سبعة من السلف

سبعة من السلف0%

سبعة من السلف مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 392

سبعة من السلف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي
تصنيف: الصفحات: 392
المشاهدات: 72480
تحميل: 3629

توضيحات:

سبعة من السلف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72480 / تحميل: 3629
الحجم الحجم الحجم
سبعة من السلف

سبعة من السلف

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢ - روى أبو داود بسنده، عن مصدع أبي يحيى، عن عائشة :

أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يُقبّلها وهو صائم، ويَمصُّ لسانها(١) .

٣ - روى الإمام أحمد بن حنبل، بطُرق عديدة، في بعضها عن طلحة، وفي بعضها عن ابن عبد الله، وفي الكلِّ، عن عائشة، قالت :

أهوى إليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليُقبِّلَني، فقلت : إنِّي صائمة.

قال : ( وأنا صائم ).

قالت :فأهوى إليَّ فقبَّلني (٢) .

٤ - روى البيهقي بسنده، عن مسروق، عن عائشة قالت :

إنْ كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليظلُّ صائماً فيقبّل أين شاء مِن وجهي حتَّى يُفطر(*) .

٥ - روى الدار قطني بسنده، عن الزهري قال :

سألت عروة، عن الذي يجامع، ولا ينزل ؟

فقال: قول الناس أنْ يأخذوا بالآخر مِن أمر

____________________

(١) سُنن أبي داود : ١/٧٢٦ ط، دار الجنان بيروت. مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٦/١٢٣ - ٢٣٤. السُّنن الكبرى للبيهقي : ٤/٢٣٤.

الرَّضوي : وأورد هذا الحديث الدار قطني بسنده، عن أبي عاصم، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يُقبِّل في رمضان. قال أبو عاصم : ولم يقُل يُقبِّلها. انظُر : سُنن الدارقطني : ٢/١٨٠ باب القُبلة للصائم.

وروى الدارمي بسنده، عن إبراهيم بن الأسود، عن عائشة قالت :

كان النبي يُباشرها وهو صائم. سُنن الدارمي : ١/١٩٧ باب المُباشرة للصائم.

(٢) مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٦/١٣٤ - ٢٧٠، ورواه عن طلحة بن عبد الله بن عثمان، وعن طلحة بن عبد الله بن عوف، وعن سعد التميمي ص٢٧٠، وانظر مُسند أبي داود الطيالسي : ٧/٢٤٠، رواه عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن عائشة.

(*) السُّنن الكبرى : ٤/٢٣٣. ورواه الشيباني في الآثار في باب قُبلة الصائم باختلاف في اللفظ، وأبو حنيفة في مُسنده ص١٩٨، باختلاف في اللفظ، كذا ذكره المؤلِّف ( طاب ثراه ).

٢٤١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحدّثتني عائشة : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفعل ذلك ولا يغتسل(١) .

٦ - روى أبو داود، عن عمارة بن غراب، قال :

إنَّ عَمَّةً له، حدَّثته أنَّها سألت عائشة، قالت : إحدانا تحيض، وليس لها ولزوجها إلاَّ فراش واحد، قالت : أُخبرك بما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل فمضى إلى مسجده - قال أَبو داود : تعني مسجد بيته - فلم ينصرف، حتَّى غلبتني عيني، وأوجعه البرد.

فقال : ( ادني مِنِّي ).

فقلت :إنِّي حائض .

فقال : ( وإنْ، اكشفي عن فَخذيك )،فكشفت فخذيَّ، فوضع خَدَّه وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتّى دفِئ ونام (٢) .

المؤلِّف : والظاهر أنَّ العِلَّة التي دعت عائشة، إلى أنْ تُحدِّث الرجال بما جرى بينها، وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِمَّا يقبح ذكره : كالتقبيل، ومَصِّ اللِّسان، والكشف عن الفَخِذ، ووضع الخَدِّ والصدر عليه، والجُماع بغير إنزال، ونحو ذلك مِمَّا تقدَّم ذِكره.

إنَّها قد زعمت أنَّ كلَّ ذلك فضيلة لها ومنقبة، ولم تدرِ أنَّ جميع ذلك كلِّه أُمور عاديَّة، وعادات بشريَّة، تجري بين كلِّ نبيٍّ وزوجته، مِن آدم إلى خاتم النبوَّة، إلاّ مَن لم يتزوج منهم: كيحيى، وعيسى، مِن غير اختصاص له بنبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزوجته عائشة.

ولم يُسمَع - إلى الآن - أنَّ أحداً مِن أزواج الأنبياء السابقين، أو أحداً مِن أزواج نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير عائشة، يُحدِّث بمِثل ما حدَّثته عائشة مِمَّا يَقبح ذِكره.

ولو كان مقصد عائشة، مِن ذكر تلك الأُمور، التي جرت بينها وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هو بيان فعل المعصوم ؛ نظراً إلى أنَّ فعله حُجَّة قاطعة في المسألة الفقهيَّة على الجواز، وعلى نفي الحُرمة ؛ لأمكنها بيان فعله بدون أنْ تذكر أنَّه قد جرى ذلك الفعل بينها وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فإذا سُئلت - مَثلا - عن :

____________________

(١) سُنن الدارقطني : ١/١٢٧. التعليق المُغني على الدارقطني : ١/١١١، كتاب الطهارة، باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإنْ لم يُنزل، وفي باب نسخ قوله الماء مِن الماء : ١/١٢٧. شرح معاني الآثار، تحقيق الشيخ محمد زهري النّجار : ١/٥٣، باب الذي يُجامع ولا يُنزل.

