سبعة من السلف

سبعة من السلف0%

سبعة من السلف مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 392

سبعة من السلف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي
تصنيف: الصفحات: 392
المشاهدات: 72476
تحميل: 3629

توضيحات:

سبعة من السلف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72476 / تحميل: 3629
الحجم الحجم الحجم
سبعة من السلف

سبعة من السلف

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٣ - الفَرْق بين الفريضة والنافلة، لآية الله الشيخ مُنير الدين البروجردي، طُبِع بمِصر.

٤ - الوضوء في الكتاب والسنَّة، لآية الله الشيخ نَجْم الدين العسكري، طُبِع بمِصر.

مِن آثار الشيعة الإماميَّة التي نشرها في مِصر :

١ - المُراجعات، الطبعة ( ١٧ ) و( ٢٠ )، للإمام شرف الدين العاملي ( طاب ثراه ).

٢ - أصل الشيعة وأصولها، الطبعة العاشرة، للإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء.

٣ - عقائد الإماميَّة، الطبعة الثالثة، لآية الله الشيخ محمد رضا المُظفَّر.

٤ - الصراع بين الأُمويِّين ومبادئ الإسلام، الطبعة الثانية للدكتور نوري جعفر.

٥ - علي ومناوئوه، الطبعة الثانية والرابعة، للدكتور نوري جعفر.

٦ - فلسفة الحُكم عند الإمام، الطبعة الثانية، للدكتور نوري جعفر.

٧ - فَدْك ( هُدى المِلَّة إلى أنَّ فَدك نِحلة )، الطبعة الثانية، لآية الله السيِّد محمد حسن القزويني ( طاب ثراه).

٨ - الوضوء في الكتاب والسُّنَّة، الطبعة الأولى، لآية الله الشيخ نجم الدين العسكري.

٩ - البراهين الجَليَّة في دفع تشكيكات الوهابيَّة، الطبعة الثانية، لآية الله السيَّد محمد حسن القزويني.

١٠ - الأرض والتربة الحسينيَّة، الطعبة الثانية، للإمام كاشف الغطاء.

١١ - عليٌّ لاسِواه وصي رسول الله بنصٍّ مِن الله، للعلاَّمة السيِّد محمد الرضي الرضوي، مؤلِّف كتاب : التحفة الرضويَّة في مُجرَّبات الإماميَّة.

١٢ - المُتعَة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي، الطبعة الثانية، للأُستاذ توفيق الفكيكي.

١٤ - الفَرْق بين الفريضة والنافلة، لآية الله الشيخ مُنير الدين البروجردي.

٢١

الرسالة التي بعثها له الإمام الشهيد محمد باقر الصدر

بسمه تعالى

فضيلة الأخ العزيز، المُجاهد السيِّد مُرتضى الرضوي ( دام عِزُّه )

السلام عليكم زِنَة تقديري وإعجابي.

وبعد : فقد وصلتني رسالتكم الكريمة ؛ ففرِحت بما توصَّلتْ إليه جهودكم المَشكور، مِن افتتاح جناح لكُتب الشيعة الإماميَّة، في دار الكُتب المِصريَّة(١) ، فإنَّ هذا الجناح له أهميَّته الكبيرة بالنسبة إلينا ؛ إذ يكون نافذ لأفكارنا، وفقهنا، وثقافتنا المَكنوزة ؛ فجزاكم الله عن المذهب والدين أفضل الجزاء، وكتبكم في زُمرة العاملين في سبيل إعلاء كلمة الله، والإسلام والأرض، وحَقَّق بكم الآمال المَعقودة على هِمَّتكم وإخلاصكم، والسلام عليكم أوَّلاً وآخر(٢) .

النجف الأشرف - العراق

محمد باقر الصدر

٢/٩/١٩٦٥

ذِكريات مع الإمام شرف الدين وصاحب العرفان

كتب السيِّد الرضوي ما يلي: حديث بيني وبين الأُستاذ أحمد عارف الزين، مُدير مَجلَّة العرفان صيدا - لبنان :

في كانون الأوَّل عام ١٣٥٧، عُدْت مِن القاهرة إلى بيروت، ومَررت على مكتبة العرفان، في شارع سوريا، وإذا بالأُستاذ الشيخ أحمد عارف الزين، كان جالسا إلى جنب الحاج إبراهيم زين عاصي، صاحب مكتبة العرفان، وإذا بالأستاذ الشيخ أحمد عارف الزين، يسألني عن وقت وصولي إلى بيروت ؛ فأجبته، ثمَّ قال : كمْ تنوي الإقامة هنا ؟ قلت : عشرة أيَّام، ثمَّ أعود إلى القاهرة ؛ فطلب مِنِّي بقاء هذه المُدَّة عنده بمِنزله في صيدا ؛ فلبَّيت

____________________

(١) إنَّ هذا الأمر لم يتمَّ، بالرغم مِن كَثرة الجهود التي بُذِلت لتحقيقه.

