سبعة من السلف

سبعة من السلف0%

سبعة من السلف مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 392

سبعة من السلف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي
تصنيف: الصفحات: 392
المشاهدات: 73910
تحميل: 3768

توضيحات:

سبعة من السلف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73910 / تحميل: 3768
الحجم الحجم الحجم
سبعة من السلف

سبعة من السلف

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١٢ - باب ( ما جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذمِّ بني أُميَّة عموماً )(*) .

١ - روى الحاكم بطريقين، عن راشد بن سعد، عن أَبي ذر، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( إذا بلغتْ بنو أُميَّة أربعين اتَّخذوا عباد الله خَوَلاً، ومال الله نَحَلاً، وكتاب الله دَغَلاً )(١) .

٢ - وروى الحاكم بسنده، عن أبي برزة الأسلمي، قال :كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنو أُميَّة، وبنو حنيفة، وثَقيف.

قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين(٢) .

٣ - وروى الحاكم بسنده، عن أبي سعيد الخدري، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنَّ أهل بيتي سيلقون مِن بعدي مِن أُمَّتي قتلاً وتشريداً، وإِنَّ أشدَّ قومنا لنا بُغضاً بنو أُميَّة، وبنو المُغيرة، وبنو مَخزوم ).

____________________

(*) فيه إحدى عشر حديثاً.

(١) مُستدرك الصحيحين : ٤/٤٧٩. كنز العمَّال : ٦/٣٩ط حيدر آباد - الهند، وقال : مال الله دَخَلا.وقال : أخرجه ابن عساكر.

(٢) مُستدرك الصحيحين : ٤/٤٨٠ - ٤٨١. حلية الأولياء : ١٠/٧١، قال : رواه أبو يعلى.

٣٠١

قال : هذا حديث صحيح الإسناد(١) .

٤ - روى أبو نعيم بسنده، عن أبي عثمان النهدي، عن عمران بن حصين، قال :توفِّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،وهو يُبغض ثلاث قبائل : بني حنيفة، وبني مَخزوم، وبني أُميَّة.

قال : ورواه هشام بن حسان، عن الحسن، عن عمران بن حصين(٢) .

٥ - روى المُتَّقي الهندي، عن بجالة، قال :قلت لعمران بن حصين، حدِّثني عن أبغض الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال :تكتم عليَّ حتَّى أموت ؟

قلت :نعم .

قال: بنو أُميَّة، وثقيف، وبنو حذيفة.

قال : أخرجه نعيم بن حماد في الفتن(٣) .

٦ - وروى المُتَّقي، عن عمر بن الخطاب، في قوله :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً ) قال هما الأفجران مِن قريش : بنو أُميَّة، وبنو المُغيرة.

فأَمَّا بنو المُغيرة، فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأمَّا بنو أُميَّة فمُتِّعوا إلى حين.

قال : أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني في الجامع الصغير.

المؤلِّف : وذكر هذا الحديث في سورة إبراهيم، وقال : أخرجه الطبراني في الأَوسط، والحاكم وصحَّحه.

قال :

____________________

(١) مُستدرك الصحيحين : ٤/٤٨٧. كنز العمَّال : ٦/٤٠ط حيدر آباد - الهند، وقال : أخرجه نعيم بن حماد في الفتن.

(٢) حلية الأولياء : ٦/٢٩٣ - ٢٩٤.

الرضوي : لم نعثر على هذا النّص في الطبعة التي عندنا.

(٣) كنز العمَّال : ٦/٦٨ط حيدر آباد - الهند.

(٤) المصدر نفسه : ١/٢٥٢.

٣٠٢

وأخرج ابن مردويه، عن عليعليه‌السلام : أنَّه سُئِل عن( الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً ) قال : ( بنو أُميَّة، وبنو مخزوم رهط أبي جهل )(١) .

الزمخشري في تفسير قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً ) في سورة إبراهيم، وروي عن عمر قال :

هم : الأفجران مِن قريش : بنو المُغيرة، وبنو أُميَّة.

فأمَّا بنو المُغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأمَّا بنو أُميَّة فمُتِّعوا حتَّى حين(٢) .