(٢) سُنن أبي داود : ١/١٢٠، كتاب الطهارة، باب في الرجل يُصيب منها ما دون الجُماع.

٢٤٢

التقاء الختانين، أو عن المُجامعة بغير إنزال، أو عن التقبيل في حال الصوم، فكانت تقول :

قد فعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

واغتسل هو وزوجته، أو فعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صائم، ونحو ذلك مِن التعبيرات السَّحنة، الغير القبيحة مِن دون لزوم التصريح :

بأنْ فعلته أنا ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأنَّه قبَّلني، ومَصَّ لساني.

وأنَّه قبَّل أينَ شاء مِن وجهي حتَّى يُفطر.

وبالجُملة، إنَّ عائشة كانت تَظنُّ أنَّ جميع ما جرى بينها وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مِمَّا يجري بين كلِّ رجُل وزوجته هو فضيلة لها ومنقبة !

ولكنْ، قد أخطأ حَدْسها، وخاب ظنُّها ؛ فإنَّ المعيار عند الله تعالى في أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيرهن هو التقوى ؛ قال الله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) سورة الحجر آية : ١٣. وقال :( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) إلى أنْ قال :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) الأحزاب : ٣٢ - ٣٣.

وقال مُخاطباً لأزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ) الأحزاب : الآيات ٢٩ - ٣١.

وقد سمعت في آخر باب أنَّ عائشة وحفصة، هما المرأتان اللَّتان قال الله تعالى فيهما، في أوَّل سورة التحريم :( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، مِن الزمخشري في الكشَّاف، في تفسير قوله تعالى، في آخر سورة التحريم الآيات : ١٠ - ١٢( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ) - إلى أنْ قال - :

( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ ) ( الآية ) ما هو قوله بلفظه :

٢٤٣

وفي طَيِّ هذين التمثيلين تعريض بأُمَّي المؤمنين المذكورتين، في أوَّل السورة، وما فُرِّط منهما، مِن التظاهر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشدِّه ؛ لما في التمثيل مِن ذِكر الكُفر - إلى أنْ قال - وأشار إلى أنَّ مِن حَقِّهما أنْ تكونا في الإخلاص، والكمال كمَثل هاتين المؤمنتين يعني :

امرأة فرعون، ومريم ابنت عمران

قال : وأنْ لا تتَّكلا على أنَّهما زوجا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فإنَّ ذلك الفضل لا ينفعهما، إلاّ مع كونهما مُخلصتين. إلخ.

وقد سمعت أيضاً مِن الفخر الرازي، في تفسيره الكبير، ما يقرب مِن ذلك، بلْ كاد أنْ يكون عينه تحقيقا. فراجع.

* * *

٢٤٤

٥ - باب ( في الأباطيل التي تنسبها عائشة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(*) .

١ - روى البخاري بسنده، عن عائشة أنَّها قالت :

دخل عليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعندي جاريتان تُغنِّيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال :

مِزمارة الشيطان عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إلى أنْ قال - :

فلمَّا غَفل غَمزتُهما فخرجت، وكان يوم عيدٍ، يلعب السودان بالدِّرق والحِراب.

فإمَّا سألتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإمَّا قال :

( تَشتهين تنظرين ؟ ).

قلت :نعم ؛ فأقامني وراءه خَدِّي على خَدِّه، وهو يقول :

( دونكم يا بني أرفدة ).

حتّى إذا مللت، قال : ( حسبك ؟ ).قلتُ : نعم.

قال: ( فاذهبي )(١) .

٢ - روى مسلم بسنده، عن عائشة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت :

____________________

(*) فيه ثلاثة أحاديث.

(١) صحيح البخاري ط استانبول : ٢/٢، كتاب العيدين، باب الحِراب والدِّرق يوم العيد. وفي: ٣/٢٢٨ كتاب الجهاد والسير باب الدروق.

صحيح البخاري بحاشية السندي : ١/١٧٦١٦٩، باب إذا فاته العيد. وعن عروة، عن عائشة، أنَّ أبا بكررضي‌الله‌عنه دخل عليها، وعندها جاريتان في أيَّام متى تَدفقان وتَضربان. إلخ.

صحيح مسلم : ٢/٦٧، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، في كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللَّعب بطُرق عديدة، وبألفاظ مُختلفة.

مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٦/٨٤. مُشكل الآثار للطحاوي : ١/١١٧ باختلاف في اللفظ، وقال المؤلِّف ( رضوان الله تعالى عليه ) : وقد روى الترمذي في صحيحه ج٢، في مناقب عمر حديثاً، يقرُب مضمونه مِن مضمون هذا الحديث.

٢٤٥

إِنَّ رجلاً سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الرجل يُجامع أهله، ثمَّ يكسل هو، عليها الغسل ؟ وعائشة جالسة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( إنِّي لأفعل ذلك أنا وهذه، ثمَّ نغتسل )(١) .