(٢) السيِّد محمد الحسيني : الإمام الشهيد محمد باقر الصدر، مُلحَق رقم ٤ ص٣٧١ط بيروت.

٢٢

طلبه، وذهبت إلى منزله في صيدا. وقلت له : عندما كنت في القاهرة، أعددت كُتباً للطبع هناك، وفي أحد الأيَّام سألت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي عن المطبع ؛ فأخذ بيدي وجاء بي إلى دار العهد الجديد للطباعة، الواقعة في باب الشعريَّة، فدخلنا المطبعة، وتحدَّثنا مع مُديرها الفنِّي، الأستاذ سيِّد عطوة حول الشروع بالطبع، وكان الكتاب :( وسائل الشيعة ومُستدركاته ) ، وقرَّر سيِّد عطوة الشروع بطبع الكتاب يوم الأحد، وقد عقدنا الاتِّفاق معه في يوم الخميس، وصادف أنِّي ذهبت في ذلك اليوم - يوم الخميس - إلى إحدى المكتبات بالأزهر الشريف، فتناولت ديواناً، وكان الديوان( ديوان الوزير ) ، ولمَّا فتحته، وإذا في صفحة ٢٣ منه يقول :

قد طال في الوعد الأمد

والحُرُّ يُنجز ما وعد

ووعدتني يوم الخميس

فلا خميس ولا الأحد

وإذا اقتضيتك لم تَزد

عن قول إيْ والله غد

فأعدُّ أيَّاماً تمر

وقد ضجرت مِن العدد

وبعد شهر وصلني عدد العرفان إلى القاهرة، أرسله لي الأستاذ الشيخ أحمد عارف الزين، وإذا بالحديث هذا، جاء في العدد الثالث مِن العرفان ص٢٩٥ عام ١٣٧٧ هِجريَّة، كانون الثاني عام ١٩٥٨م تحت عنوان :( نوادر وخواطر )

فأخذت العدد إلى المطبعة، وأطلعت السيد عطوة عليه ؛ وتأثَّر كثيراً.

وقال الإمام شرف الدين العاملي ( طاب ثراه )، عند ذكره لمؤلَّفات آية الله السيِّد حسن الصدرقدس‌سره :

٥٩ - الشيعة وفنون الإسلام :

كتاب ما أجلَّه قَدْراً، وما أعظمه سِفْراً، قد اختصره مِن كتابه السابق( تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ) وانتشر ببركة الطبعة، ومَن وقف عليه عَرف مَبلغ الأصل مِن العَظمة في بابه.

وعلَّق على هذا، نَجل الإمام شرف الدين، السيِّد عبد الله، وقال :

٢٣

وقد طُبِع حديثاً، طبعة مُمتازة في القاهرة، مع مُقدِّمة ضافية، بقلم الدكتور سليمان دنيا، وطُبِعت هذه المُقدِّمة في كتاب( مع رجال الفِكر في القاهرة ص ٥٩ وما بعدها للسيِّد مُرتضى الرضوي ) (١) حفظه الله(٢) .

بعض مَن ترجم له :

ترجم للسيِّد الرضوي، السيِّد عارف حسين النقوي، فقال :

مولانا سيِّد مرتضى رضوي ( مَدَّ ظِلُّه ) آب نى تمام تعليم نجف أشرف مى حاصل كى، آب نى تبليغ كى سلسل مين مصر مين كافى وقت كزاراهى. آب علمائى نجف وقم مين معروف هين، آب كى حسب ذيل تأليفات هين :

١ - ( مع رجال الفِكر في القاهرة ) يه كتاب مذهب شيعه كى بارى مين داكتر طه حسين مرحوم اورديكر أساتذه الأزهر كى انترويوبر مُشتمل هى، أصل كتاب عربى مين هى فارسى مين بهى إس كا ترجمه جماهى.

تذكرة علماء إماميَّة باكستان ص٢٧٣ سنة ١٤٠٤ هِجريَّة

مركز تحقيقات فارسي إيران وباكستان - إسلام آباد

وكتب العلاَّمة الشيخ محمد الرازي، فقال :

دانشمند گرامى وفاضل مجاهد آقاى حاج سيِّد مرتضى رضوى كه در نجف أشرف مُتولِّد شده ودر بيت تقوا وفضيلت پرورش و به تحصيل پرداخته و بعد از فرا گرفتن علوم و استفاده از مرحوم والد ومدرسى ديگر از راه مناظره و تأليف و طبع و نشر كتب مذهبى به ترويج دين پرداخته و سفرى به مصر و قاهره و با بزرگان و

____________________

(١) هو حَفيد العلاَّمة الزاهد الكبير، السيِّد مُرتضى الكشميري. فاضل أديب، وكاتب شَهير، له مساعٍ مشكورة، وجهود مُقدَّرة في إحياء ونشر أهمِّ آثار علماء الطائفة، جزاه الله عن العلم والدين خير الجزاء. ( عبد الله شرف الدين ).

