الله لهما، ما سمعت أحداً من أهلي تبرّأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلاّ خيراً) فقالوا: (فلِمَ تطالب إذن بدم أهل البيت؟).
فقال: (إنّ أشدّ ما أقول فيمَن ذكرتم: إنّا كنّا أحقّ الناس بهذا الأمر، ولكنّ القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا كفراً).
قالوا: فلِمَ تقاتل هؤلاء إذن؟
قال: إنّ هؤلاء ليسوا كأُولئك، إنّ هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم، وأنّي أدعو إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإحياء السنن وإماتة البدَع، فإنّ تسمعوا يكن خيراً لي ولكم، وإنْ تأبوا فلست عليكم بوكيل
هذه الرواية تنصّ بصراحة لا تقبل التأويل والجدَل على أنّ زيداً كان يرى أنّ القوم قد اغتصبوهم حقّهم، واستأثروا به عليهم، وهي لا تتّفق مع الشائع عنه على السنّة بعض الكتاب، إنّه كان يرى إنّ الخلافة بالاختيار لا بالنص، وإذا كانت بالاختيار عنده على حدّ زعم الشيخ أبي زهرة وأمثاله، فكيف كان أحقّ بها من جميع الناس، كما جاء في كلامه؟ وكيف يتحقّق الاستئثار الذي وصفهم فيه؟ وهذه الكلمات من زيد كما تدلّ على أنّ الخلافة حقٌّ من حقوقهم المغتصبة، كذلك تدل على انه لم يدع الناس لإمامته؛ لأنّه دعاهم إلى إحياء السُنَن وإماتة البِدَع، والعمل بالكتاب والسنّة كما هو صريح كلامه.
أمّا الرأي المنسوب إليه في العصمة، فليس له نص يمكن الاعتماد عليه في ذلك، وكلّ ما في الأمر أنّ العصمة - على حدّ تعبير بعض الكتّاب - متفرّعة على مبدأ الوصاية، وأنّ اختيار الحاكم يعود إلى النبيّ أو الله سبحانه.
وحيث انه لا يقول بذلك، فلابدّ وأنْ يذهب إلى عدم اشتراط العصمة فيمَن يخلف النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ونحن قد بينّا أنّ زيداً (رضي الله عنه) لم يُخالف الأئمّة من أهل بيته ولم يدّعيها لنفسه، والذي استفدناه من كلماته حول هذا الموضوع تكاد تكون صريحة في أنّه لم يكون لنفسه رأياً يُخالف مذهبهم فيها.
وأغرب من ذلك أنّ بعض الكتّاب قد ذهبوا إلى أنّ زيداً تلمذ على