٣ - روى الإمام أحمد بسنده، عن عائشة، قالت :

خرجت مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أُبدِن.

فقال للناس : ( تقدَّموا ) ؛ فتقدَّموا. ثمَّ قال لي : ( تعالي حتَّى أُسابقك ) ؛ فسابقته فسبقته، فسكت عنِّي، حتَّى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أَسفاره.

فقال للناس : ( تقدَّموا ) ؛ فتقدَّموا، ثمَّ قال : ( تعالي حتَّى أُسابقك ) ؛ فسابقته فسبقني، فجعل يَضحك وهو يقول : ( هذه بتلك )(٢) .

المؤلِّف : وهل يُعقَل أنَّ جاريتين تُغنِّيان وتَدفقان، وتَضربان في بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان يوم عيد، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ساكت لا ينهى عن ذلك.

____________________

(١) صحيح مسلم : ١/١٨٧ ط استانبول، كتاب الطهارة، باب نسخ الماء مِن الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين. السُّنن الكبرى للبيهقي : ١/١٦٤، باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين. شرح معاني الآثار للطحاوي : ١/٥٥، تحقيق الشيخ محمد زهري النجار، كتاب الطهارة، باب الذي يُجامع ولا يُنزِل. سُنن الدارقطني : ١/١١، كتاب الطهارة، باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإنْ لم يُنزل، وفي باب نسخ الماء مِن الماء ص١٢٧.

(٢) مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٦/٢٦٤.

الرضوي : وأخرج الطحاوي، عن أبي هريرة، أنَّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أذا قعد (*) الرجل بين شُعَبها الأربع، ثمَّ اجتهد، وجب الغسل ).

(*) إذا قعد، أيْ : جلس أحدكم بين شُعبها، أي : المرأة، والشُعب بضَمِّ السين المُعجمة، وفتح العين المُهملة : النواحي، واحدها شُعبة. قال زين العرب : والمُراد منها ههنا رجلاها وطرفا شطريها. وقيل :

هي الرجلين واليدين.

وقيل : الرجلين والفَخذين. عن هامش شرح معاني الآثار : ١/٥٦. وأخرج الطحاوي، عن عروة بن الزبير، عن عائشة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( إذا جاوز (١) الختان الختان، فقد وجب الغسل ). شرح معاني الآثار : هامش : ١/١.٥٦ - إذا جاوز الختان الختان أيْ تعدَّى الختان وهو موضع القطع مِن فَرجَي الذكر والأُنثى كما مَرَّ. قال العلاَّمة أبو الطيِّب في شرح الترمذي : وهو أعمَّ مِن أنْ يكون مَختوناً أم لا ؛ إذ مُجاوزة ختانها كناية لطيفة عن الجُماع، وهو غيبوبة الحَشفة. شرح معاني الآثار : ١/ هامش ص٥٦.

٢٤٦

وهل يُعقَل أنْ يَحُسَّ أبو بكر قُبْح ذلك حتَّى انتهر عائشة ؟!

وقال : مزمارة الشيطان عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يَحسُّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وركاكته.

وهل يُعقل أنْ يُقيم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائشة مِن ورائه واضعاً خَدَّه على خَدِّها ؛ لتنظر عائشة إلى لعب السودان بالدِّرق في يوم العيد ؟!!

أوليس إذا وضع خَدَّه على خَدِّها، وهما ينظران إلى اللعب، فيراهما السودان، ومَن اجتمع حوله مِن الخَلق الكثير، وهما بتلك الحالة ؟!!

أفهل يوجد في المسلمين أحد، يُحبُّ ويرضى أنْ يراه الناس، وهو واضع خَدَّه على خَدِّ زوجته الشابة ؟!

أفهل يُعقَل أنْ يسأل رجل عادي مِن المسلمين، أو مِن غير المسلمين، مِمَّن له عقل وغيرة، عن حُكم الإدخال بغير الإنزال، فيُشير إلى زوجته الشابَّة الحاضرة في المجلس، فيقول :

( أنا أفعل ذلك مع هذه ) ؟!!

أفهل يُعقل أنَّ رجلاً مِن أهل الفضل والشرف، إذا كان في سفر يقول لأصحابه :

تقدَّموا ؛ ليتسابق هو وزوجته الشابَّة في البيداء ؟!!

حاشا وكلاّ، أنْ يَصدر شيء مِن هذه الأفعال الركيكة المُستهجَنة، عن رجل عادي مِن المسلمين، فضلاً عن نبيِّ هذه الأُمَّة، وأعقلهم، وأغيرهم، وأوقرهم أجمعين.

ولَعمري، ليس العَجَب مِن عائشة ؛ حيث افترت هذه الأَكاذيب الباطلة، على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي تَحسَب أنَّ كلَّ ذلك فضيلة لها ومنقبة، كما تقدَّم في الباب السابق عيناً.

ولكنَّ العَجَب كلَّ العَجَب مِن أئمَّة الحديث، وحَمَلة الأخبار، كيف قد أعمى الله قلوبهم، فهم لا يُبصرون، ولا يشعرون، ويُدوِّنون مِثل هذه الأحاديث الكاذبة في كتبهم بلا حياء، ولا خَجل، وهم يزعمون أنَّها مِن صِحاح الأخبار.