(٢) بُغية الراغبين: ١/٣١٩ طبع الدار الإسلاميَّة - بيروت - لبنان.

٢٤

دانشمندان أهل سنت مصر وغيره مباحثه حسنه و آنها را مجاب نموده و قبل از حادثه أَخير بعثيها به إيران مهاجرت كرده و در طهران إِقامت نموده است.

از آثار گرانقدر إيشان كه بطبع رسيده است كتابى به نام ( مع رجال الفِكر في القاهرة ) مى باشد. در اين گفتگو و مناظرات خود با سى و نه نفر از دانشمندان متفكِّر أهل سنت مصر را تقرير و تحرير نموده وإنصافاً كتابى مُفيد در موضوع خود مى باشد زيرا در اين مناظرات إثبات فضائل أهل بيت رسالتعليهم‌السلام وقدح و ظلم غاصبين وظالمين آل محمدعليهم‌السلام را نموده است.

گنجينه دانشمندان: ٦/٣٧٦ طبع طهران

بعض ذكريات الشعر :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قد فُتحت لقُدومك الأبواب

لتُسرَّ وقت لقائك الأحباب

أقبلت تَحمل في الفؤاد عقيدة

وعلى يديك مِن العلوم كتاب

ألفيت نَهج الحَقِّ أفضل مَنهجٍ

بهُداه تشرق حِكمة وصواب

يدعو الأنام له بأصدق مَنطقٍ

طه الهُدى وأئمَّة أطياب

بيروت ٢٢/٨/١٤١١ه-، بقلم أخيه المُخلص المُحبِّ : حسن طراد

* * *

٢٥

تنبيه :

نورِد في آخر الكتاب مصادره، مع الإشارة إلى طبعاته. وعند نقلنا للحديث نُشير إلى مصدره، مع ذكر الصفحة.

وعند نقلنا مِن التفاسير نُشير إلى السورة والآية ؛ فنرجوا مِن المُطالعين الكرام، إذا أرادوا التحقيق منها ؛ لئلاَّ يَحصل الاختلاف في عدد الأجزاء، وأرقام الصفحات ؛ ولئلاّ نُتَّهم بالسهو والنسيان، وإِنْ كان الإنسان لا يَخلو منهما ( والله العالم ).

المؤلِّف

النجوم الواردة في المَتن وفي الهامش كلُّها مِن المُعلِّق.

( الرضوي )

٢٦

كلمة المُحقِّق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله , والصلاة على محمد , وعِترته الأئمة الأطياب , وأعدال الكتاب , سلام الله تعالى عليهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وبعد , فإنَّ كتاب سبعة مِن السلف , دبَّجته يَراع سماحة آية الله سيِّدنا الأجلِّ , السيِّد مُرتضى الفيروزآباديقدس‌سره , ذكر فيه بعض ما وقع مِن الظلم والاضطهاد الوارديَن على جَدَّتنا، وبضعة نَبيِّنا، فاطمة الزهراء، المجهول قدرها , والمظلوم بعلها، والمغصوب حَقُّها , والمَكسور ضلعها، والمَمنوعة مِن إرثها، صلوات الله عليها وعلى بعلها وأبنائها، الأئمَّة الهُداة الأطهار، عترة النبي المُختار , المُضطهدين مِن ملوك عصرهم الطغاة الجبابرة، مِن أَُمويِّين وعباسيِّين، ومَن سبقهم ومَهَّد لهم طريق الظلم والجور، وعلى ربِّهم جميعاً حِسابهم، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلَب يَنقلبون، والعاقبة للمُتَّقين.

وقد حقَّقت مَتن الكتاب، وعَلَّقت ما تيسَّر لي عليه، مِن مصادر العامَّة، بحسب الوِسع والطاقة , وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكَّلت وإليه أُنيب.

السيِّد مُرتضى الرضوي

٢٧

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أَشرف الأوَّلين والآخرين , محمد ( صلى الله عليه وآله ) المبعوث إلى الخلائق أجمعين , المخصوص بالصبر على الأذى مِن المُشركين والمُنافقين ؛ فصبر وتَحمَّل مِن قومه، أضعاف ما تَحمَّله سائر الأنبياء والمُرسلين , والمُبتلى بأصحاب قد ارتدُّوا(١) مِن بعده عن الدين، إلاَّ القليل مِمَّن رعى

____________________

(١) صحيح البخاري ٢/٢٣٣، بحاشية السندى، كتاب بَدء الخَلق ( باب قول الله تعالى :( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَليلاً ) ، وفي كتاب التفسير في ( باب :( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ) )، وفى الرقاق : الحوض ( في باب ) , وفي كتاب الفِتن ٨/٨٦ ( باب ما جاء في قول الله تعالى : (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ) الحديث الثاني.

