تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري0%

تفسير الإمام العسكري مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 684

تفسير الإمام العسكري

مؤلف: الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام
تصنيف:

الصفحات: 684
المشاهدات: 201768
تحميل: 37636

توضيحات:

تفسير الإمام العسكري
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 684 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201768 / تحميل: 37636
الحجم الحجم الحجم
تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري

مؤلف:
العربية

تفسير الإمام العسكري

الإمام أبي محمد الحسن بن علي

العسكريعليهم‌السلام

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

التقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها القارئ الكريم بحمد الله وتوفيقه أنجزنا تحقيق هذا الكتاب، باعتباره من الكتب المنسوبة إلى تراث أهل البيتعليهم‌السلام وأحد مصادر الجوامع الكبيرة المعتمدة في عصرنا. وكان التحقيق إعداديا حسب وسعنا الحاضر تسهيلا على الباحثين للخوض في غماره، والكشف عن حاله، فنحن لا ندعي تقييما معينا " لهذا الكتاب، وكل ما في الامر هو أمانة كان لابد لنا من حفظها وأدائها إلى أهلها. فالاراء بصدده متباينة ما بين قادح ومادح، وثالث يتأرجح بينهما، وعلمنا إن هو إلا عمل الغواص الباحث بين لجج البحر المظلم عن اللئالئ والدرر. وهل هناك ظلمة أعتم من تلك التي لفت تراث المسلمين عامة، والشيعة خاصة بعد أن طالته يد الجهل والخبث عبر العصور المختلفة، فعمدوا إلى اختلاق أحاديث ودس أقوال، وتشويه معالم، وتزييف حقائق، والنيل من كل من فاه بحقيقة، ورام نشرها وبعثها. نعم أيها السادة، لقد أخافتهم الحقائق، وكبر عليهم التاريخ، فأودعوه في ظلمات لايعرف لها قرار وما وصل إلينا عن أسلافنا الصالحين عصفت به رياح الوضع والافتراء، والتدليس والغلو إلا ما صححه لنا علماؤنا المتقدمون. وإزاء كل هذه العراقيل تسربت من هنا وهناك، عبر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام قطرات من يم علومهم، ونزر يسير من تراث أجلة أصحابهم، وغيض من فيض ما دون من شجي كلامهم، وعذب منطقهم، وبهي ألفاظهم وجميل معاشرتهم، وحسن سيرتهمعليهم‌السلام وهم مسجونين أو ملاحقين تترقبهم عيون المتجبرين المعاندين. وكأنهمعليهم‌السلام أدركوا ما سيؤول إليه أمر أخبارهم وسننهم فصنعوا لنا ميزانا دقيقا " متوجا " بقانون إلهي، من تمسك به نجا، ومن مال عنه هلك(١) . فلازم علماؤنا هذا المنهج القويم في تحقيق اصول الدين ومعارفه وفروعه، متمسكين بالآية المحكمة والسنة المتبعة، والاصول المتعمدة المقترنة بالقرائن المعتبرة. ووقفوا عند الشبهات، ناظرين قوله تعالى(ولاتقف ما ليس لك به علم)(٢) و(إن الظن لايغني من الحق شيئا)(٢) ، وقد ذكرنا في بعض مواطن البحث والاشكال بيانات وإيضاحا "، مع صفح جميل عن ذكر من أشكل عليه.

____________________

(١) راجع العوالم: ٣ / ٥٣٨ باب علل اختلاف الاخبار.

(٢) الاسراء: ٣٦.

(٣) النجم: ٢٨.

(*)

٣

التعريف بنسخ الكتاب:

١ - نسخة " س ": وهي النسخة المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي - دام ظله الوارف - بقم المقدسة، المرقمة " ١٠٥٦ " كتبت بخط النسخ، عليها تصحيحات في الحواشي، وتقع في " ١٨٨ " ورقة، والاوراق السبعة الاولى، والاحدى وعشرين الاخيرة منها حديثة الخط ويبدأ السند فيها هكذا: قال الشيخ أبوالفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسني الجرجاني، عن السيد أبي جعفر مهتدي بن الحارث الحسيني المرعشي، عن الشيخ الصدوق أبي عبدالله جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويهرحمه‌الله .

قال: أخبرنا أبوالحسن محمد بن القاسم الاسترابادي الخطيبرحمه‌الله .. وفي ص ١٥٦ ما لفظه: " تم الجزء الاول من تفسير الامام.. في يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة ست وثمانين وثمانمائة هجرية على يد..بابا حاجي بن سعد الدين حاجي..

" ٢ - نسخة " ص ": وهي النسخة المحفوظة في نفس الخزانة السابقة، برقم " ٣٧٦٤ " كتبت بخط النسخ الجميل الواضح، وعليها تصحيحات في حواشيها، يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر، وتقع في " ٢٨٣ " ورقة، في الصفحة الاولى منها نص رسالة وقف هذه النسخة - وغيرها - على كافة طلبة علوم الدين من شيعة علي وأولاده الائمة المعصومينعليهم‌السلام " وكان ذلك في يوم النوروز " وهو يوم السبت الثالث عشر من شهر جمادى الاولى من شهور سنة ١٢٣٣ وأنا الفقير إلى الله الغني محمد بن عبدالصمد الحسيني(رضوان الله عليه) ساكن دار العلم - شيراز - مولدا وموطنا والحمد لله أولا وآخرا ".

