التحول المذهبي‏

التحول المذهبي‏15%

التحول المذهبي‏ مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 374

التحول المذهبي‏
  • البداية
  • السابق
  • 374 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135402 / تحميل: 6810
الحجم الحجم الحجم
التحول المذهبي‏

التحول المذهبي‏

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

قَالَ(١) : « أَرى أَنَّهُ لَكَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، وَإِنْ جَاءَ بِالْمَالِ لِلْوَقْتِ(٢) ، فَرُدَّ عَلَيْهِ(٣) ».(٤)

٨٧٩١/ ١٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أَوْ غَيْرِهِ(٥) ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَوْ أَبِي الْحَسَنِ(٦) عليهما‌السلام فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّيْ‌ءَ الَّذِي يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ(٧) ، وَيَتْرُكُهُ حَتّى يَأْتِيَهُ بِالثَّمَنِ ، قَالَ : « إِنْ جَاءَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّيْلِ بِالثَّمَنِ ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ لَهُ ».(٨)

____________________

(١). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالفقيه : « فقال ».

(٢). في « بح » : « في الوقت ».

(٣). فيالمرآة : « قال الوالد العلّامة : هذه من حيل الربا ، ويدلّ على جواز البيع بشرط ، ويظهر من السؤال أنّهم كانوا لا يأخذون اُجرة المبيع من البائع ، والمشهور أنّها من المشتري بناء على انتقال المبيع قبل انقضاء الخيار. وقيل : إنّه لا ينتقل إلّابعد زمن الخيار. وأقول : لعلّه يدلّ على عدم سقوط هذا الخيار بتصرّف البائع ، كما لا يخفى ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢ ، ح ٩٥ ، بسنده عن عليّ بن النعمان وعثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٤ ، ح ٣٧٧٠ ، معلّقاً عن سعيد بن يسارالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٠ ، ح ١٧٧٤٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٨ ، ح ٢٣٠٤٥.

(٥). في « جد » : « وغيره ».

(٦). في « بح » والوافي والوسائل : « وأبي الحسن ».

(٧). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، جد ، جن » والوافي والمرآة والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي سائر النسخ‌والمطبوع : « في يومه ».

وفيالمرآة : « قوله : من يومه ، فيه إشكال ؛ لأنّ الظاهر أنّ فائدة الخيار دفع الضرر عن البائع ، وهو لا يحصل في الخيار بالليل ؛ لأنّ المفروض أنّه يفسد من يومه. ويمكن حمله على اليوم والليل وإن بعد في الليلة المتأخّرة. والأصحاب عبّروا عن المسألة بعبارات لا تخلو من شي‌ء ، وأوفقها بالخبر عبارةالشرائع ، حيث قال : لو اشترى ما يفسد من يومه ، فإن جاء بالثمن قبل الليل وإلّا فالبيع له. والشهيد فيالدروس ، حيث فرض المسألة في ما يفسده المبيت وأثبت الخيار عند انقضاء النهار ، وكأنّه حمل اليوم على ما ذكرناه ، ثمّ استقرب تعديته إلى كلّ ما يتسارع إليه الفساد عند خوف ذلك وأنّه لا يتقيّد بالليل ، وكان مستنده خبر الضرار ». وراجع :شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢٧٧ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ٢٧٤ ، الدرس ٢٥٧.

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ح ١٠٨ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد ؛الاستبصار ، ج ٣ ، ص ٧٨ ، ح ٢٦٢ ، معلّقاً عن =

٨١

٨٧٩٢/ ١٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

اشْتَرَيْتُ مَحْمِلاً ، فَأَعْطَيْتُ(١) بَعْضَ ثَمَنِهِ(٢) ، وَتَرَكْتُهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ احْتَبَسْتُ أَيَّاماً ، ثُمَّ جِئْتُ إِلى بَائِعِ الْمَحْمِلِ لآِخُذَهُ ، فَقَالَ : قَدْ بِعْتُهُ ، فَضَحِكْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : لَاوَاللهِ لَا أَدَعُكَ ، أَوْ أُقَاضِيَكَ ، فَقَالَ لِي : تَرْضى(٣) بِأَبِي بَكْرِ بْنِ(٤) عَيَّاشٍ(٥) ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَتَيْنَاهُ(٦) ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ قِصَّتَنَا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بِقَوْلِ مَنْ تُحِبُّ أَنْ أَقْضِيَ(٧) بَيْنَكُمَا؟ أَبِقَوْلِ(٨) صَاحِبِكَ ، أَوْ غَيْرِهِ؟ قَالَ(٩) : قُلْتُ : بِقَوْلِ صَاحِبِي ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « مَنِ اشْتَرى شَيْئاً ، فَجَاءَ بِالثَّمَنِ فِي(١٠) مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ لَهُ ».(١١)

٨٧٩٣/ ١٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

____________________

= محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٤ ، ح ٢٣٠٥٧.

(١). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : « وأعطيت ».

(٢). في « بخ ، بف » : « الثمن ».

(٣). في « جن » والوافي : « أترضى ».

(٤). في « بح » : + « أبي ».

(٥). في « بف » : « عبّاس ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : بأبي بكر بن عيّاش. هو القارئ المشهور من رواة عاصم ، وكانت المصاحف مكتوبة على قراءته ، على ما ذكره فيخلاصة المنهج وفسّر القرآن فيالخلاصة أيضاً على قراءته ، وأمّا اليوم فالمصاحف على قراءة حفص ، وهو الراوي الآخر لعاصم ، وقال ابن النديم : إنّها قراءة عليّعليه‌السلام ، وقال أبو بكر بن عيّاش : وجدت قراءة عاصم على قراءة عليّعليه‌السلام إلّا في عشر كلمات كانت مخالفة فأصلحتها وأدخلتها ».

(٦). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فأتيته ».

(٧). في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » : « أن نقضي ».

(٨). في « ى ، بخ ، بف ، جت »والتهذيب : « بقول » بدون همزة الاستفهام.

(٩). في«ط»والوافي:-« قال ». وفي « بف » : « ثمّ ».

(١٠). في «بح، بخ ، بف ، جد » والوافي : - « في ».

(١١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١ ، ح ٩٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١ ، ح ٢٣٠٥١.

٨٢

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - قَضى فِي رَجُلٍ اشْتَرى ثَوْباً بِشَرْطٍ إِلى نِصْفِ النَّهَارِ ، فَعَرَضَ لَهُ(١) رِبْحٌ ، فَأَرَادَ بَيْعَهُ ، قَالَ : لِيُشْهِدْ(٢) أَنَّهُ قَدْ رَضِيَهُ ، فَاسْتَوْجَبَهُ(٣) ، ثُمَّ لْيَبِعْهُ إِنْ شَاءَ ، فَإِنْ أَقَامَهُ فِي السُّوقِ وَلَمْ يَبِعْ(٤) ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ ».(٥)

٧١ - بَابُ مَنْ يَشْتَرِي الْحَيَوَانَ(٦) وَلَهُ لَبَنٌ يَشْرَبُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ‌

٨٧٩٤/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ(٧) ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ اشْتَرى شَاةً ، فَأَمْسَكَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ رَدَّهَا ، قَالَ :

____________________

(١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فعرض له ، أي للمشتري. والإشهاد لرفع النزاع للإرشاد ، أو استحباباً. ويدلّ على أنّ‌جعله في معرض البيع تصرّف مسقط للخيار ».

(٢). في « بف » : « يشهد ».

(٣). في « ط ، بخ ، بف ، جن » والوافيوالتهذيب : « واستوجبه ».

(٤). في « بخ » : « فلم يبعه ». وفي « بف » : « ولم يبعه ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣ ، ح ٩٨ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٥ ، ح ٢٣٠٥٩.

(٦). فيالوافي : « أورد فيالكافي في العنوان « الحيوان » بدل « الشاة » وكأنّه عمّم الحكم. وفيه إشكال ؛ لإختلاف أنواع الحيوانات في كثرة اللبن وقلّته أكثر من اختلاف أفراد النوع الواحد. وفي أصل الحكم إشكال آخر من جهة إهمال ذكر مؤونة الإنفاق على الشاة ، مع أنّه يجوز أن يكون إنفاق المشتري عليها في تلك الأيّام أكثر من قيمة لبنها أو مثلها ، ولعلّ الحكم ورد في محلّ مخصوص كان الأمر فيه معلوماً. وأمّا ما مرّ من أنّ الغلّة في زمان الخيار للمشتري فهو مختصّ بخيار الشرط ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٦٩ : « ما وقع في العنوان بلفظ الحيوان مع كون الخبر بلفظ الشاة مخالف لدأب المحدّثين ، مع اختلاف الحيوانات في كثرة اللبن وقلّته ».

(٧). فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ح ١٠٧ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى - وقد عُبّر عنه بالضمير - عن عليّ بن حرّعن أبي المعزا. وفي بعض نسخه أبي المغرا ، وهو الصواب.

٨٣

« إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ(١) يَشْرَبُ(٢) لَبَنَهَا ، رَدَّ مَعَهَا ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ(٣) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ ».

* عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ(٤) ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام مِثْلَهُ.(٥)

٧٢ - بَابُ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي‌

٨٧٩٥/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي الرَّجُلِ(٦) يَبِيعُ الشَّيْ‌ءَ ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي : هُوَ بِكَذَا وَكَذَا ، بِأَقَلِّ(٧) مِمَّا(٨) قَالَ الْبَائِعُ ، قَالَ : « الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا كَانَ الشَّيْ‌ءُ قَائِماً بِعَيْنِهِ(٩) ».(١٠)

____________________

(١). في « بف » والوافيوالتهذيب : « أيّام ». وفي « بخ » : - « كان في تلك الثلاثة الأيّام ».

(٢). في « بخ ، بف » والوافيوالتهذيب : « شرب ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ثلاثة أمداد ، ظاهر الخبر ثلاثة أمداد من اللبن ، وحملها الأصحاب على الطعام ».

(٤). فيالوافي : « وفي بعض نسخالكافي في السند الأوّل - وهو الثاني هنا - : عن سهل بن زياد ، في ما بين إبراهيم‌بن هاشم وابن أبي عمير ، وعلى هذا فليس شي‌ء من الأسانيد الثلاثة بنقيّ ». وثالثة الأسانيد هو ما فيالتهذيب .

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ذيل ح ١٠٧ ، بسنده عن أبي المعزى ، عن الحلبيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢١ ، ح ١٧٧٦٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٦ ، ح ٢٣٠٦١.

(٦). في « بخ ، بف » : « رجل ».

(٧). في « ط » : « أقلّ ».

(٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالفقيه والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ و ٢٢٩. وفي المطبوع : « ما ».

(٩). فيالوافي : « الوجه فيه أنّه مع بقاء العين يرجع الدعوى إلى رضا البائع ، وهو منكر لرضاه بالأقلّ ، ومع تلفه يرجع إلى شغل ذمّة المشتري بالثمن ، وهو منكر للزيادة ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧٠:« ما يدلّ عليه بمنطوقه ومفهومه هو المشهور بين الأصحاب، بل ادّعى عليه =

٨٤

٨٧٩٦/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِذَا التَّاجِرَانِ صَدَقَا(١) ، بُورِكَ لَهُمَا ، فَإِذَا(٢) كَذَبَا وَخَانَا ، لَمْ يُبَارَكْ(٣) لَهُمَا ، وَهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السِّلْعَةِ(٤) ، أَوْ يَتَتَارَكَا(٥) ».(٦)

____________________

= الشيخ الإجماع ، وذهب ابن الجنيد إلى أنّ القول قول من هو في يده إلّا أن يحدث المشتري فيه حدثاً فيكون القول قوله مطلقاً. وذهب العلّامة فيالمختلف إلى أنّ القول قول المشتري مع قيام السلعة ، أو تلفها في يده أو يد البائع بعد الإقباض ، والثمن معيّن ، والأقلّ لا يغاير أجزاء الأكثر ، ولو كان مغايراً تحالفا وفسخ البيع. واختار فيالقواعد أنّهما يتحالفان مطلقاً ؛ لأنّ كلاًّ منهما مدّع ومنكر. وقوّى فيالتذكرة كون القول قول المشتري مطلقاً. كذا ذكره الشهيد الثانيرحمه‌الله . والعمل بالخبر المنجبر ضعفه بالشهرة أولى ، مع أنّ مراسيل ابن أبي نصر في حكم المسانيد على ما ذكره بعض الأصحاب ، وضعف سهل لا يضرّ ؛ لما عرفت أنّه من مشايخ الإجازة ، مع أنّه رواه الشيخ بسند آخر موثّق عن ابن أبي نصر ، ويؤيّده الخبر الآتي ؛ إذ الظاهر من التتارك بقاء العين ». وراجع :الخلاف ، ج ٣ ، ص ١٤٧ ، المسألة ٢٣٦ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٩٥ ؛تذكرة الفقهاء ، ج ١٢ ، ص ٨٣ ، المسألة ٦٠٠ ؛قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ٩٧ ؛مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ - ٢٦٠.