(*) أخرج البخاري عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

( إنَّكم مَحشورون حُفاة , عُراة غُرلاً )، ثمَّ قرأ:( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) ). وأوَّل مَن يُكسى يوم القيامة إبراهيم. وإنَّ أُناساً مِن أصحابي يؤخَذ بهم ذات الشمال ؛ فأقول : أصحابي أصحابي ! فيقول : إنَّهم لم يزالوا مُرتدِّين على أعقابهم مُنذ فارقتهم )، صحيح البخاري بحاشية السندي (٢/٢٣٣ - ٢٣٤) باب( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَليلاً ) .

(*) أخرج البخارى عن أبي وائل، أنَّه قال : قال عبد الله , قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أنا فرطُكم على الحوض، ليَرُفعنَّ إليَّ رجالٌ منكم، حتَّى إذا أهويت لأُناولهم اختلجوا دوني ؛ فأقول : أيْ ربِّي أصحابي ؟! يقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك).

صحيح البخاري: ٤/٢٢١، بحاشية السندي، كتاب الفتن، باب ما جاء في قول الله تعالى :( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) .

وأخرج أبو يعقوب، عن سعيد بن المُسيِّب، عن أبي هريرة، أنَّه كان يُحدِّث : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : ( يَرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي ؛ فيُجلون عن الحوض ؛ فأقول : يا ربِّ، أصحابي ؛ فيقول : إنَّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنَّهم ارتدُّوا على أدبارهم القهقري ). مُسنَد عمر بن الخطاب ص٨٦ط بيروت.

(*) الرَّهْط : الرجال ما دون العشرة , وقيل : إلى الأربعين، عن هامش مُسنَد عمر بن الخطاب ص٨٧.

٢٨

حرمته في آله الطاهرين , ثمَّ الصلاة والسلام على أهل بيته المظلومين : عليٌّ , وفاطمة، والحسن، والحسينعليهم‌السلام سادة(١) أهل الجَنَّة أجمعين , ثمَّ على التسعَة المعصومين الطيِّبين، بقيَّة الأئمَّة الاثني عشر الهُداة المهديّين , واللَّعنة الدائمة على أعدائهم , ومُعادي أوليائهم , وموالي أعدائهم مِن الآن إلى يوم الدين.

أمَّا بعد، فهذه نُبذَة مِمَّا ورد في السبعة :( أبو بكر ) و( عمر ) و( عثمان ) و( عائشة ) و( حفصة ) و( معاوية ) و( خالد ) ، وقد أخذتها مِن الصحاح الستَّة، وغيرها مِن الكُتب، المُعتبَرة عند أهل السُّنَّة والجماعة ؛ فجمعته , وأودعتها في هذا الكتاب، وأرجو مِن الله تعالى، أنْ يَجعل مِثلها كمَثَل القرآن الكريم ؛ فتكون شِفاءً (٢) ورحمةً للمؤمنين , وخَساراً , وغيظاً , ونَكالاً للظالمين.

____________________

(١) صحيح ابن مَاجة ص٣٠٩ مِن طبع الفاروقي , دلهي الهند.

(٢) كان مقصودي مِن هذه العبارة، هو : الإشارة إلى ما في القرآن الكريم، مِن الآية الشريفة في سورة بَني إسرائيل.

ومِن العَجيب أنِّي بعد ما شرعت في تأليف هذا الكتاب، وكتبت جُملة مِن مَطاعن هؤلاء السبعة، تفألت بالقرآن الكريم , وسألت الله جلَّ وعلا في أمر كتابي هذا , وأنَّه هل هو مَحبوب، مَقبول مَرضيٌّ عنده، أم لا ؟ فخرجت هذه الآية المُباركة:

( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ) الإسراء : ٨٢.

٢٩

وقد رتَّبت الكتاب على مَقاصد , وخاتمة.

فالمقاصد فيما ورد في السبعة المذكورين , والخاتمة في جُملة مِن الأباطيل، التي ترويها العامَّة ؛ فما يأباه العقل , والذوق السليم , ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العليِّ العظيم.

* * *

٣٠

المَقصد الأوَّل

في بيان ما ورد عن أبي بكر بن أبي قُحافة

(١)

أبو بكر بن أبي قُحافة

٣١

٣٢

١ - باب ( إنَّ لأبي بكر شيطان يَعتريه )(*) .

