تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري0%

تفسير الإمام العسكري مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 684

تفسير الإمام العسكري

مؤلف: الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام
تصنيف:

الصفحات: 684
المشاهدات: 203387
تحميل: 37830

توضيحات:

تفسير الإمام العسكري
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 684 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 203387 / تحميل: 37830
الحجم الحجم الحجم
تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري

مؤلف:
العربية

ولاهم لنا معاندون؟ قال: فيعطى الواحد [ منهم ] من الدراهم(١) مادون الدرهم، ومن الخبز مادون الرغيف.

استحباب صيانة العرض بالمال

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم كل معروف بعد ذلك، وما وقيتم به أعراضكم وصنتموها عن ألسنة كلاب الناس، كالشعراء الوقاعين(٢) في الاعراض، تكفونهم فهو محسوب لكم في الصدقات(٣) .

والوقاع: الذى يغتاب الناس. ويقع في فلان: أى يذمه ويعيبه ويغتابه.

فضل اعانة المجاهدين

٤١ - وسئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن النفقة في الجهاد إذا لزم أو استحب؟ فقال: أما إذا لزم الجهاد بأن لا يكون بازاء الكافرين من ينوب عن سائر المسلمين فالنفقة هناك: الدرهم بسبعمائة ألف. فأما المستحب الذي هو قصد [ ه ] الرجل، وقد ناب عنه من سبقه(٤) واستغنى عنه فالدرهم بسبعمائة حسنة، كل حسنة خير من الدنيا ومافيها مائة ألف مرة(٥) .

ثواب القرض

٤٢ - وأما القرض، فقرض درهم كصدقة درهمين، سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: هو الصدقة على الاغنياء(٦)

____________________

(١) " الدرهم " أ.

(٢) من خ ل." والوقاعين " أ، " الواقعين " ب، ط.

(٣) عنه الوسائل: ٦ / ١٥٧ ح ٦، والبحار: ٩٦ / ٦٨ ح ٤٠، ومستدرك الوسائل: ٢ / ٦٤٤ ح ١(قطعة).

(٤) " سبعة " ب، ط، والبحار، وهو تصحيف.

(٥) عنه البحار: ١٠٠ / ٥٧ ح ١، ومستدرك الوسائل: ٢ / ٢٤٥ ح ٤٦.

(٦) عنه البحار: ١٠٣ / ١٤٠ ح ١٣، وفيه: سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: هو على الاغنياء.

(*)

٨١

ثواب نصر الضعفاء والمظلومين

٤٣ - وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ أنه ] قال: من قاد ضريرا أربعين خطوة على أرض سهلة، لا خوف عليه [ فيها ]، أعطي بكل خطوة قصرا في الجنة مسيرة ألف سنة [ في ألف سنة ] لا يفي بقدر إبرة منها جميع(١) طلاع الارض ذهبا.

فان كان فيما قاده مهلكة جوزه عنها، وجد ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة أوسع من الدنيا مائة ألف مرة، ورجح بسيئاته كلها ومحقها، وأقر [ له ](٢) في أعالي الجنان وغرفها(٣) وما من رجل رأى ملهوفا في طريق بمركوب له قد سقط، وهو يستغيث ولا يغاث فأغاثه وحمله على مركوبه، وسوى له إلا قال الله عزوجل: كددت نفسك، وبذلت جهدك في إغاثة أخيك [ هذا المؤمن ]، لاكدن ملائكة هم أكثر عددا من خلائق الانس كلهم من أول الدهر إلى آخره، وأعظم قوة كل واحد منهم ممن يسهل عليه حمل السماوات والارضين ليبنوا لك القصور والمساكن و [ ل‍ ] يرفعوا لك الدرجات، فاذا أنت في جناتي(٤) كأحد ملوكها الفاضلين.

ومن دفع عن مظلوم قصد بظلم ضررا في ماله أو بدنه، خلق الله عزوجل من حروف أقواله، وحركات أفعاله، وسكونها، أملاكا بعدد كل حرف منها [ مائة ] ألف ملك كل ملك منهم يقصدون الشياطين الذين يأتون لاغوائه فيشجونهم(٥) ضربا بالاحجار الدامغة(٦)

____________________

(١) " من جميعه " ب، س، ط، والبحار.وطلاع الارض: ملؤها حتى يطالع أعلاها فيساويه.

(٢) " وأنزله " البحار، ص.

(٣) عنه البحار: ٧٥ / ١٥ ح ٨.

(٤) " الجنان " ط." جنانى " س، ص، خ ل والبحار.

(٥) " فيثخنونهم " س، ص، البحار.

والشج في الرأس خاصة: وهو أن تضربه بشئ فتجرحه فيه وتشقه، ثم استعمل في غيره من الاعضاء.

(٦) " الدافعة " ب، ط، والبحار.وشجة دامغة: تبلغ الدماغ.

(*)

٨٢

وأوجب الله عزوجل بكل ذرة ضرر دفع عنه، وبأقل قليل جزء ألم الضرر(١) الذي كف عنه مائة ألف من خدام(٢) الجنان، ومثلهم من الحور العين الحسان يدللونه هناك ويشرفونه ويقولون: هذا بدفعك عن فلان ضررا في ماله أو بدنه(٣) .