وعليها ختم بيضوي الشكل: " عبده محمد بن عبدالصمد الحسيني ".

٤

وتملك محمد نور الدين وختمه مربع الشكل: " المتوكل على الله عبده نور الدين محمد علي " وفي الصفحة ما قبل الاخيرة منها بلاغ بخط الشيخ أحمد بن صالح البحراني(١) كتبه في ضحى يوم الثلاثاء رابع شهر جمادى الاولى سنة " ١١١٠ " في جهرم وجدير بالذكر أن سند هذه النسخة هو عينه سند النسخة السابقة " س "

٣ - نسخة " و ": وهي النسخة المحفوظة في مكتبة حجة الاسلام والمسلمين السيد طيب المفتي، أحد أحفاد السيد نعمة الله الجزائري -رحمه‌الله - كتبت بخط النسخ وعليها في حواشيها تصحيحات وشروح لبعض كلماتها باللغتين: العربية والفارسية وتقع في " ٥٣٥ " صفحة، وفي آخرها: "...وقد استنسخته من نسخة صحيحة معتبرة، كان الفراغ من كتابتها في العشر الثالث من جمادى الاولى سنة خمس وستين وألف، وكان قد قابلها بعض إخواننا من الصلحاء الاتقياء مع نسخة عتيقة، قديمة، مصححة، كانت مكتوبة في سنة ثمان وثمانمائة وقد قوبل ذلك الكتاب في ذلك الزمان مع كتاب الشيخ الفقيه النبيه الموحد المسدد الشيخ أحمد الكركي العاملي في عصره.

وكان قد قابلها أيضا " مع نسخة أخرى كانت دون منه(كذا) في الصحة، واخفض منه(كذا) في الاستقامة، على ما ذكره صاحب الكتاب رحمة الله عليه بخطه فيه.

وأنا العبد الذليل الحقير المسكين المحتاج إلى مغفرة غافر العباد محمد طاهر بن محمد جواد..وكان الفراغ من كتابته وتسويده بتوفيق الله وتسديده في يوم الاحد، الحادي والعشرين من شهر جمادى الاولى من شهور سنة اثنين وخمسين ومائتين بعد الالف من الهجرة..."

____________________

(١) وهو الشيخ العالم الفاضل أحمد بن الشيخ صالح بن حاجى(أو ابن أحمد) ابن على ابن عبدالحسين بن شيبة الدرازى البحرانى الجهرمى، ولدسنة ١٠٧٥، وتوفى في صفر سنة ١١٢٤ في قرية دراز من قرى البحرين، وكان مستوطنا في بلدة جهرم من توابع شيراز تجد ترجمته في أعيان الشيعة: ٢ / ٦٠٥ فهرست علماء البحرين: ٩٣، أنوار البدريين : ١٣١، لؤلؤة البحرين: ٧١.

٥

وامتازت هذه النسخة بذكر سندي شاذان بن جبريل والدقاق

٤ - نسخة " د ": وهي النسخة المحفوظة في خزانة مخطوطات المكتبة المركزية في جامعة طهران، كتبت بخط النسخ الردئ، وعليها في حواشيها تصحيحات، وآثار مقابلة، وشروح لبعض مفردات الكتاب باللغتين: العربية والفارسية، مع ذكر ثلة من عناوين المطالب.

وتقع في " ١٥٢ " ورقة، في الورقة الاولى فوائد باللغة الفارسية.

وفي الثانية عنوان الكتاب هكذا: " هذا كتاب تفسير الامام أبي محمد الحسن ابن علي صاحب العسكر صلوات الله عليه، صاحبه ومالكه علي بن شرف الدين بن علي كياء الحسني الركابي ".

وكتبت تحت قوله " الركابي " بخط دقيق: " هو جدي من قبل الامرحمه‌الله ".

وفي ورقة نهاية التفسير في الحاشية السفلى سطور مائلة، مقصوصة أواخرها، مفادها بيان مقابلة الكتاب مرة ثانية مع كتاب باب حاجي، ويبدو من بقايا السطور أنه قابل أو أستنسخ نسخته من نسخة الشيخ أحمد الكركي، المذكور في نسختي " ط، و ".

وتم استساخها في عصر يوم الجمعة أواسط جمادى الاولى سنة ثمان وثمانمائة هجرية، على يد علي بن شرف الدين بن علي كياء الحسيني الركابي.وامتازت أيضا " بذكر سندي الدقاق وشاذان بن جبريل.