المؤلِّف : وذكر هذا الحديث السيوطي في الدُّرِّ المنثور.

وقال : أخرجه البخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب(٣) .

٨ - روى المُتَّقي الهندي، عن حمران بن جابر الحنفي - وكان أحد الوفد - قال :

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( ويلٌ لبني أُميَّة ) - ثلاث مَرَّات -.

قال : أَخرجه ابن مندة، وأبو نعيم(٤) .

٩ - وروى المُتَّقي، عن ابن مسعود، قال: إنَّ لكلِّ دين آفة، وآفة هذا الدين بنو أُميَّة.

قال : أَخرجه نعيم بن حماد في الفتن(٥) .

١٠ - وروى المُتَّقي، عن ابن مسعود، قال: إنَّ لكلِّ دين آفة، وآفة هذا الدين بنو أُميَّة.

قال : أخرجه نعيم بن حماد في الفتن(٦) .

١١ - وروى المُتَّقي قال: لا تقوم الساعة حتَّى يخرج ثلاثون كذَّاباً - إلى أنْ قال : -وشرُّ

____________________

(١) المصدر نفسه : ١/٢٥٢.

(٢) تفسير الكشَّاف : ٢/٣٧٧، تفسير سورة إبراهيم، ط دار الفكر بيروت.

(٣) الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمأثور : ٤/٨٤.

(٤) كنز العمَّال : ٦/٩١ط حيدر آباد - الهند.

(٥) المصدر نفسه : ٧/١٤٢.

(٦) كنز العمَّال : ٧/١٤٢. طبعة حيدر آباد - الهند.

٣٠٣

قبائل العرب بنو أُميَّة، وبنو حنيفة، والثقيف.

قال : أَخرجه ابن أبي شيبة، وابن عدي عن الزهري.

المؤلِّف : وذكر هذا الذهبي في ميزان الاعتدال ٢/١٨١. وصحَّحه، وقال : عن ابن الزبير، قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لا تقوم الساعة ) ( إلى آخره )(١) .

* * *

____________________

(١) ميزان الاعتدال : ٧/١٧١.

٣٠٤

١٣ - باب ( في رؤيا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّ بني أُميَّة ينزون على منبره نزو القِردة وإنَّهم مِن شَرِّ الملوك )(*) .

١ - الفخر الرازي، في ذيل تفسيره قوله تعالى :

( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ) .

سورة بني إسرائيل : ٦٠.

قال :وفي هذه الرؤيا أقوال - إلى أنْ قال : -والقول الثالث قال : سعيد بن المسيب : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني أُميَّة ينزون على منبره نزو القردة ؛ فساءه ذلك.

قال : وهذا قول ابن عباس في رواية عطا(١) .

٢ - السيوطي في ذيل تفسير الآية المُتقدِّمة قال :

____________________

(*) فيه سبعة أحاديث.

(١) تفسير مفاتيح الغيب : ٢٠/٢٣٧ط بيروت، آية( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا ) .

٣٠٥

وأخرج ابن أبي حاتم، عن يعلى بن مُرَّة، قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أُريتُ بني أُمية على منابر الأرض، وسيمتلَّكونكم ؛ فتجدونهم أرباب سوء ).

واهتمَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك فانزل الله( وَمَا جَعَلْنَا الرّؤْيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً لّلنّاسِ ) .(١)

٣ - وقال أيضاً : أخرج ابن مردويه، عن الحسين بن عليعليهما‌السلام : ( أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أصبح وهو مهموم، فقيل : مالك يا رسول الله ؟

فقال : إِنِّي رأيت في المنام، كأنَّ بني أُميَّة يتعاورون منبري هذا.

فقيل : يا رسول الله، لا تهتم ؛ فإنَّها دنيا تنالهم، فانزل الله :( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ) )(٢) .

٤ - وقال أَيضاً : أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال :

رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني أُميَّة على المنابر ؛ فساءهُ ذلك ؛ فأوحى الله إليه : إنَّما هي دنيا أُعطُوها فقرَّت عينه، وهي قوله :( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ) يعني بلاء للناس.

المؤلِّف : وذكر هذا الحديث(٣) المُتَّقي، وقال : كما في الدُّرِّ المنثور أَخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر(٤) .