١ - روى ابن جرير الطبري بسنده , عن عاصم بن عدي , قال : نادى مُنادي أبي بكر مِن بعد الغَد مِن مُتوفَّى رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وساق الحديث - إلى أنْ قال - : وقام في الناس - يعني أبا بكر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال :

يا أيُّها الناس إلى أنْ قال :

فإنْ استقمتُ فتابعوني , وإنْ زِغت فقوُّموني - إلى أنْ قال - :

ألاْ وإنَّ لي شيطاناً يَعترينى , فإذا أتاني فاجتنبوني. ( الخُطبة )(١)

٢ - قال ابن قتيبة في ضمن خُطبة أبي بكر : وما أنا إلاَّ كأحدكم , فإِذا رأيتموني قد استقمت فاتَّبعوني , وإنْ زِغت فقوُّموني , واعلموا أنَّ لي شيطاناً يَعتريني أحياناً , فإذا رأيتموني غَضبت فاجتنبوني ؛ لا أُوثِّر في

____________________

(*) في هذا الباب أربعة أحاديث.

(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٣/٢١٠ - ٢١١ طَبْع المطبعة الحُسينيَّة بمِصر.

٣٣

أشعاركم , وأبشاركم ثم نزل(١) .

٣ - روى ابن حجر الهيثمي , عن عيسى بن عطيَّة، قال :

قام أبو بكر الصِدِّيق الغد(*) حين بويع، فخَطب الناس، فقال :

أيُّها الناس، إنِّي قد أقلتكم( **) رأيكم , إنِّي لستُ بخيركم ؛ فبايعوا خيركم - إلى أنْ قال - إنَّ لي شيطاناً يَحضرني - إلى أنْ قال - فإنْ استقمت فاتَّبعوني , وإنْ زِغت فقوُّموني. الخُطبة.

قال : رواه الطبراني(٢) .

٤ - روى المُتَّقي عن الحسن : أنْ أبا بكر خطب، فقال :

أما والله , ما أنا بخيركم , ولقد كنتُ لِمقامي هذا كارهاً - إلى أنْ قال - :

أفتظنُّون أنَّي أعمل فيكم بسُنَّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ! إذنْ لا أقوم بها، إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يُعصَم بالوحي , وكان معه مَلَك , وإنَّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني(٣) .

المؤلِّف : ومِن العجيب أخبار هذا الباب ؛ وذلك لِما يَظهر منها مِن الفَرق العظيم جِدَّاً، بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبين أبي بكر الذي جلس مَجلسه , وقام مقامه ؛ فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسب تصريح أبي بكر - في الرواية الأخيرة - كان يُعصَم بالوحي , وكان معه مَلَك , وأبو بكر معه شيطان يَعتريه ؛ فإذا اعتراه وجب على المسلمين أنْ يَجتنبوه، كما نبَّه عليه بقوله : فاجتنبوني.

____________________

(١) الإمامة والسياسة ١/١٦، الطبعة الأخيرة عام ١٩٦٩م بمصر.

(*) أيْ بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(**) الإقالة : مَصدر فسخ العقد، وكلُّ ما التزم به إنسان نحوَ آخر.

(٢) مَجمع الزوائد: ٥/١٨٢. كنز العُمَّال: ٣/١٣٥ط حيدر آباد الهند، باختلاف يسير، وقال : رواه الطبراني في الأوسط.

(٣) كنز العُمَّال: ٣/١٣٦ط حيدر آباد الهند , صِفة الصفوة: ١/٢٦١ وزاد في آخره : لا أُوثِّر في أشعاركم وأبشاركم. وانظر شرح النهج لابن أبي الحديد : ٢/٨ الطبعة الأولى، تحت عنوان : خُطبة أبي بكر في اليوم الثاني مِن خِلافته.

البداية والنهاية : ٦/٣٠٧ط، دار الكتب العلميَّة بيروت.

٣٤

ثمَّ مِن العجيب أيضاً، أنَّ الشيطان كيف تَسلَّط على أبي بكر ؛ فجعل يعتريه وهو لا يرضى بذلك طبعاً، وقد قال الله تعالى :

( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) . الحِجر: ٤٢ - ٤٣.

وقال أيضاً :

( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) . النحل : ٩٩ - ١٠٠.

ثمَّ هل المُراد مِن الشيطان، الذي كان يعتري أبا بكر، هو شيطان مِن شياطين الجِنِّ ؟ فإنَّ الشياطين على قِسمين، كما صرَّح به القرآن الكريم ؛ حيث قال :

( شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ ) . الأنعام : ١١٢.

أو هو شيطان من شياطين الإنس ؟ وقد يكون الإنس هو أخبث مِن شيطان الجِنِّ بكثير.