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إذا كان الشي‌ء قائماً بعينه ، اختلف علماؤنا في العمل بهذا الخبر ؛ لأنّه مرسل يخالف القاعدة ؛ لأنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ، فإن كانت السلعة بيد البائع وأراد المشتري إنزاعها منه بثمن أقلّ ، كان القول قول البائع ؛ لأنّه المنكر ، وإن كانت بيد المشتري وأراد البائع أخذ الثمن منه أكثر ممّا يعترف المشتري ، كان القول قول المشتري ، وإن تلفت السلعة بيد البائع بطل البيع ، أو بيد المشتري كان الحكم كما لو كانت موجودة بيده. والتفصيل موكول إلى الفقه ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ ، ح ١٠٩ ، معلّقاً عن سهل بن زياد.وفيه ، ص ٢٢٩ ، ح ٢٠٠١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٦٩ ، ح ٣٩٧٥ ، مرسلاً ، وفي الأخيرين مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٣ ، ح ١٧٧٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٥٩ ، ح ٢٣١٤٠.

(١). في الخصال : + « وبرّا ».

(٢). في « بخ ، بف ، جن »والخصال : « وإذا ».

(٣). في « بخ » : « لم تبارك ».

(٤). « السلعة » : ما تُجِرَ به ، والمتاع. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٦٠ ( سلع ).

(٥). في « ط » : « فليتّاركا ». وفي الوافي : « تتاركا ». وفيالوافي : « هذا مع قيام السلعة بعينها بدليل الخبر السابق - وهو السابق هنا أيضاً - وبقرينة التتارك ».

(٦).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ ، ح ١١٠ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسين بن عمر بن يزيد.=

٨٥

٧٣ - بَابُ بَيْعِ(١) الثِّمَارِ وَشِرَائِهَا‌

٨٧٩٧/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَجَّالِ(٢) ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ، عَنْ بُرَيْدٍ(٣) ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنِ الرَّطْبَةِ(٤) تُبَاعُ قِطْعَةً ، أَوْ(٥) قِطْعَتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَ(٦) قِطَعَاتٍ(٧) ؟

فَقَالَ : « لَا بَأْسَ ».

____________________

=الخصال ، ص ٤٥ ، باب الاثنين ، ح ٤٣ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسين ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٤ ، ح ١٧٧٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٧ ، ذيل ح ٢٣٠١٦ ؛ وص ٥٩ ، ح ٢٣١٤١.

(١). في « جد » : - « بيع ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٥١١ : « محمّد بن الحجّال » ، وهو سهو كما سيظهر.

(٣). في « ط ، بخ » : « يزيد ». وفي « بف » : « زيد ». وفي حاشية « جت » : « ثعلبة بن زيد » وكذا فيالوسائل حينما نقل ذيل الخبر.

وثعلبة هذا ، هو ثعلبة بن ميمون ، روى كتابه عبد الله بن محمّد الحجّال ، وروى ثعلبة عن بريد بن معاوية بعناوينه المختلفة ( : بريد ، بريد العجلي ، بريد بن معاوية وبريد بن معاوية العجلي ) في الأسناد. راجع :رجال النجاشي ، ص ١١٧ ، الرقم ٣٠٢ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٥٣٠ ، وص ٥٣٤.

وأمّا ما ورد فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٦ ؛ من نقل الخبر عن أحمد بن محمّد عن الحجّال عن ثعلبة بن زيد عن بريد ، فقد جمع فيه بين النسخة وبدلها ظاهراً.

(٤). قال الجوهري : « الرَطْبَة ، بالفتح : القَضْب خاصّة مادام رطباً ، والجمع : رِطاب ». وقال ابن منظور : « الرطبة : روضة الفِصْفِصَة مادامت خضراء ، وقيل : هي الفصفصة نفسها ، وجمعها : رِطاب ». والفصفصة : هي الإسپست بالفارسيّة ، ويقال لها : يُنْجِه ، وكذا القضب. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ١٣٦ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٩ ( رطب ).

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جت ، جن » والوسائل ، ح ٢٣٥١١ و ٢٣٥٤١ : - « قطعة أو ».

(٦). في « ط ، بف »والتهذيب : « الثلاث ».

(٧). فيالوافي : « القطعة منها - أي من الرطبة - : ما يقطع مرّة ». وفي هامش المطبوع : « في بعض النسخ : قطفة ، أو قطفتين ، أو ثلاث قطفات ، والقطف ، محرّكة : بقلة شجر جبلي ، خشبه متين ، الواحدة : قطفة ، لكن هذه النسخة لا تناسب الرطبة ، وهي الإسپست ويقال لها : ينجه ، بعد ظهورها ومادام رطبة ، وإذا يبست قيل لها : القتّ ».

٨٦

قَالَ(١) : وَأَكْثَرْتُ السُّؤَالَ عَنْ أَشْبَاهِ هذَا(٢) ، فَجَعَلَ يَقُولُ : « لَا بَأْسَ بِهِ » فَقُلْتُ(٣) لَهُ(٤) : أَصْلَحَكَ اللهُ - اسْتِحْيَاءً(٥) مِنْ كَثْرَةِ مَا سَأَلْتُهُ(٦) ، وَقَوْلِهِ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٧) » - إِنَّ مَنْ‌

____________________

(١). في « بف » والوسائل ، ح ٢٣٥٤١ : - « قال ».

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل ، ح ٢٣٥٤١والتهذيب . وفي المطبوع : « هذه ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : وأكثرت السؤال عن أشباه هذا ، وجه الشبه في هذه المسائل التي سئل عنها كونُ المبيع في معرض النموّ والزيادة ، فيعرض لسببه الغرر في الزيادة والنقصان ، وقد سأل الراوي عن كثير ممّا يدخل الغرر فيه لذلك ، وكان فقهاء عصره يبحثون عنه ويختلفون فيه.

بيان ذلك أنّ الأمتعة الجوامد يعرف صفاتها بالرؤية ويرتفع الجهل بها فعلاً ، وأمّا الثمار والزروع فماليّتها بما يؤول إليه بعد مدّة ، ولا يرغب فيها لصفاتها الموجودة فعلاً ، فمن باع الثمرة المدركة قبل الإدراك فقد باع شيئاً غير موجود ، فلعلّه يوجد ولعلّه يدركه الآفات ، وهو غرر نهي في الشرع عن أمثاله ، كبيع الملاقيح والمضامين ، أي الموجودة في أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات ، نعم لو كانت الثمرة غير الناضجة ممّا يؤكل في حالته الموجودة ، كالقثّاء يؤكل كلّما كان صغيراً ، أو الحصرم والبسر والرطبة ، وكان الغرض من بيعها منافعها الموجودة فعلاً حين عدم الإدراك ، وبيعت بشرط القطع والجذاذ ، لم يكن فيه غرر ، ولم يعقل أن يشترط فيه بدوّ الصلاح ، فيجوز بيع الحصرم على الكرم إن كان الغرض منه القطع ؛ لأن يعصر منه ماء الحصرم ، وليس فيه غرر ، أمّا إن اُريد بيعه ليبقيه حتّى يصير عنباً ، فإنّه اشترى في الحقيقة عنباً غير موجود ، وهو غرر ؛ لأنّه في معرض الخطر والآفة ، فما سأله الراوي عنها كان جميعاً ممّا يباع ، وهو في معرض النموّ والزيادة والنقصان. وقد اختلف فقهاؤهم في هذه المسائل بعد اتّفاقهم على عدم جواز البيع قبل وجود الثمرة ، فمذهب الكوفيّين منهم كأبي حنيفة جواز بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح بعد الوجود ، لكن يجب القطع فوراً عند أبي حنيفة دون سائر أهل العراق ، ومذهب أهل الحجاز ، كمالك عدم جوازه أصلاً حتّى تزهو الثمرة ، واختلف فقهاؤنا أيضاً. والظاهر عدم الخلاف في جوازه بشرط القطع ؛ لأنّ العلاّمةرحمه‌الله جعل في المختلف محلّ الكلام ما إذا باع بشرط التبقية أو مطلقاً ، ولزم منه أن يكون بشرط الجذاذ غيرمختلف فيه.

وأمّا هذا الخبر فإن صحَّ العمل به يدلّ على جواز ثمر النخيل قبل الوجود ، وهو ممّا لم يقل به أحد ، فيجب حمله على ظهور شي‌ء يفيد ، كالبسر.

والحقّ أنّه لا غرر في الثمار بعد الظهور وتناثر الورد ؛ فإنّه يعلم مقدارها ، وأمّا نموّها إلى أن يدرك فعادة الله جرت به ولا خطر فيه ، وأمّا الآفات فسيأتي أنّه لا يحصل بها الغرر ». وراجع : مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ١٩٥.

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « قلت ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٣٥١١والتهذيب : - « له ».

(٥). في « بخ ، بف » : « أستحي ».

(٦). في « بخ ، بف » : « السؤال » بدل « ما سألته ».

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : - « به ». وفي التهذيب : - « استحياء من كثرة - إلى - لا بأس به ».

٨٧

يَلِينَا(١) يُفْسِدُونَ عَلَيْنَا(٢) هذَا كُلَّهُ.

فَقَالَ : « أَظُنُّهُمْ سَمِعُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي النَّخْلِ ».

ثُمَّ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ رَجُلٌ ، فَسَكَتَ(٣) ، فَأَمَرْتُ(٤) مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي النَّخْلِ.

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « خَرَجَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَسَمِعَ ضَوْضَاءً(٥) ، فَقَالَ : مَا هذَا؟ فَقِيلَ‌ لَهُ(٦) : تَبَايَعَ(٧) النَّاسُ بِالنَّخْلِ ، فَقَعَدَ(٨) النَّخْلُ(٩) الْعَامَ ، فَقَالَصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَمَّا إِذَا فَعَلُوا فَلَا يَشْتَرُوا(١٠) النَّخْلَ الْعَامَ حَتّى يَطْلُعَ فِيهِ(١١) شَيْ‌ءٌ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ(١٢) ».(١٣)

٨٧٩٨/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ(١٤) ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

____________________

(١). في « بف » والوافيوالتهذيب : « بيننا ». وفي « بخ » : « تبينا ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٥١١ : - « علينا ». وفيالوافي : « يفسدون علينا ، أي يحكمون بفساده ».

(٣). في « ى ، بس » : « فسكتُّ ».

(٤). في « ط » : « وأمرت ».

(٥). الضوضاء : أصوات الناس وغلبتهم ، وهي مصدر.النهاية ، ج ٣ ، ص ١٠٥ ( ضوا ).

(٦). في « ط »والتهذيب والاستبصار : - « له ».

(٧). في حاشية « جت » : « يتبايع ».

(٨). في الوافي عن بعض النسخ : « ففقد ».

(٩). « قعد النخل » أي لم يقم بثمره ، يقال : قعدت النخلة ، إذا حملت سنة ولم تحمل اُخرى. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ( قعد ).

(١٠). في « بخ ، بف » والوسائل ، ح ٢٣٥١١والتهذيب والاستبصار : « فلا تشتروا ».

(١١). في « ط » : « منه ». وفي « بف » : « فيها ».

(١٢). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧١ : « يدلّ على جواز بيع الرطبة - وهي الإسپست ، ويقال لها : ينجه بعد ظهورها ، كما هو الظاهر - جزّة وجزّات ، كما هو المشهور بين الأصحاب ، وعلى كراهة بيع ثمرة النخل عاماً واحداً قبل ظهورها ، وهو خلاف المشهور ».

(١٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٦ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٨ ، ح ٣٠١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، وفي الأخير من قوله : « فأمرت محمّد بن مسلم »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣١ ، ح ١٧٧٨٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٠٩ ، ح ٢٣٥١١ ؛وفيه ، ص ٢٢٠ ، ح ٢٣٥٤١ ، إلى قوله : « فقال : لابأس به ».

(١٤). في « ط ، بف »والتهذيب والاستبصار : - « بن عثمان ».

٨٨

سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (١) عَنْ شِرَاءِ(٢) النَّخْلِ وَالْكَرْمِ(٣) وَالثِّمَارِ(٤) ثَلَاثَ سِنِينَ(٥) ، أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ؟

قَالَ(٦) : « لَا بَأْسَ بِهِ(٧) ، يَقُولُ(٨) : إِنْ لَمْ يُخْرِجْ فِي هذِهِ السَّنَةِ ، أَخْرَجَ فِي قَابِلٍ(٩) ، وَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ(١٠) فِي(١١) سَنَةٍ وَاحِدَةٍ(١٢) ، فَلَا تَشْتَرِهِ حَتّى يَبْلُغَ ، وَإِنِ(١٣) اشْتَرَيْتَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ(١٤) ، فَلَا بَأْسَ(١٥) ».

وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ الْمُسَمَّاةَ مِنْ أَرْضٍ ، فَتَهْلَكُ(١٦) ثَمَرَةُ(١٧) تِلْكَ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » : « عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سئل » بدل « قال : سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ».

(٢). في « ط ، بخ ، بف » : « شرى ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « الكرم والنخل ».

(٤). في « ط » : - « والثمار ».