٥ - نسخة " ق ": وهي النسخة المحفوظة في خزانة مخطوطات المكتبة المركزية العامة في مدينة مشهد المقدسة، برقم " ١٢٤٩ " كتبت بخط النسخ، وفي حواشيها تصحيحات وشروح لبعض كلماتها باللغتين: العربية والفارسية، وتقع في " ٢٨٨ " ورقة، في الصفحات الاربعة الاولى مقاطع من خطبة البيان المنسوبة للامام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وبعضا " من قصار كلماته، ثم نص رسالة وقف الكتاب للمكتبة الرضوية المقدسة، الواقف هو " أمير جبرئيل " وتاريخ الوقف هو سنة " ١٠٣٧ ه‍ "، وفي الصفحة ٥ / ب فوائد ونصوص وتواريخ تملك وأختام كثيرة، وكذا في صفحة نهاية الكتاب وفيها بخط آخر عبارة بلغة فارسية ضعيفة، يفهم منها أن كاتب الكتاب هو الشيخ

٦

أبوالدين جعر(جعفر.ظ) ابن محمد بن علي بن الحسن، في يوم السبت التاسع من شهر(جمادى.ظ) سنة ٩٩٢.

٦ - نسخة " أ ": وهي النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله السيد مصطفى الخوانساري، كتبت بخط النسخ.وعليها في حواشيها تصحيحات وشروح لبعض كلماتها باللغتين: العربية والفارسية. وتقع في " ٣٤٨ " صفحة، تم استنساخها في الحادي والعشرين من شهر ذي الحجة سنة تسعين بعد الالف من الهجرة النبوية.وقمنا بمقابلة الكتاب أيضا على نسختين مطبوعتين على الحجر: الاولى: " ب " وهي المطبوعة في طهران، في زمان سلطنة ناصر الدين شاه قاجار في سنة ١٢٦٨، عن نسخة الحاج يوسف بن إبراهيم الكخوري المازندراني التي قابلها مع نسخة الشيخ الفقيه " أحمد الكركي "(ره) المار ذكره في نسختي " د، و " وامتازت هذه النسخة أيضا بذكر سندي الدقاق، وشاذان بن جبريل، كما واثبتت في حواشيها عناوين لمطاب الكتاب، أثبتناها في نسختنا المحققة هذه بين معقوفتين.الثانية: " ط " وهي المطبوعة في تبريز، في زمان سلطنة مظفر الدين شاه قاجار في سنة ١٣١٥، في حواشي تفسير علي بن إبراهيم القمي واثبت فيها سند الدقاق فقط.وجدير بالذكر أن هناك نسخة ثالثة مطبوعة على الحجر في سنة ١٣١٣، كما أشار إلى ذلك في الذريعة: ٤ - ٢٨٥.وأخيرا كان علينا أن نوجه شكرنا الجزيل للفاضل " محسن بيدارفر " الذي تفضل علينا بصور نسختي " د، ق " حيث كان في نيته طبع الكتاب على هاتين النسختين، فآثر على نفسه وقدمهما إلى مؤسستنا " مؤسسة الامام المهديعليه‌السلام " ليكون التحقيق أكمل وأوسع.

منهج التحقيق

بعد استنساخ الكتاب ومقابلته مع نسخه وبعض المصادر والجوامع الحديثية الناقلة عنه، إتبعنا طريقة التلفيق بين النسخ وهذه المصادر والجوامع، لاثبات نص صحيح سليم للكتاب، مشيرين في الهامش إلى الاختلافات اللفظية الضرورية ومن ثم أشرنا في نهاية كل حديث إلى مصادره واتحاداته.

كما وقمنا بشرح بعض الالفاظ اللغوية الصعبة نسبيا " شرحا مبسطا موجزا، مع إثبات ترجمة موجزة لبعض الاعلام الواردة في الكتاب، خاصة تلك التي أثيرت حولها الشبهات، وكذا الحال بالنسبة لاسماء القبائل والاقوام والفرق والاماكن والبقاع والحروب والغزوات.علما " أن كل ما بين المعقوفين بدون إشارة فهو من أحد النسخ المتقدمة الذكر، إلا ما اشير إليه، ووضعنا الاختلافات اللفظية الطويلة نسبيا "، أو التي تبهم الاشارة إليها في الهامش، بين قوسين.

٧

شكر وتقدير

رب إني عاجز، كيف أحمدك وأشكرك؟ رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاتر ضاه، رب فلك الحمد والشكر كما أنت أهله، وكما حمدت به نفسك، وحمدك به أولياؤك، إذ وفقتني لخدمة تراث أهل بيتكعليهم‌السلام وشددت عضدي بثلة خيرة وطاقات خلاقة في مؤسسة الامام المهدي، عجل الله تعالى فرجه الشريف، فلهم مني كل شكر وتقدير، سيما الاخوة الافاضل: أمجد عبدالملك، شاكر شبع، نجم عبد، فارس حسون، فلاح الشريفي، سائلا الباري عزوجل أن يعم خيره للجميع، وللقارئين الكرام، إنه مجيب وبعباده رؤوف رحيم. قم المقدسة - مدرسة الامام المهدى السيد محمد باقر نجل / المرتضى الموحد الابطحى الاصفهانى(*) الصفحه الاولي من نسخة " و ". (*) الصفحة الاخيرة من نسخة " و ".

(*) عنوان الكتاب في نسخة " ق ". (*) الصفحة الاولى والاخيرة من نسخة " ق ".

(*) الصفحة الاولى والاخيرة من نسخة " د ". (*) الصفحة الاولى والاخيرة من نسخة " أ ".