والذي احتمله - قويَّاً - : أنَّ المُراد هو الثاني ؛ فكأنَّ مقصود أبي بكر، أنَّ هناك رجُلاً مِن الإنس يخلو به في خَلواته , ويُحرِّضه على شهواته , ويَصدُّه عن طريق الحَقِّ والهُدى , ويُلهمه الباطل , ويُرشده إلى الضَّلال، ويَجرَّه إلى النار، كما هو شان كلِّ شيطان إنسيِّ أو جنِّيٍّ، ويُحتمل أنْ يكون المُراد هو الأوَّل.

وعلى كلِّ حال، لعَنَ الله شيطان أبي بكر، قولوا : آمين - أيُّها المسلمون - جميعاً(*) .

____________________

(*) وقال المؤيَّد في الدين داعي الدعاة :

أُمَّةٌ ضَيَّع الأمانة فيها

شيخها الخامل الظلوم الجهول

بِئْسَ ذاك الإنسان في زمرة

الإنس وشيطانه الخدوع الخذول

وقال الأُستاذ عمر فرُّوخ، في تعليقه على هذين البيتين :

أُمَّة : أهل السُّنَّة مِن المسلمين الأمانة : وصيَّة رسول الله بالخلافة لعليِّ بن أبي طالب، شيخها إلخ : أبو بكر الصديق ؛ لأنَّه قَبِل أنْ يتولَّى الخلافة بعد الرسول وهى لعليٍّ ).

شيطانه = شيطان أبي بكر، عمر بن الخطَّاب ؛ لأنَّ أبا بكر، لم يَكُن يُريد أنْ يتولَّى الخلافة، فما زال به عمر حتَّى أقنعه.

تاريخ الأدب العربي : ٣/١٨١ - ١٨٢.

٣٥

٢ - باب في بعث أبي بكر عمر إلى دار عليٍّعليه‌السلام .

ودعا عمر بالحَطب ؛ ليَحرُق الدار، وفيها فاطمة بِضعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ابن قتيبة تحت عنوان :

( كيف كانت بيعة عليِّ بن أبي طالب )

قال : وإنَّ أبا بكررضي‌الله‌عنه ، تَفقَّد قوماً تخلَّفوا عن بيعته، عند علي ( كرَّم الله وجهه ) ؛ فبعث إليهم عمر ؛ فجاء فناداهم وهم في دار عليٍّ، فأبوا أنْ يَخرجوا ؛ فدعا بالحطب، وقال :

والذي نفس عمر بيده , لتَخرجُنَّ , أو لأُحرقنَّها على مَن فيها(١) ؛ فقيل له يا أبا حفص،

____________________

(١) ومِمَّا يؤيَّد قول عمر في هذا الحديث ( أو لأحرقنَّها على مَن فيها) ما ذكره المُتَّقي الهندي، مِن حديث قال فيه عمر لفاطمة :

وأيْمَ الله، ما ذاك بمانعي، إنْ اجتمع هؤلاء النّفر عندكم أنْ أمرتهم أنْ يُحرَق عليهم الباب. قال :

أخرجه ابن أبي شيبة انظر: كنز العُمَّال : ٣/١٣٩ط حيدر آباد الهند. المؤلِّف.

٣٦

إِنَّ فيها فاطمة، فقال : وإنْ ؛ فوقفت فاطمة على بابها، فقالت :

( لا عَهد لي بقوم حضروا أسوأ مَحضر منكم , تركتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جَنازة بين أيدينا , وقطعتم أمركم بينكم , لم تستأمرونا , ولم تردُّوا لنا حقّاً ).

فأتى عمر أبا بكر، فقال له :

ألاْ تأخذ هذا المُتخلِّف عنك بالبيعة ؟

فقال أبو بكررضي‌الله‌عنه لقُنفذ - وهو مولى له - اذهب فادعُ لي عليَّاً، قال :

فذهب إلى عليٍّ.

فقال : ( ما حاجتك ؟ ).

فقال :يدعوك خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال عليٌّ : ( لَسريعٌ ما كذبتم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

فرجع، فأبلغ الرسالة.

قال :فبكى أبو بكر طويلاً .

فقال عمر الثانية :أنْ لا تُمهِل هذا المُتخلِّف عنك بالبيعة (١) .

فقال أبو بكررضي‌الله‌عنه لقُنفذ :عُدْ إليه، فقُل له :

____________________

(١) روى الحاكم، عن حبّان الأسدي، أنَّه قال : سمعت عليَّاً، يقول : ( قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ الأُمَّة سَتغدر بك بعدي , وأنت تَعيش على مِلَّتي , وتُقتَل على سُنَّتي , مَن أحبَّك أحبَّني , ومَن أبغضك أبغضني , وإنَّ هذه ستُخضَّب مِن هذا )، يعني : لِحْيته مِن رأسه. مُستدرك الصحيحين : ٣/١٤٦ , تلخيص المُستدرك : ٣/١٤٦.