ثمَّ إنَّ في المقام روايات أُخرى، في رؤيا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني أُميَّة ينزون على منبره نزو القردة، قد وردت في بني الحَكم بن أَبي العاص، وأنَّهم الشجرة الملعونة في القرآن، وأنَّ مروان بن الحكم هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون، وأنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن الحكم و

____________________

(١) الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمأثور : ٤/١٩١.

(٢) الدُّرُّ المنثور : ٤/١٩١.

(٣) كنز العمَّال : ٧/١٤٢، ط الهند.

(٤) الدُّرُّ المنثور : ٤/١٩١.

٣٠٦

ما يخرج مِن صُلبه إلى يوم القيامة، وأنَّهم إذا بلغوا ثلاثين رجُلاً اتَّخذوا مال الله دولاً، وعباد الله خَولاً، ودين الله دَغَلاً.

وقد عقدنا لمجموع هذه الروايات، وما يقرب منها باباً مُستقلَّاً، في كتابنا الموسوم بفضائل الخمسة مِن الصحاح السِّتَّة، في الجزء الثالث منه، وسميناه ب- : باب ما جاء في ذمِّ مروان، وولده، وأبيه الحكم بن أبي العاص ( فراجع ).

٥ - روى الترمذي بسنده، عن سعيد بن جهان، قال :

حدَّثني سفينة، قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( الخلافة في أُمَّتي ثلاثون سنة، ثمَّ مَلَك بعد ذلك )، ثمَّ قال لي سفينة : أَمسِك عليك خلافة أَبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثمَّ قال لي : أمسِك خلافة عليٍّ عليه‌السلام .

قال :فوجدناها ثلاثين سنة.

قال سعيد :فقلت له : إنَّ بني أُميَّة يزعمون أنَّ الخلافة فيهم.

قال :كَذبوا بنو الزرقاء، بلْ هم مُلوك مِن شَرِّ المُلوك.

قال الترمذي : قد رواه غير واحد، عن سعيد بن جهان(١) .

قال ابن حجر : وقال علي بن عاصم، عن أبي ريحانة، عن سفينة، رفعه : ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة )،فقال رجل في مجلس عليٍّ : دخلتْ مِن هذة الثلاثين سِتَّة شهور، في خلافة مُعاوية !

فقال :مِن ههنا أتيت، تلك الشهور كانت البيعة للحسن بن علي، بايعه أَربعون ألفاً (٢) .

ابن عبد البرِّ، في ترجمة مُعاوية بن أبي سفيان، قال : وقال ابن بكير، عن الليث :

مات مُعاوية في رجب لأربعِ ليالٍ بقين مِن سنة ٦٠.

وقال: إنَّه أوَّل مَن جعل ابنه وليَّ العهد، خليفةً مِن بعده، في أيَّام حياته.

قال :

____________________

(١) سُنن الترمذي : ٤/٦٠٣، كتاب الفتن تحقيق إبراهيم عطوة عوض.

(٢) تهذيب التهذيب : ٢/٢٥٩ط، دار الفكر بيروت.

٣٠٧

وقال الزبير : هو أوَّل مَن اتَّخذ ديوان الخاتم، وأمر بهدايا النيروز، والمَهرجان، واتَّخذ المقاصير في الجوامع.

وأوَّل مَن قتل مُسلماً صبراً حِجْراً وأَصحابه.

وأوَّل مَن أَقام على رأسه حرساً، وأَوَّل مَن قُيِّدت بين يديه النجائب.

وأوَّل مَن اتَّخذ الخصيان في الإِسلام.

وأوَّل مَن بلغ درجات المِنبر خمس عشر مُرقاة، وكان يقول : أنا أوَّل الملوك(١) .

* * *

____________________

(١) الاستيعاب : ٣/١٤١٩ - ١٤٢٠ تحقيق على محمد البجاوى ط بمصر.

٣٠٨

١٤ - باب ( في خُطبة مُعاوية بن يزيد في ذمِّ جَدَّه مُعاوية بن أبي سفيان وفي ذمِّ أبيه يزيد بن مُعاوية )(*) .