(* *) السند في النسخ: " ب، د، س، ص، و ": قال الشيخ أبوالفضل شاذان بن جبريل بن إسماعيل القمي(١) أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسيني الجرجاني(٢) .

عن السيد أبي جعفر مهدي بن الحارث الحسيني المرعشي(٣) . عن الشيخ الصدوق أبي عبدالله جعفر بن محمد الدوريستي(٤) . عن أبيه(٥) .

عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي..

____________________

(١) مؤلف كتابى " الفضائل " و " ازاحة العلة في معرفة القبلة " قرأ عليه السيد فخار بن معد في واسط سنة ٥٩٣ ه‍.

الثقات العيون: ١٢٨.

(٢) ذكر رواية شاذان عنه في فرحة الغرى: ١٣٤، وفيه " سراهنك " وفى " س ": الحسنى.

(٣) كان عالما فاضلا فقيها ورعا، يروى عن الشيخ أبى على بن محمد بن الحسن الطوسى عن أبيه.

وروى عن جعفر الدوريستى، عن أبيه، عن الشيخ الصدوق، كما في احتجاج الطبرسى وغيره.

رياض العلماء: ٥ / ٢٢١ وفيه " بن أبى الحرب " بدل " الحارث " فلعلها كنيته والله أعلم.

كما أن في بعض النسخ " مهتدى " بدل " مهدى ".

(٤) الشيخ الثقة العدل، قرأ على الشيخ المفيد والشريف المرتضى، له مؤلفات منها " الكفاية " و " عمل اليوم والليلة " كان حيا سنة ٤٧٣.

النابس: ٤٣، رياض العلماء: ١ / ١١٠، روضات الجنات: ٢ / ١٧٤.

(٥) الفقيه العالم الفاضل محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستى ممن روى عن الصدوق.

رياض العلماء: ٥ / ٢٦

٨

(* *) السند في النسخ: " أ، ب، د، ط، ق، و ": قال محمد بن علي بن محمد بن جعفر بن الدقاق(١) : حدثنى الشيخان الفقيهان: أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان وأبومحمد جعفر بن أحمد بن علي القميرحمه‌الله ، قالا(٢) : حدثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القميرحمه‌الله (٣) .

قال: أخبرنا أبوالحسن محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي الخطيبرحمه‌الله (٤) .

قال: حدثني أبويعقوب يوسف بن محمد بن زياد.

وأبوالحسن علي بن محمد بن سيار * * * وأما البحث حول السند والكتاب فقد اكتفينا بما ذكرناه في التقديم، وبرسالة وضعناها في آخر الكتاب

____________________

(١) في بعض النسخ " رفاق ".

(٢) هذان الفقيهان، والشيخ محمد بن العباس الدوريستى المذكور في السند الاول يروون عن الشيخ الصدوق(ره).

(٣) ولدقدس‌سره بدعاء صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ووصفه في التوقيع الخارج من الناحية المقدسة بأنه: فقيه، خير.

مبارك، ينفع الله به، وكانت ولادته بعد وفاة محمد ابن عثمان العمرى الذى توفى سنة " ٣٠٥ " وأوائل سفارة الحسين بن روح.

وتوفى في الرى سنة " ٣٨١ " وقبره ظاهر معروف يزار ويتبرك به.

(٤) روى عنه الشيخ الصدوق في ما يقارب الخمسين موضعا من مصنفاته، نصفها من تفسير العسكرى، ونصفها الاخر روى فيها عن أحمد بن الحسن الحسينى عن الامام العسكرىعليه‌السلام .

وفى أربعة موارد روى عن محمد بن يزيد المنقرى وفى مورد واحد روى عن عبدالملك بن أحمد بن هارون.

وسيأتى تفصيل ترجمته.

٩

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله [ الطاهرين ] وسلم تسليما كثيرا.

[ أما بعد ] قال محمد بن على بن محمد بن جعفر بن دقاق: حدثني الشيخان الفقيهان: أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان وأبومحمد جعفر بن أحمد بن علي القمي(ره) قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي(ره) قال: أخبرنا أبوالحسن محمد بن القاسم المفسر الاستراباذي الخطيب(ره) قال: حدثني أبويعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبوالحسن علي بن محمد بن سيار(١) - وكانا من الشيعة الامامية - قالا: كان أبوانا إماميين، وكانت الزيدية هم الغالبون بأستراباذ(٢) ، وكنا في إمارة الحسن بن زيد(٣) العلوي الملقب بالداعي إلى الحق إمام الزيدية، وكان

____________________

(١) " سنان " أ، " يسار " ب خ ل.

(٢) استراباذ - بالذال المعجمة -: بلدة مشهورة من أعمال طبرستان، بين سارية وجرجان(مراصد الاطلاع: ١ / ٧٠).

(٣) محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن شاذان: تناولنا ترجمته بشئ من التفصيل في مقدمة كتاب " مائة منقبة "، فراجع.

والشيخ الجليل الثقة أبومحمد جعفر بن أحمد بن على القمى الايلاقى نزيل الرى وفى بعض النسخ " ابن على بن أحمد " والاول هو الصحيح، مصنف كتاب جامع الاحاديث ونوادر الاثر والغايات، وغيرها.