(٥). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : ثلاث سنين أو أربع سنين ، مذهب فقهاء أهل السنّة المنع عن بيع الثمار أزيد من سنة ؛ فإنّه يتضمّن بيع الثمرة قبل الوجود ، ورووا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله النهي عن بيع السنين والمعاومة ، أي بيع الشجر أعواماً ، ولكنّهم رووا أنّ عمر بن الخطّاب أجازه ، والحديث ردّ لقول فقهائهم ، ولكن لم يعمل بإطلاقه أحد من فقهائنا إلّا الصدوقرحمه‌الله ، نعم إذا ظهر الثمرة في سنة واحدة فقد صرّح كثيراً بأنّه يجوز ضمّ ثمرات سنين بعدها. وهو مشكل ؛ لأنّ بيع غير الموجود غرر إلّا أنّ الضميمة إذا كانت مقصودة بالعرض في البيع لا يضرّ جهالتها ، فلا بدّ أن يحمل هذا الحديث وأمثاله عليه ، ويخصّ الجواز بما إذا ظهر ثمرة السنة الاُولى وكانت السنون التالية مقصودة بالعرض».

(٦). في « ى ، بخ ، بف » والوافي والوسائل : « فقال ».

(٧). في الوسائل : - « به ».

(٨). في الوسائلوالفقيه : « تقول ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « القابل ». وفي الاستبصار : « من قابل » بدل « في قابل ».

(١٠). في « بح » : « اشتريت ».

(١١). في«بف»والفقيه والتهذيب والاستبصار :-«في».

(١٢). في التهذيبوالاستبصار : - « واحدة ».

(١٣). هكذا في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جن » والوافي والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي سائر النسخ والمطبوع : « فإن ». (١٤). في « بس » : « أن تبلغ ».

(١٥). في الفقيه : - « فإن اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس ».

(١٦). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالفقيه والاستبصار والتهذيب والعلل. وفي المطبوع : « فهلك ».

(١٧). في حاشية « بف » والوافي : « ثمرات ». وفي التهذيبوالاستبصار : - « ثمرة ».

٨٩

الْأَرْضِ كُلُّهَا(١) ؟

فَقَالَ : « قَدِ(٢) اخْتَصَمُوا فِي ذلِكَ إِلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَكَانُوا(٣) يَذْكُرُونَ ذلِكَ(٤) ، فَلَمَّا رَآهُمْ لَايَدَعُونَ الْخُصُومَةَ ، نَهَاهُمْ عَنْ ذلِكَ الْبَيْعِ حَتّى تَبْلُغَ الثَّمَرَةُ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ(٥) ، وَلكِنْ(٦) فَعَلَ ذلِكَ(٧) مِنْ أَجْلِ(٨) خُصُومَتِهِمْ(٩) ».(١٠)

٨٧٩٩/ ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ(١١) الرِّضَاعليه‌السلام : هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ النَّخْلِ إِذَا حَمَلَ؟

فَقَالَ : « لَا يَجُوزُ(١٢) بَيْعُهُ حَتّى يَزْهُوَ(١٣) ».

____________________

(١). وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : فتهلك ثمرات تلك الأرض كلّها ، يدلّ على أنّ الخطر من جهة الآفات لا يعدّ غرراً مبطلاً للبيع ، كيف واحتمال الآفة حاصل في كلّ مبيع ، فالحيوان يحتمل موته بآفة بعد ثلاثة أيّام ، والأواني يحتمل كسرها ، والدار يحتمل خرابها بآفة سماويّة أو أرضيّة ، ولو كان احتماله غرراً لزم منه إبطال كلّ بيع ، والجوائح للثمار بمنزلة تلك الآفات ، أو بمنزلة تنزّل القيمة ، ففي ملك من حصل تكون الخسارة عليه ».

(٢). في « بخ ، بف » : - « قد ».

(٣). في الوافيوالاستبصار : « وكانوا ».

(٤). في « بح » : - « ذلك ».

(٥). في التهذيب : « ولم يحرّم ».

(٦). في « ط » : « إنّما كره » بدل « ولكن ».

(٧). في « بف » : - « ذلك ».

(٨). في « بح » : « لأجل ».

(٩). فيالمرآة : « يدلّ على أنّ أخبار النهي محمولة على الكراهة ، بل على الإرشاد ؛ لرفع النزاع ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٤ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٩ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١١ ، ح ٣٧٨٧ ، معلّقاً عن حمّاد ، عن الحلبي ، مع زيادة في أوّله.علل الشرائع ، ص ٥٨٩ ، ح ٣٥ ، بسند آخر ، من قوله : « وسئل عن الرجل يشتري الثمرة »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٣ ، ح ١٧٧٨٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٠ ، ح ٢٣٥١٢. (١١). في الاستبصار : + « أبا الحسن ».

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي المطبوع : « يجوز » بدون « لا».

(١٣). في « بخ ، بف » « تزهو ». وقال ابن الأثير : « فيه : نهى عن بيع الثمر حتّى يُزهي ، وفي رواية : حتّى يزهو ، يقال : زها النخل يزهو ، إذا ظهرت ثمرته ، وأزهى يزهي ، إذا اصفرّ واحمرّ. وقيل : هما بمعنى الاحمرار والاصفرار. ومنهم من أنكر يزهو ، ومنهم من أنكر يزهي ».النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٣ ( زها ).

٩٠

فَقُلْتُ(١) : وَمَا الزَّهْوُ جُعِلْتُ فِدَاكَ(٢) ؟

قَالَ : « يَحْمَرُّ ، وَيَصْفَرُّ ، وَشِبْهُ ذلِكَ(٣) ».(٤)

٨٨٠٠/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ لِي نَخْلاً بِالْبَصْرَةِ ، فَأَبِيعُهُ ، وَأُسَمِّي الثَّمَنَ(٥) ، وَأَسْتَثْنِي الْكُرَّ(٦) مِنَ التَّمْرِ ، أَوْ أَكْثَرَ(٧) ، أَوِ الْعِذْقَ(٨) مِنَ النَّخْلِ(٩) ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، بَيْعُ السَّنَتَيْنِ(١٠) ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف ، جد » والوسائلوالتهذيب والاستبصار : « قلت ».

(٢). في « ط » : - « جعلت فداك ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : وشبه ذلك ، أي في غير النخل ، والمراد به الحالات التي بعد الاحمرار والاصفرار ، ويحتمل أن يكون بعض أنواعه يبلغ بدون الاحمرار والاصفرار ، والمشهور بين الأصحاب أنّ بدوّ الصلاح في النخل احمراره أو اصفراره ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٣ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٨ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩١ ، معلّقاً عن الحسن بن عليّ ابن بنت إلياس ، عن الرضاعليه‌السلام .وفيه ، ج ٤ ، ص ٧ ، ضمن الحديث الطويل ٤٩٦٨ ؛والأمالي للصدوق ، ص ٤٢٤ ، المجلس ٦٦ ، ح ١ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، وتمام الرواية هكذا : « ونهى أن تباع الثمار حتّى تزهو ؛ يعني تصفرّ أو تحمرّ ».الجعفريّات ، ص ١٧٩ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، إلى قوله : « حتّى يزهو ».معاني الأخبار ، ص ٢٨٧ ، ضمن ح ١ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الأخيرين مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٤ ، ح ١٧٧٨٤.الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١١ ، ح ٢٣٥١٣.

(٥). في « بف »والاستبصار : « الثمرة ».

(٦). فيالمرآة : « قوله : وأستثني الكرّ ، يدلّ على ما هو المشهور بين الأصحاب من أنّه يجوز أن يستثنى ثمرة شجرات ، أو نخلات بعينها ، أو حصّة مشاعة ، أو أرطالاً معلومة. ومنع أبو الصلاح من استثناء الأرطال ، وهو ضعيف ». (٧). في « بخ ، بف »والاستبصار : « وأكثر ».

(٨). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت » والوافي والوسائل : « العدد ». والعَذْق ، بالفتح : النخلة ، وبالكسر : العُرْجون بما فيه من الشماريخ ، ويجمع على عِذاق ».النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٩ ( عذق ).

(٩). في التهذيبوالاستبصار : - « أو العذق من النخل ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « السنين ».

٩١

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ ذَا(١) عِنْدَنَا عَظِيمٌ(٢)

قَالَ : « أَمَّا إِنَّكَ إِنْ(٣) قُلْتَ ذَاكَ(٤) ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أَحَلَّ ذلِكَ ، فَتَظَالَمُوا(٥) ، فَقَالَعليه‌السلام : لَاتُبَاعُ الثَّمَرَةُ حَتّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا(٦) ».(٧)

٨٨٠١/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذَا(٨) كَانَ الْحَائِطُ(٩) فِيهِ ثِمَارٌ مُخْتَلِفَةٌ ، فَأَدْرَكَ بَعْضُهَا ، فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا(١٠) جَمِيعاً(١١) ».(١٢)

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « هذا ».

(٢). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إنّ هذا عندنا عظيم. لأنّ كثيراً من العامّة يحرّمون الشرط في البيع ويروون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط ، ورووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً أنّه نهى عن المحاقلة والمرابنة والمخابرة والمعاومة والثنيا ، والمعاومة عندهم بيع السنين ، والثنيا شرط استثناء شي‌ء ، وقال بعضهم : إنّه الشرط المخالف لمقتضى العقد ؛ لأنّ معناه الرجوع ».

(٣). في « بخ ، بف » : « إذا ».

(٤). في « بح ، بس » وحاشية « جت »والاستبصار : « ذلك ».

(٥). في حاشية « جت » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « فتظلّموا ».

(٦). فيالوافي : « يبدو صلاحها ، أي يظهر ويأمن من الآفة ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٥ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٣٠٠ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٤ ، ح ١٧٧٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١١ ، ح ٢٣٥١٤.

(٨). في « ط » : « إن ».

(٩). قال ابن الأثير : « في حديث أبي طلحة : فإذا هو في الحائط وعليه خميصة ، الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار ».النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ( حوط ).

(١٠). في « بف » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « ببيعه ».

(١١). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : فأدرك بعضها فلا بأس ببيعه جميعاً ، يوافق مذهب مالك ؛ ولا ينافي المختار من جواز بيع الثمار مطلقاً قبل الإدراك ».

(١٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٢ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٧ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٥ ، ح ١٧٧٨٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٢٣٥٣٣.

٩٢

٨٨٠٢/ ٦. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ(١) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ؟

فَقَالَ : « إِذَا كَانَ(٢) فِي تِلْكَ الْأَرْضِ(٣) بَيْعٌ لَهُ غَلَّةٌ(٤) قَدْ أَدْرَكَتْ ، فَبَيْعُ ذلِكَ كُلِّهِ حَلَالٌ ».(٥)

٨٨٠٣/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ : هَلْ يَصْلُحُ شِرَاؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ طَلْعُهَا(٦) ؟

فَقَالَ : « لَا ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ(٧) مَعَهَا شَيْئاً(٨) غَيْرَهَا رَطْبَةً(٩) أَوْ بَقْلاً(١٠) ،

____________________

(١). ورد الخبر فيالتهذيب والاستبصار عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن إسماعيل‌بن الفضل. وهو الظاهر ؛ فقد أكثر أبان [ بن عثمان ] من الرواية عن إسماعيل بن الفضل [ الهاشمي ] ، كما أنّ [ الحسن بن محمّد ] بن سماعة روى عن غير واحد عن أبان [ بن عثمان ] في كثيرٍ من الأسناد جدّاً. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٤٧٢ - ٤٧٤. (٢). في الوسائل : + « له ».

(٣). في الاستبصار : - « الأرض ».

(٤). فيالوافي : « بيع له غلّة ، أي مبيع له ثمرة ». و : « الغلّة » : الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاح ونحو ذلك. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٠٤ ( غلل ).

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٦١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٦ ، معلّقاً عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن إسماعيل بن فضلالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٥ ، ح ١٧٧٨٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٢٣٥٣٤.

(٦). قال الفيّومي : « الطلع - بالفتح - : ما يطلع من النخلة ، ثمّ يصير ثمراً إن كانت انثى ، وإن كانت النخلة ذكراً لم يصر ثمراً ، بل يؤكل طريّاً ويترك على النخلة أيّاماً معلومة حتّى يصير فيه شي‌ء أبيض مثل الدقيق ، وله رائحة ذكيّة فيلقح به الاُنثى ». وقال الفيروز آبادي : « الطلع من النخل : شي‌ء يخرج كأنّه نعلان مُطْبَقان والحمل بينهما منضود والطرف محدّد ، أو ما يبدو من ثمرته في أوّل ظهورها ».المصباح المنير ، ص ٣٧٥ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٩٧ ( طلع ). (٧). في « ى ، بح ، جد » : « أن تشتري ».

(٨). في « بخ ، بف »والتهذيب ، ح ٣٦٠والاستبصار : - « شيئاً ».

(٩). تقدّم معنى الرطبة ذيل الحديث الأوّل من هذا الباب.

(١٠). قال الخليل : « البقل : ما ليس بشجر دِقٍّ ولا جِلٍّ ، وفرق ما بين البقل ودِقّ الشجر أنّ البقل إذا رعي لم يبق له =

٩٣

فَيَقُولَ(١) : أَشْتَرِي مِنْكَ هذِهِ الرَّطْبَةَ وَهذَا(٢) النَّخْلَ وَهذَا الشَّجَرَ بِكَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ(٣) الثَّمَرَةُ ، كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُشْتَرِي فِي الرَّطْبَةِ وَالْبَقْلِ ».

