التحول المذهبي‏

التحول المذهبي‏15%

التحول المذهبي‏ مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 374

التحول المذهبي‏
  • البداية
  • السابق
  • 374 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135399 / تحميل: 6810
الحجم الحجم الحجم
التحول المذهبي‏

التحول المذهبي‏

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ويصف إدريس الحسيني هذا الإطار الذي يلقّنه علماء أهل السنّة لإتباعهم:

( لقد تلقّينا دروساً - ديماغوجيّة - خاصّة، لفهم التّاريخ الإسلامي وأن (نترضى) بعد ذكر كلّ اسم ينتمي إلى جوقة القديم.

وإذا رأينا الدم والفسق والكفر، ليس لنا الحق سوى أن نغمض الأعين، ونكف الألسن خوفا من الغيبة التاريخيّة، ثم نقول:( تِلك أمّة قَد خَلتْ لَها ما كَسبَتْ ولَكُم ما كَسبْتُم ولَا تُسألونَ عمّا كانُوا يَعْمَلُون ) (١) .

عملية لجم مُبرمجة، وقيود توضع على عقل الإنسان، قبل أن يدخل إلى محراب التأريخ المقدّس.

لقد علّمونا أن نرفض عقولنا، لنكون كائنات (روبوت) توجّهنا كمبيوترات مجهولة )(٢) .

ويضيف هذا المستبصر في هذا المجال:

( من الدّروس - الديماغوجيّة - التي حقنوا بها وعينا، هو أن ما كان في التاريخ الإسلامي هو الصواب المطلق.

ولم يكن في الإمكان أبدع مما كان.. وان الإيمان كل الإيمان، هو التصديق بما وقع، والخلافة الرشيدة حبكة جملية جداً، بل وأنّها تكاد تطفح إبداعا، وما زلتُ أضحك على نفسي لتقبلها بسذاجة الأمويين.

لقد تلقّيت منهم واقع الخلافة الراشدة دون مناقشة، وإذا راودتني نفسي بتساؤلات، قمعتها، لتستقيم عل التزام التجاهل.

واذكر أنّ الشك بهذه الحبكة طرأ عليّ وأنا ابن خمسة عشر عاماً غير انني طويت الصفحة عن ذلك الشك وتعمدت نسيانه! )(٣) .

____________________

(١) البقرة: ١٤١.

(٢) إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: ٤١.

(٣) المصدر السابق: ٤٣.

٦١

ويقول هذا المستبصر حول المعاناة التي عاناها في هذا المجال:

( إنّني ورثت مجموعة تقديسات متناقضة، تجرّعتُها على حين غفلة من نضجي ووعيي التاريخي... ولكن التاريخ علّمني ألّا أكون مناقضاً للحقيقة، وإلّا كيف يتّسع القلب لحب الشي‏ء ونقيضه؟ )(١) .

ويذكر هذا المستبصر حول المعاناة التي عاناها في بداية قراءته لبعض فقرات التاريخ الإسلامي:

( كنت أقرأ صفحة ثم أتوقّف متعوّذاً باللَّه، وكأنّني أنا المسؤول عن كل ماوقع، أقرأ التاريخ خلسة وخفية، وكأنني أمارس الفحشاء والمنكر، وما زلت اتذكر الأصحاب وقد بدأوا يوجهون لي النقد، لأنني بدأت أخرج عن الإيمان، وأهتمّ بالفتن، إنّني كنت أدرك أنّهم لا يقولون إلّا ما لُقّنوه)(٢) .

ويقول مصطفى خميس حول تقييمه لهذه الفكرة التي يتبناها البعض حول النظرة القدسيّة إلى التاريخ:

( لم يكن الذين كتبوا التاريخ عدولاً بأجمعهم، كلا، ولا مسدّدين بأمر اللَّه عزّ وجل، لكنهم كانوا أناساً عاديين، تأثروا بعواطفهم وبميولهم وسياسات حكامهم، وقد جمعوا روايات التاريخ وأحداثه من أفواه الرواة، وكتابات القصّاصين أحيانا من غير تحقيق ولا تدقيق، وهذا ما حدث عند الكثيرين منهم، بل أكثرهم.

فهذه النظرة القدسيّة إلى التاريخ بكل ما جاء فيه - بعجره وبجره - قادت الكثيرين منهم إلى التجنّي على الحقيقة، كما قادتهم إلى نصرة الباطل على الحق، وذلك بإظهار كثير من الأكاذيب والدسائس والافتراءات على أنّها أحداث تاريخيّة، وألبسوها ثوب الحقيقة المزيّف )(٣) .

____________________

(١) المصدر السابق: ٩٦.

(٢) المصدر السابق: ٩٤.

(٣) مصطفى خميس/ شبهات وحقائق: ١٥٤-١٥٥.