قال ابن حجر : ومات - يعني - مُعاوية بن يزيد بن مُعاوية، سنة أربع وستِّين، لكنْ عن ولد شابٍّ صالحٍ، عُهِد إليه فاستمرَّ مريضاً إلى أنْ مات، ولم يخرج إلى الناس، ولا صلَّى بهم، ولا أدخل نفسه في شيء مِن الأُمور، وكانت مُدَّة خلافته أربعين يوماً، وقيل : شهرين، وقيل : ثلاثة أشهُر، ومات عن إحدى وعشرين سنة، وقيل : عشرين.

قال : ومِن صلاحه الظاهر، أنَّه لمَّا وَليَ صعد المنبر، فقال :

إنَّ الخلافة حَبل الله، وإنَّ جَدِّي مُعاوية نازع الأمر أهله، ومَن هو أحقُّ به منه، عليُّ بن أبي طالب، وركب بكم ما تعلمون، حتَّى أتته منيَّته، فصار في قبره، رهيناً بذنوبه، ثمَّ قلَّد أبي الأمر، وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه. ثمَّ بكى.

____________________

(*) فيه حديث واحد.

٣٠٩

وقال : مِن أعظم الأُمور علينا، علمنا بسوء مصرعه، وبؤس مُنقلبه، وقد قتل عِترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأباح الخمر، وخرَّب الكعبة، ولم أذق حَلاوة الخلافة، فلا أتقلَّد مَرارتها، فشأنكم أَمركم. والله، لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظَّاً، ولئن كانت شَرَّاً فكفى ذريَّة أبي سفيان ما أصابوا منها.

قال :ثمَّ تغيَّب في منزله، حتَّى مات بعد أربعين يوماً - كما مَرَّ - ف رحمه‌الله أَنصفُ مِن أبيه، وعرف الأمر لأهله (١) .

المؤلف : مُعاوية بن يزيد، أنصف مِن أبيه وجَدِّه جميعاً ؛ حيث صرَّح أنَّ جَدَّه - يعني مُعاوية بن أبي سفيان - نازع الأمر أهله، ومَن هو أحقُّ به منه، علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأنَّه ركب بالناس ما يعلمون، حتَّى أَتته منيَّته، فصار في قبره رهيناً بذنوبه، وهذا هو عين الإنصاف منهرحمه‌الله ولكنَّ ابن حَجر لا يَطيب نفساً، أنْ يعترف مُعاوية بن يزيد بخطأ جَدِّه مُعاوية بن أبي سفيان، وأنَّه في قبره مرهون بذنوبه وخطاياه، أسئل الله أنْ يحشره معه، وأَنْ يجعله مِن جُلسائه ورفقائه حيث ما كان.

( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) الإسراء : ٧١.

* * *

____________________

(١) الصّواعق المُحرقة : ص١٣٤. ط مصر عام ١٣١٢ه-.

٣١٠

١٥ - باب ( إنَّ مُعاوية قد حرَّم مُتعة الحَجِّ كما حرَّمها عمر مِن قبل )(*) .

١ - روى النسائي بسنده، عن طاوس، قال : قال مُعاوية لابن عباس :أعلمت أنِّي قصَّرت مِن رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند المروة ؟

قال : لا.

يقول ابن عباس :هذا مُعاوية نهى الناس عن المُتعة، وقد تمتَّع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

المؤلِّف : وروى هذا الحديث أحمد بن حنبل، عن طاوس، عن ابن عباس، قال :

٢ - قال لي مُعاوية : علمت أنِّي قصَّرت مِن رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمِشقَص ( يعني عند المَروة كما صُرِّح به في جُملة مِن الروايات التي رواها في المقام ).

فقلت له : لا أعلم هذا إلاَّ حجَّة عليك. انتهى(٢) .

ومعنى أنَّه حجَّة عليك أنْ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قصَّر عند المروة، فهذا إحلال مِن العُمرة ؛ فإنَّ الإحلال مِن الحَجِّ يكون بمِنى، فإذا ثبت أنَّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أحلَّ مِن عُمرته عند المروة

____________________

(*) فيه أربعة أحاديث.

(١) سُنن النسائي : ٥/١٥٣ - ١٥٤، ط مصر.