قَالَ(٤) : وَسَأَلْتُهُ عَنْ وَرَقِ الشَّجَرِ : هَلْ يَصْلُحُ شِرَاؤُهُ ثَلَاثَ خَرَطَاتٍ(٥) ، أَوْ أَرْبَعَ خَرَطَاتٍ؟

فَقَالَ : « إِذَا رَأَيْتَ الْوَرَقَ فِي شَجَرَةٍ ، فَاشْتَرِ مِنْهُ مَا شِئْتَ مِنْ خَرْطَةٍ(٦) ».(٧)

٨٨٠٤/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ اشْتَرى بُسْتَاناً فِيهِ نَخْلٌ وَشَجَرٌ ، مِنْهُ مَا قَدْ أَطْعَمَ(٨) ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يُطْعِمْ(٩) ؟

____________________

= ساق ، والشجر يبقى له ساق وإن دقّت ». وقال الفيّومي : « البقل : كلّ نبات اخضرّت به الأرض ، قاله ابن فارس ».ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٨٣ ؛المصباح المنير ، ص ٥٨ ( بقل ).

(١). في « بح » : « فنقول ». وفي « ى ، جد » : « فتقول ».

(٢). في « بخ ، بس » : « وهذه ».

(٣). في « بخ »والتهذيب ، ح ٣٦٠ : « يخرج ».

(٤). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافيوالفقيه . وفي المطبوع : - « قال ».

(٥). الخرطات : جمع الخرطة ، وهي المرّة من الخرط ، وهو حتّ الورق من الشجر ، وهو أن تقبض على أعلاه ، ثمّ تمرّ يدك عليه إلى أسفله ، أو الخرط هو انتزاع الورق من الشجر باجتذاب ، أي انتزع الورق منه اجتذاباً. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٩٧ ( خرط ).

(٦). فيالمرآة : « قال في المسالك : فيه تنبيه على أنّ المراد بالظهور ما يشمل خروجه في الطلع ، وفيه دليل على جواز بيعه عاماً مع الضميمة إلّا أنّه مقطوع ، وحال سماعة مشهور ». وراجع :مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٣٥٤.

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٦٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٦ ، ح ٢٩٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن خالد ، إلى قوله : « في الرطبة والبقل » ؛التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٧ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، من قوله : « وسألته عن ورق الشجر ».الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٨٩ ، بسنده عن سماعةالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٦ ، ح ١٧٧٨٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٩ ، ح ٢٣٥٣٨ ، إلى قوله : « في الرطبة والبقل » ؛وفيه ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٢ ، من قوله : « وسألته عن ورق الشجر ».

(٨). في « ط ، بخ ، بف ، جت » : « اطلع ».

(٩). في«ط،بخ،بف،جت»وحاشية«جن»:«لم يطلع ».

٩٤

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(١) إِذَا كَانَ فِيهِ مَا قَدْ أَطْعَمَ ».

قَالَ(٢) : وَسَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ(٣) اشْتَرى بُسْتَاناً فِيهِ نَخْلٌ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ(٤) بُسْرٍ(٥) أَخْضَرَ؟

فَقَالَ : « لَا ، حَتّى يَزْهُوَ(٦) ».

قُلْتُ : وَمَا الزَّهْوُ؟ قَالَ : « حَتّى(٧) يَتَلَوَّنَ ».(٨)

٨٨٠٥/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَقُلْتُ(٩) لَهُ : أُعْطِي الرَّجُلَ(١٠) - لَهُ(١١) الثَّمَرَةُ(١٢) - عِشْرِينَ دِينَاراً عَلى أَنِّي(١٣) أَقُولُ لَهُ : إِذَا قَامَتْ ثَمَرَتُكَ بِشَيْ‌ءٍ ،

____________________

(١). في « بخ ، بف »والتهذيب والاستبصار : - « به ».

(٢). في « بح » : - « قال ».

(٣). في « جن » : « الرجل ».

(٤). في « ط ، جد » والوسائل ، ح ٢٣٥١٥والاستبصار : « غيره ».

(٥). في « ط ، جد » : « بسراً ». والبُسْر : التمر قبل إرطابه ، أوّله طَلْعٌ ، ثمّ خَلالٌ ، ثمّ بَلَخٌ ، ثمّ بُسْرٌ ، ثمّ رُطَبٌ ، ثمّ تمر. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٩ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٠٠ ( بسر ).

(٦). في « بخ » : « تزهو ».

(٧). في « بف » والوافي : - « حتّى ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٥٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٦ ، ح ٢٩٤ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩٠ ، معلّقاً عن القاسم بن محمّد ، إلى قوله : « إذا كان فيه ما قد أطعم »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٦ ، ح ١٧٧٨٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٨ ، ح ٢٣٥٣٥ ، إلى قوله : « إذا كان فيه ما قد أطعم » ؛وفيه ، ص ٢١٢ ، ح ٢٣٥١٥ ، من قوله : « وسألته عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه».

(٩). في « ط » : « فقلت ».

(١٠). في الوافي : - « الرجل ».

(١١). في « ط ، بح »والفقيه : - « له ».

(١٢). في « ط ، بح ، بخ بف »والفقيه : « الثمن ». وفيالوافي : « فيالفقيه : الثمن ، موضع « له الثمرة » ، وحاصل مضمون الحديث عدم صلاحية إعطاء الثمن بنيّة الشراء لما لا يصلح شراؤه بعد ، بل ينبغي أن يعطي قرضاً ، فإذا جمع له شرائط الصحّة اشترى ». وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « قوله : الثمن موضع له الثمرة ، عبارته : اُعطي الرجل الثمن عشرين ديناراً ، وعلّة المنع أنّه من بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح ؛ فإنّه غير جائز ولو كان من نيّته الاشتراء ولم يصرّح بأنّه ثمن الثمرة ». (١٣). في « ط ، ى ، بس ، جت ، جد » والوسائل : « أن ».

٩٥

فَهِيَ(١) لِي(٢) بِذلِكَ الثَّمَنِ ، إِنْ رَضِيتَ أَخَذْتُ ، وَإِنْ كَرِهْتَ تَرَكْتُ؟

فَقَالَ : « مَا(٣) تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْطِيَهُ ، وَلَا تَشْتَرِطَ(٤) شَيْئاً ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لَايُسَمِّي شَيْئاً ، وَاللهُ(٥) يَعْلَمُ مِنْ نِيَّتِهِ ذلِكَ(٦)

قَالَ : « لَا يَصْلُحُ إِذَا كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ(٧) ».(٨)

٨٨٠٦/ ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٩) فِي رَجُلٍ قَالَ لآِخَرَ : بِعْنِي‌ ثَمَرَةَ(١٠) نَخْلِكَ هذَا الَّذِي(١١) فِيهَا(١٢) بِقَفِيزَيْنِ مِنْ‌

____________________

(١). في « ط » وحاشية « بس » : « فهو ».

(٢). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « لك ». وفي « بخ ، بف » : - « لي ».

(٣). في الفقيهوالتهذيب : « أما ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » : « ولا يشترط ».

(٥). في « ى » : « فالله ».

(٦). في « ى » : - « ذلك ».

(٧). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : + « [ ذلك ] ». وفيالمرآة : « يحتمل وجوهاً : الأوّل أن يكون المراد به إذا قوّمت ثمرتك بقيمة ، فإن أردت شراءها أشتري منك ما يوازي هذا الثمن بالقيمة التي قوّم بها ، فالنهي لجهالة المبيع ، أو للبيع قبل ظهور الثمرة ، أو قبل بدوّ صلاحها ، فيدلّ على كراهة إعطاء الثمن بنيّة الشراء لما لا يصحّ شراؤه.

الثاني : أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة ، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها حدّاً يمكن الانتفاع بها ، فالنهي لعدم إرادة البيع ، أو لعدم الظهور ، أو بدوّ الصلاح.

الثالث : أن يكون المراد به أنّه يقرضه عشرين ديناراً بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقلّ ممّا يشتريه غيره ، فالمنع منه لأنّه في حكم الربا ، ولعلّه أظهر ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٩ ، ح ٣٧٨ ، بسنده عن عليّ بن النعمان وصفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩٢ ، معلّقاً عن يعقوب بن شعيبالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٧ ، ح ١٧٧٩١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٤.

(٩). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ و ٢٣٥٤٦ والتهذيبوالاستبصار : « قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام » بدل « عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : قال ». وفي الكافي ، ح ٨٨٥٤ : - « قال ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « ثمرتك في ».

(١١). في الوافي : « هذه التي ».

(١٢). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ والكافي ، ح ٨٨٥٤ : « فيه ».

٩٦

تَمْرٍ(١) ، أَوْ أَقَلَّ(٢) أَوْ أَكْثَرَ ، يُسَمِّي مَا شَاءَ ، فَبَاعَهُ ، فَقَالَ(٣) : « لَا بَأْسَ بِهِ ».

وَقَالَ : « التَّمْرُ وَالْبُسْرُ(٤) مِنْ نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَابَأْسَ بِهِ ، فَأَمَّا أَنْ يَخْلِطَ التَّمْرَ الْعَتِيقَ أَوِ الْبُسْرَ(٥) ، فَلَا يَصْلُحُ ؛ وَالزَّبِيبُ وَالْعِنَبُ مِثْلُ ذلِكَ(٦) ».(٧)

٨٨٠٧/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ سَنَتَيْنِ(٨) ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٩) ».

____________________

(١). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ : « برّ ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ والكافي ، ح ٨٨٥٤ : + « من ذلك ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي والتهذيب : « قال ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « البسر والتمر ».

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف » والوافي والكافي ، ح ٨٨٥٤ والتهذيبوالاستبصار : « والبسر ».

(٦). فيالوافي : « حمله فيالاستبصار على العريّة ». وفيالمرآة : « يمكن حمل الجزء الأوّل من الخبر على ما إذا لم يشترط كون الثمرة من تلك الشجرة ، فيؤيّد مذهب من قال بأنّه يشترط في حرمة المزابنة اشتراط ذلك.

وأمّا قوله : والتمر والبسر ، فظاهره أنّه يبيع البسر في شجرة بثمر منها ، فيدخل المزابنة على جميع الأقوال ، ولذا حمله الشيخ فيالاستبصار على العريّة ؛ لكونها مستثناة من المزابنة. ويمكن حمله على أنّه ثمرة شجرة بعضها بسر وبعضها رطب ، فجوّز ذلك ؛ لبدوّ صلاح بعضها ، كما مرّ.

وأمّا خلط التمر العتيق بالبسر فيحتمل أن يكون المراد به أنّه يبيع البسر الذي في الشجرة مع التمر المقطوع بالتمر ، فلم يجوّز ؛ لأنّ المقطوع مكيل ، أو يحمل على أنّه يبيع من غير أن يكيل المقطوع ، فالنهي للمزابنة ، أو الجهالة مع عدم الكيل. أو المراد به معاوضة البسر بالتمر المقطوعين ، فالنهي لأنّه ينقص البسر إذا جفّ ، كما نهى عن بيع الرطب بالتمر لذلك ».

(٧).الكافي ، كتاب المعيشة ، باب المعاوضة في الطعام ، ح ٨٨٥٤. وفيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٩ ، ح ٣٧٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٩١ ، ح ٣١٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٥٤٤ ، ح ١٧٨٠٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢٣ ، ح ٢٣٥٤٦ ؛وفيه ، ص ١٤٧ ، ح ٢٣٣٥٠ ، إلى قوله : « فقال : لا بأس به».

(٨). في « ط ، بح ، بخ ، بف ، جت ، جد » والوافي : « سنين ».

(٩). في « بف » : - « به ».

٩٧

قُلْتُ : فَالرَّطْبَةُ(١) يَبِيعُهَا(٢) هذِهِ الْجِزَّةَ(٣) ، وَكَذَا وَكَذَا(٤) جِزَّةً(٥) بَعْدَهَا؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ».

ثُمَّ قَالَ(٦) : « قَدْ(٧) كَانَ أَبِي يَبِيعُ الْحِنَّاءَ كَذَا وَكَذَا(٨) خَرْطَةً(٩) ».(١٠)

٨٨٠٨/ ١٢. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ(١١) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ لَقِحَ(١٢) ، فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ(١٣) إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ(١٤)

____________________

(١). قال الجوهري : « الرَّطْبة - بالفتح - : القَضْب خاصّة مادام رطباً ، والجمع : رِطاب ». وقال ابن منظور : « الرطبة : روضة الفِصْفِصَة مادامت خضراء ، وقيل : هي الفصفصة نفسها ، وجمعها : رِطاب ». والفصفصة : هي الإسپست بالفارسيّة ، ويقال لها : يُنْجِه ، وكذا القضب.الصحاح ، ج ١ ، ص ١٣٦ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٩ ( رطب ).

(٢). في « جن » : « نبيعها ».