أو ليس هذه الأخبار، إذا نظر إليها الأجانب مِن اليهود والنصارى وغيرهم ؛ قالوا :

إنَّ نبيَّ المسلمين، ليس إلاّ رجُلاً عيّاشاً همُّه الشهوات واللّعب بالنساء، والتلذُّذ بهنَّ

٢٤٧

أنواع التلذُّذ في الحياة الدنيا، فيكونون هم السبب لضلالتهم وغوايتهم، وعدم رغبتهم، في الدخول في الإسلام.

أفهل ترى جِناية أعظمَ مِن ذلك، وظلماً وجريمةً أشدَّ منه، حاشا وكلاَّ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) ابراهيم: ٤٢.

بقي حديث واحد :

وهو ما رواه الإمام احمد بن حنبل، عن عائشة، قالت :أتت سهلة بنت سُهيل بن عمر - وكانت تحت أبي حذيفة بن عتبة - رسولَ الله، فقالت : إنَّ سالماً مولى أبي حذيفه يدخل علينا، وأنْا فُضُل (١) وإنْ كنَّا نراه ولداً، وكان أبو حذيفة تبنَّاه، كما تبنَّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زيداً، فأنزل الله :( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ) ،فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ذلك أنْ تُرضِع سالماً ؛ فأرضعته خَمس رضعات، وكان بمنزلة ولدها مِن الرضاعة، فذلك كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها، أنْ يُرضِعن مَن أحبَّت عائشة أنْ يراها، ويدخل عليها - وإنْ كان كبيراً - خَمس رضعات ؛ ثمَّ يدخل عليها .

وأبت أُمُّ سلمة وسائر أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنْ يُدخِلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً مِن الناس، حتَّى يُرضع في المَهْد(٢) .

ورواه الإمام مالك بن أنس - أيضاً - في موطِّأه، في كتاب الرضاع، في باب ما جاء في الرضاعة بعد الكِبر، باختلاف في اللفظ، وقال فيه :

إنَّ عائشة كانت تأمر أُختها، أُمَّ كلثوم بنت أبي بكر، وبنات أخيها، أنْ يُرضِعن مِن الرجال مَن أحبَّت هي أنْ يدخل عليها.

____________________

(١) الفُضُل، بضمِّ الفاء والضاد، الثوب الذي يُبتذل في الشغل، أو النوم، أو يَتوشَّح به الإنسان في بيته. ويُقال : رجل فُضُل، أي : مُتفضِّل في ثوبه، وكذلك امرأة فُضُل.

(٢) المُسند : ٦/٢٧١ - ٢٢٨ - ٢٦٩ - ٣٩. مُسند الإمام الشافعي : ص١٧٧ كتاب الرضاع. سُنن ابن ماجة : ١/٦٢٦، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. السُن الكبرى للبيهقي : ٧/٤٦٠، كتاب الرضاع، باب رضاع الكبير، وقال :

رواه البخاري في الصحيح.

٢٤٨

المؤلِّف : ولعلَّ هذا الحديث، أبطل مِن جميع ما تقدَّم في هذا الباب، مِمَّا نسبته عائشة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مِن الأحاديث الكاذبة، وهل يُعقل أنْ يأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالرضاع في حال الكِبر - كما ادعته عائشة في سالم مولى ابي حذيفة - ؟!!

ولو سُلِّم جواز ذلك، بمعنى تأثير الرضاع في هذا الحال، في نشر الحُرمة، وحصول المَحْرميَّة، فكيف يأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنْ يَرتضع الرجل الأجنبي مِن ثدي المرأة الأجنبيَّة ؟

إذ مِن الواضح المعلوم أنَّ الرضاع، مِمَّا لا يوجب نشر الحُرمة، إلاَّ إذا كان مِن الثدي، وإلاَّ فلا ينشر الحُرمة، ولا تحصل المَحْرميَّة وهل ذلك، أيْ : ارتضاع الرجل الأَجنبي، مِن ثَدي المرأة الأجنبيَّة، إِلاَّ مِمَّا يُضحِك به الثَّكْلى ؟!فكيف تُدوَّن مِثل هذه الأَباطيل الكاذبة، في الكتب الفقهيَّة، ويُنسَب هو إلى النبي الأَعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!!

وهل ذلك وأمثاله إِلاَّ مُصيبة على الإسلام والمسلمين، قد أَوردتها عائشة وأُناسٌ مِن حَملة الأحاديث، ورواة الأخبار ؟!! إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون(*) .

____________________

(*) قال الأُستاذ محمد السماوي التيجاني :

إنَّ الباحث عندما يقرأ مِثل هذه الروايات ؛ يُكذِّب عينيه لأوَّل وَهْلة، ولا يُصدِّق ما يرى وما يقرأ، ولكنَّها الحقيقة المؤلِمة، الّتي شَوَّهت عِصمة الرَّسول، وجعلت منه شخصاً مُستهتراً بالقيم الأخلاقيَّة إلى أبعد الحدود، ويجعل مِن دين الله أحكاماً تُضحِك المَجانين، ولا يُقرِّها عقلٌ، ولا ذوق، ولا مُروءَة، ولا شَهامة، ولا حياء، ولا إيمان، وإلاَّ كيف يقبل المسلم مِثل هذه الأحاديث المُنكَرة، عن رسول الله، الذي جعل الغيرة، والحَياء مِن دعائم الإيمان.