رد غيبة المؤمن

ومن حضر مجلسا وقد حضر فيه كلب يفترس عرض أخيه الغائب(٤) واتسع جاهه فاستخف به، ورد عليه، وذب عن عرض أخيه الغائب، قيض الله الملائكة المجتمعين عند البيت المعمور لحجهم، وهم شطر ملائكة السماوات، وملائكة الكرسي والعرش، وملائكة(٥) الحجب، فأحسن كل واحد منهم بين يدي الله تعالى محضره، يمدحونه ويقربونه(٦) ويسألون الله تعالى له الرفعة والجلالة. فيقول الله تعالى: أما أنا فقد أوجبت له بعدد كل واحد من ما دحيكم مثل عدد جميعكم من درجات(٧) [ و ] قصور، وجنان، وبساتين، وأشجار، وما شئت، مما لا يحيط به المخلوقون(٨)

____________________

(١) " الضرب " ب.

(٢) " خزان " ب، ط.

(٣) عنه البحار: ٧٥ / ٢٢ ح ٢٨.

(٤) " أو(و) اخوانه " ب، ص، ط والبحار.

(٥) " وهم شطر ملائكة " ب، س، ط، والبحار.

(٦) " يفرطونه " أ." يقرظونه " س، ص.وزاد في البحار والمستدرك: ويقرظونه.

قرظه: مدحه.وفرطه - بالراء المشددة - مدحه أو هجاه حتى تجاوز الحد.

(٧) كذا في خ ل المستدرك.

وفيه وفى الاصل والبحار: الدرجات، وفى بعض النسخ: الدرجات قصور.

قال الراغب الاصفهانى في المفردات: ١٦٧: الدرجة يعبر بها عن المنزلة الرفيعة.

وهنا ليس المراد بها المعنى المعنوى وانما منازل الجنة ودرجاتها الرفيعة وهى حسية.

(٨) عنه البحار: ٧٥ / ٢٥٨ ح ٥١، ومستدرك الوسائل: ٢ / ١٠٨ باب ١٣٦ ح ٣.

(*)

٨٣

عبادة علىعليه‌السلام

٤٤ - ولقد أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وقد غص مجلسه بأهله، فقال: أيكم أنفق اليوم من ماله ابتغاء وجه الله تعالى؟ فسكتوا.

فقال على صلوات الله عليه: أنا خرجت ومعي دينار أريد أن أشتري به دقيقا، فرأيت المقداد بن الاسود، وتبينت في وجهه أثر الجوع، فناولته الدينار.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وجبت(١) ثم قام [ رجل ] آخر فقال: يا رسول الله قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي جهزت رجلا وامرأة يريدان طريقا ولا نفقة لهما، فأعطيتهما ألفي(٢) درهم.

فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقالوا: يا رسول الله مالك قلت لعلي: " وجبت "، ولم تقل لهذا وهو أكثر صدقة؟ ! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما رأيتم ملكا يهدي خادم‍ [ - ه ] إليه هدية خفيفة، فيحسن موقعها عنده، ويرفع محل صاحبها، ويحمل إليه من عند(٣) خادم آخر هدية عظيمة فيردها، ويستخف بباعثها؟ قالوا: بلى.

قال: فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله سادا خلة فقير مؤمن، وصاحبكم الآخر أعطى ما أعطى(نظيرا له، معاندة علي أخي)(٤) رسول الله، يريد به العلو على علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فأحبط الله تعالى عمله، وصيره وبالا عليه.

أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا و [ وفضة ] ولؤلؤا لم يزدد(٥) بذلك من رحمة الله تعالى إلا بعدا، وإلى سخط الله تعالى إلا قربا، وفيه ولوجا واقتحاما(٦)

____________________

(١) أى فعلت فعلا وجبت لك به الجنة.وقال المجلسى -رحمه‌الله - أى لك الرحمة والجنة.

(٢) " الف " البحار.

(٣) " عنده " أ.

(٤) " معاندة لاخى " البحار.

(٥) " يجد " أ.

(٦) عنه البحار: ٤١ / ١٨ صدر ح ١٢.

(*)

٨٤

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأيكم دفع اليوم عن أخيه المؤمن بقوته [ ضروا ](١) ؟ فقال علىعليه‌السلام : أنا مررت في طريق كذا، فرأيت فقيرا من فقراء المؤمنين قد تناوله أسد، فوضعه تحته وقعد عليه، والرجل يستغيث بي من تحته، فناديت الاسد: خل عن المؤمن.

فلم يخل، فتقدمت إليه فركلته برجلي [ فدخلت رجلي ] في جنبه الايمن وخرجت من جنبه الايسر، وخر الاسد صريعا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وجبت، هكذا يفعل الله بكل من آذى لك وليا، يسلط الله عليه في الآخرة سكاكين النار وسيوفها، يبعج(٢) بها بطنه ويحشى نارا، ثم يعاد خلقا جديدا أبد الآبدين ودهر الداهرين.(٣) ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأيكم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن؟ فقال عليعليه‌السلام : أنا.

قال: صنعت ماذا؟ قال: مررت بعمار بن ياسر وقد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهما كانت له عليه فقال عمار: يا أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا يلازمني ولا يريد إلا أذاي وإذلالي لمحبتي لكم أهل البيت، فخلصني منه بجاهك.فأردت أن اكلم له اليهودي.

فقال: يا أخا رسول الله إنك أجل في قلبي وعيني من أن أبذلك(٤) لهذا الكافر ولكن اشفع لي إلى من لا يردك عن طلبة، ولو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها(٥) كأطراف السفرة [ لفعل ](٦) فاسأله أن يعينني على أداء دينه، ويغنيني عن الاستدانة.

فقلت: اللهم افعل ذلك به، ثم قلت له: اضرب بيدك إلى ما بين يديك من شئ

____________________

(١) الضرو - بالكسر -: الضارى من أولاد الكلاب.

(٢) أى يشق.

(٣) عنه البحار: ٤١ / ١٩ ضمن ح ١٢.

(٤) " أذلك ".أ.بذل الثوب: لبسه وقت الشغل وامتهنه.