(٣). فيالوافي : « الجزّ : القطع ، والجزّة : المرّة منه ». وفي اللغة : الجزّة : ما جزّ وقطع من الشعر والنخل ، أو هي صوف نعجة جُزّ فلم يخالطه غيره ، أو صوف شاة في السنة ، أو الذي لم يستعمل بعد جزّه. والمراد بها هاهنا القطعة المقطوعة من الرطبة. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٩٧ ( جزز ).

(٤). في « ط » : « كذا » بدون الواو. وفي الوافي : - « وكذا ».

(٥). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : هذه الجزّة وكذا كذا جزّة. هذا جائز ؛ إذ لا غرر فيه ، والجزّة معيّنة المقدار في العادة ، وكذا نموّ الرطبة بعد العلم بوجودها عادة معلومة ، وبذلك يعلم أنّ بيع الثمرة بعد الظهور قبل أن يدرك ويطعم ليس غرراً ؛ فإنّ نموّ الثمار عادة جرت مشيّة الله تعالى بإدراكها غايتها ، وإنّما الغرر بيعها قبل الظهور ؛ فإنّه لا يعلم مقدار ما سيظهر منها ».

(٦). في «ى،بف» وحاشية «جت» : « قال:ثمّ قال».

(٧). في « بخ ، بف » والتهذيب : - « قد ».

(٨). في « بح » : « كذي وكذي ».

(٩). تقدّم معنى الخرطة ذيل الحديث السابع من هذا الباب.

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٨ ، معلّقاً عن سهل بن زياد.مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٦٩ ، بسند آخر عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، إلى قوله : « سنتين قال : لا بأس به » مع اختلاف يسير وزيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٨ ، ح ١٧٧٩٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٤ ، ذيل ح ٢٣٥٢١ ، إلى قوله : « سنتين قال : لا بأس به » ؛وفيه ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٣ ، من قوله : « قلت : فالرطبة يبيعها ».

(١١). في « ط » : - « بن عثمان ».

(١٢). « لقح » أي حمل ، أو قبل اللقاح ، وهو الحمل. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٧٩ ( لقح ).

(١٣). في « بخ ، بف » « للبيّع ».

(١٤). في « بح » : « أن يشترطه ».

٩٨

الْمُبْتَاعُ(١) ؛ قَضى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله بِذلِكَ(٢) ».(٣)

٨٨٠٩/ ١٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي شِرَاءِ(٤) الثَّمَرَةِ ، قَالَ : « إِذَا سَاوَتْ شَيْئاً(٥) ، فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا».(٦)

٨٨١٠/ ١٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أَبَّرَهُ(٧) ، فَثَمَرَتُهُ(٨) لِلْبَائِعِ(٩) إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ، ثُمَّ قَالَ(١٠) عليه‌السلام : قَضى بِهِ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».(١١)

____________________

(١). في « بخ ، بف » : + « بذلك ».

(٢). فيالمرآة : « ما تضمّنه هو المشهور بين الأصحاب ».

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٦٩ ، معلّقاً عن الحسن بن محمّد بن سماعة. وراجع :الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٢٠ ، ح ٣٨١٥الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٩ ، ح ١٧٧٧٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٣ ، ح ٢٣٢٢٣.

(٤). في « بخ ، بف » : « شرى ». وفي « ط » : - « شراء ».

(٥). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إذا ساوت شيئاً ، أي خرجت ، أو بلغت حدّاً يمكن الانتفاع بها ، أو قوّمت قيمة ».

(٦).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٨ ، ح ١٧٧٩٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢٢ ، ح ٢٣٥٤٥.

(٧). في الوافي : « قد اُبّر ». وتأبير النخل : تلقيحه. وأمّا تلقيح النخل فهو أن يدع الكافور ، وهو وعاء طَلْع النخل ، ليلتين أو ثلاثاً بعد انفلاقه ، ثمّ يأخذ شمراخاً من الفُحّال ، وأجوده ما عَتُقَ وكان من عام أوّل ، فيدسّون ذلك الشمراخ في جوف الطلعة ، وذلك بقدر ، ولا يفعل ذلك إلّا رجل عالم بما يفعل ؛ لأنّه إن كان جاهلاً فأكثر منه أحرف الكافورَ فأفسده ، وإن أقلّ منه صار الكافور كثير الصيصاء ، وهو ما لا نوى له ، وإن لم يفعل ذلك بالنخلة لم ينتفع بطلعها ذلك العام وكذا إلقاحها ولقحها. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٧٤ ؛لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٨٢ ( لقح ).

(٨). في « ط ، جت ، جن » والوسائل : « فثمره ».

(٩). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « للذي باع ».

(١٠). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : + « عليّ ».

(١١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٧٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسىالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٩ ، ح ١٧٧٨٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٣ ، ح ٢٣٢٢٤.

٩٩

٨٨١١/ ١٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ ، عَنْ يُونُسَ(١) ، قَالَ :

تَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ(٢) » أَنَّ الْفَوَاكِهَ(٣) وَجَمِيعَ أَصْنَافِ الْغَلَّاتِ(٤) إِذَا حُمِلَتْ مِنَ الْقُرى إِلَى السُّوقِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَهْلُ السُّوقِ لَهُمْ مِنَ النَّاسِ ، يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ حَامِلُوهُ مِنَ الْقُرى وَالسَّوَادِ(٥) ؛ فَأَمَّا(٦) مَنْ(٧) يَحْمِلُ مِنْ مَدِينَةٍ إِلى مَدِينَةٍ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ(٨) ، وَيَجْرِي مَجْرَى التِّجَارَةِ(٩) .(١٠)

٨٨١٢/ ١٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ ، قَالَ :

____________________

(١). في « ط » : - « عن يونس ».

(٢). البادي : هو الذي يكون في البادية ، ومسكنه المضارب والخيام ، وهو غير مقيم في موضعه ، بخلاف جارالمقام في المدن. قاله ابن الأثير ، وقال أيضاً في شرح الحديث : « الحاضر : المقيم في المدن والقرى ، والبادي : المقيم بالبادية ، والمنهيّ عنه أن يأتي البدويّ البلدة ، ومعه قوت يبغي التسارع إلى بيعه رخيصاً فيقول له الحضري : اتركه عندي ؛ لاُغالي في بيعه ، فهذا الصنيع محرّم ؛ لما فيه من الإضرار بالغير ». راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٩ ( بدا ) وص ٣٩٨ ( حضر ).

(٣). في « ط ، بخ ، بف » : « الفاكهة ».

(٤). « الغلّات » : جمع الغلّة ، وهو الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك. راجع :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٠٤ ( غلل ).

(٥). في « ى » : « أو السواد ». وقال ابن منظور : « سواد كلّ شي‌ء : كُورَة ما حول القرى والرساتيق ، والسواد : ما حوالي‌الكوفة من القرى والرساتيق ، وقد يقال : كورةُ كذا وكذا وسوادها إلى ما حوالي قصبتها وفسطاطها من قراها ورساتيقها. وسواد الكوفة والبصرة : قراهما ».لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٢٥ ( سود ).

(٦). في « بخ ، بف » : « وأمّا ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » : « ما ».

(٨). فيالوافي : « فإنّه يجوز ، أي يجوز أن يبيع لمالكه إذا كان هو حامله من موضع إلى آخر ، وهذا الحكم مخصوص بالفواكه والغلّات ، كما هو منطوق الكلام ؛ لما يأتي من جواز أخذ الاُجرة للسمسار في غيرها ، ولعلّ الوجه فيه أنّ للفواكه والغلّات أسعاراً معيّنة لا صنعة للسمسار في بيعها بخلاف غيرها ».

(٩). فيالمرآة : « لعلّ هذا الخبر بباب التلقّي أنسب ».

(١٠). راجع :الكافي ، كتاب المعيشة ، باب التلقّي ، ح ٨٧٧٣ ومصادرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٠٠ ، ح ١٧٥١٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٤٥ ، ح ٢٢٩٥٦.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بالباطل بحيث لا يتميّز أحدهما عن الآخر.

كما أنّها حاولت أن تُحرّف الكَلِم عن مواضعه وأن تتلاعب بالنصوص عن طريق التحريف في بنية الكلمة أو الزيادة في النصّ أو النقص منه أو بتره أو التلفيق أو التصرّف فيه بالتقديم والتأخير لا على سياق قائِلِه لتصل عبر إخراج النصّ عن معناه الحقيقي إلى المقصود المنسجم مع مآربها الشخصيّة.

وفي هذا الخضم كم من حقائق أخفيت، وكم من سيرٍ نقيّة شوّهت، وكم من سيرٍ مدنسة ألبست لباساً يضفى عليها هالة من العظمة والقداسة.

ولهذا ذهب الكثير ضحيّة الإعلام المغرض الذي حاول أنْ يصوّر الإسلام بالصورة الملائمة مع أغراضه وميوله ومصالحه الشخصيّة.

وهذا ما يبيّن مدى الصعوبة التي واجهها المستبصر في محاولة تصدّيه للبحث عن الحقيقة الموضوعيّة ضمن هذا الكم الهائل من التحريف والتزوير الذي أحدث خلال مسيرة التاريخ الإسلامي.

ويشير ياسين البدراني إلى هذه الحقيقة في كتابه (يا ليت قومي يعلمون)، قائلاً:

( إنّ الكثير من الأحاديث وُضعت لكي ترفع مكانة شخصيّات خسيسة منحطّة، ولكي تطمس معالم شخصيّات أخرى خصّها اللَّه بالفضل والهدى والعلم والحلم والفصاحة والتقى فكانوا للعباد مناراً وهدى.

لكنّ الحكّام المتسلّطين من بني أميّة وبني العبّاس جاؤوا بما لا يرضى اللَّه وافتعلوا الأكاذيب والأباطيل.

ونحن لا نريد من الأخ القارئ إلّا أن لا يُخدع بباطلهم، وأن لا يبقى معصوب العينين ضيّق النظر، منقاداً لمنطق العاطفة، بل نريد له أن يكون حرّ الإرادة في مطالعاته وفهمه وأن يحكم بالانصاف على ما يقرأ )(١) .

____________________

(١) ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: ٦٤.

١٦١

إذن فالمطلوب من الباحث الذي يودّ قراءة كتب السّلف أن يعي ما فعلته هذه السلطات الحاكمة، لئلّا يكون ضحيّة الروايات المحرّفة التي دسّتها هذه الأيدي الأثيمة بغية الوصول إلى مآربها الدنيويّة.

وهذا ما قام به المستبصرون، فإنّهم حين بحثهم عن الحقّ حاولوا أن يزيلوا الغشاوة التي وضعتها يدُ التحريف ورجال الكذب والدجل على بصائرهم، واجتهدوا أن يبدّدوا الضباب أو الغبار الذي أثاره البعض لتشويه صورة الحقيقة، وحاولوا أن يتجنّبوا التأثّر بالخرافات التي تسبح في المتاهات والظنون، والتي تأخذ بيد العقل ليسبح معها في عالم الأوهام.

وكانت النتيجة أن وصل هؤلاء إلى ما يبتغوه، لأنّ المغرضين على رغم محاولاتهم الحثيثة لتزييف الحقائق وتغيير وجه الحقيقة عن طريق شعاراتهم الفارغة والفاظهم المُنمّقة وسلوكهم الطرق الملتوية، فإنّ دين اللَّه تعالى يعلو ولا يُعلى عليه.

فلهذا باءت محاولاتهم بالفشل، ويشهد الجميع في عالمنا المعاصر ازدهار شأن اهل البيت ‏عليهم‌السلام يوماً بعد آخر وانتشاره في جميع ربوع العالم.

التحريف في عالمنا المعاصر:

إنّ التحريف الذي قام به بعض القدماء قد وجد - للأسف - في عالمنا المعاصر بعض الأجواء المناسبة التي تمدّه بما يكفل له البقاء.

ومن أهمّ أسباب بقاء التحريف هو أنّ جملة من أبناء مجتمعاتنا الإسلاميّة المعاصرة ألفوا التزييف الذي سنّته الحكومات الجائرة السابقة عن طريق وعّاظ السلاطين والأقلام المرتزقة، ولم يحاولوا التثبّت من صحّة ما ذهب إليه من قبلهم، بل تلقّوا آراء السابقين كثوابت لا يصح غربلتها أو التشكيك في صحّتها.

ومن هذا المنطلق بقي التحريف مترسّخاً في أوساط المجتمع لايستطيع أحد أن يزيله سوى العلماء، ولكنّ الكثير من العلماء أيضا - للاسف - كما يذكر عنهم ياسين

١٦٢

المعيوف البدراني في كتابه (ياليت قومي يعلمون)، قائلاً:

( تعوّدت بعض الأقلام المأجورة واستمرّت أن تعيش في النفاق وعلى النفاق مقدّمة نتاجها الفكري للمجتمع الذي تعيش فيه مزيفاً ومغلوطاً، وذلك بدافع من مصلحة دنيويّة تافهة )(١) .

ويقول التيجاني السماوي أيضاً في هذا المجال: ( واكتشفت أيضاً أن العديد من العلماء، عندما تواجههم الحقيقة المرّة المؤلمة، يبحثون عن بعض التأويلات والمخارج التي هي في الحقيقة، مبكية ومضحكة في الوقت نفسه )(٢) .