(٢) المُسند : ٤/٩٧.

٣١١

فقد ثبت أنَّه قد أتى بحَجِّ التمتُّع، فإنَّ التمتُّع عُمرة، ثمَّ إحلالٌ، ثمَّ حَجٌّ، وإذا أَتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحَج التمتَّع، فلا يبقى مجال لنهي مُعاوية عنها أبداً.

٣ - روى مسلم بسنده، عن غنيم بن قيس، قال :سألت سعد بن أبي وقَّاص، عن المُتعة.

فقال :فعلناها، وهذا يومئذٍ كافر بالعرش، يعني : بيوت مَكَّة (١) .

ثمَّ رواه بطريق آخر، وقال فيه : عن المُتعة في الحَجِّ.

ورواه البيهقي وقال :وأراد سعد بن أبي وقَّاص بما قال : مُعاوية بن أَبي سفيان، وأراد بالعرش : بيوت مَكَّة.

ثمَّ رواه بطريق آخر، قال فيه : غنيم بن قيس، قال :سألت سعد بن مالك، عن التمتَّع بالعُمرة إِلى الحَجِّ.

فقال :فعلتُها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا يومئذٍ كافر في العرش، يعني : مَكَّة، ويعني به : مُعاوية . انتهى(٢) .

ورواه الطحاوي أَيضاً، وقال فيه :غنيم بن قيس، سألت سعد بن مالك، عن مُتعة الحَجِّ، فقال : فعلناها وهو يومئذ مُشرك بالعُرُش (٣) ،يعني : مُعاوية في بيوت مكة (٤) .

ثمَّ إنَّك قد عرفت - في باب نهي عمر عن مُتعة الحَجِّ - إنَّ مُتعة الحَجِّ هي مِمَّا أحلَّها الله ورسوله، وقد حرَّمها عمر، وعرفت في آخر الباب المذكور، قول الله تبارك وتعالى :

( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَ-ئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) .

٤ - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن قال في ديننا برأيه فاقتلوه )، وأنَّه صار نتيجة ذلك الباب مِن أوَّله إلى آخره أنَّه كافر، يجب قتله بالكتاب والسُّنَّة.

وعليه، فإذا عُرِف في هذا الباب

____________________

(١) صحيح مسلم : ٤/٤٧ استانبول. صحيح مسلم بشرح النووي : ٨/٢٠٤ جواز التمتُّع. مُسند أحمد بن حنبل : ١/١٨١، وقال : هذا كافر بالعرش، يعني : مُعاوية.

(٢) السنن الكبرى : ٥/١٧.

(٣) بالعُرُش : بضمّ عين وراء جمع ( عريش ) أراد بيوت مَكَّة، أي : فعلنا مُتعة الحَجِّ قبل إسلام مُعاوية ؛ فإنَّه أسلم عام الفتح، وكان متعتهم سنة سبع. عن هامش شرح معاني الآثار : ٢/١٤١.

(٤) شرح معنى الآثار : ٢/١٤١، تحقيق الشيخ محمد زهري النجّار.

٣١٢

أنَّ مُعاوية أيضاً قد حرَّم مُتعة الحَجِّ، فيكون حاله كحال غيره عيناً ؛ فهو أَيضاً كافر يجب قتله بالكتاب والسُّنَّة.

* * *

٣١٣

١٦ - باب ( إنَّ مُعاوية أَتَمَّ الصلاة بمَكَّة كما أَتمَّها عثمان مِن قبلُ خِلافاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(*) .

١ - روى الإمام أحمد بن حنبل بسنده، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال :لمَّا قَدِم علينا مُعاوية حاجَّاً، قَدِمنا معه مَكَّة [ قال : ] فصلَّى بنا الظهر ركعتين، ثمَّ انصرف إلى دار الندوة - إلى أنْ قال - فلمَّا صلَّى بنا الظهر رَكعتين، نهض إِليه مروان بن الحكم، وعمرو بن عثمان، فقالا له :

ما عاب أحد ابن عَمِّك بأقبح ما عِبته به.

فقال لهما :وما ذاك ؟!

[ قال : ] فقالا له :ألم تعلم أنَّه أتمَّ الصلاة بمَكَّة ؟!