(*)

١٠

كثير الاصغاء إليهم، يقتل الناس بسعاياتهم، فخشينا على أنفسنا، فخرجنا بأهلينا إلى حضرة الامام أبي محمد الحسن بن علي بن محمد أبي القائمعليهم‌السلام ، فأنزلنا عيالاتنا في بعض الخانات، ثم استأذنا على الامام الحسن بن عليعليهما‌السلام فلما رآنا قال: مرحبا بالآوين إلينا، الملتجئين إلى كنفنا، قد تقبل الله تعالى سعيكما، وآمن روعكما وكفا كما أعداء كما، فانصرفا آمنين على أنفسكما وأموالكما.

فعجبنا من قوله ذلك لنا، مع أنا لم نشك في صدق مقاله.

فقلنا: فماذا تأمرنا أيها الامام أن نصنع في طريقنا إلى أن ننتهي إلى بلد خرجنا من هناك، وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا، وطلب سلطان البلد لنا حثيث ووعيده إيانا شديد؟ ! فقالعليه‌السلام : خلفا علي ولديكما هذين لافيدهما العلم الذي يشر فهما الله تعالى به، ثم لا تحفلا بالسعاة، ولابو عيد المسعى إليه، فان الله عزوجل(يقصم السعاة)(١) ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند من قد هربتم منه.

قال أبويعقوب وأبوالحسن: فاتمرا لما أمرا، و [ قد ] خرجا وخلفانا هناك، وكنا نختلف إليه، فيتلقانا ببر الآباء وذوي الارحام الماسة.

____________________

ذكره الشيخ الطوسى في من لم يرو عن الائمةعليهم‌السلام ، ويروى عن الشيخ الصدوقرحمه‌الله .

تجد ترجمته في رجال ابن داود، وفى خاتمة المستدرك.

ومحمد بن القاسم المفسر الاسترابادى، المعروف بأبى الحسن الجرجانى المفسر.

روى عنه الصدوق مترضيا عليه ومترحما في الفقيه والعيون ومعانى الاخبار.

رجال السيد الخوئى: ١٧ / ١٧٢.

والحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل(حالب الحجارة) بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالبعليه‌السلام صاحب طبرستان ظهر بها في سنة " ٢٥٠ " ومات بطبرستان مملكا عليها سنة " ٢٧٠ "(الفهرست للنديم: ٢٤٤) سير أعلام النبلاء: ١٣ / ١٣٦، الكامل لابن الاثير: ٧ / ١٣٤ وص ٤٠٧، وله ترجمة في عمدة الطالب، تاريخ الطبرى، أعيان الشيعة..

(١) " يقصمهم ": ب، ط.

(*)

١١

فقال لنا ذات يوم: إذا أتاكما خبر كفاية الله عزوجل أبويكما وإخزائه أعداء‌هما وصدق وعدي إياهما، جعلت من شكر الله عزوجل أن أفيد كما تفسير القرآن مشتملا على بعض أخبار آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيعظم الله تعالى بذلك شأنكما.

قالا: ففرحنا وقلنا: يابن رسول الله فاذا نأتي(على جميع)(١) علوم القرآن ومعانيه؟ قالعليه‌السلام : كلا، إن الصادقعليه‌السلام علم - ما أريد أن أعلمكما - بعض أصحابه ففرح بذلك، وقال: يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جمعت علم القرآن كله؟ فقالعليه‌السلام : قد جمعت خيرا كثيرا، وأوتيت فضلا واسعا، لكنه مع ذلك أقل قليل [ من ] أجزاء علم القرآن، إن الله عزوجل يقول: " قل لو كان البحر مدادا لكمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا "(٢) ويقول: " ولو أنما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله "(٣) وهذا علم القرآن ومعانيه، وما أودع من عجائبه، فكم(٤) ترى مقدار ما أخذته من جميع هذا [ القرآن ] ولكن القدر الذي أخذته، قد فضلك الله تعالى به على كل من لا يعلم كعلمك، ولا يفهم كفهمك.

قالا: فلم نبرح من عنده حتى جاء‌نا فيج(٥) قاصد من عند أبوينا بكتاب يذكر فيه أن الحسن بن زيد العلوي قتل رجلا بسعاية أولئك الزيدية، واستصفى ماله

____________________

(١) " بجميع " ب، ط.

(٢) الكهف: ١٠٩

(٣) لقمان: ٢٧.

(٤) " فكيف " خ ل.

(٥) " أ " فتح.

والفيج: فارسى معرب، والجمع: فيوج، وهو الذى يسعى على رجليه، وفى الحديث: هوالمسرع في مشيه الذى يحمل الاخبار من بلد إلى بلد(لسان العرب: ٢ / ٣٥٠).

(*)

١٢

ثم أتته(١) الكتب من النواحي والاقطار المشتملة على خطوط الزيدية بالعدل(٢) الشديد، والتوبيخ العظيم يذكر فيها أن ذلك المقتول كان من أفضل زيدي على ظهر الارض، وأن السعاة قصدوه لفضله وثروته.

فتنكر(٣) لهم، وأمر بقطع آنافهم وآذانهم، وأن بعضهم قد مثل به لذلك(٤) وآخرين قد هربوا.