ويقول إدريس الحسيني:

( ...أليس هذا هو التجهيل؟ اءنّهم يكتبون للامّيين والمغّفلين! لذلك تراهم لا يتورّعون عن التلفيق! )(٣) .

ويشير صالح الورداني إلى هذه الحقيقة أيضاً قائلاً:

( إنّ منهج التأويل والتبرير هو الأساس الذي بني عليه منهاج القوم وعقائدهم ولم يكن مجرّد طرح عابر في مذهبهم وإنّما كان سلاحهم الذي يشهرونه في وجه خصومهم وفي وجه المسلمين الذين ينتابهم الريب في رواياتهم ومواقفهم وأحداث التاريخ بوجه عام.. وعقيدة تقوم على التبرير والتأويل عقيدة واهية مهزوزة لابدّ للعقل من أن يلفظها يوماً )(٤) .

ومن جهة أخرى أيضاً فإنّ الكثير من الأعلام والمشايخ لم يتحلّوا بالأمانة العلميّة في نقلهم المعارف الدينيّة إلى الآخرين، ولم يلتزموا بالورع خلال نظرهم في الاستدلال والمعاني، لأن أمثال هؤلاء - في الواقع - لم يطلبوا العلم من أجل التحلّي

____________________

(١) المصدر السابق: ٦٩.

(٢) محمد التيجاني السماوي/ اعرف الحق: ١٤.

(٣) إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: ٢٦.

(٤) صالح الورداني/ الخدعة: ٦٩.

١٦٣

بالفضيلة، أو من أجل إفادة الناس بما عرفوا من الحكمة، بل طلبوه ليكون لهم جسراً يصلوا من خلاله إلى مطامعهم الدنيويّة.

ولهذا انعدمت الأمانة في نفوس هؤلاء، وغدوا لايتحرّجون من رواية مالم يسمعوا أو ذكر ما لم يعلموا.

وهذا ما دعى العلماء إلى تشييد علم الرجال وإجراء الجرح والتعديل، ليكون الباحث على بصيرة من أمره، ولئلّا تخفى عليه منزلة من يروي له الحقائق.

وأضف إلى مسألة عدم تحلّي بعض العلماء بالأمانة العلميّة، أنّ الكثير من الباحثين يواجهون في زماننا استنكاف بعض العلماء من الاعتراف بعدم العلم إذا سُئِلوا عن شي‏ء لا يعلموه.

وذلك لأنّ هؤلاء يرون أن الإذعان بعدم المعرفة يذهب بشي من احترام المقابل لهم، فيدفعهم هذا الأمر إلى الإجابة وفق ما تملي عليهم أهواؤهم واستنباط الإجابة من عالم الأوهام، ليفهموا السائل بأنّه ممن لا يخفى عليهم شي‏ء!

في حين أنّ الواقع يحتّم على العالم الورع والمتّقي إذا سُئل عما لا يعلم أنْ لايجد في صدره حرجاً أن يقول (لا أعلم)، وعليه أن لا يستنكف ولا يبالي بما يكون لموقفه الصحيح من أثر في نفوس سائليه.

بل لو يتأمّل الإنسان الواعي في هذا الموقف يرى أنّ العالم إذا سُئل عما لا يعلم، فاعترف بعدم علمه، فإنّه وان لم يمنح السائل جواب ما سأل، لكنّه يعطيه درساً أخلاقيّاً مفاده أنّ المرء ينبغي أن لا يتحدّث إلّا عن بصيرة.

من جهة أخرى يشير صباح علي البياتي في هذا المجال إلى إحدى الوسائل التي يجعلها من في قلوبهم مرض وسيلة لتشويه سمعة التشيّع، قائلاً:

( أودّ أنّ أنوّه إلى أمر مهم جدّاً ألا وهو: أن الشيعة لا يعتقدون بوجود كتاب صحيح تماماً غير كتاب اللَّه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما عداه من كتب، فإنّها تحوي الصحيح وغيره مهما كانت منزلة هذه الكتب أو مصنّفيها.

١٦٤

وعلى هذا الأساس فإنّ وجود رواية في أيّ من كتبهم لا تعني بالضرورة أنّهم يقولون بصحّتها، وأمثال هذه الروايات موجودة فعلاً في كثير من كتب الشيعة رغم عدم اعتقادهم بصحّتها، وذلك على العكس من الإخوة من أهل السنّة الذين يضفون على بعض كتبهم - وبخاصّة التي يسمونها (الصحاح) وعلى رأسها كتابَي البخاري ومسلم - رداء القدسيّة، حتى قالوا عن صحيحي البخاري ومسلم:... أنّه لو حلف رجل بطلاق امرأته على أن كل ما في الصحيحين هو من أقوال وأفعال وتقرير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يحنث، وأن من روى له البخاري فقد جاز القنطرة(١) )(٢) .

السبب الثاني:

التعتيم‏

من الأسباب الأخرى التي توجب حرمان الباحث من معرفته للحقّ هي التعتيم الذي يحاول البعض عن طريقه أنْ يُرخي سحابه من الدخان حول بصيرة الباحثين، ليمنعوهم من الوصول إلى علوم ومعارف أهل البيت ‏عليهم‌السلام .

ويقول محمد الكثيري في هذا المجال:

( إنّ الكتاب الشيعي مُحارَب في كلّ مكان وممنوع دخوله في أغلب الدول، وقد أحاط السلفيّون والغرب الاستعماري دولة التشيّع بأسلاك شائكة من الدعايات المغرضة وتزييف الحقائق الدينيّة والسياسيّة )(٣) .

ويقول هذا المستبصر في مكان آخر من كتابه (السلفية):

( إنّ السلفيّة يحاربون الكتاب الشيعي في كل مكان، ويمنعون دخوله إلى بلدهم ويُحرّمون قراءته.

____________________

(١) مقدّمة فتح الباري: ٣٨١.

(٢) صباح علي البياتي/ لا تخونوا اللَّه والرسول: ٦٩.

(٣) محمّد الكثيري/ السلفيّة: ٧١٢.

١٦٥

وفي الجزائر يتعرّض أيّ شاب ملتزم للإهانة بل ربّما للضرب والمحاكمة إذا ما وُجد بحوزته كتاباً أو مجلّة شيعيّة؟

لماذا هذا الخوف من الكتاب الشيعي يا دعاة السلفيّة؟! )(١) .

ويضيف هذا المستبصر:

( ونحن نقول لدعاة السلفيّة: إذا كان ما تكتبونه عن الشيعة صحيح ويمثّل الحقيقة، فلماذا لاتفسحون المجال للكتاب الشيعي أن ينتشر؟! لأنّ ذلك سيؤكّد ما تدّعون عليهم من آراء ومعتقدات، وسيجعل أبناء الصحوة الإسلاميّة يتّخذون الموقف السليم من التشيّع...

لكنّني على يقين من أنّهم لن يفعلوا، لأنّهم يخافون من التشيّع، ومن حقائق التشيّع، لأنّ الشمس عندما تطلع وتحتل مكانها في كبد السماء، تنطفئ كل الشموع، وينعدم ضوؤها، وهذا هو حال التشيّع مع العقيدة السلفيّة.

إنّهم يتستّرون ويختفون وراء جدران صنعوها من الكذب والتلفيق، لذلك ما إن يعرف أحد أبناء الصحوة الإسلاميّة بعض الحقائق حتى ينقلب عدوّاً لدوداً للسلفيّة ولدعاة مذهب السلف، لأنّه سيكتشف إنّ غذاءه السلفي كان محشواً بالكذب وتحريف الحقائق )(٢) .

وقال التيجاني السماوي مشيراً إلى معاناته في البحث:

( ولماذا يحاول بعض العلماء حتى اليوم في عصر العلم والنور جهده تغطية الحقائق بما يختلقونه من تأويلات متكلّفة لا تسمن ولا تغني من جوع؟ )(٣) .

وأشار التيجاني السماوي أيضاً إلى هذه الحقيقة قائلاً:

( إذا استثنينا بعض العلماء المعاصرين الذين أنصفوا في كتاباتهم عن الشيعة بما تفرضه عليهم الأخلاق الإسلاميّة ، فإنّ الأغلبيّة الساحقة منهم قديماً وحديثاً لازالوا

____________________

(١) المصدر السابق: ٦٧٩.

(٢) المصدر السابق: ٦٨١.

(٣) محمد التيجاني السماوي/ فسألوا أهل الذكر: ٣١٧

١٦٦

يكتبون عن الشيعة بعقليّة الأمويين الحاقدين، فتراهم في كل وادٍ يهيمون ويقولون ما لا يفقهون، ويسبّون ويشتمون ويتقوّلون افتراء وبهتاناً على شيعة آل البيت ما هم منه براء، ويكفّرونهم وينبذونهم بالألقاب اقتداءً بسلفهم الصالح معاوية وأضرابه، الذين استولوا على الخلافة الإسلاميّة بالقوّة والقهر والمكر والدهاء والخيانة والنفاق.

فمرّة يكتبون بأنّ الشيعة هي فرقة من تأسيس عبد اللَّه بن سبأ اليهودي، ومرّة يكتبون بأنّهم من أصل المجوس، وانّهم روافض قبّحهم اللَّه، وأنّهم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى.

ومرة يكتبون بأنّهم منافقون لأنّهم يعملون بالتّقيّة، وأنّهم إباحيّون يبيحون نكاح المحارم ويحلّلون المتعة وهي زنا، والبعض يكتب بأنّ لهم قرآناً غير قرآننا، وأنّهم يعبدون عليّاً والأئمّة من بنيه ويبغضون محمّداً وجبريل وأنّهم وأنّهم...

ولا يمرّ عاماً إلّا ويطلع علينا كتاب أو مجموعة كتب من أولئك العلماء الّذين يتزعّمون (أهل السنة والجماعة) بزعمهم وكلّه تكفير واستهانة بالشيعة.

وليس لهم في ذلك مبرّر ولا دافع إلّا ارضاء أسيادهم الّذين لهم مصلحة في تمزيق الأمّة وتفريقها والعمل على ابادتنا.

كما ليس لهم فيما يكتبون من حجّة ولا دليل سوى التعصّب الأعمى والحقد الدفين والجهل المقيت، وتقليد السلف بدون تمحيص ولا بحث ولابيّنة، فهم كالببّغاء يعيدون ما يسمعون ويستنسخون ما كتبه النواصب من أذناب الأمويين، والذين لايزالون يعيشون على مدح وتمجيد يزيد بن معاوية.

وبما أنّهم أتباع السنّة الأمويّة والقريشيّة فهم يتكلّمون ويكتبون بالعقليّة الجاهليّة والأفكار القبليّة والنعرات العنصريّة، فالشي‏ء من مأتاه لا يستغرب، وكلّ إناء بالذي فيه ينضحُ )(١) .

____________________

(١) محمد التيجاني السماوي/ الشيعة هم أهلُ السنّة: ٦٣-٦٤.

١٦٧

وقال حسين على آل رجاء:

( إنّ الشعب العامي المسلم مظلوم حيث يحال بينه وبين العلوم الحقيقيّة المتمثّلة بعلوم آل البيت عليهم الصّلاة والسلام )(١) .

وأشار الهاشمي بن علي إلى هذه الحقيقة قائلاً:

( طبعاً مازلت أقول أنّ هناك الملايين من المسلمين وغيرهم ممّن لهم طينة صالحة ولكن لم يصل إليهم هذا المذهب. ( فإنّ النّاس لو عرفوا محاسِن كلامنا لاتّبعونا )) كما ورد عن الإمام المعصومعليه‌السلام )(٢) .

وقال أسعد وحيد القاسم حول معاناته في هذا المجال:

( وكلّما كنت أقرأ كتباً إضافيّة حول هذا الموضوع، فإنّ الحقيقة كانت تبدو لي أكثر وضوحاً حتى ظهرت لي في النهاية بأجلى صورها وبما لا يقبل أيّ شك.

إلّا ان السؤال الذي أخذ يراودني دائماً يدور حول سبب إخفاء كثير من الحوادث التّاريخيّة وأحاديث الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله عنّا بالرغم من توثيقها في المصادر المعتبرة عند أهل السنّة، والتي من شأنها توضيح الكثير من الغموض الذي رافق مسألة الخلاف بين السنّة والشيعة على مرّ القرون الماضية.

فهل إخفاء الحقائق أو التعتيم والتشويش عليها يُقبل مبرّراً لمنع الفتنة كما يزعمون؟

أليست الفتنة كلّها بإخفاء الحقائق وتزييفها؟ )(٣) .

وذكر محمد كوزل الحسن الآمدي في هذا المجال:

( وقفت على نصوص كثيرة واردة في الكتاب والسنّة معلنة بخلافة أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من ذريّته ‏عليهم‌السلام آمرة بالاقتداء بهم والسير على نهجهم، وناهية عن مخالفتهم ومعاداتهم، وتواترت بذلك الأخبار من كتب السنّة والشيعة. وإنْ كانت

____________________

(١) مجلّة المنبر/ العدد: صفر (التجريبي)

(٢) جريدة المبلّغ الرسالي: ٢٧ صفر ١٤١٩ه.