[ قال : ] فقال لهما :ويحَكما، وهل كان غير ما صنعت، قد صلَّيتهما مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،ومع أَبي بكر، وعمر !

قالا :فإنَّ ابن عَمِّك قد كان أتمَّهما، وإنَّ خلافك إيَّاه له عَيب.

قال: فخرج مُعاوية إِلى العصر، فصلاَّها بنا أربعاً (١) .

* * *

____________________

(*) فيه حديث واحد.

(١) المُسند : ٤/٩٤.

٣١٤

١٧ - باب ( في ترك الناس التلبية بعرفات خوفاً مِن مُعاوية )(*) .

١ - روى النسائي بسنده، عن سعيد بن جبير، قال : كنت مع ابن عباس بعرفات، فقال : مالي لا أسمع الناس يلبُّون ؟

قلت : يخافون مِن مُعاوية، فخرج ابن عباس مِن فِسطاطه، فقال : لبيّك اللَّهمَّ، لبيك لبيك ؛ فإنهم قد تركوا السُّنَّة مِن بُغضِ عليٍّ(١)

و رواه البيهقي في باب التلبية يوم عرفة باختلاف يسير قال:

فيه سعيد بن جبير كانا عند ابن عباس بعرفة فقال: يا سعيد، مالي لا أسمع الناس يلبون ؟ فقلت: يخافون معاوية، فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال:

لبيك اللّهمّ لبيك وإن رغم أنف معاوية، اللهمّ العنهم فقد تركوا السنّة من بغض علي.(٢)

____________________

(*) فيه حديث واحد.

(١) سُنن النسائي : ٥/٢٥٣ التلبية بعَرفة.

(٢) السُّنن الكبرى : ٥/١١٣.

٣١٥

المؤلِّف : وقالوا في شرح هذا الحديث ما حاصله :

إنَّ عليَّاًعليه‌السلام كان مُتقيِّداً بالسُّنن، ومنها التلبية في عرفات، فتركوها خوفاً مِن مُعاوية ؛ لأنَّه كان يُبغض عليَّاً.

* * *

٣١٦

١٨ - باب ( إنَّ مُعاوية منع الخُمس مِن بني هاشم كما منعه أبو بكر وعمر مِن قبلُ )(*) .

المؤلف : أمَّا منع أبي بكر وعمر الخُمس مِن بني هاشم، فقد تقدَّم تفصيله في الأبواب السابقة.

وأَمَّا ما جاء في منع مُعاوية الخُمس مِن بني هاشم، فهذا ما ظفرتُ عليه على العَجالة.

١ - روى ابن سعد بسنده، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، قال :لمَّا قَدِم علينا مال الخُمس مِن عند عمر بن عبد العزيز، وقَسّم مِن عنده ومِن الكتيبة فِضَّة، على بني هاشم الرجال والنساء، فكُتب إليه في بني المطَّلب، فكَتب : إنَّما هم مِن بني هاشم فأُعطوا.

قال عبد الملك بن المُغيرة :فاجتمع نفر مِن بني هاشم، فكتبوا كتاباً، وبعثوا به مع رسول إِلى عمر بن عبد العزيز يتشكَّرون له ما فعله بهم مِن صِلة أرحامهم، وإِنَّهم لم

____________________

(*) فيه حديث واحد.

٣١٧

يزالوا مَجْفيِّين مُنذ كان مُعاوية.

فكتب عمر بن عبد العزيز :قد كان رأيي قبل اليوم هذا، ولقد كلَّمت فيه الوليد بن عبد الملك، وسليمان فأبيا عليَّ، فلمَّا وَلَيتُ هذا الأَمر تحرَّيت به الذي أظنُّه أوفق إنْ شاء الله (١) .

المؤلِّف : وروى ابن سعد، عن يحيى بن شبل، قال :جلستُ مع علي بن عبد الله بن عباس، وأبي جعفر محمد بن علي، فجاءهما آتٍ، فوقع بعمر بن عبد العزيز ؛ فنهياه، وقالا : ما قُسِّم علينا خُمس مِنذ زمن مُعاوية إلى اليوم، وأنَّ عمر بن عبد العزيز، قَسَّمه على بني عبد المطَّلب . ( الحديث )(٢) .