وأخرج الترمذي بسنده، عن أبي سعيد الخدري، أنَّه قال :

إنَّا كنَّا نعرف المُنافقين ببُغضهم علي بن أبي طالب. سُنَن الترمذي: ٥/٦٣٥، كتاب تحقيق إبراهيم عطوه عوض. وأخرج الترمذي عن المساور الحميري، عن أُمِّه قالت :

دخلت على أُمِّ سَلمة، فسمعتها تقول :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( لا يُحبُّ عليَّاً مُنافق , ولا يُبغضه مؤمن ). المصدر نفسه ٥/٦٣٥.

وأخرج الترمذي، عن البرَّاء بن عازب، أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال لعليِّ بن أبي طالب : ( أنتْ مِنِّي وأنا مِنك ). المَصدر نفسه.

٣٧

خليفة رسول الله، يدعوك لتُبايع ؛ فجاءه قُنفذ فأدَّى ما أُمر به ؛ فرفع عليٌّ صوته، فقال : ( سبحان الله، لقد ادَّعى ما ليس له ).

فرجع قُنفذ، فأبلغ الرسالة ؛ فبكى أبو بكر طويلاً .

ثمَّ قام عمر، فمشى معه جماعة، حتَّى أتوا باب فاطمة، فدقُّوا الباب، فلمَّا سمعتْ أصواتهم ؛ نادت بأعلى صوتها : ( يا أبتِ، يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك مِن ابن الخطَّاب , وابن أبي قحافة ).فلمَّا سمع القوم صوتها , وبكاءها ؛ انصرفوا باكين , وكادت قلوبهم تَنصدع , وأكبادهم تَتفطَّر، وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليَّاً، فمضوا به إلى أبي بكر , فقالوا له بايعْ . فقال : ( إنْ أنا لم أفعلْ ). قالوا :إذاً، والله الذي لا اله إلاَّ هو، نَضرب عُنقك. قال : ( إذاً، تقتلون عبداً لله , وأخا رسوله ). قال عمر :أمَّا عبد الله فنعمْ , وأمَّا أخا رسوله فلا .وأبو بكر ساكت، لا يتكلَّم . فقال له عمر: ألاْ تأمر فيه بأمرك ؟

فقال :لا أُكرهه على شيء، ما كانت فاطمة إلى جَنبه .

فلَحِق عليٌّ بقبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يَصيح , ويبكي , ويُنادي :

( يا بن أمْ، إنَّ القوم استضعفوني , وكادوا يقتلونني ) الحديث.(١) -(*)

____________________

(١) الإمامة والسياسة : ١/١٢ - ١٣ط الحلبي الطبعة الأخيرة عام ١٩٦٩م، والإمامة والسياسة ص١٩ - ٢٠، تحقيق الدكتور طه محمد الزيني بمصر.

(*) أخرج البلاذري، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنَّه قال : بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى عليرضي‌الله‌عنه ، حين قعد عن بيعته، وقال: ائتني به بأعنف العُنف. فلمَّا أتاه جرى بينهما كلام. أنساب الأشراف : ١/٢٨٧ط مصر. وأخرج الزبير بن بكار، عن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عمار بن ياسر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أوصي مَن آمن بالله , وصدَّقني بولاية علي بن أبي طالب، مَن تولاَّه فقد تولاَّني , ومَن تولاَّني فقد تولَّى الله , ومَن أحبَّه فقد أحبَّني , ومَن أحبَّني فقد أحبَّ الله عَزَّ وجلَّ ). الأخبار الموفقيَّات للزبير بن بكار ص٣١٢ط رئاسة ديوان الأوقاف بغداد، تحقيق الدكتور سامي مَكِّي. وقال ابن حجر : وأخرج الترمذي، مِن حديث زيد بن أرقم، أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ل- ( عليٍّ، وفاطمة، والحسن، والحسين : ( أنا حربٌ لمَن حاربهم , وسلمٌ لمَن سالمهم ) الإصابة : ٤/٣٧٨. وأخرج الحاكم بسنده، عن ابن عباس، أنَّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليٍّ : ( أما إنَّك سَتلقى بعدي جُهداً، قال : في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة مِن دينك ). ثمَّ قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. المُستدرك : ٣/١٤٠. وروى المُتَّقي الهندي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن آذى عليَّاً فقد آذاني ). كنز العُمَّال : ١١/٦٠١ رقم الحديث ٣٢٩٠١. وقال السيوطي : أخرج الطبراني في الأوسط، عن جابر بن عبد الله، قال : خَطَبَنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمعته وهو يقول : ( أيُّها الناس، مَن أبغضنا أهل البيت حشره الله تعالى يوم القيامة يهوديَّاً ). إحياء الميِّت ص٢٢ط بيروت , مَجمع الزوائد : ٩/١٧٢.