٦٢

التحذير من قراءة التاريخ:

من جملة العقبات الأخرى التي يواجهها المستبصرون حين توجّههم إلى البحث في كتب التاريخ هي التحذير الذي يتلقونه من علمائهم وممن حولهم فيما يخص دراسة التاريخ.

ويشير إدريس الحسيني إلى هذا الأمر قائلاً:

( بعضهم بلغ من الحكمة شأواً بعيداً، فيقول: ( لا داعي للبحث عن هذه القضايا القديمة في التاريخ، لأنها باعثة على الفتنة ).

لقد تحول البحث عن الحقيقة، فتنة في قاموس هذا الصنف من الناس، وكأنّهم يرون البقاء على التمزّق الباطني، حيث تتشوش الحقيقة، وتغيب، أفضل من الإفصاح عن الحق الذي من اجله أُنزل الوحي، وتحركت قافلة الرسل والأنبياء، وكأن مهمة الدين هو أن يأتي بالغموض، وكأن اللَّه عزّ وجل أراد أن يبلبل الحقائق، ويقمعها بحكمة: لا تبحث في التاريخ )(١) .

ويقول محمد الكثيري حول سبب ممانعة البعض عن قراءة التاريخ:

( إنّ البحث والدراسة العميقة لتاريخ الإسلام بشكل عام وتاريخ المذاهب الفقهيّة والأصوليّة بشكل خاص وعلاقة ذلك بالاجتماع والسياسة، يكشف عن حقائق مهمّة وخطيرة تنزّل أصناماً ذهبيّة براقة من عليائها لترمي بها في مزابل التّاريخ، لأنّها العار الأبدي على جبين الإنسانيّة، ورمز للانحراف والظلم اللذين شيّدا صروح النفاق والكفر )(٢) .

ويقول التيجاني السماوي حول معاناته أيضاً، في الفترة الزمنيّة التي كان معتنقاً فيها لمذهب أهل السنّة:

____________________

(١) إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: ١٩.

(٢) محمد الكثيري/ السلفيّة: ١٤

٦٣

( وفي الحقيقة ما عرفت من التاريخ الإسلامي قليلاً ولا كثيراً، لأنّ أساتذتنا ومعلّمينا كانوا يمنعوننا من ذلك مدّعين بأنّه تاريخٌ أسود مظلم لا فائدة من قراءته )(١) .

ويذكر التيجاني السماوي أنّه ذات يوم سأل أستاذه في مادّة البلاغة عندما كان يدرّسهم الخطبة الشقشقيّة حول محتوى هذه الخطبة.

فقال له الأستاذ:

( نحن ندرّس بلاغة ولا ندرّس التّاريخ، وما يهمّنا شي‏ء من أمر التاريخ الذي سوّدت صفحاته الفتن والحروب الدّامية بين المسلمين، وكما طهّر اللَّه سيوفنا من دمائهم، فلنطهّر ألسنتنا من شتمهم )(٢) .

ويصف التيجاني معاناته في دراسة التاريخ في بداية توجّهه إلى البحث قائلاً:

( وحاولت مراراً عديدة دراسة التاريخ الإسلامي، ولكن لم تتوفّر عندي المصادر والإمكانات لتوفير الكتب، وما وجدت أحداً من شيوخنا وعلمائنا يهتمّ بها وكأنّهم تصافقوا على طيّها وعدم النظر فيها، فلا تجد أحداً يملك كتاباً تاريخيّاً كاملاً )(٣) .

ويقول التيجاني السماوي أيضاً في هذا الخصوص:

( أما العالم السُنّي تجده قليلاً ما يهتمّ بالتّاريخ فهو يعتبره من المآسي التي لا يريد نبشها والاطّلاع عليها، بل يجب إهمالها وعدم النّظر فيها لأنّها تسي‏ء الظنّ ب(السلف الصالح ))(٤) .

تخطّي المستبصرين لهذه العقبات:

إنّ الشخص الذي يوفّق للاستبصار - على العموم - لا تمنعه أمثال هذه العوائق عن

____________________

(١) محمد التيجاني السماوي/ ثمّ اهتديت: ٣٧.

(٢) المصدر السابق: ٣٧.

(٣) المصدر السابق: ٣٧.

(٤) محمد التيجاني السماوي/ الشيعة هم أهل السنّة: ٦٩.

٦٤

السير في بحثه من أجل معرفة الحقيقة، لأنه يعي بأن غض الطرف عن وقائع التاريخ لا يخدم الحقيقة، ويدرك أنّ عمليّة فصل الواقع الحالي عن تراكمات الماضي غير ممكنة، وانّ كل أمّة بحاجة ماسّة إلى دراسة تاريخها، ليمكنها أن ترى المستقبل بوعي وواقعيّة.