(٣) أسعد وحيد القاسم/ حقيقة الشيعة الاثنى‏ عشريّة: ١٥.

١٦٨

سلطات الجور سعت وصرفت قصارى جهدها لاخفاء تلك النصوص وكتمانها، وعذّبت وسجنت مَن أفشاها ونشرها، وبذلت أموالاً كثيرة وجوائز نفيسة لمن وضع مخالفها ومناقضها على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ورغم كلّ ذلك فقد أنعم اللَّه على هذه الأمّة أن حفظ لهم مقداراً كثيراً من تلك النصوص كي يكون كافياً( لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ أو أَلقى‏ السَّمعَ وهوَ شهيدٌ ) ، ويكون حجّة على من ألقى العذر وهو عنيد )(١) .

السبب الثالث:

الشبهات‏

الشكوك البنّاءة:

يشعر الإنسان بعد بلوغه مرحلة النضج أنّه بحاجة إلى البحث والتحقيق من أجل الحصول على المعرفة النقيّة التي يمكن أن يطمئنّ بها.

ومن هنا تتبلور في ذهن الإنسان شكوك وشبهات حول صحّة المعتقدات التي ينتمي إليها.

وهذه الشكوك والشبهات والتساؤلات العقائديّة التي تمور في دواخل الفرد تعتبر شكوكاً بنّاءة، وهي أمر طبيعي، لأنّها تنتج من عدم المعرفة، وتثير في نفس الإنسان جملة من المشاعر التي تبعث فيه النشاط والحيويّة من أجل طلب العلم والتثبّت في أموره العقائديّة.

وعلى الباحث في هذه الحالة أن يتريّث عن لا يسارع إلى تكذيب القضايا التي تثار حولها الشكوك في ذهنه، وعليه أن يقوم بالبحث والتحقيق بكامل الحيطة والحذر لينتهي إلى النتيجة اليقينيّة.

____________________

(١) محمد كوزل الحسن الآمدي/ الهجرة إلى الثقلين: ٢٠٤.

١٦٩

الشكوك الهدّامة:

الشكوك والشبهات الهدّامة والمخرّبة تختلف عن الشبهات التي تثار في ذهن الباحث بشكل طبيعي، بل هي أفكار يتعمّد المغرضون انشاءها وإثارتها عن طريق تزيين الباطل وتزييف الحق أو خلط الحق بالباطل أو غير ذلك من الأساليب الملتوية من أجل حرمان الآخرين من معرفة الحق.

وأكثر من يثير هذه الشبهات هم الّذين يضرّهم اتّجاه الآخرين نحو الحق، فيتوسّلون بكلّ ما في أيديهم من تمويه وخداع ليبقوا الناس في الدوائر التي تخدم مصالحهم ومطامعهم الشخصيّة.

ويحاول هؤلاء أن تعيش الأمّة في تيه وحيرة وظَلام وعدم يقين واضح في أمر العقيدة، لتتاح لهم في وسط هذا العماء الطاغي وهذا التيه المضل فرصة الاستغلال والوصول إلى مآربهم الشخصيّة والاصطياد بالماء العكر.

ويشير سعيد أيّوب إلى هذه الحقيقة قائلاً:

( وعلى امتداد المسيرة البشريّة لم تكف أجهزة الصدّ عن سبيل اللَّه عن وضع العوائق أمام طائفة الحقّ )(٢٢٣) .

ويقول هشام آل قطيط:

( كثير من الحقائق والمسلّمات تستحيل إلى خرافة و وَهمٍ حين يستفرغ المرء وسعه، ويسلخ بعض الوقت في التنقيب عن جذور تلك الحقائق ومصدرها.

فكثيراً ما تكون العواطف والأهواء والنزعات، هي العامل الأقوى وراء شيوع قضيّة ما واستحكامها وفرض نفسها، لتشغل لها مكاناً بين الثوابت والمسلّمات.

كلّ ذلك بسبب وجود من يحرص على أنْ تأخذ قضيّة معيّنة حجماً أكبر من ذاتها ومكانة أعظم مما تستحق.

____________________

(٢٢٣) سعيد أيّوب/ الرّساليّون: ٤٨.

١٧٠

أضف إلى ذلك فقدان المقياس الحقيقي المستند إلى العقل، وتقييم الواقع في تحديد حجم المسائل وأعطائها الموقع المناسب )(١) .

ويستخدم هؤلاء المغرضون في سبيل بلورة شبهاتهم الكثير من السبل الملتوية، منها: استعمال الألفاظ في غير مواضعها من أجل إضاعة المعنى الحقيقي الذي يعنيه اللفظ، أو الإغارة على النصوص الدينيّة من أجل نحر معانيها الأصليّة وجعل معاني أخرى مكانها و..

ولايكون ضحيّة هذه الشكوك والشبهات إلّا أصحاب العقول التي لم يقم أصحابها بتنويرها وارتقاء مستوياتها.

ويشير التيجاني السماوي إلى هذه الحقيقة قائلاً:

( فقد يَلبس الباطلُ لباسَ الحقّ للتمويه والتضليل، وقد ينجح في أغلب الأحيان لبساطة عقول الناس أو لحسن ظنّهم به، وقد ينتصر الباطلُ أحياناً لوجود أنصار مؤيّدين له، فما على الحقّ إلّا الصبر وانتظار وعد اللَّه بأنّ يزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً )(٢) .

ويشير ياسين المعيوف البدراني إلى هذا الأمر قائلاً:

( سيقع في الكثير من الشبهات - التي تغيّر المفاهيم الحقيقيّة لتحل محلّها مفاهيم مغلوطة تنمو في عقول البسطاء - الذين ينعقون عن جهل خلفَ كلّ ناعق ويميلون مع كلّ ريح )(٣) .

ولهذا ينبغي لكلّ انسان يودّ صيانة نفسه من التأثّر بالشكوك الهدّامة أن يوسّع دائرة معارفه بالأمور العقائديّة، ليتمكّن من الدفاع عن معتقداته، وليسعه التحصّن إزاء الوسائل التي يستخدمها المغرضون في زرع الشبهات في نفوس الآخرين، وليتمكّن

____________________

(١) هشام آل قطيط/ وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة: ٢٨.

(٢) محمد التيجاني السماوي/ الشيعة هم أهل السنّة: ١٢.

(٣) ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: ٤٢.

١٧١

من إزالة الالتباس الذي قد يقع فيه على حين غفلة.

كما على الباحث فيما لو أراد ان يرتقي في مجال درء الشبهات وبيان بطلانها أن يقف على المصادر التي يستقي منها أصحاب الشبهات باطلهم وصناعتهم الجدليّة، ليتمكّن من دحض حجّتها وبيان تهافتها بأفضل صورة ممكنة.

مظلوميّة مذهب أهل البيت ‏عليهم‌السلام :

لايخفى على أحد انّ الشيعة شهدت من جميع النواحي التاريخيّة والفكريّة والاعتقاديّة الحملات المسعورة والهجمات القاسية من قبل السلطات الحاكمة ومَن تبعهم من وعّاظ السلاطين ومن لفّ حولهم.

وقد واجه التشيّع منذ نشأته المؤامرات الواسعة من أجل القضاء عليه، وقد سعت بعض السلطات الحاكمة - وعلى رأسها السلطات الأمويّة والعبّاسيّة - بكلّ ما أوتيت من قوّة إلى تحريف وتخريب أهم حصونه المنيعة وبنائه العقائدي.

ويشير التيجاني السماوي إلى هذا الأمر قائلاً:

( ومن العقائد التي يشنّع بها أهل السنّة على الشيعة ما هو من محض التّعب المقيت الذي أولده الأمويّون والعبّاسيّون في صدر الإسلام، بما كانوا يحقدون على الإمام علي ويبغضونه حتى لعنوه على المنابر أربعين عاماً )(١) .

ويشير عبد المنعم حسن أيضاً إلى هذه الحقيقة قائلاً:

( إنّ الشيعة ومنذ وفاة الرّسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله عاشوا في اضطهاد وتشريد وتقتيل من قبل السلطات الجائرة التي تعاقبت، وبعد واقعة كربلاء أصبح الشيعة وحدهم المناوئين للحكّام والمتصدّين لهموم الأمّة باعتبار أنّ أئمّتهم هم الحافظون للشريعة، لذلك

____________________

(٢) محمد التيجاني السماوي/ لأكون مع الصادقين: ٥٩.

١٧٢

كرّست الحكومات كل جهودها لضربهم )(١) .

ويذكر إدريس الحسيني هذا الأمر أيضاً بقوله:

( لقد نشأ التشيّع وترعرع في بيت النبوّة، وفي أهل بيت هم أهل بيتِ نبيّ الإسلام. وعاشوا معاً - الشيعة وأهل البيت - أعنف حالة، ظلّوا محاصرين ومصادَرين لا لشي‏ء إلّا لتصدّيهم المبكّر لكلّ تحريفيّة تسلّلت إلى الإسلام، وإلى كلّ سلطة حاربت دين اللَّه في الأرض )(٢) .

و يضيف هذا المستبصر:

( الشيعة قوم عاشوا المظلوميّة في مختلف أطوار التاريخ. لم يفرض عليهم العنف إلّا العنف الذي مارسه في حقّهم أعداء الأديان وأعداء الإنسانيّة )(٣) .

ويشير صباح علي البياتي إلى مظلوميّة أهل البيت ‏عليهم‌السلام وشيعتهم قائلاً:

( قال الإمام الباقرعليه‌السلام لبعض أصحابه: ( يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش إيّانا وتظاهرهم علينا، ومالقي شيعتُنا ومحبّونا من النّاس!

إنّ رسول الله عليه وآله قبض وقد أخبر انّا أولى الناس بالناس؛ فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه، واحتجّت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا، ثمّ تداولتها قريش، واحداً بعد واحد، حتى رجعت إلينا، فنكثت بيعتَنا ونصبت الحربَ لنا

ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى‏ قُتل، فبويع الحسنُ ابنه وعوهد ثمّ غُدر به وأسلم وثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ونهبت عسكره,وعولجت خلاخيل أمّهات أولاده، فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته وهم قليل حقّ قليل

ثمّ بايع الحسين ‏عليه‌السلام من أهل العراق عشرون ألفاً، ثمّ غدروا به وخرجوا عليه

____________________

(١) عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: ٢١٦.

(٢) إدريس الحسيني/ هكذا عرفت الشيعة: ١٣.

(٣) المصدر السابق.

١٧٣

وبيعته في أعناقهم وقتلوه، ثم لم نزل - أهل البيت - نُستذل ونستضام ونقصى ونمتهن ونحرم ونقتل ونُخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا

ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقرّبون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمّال السوء في كل بلدة، فحدّثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، و رَوَوا عنّا ما لم نَقله وما لم نَفعَله ليبغّضونا إلى النّاس، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن‏عليه‌السلام ، فقُتِلَت شيعتُنا بكلّ بلدة وقُطِعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نُهب مالُه أو هُدمت دارُه

ثمّ لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد إلى زمان عبيد اللَّه بن زياد قاتل الحسين ‏عليه‌السلام ، ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنّة وتهمة، حتى أنّ الرجل ليقال له: زنديق أو كافر أحَبُّ إليه من أن يُقال شيعة عليّ، وحتى صار الرجل الذي يُذكر بالخير - ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً - يحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق اللَّه تعالى شيئاً منها ولا وقعت وهو يحسب أنّها حقّ لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلّة ورع ))(١) .

هكذا كان حال الشيعة في زمن بني أميّة - كما وصفه الإمام الباقرعليه‌السلام - ثمّ جاء دور العبّاسيين الّذين كانوا أشدّ وطأة على أهل البيت وشيعتهم من أسلافهم الأمويّين، وكتب التاريخ ممتلئة بتلك الحوادث المفجعة، ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الإصفهاني.

ثمّ جاء العثمانيّون ليكمّلوا المسيرة الظالمة، إذ كان السلطان سليم - كما يحدّثنا السيّد أسد حيدر - شديد التعصّب على أهل الشيعة، ولا سيّما أنّه كان في تلك الأيّام قد انتشرت بين رعاياه تعاليم شيعيّة تنافي مذهب أهل السنّة، وكان قد تمسّك بها

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١١/ ٤٣-٤٤.

١٧٤

جماعة من الأهالي، فأمر السلطان سليم بقتل كل من يدخل في هذه الشيعة، فقتلوا نحو أربعينَ ألف رجل، وأخرج فتوى شيخ الإسلام بأنّه يؤجَر على قتل الشيعة وإشهار الحرب ضدّهم(١) .

كما ذكر الشيخ المظفّر رحمه اللَّه بعض فضائع العثمانيّين تجاه الشيعة، ومنها ما حدث في مدينة حلب، حيث أفتى الشيخ نوح الحنفي في كفر الشيعة واستباحة دمائهم وأموالهم، تابوا أو لم يتوبوا !! فزحفوا على شيعة حلب وأبادو منهم أربعين ألفاً أو يزيدون، وانتهبت أموالُهم وأخرج الباقون منهم من ديارهم...(٢) .