وهل يقبل مؤمن أنْ يَسمح لزوجته، أنْ تُخرج ثدييها إلى شابِّ بلغ مَبالغ الرجال ؛ لَيرضعها وتُصبِح بعد ذلك أُمَّاً له ؟؟؟؟؟

سبحانك إنَّه بُهتان عظيم، ولستُ أتصوَّر كيف منع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحرَّم علينا لَمس ومُصافحة المرأة الأجنبيَّة، وأباح لنا مَصَّ ثدييها.

أنا لم أفهم المقصود مِن وضع هذا الحديث، ولكنَّ المسألة لم تَقف عند حِدِّ الحديث، بل تعدَّاه وأصبح سُنَّة مُتَّبعة ؛ فكانت عائشة تبعث بالرجال، الذين كانت تُحبُّ أنْ يدخلوا عليها، إلى أُمِّ كلثوم أُختها فترضعهم.

وما عليك أيُّها القارئ، إلاّ أنْ تعرف بأنَّه لابُدَّ مِن خمس رضعات شَبِعات، حتَّى تُبيح لهم عائشة الدخول عليها، فقد روت عائشة فقالت :

كان فيما أنزل مِن القرآن عشر رَضعات معلومات يُحرِّمنَ، ثمَّ نُسخِنَ بخمسٍ مَعلومات، فتُوفِّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهُنَّ فيما يُقرأ مِن القرآن.

صحيح مسلم : ٤/١٦٧ باب التحريم بخمس رضعات.

لأكون مع الصادقين ص١١٨ - ١٢٠ط مؤسسة البُشرى - باريس.

٢٤٩

٦- باب إنّ عائشة تبغض علياًعليه‌السلام وتحسده وقد سُرّت بقتلهعليه‌السلام

١- روى الإمام أحمد بن حنبل بسنده عن عبيد الله بن عبد الله عباس، عن عائشة قالت: لمّا مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت ميمونة، فاستأذن نساءه أن يمرض في بيتي، فأذِنَّ له، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معتمداً على عباس وعلى رجل آخر ورجلاه تخطان في الأرض.

قال عبيد الله: فقال ابن عباس : أتدري من ذلك الرجل؟ هو: علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب لها نفساً، الحديث(١) .

ورواه أيضاً وقال فيه(٢) : قال: عبيد الله:

فحدثت به ابن عباس فقال:

تدرون من الرجل الآخر لم تسم عائشة ؟ هو : علي، ولكن عائشة لا تطيب له

____________________

(*) فيه ثلاثة أحاديث.

(١) المُسند : ٦/٣٨ - ٢٥١. صحيح النسائي : ١/١٣٤. صحيح ابن ماجة : ١١٧. مُستدرك الصحيحين : ٢/٥٦. سُنن الدارمي : ١/٢٨٧. السُّنن الكبرى للبيهقي : ١/٣١ وفي ٣/٨٠ وفي ٨/١٥١. المُسند : ٢/٥٢. الطبقات الكبرى لابن سعد : ٢/ قسم ٢ ص١٩ - ٢٨ - ٢٩، وقال فيه : قال ابن عباس : هو عليٌّ، إنَّ عائشة لا تَطيب له نفساً بخير. الحديث.

صحيح مسلم : ٢:٢١ط استانبول. رواه بطُرق عديدة.

(٢) مُسند الإمام أحمد بن حنبل : ٦/٢٢٨.

٢٥٠

نفساً.

ورواه البخاري أيضا، في كتاب الوضوء، في باب الغسل والوضوء، في المخضب(١) ، وفي كتاب الصلاة، في باب حَدِّ المريض أنْ يشهد الجماعة(٢) ، وفي باب إنَّما جعل الإمام ليؤتم به، وفي كتاب الهِبة، باب هِبة الرجل لامرأته(٣) ، وفي كتاب بدأ الخَلق، في باب مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي كتاب الطِبِّ، في باب حدَّثنا بشر بن محمد(٤) .

٢ - روى الامام احمد بن حنبل بسنده، عن النعمان بن بشير، قال :استأذن أبو بكر، على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،فسمع صوت عائشة عالياً، وهي تقول : والله، لقد عَرفت أنَّ عليَّاً أحبَّ إليك مِن أبي ومِنِّي - مَرَّتين أو ثلاث - فاستأذن أبو بكر، فدخل فأهوى إليها .

فقال :يا بنت فلانة، ألاْ أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!(٥) .

ورواه النسائي - أيضاً - صاحب الصحيح، وقال :فأهوى لها لَيلطمها، وقال لها :

يا بنت فلانة، أراك ترفعين صوتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،فأمسكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،وخرج أبو بكر مُغضِبا . ( الحديث )(٦) .

٣ - قال ابن سعد : قالوا : وذهب بقتل عليٍّ إلى الحِجاز، سفيان بن أُميَّة بن أبي سفيان بن أُميَّة بن عبد شمس، فبلغ ذلك عائشة، فقالت :

فألقت عصاها وأستقرَّت بها النوى

كما قرَّ عيناً بالإياب المُسافر(٧)

المؤلِّف : وهذا البيت مِمَّا يُضرب به المَثل، إذا حصلتْ الراحة بعد الشِّدَّة، والفرح بعد الكَرب والمَشقَّة ؛ فتمثُّل عائشة به مِمَّا يُنبئ، بلْ هو صريح في سرورها بقتل عليٍّعليه‌السلام .