ويعي هكذا شخص أيضاً بأن القضايا التاريخيّة ليست قضايا غاب أشخاصها وطوى الزمن صفحتها، بل هي قضايا لها التأثير الأساسي على حياة الإنسان المسلم، لأن بعضها تعتبر جزءاً من عقيدة الفرد ورؤيته الدينيّة العامّة.

كما أنّ هكذا شخص يعي بأن الدعوة إلى أن نجعل بيننا وبين تاريخنا حجاباً مستوراً مقولة غير مبتنية على دليل أو برهان، بل هي ليست إلّا مجرّد محاولة من البعض لعدم انكشاف واقعهم الأسود ومعتقداتهم التي يكذّبها الواقع والتاريخ بصراحة.

فلهذا ردّ الكثير من المستبصرين في تصريحاتهم ومؤلفاتهم على هذه الفكرة، منهم عبد المنعم حسن، حيث أنّه قال:

( أمّا أولئك الذين ينادون بعدم البحث في التاريخ بحجّة إثارة الفتن وعدم جدوائيّة ذلك، يخافون من انكشاف الواقع وفضح مآسي الأمة التي اختارتها بكامل إرادتها وهي تبتعد عن نهج الحق.

ولا يهمّنا ونحن نبحث عن الحقيقة في صفحات التاريخ أن تتساقط الشخصيّات ويتعرّى البعض من هالته القدسيّة المصطنعة حوله، لأنه لا ترجيح للشخصيّات في ميزان الحق إلّا لمن أخلص له والتزم به )(١) .

ويقول معتصم سيّد أحمد في هذه المجال:

( كل سؤال أو استنكار في البحث التاريخي بداعي عدم إثارة الفتن القديمة أو أيّ

____________________

(١) عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: ٣٠.

٦٥

داعي آخر لا محل له، وإنْ دلّ فإنّما يدل على جهل صاحبه.

وفي الواقع إن كانت هناك فتنة فهي بسبب ما حدث في التاريخ من تزييف وتحريف، وإلّا فالتاريخ بما هو، هو مرآة صافية تعكس الماضي للحاضر من غير خُداع أو دَجل، ولكن عندما سقط التاريخ في أيدي السياسات المنحرفة تذبذبت صورته وتبدلت أشكاله، ومن هنا تعددت الآراء واختلفت المذاهب، وإلّا لو كان التّاريخ سليماً لانكشف زيفها وعُرف باطلها.

وما تعانيه الأمّة الإسلاميّة اليوم من فرقة وشتات وتمزّق في الصفوف ما هو إلّا نتاج طبيعي للانحرافات التي حدثت في التاريخ من تدليس المؤرخين وكتمهم للحقائق.

فهم جزءٌ لا يتجزّأ من المخطط الذي استهدف مدرسة أهل البيت من أجل مصالح سياسيّة، فقد عمل هذا المخطّط على كافة الأصعدة والمستويات ليشكّل تيّاراً آخر ذا مظهر إسلامي في قبال الإسلام الحقيقي الأصلي )(١) .

ويقول إدريس الحسيني:

( إنّ طرح سؤال، من قبيل: لماذا نبحث في التاريخ؟ هو عين التخلّف الفكري، لأنه لم يعد يوجد من يشك في أهمية التاريخ! ومن القرآن تعلّمت الأمة قيمة النظر في التاريخ، وللتاريخ سننه وقوانينه التي تجري على كل البشر )(٢) .

ويقول محمّد عبد العال:

( ردّاً على المقولة المزمنة والمستهلكة: ( ما لنا وللماضي فنحن أبناء الحاضر )، نقول: أنّ رفض باطل الحاضر باطل مالم يرتكز على رفض باطل الماضي. أيّ أنّ رفض باطل الماضي يشكّل ضرورة حتميّة لضمان صحّة رفض الباطل الحاضر، لأنّ

____________________

(١) معتصم سيّد أحمد/ الحقيقة الضائعة: ١٧١.

(٢) إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: ٢١.

٦٦

أيّ بناء لا يستقيم على أساس معوّج )(١) .

ويقول هشام آل قطيط:

( لماذا نعتبر الرجوع إلى التاريخ جريمة أو إثماً في ذلك أو ذنباً عظيماً.

وأقول أنّ في التاريخ حقائق دفينة قد حفظها لنا وسجّلها عبر عصور متراكمة وبعيدة، فلولا التاريخ لما عرفنا العقيدة التي نسير عليها ونستنير من خلالها، ونستلهم منها وجودنا الفكري وسلوكنا البشري.