٣٨

المؤلِّف : ومِن العجيب، قول قُنفذ لعليٍّعليه‌السلام يدعوك خليفة رسول الله ! يعني بها أبا بكر وهم يزعمون أنَّه مات رسول الله، ولم يستخلِف أحداً، حتَّى قال عمر(*) عند موته :

إنْ أستخلف، فقد استخلف مَن هو خيرٌ مِنِّي، يعني به أبا بكر , وإنْ أدَعْ فقد وَدْعَ مَن هو خيرٌ مِنِّي ، يعني به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأعجب منه، بُكاء أبي بكر طويلاً مَرَّتين : مَرَّة عندما أبلغه قُنفذ قول عليٍّعليه‌السلام : لَسريعٌ ما كذبتم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم , ومَرّة أُخرى عندما أبلغه قول عليٍّعليه‌السلام .

لقد ادِّعى ما ليس له ؛ إذ ليس هذا موضع رِقَّة , ورحمةٍ , ولينٍ , بلْ هو موضع قَهْرٍ , وغَلبة , وكِبرياء , وعَظمة. فما الذي دعاه إلى البُكاء طويلاً.

والذي أحتمله قويَّاً، بلْ أقطع به إنَّه عَرف صِدق قول عليٍّعليه‌السلام :

( لَسريعٌ ما كذبتم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) , وعلم أنَّ قول عليٍّعليه‌السلام : ( لقد ادِّعى - يعني أبا بكر -

____________________

(*) الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ١/٢٣، الطبعة الأخيرة عام ١٩٦٩م تحت عنوان : تولية عمر بن الخطَّاب الستَّة الشورى.

٣٩

ما ليس له ). هو كلام حَقٍّ صحيح، وأنَّه افتَتن هو، وسقط في الفِتنة، وقد قال الله تعالى :

( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) .

وقال أيضاً:( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) آل عمران: ١٧٩.

وأعجب مِن الجميع، تجسُّرهم على عليٍّعليه‌السلام ، بقولهم :

إذاً، والله الذي لا إله إلاَّ هو نضرب عُنقك , وتجُّسر عمر بالخصوص على عليٍّعليه‌السلام ، بقوله : أمَّا عبد الله فنعمْ , وأمَّا أخو رسوله فلا.

١ - ( ألمْ يعلموا ) أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخى بين أصحابه , ولمْ يتَّخذ لنفسه أخاً سِوى عليَّ بن أبي طالب ؟!

وقال له : ( أنت أخي في الدنيا والآخرة ). وقد تواترت الأخبار في ذلك(١) .

٢ - ( ألم يعلموا ) بأنَّ

____________________

(١) أُنظر : صحيح الترمذي , صحيح ابن ماجة , مُستدرَك الحاكم , مُسنَد الإمام أحمد , طبقات ابن سعد , الدُّرُّ المنثور للسيوطي , كنز العُمَّال للمُتَّقي , أُسد الغابة لابن الأثير , الاستيعاب لابن عبد البَرِّ , حُلية الأولياء لأبي نعيم , ذخائر العُقبى والرياض النضرة للمُحبِّ الطبري , والإصابة لابن حجر , تاريخ بغداد للخطيب وغيرهم وغيرهم.

وحديث المؤاخاة بين الرسول والإمام، هذه بعض مَصادره :

الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر: ٢/٥٠٧ط مصر.

البداية والنهاية، لابن كثير الدمشقي: ٧/٣٤٨ حديث المؤاخاة.

إحياء العلوم لأبي حامد الغزالي : ٢/١٧٣ الباب الثالث، في حَقِّ المسلم والرَّحم، ط دار القلم بيروت.

أُسد الغابة، لابن الأثير : ٢/٢٢١ط مصر.

إسعاف الراغبين للصبَّان : ص١٤٩ - ١٥٥، بهامش نور الأبصار، للشبلنجي ط مصر عام ١٣٢١ه-

الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البَرّ : ٣/١١٠٣، تحقيق علي محمد البجاوي ط مصر نهضة مصر.

أسمى المطالب، للجزري الدمشقي : ص٦٢ط بيروت.

الأعلام، للزركلي: ٤/٢٩٥ط سابعة عام ١٩٨٦م بيروت دار العلم للملايين.

الإمام جعفر الصادق، لعبد الحليم الجندي : ص٢٠ط مصر عام ١٩٧٧ توفيق عويضة.

تاريخ الأُمَم والملوك، لابن جرير الطبري: ٢/٢١٧ الطبعة الأولى المطبعة الحسينيَّة بمصر.

٤٠