____________________

(١) صحيح البخاري بحاشية السندي : ١/٤٩.

(٢) المصدر نفسه : ١/١٢٢ - ١٢٦.

(٣) صحيح البخاري بحاشية السندي : ٢/٩١.

(٤) صحيح البخاري بحاشية السندي : ٤/١٢ طبعة الحلبي.

(٥) المُسند : ٤/٢٧٥.

(٦) خصائص أمير المؤمنين ص٢٨ط مصر عام ١٣٤٨.

(٧) الطبقات الكبرى : ٣ق ١/٢٧.

٢٥١

بقي شيء :

وهو أنَّه قد تحصَّل لك، مِن مجموع أخبار هذا الباب، أنَّ عائشة كانت مِمَّن يُبغِض عليَّاًعليه‌السلام ويكرهه.

وأمَّا حُكم مَن أبغض عليَّاًعليه‌السلام وكَرِهه، فيظهر لك تفصيله بمراجعة كتابنا الموسوم : بفضائل الخمسة مِن الصحاح السِّتَّة ج١. باب جُملة مِن الآيات النازلة في أعداء عليٍّعليه‌السلام وج٢. باب ما جاء في بُغض أهل البيت وأذاهم، وباب مَن أحبَّ عليَّاًعليه‌السلام ؛ فقد أحبَّ الله، ومَن أبغض عليَّاًعليه‌السلام ؛ فقد أبغض الله. وباب أنَّ حُبَّ عليٍّعليه‌السلام إيمان وبُغضه نفاق. وباب أنَّ حُبَّ عليٍّعليه‌السلام حسنة ويأكل الذنب، وجواز النار وبراءة منها، ويُثبِّت القدم، وبُغضه سيِّئة لا تنفع معها حسنة.

* * *

٢٥٢

٧ - باب ( إنَّ فاطمةعليها‌السلام أوصت أنَّها إذا ماتت لا تدخل عليها لا عائشة ولا غيرها )(*) .

١ - روى البيهقي بسنده، عن أُمِّ جعفر بنت محمد بن جعفر :أنَّ فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت : ( يا أسماء، إنِّي قد استقبحت ما يُصنع بالنساء، أنْ يُطرَح على المرأة الثوب فيصفها ).

فقالت أسماء :يا بنت رسول الله، ألاْ أُريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة، فدعت بجرائد رَطِبَة فحنتها، ثمَّ طرحت عليها ثوباً .

فقالت فاطمة : ( ما أحسن هذا وأجمله !(١) يُعرف به الرجل مِن المرأة ؛ فإذا أنا مُتُّ، فاغسليني أنت وعليٌّ، ولا تُدخِلي عليَّ أحداً ).

فلمَّا توفِّيت جاءت عائشة ؛ تدخل.

فقالت أسماء : لا تَدخُلي ؛ فشكت أبا بكر، فقالت :

____________________

(*) فيه حديث واحد.

(١) الرضوي : الظاهر أنّ لفظة [ لا ] ساقطة منه، والصواب : لا يُعرَف به الرجل مِن المرأة.

٢٥٣

إنَّ هذه الخثعميَّة، تحول بيني وبين ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد جعلتْ لها مثل هَوْدَج العروس.

فجاء أبو بكر، فوقف على الباب.

وقال :يا أسماء ما حملك أنْ مَنعتِ أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدخلنَ على ابنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعلتِ لها مِثل هَوْدَج العروس ؟

فقالت :أمرتْني أنْ لا تُدخلي عليَّ أحداً، وأريتها هذا الذي صنعت، وهي حيَّة ؛ فأمرتْني أنْ أصنع ذلك لها .

فقال أبو بكر :فاصنعي ما أمرتْكِ، ثمَّ انصرف، وغسَّلها عليٌّ وأسماء (١) .

المؤلِّف : إنَّ فاطمةعليها‌السلام ، وإنْ أَوصت أسماء أنْ لا تُدخِل عليها أحداً بنحو العموم، لا عائشة ولا غيرها، ولكنَّ الظاهر أنَّ المقصود - بالأصالة - مِن المَنع هو : عائشة بالخصوص، وإنَّما أوصت بنحو العموم ؛ حيث لا يُمكن التبعيض بين أزواج النبي، فتُرخِّص لبعضٍ دون بعضٍ.

ولَعمري، إنَّ مِن الواضح المعلوم، أنَّ ما دعت فاطمةعليها‌السلام إلى الوصيَّة المذكورة، إلاَّ أنَّها كانت تعلم أنَّ عائشة تُبغِضها، وتَسرُّ بموتها، كما عرفت في الباب السابق، أنَّها كانت تُبغِض عليَّاًعليها‌السلام وتحسده، وقد سَرَّت بقتله ووفاته، فلو كانت عائشة مِمَّن تُحبُّ فاطمةعليها‌السلام ، لمْا أوصتْ بالوصيَّة المذكورة، ولمْا مَنعت أسماء عائشة مِن الدخول على فاطمةعليها‌السلام أبداً.