فالتاريخ في الحقيقة والواقع حارس رقيب لا يغفل ولا يغيب، يراقب الخونة الذين كانوا يبيعون ضمائرهم لولاة الباطل بأبخس الأثمان، لقلب الحقائق رأساً على عقب، ولإظهار الأضاليل الكاذبة، إرضاءً لنفوسهم الخبيثة وحكّامهم الأخسّاء الأذلّاء.

فصاحب العقيدة النقيّة الصحيحة لا يخاف من الرجوع إلى التاريخ، لأنه يرى في التاريخ الصحيح المرآة العاكسة لعقيدته النقيّة.

وأمّا متزلزل العقيدة فالتاريخ يبيّن له الحق بواقعه، ويدَع له الخيار في إتّباعه أو تركه.

وأمّا المسلم القوي العقيدة فإنّ التّاريخ يريه النعمة الوافرة التي قد منّ اللَّه تعالى بها عليه، فأولده من أبوين مسلمين، وكفاه صعوبة مخالفة الآباء، ويتمسّك بدينه الحق المبين فلا تغريه بعد الزخارف بخدعها البرّاقة، فيفوز بسعادة الدارين الدنيا والآخرة.

في الواقع يجب أن نتمسّك بالتاريخ بأسناننا، وأظفارنا، لأنّ التاريخ الصحيح هو منجاة لنا، فلولا التاريخ والتدوين لما عرفنا الصلاة، ولا الصوم ولا أركان الدين. فالتاريخ معادٌ معنوي يعيد لك العصور التي سلفت وينشرها لأهل عصره، ويرجّع آثارهم التي سلفت أمام أهل زمانه، فتستفيد عقولهم من غررها ما تستضي‏ء بنوره، وتنتعش نفوسهم مما تتنفّسه من مسكه وعبيره.

____________________

(١) مجلّة المنبر: العدد ٢٦.

٦٧

فالتاريخ ضالّة الباحث والمفكّر والعالم وطلبة المتفنّن، وبغية الأديب وأُمنية أهل الدّين ومقصد السّاسة والقول الفصل إنّه مأرب المجتمع البشري أجمع، وهو التاريخ الصحيح والمحقق الذي لم يقصد به إلّا ضبط الحقائق على ما هي عليه.

فلذلك علينا أن نشجّع الطلبة والباحثين إلى الغوص في أعماق التاريخ ليستخرجوا لنا ما فيه من دررٍ كامنة وأصدافٍ ثمينة وحقائق ثابتة )(١) .

ثمّ يضيف هشام آل قطيط:

لماذا نخاف من الغوص بأعماق التاريخ؟

لماذا نخاف من استخراج الحقائق الدفينة في طيّات التاريخ؟

لماذا يَنتابنا الخوفُ والهَلَع عندما نجد حقيقة ثابتة أخرجها لنا الباحثون والمؤرّخون تخالف ما نحن عليه اليوم؟

لماذا نخاف من الواقع؟

أليس اللَّه سبحانه وتعالى أوجدنا أبرياء أنقياء على الفطرة، لا يوجد أي شي‏ء يؤثّر في فطرتنا السليمة.

فلنتأمّل من أين جاءتنا تلك المؤثرات حتى سيطرت على عقولنا وطبعت على قلوبنا.

في الحقيقة تسليم الإنسان للأشياء واستقبالها دون تفكّر وتأمّل وتدبّر مذموم من قبل الخالق، والدّليل قوله تعالى:

( أفلا يعقلون ) ،( أفلا يتدبّرون ) ،( أفلا يتفكّرون ) ، وآيات كثيرة من هذا القبيل.

يخاطب اللَّه الإنسان الذي خلقه في أحسن تقويم، وميّزه عن بقيّة الكائنات بالعقل الذي يتفكّر ويتدبّر، فلا يسلم بالأمور على عواهنها أو علاتها.

____________________

(١) هشام آل قطيط/ وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة: ٢٢.

٦٨

فنفهم من قوله تعالى: أنّه علينا أن نبحث ونفكّر ونمحّص الحقائق، ونتبعها ولو خالفت أهواءنا وطبائعنا وعاداتنا وتقاليدنا، التي ورثناها عبر عصورٍ متراكمة أبّاً عن جد.

لماذا نجد الكثيرين في هذا العصر المتقدّم يستهدفون محاربة فكرة الرجوع إلى التاريخ ونبش الحقائق من بطون التاريخ؟

لماذا يرون هذا العمل جريمة من وجهة نظرهم وكأنهم يرون البقاء على التمزّق الباطني، حيث تتشوّش الحقيقة وتغيب عن أذهان الناس أفضل من الإفصاح عن قول الحق الذي من أجله نزل الوحي وتحرّكت قوافل الأنبياء والمرسلين، وكأن مهمّة الدّين هو أنْ يأتي بالغموض، وكأنّ اللَّه عزّ وجل أراد أن يبلبل الحقائق )(١) .