(٥) " يسيرها ".ب، ط.تصحيف.

(٦) من البحار.وفى " س " الشفرة بدل " السفرة ".

(*)

٨٥

" حجر(١) أو مدر " فان الله يقلبه لك ذهبا إبريزا(٢) فضرب يده، فتناول حجرا فيه أمنان(٣) فتحول في يده ذهبا.

ثم أقبل على اليهودي فقال: وكم دينك؟ قال: ثلاثون درهما.

فقال: كم قيمتها من الذهب؟ قال: ثلاثة دنانير.

قال عمار: اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر ذهبا، لين لي هذا الذهب لافصل قدر حقه.

فألانه الله عزوجل له، ففصل له ثلاثة مثاقيل، وأعطاه.

ثم جعل ينظر إليه وقال: اللهم إني سمعتك تقول(كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى)(٤) ولا أريد غنى يطغيني.

اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا.

فعاد حجرا فرماه من يده، وقال: " حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك يا أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ] فتعجبت ملائكة السماوات والارض من فعله،(٥) وعجت(٦) إلى الله تعالى بالثناء عليه، فصلوات الله من فوق عرشه تتوالى عليه.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فابشر يا أبا اليقظان فانك أخو علي في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته ومن المقتولين في محبته، تقتلك الفئة الباغية، وآخر زادك من الدنيا ضياح(٧) من لبن

____________________

(١) " بحجر " أ.

(٢) أى خالصا.

(٣) " منان " أ.والمن: رطلان والرطل: تسعون(احدى وتسعون) مثقالا.(مجمع البحرين: رطل، منن).

(٤) العلق: ٦.

(٥) " قبله " البحار: ٢٢." قيله " أ، ص " قلبه " ب، ط.

(٦) عج: صاح ورفع صوته.

(٧) " صياع " أ." صاع " البحار.

والضياح: اللبن الرقيق الكثير الماء.

(*)

٨٦

وتلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين، فأنت من خيار شيعتي.(١) ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأيكم أدى زكاته اليوم؟ قال عليعليه‌السلام : أنا يا رسول الله.

فأسر المنافقون في اخريات(٢) المجلس بعضهم إلى بعض يقولون: وأي مال لعليعليه‌السلام حتى يؤدي منه الزكاة؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أتدري ما يسره هؤلاء المنافقون في أخريات المجلس؟ قال عليعليه‌السلام : بلى، قد أوصل الله تعالى إلى ااذني مقالتهم، يقولون: وأي مال لعليعليه‌السلام حتى يؤدى زكاته؟ كل مال يغتنم من يومنا هذا إلى يوم القيامة فلي خمسه بعد وفاتك يا رسول الله وحكمي على الذي منه لك في حياتك جائز، فاني نفسك وأنت نفسي.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك [ هو ] يا علي، ولكن كيف أديت زكاة ذلك؟ فقال علىعليه‌السلام : يا رسول الله علمت بتعريف الله إياي(٣) على لسانك أن نبوتك هذه سيكون بعدها ملك عضوض، وجبرية(٤) فيستولى على خمسي من السبي(٥) والغنائم فيبيعونه، فلا يحل لمشتريه، لان نصيبي فيه، فقد وهبت نصيبي فيه(٦) لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي، لتحل لهم من منافعهم من مأكل ومشرب، ولتطيب مواليدهم، ولا يكون

____________________

(١) عنه البحار: ٢٢ / ٣٣٣ ح ٤٨، وج ٤١ / ١٩ ضمن ح ١٢.

(٢) " آخر باب " أ، وكذا التى بعدها.

(٣) " اياك " أ.وفى الوسائل بلفظ: قد علمت يا رسول الله أنه سيكون بعدك..

(٤) " وجير " أ.

قال ابن الاثير في النهاية: ٣ / ٢٥٣: وفيه " ثم يكون ملك عضوض " أى يصيب الرعية فيه عسف وظلم كأنهم يعضون فيه عضا.والعضوض من أبنية المبالغة.

وقال في ج ١ / ٢٣٦: " ثم يكون ملك وجبروت " أى عتو وقهر.

يقال: جبار بين - بالباء المشددة - الجبرية والجبروت.

(٥) " الفى " أ.

(٦) " منه " ب، ط.

(*)

٨٧

أولادهم أولاد حرام.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تصدق أحد أفضل من صدقتك(١) وقد تبعك رسول الله في فعلك: أحل لشيعته كل ما كان فيه من غنيمته، وبيع من نصيبه(٢) على واحد من شيعته ولا احله أنا ولا أنت لغيرهم.(٣) ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأيكم دفع اليوم عن عرض أخيه المؤمن؟ قال عليعليه‌السلام : أنما يا رسول، مررت بعبدالله [ بن أبي ] وهو يتناول عرض زيد ابن حارثة فقلت له: اسكت لعنك الله، فما تنظر إليه إلا كنظرك إلى الشمس، ولا تتحدث عنه إلا كتحدث أهل الدنيا عن الجنة، فان الله قد زادك لعائن إلى لعائن بوقيعتك فيه.

فخجل واغتاظ، فقال: يا أبا الحسن، إنما(٤) كنت في قولي مازحا.

فقلت له: إن كنت جادا فأنا جاد، وإن كنت هازلا فأنا هازل.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد لعنه الله عزوجل عند لعنك له، ولعنته ملائكة السماوات والارضين والحجب والكرسي والعرش، إن الله تعالى يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك، ويعفو عند عفوك، ويسطو عند سطوتك.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدري ماذا سمعت في الملا الاعلى فيك ليلة اسري بي يا علي؟ سمعتهم يقسمون على الله تعالى بك، ويستقضونه حوائجهم، ويتقربون إلى الله تعالى بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله تعالى به الصلاة علي وعليك.