وأن العلوي ندم واستغفر، وتصدق بالاموال الجليلة بعد أن رد أموال ذلك المقتول على ورثته، وبذل لهم أضعاف دية [ وليهم ](٥) المقتول واستحلهم.

فقالوا: أما الدية فقد أحللناك منها، وأما الدم فلس إلينا إنما هو إلى المقتول، والله الحاكم.

وأن العلوي نذر لله عزوجل أن لا يعرض للناس في مذاهبهم.

وفى كتاب أبويهما: أن الداعي إلى الحق الحسن بن زيد " قد أرسل إلينا ببعض ثقاته بكتابه وخاتمه وأمانه، وضمن لنا رد أموالنا وجبر النقص الذي لحقنا فيها وأنا صائران إلى البلد، ومتنجزان ما وعدنا.

فقال الامامعليه‌السلام : إن وعد الله حق. فلما كان اليوم العاشر جاء‌نا كتاب أبوينا: أن(٦) الداعي إلى الحق قد وفى لنا بجميع عداته، وأمرنا بملازمة الامام العظيم البركة، الصادق الوعد. فلما سمع الامامعليه‌السلام [ بهذا ] قال: هذا حين إنجازي ما وعدتكما من تفسير القرآن، ثم قالعليه‌السلام [ قد ] وظفت لكما كل يوم شيئا منه تكتبانه، فالزماني وواظبا علي يوفر الله تعالى من السعادة(٧) حظوظكما.

فأول ما أملى علينا أحاديث في فضل القرآن وأهله، ثم أملى علينا التفسير بعد ذلك، فكتبنا في مدة مقامنا عنده، وذلك سبع سنين، نكتب في كل يوم منه مقدار ما

____________________

(١) " اتيت " أ.

(٢) العذل: اللوم.

(٣) في الاصل: فشكر. وهو تصحيف.

(٤) " كذلك " أ.

(٥) من " ب، ط ".

(٦) " بأن " ب، ط.

(٧) " العبادة " أ.

(*)

١٣

ننشط(١) له.

فكان أول ما أملى علينا وكتبناه [ قال الامامعليه‌السلام : ] [ فضل القرآن ]

١ - حدثني أبي علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه الباقر محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي سيد المستشهدين عن أبيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وخليفة رسول رب العالمين، وفاروق الامة، وباب مدينة الحكمة، ووصي رسول الرحمة " علي بن أبي طالب " صلوات الله عليهم عن رسول رب العالمين، وسيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين والمخصوص بأشرف الشفاعات في يوم الدينصلى‌الله‌عليه‌وآله أجمعين قال: حملة القرآن المخصوصون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلمون(٢) كلام الله، المقربون عند(٣) الله، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله ويدفع(٤) الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا، وعن قارئه بلوى الآخرة.

والذى نفس محمد بيده، لسامع آية من كتاب الله عزوجل - وهو معتقد أن المورد له عن الله تعالى: محمد، الصادق في كل أقواله، الحكيم في كل أفعاله المودع ما أودعه الله تعالى: من علومه أمير المؤمنين علياعليه‌السلام ، المعتقد للانقياد له فيما يأمر ويرسم - أعظم أجرا من ثبير(٥) ذهب يتصدق به من لا يعتقد هذه الامور بل [ تكون ] صدقته وبالا عليه.

____________________

(١) " ينشط " ب، ط.

(٢) " المعلنون " خ ل.

(٣) من الوسائل، وفى الاصل: من.

(٤) " برفع " ب، ط.

(٥) هو جبل بين مكة ومنى." صرة " ب، ط.

(*)

١٤

ولقارى آية من كتاب الله - معتقدا لهذ ه الامور - أفضل مما دون العرش إلى أسفل التخوم(١) يكون لمن لا يعتقد هذا الاعتقاد، فيتصدق به، بل ذلك كله وبال على هذا المتصدق به.

ثم قال: أتدرون متي يتوفر على هذا المستمع وهذا القارئ هذه المثوبات العظيمات؟ إذا لم يغل في القرآن [ إنه كلام مجيد ] ولم يجف عنه، ولم يستأكل به ولم يراء به.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالقرآن فانه الشفاء النافع، والدواء المبارك [ و ] عصمة لمن تمسك به،ونجاة لمن (١) تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيشعب(٢) ولا تنقضي(٣) عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد.

[ و ] اتلوه فان الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: " الم " عشر، ولكن أقول " الالف " عشر، و " اللام " عشر، و " الميم " عشر.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدرون من المتمسك الذي(بتمسكه ينال)(٤) هذا الشرف العظيم؟ هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت، أو عن وسائطنا السفراء عنا إلى شيعتنا، لاعن آراء المجادلين وقياس القائسين.

فاما من قال في القرآن برأيه، فان اتفق له مصادفة صواب، فقد جهل في أخذه عن غير أهله، وكان كمن سلك طريقا مسبعا(٥) من غير حفاظ يحفظونه فان اتفقت له السلامة، فهو لا يعدم من العقلاء والفضلاء الذم [ والعذل ] والتوبيخ وإن اتفق له افتراس السبع [ له ] فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيرين الفاضلين وعند العوام الجاهلين.