* * *

____________________

(١) الطبقات الكبرى : ٥/٢٨٩.

(٢) الطبقات الكبرى : ٥/٢٨٨ - ٢٨٩.

٣١٨

١٩ - باب ( إنَّ مُعاوية مِمَّن يُعرِّفون الناس المُنكر ويُنكرون عليهم المَعروف )(*) .

١ - روى الحاكم - في ذِكر مناقب عبادة بن الصامت - عن أزهر بن عبد الله، قال :

أقبل عبادة بن الصامت حاجَّاً مِن الشام فحَجَّ، ثمَّ قَدِم المدينة، فأتى عثمان بن عفان مُتظلِّماً، فقال : إِنِّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - محمداً أبا القاسم - يقول : ( سَيَلْي أُموركم مِن بعدي رجال يُعرِّفونكم ما تُنكرون، ويُنكرون عليكم ما تعرفون ؛ فلا طاعة لمَن عصى الله، فلا تعتبوا أنفسكم )، فوالذي نفسي بيده إِنَّ مُعاوية مِن أُولئك، فما راجعه عثمان حرفاً.

قال الحاكم : وقد روي هذا الحديث بإسناد صحيح على شرط الشيخين، ثمَّ إنَّه رواه بطريق آخر عن عبيد بن رفاعة، في الصفحة المذكورة(١) .

٢ - روى الإِمام أَحمد بن حنبل بسنده، عن إسماعيل بن عبيد الأنصاري حديثاً، قال فيه عبادة لأَبي هريرة :

يا أبا هريرة، إنَّك لم تكُن معنا، إذ بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنَّما بايعناه على السمع والطاعة

____________________

(*) فيه ستة أحاديث.

(١) مُستدرك الصحيحين : ٣/٣٥٧. تلخيص المُستدرك للذهبي : ٣/٣٥٧.

٣١٩

في النشاط والكسل، وعلى النفقة في اليُسر والعُسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، وعلى أنْ نقول في الله تبارك وتعالى، ولا نخاف لَومة لائمٍ فيه، وعلى أنْ ننصُر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قَدِم علينا يَثرب، فنمنعه مِمَّا نمنع منه أنفُسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجَنَّة.

فهذه بيعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي بايعنا عليها، فمَن نكث فإنَّما ينكث على نفسه، ومَن أوفى بما بايع عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَفى الله تبارك وتعالى بما بايع عليه نبيَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فكتب مُعاوية إلى عثمان بن عفان : إنَّ عبادة بن الصامت، قد أفسد عليَّ الشام وأهله، فإمَّا يكُن إليك عبادة، وإمَّا أُخلِّي بينه وبين الشام ؛ فكتب إليه : أنْ رحِّل عبادة، حتَّى تُرجعه إلى داره مِن المدينة، فبعث بعبادة حتَّى قَدِم المدينة، فدخل على عثمان في الدار - وليس في الدار غير رجلٍ مِن السابقين، أو مِن التابعين قد أدرك القوم - فلم يفجأ عثمان إلاّ وهو قاعد في جنب الدار، فالتفت إليه.

فقال: يا عبادة بن الصامت، ما لنا ولك ؟!

فقام عبادة بين ظهري الناس، فقال :سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أبا القاسم محمداً - يقول : ( إنَّه سَيَلي أُموركم بعدي رجال يُعرِّفونكم ما تُنكرون، ويُنكرون عليكم ما تَعرفون ؛ فلا طاعة لمَن عصى الله تبارك وتعالى ).

المؤلِّف : وقد تقدَّم ذِكر هذا الحديث بطوله، في باب ما جاء في فضل أبي ذر، وأنَّ عثمان قد نفاه إِلى الرَّبْذَة(١) .

وههنا جُملة مِن الأَحاديث يُناسب ذِكرها في خاتمة هذا الباب.

٣ - ما رواه الإمام أحمد بن حنبل بسنده، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري : أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ( لا يَمنعنَّ أحدكم مَخافة الناس، أنْ يقول بالحقِّ إِذا شهده أَو علمه ).

قال أَبو سعيد :

____________________

(١) المُسند : ٥/٣٢٥.

٣٢٠