وسمعت خطيبهم في أعظم محافلهم وهو يقول: علي الحاوي لاصناف الخيرات المشتمل على أنواع المكرمات، الذي قد اجتمعت فيه من خصال الخير(ما قد تفرق)

____________________

(١) " صدقاتك " أ.

(٢) " مع نصيبه " س، ط.

(٣) عنه الوسائل: ٦ / ٣٨٥ ح ٢٠، والبحار: ٤١ / ٢٠ ضمن ح ١٢، وج ٩٦ / ١٩٣ ح ١٦.

(٤) " أنا " ب، ط.

(*)

٨٨

في غيره من البريات)(١) عليه من الله تعالى الصلوات والبركات والتحيات.

وسمعت الاملاك بحضرته، والاملاك في سائر السماوات والحجب والعرش والكرسي والجنة والنار يقولون بأجمعهم عند فراغ الخطيب من قوله(٢) : آمين اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلى آله الطيبين.(٣) قوله عزوجل: " والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون ":٤

٤٥ - قال الامامعليه‌السلام : ثم وصف بعد هؤلاء الذين يقيمون الصلاة فقال: " والذين يؤمنون بما انزل اليك - يا محمد -(٤) وما انزل من قبلك " على الانبياء الماضين، كالتوراة والانجيل والزبور، وصحف إبراهيم، وسائر كتب الله تعالى المنزلة على أنبيائه، بأنها حق وصدق من عند رب العالمين، العزيز، الصادق، الحكيم.

" وبالاخرة هم يوقنون ": وبالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون، [ و ] لا يشكون فيها(٥) أنها الدار التي فيها جزاء الاعمال الصالحة بأفضل مما عملوه، وعقاب الاعمال السيئة بمثل ما كسبوه.(٦)

في من دفع فضل علىعليه‌السلام

٤٦ - قال الامامعليه‌السلام : [ وقال الحسن بن عليعليهما‌السلام ](٧) : من دفع فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام على جميع من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كذب بالتوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة، فانه ما نزل شئ منها إلا وأهم ما فيه بعد الامر بتوحيد الله

____________________

(١) " ما يفرق في غيره من المزيات " أ.

(٢) " قولهم " ب، ط.

(٣) عنه البحار: ٤١ / ٢١ ذ ح ١٢.

(٤) " أى من القرآن والشريعة " البحار: ٦٧.

(٥) زاد في " أ ": وقالعليه‌السلام عنه تأويل الايات: ١ / ٣٣ صدر ح ٤، والبحار: ٦٧ / ١٨، وج ٦٨ / ٢٨٥ صدر ح ٤٣.

(٧) ليس في البحار.

(*)

٨٩

تعالى والاقرار بالنبوة: الاعتراف بولاية علي والطيبين من آلهعليه‌السلام (١) .

٤٧ - وقال الحسن(٢) بن علىعليهما‌السلام : إن دفع الزاهد العابد لفضل عليعليه‌السلام على الخلق كلهم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليصير كشعلة نار في يوم ريح عاصف، وتصير سائر أعمال الدافع لفضل عليعليه‌السلام كالحلفاء(٣) وإن امتلات منه(٤) الصحاري، واشتعلت فيها تلك النار وتخشاها تلك الريح حتى تأتي عليها كلها فلا تبقى(٥) لها باقية.

في من شك أن الحق لعليعليه‌السلام :

٤٨ - ولقد حضر رجل عند علي بن الحسينعليهما‌السلام فقال له: ما تقول في رجل يؤمن بما أنزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : وما أنزل [ على ] من قبله، ويؤمن بالاخرة، ويصلي ويزكي، ويصل الرحم، ويعمل الصالحات [و ] لكنه مع ذلك يقول: لا أدري الحق لعلي أو لفلان؟ فقال له علي بن الحسينعليهما‌السلام : ما تقول أنت في رجل يفعل هذه الخيرات كلها إلا أنه يقول: لا أدري النبي محمد أو مسيلمة؟ هل ينتفع بشئ من هذه الافعال؟ فقال: لا.

قال: فكذلك صاحبك هذا، [ ف‍ ] كيف يكون مؤمنا بهذه الكتب من لا يدري أمحمد النبي أم مسيلمة الكذاب؟ وكذلك كيف يكون مؤمنا بهذه الكتب [ وبالآخرة ] أو منتفعا(بشئ من أعماله)(٦) من لا يدري أعلي محق؟ أم فلان؟(٧) قوله عزوجل: " اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون ": ٥

____________________

(١) عنه تأويل الايات: ١ / ٣٣ ذ ح ٤، والبحار: ٦٨ / ٢٨٥ ضمن ح ٤٣

(٢) " الحسن " أ.

(٣) " على كل الخلفاء " ب، س، ط.

والحلفاء: نبت معروف، وقيل: قصب لم يدرك والحلفاء واحد يراد به الجمع.

(النهاية) : ١ / ٤٢(٦).

(٤) " منها " أ، ص.

(٥) " يبقى " أ.

(٦) " به " ب، ط.

(٧) عنه البحار: ٦٨ / ٢٨٥ ضمن ح ٤٣.

(*)

٩٠

٤٩ - قال الامامعليه‌السلام : ثم أخبر(عن جلالة)(١) هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات الشريفة، فقال: " اولئك " أهل هذه الصفات " على هدى " بيان(٢) وصواب " من ربهم " وعلم بما أمرهم به " اولئك هم المفلحون " الناجون مما منه يوجلون، الفائزون بما يؤملون(٣) .