ثم يؤكّد هشام آل قطيط:

( وليس ثمة شي‏ء في ديننا إلّا وله علاقة بالتاريخ، وما نملكه اليوم من عقائد وأحكام وثقافات إسلامية كلّها جاءتنا عن طريق الرواية، فحريٌّ بنا أن يكون التاريخ عندنا هو أحد المصادر المهمة للبحث.

وبعضهم يرى فيقول: ( لا داعي للبحث عن هذه القضايا القديمة في التاريخ لأنّها باعثة على الفتنة ).

فأقول لتلك الفئة: هل البقاء على التمزّق الباطني وإخفاء ما نزل الوحي من أجله أفضل من الرجوع إلى هذه القضايا القديمة؟

يا إلهي ما أشدّ ذلك غرابة، فحقّا هذا هو عين التخلّف الفكري والجنوح عن ركب الحضارة)(٢) .

فلهذا ينبغي للباحث الذي يودّ أن يصل في أمور عقائده إلى نتائج تميط له اللثام

____________________

(١) المصدر السابق: ٢٤.

(٢) المصدر السابق: ٢٥.

٦٩

عن حقائق طَمستْها الأجيال، أن ينعم النظر في العصور الإسلاميّة الأولى بدقة، ويدرسها من جميع جوانبها بصورة وافية.

وهذا ما يؤكد عليه التيجاني بقوله:

( يا أهلي وعشيرتي لنتّجه - على هدى اللَّه تعالى - إلى البحث عن الحقّ وننبذ التعصّب جانباً فنحن ضحايا بني العبّاس وضحايا التاريخ المظلم وضحايا الجمود الفكري الذي ضربه علينا الأوائل.

إنّنا ولاشك ضحايا الدهاء والمكر الذي اشتهر به معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة واضرابهم.

ابحثوا في واقع تاريخنا الإسلامي لتبلغوا الحقائق الناصعة وسيؤتيكم اللَّه أجركم مرّتين.

فعسى أن يجمع اللَّه بكم شمل هذه الأمة التي نكبت بعد موت نبيّها وتمزقت إلى ثلاث وسبعين فرقة، هلمّوا لتوحيدها تحت راية لا اله إلّا اللَّه، محمد رسول اللَّه، والاقتداء بأهل البيت النبويّ الّذين أمرنا رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإتباعهم فقال:

(( لا تتقدّموهم، فتهلكوا ولا تتخلّفوا عنهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ))(١) .

ولو فعلنا ذلك، لرفع اللَّه مقته وغضبه عنّا ولأبدلنا من بعد خوفنا أمناً، ولمَكّنَنا في الأرض واستخلفنا فيها ولأظهر لنا وليّه الإمام المهديعليه‌السلام الذي وعدنا به رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وليتمّ به اللَّه نورَه في كلّ المعمورة )(٢) .

____________________

(١) الدرّ المنثور للسيوطي: ٢/٦٠ - أسد الغابة: ٣/١٣٧ - الصواعق المحرقة لابن حجر: ١٤٨و٢٢٦ - ينابيع المودّة: ٤١ و ٣٥٥ - كنز العمال: ١/١٦٨ - مجمع الزوائد: ٩/١٦٣.

(٢) محمد التيجاني السماوي/ ثم اهتديت: ١٧١.

٧٠

٧١

الفصل الثاني

دوافع الاستبصار

٧٢

إنّ الاستبصار لا ينشأ من العواطف والأحاسيس الطارئة، أو الاندفاع نتيجة الانفعال أو المجازفة أو اللامبالاة بالعقيدة أو التذبذب في المبدأ والاتّجاه، بل هو موقف يتّخذه صاحبه بعد دراسة واعية ومستفيضة وتفكير دائب ومعمّق تكون ثمرته القناعة الكاملة.

ويواجه المستبصر في هذه المرحلة الكثير من المصاعب - التي سوف نشير إليها في البحوث القادمة - ويواجه الكثير من العقبات التي يتطلب اجتيازها الكثير من الترويض والوعي والتحلّي بالصبر، ولكن المستبصر يصمد بقوّة ليسير وفق ما تملي عليه الأدلّة والبراهين.

ولا يتم هذا التحوّل المذهبي إلّا عبر مجموعة عوامل تقود صاحبها وتدفعه إلى اعتناق مذهب أهل البيت‏عليهم‌السلام ، وهذا هو الموضوع الذي سوف نسلّط عليه الضوء في هذا الفصل.

وأودّ قبل التطرّق إلى هذه العوامل أن أشير إلى هذه الحقيقة بأنّ الأسباب والعوامل التي تدفع المستبصرين إلى اعتناق مذهب أهل البيت‏عليهم‌السلام كثيرة ومتنوّعة ومتداخلة، وبعضها تعمل بصورة مباشرة وأخرى تعمل بصورة غير مباشرة، وبعضها واضحة و ماثلة للعين وبعضها خفيّة وكامنة.