أمّا المذابح التي ارتكبت بحقّ الشيعة، وما أريق من دمائهم وما انتهب من أموالهم، وما تعرّض له مشاهدهم المقدّسة من تخريب على أيدي الوهّابيّين بفتوى شيخهم محمّد بن عبد الوهّاب، فحدّث ولا حرج، استكمالاً للمخطّط الذي بدأه معاوية في تصفية آثار النبوّة والقضاء على سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من خلال تصفية أتباعه المتمسّكين بسنّته )(١) .

ويضيف هذا المستبصر:

( الشيعة قوم عاشوا المظلوميّة في مختلف أطوار التاريخ، لم يفرض عليهم العنف إلّا العنف الذي مارسه في حقّهم وأعداء الأديان وأعداء الإنسانيّة )(٢) .

وهذه السلطات رغم استخدامها كافّة وسائل إعلامها وممارستها الإرهاب ومبادرتها إلى قتل وتشريد أتباع مذهب أهل البيت ‏عليهم‌السلام ، ورغم ما بذلته من ثروة لشراء بعض الضمائر واستئجار الأقلام من أجل إخفاء معالم هذا المذهب، وإن استطاعت أن تبعد الكثير من أبناء الأمّة عن قادتهم الحقيقيّين من أهل البيت ‏عليهم‌السلام بحيث ذهب الكثير ضحيّة الأقلام التي حاولت أن توسّع الفجوة بين أبناء الأمّة وبين معرفة أئمّتهم

____________________

(١) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ١/٢٤٤، عن مصباح الساري ونزهة القاري: ١٢٣-١٢٤.

(٢) تاريخ الشيعة: ١٤٧، التقيّة في فقه أهل البيت: ١/٥١.

(٣) صباح علي البياتي / لاتخونو اللَّه والرسول: ١٥٤

(٤) المصدر السابق.

١٧٥

من أهل البيت ‏عليهم‌السلام ، ولكنّها لم تستطع أن تغيّر مسار كلّ الأمّة عن دربها الأصيل الذي ابتدأه رسول البيت ‏عليهم الله عليه وآله وأكمله الأئمّة من اهل البيت ‏عليهم‌السلام .

ولهذا يقول التيجاني السماوي:

( وبالرغم من كلّ ذلك سيبقى صوت الحقّ مدوياً وسط الضوضاء المزعجة، ويبقى بصيص النور مضيئاً وسط الظلام الدّامس، لأن وعد اللَّه حق ولابد لوعده من نفاذ، قال تعالى:( يُريدُونَ ليُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بأفواهِهِم واللَّهُ مُتِمُّ نورِهِ ولَو كَرهَ الكَافِرونَ ) (١) )(٢) .

ويشير محمد علي المتوكّل إلى صمود التشيّع بوجه الحملات التي شُنّت عليه:

( إنّ التشيّع - بما هو جوهر الدّين - قد صمد عبر التاريخ في وجه أعنف حملات الطمس والتشويه، واستعصى على كل المؤامرات التي استهدفته منذ وفاة النبي وإلى الآن.

وهو المذهب الوحيد الذي ظلّ أمره في ازدياد، لما يستبطن من حق، ولتمسّك أهله، ولقدرته على مواكبة العصر والوفاء بمتطلّبات الزمن، بينما اندثر غيره من المذاهب أو كاد، حتى المذاهب الأربعة لم يعد التمسّك بها إلّا تقليديّاً وشكليّاً ولم تعد قادرة على الوقوف أمام دعاوي التجديد الفقهي وفتح أبواب الاجتهاد التي تنطلق من هنا وهناك )(٣) .

ويذكر ياسين المعيوف البدراني:

( إنّنا ننظر إلى حالة الشيعة فنعجب ونذهل لما لاقوه من الاضطهاد في العهدين الأسودين ولقرون عدّة.

وتصيبنا الحيرة في أنّهم - أيّ الشيعة - كيف تمكّنوا برغم كل ذلك الاضطهاد أن يحافظوا على علمهم ومناهجهم وسيرتهم ورسالتهم واستمروا يحملون لواء الجهاد

____________________

(١) الصفّ: ٨.

(٢) محمد التيجاني السماوي/ فاسألوا أهل الذّكر: ٦.

(٣) محمّد علي المتوكّل/ ودخلنا التشيّع سجّداً: ٦٠.

١٧٦

ضدّ كل الحكّام المنحرفين والظالمين لشعوبهم متبعين العقيدة الصحيحة التي استقوها من منهلها الأول منهل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت ‏عليهم‌السلام متمسّكين بها بكلّ القوّة والإيمان والثبات.

ذلك لأنّها امتزجت عندهم مع الدم واللحم امتزاج الإيمان مع النفس المؤمنة.

كما وأنّهم (أهل البيت) لم يقفوا عند حدود التقليد والقول باللسان على عواهنه، بل كان دأبهم في الليل والنهار أن ينشروا علومهم وأن يبثوا الروح الثوريّة روح رسالة الإسلام في نفوس المستضعفين، وما تزال آثار هذه الدعوة تستعر بلهيب الحق حتى يومنا هذا )(١) .

إثارة الشبهات ضدّ مذهب أهل البيت ‏عليهم‌السلام :

في ظلّ هكذا أجواء إرهابيّة ضد مذهب التشيّع من قبل السلطات الحاكمة، نشأت فئات متلبسة بالعلم لا تريد للتشيّع إلّا الوقيعة والشرّ، ولا تريد للشيعة إلّا الوهن والضعف، فغمست أقلامها في دواة الأوهام والآثام، ثمّ بادرت في كتاباتها إلى حملة تشويهيّة ضد مذهب التشيّع من أجل النيل من عقائده والتشكيك بصحّته وعرضه بصورة مزيّفة والصاق التهم والافتراءات به وطمس محاسنه والتشهير به وتصويره كأنّه المعول الهادم لكيان الإسلام!

ولم يستحي هؤلاء من باطلهم، فكذّبوا باسم البحث المحايد، واختلقوا ولفّقوا من أجل أغراضهم الدنيئة، وحاولوا عبر تخطيطهم المدروس والمُبَرمج أن يخرجوا التشيّع من حظيرة الإسلام وأن يعطوه صفة لا تلتقي مع الإسلام.

ويقول مروان خليفات حول إحدى الطرق التي استخدمها هؤلاء للإطاحة بالكيان الشيعي:

____________________

(١) ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: ١٦٨.

١٧٧

( من العوامل التي ساعدت على تكوين هذه الصورة المشوّهة عن الشيعة، هو خلط كثير من المؤرّخين والكتّاب بين الجعفريّة وغيرها من الفرق...

[و] يقول علي عبد الواحد وافي - من علماء أهل السنّة - [في كتابه بين الشيعة وأهل السنّة:١١]: ( انّ كثيراً من مؤلّفينا، بل من كبارهم، أنفسهم قد خلط بين الشيعة الجعفريّة وغيرها من فِرق الشيعة، فنسب إلى الجعفريّة عقائد وآراء ليست من عقائدهم ولا من آرائهم في شي‏ء، وإنّما ذهبت اليها فرق أخرى من فرق الشيعة ) )(١) .

ويقول أسعد وحيد القاسم في هذا الخصوص:

( ما اندرج تحت اسم الشيعة من طوائف تقول بألوهيّة عليّ أو نبوّته أو غير ذلك من الطوائف. فإنّ الشيعة منها براء.

فلماذا يصرّ البعض على اعتبار هذه الطوائف من الشيعة؟

ولماذا يقومون بإشاعة هذه الترهات وغيرها مضلّلين بها عوام المسلمين وجهّالهم؟

ولماذا هذا التزوير الشائن في تاريخ المسلمين ودينهم الحنيف؟ )(٢) .

وكان أثر هذا التحريف القديم على الأجيال التي جاءت بعدها أنّها ورثت هذه الأفكار الخاطئة والمشوّهة حول عقائد وحقيقة الشيعة والتشيّع من أسلافها مع حسن الظن بهم، وقبلتها من غير تحقيق ولا تمحيص ولاتبصّر.

وساعدت الأجواء السياسيّة والتعصّبات الدينيّة على بقاء هذه المفاهيم، فتغلغلت هذه المفاهيم المغلوطة التي تكوّنت في عصور التخلّف الفكري والصراع الطائفي في نفوس الكثير من أبناء المجتمع.

ولهذا يقول عبد المحسن السراوي:

( إنّ كثيراً من كتّاب عصرنا لا يزالون يعيشون بعقليّة عصور الظلمة، تلك التي

____________________

(١) مروان خليفات/ وركبت السفينّة: ٦١٥.

(٢) أسعد وحيد القاسم/ حقيقة الشيعة الاثني عشريّة: ١٧.

١٧٨

استغلّ ظروفها المُندَسّون في صفوف المسلمين لنشر المفتريات وخلق الأكاذيب )(١) .

ويقول هذا المستبصر حول بعض الكتّاب المعاصرين الذين كتبوا حول الشيعة والتشيّع:

( اولئك الكتّاب قد جمدوا على عبارات سلف عاشوا في عصور الظلمة عصور التطاحن والتشاجر، فقلّدوهم بدون تفكير أو تمييز حتى أصبحت القضيّة خارجة عن نطاق الأبحاث العلميّة، وهي إلى المهاترات أقرب من المناقشات المنطقيّة )(٢) .

ثمّ وقعت هذه الشبهات والافتراءات والهجمات الفكريّة ضدّ مذهب أهل البيت ‏عليهم‌السلام بيد فئات تُحرّكهم العواطف الآنيّة وتستفزّهم الانفعالات النفسيّة وتهيّجهم الشعارات المزيّفة وتتحكّم بهم الغوغائيّة، فاعترتهم حالة ردود أفعال عشوائيّة، فنفخوا في هذه الشبهات والافتراءات، و زادوا فيها ما شاء لهم هواهم أن يزيدوا، وحمّلوها أكثر ممّا تحمل، وأضافوا عليها من الأكاذيب ما يندى لها الجبين، بحيث يقول أسعد وحيد القاسم في هذا المجال:

( استنكرتُ هذه الحملة نظراً للطريقة البعيدة عن الأدب والموضوعيّة التي يصفون بها حقيقة الشيعة، والتي كنت ألاحظ أنّها تتّسم بالمبالغة والتهويل في أغلب الأحيان )(٣) .

ويصف عبد المنعم حسن مشاعره وموقفه قبل الاستبصار بعد استماعه إلى مجموعة من هذه الشبهات حول الشيعة من قبل أحد المشايخ الذين التقى بهم:

( أحسستُ بغثيان بسبب كذب هؤلاء القوم.

لقد قرأت بعض كتب الشيعة التي ألّفها كبار علمائهم ورأيت بعض الأخوة الشيعة، لم أقرأ أو أسمع ما قاله هذا الوهابي، ولا أدري كيف يدّعون نصرة الحقّ وهم يكذبون

____________________

(١) عبد المحسن السراوي/ القطوف الدانية في المسائل الثمانية: ١٦.

(٢) المصدر السابق.

(٣) أسعد وحيد القاسم/ حقيقة الشيعة الاثني عشريّة: ٨.

١٧٩

بل يبالغون فيه إلى حدّ يؤسف له.

صرخت في وجهه بلا وعي منّي: ألا يمكنك أن تنصر الحق الذي تدّعيه بدون أن تكذب وتفتري على القوم.

فارتبك متلعثماً: كيف تقول لي مثل هذا الكلام؟!

قلت: أنت الذي أجبرتني على ذلك، أنا قرأت للشيعة وجلست معهم، وأعرف جيّداً ما يقولون وما ذكرته لي بعيد عنهم كلّ البعد )(١) .

ثم قال عبد المنعم حسن له:

( إنّ مثل هذه التهم صارت قديمة لا يصدّقها أحد، والنّاس أكبر وعياً من أن تنطلي عليهم هذه الأكاذيب.

قال: يبدو أنّك منهم!

قلت: لست شيعيّاً ولو كنت فلا شي‏ء يمنعني من التّصريح بذلك، لكنّني الآن فقط عرفتكم، أنتم لا تستطيعون الدفاع عن باطلكم إلّا عن طريق الكذب )(٢) .

ويذكر هشام آل قطيط حول بعض هذه التهم الرخيصة قائلاً:

( إنّ أحد علمائنا في المنطقة كان يقول لي دائماً إيّاك ومجالسة الشيعي، وإيّاك ومحاورة الشيعي ( لا تحاور الشيعي ولو كان الجدال عن حقّ).

هؤلاء الشيعة قتلوا إمامنا الحسين ‏رضى الله عنه، ولحدّ الآن يبكون ويلطمون ويندبون هم ونساؤهم وأطفالهم نَدَماً وخوفاً عسى اللَّه أن يغفر لهم.

هؤلاء الشيعة يعتقدون بأنّ الرّسالة نزلت على علي (كرّم اللَّه وجهه) وتاه الوحي جبرائيل ونزل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وغير ذلك.

يسجدون للحجر، ويسبّون الصحابة، ويعملون بالتقيّة بينهم سرّاً لايظهرونها لأحد

____________________

(١) عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: ١٩٠-١٩١.

(٢) المصدر السابق: ١٩١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374