٥٠ - قال: وجاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إن بلالا كان يناظر اليوم فلانا، فجعل [ بلال ] يلحن في كلامه، وفلان يعرب، ويضحك من بلال.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا عبدالله، إنما يراد إعراب الكلام وتقويمه لتقويم الاعمال وتهذيبها، ماذا ينفع فلانا إعرابه وتقويمه لكلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن؟ وما يضر بلالا لحنه في كلامه إذا كانت أفعاله مقومة أحسن تقويم، مهذبة أحسن تهذيب؟ قال الرجل: يا أمير المؤمين وكيف ذاك؟ قال: حسب(بلال) من التقويم لافعاله والتهذيب لها أنه لا يرى أحدا نظيرا لمحمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم لا يرى أحدا بعده نظيرا لعلي بن أبي طالب، وأنه يرى أن كل من عاند عليا فقد عاند الله ورسوله، ومن أطاعه فقد أطاع الله ورسوله.

وحسب فلان من الاعوجاج واللحن في أفعاله التي لا ينتفع معها باعرابه لكلامه بالعربية، وتقويمه للسانه أن يقدم الاعجاز على الصدور، والاستاه على الوجوه(٤) وأن يفضل الخل في الحلاوة على العسل، والحنظل في الطيب، والعذوبة على اللبن يقدم على ولي الله عدو الله الذي لا يناسبه في شئ من الخصال(٥) فضله.

____________________

(١) " عز جلاله بأن " البحار: ٦٧." الله جل جلاله عن " البحار ٦٨.

(٢) " والبيان " الاصل والتاويل." أى ببيان " البحار: ٦٧.

(٣) عنه تأويل الايات: ١ / ٣٤ ح ٥، والبحار: ٦٧ / ١٨، وج ٦٨ / ٢٨٦ ضمن ح ٤٣، وفيه: الفائزون بما به يؤمنون.

(٤) قال ابن منظور في لسان العرب: ١٣ / ٤٩٥: يقال لا راذل الناس: هؤلاء الاستاه ولا فاضلهم: هؤلاء الاعيان، والوجوه.

(٥) " خصاله " ب، ط.

(*)

٩١

هل هو إلا كمن قدم مسيلمة على محمد في النبوة والفضل؟ ماهو إلا من الذين قال الله تعالى: " قل هل ننبئكم بالاخرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "(١) .

(هل هو إلا من اخوان)(٢) أهل حرورا(٣) ؟(٤) قوله عزوجل: " ان الذين كفروا سواء عليهم ء‌أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ": ٦

٥١ - قال الامامعليه‌السلام : [ ف‍ ] لما ذكر [ الله ](٥) هؤلاء المؤمنين ومدحهم(٦) ، ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم، فقال:(إن الذين كفروا) بالله وبما آمن به هؤلاء المؤمنون بتوحيد الله تعالى، وبنبوة محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبوصيته علي ولي الله ووصي رسول الله، وبالائمة الطاهرين الطيبين خيار عباده الميامين، القوامين بمصالح خلق الله تعالى.

" سواء عليهم ء‌أنذرتهم " خوفتهم " أم لم تنذرهم " لم تخوفهم [ فهم ](لا يؤمنون) [ أخبر عن علمه فيهم، وهم الذين قد علم الله عزوجل أنهم لا يؤمنون ](٧)

____________________

(١) الكهف: ١٠٣ - ١٠٤.

(٢) " من اخوانه " أ.

(٣) حرورا: قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها، نزل بها الخوارج الذين خالفوا على بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم(معجم البلدان: ٢ / ٢٤(٥).

وأورد في مناقب ابن شهر اشوب: ٢ / ٣٦٨ عن ابن الطفيل: أن ابن الكواء سأل اميرالمؤمنينعليه‌السلام عن قوله تعالى " قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا." الاية فقالعليه‌السلام : انهم أهل حرورا.

(٤) أورد قطعة منه في تنبيه الخواطر: ٢ / ١٠١.

(٥) من البحار: ٩.

(٦) زاد في " ب، ط ": بتوحيد الله وبنبوة محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيه على ولى الله.

(٧) عنه تأويل الايات: ١ / ٣٤ ح ٦، وفيه " اخبر عن علم فيهم بأنهم لايؤمنون " والبحار: ٩ / ١٧٣ صدر ح ٢، وج ٦٨ / ٢٨٦ ذ ح ٤٣.

(*)

٩٢

معجزاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله

٥٢ - قال محمد بن على الباقرعليهما‌السلام : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما قدم المدينة، وظهرت آثار صدقه، وآيات حقه(١) ، وبينات نبوته، كادته اليهود أشد كيد، وقصدوه أقبح قصد يقصدون أنواره ليطمسوها، وحججه ليبطلوها.

فكان ممن قصده للرد عليه وتكذيبه: مالك بن الصيف(٢) وكعب بن الاشرف وحيي بن أخطب(٣) وجدي بن أخطب، [ وأبوياسر بن أخطب ] وأبولبابة بن عبدالمنذر(٤) وشعبة.

____________________

(١) " حقيقته " البحار.

(٢) " الضيف " ب، س، ط.

قال ابن هشام في السيرة النبوية: ٢ / ١٦١: ويقال: ابن ضيف.

وقال في ص ١٩٦ " قال ابن اسحاق: وقال مالك بن الصيف، حين بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وذكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق، وما عهد الله اليهم فيه -: والله ما عهد الينا في محمد عهد، وما أخذ له علينا من ميثاق.

فأنزل الله فيه " أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون " البقرة: ١٠٠.

(٣) كذا ورد اسمه في كتب التاريخ والسيرة.

وفى الاصل: حى بن الاخطب(أحطب).

وأيضا في الاصل: حدى يدل " جدى " وهو تصحيف.