* * *

____________________

(١) السُّنن الكبرى : ٤/٣٤، باب ما ورد في النعش للنّساء.

٢٥٤

٨ - باب ( إنَّ الله ورسوله قد أمر نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلزوم البيت )(*) .

المؤلِّف : أما أمر الله تبارك وتعالى نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بلزوم البيت، فذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب : ٣٢، ٣٣.

( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ - إلى أنْ قال : -وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) .

وأما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نسائه بلزوم البيت(١) ، فالأخبار في ذلك كثيرة، وهذه جُملةٌ منها

____________________

(*) - فيه سِتَّة أحاديث.

(١) يقول السيد مرتضى الرضوي، صاحب التعليق على هذا الكتاب : في عام ١٩٦٥م :زرت الدكتور طه حسين في منزله بالقاهرة، وسألته عن رأيه في عائشة، فقال : كان أحد الأساتذة يقول :

لو أدركت عائشة لأوجعتها ضرباً، حتّى أقعدتها في بيتها ؛ لقوله تعالى :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) الأحزاب: ٣٣.

ثمَّ قال الدكتور طه :ولما بلغ عائشة خِلافة الإمام علي، قالت :

ليتَ السّماء قد أطبقت على الأرض.

ولمَّا بلغها وفاته فَرِحت، وتمثَّلت بهذا البيت :

فألقت عصاها واستقرَّت بها النّوى

كما قَرَّ عيناً بالإياب المُسافر

انظر : مع رجال الفكر في القاهرة ص١٩٨، الحلقة الأُولى ط مصر عام ١٣٩٩ه-.

٢٥٥

مِمَّا ظفرتُ عليه على العَجالة.

١ - روى ابن سعد بسنده، عن عطاء بن يسار :أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأزواجه : ( أيَّكُنَّ اتَّقت الله، ولم تأت بفاحشة مُبيَّنة، ولزمت ظهر حصيرها ؛ فهي زوجتي في الآخرة )(١) .

٢ - وروى ابن سعد بسنده، عن أبي هريرة، قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنسائه في حَجَّة الوداع : ( هذه، ثمَّ ظُهور الحُصُر ).

قال :وكُنَّ يَحجُجن كلهُنَّ، إلاَّ سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش. قالتا : لا تُحرِّكنا دابَّة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣ - وروى ابن سعد بسنده، عن عبد الرحمان بن سعيد بن يربوع :أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لنسائه في حَجَّة الوداع : ( هذه الحَجَّة، ثمَّ ظُهور الحُصُر )(٢) .

٤ - روى الخطيب البغدادي بسنده، عن واقد بن أبي واقد، عن أبيه : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لسنائه في حَجَّته : ( هذه، ثمَّ الحَجَّة ظُهور الحُصُر )(٣) .

المؤلِّف : وقيل في الشرح، أُيْ : إنَّكُنَّ لا تَعدُنَ تَخرجن مِن بيوتكُنَّ، وتَلزمن الحُصُر جمع حصير، الذي يُبسط في البيوت. ( انتهى ).

٥ - قال ابن حجر : وعن أُمِّ سلمة، قالت : قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حَجَّة الوداع : ( هي هذه الحَجَّة، ثمَّ الجلوس على ظهور الحُصُر في البيوت ).

قال : رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير بنحوه. ورجال أبي يعلي ثقات(٤) .

٦ - وقال ابن حجر : وعن ابن عمر : أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمَّا حَجَّ بنسائه، قال :

____________________

(١) الطبقات الكبرى : ٨/١٥٠ط ليدن.

(٢) المصدر نفسه : ٨/١٥٠. أُسد الغابة : ٥/٤٦٤، ترجمة زينب بنت جحش.

(٣) تاريخ بغداد : ٧/١١٠. تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني : ١١/١٠٧.

(٤) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٣/٢١٤.

٢٥٦

( إنَّما هي هذه، ثمَّ عليكم بظهور الحُصُر )(*) .

قال : رواه الطبراني في الأوسط(١) .

* * *

____________________

(*) -الرضوي : في هامش تاريخ بغداد : ٧/١١٠، تعليق على كلمة الحُصُر، قال : أيْ إنَّكُنَّ لا تَعدُنَ تَخرجُنَ مِن بيوتكُنَّ، وتلزمْنَ الحُصُر، جمع حصير، الذي يُبسط في البيوت.

(١) مجمع الزوائد : ٣/٢١٤.

٢٥٧

٩ - باب ( في نهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائشة عن قتال عليعليه‌السلام وقد أخبرها أنَّها تنبحها كلاب الحوأب )(*) .

١ - روي الحاكم بسنده، عن أُمِّ سلمة، قالت : ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خروج بعض أُمَّهات المؤمنين، فضحكتْ عائشة، فقال :

( انظري - يا حُميراء - أنْ لا تكوني أنت ). ( الحديث )(١) .

٢ - روى المُتَّقي، عن طاووس : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لنسائه :

( أيَّتُكنَّ تَنبحها كِلاب كذا وكذا، إيِّاك يا حُميراء ؟ ).

قال : أخرجه نعيم بن حماد في الفتن. قال : وسنده صحيح(٢) .