وكل هذه العوامل تعمل بأقدار متفاوتة، وتترك آثاراً مختلفة، وقد يقوى أثرها في شخص ويضعف في آخر، ولكنّها جميعا لها في النهاية أثرها الذي لا ينكر.

٧٣

الدافع الأول:

التعرّف على عظمة أهل البيت ‏عليهم‌السلام

إنّ الأئمة من أهل البيت ‏عليهم‌السلام هم موضع الرسالة ومختلف الملائكة، مهبط الوحي، معدن الرحمة، خزّان العلم، مُنتهى الحلم، أئمّة الهدى، أعلام التّقى، مصابيح الدّجى، ذوي النُهى وأولي الحِجى، معادن حكمة اللَّه، حفظة سرّ اللَّه، حملة كتاب اللَّه وأوصياء نبيّ اللَّه تعالى.

وهم الدّعاة والقادة الهداة والسّادة الولاة والذّادة الحُماة وأهل الذّكر وأولي الأمر وبقيّة اللَّه وخيرته وحزبه وعَيبة علمه وحجّته وصراطه ونوره وبُرهانه.

وهم الأئمّة الرّاشدون المهديّون، المعصومون، المكرّمون، المقرّبون، المتّقون، الصّادقون، المطيعون للَّه، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته...

اصطفاهم اللَّه بعلمه وارتضاهم لغيبه واختارهم لسرّه واجتباهم بقدرته وأعزّهم بهداه وخصّهم ببرهانه وانتجبهم لنوره وأيّدهم بروحه ورضيهم خلفاء في أرضه وحُججاً على بريّته وأنصاراً لدينه وحفظة لسرّه وخزنة لعلمه ومستودعاً لحكمته وتراجمة لوحيه وأركانا لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاماً لعباده ومناراً في بلاده وأدلّاءَ على صراطه...

عصمهم اللَّه من الزّلل وآمنهم من الفتن وطهّرهم من الدَّنس وأذهب عنهم الرّجس وطهَّرهم تطهيراً...

فالرّاغب عنهم مارق واللازم لهم لاحق والمقصّر في حقّهم زاهق، والحقُّ معهم

٧٤

وفيهم ومنهم وإليهم، وهم أهله ومعدنه، وميراث النبوّة عندهم و آيات اللَّه لديهم وعزائمه فيهم ونوره وبرهانه عندهم وأمره إليهم.

مَن والاهم فقد والى اللَّه، ومن عاداهم فقد عاد اللَّه، ومن أحبّهم فقد أحبّ اللَّه، ومن أبغضهم فقد أبغض اللَّه ومن اعتصم بهم فقد اعتصم باللَّه.

هم الصّراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء والرّحمة الموصولة والباب المبتلى به النّاس هم نور الأخيار وهداة الأبرار وحُجج الجبّار بهم يسلك إلى الرّضوان وعلى من جحد ولايتهم غضب الرّحمن.

كلامهم نور وأمرهم رشد ووصيّتهم التّقوى وفعلهم الخير وعادتهم الإحسان و سجيّتهم الكرم وشأنهم الحقّ والصّدق والرّفق وقولهم حكم وحتم ورأيهم علم وحلم وحَزم، إنْ ذُكر الخير كانوا أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه(١) .

وبصورة عامّة، فإنّ أئمّة أهل البيت‏عليهم‌السلام هم ممّن لم تنجّسهم الجاهليّة بأنجاسها، ولم تُلبسهم من مدلهمّات ثيابها، وهم التّامون في محبّة اللَّه والمخلصون في توحيد اللَّه، وكلامهم نور تهتدي الأجيال بهديه، وتسير على ضوئه وتعشوا إليه إذا أظلمت عليها الجهالات وتاهت في مسالك الباطل.

وهم حياةٌ للأنام ومصابيح للظّلام ودعائم للإسلام، وهم الّذين يأخذون بأيدي الأمّة ليرشدوها إلى سواء السّبيل ويعضدون مسيرتها لئلّا تقع في المزالق.

وهم الّذين يصفهم الإمام علي‏عليه‌السلام في نهج البلاغة قائلاً:

(( هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرُهم عن باطنهم، وصمتُهم عن حُكم منطقهم، لا يُخالفون الحقَّ ولا يختلفون فيه، وهم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام، بهم عاد الحقُّ إلى نصابه وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانُه عن منبته، عقلوا الّدينَ عقل رعاية ووعاية لا عقل سماع ورواية فإنّ

____________________

(١) هذه الأوصاف لأهل البيتعليهم‌السلام مُقتبسة من الزّيارة الجامعة.