قال ابن هشام في السيرة النبوية: ٢ / ١٠٦ " حيى بن أخطب وأخواه أبوياسر بن أخطب، وجدى بن أخطب " وهم من يهود بني النضير.

راجع السيرة النبوية ج ٢ وج ٣ وتاريخ اليعقوبى ج ٢ والكامل لابن الاثير ج ١٢ في عدة مواضع منه.

(٤) أبولبابة: هو ممن أسلم في بيعة العقبة، وهو أنصارى ومن أوسهم: وتحدثنا كتب التاريخ أن اسلامه كان ضعيفا: فقد استمر حليفا لليهود كما كان قبل الاسلام ناصحا لهم، وقصته في بنى قريظة مشهورة حيث كتبوا للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله " أن تبعث الينا أبا لبابة نستشيره " وذلك أثناء الحصار الذى فرضه عليهم في السنة الخمسة للهجرة، فأرسله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعدها صرح أبولبابة بلسانه قائلا " فما زالت قدماى حتى عرفت أنى خنت الله ورسوله ".

وروى ابن عباس أن قوله تعالى: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا واخر سيئا " التوبة: ١٠٢ نزلت فيه ونفر معه تخلفوا عن غزوة تبوك، أضف إلى ذلك أن الامامعليه‌السلام قال - فيما بعد -: " وكانت منه هنات وهنات " وبالتالى فلا غرابة لان يندرج اسم هذا " المسلم " المتحالف مع اليهود مع من تشاء، والحكم لله.

٩٣

فقال مالك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمد تزعم أنك رسول الله؟ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك قال الله خالق الخلق أجمعين.

قال: يا محمد لن نؤمن لك أنك رسول الله حتى يؤمن لك هذا البساط الذي تحتنا، ولن نشهد أنك(١) عن الله جئتنا حتى يشهد لك هذا البساط.

وقال أبولبابة بن عبدالمنذر: لن نؤمن لك يا محمد أنك رسول الله، ولا نشهد لك به حتى يؤمن ويشهد لك هذا السوط الذي في يدي.

وقال كعب بن الاشرف: لن نؤمن لك أنك رسول الله، ولن نصدقك به حتى يؤمن لك هذا الحمار(الذي أركبه)(٢) .

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه ليس للعباد الاقتراح على الله تعالى، بل عليهم التسليم لله والانقياد لامره(٣) والاكتفاء بما جعله كافيا.

أما كفاكم أن أنطق التوراة، والانجيل، والزبور، وصحف إبراهيم بنبوتي ودل على صدقي، وبين [ لكم ] فيها ذكر أخي ووصيي، وخليفتي، وخير من أتركه على الخلائق من بعدي علي بن أبي طالب وأنزل علي هذا القرآن الباهر للخلق أجمعين(٤) ، المعجز لهم عن أن يأتوا بمثله وأن يتكلفوا شبهه.

____________________

(١) " لك " أ.

(٢) " يعنى حماره الذى كان راكبه " أ، ص،." وأشار لحماره الذي كان راكبه " البحار.

(٣) " لاوامره " أ.

(٤) " أجمع " ب، ط.

(*)

٩٤

وأما هذا الذي اقترحتموه، فلست أ قترحه على ربي عزوجل، بل أقول إنما أعطاني(١) ربي تعالى من(دلالة هو)(٢) حسبي وحسبكم، فان فعل عزوجل ما اقترحتموه فذاك زائد في تطوله علينا وعليكم، وإن منعنا ذلك فلعلمه بأن الذي فعله كاف فيما أراده منا.

قال فلما فرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كلامه هذا أنطق الله البساط فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا [ حيا ] قيوما أبدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا وأشهد أنك - يا محمد - عبده ورسوله، أرسلك بالهدى(٣) ودين الحق ليظهرك(٤) على الدين كله ولو كره المشركون.

وأشهد أن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيك، وخليفتك في أمتك، وخير من تتركه(٥) على الخلائق بعدك، وأن من والاه فقد والاك، ومن عاداه فقد عاداك، ومن أطاعه فقد أطاعك، ومن عصاه فقد عصاك.وأن من أطاعك فقد أطاع الله، واستحق السعادة برضوانه.وأن من عصاك فقد عصى الله، واستحق أليم العذاب بنيرانه.

قال: فعجب القوم، وقال بعضهم لبعض: ما هذا إلا سحر مبين.

فاضطرب البساط وارتفع، ونكس مالك بن الصيف وأصحابه عنه حتى وقعوا على رؤوسهم ووجوههم.

ثم أنطق الله تعالى البساط ثانيا فقال: أنا بساط أنطقني الله وأكرمني بالنطق بتوحيده وتمجيده، والشهادة لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبيه بأنه سيد أنبيائه، ورسوله إلى خلقه، والقائم

____________________

(١) " أعطانيه " ب، ط والبحار.

(٢) " دلالته وهو " ب، ط

(٣) " بالصدق " أ.

(٤) " ليظهره " س.

(٥) كذا في البحار، وفى الاصل: تركته.

(*)

٩٥

بين عباد الله بحقه، و [ ب‍ ] امامة أخيه، ووصيه ووزيره، وشقيقه وخليله، وقاضي ديونه ومنجز عداته، وناصر أوليائه وقامع أعدائه، والانقياد لمن نصبه إماما ووليا، والبراء‌ة ممن اتخذه منابا أو عدوا.

فما(١) ينبغي لكافر أن يطأني، ولا [ أن ] يجلس علي إنما يجلس علي المؤمنون.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار: قوموا فاجلسوا عليه فانكم بجميع ما شهد به هذا البساط مؤمنون.فجلسوا عليه. ثم أنطق الله عزوجل سوط أبي لبابة بن عبدالمنذر فقال: أشهد أن لا إله إلا الله خالق الخلق، وباسط الرزق، ومدبر الامور، والقادر على كل شئ.

وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وحبيبه ووليه ونجيه جعلك السفير بينه وبين عباده، لينجي بك السعداء، ويهلك بك الاشقياء. وأشهد أن علي بن أبي طالب المذكور في الملا الاعلى بأنه سيد الخلق بعدك وأنه المقاتل على تنزيل كتابك ليسوق مخالفيه إلى قبوله طائعين وكارهين. ثم المقاتل بعد(٢) على تأويله المحرفين(٣) الذين غلبت أهواء‌هم عقولهم، فحرفوا تأويل كتاب الله تعالى وغيروه، والسابق(٤) إلى رضوان الله أولياء الله بفضل عطيته والقاذف(٥) في نيران الله أعداء الله بسيف نقمته، والمؤثرين لمعصيته ومخالفته.

قال: ثم انجذب(٦) السوط من يد أبي لبابة، وجذب أبا لبابة فخر لوجهه، ثم(٧) قام بعد فجذبه السوط فخر لوجهه، ثم لم يزل كذلك مرارا حتى قال أبولبابة: ويلي مالي؟ [ قال ]: فأنطق الله عزوجل السوط فقال: يا أبا لبابة إني سوط قد أنطقني الله بتوحيده وأكرمني بتمجيده، وشرفني بتصديق نبوة محمد سيد عبيده، وجعلني ممن يوالي(٨)

____________________

(١) " فلا " أ.

(٢) " بعده " البحار.

(٣) " المنحرفين " ب، ط والبحار.

(٤) " والسابق " أ.

(٥) " الصادف " خ ل.

(٦) " انحدر " ب، ط.

(٧) " ثم قام فخر لوجهه، ثم " س، ص.

(٨) كذا في البحار، وفى الاصل: اوالى.

(*)

٩٦

خير خلق الله بعده، وأفضل أولياء الله من الخلق حاشاه(١) والمخصوص بابنته سيدة النسوان، والمشرف ببيتوتته على فراشه أفضل الجهاد، والمذل لاعدائه بسيف الانتقام، والبيان(في أمته بعلوم)(٢) الحلال والحرام، والشرائع والاحكام، ما ينبغي لكافر مجاهر(٢) بالخلاف على محمد أن يبتذلني ويستعملني، ولا أزال أجذبك حتى أثخنك، ثم أقتلك، وأزول عن يدك، أو تظهر الايمان بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .(٤) فقال أبولبابة: فأشهد بجميع ما شهدت به أيها السوط وأعتقده، وأؤمن به.

فنطق السوط: ها أناذا قد تقررت في يدك، لاظهارك الايمان، والله أولى(٥) بسريرتك وهو الحاكم لك، أو عليك في يوم الوقت المعلوم. قالعليه‌السلام : ولم يحسن إسلامه وكانت منه هنات وهنات.

فلما قام القوم من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جعلت اليهود يسر بعضها إلى بعض بأن محمدا لمؤتى له(٦) ومبخوت في أمره، وليس بنبي صادق.

وجاء كعب بن الاشرف يركب حماره فشب به الحمار، وصرعه على رأسه فأوجعه، ثم عاد يركبه، فعاد عليه الحمار بمثل صنيعه، ثم عاد يركبه، فعاد عليه الحمار بمثل صنيعه، فلما كان في السابعة [ أ ] والثامنة أنطق الله تعالى الحمار، فقال: يا عبدالله بئس العبد أنت، شاهدت آيات الله وكفرت بها(٧) وأنا حمار قد أكرمني الله عزوجل بتوحيده فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالق الانام ذو الجلال والاكرام وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد أهل دار السلام(٨) مبعوث لاسعاد من سبق في علم الله سعادته، وإشقاء من سبق الكتاب عليه بالشقاء له(٩) .

____________________

(١) أى سواه، " أخيه " ب، ط.

(٢) " لامتهعليه‌السلام " أ.

(٣) " يجاهر " ص.

(٤) " وآله " ب، ط.

(٥) " أعلم " البحار.

(٦) " المتأله " أ.

(٧) " به " ب، ط.

(٨) أى الجنة.وفى " أ " الاسلام.

(٩) " بالشقاوة " البحار.

(*)

٩٧

وأشهد أن بعلي بن أبي طالب [ وليه ووصي رسوله ](١) يسعد الله من يسعده إذا وفقه لقبول موعظته، والتأدب بآدابه(٢) والائتمار لاوامره، والانزجار بز واجره وأن الله تعالى بسيوف سطوته وصولات نقمته يكب(٣) ويخزي أعداء محمد حتى يسوقهم بسيفه الباتر(٤) ودليله الواضح القاهر إلى الايمان به، أو يقذفه [ الله ] في الهاوية إذا أبى إلا تماديا في غيه وامتدادا في طغيانه وعمهه، ما(٥) ينبغي لكافر أن يركبني بل لا يركبني إلا مؤمن بالله، مصدق بمحمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في جميع أقواله مصوب له في جميع أفعاله فاعل(٦) أشرف الطاعات في نصبه أخاه عليا وصيا ووليا، ولعلمه وارثا، وبدينه قيما، وعلى امته مهيمنا، ولديونه قاضيا، ولعداته منجزا، ولاوليائه مواليا، ولاعدائه معاديا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا كعب بن الاشرف حمارك خير منك، وقد أبى أن تركبه [ فلن تركبه أبدا ] فبعه من بعض اخواننا المؤمنين.

[ ف‍ ] قال كعب: لا حاجة لي فيه بعد أن ضرب بسحرك.

