أو العمل بها، فإنّ فيهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو مبلّغ الوحي، والمخاطَب بالقرآن، والعالِم بكلّ ما أراد الله أن يبلّغه لعباده، فكان المسلمون يأخذون أحكام دِينهم، ويفهمون ما يتعذّر عليهم فهْمه مِن كتاب الله وشؤون الحياة، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فهو المرجـع، والمُفتي، والمُبَيِّن للشريعة والعقيدة وفهْم الحياة وما استجدّ مِن وقائع ومشاكل حياتية وقضايا عبادية وفكرية.
فلمْ يعرف المسلمون الاختلاف في الأحكام والعقيدة، ولمْ يكن هناك آراء ولا اجتهادات في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، بل هو عصْر التبليغ والبيان النبويّ المعبّر عن الحقّ والواقع، كما اطّلع عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأخبره ربُّ العزّة.
فعاشت الأُمّة في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ظِلّ وحدةٍ فكريةٍ وعقيديةٍ وتشريعيةٍ كاملةٍ، وكان القرآن يوجّههم إلى ذلك ويرشدهم، كلّما رأى خلافاً في الرأي، أو حَيرةٍ وبَلبلةٍ.
(
فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ
)
.
(
مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
)
.
وإلى جانب الوحدة الفكريّة والتشريعيّة هذه كانت هناك الوحدة القيادية والسياسية، والاجتماع الموحّد تحت لواء القيادة والولاية النبويّة، فالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) هو المبلّغ والحاكم ووليّ الأمر، وهو أَولى بالمؤمنين مِن أنفسهم، فلم يكن هناك نزاع سياسي، ولا خلاف حَول الولاية والإمامة، ولا انقسام في صفوف الأُمّة، ولا تكتّلات سياسية مناوئة للقيادة النبويّـة، غير تكتّل المنافقين المتستّر.