد خاطب هذا الرجل أصحابه يدعوهم إلى الثبات والاستمرار على حمل راية المعارضة والموالاة لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً: «إنكم كنتم تُقتلون، وتقطع أيديكم وأرجلكم،

٣٨

وتُسمّل أعينكم، وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم، وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم»(1) .

وفي العهد العباسي لاقى أئمة أهل البيتعليهم‌السلام وأتباعهم ألوان المآسي والقتل والتشريد الذي تصاغر أمامه الإرهاب الأموي.

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يوضع تحت المراقبة والرصد والملاحقة وتحصى عليه أنفاسه.

وفي عهد الإمام موسى بن جعفر، الكاظمعليهما‌السلام تضطر الممارسات السلطوية والإرهاب العباسي - ضد آل البيت وأتباعهم - الحسين بن علي بن الحسن فينطلق في ناحية فخ في ثورة عارمة عام (168 هجري) ضد الحاكم العباسي موسى الهادي، وتحلّ

____________________

(1) تاريخ الطبري 7: 104 حوادث سنة 65.

٣٩

الفاجعة بآل البيت النبوي، ويُقتل الحسين الثائر ويقتل معه نفر من أصحابه، فيصف الإمام محمد الجواد هذه المأساة بقوله، «لم يكن لنا بعد الطف(1) مصرع أعظم من فخ»(2) .

ثمّ يُزج الإمام موسى بن جعفر في سجون الرشيد الرهيبة سنين عديدة، حتى يستشهد في سجن السندي بن شاهك مدير شرطة الرشيد مسموماً معذباً في الخامس والعشرين من شهر رجب عام (183 هجري).

ولم تقف معاناة أئمة أهل البيت وأتباعهم من الحكّام العباسيين عند هذا الحدّ، بل تستمر بأشد صورها فيلاقي الإمامان علي الهادي وولده الحسن

____________________

(1) الطف: هو اسم من أسماء أرض كربلاء التي قُتل فيها الإمام السبط الحسين بن عليعليه‌السلام .

(2) العّلامة المجلسي / بحار الأنوار 48: 165.

٤٠