فناداه حماره: يا عدو الله كف عن تهجم(٧) محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ والله ](٨) لولا كراهة مخالفة رسول الله لقتلتك، ووطيتك بحوافري، ولقطعت رأسك بأسناني.

فخزي وسكت، واشتد جزعه مما سمع من الحمار، ومع ذلك غلب عليه الشقاء واشترى الحمار منه ثابت بن قيس بمائة دينار(٩) - وكان يركبه، ويجئ(١٠) عليه إلى

____________________

(١) من البحار.

(٢) " بأدبه " أ، والبحار.

(٣) " يكبت " ب، ط، والبحار.وكلاهما بمعنى، أى يصرعه.

(٤) " الباهر " أ.

(٥) " لا " أ.

(٦) " وفى فعل " البحار.وفى " أ " بأشرف بدل " أشرف ".

(٧) " تجهم " البحار.

وجهم جهامة: صار عابس الوجه.

(٨) من البحار.

(٩) " درهم " البحار.

(١٠) " ويأتى " ب، ط.

(*)

٩٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو تحته هين، لين، ذليل، كريم، يقيه المتالف، ويرفق به في المسالك - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ثابت هذا لك وأنت مؤمن يرتفق بمرتفقين.(١) قال: فلما انصرف القوم من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يؤمنوا أنزل الله: يا محمد " إن الذين كفروا سواء عليهم [ في العظة ] ء‌أنذرتهم - وعظتهم وخوفتهم - أم لم تنذرهم لا يؤمنون " لا يصدقون بنبوتك، وهم قد شاهدوا هذه الآيات وكفروا، فكيف يؤمنون بك عند قولك وفعالك(٢) .(٣) قوله عزوجل: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ": ٧ ٥٣ - قال الامامعليه‌السلام : أي وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملائكته إذا نظر إليها بأنهم الذين لا يؤمنون، " وعلى سمعهم " كذلك بسمات.

(وعلى أبصارهم غشاوة) وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما كلفوه وقصروا فيما أريد منهم [ و ] جهلوا مالزمهم من الايمان به، فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر [ ما ] أمامه.

فان الله عزوجل يتعالى عن العبث والفساد، وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه، فلا يأمرهم بمغالبته، ولا بالمسير(٤) إلى ما [ قد ] صدهم بالعجز(٥) عنه.

ثم قال: " ولهم عذاب عظيم " يعني في الاخرة العذاب المعد للكافرين، وفي الدنيا أيضا لمن يريد أن يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح لينبهه لطاعته، أو من عذاب الاصطلام ليصيره إلى عدله وحكمته(٦)

____________________

(١) ترتفق بهن(بمتن) مؤمن " ب، س، ط." مرتفق بمرتفقين " ص، والبحار.

(٢) " ودعائك " ب، س، ص، ط، والبحار.

(٣) عنه البحار: ١٧ / ٣٠٢ ح ٤، وج ٩ / ١٧٣ ضمن ح ٢(قطعة) ومناقب آل أبى طالب: ١ / ٩٣ مجملا (٤) " بالمصير " أ، س، ص، والبحار: ٥.

(٥) " بالقسر " الاحتجاج، والبحار: ٥.

(٦) " عنه البحار: ٩ / ١٧٣ ح ٢، وعنه ج ٥ / ٢٠٠ ح ٢٤، وعن الاحتجاج: ٢ / ٢٦٠.

(*)

٩٩

٥٤ - وقال الصادقعليه‌السلام : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما دعا هؤلاء النفر المعينين في الآية المتقدمة [ في ] قوله: " ان الذين كفروا سواء عليهم‌ء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " وأظهر لهم تلك الايات(١) فقابلوها(٢) بالكفر أخبر الله عزوجل عنهم بأنه جل ذكره ختم على قلوبهم وعلى سمعهم ختما يكون علامة لملائكته المقربين القراء لما في اللوح المحفوظ من أخبار هؤلاء [ المكذبين ](٣) المذكور فيه أحوالهم.

حتى [ إذا ] نظروا إلى أحوالهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وشاهدوا ما هناك من ختم الله عزوجل عليها، ازدادوا بالله معرفة، وبعلمه بما يكون قبل أن يكون يقينا.

حتى إذا شاهدوا هؤلاء المختوم على جوارحهم يمرون(٤) على ما قرأوه من اللوح المحفوظ، وشاهدوه في قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ازدادوا - بعلم الله عزوجل بالغائبات - يقينا.

[ قال: ] فقالوا: يا رسول الله فهل في عباد الله من يشاهد هذا الختم كما تشاهده الملائكة؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بلى، محمد رسول الله يشاهده باشهاد الله تعالى له، ويشاهده من أمته أطوعهم لله عزوجل، وأشدهم(٥) جدا في طاعة الله تعالى، وأفضلهم في دين الله عزوجل.

فقالوا: من هو(٦) يا رسول الله؟ وكل منهم تمنى أن يكون هو.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دعوه يكن من شاء الله، فليس الجلالة في المراتب عند الله عزوجل بالتمني، ولا بالتظني، ولا بالاقتراح، ولكنه فضل من الله عزوجل على من يشاء، يوفقه للاعمال الصالحة(٧) يكرمه بها، فيبلغه أفضل الدرجات وأشرف المراتب

____________________

(١) " الاية " أ.والمراد بها المعجزات المتقدم ذكرها.

(٢) " فقايلوها " أ.والمقايلة: المبادلة، يقال: قايله اذا بادله.

(٣) من البحار.

(٤) " يجدون " س، ص، ب، ط." يخبرون " البحار.

(٥) " وأجهدهم " أ.

(٦) في البحار: بينه.

(٧) " الصالحات " أ.

(*)

١٠٠