____________________

(١) التخم: منتهى كل قرية أو أرض.(لسان العرب: ٢ ١ / ٦٤).

(٢) " فيستعتب " ب، ط، البحار." شعب عنه ": فارقه.

(٣) " تحصى " خ ل.

(٤) " له بتمسكه " أ.

(٥) أى كثير السباع.

(*)

١٥

وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار، وكان مثله كمثل من ركب بحرا هائجا بلا ملاح، ولا سفينة صحيحة، لا يسمع بهلاكه أحد إلا قال: هو أهل لما لحقه، ومستحق لما أصابه.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنعم الله عزوجل على عبد بعد الايمان بالله أفضل من العلم بكتاب الله والمعرفة بتأويله.

ومن جعل الله له في ذلك حظا، ثم ظن أن أحدا - لم يفعل به ما فعل به - قد فضل عليه فقد حقر(نعم الله)(١) عليه.(٢) [ فضل العالم بتأويل القرآن والعالم برحمته ].

٢ - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى: " يا أيها الناس قد جاء‌تكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "(٣) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " فضل الله عزوجل " القرآن والعلم بتأويله " ورحمته " توفيقه لموالاة محمد وآله الطيبين، ومعاداة أعدائهم.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون، وهو ثمن الجنة ونعيمها، فانه يكتسب بها رضوان الله تعالى الذي هو أفضل من الجنة ويستحق بها الكون بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة.[ و ] إن محمدا وآله الطيبين أشرف زينة في(٤) الجنان.

____________________

(١) " نعمة الله " أ.

(٢) عنه البحار: ٩٢ / ١٨٢ صدر ح ١٨، وفى الوسائل: ١٨ / ١٩ ح ٨ وص ١٤٨ ح ٦٣ قطعة والبحار: ١ / ٢١٧ ح ٣٤ وح ٣٥(قطعة).

(٣) يونس: ٥٧ - ٥٨.

(٤) " أشرف زينة " أ، " في أشرف رتبة " البحار.

(*)

١٦

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالاتنا أهل البيت والتبري من أعدائنا أقواما، فيجعلهم(١) في الخير قادة، تقص(٢) آثارهم، وترمق(٣) أعمالهم ويقتدى بفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم(٤) ، وفي صلواتها [ تبارك عليهم، و ] تستغفر لهم [ حتى ] كل رطب ويابس [ يستغفر لهم ] حتى حيتان البحر وهو امه [ سباع الطير ] وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها(٥)

آداب قراء‌ة القرآن

٣ - ثم قال الحسن أبومحمد الامامعليه‌السلام : أما قوله الذي ندبك [ الله ] إليه، وأمرك به عند قراء‌ة القرآن: " أعوذ بالله [ السميع العليم ] من الشيطان الرجيم " فان أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إن قوله: " أعوذ بالله " أي أمتنع بالله، " السميع " لمقال الاخيار والاشرار ولكل المسموعات من الاعلان والاسرار " العليم " بأفعال الابرار والفجار، وبكل شئ مما كان ومايكون [ ومالا يكون ] أن لو كان كيف كان يكون(٦) " من الشيطان الرجيم "(والشيطان) هو البعيد من كل خير " الرجيم " المرجوم باللعن، المطرود من بقاع الخير والاستعاذة هي [ م‍ ] ما قد أمر الله به عباده عند قراء‌تهم القرآن، فقال: " فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون "(٧)

____________________

(١) " ليجعلهم " أ.

(٢) " وأئمة في الخير تقتص " ب، ط، يقال: قصصت الشئ اذا تتبعت أثره، شيئا بعد شئ ومنه قوله تعالى " وقالت لاخته قصيه " أى اتبعى أثره.لسان العرب: ٧ / ٧٤.

(٣) " ارضى " أ.

(٤) " تمسهم "، أ.

(٥) عنه البحار: ٩٢ / ١٨٢ ذيل ح ١٨.

(٦) " أن يكون " ط، " يكون " البحار.

(٧) النحل: ٩٨ - ١٠٠.

(*)

١٧

ومن تأدب بأدب الله عزوجل أداه إلى الفلاج الدائم، ومن استوصى بوصية الله كان(١) له خير الدراين(٢) .

سد الابواب عن المسجد دون باب علىعليه‌السلام

٤ - ألا انبئكم ببعض أخبارنا؟ قالوا: بلى يابن أمير المؤمنين.

قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما بنى مسجده بالمدينة وأشرع فيه بابه، وأشرع المهاجرون والانصار(أبوابهم) أراد الله عزوجل إبانة محمد وآله الافضلين بالفضيلة، فنزل جبرئيلعليه‌السلام عن الله تعالى بأن سدوا الابواب عن مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن ينزل بكم العذاب.

فأول من بعث إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأمره بسد الابواب العباس بن عبدالمطلب فقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله، وكان الرسول معاذ بن جبل. ثم مر العباس بفاطمةعليها‌السلام فرآها قاعدة على بابها، وقد أقعدت الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقال لها: ما بالك قاعدة؟ انظروا إليها كأنها لبوة(٣) بين يديها جرواها(٤) تظن أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج عمه، ويدخل ابن عمه. فمر بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها: ما بالك قاعدة؟ قالت: أنتظر أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسد الابواب. فقال لها: إن الله تعالى أمرهم بسد الابواب، واستثنى منهم رسوله [ إنما ] أنتم نفس رسول الله ثم إن عمر بن الخطاب جاء فقال: إني أحب النظر إليك يا رسول الله إذا مررت إلى مصلاك، فاذن لي في فرجة(٥) أنظر إليك منها؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد أبي الله عزوجل ذلك.