٧٥

رواة العلم كثير ورعاته قليلٌ ))(١) .

وقال ‏عليه‌السلام أيضاً في حقّهم: ( لا يُقاس بآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه الأمّة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً... هم أساسُ الّدين وعماد اليقين، إليهم يفي‏ء الغالي، وبهم يلحق التّالي، ولهم خصائص حقّ الولاية... ))(٢) .

فلهذا يكون الأئمّة من أهل البيت ‏عليهم‌السلام خير مُعين يستطيع طالب الحقيقة أن ينهل منه المنهج والعقيدة، لأنّ اللَّه سبحانه وتعالى قد اصطفاهم ليكونوا بعد الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله بقيّته في أمّته وحُججاً على بريّته وأنصاراٌ لدينه وأعلاماً لعباده ومناراً في بلاده وأدلّاء على صراطه وحَفَظةً لشريعته وملجأ لحلّ الاختلاف وأماناً للأمّة من الغرق في بحار الظّلمات المتلاطمة الزاخرة بكلّ أنواع المخاطر.

ولهذا قرنهم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بمحكم الكتاب في حديث الثّقلين، وجعلهم قدوةً لأولي الألباب وسُفناً للنّجاة والعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وبابُ حِطّة التي من دخلها كان آمناً.

ولكن للأسف الشديد أنّ السلطات الجائرة على مرّ العصور حاولت نتيجة عدائها وخصومتها لأهل البيت‏عليهم‌السلام أن تقلب موازين الحقائق.

وكان لكلٍّ من هذه السلطات في عدائها لعترة الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله أسباب لا تخفى على أحد.

ولهذا تعرّض أهل البيت ‏عليهم‌السلام وأتباعهم وأشياعهم للعُدوان وكان نصيبهم من ذلك القتل والسّجون والتشريد في الآفاق.

ويشير أحمد حسن العنثري إلى هذه الحقيقة بقوله:

( كانت المحنة التي تعرّض لها آلُ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأتباعهم عظيمة، فقد جهد

____________________

(١) نهج البلاغة/ الخطبة: ٢٣٩.

(٢) نهج البلاغة/ الخطبة: ٢٣٩.

٧٦

أعداؤهم منذ اليوم الأوّل على محاربتهم بشتى فنون المحاربة قاصدين إبادتهم وإخماد صوتهم، فقاتلوهم قتالاً ضروساً لم يشهد له تاريخ الفتن في عالم الإسلام نظيراً، فسَفكوا دماءً لم يُسفك مثلها في كلّ الفتوحات، حتى امتدّت أيدي الحقد والغدر والخيانة إلى أوصياء الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله ابتداء من على‏عليه‌السلام و مروراً بالحسن والحسينعليهما‌السلام وحتى الإمام العسكري‏عليه‌السلام فمنهم مذبوحٌ ومنهم مسمومٌ وكادوا يقضون عليهم في واقعة كربلاء، وهكذا تفشّى القتل والتشريد بذريّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبشيعتهم عبر القرون )(١) .

ومن جهة أخرى فتبعاً لأهواء السلطان جهدت أقلام المستأجرين على تجاهل الأئمة من أهل البيت‏عليهم‌السلام ، ومن المؤسف أن هذه الحالة مستمرّة إلى يومنا هذا، بحيث يقول محمد علي المتوكّل:

( خلت مناهجُنا الدراسيّة من ذكرهم [أهل البيت‏]، مع أنّها حوت الغثّ والسمين من السيَر والأخبار، عن رجال ونساء من الشرق ومن الغرب، وهذا في حدّ ذاته كان مثار تساؤل كبير، إذ ماذا كنّا نعرف ونحن جامعيّون ننتمي إلى حركة إسلامية عن الإمام علي، عن السيّدة الزهراء، عن الحسن والحسين وأبنائهما، عن زينب بنت علي؟ لا شي‏ء يُذكر، مقارنة بغيرهم وقياساً إلى عظيم شأنهم وموقعهم من رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومكانتهم عنده.

لقد تجاهلت المناهج الدراسيّة سيرة أهل البيت ‏عليهم‌السلام لأنّها ارتبطت بسلبيات الآخرين وجرائمهم، فلم يشأ التربويّون لفت أنظار التلاميذ إلى الدوائر السوداء في تاريخ المسلمين! بينما تجاهلتها الحركة الإسلاميّة لأنها في الأساس تقوم على شق من التاريخ ورجاله، ينكشف زيفهم إذا ما قرأ المسلمون سيرة أهل البيت‏عليهم‌السلام وعرفوا

____________________

(١) أحمد العنثري/ الامامة في الميزان (مخطوط): ٣.

٧٧

مكانتهم )(١) .