٣ - روى الطبري بسنده، عن الزهري، قال :بلغني أنَّه لمَّا بلغ طلحة والزبير مِنزل عليٍّ

____________________

(*) فيه اثنا عشر حديثاً.

(١) مُستدرك الصحيحين : ٣/١١٩.

(٢) كنز العمَّال : ٦/٨٤. ط حيدر آباد - الهند.

٢٥٨

بذي قار، انصرفوا إلى البصرة، فاخذوا على المُنكدر، فسمعت عائشة نُباح الكِلاب.

فقالت :أيُّ ماءٍ هذا ؟

فقالوا :الحوأب .

فقالت : إنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون، إِنِّي لهيه. قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول - وعنده نساءه - :

( ليت شِعري أيَّتُكنَّ تنبحها كِلاب الحوأب ؟ ).

فأرادت الرجوع، فأتاها عبد الله بن الزبير، فزعم أنَّه قال :

كَذِب مَن قال : إِنَّ هذا الحوأب.

ولم يَزل حتَّى مضت، فَقَدِموا البصرة. ( الحديث )(١) .

٤ - روى الحاكم بسنده، عن قيس بن أبي حازم، قال :لمَّا بلغت عائشة بعض ديار بني عامر، نبحت عليها الكِلاب .

فقالت :أيُّ ماءٍ هذا ؟

قالوا :الحوأب.

قالت :ما أظُنِّي إِلاَّ راجعة .

فقال الزبير :لا بَعد. تقدَّمي ويراك الناس، ويُصلِح الله ذات بينهم.

قالت :ما أظُنَّني إلاَّ راجعة ؛ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( كيف بإحداكُنَّ، إذا نبحتها كِلاب الحوأب؟).

قال العسقلاني : أخرج هذا أحمد، وأَبو يعلى، والبزَّار. وصحَّحه ابن حبان، والحاكم. وسنده على شرط الصحيح(٢) .

٥ - روى الإمام أحمد بن حنبل بسنده، عن قيس بن أبي حازم :أنَّ عائشة قالت - لمَّا أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب - [ فقالت ] : ما أظنُّني إلاَّ راجعة ؛ إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لنا : ( أيَّتُكنَّ تنبح عليها كِلاب الحوأب ؟ ).

فقال لها الزبير :ترجعين عسى الله عزَّ وجلَّ أَنْ يُصلح بكِ بين الناس (٣) .

٦ - روى ابن حجر، في ترجمة سلمى بنت مالك بن حذيفة، قال :

وكانت سلمى سُبيت، فاعتقتها عائشة، ودخل بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي عندها فقال : ( إِنَّ

____________________

(١) تاريخ الطبري : ٣/٤٨٥. ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة عام ١٣٥٧ه-.

(٢) مُستدرك الصحيحين : ٣/١٢٠.

(٣) المُسند : ٦/٩٧. مجمع الزوائد : ٧/٢٣٤، قال : رواه أحمد، وأبو يعلي، والبزَّار. ورجال أحمد رجال الصحيح.

٢٥٩

أحداكُنَّ تَستنبح كِلاب الحوأب )(١) .

٧ - روى علي بن أبي بكر الهيثمي، عن ابن عباس، قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنسائه : ( ليتَ شِعري أيَّتكُنَّ صاحبة الجَمل الأَدبب، تخرج فتنبحها كِلاب الحوأب، يُقتل عن يمينها وعن يسارها قَتلى كثير، ثمَّ تنجو بعدما كادت ؟ )(٢) .

٨ - وروى الهيثمي، عن عائشة، قالت :كان يوم مِن السنة، تَجتمع فيه نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنده يوماً إلى الليل - وساق الحديث إلى أنْ قال - قالت :

وفي ذلك اليوم قال : ( كيف بإحداكُنَّ تنبح عليها كِلاب الحوأب ؟ ).

قال : رواه الطبراني في الأوسط(٣) .

٩ - روى المُتَّقي، عن عائشة، أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأزواجه : ( أيَّتُكنَّ التي تنبحها كلاب الحوأب ؟ )، فلمَّا مَرَّت عائشة ببعض مِياه بني عامر ليلاً، نبحت الكلاب عليها، فسألت عنه.

فقيل لها : هذا ماء الحوأب ؛ فوقفت وقالت :

ما أظنُّني إلاَّ راجعة ؛ إنِّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال - ذات يوم - :

( كيف بإِحداكُنَّ تنبح عليها كلاب الحوأب ؟ ).

قيل لها :يا أُمَّ المؤمنين، إنَّما تُصلحين بين الناس .

قال : أخرجه ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في الفِتن(٤) .

١٠ - روى ابن عبد البرّ بسنده، عن ابن عباس، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أيَّتُكنَّ صاحبة الجَمل الأَدبب، يُقتَل حولها قتلى كثير، وتنجو ما

____________________

(١) الإصابة في تمييز الصحابة : ٨ق ١/١١١. ط كلكتا - الهند.

(٢) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٧/٢٣٤. فتح الباري : ١٦/١٦٥، قال : رواه البزَّار ورجاله ثقات. الطبعة الأُولى.

(٣) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ٨/٢٨٩.

(٤) كنز العمَّال : ٦/٨٣ ط. حيدر آباد - الهند.

٢٦٠