قال: فمقدار ما أضع عليه وجهي.

قال: قد أبى الله ذلك.

قال: فمقدار ما أضع [ عليه ] إحدى عيني.

قال: قد أبى الله ذلك، ولو

____________________

(١) " فان " أ.

(٢) عنه البحار: ٩٢ / ٢١٤ ح ١٣، وج ٨٥ / ١٠ ح ١(إلى نهاية الاية).

(٣، ٤) اللبوة: " انثى الاسد، والجرو: ولد الاسد.

(٥) " كوة " أ، " خوخة " البحار.

وهما بمعنى.

(*)

١٨

قلت: قدر طرف إبرة لم آذن لك، والذي نفسي(١) بيده ما أنا أخرجتكم ولا أدخلتهم، ولكن الله أدخلهم وأخرجكم.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ينبغي لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت في هذا المسجد جنبا إلا محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والمنتجبون من آلهم، الطيبون من أولادهم.

قالعليه‌السلام : فأما المؤمنون فقد رضوا وسلموا، وأما المنافقون فاغتاظوا لذلك وأنفوا، ومشى بعضهم إلى بعض يقولون [ فيما بينهم ]: ألا ترون محمدا لا يزال يخص بالفضائل ابن عمه ليخرجنا منها صفرا؟ والله لئن أنفذنا له في حياته لنأبين(٢) عليه بعد وفاته ! وجعل عبدالله بن أبي يصغي إلى مقالتهم، ويغضب تارة، ويسكن أخرى ويقول لهم: إن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله لمتأله، فاياكم ومكاشفته، فان من كاشف المتأله انقلب خاسئا حسيرا، وينغص عليه عيشه وإن الفطن اللبيب من تجرع على الغصة لينتهز الفرصة.

فبيناهم كذلك إذ طلع [ علهيم ] رجل من المؤمنين يقال له زيد بن أرقم، فقال لهم: يا أعداء الله أبالله تكذبون، وعلى رسوله تطعنون ودينه(٣) تكيدون؟ والله لاخبرن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكم.

فقال عبدالله بن أبي والجماعة: والله لئن أخبرته بنا لنكذ بنك، ولنحلفن [ له ] فانه إذا يصد قنا، ثم والله لنقيمن عليك من يشهد عليك عنده بما يوجب قتلك أو قطعك أو حدك.

[ قالعليه‌السلام : ] فأتى زيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأسر إليه ما كان من عبدالله بن أبي وأصحابه فأنزل الله عزوجل:

____________________

(١) " نفس محمد " ب، ط.

(٢) " لنتأبين " البحار.من الاباء:: أي الامتناع.

(٣) " والله ودينه " البحار.

(*)

١٩

(ولا تطع الكافرين)(١) المجاهرين(٢) لك يا محمد فيما دعوتهم إليه من الايمان بالله، والموالاة لك ولاوليائك والمعاداة لاعدائك.

(والمنافقين) الذين يطيعونك في الظاهر، ويخالفونك في الباطن(ودع أذاهم) بما يكون منهم من القول السئ فيك وفي ذويك(وتوكل على الله) في إتمام أمرك وإقامة حجتك.

فان المؤمن هو الظاهر [ بالحجة ] وإن غلب في الدنيا، لان العاقبة له لان غرض المؤمنين في كدحهم في الدنيا إنما هو الوصول إلى نعيم الابد في الجنة، وذلك حاصل لك ولآلك ولاصحابك وشيعتهم.(٣) ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يلتفت إلى ما بلغه عنهم، وأمر زيدا(٤) فقال [ له ]: إن أردت أن لا يصيبك(٥) شرهم ولا ينالك مكرهم فقل إذا أصبحت: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فان الله يعيذك من(٦) شرهم، فانهم شياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.

وإذا أردت أن يؤمنك بعد ذلك من الغرق والحرق والسرق(٧) فقل إذا أصبحت: " بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله " بسم الله " ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله " بسم الله " ما شاء الله، ما يكون من نعمة فمن الله، " بسم الله " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " بسم الله " ما شاء الله [ و ] صلى الله على محمد وآله الطيبين ".

فان من قالها ثلاثا إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والسرق حتى يمسي.

ومن قالها ثلاثا إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والسرق حتى يصبح

____________________

(١) الاحزاب: ٤٨.

(٢) " المجاهدين " خ ل.

(٣) " شيعتك " ط.

(٤) " الرجل زيدا " أ، والبحار.

(٥) " ولا يبذء‌ك " أ.بذأت الرجل بذاء‌ا: رأيت منه حالا كرهتها.

(٦) " يقيك " ب، ط، خ ل.

(٧) " الشرق " خ ل.وهو الغصة بالريق أو الماء.

(*)

٢٠