ويشير عبد المنعم حسن إلى هذه الحقيقة أيضاً، قائلاً:

( ولأهل البيت ‏عليهم‌السلام تراثٌ عظيم كان من الممكن أن تستفيد منه الأمّة ولكنّها أبت إلّا نفوراً.

وإحدى معاجزهم التي بهرتني، ذلك المنهج في الّدعاء وكيفيّة التقرّب إلى اللَّه تعالى والأدب الرّفيع في مخاطبة الربّ سُبحانه.

والقارئ للصحيفة السجّاديّة وهي صحيفة كلّها أدعية للإمام الرابع على بن الحسين السجّادعليه‌السلام يتعجّب لماذا لم يهتم علماء السنّة بهذه الصحيفة، هل لأنها واردة عن أحد أئمة أهل البيت‏عليهم‌السلام ؟ أم ماذا؟!! )(٢) .

ولكن رغم كل هذا الاضطهاد والتعتيم الذي لاقته مدرسةُ أهل البيت‏عليهم‌السلام من السّلطات الحاكمة، فإنّ ذلك لم يزدها إلّا تجذّراً في الأمّة، لأنّها مدرسة تحتوي على أنوار ساطعة من الحقائق بحيث لا تقف أمامها ظلمات أهل الدنيا.

فلهذا اضمحلّت جهود الطغاة والظالمين وانهارت دولهم دولة بعد أخرى، ولكن بقيت مدرسة أهل البيت‏عليهم‌السلام شامخة تّتسع يوماً بعد يوم وتمتدّ في جميع أرجاء المعمورة، بحيث لا تجد اليوم مصراً إلّا وللشيعة أو للمستبصرين فيه نشاطات مكثّفة لنشر فكر ومبادئ مدرسة أهل البيت‏عليهم‌السلام ورفد المسلمين بعلوم و معارف آل الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله .

و بدأ الكثير في عالمنا المعاصر يَعوا مكانةَ أهل البيت‏عليهم‌السلام ويدركوا سموّ شأنهم وعلوّ مقامهم وجلالة قدرهم، وقد عرف الكثير أنّ شريعة الرسول‏صلى‌الله‌عليه‌وآله المرويّة عن طريق أهل البيت‏عليهم‌السلام أفضل طريق لمعرفة ما جاء به رسولُ اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّها:

____________________

(١) محمد علي المتوكل/ ودخلنا التشيّع سجّداً: ٤٠.

(٢) عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: ٢١٠.

٧٨

ولإنّها أوّلاً: تنبع من عين صافية.

وثانياً: لأنّها حافظت على استقلالها، ولم تخضع للسُلطات الحاكمة التي حاولت تشويه الّدين وصياغته على ضوء مآربها ومبتغياتها.

ولهذا نجد الكثير من أهل السنّة التحقوا بركب أهل البيت‏عليهم‌السلام ليستزيدوا من أنوار معارفهم، ولينهلوا من معينهم العذب العلوم النقية التي لم تمسها أيدي التحريف والتلاعب.

كما أنّ الكثير من أهل السنّة عرفوا أنّ تراث مدرسة أهل البيت ‏عليهم‌السلام منهل عذب للخير وينبوع فياض بالحكمة ورصيد ضخم في الكمال والمعرفة، وبإمكان أيّ شخص أن يستلهم منه المعارف الحقّة والمبادئ الرفيعة والمثل العليا.

وقد تبيّن للكثير من هؤلاء أنّ هذه المدرسة إضافة إلى نقاء تراثها فهي مدرسة غنيّة، وفيها كنوز من المعارف لا تحصى‏،بحيث يستطيع الإنسان أن يكتشف في كل أفق من آفاقها معارف جديدة يهتدي بها إلى اللَّه سبحانه وتعالى.

فلهذا لم يتباطأ هؤلاء في الالتحاق بركب هذه المدرسة والسير على هداها واقتفاء أثرها.

التأثّر بفاطمة الزهراءعليها‌السلام :

يعتبر التأثر بشخصيّة الزهراءعليها‌السلام من جملة أهم الأسباب التي دفعت بعض أهل السنّة إلى اعتناق مذهب أهل البيت‏عليهم‌السلام .

ويُمكننا عدّ عبد المنعم حسن من جملة الّذين اعتنقوا مذهب أهل البيتعليهم‌السلام عن طريق تأثّره بفاطمة الزهراءعليها‌السلام .

ويقول هذا المستبصر في كتابه (بنور فاطمة اهتديت) حول بداية استبصاره أنّه استمع عبر إحدى الأشرطة الصوتيّة إلى محاضرة أحد الخطباء الحسينيّين، والتي بدأ الخطيب فيها بقراءة خطبة الزهراءعليها‌السلام التي ألقتها في المسجد النبويّ بعد أن

٧٩

غُصب حقُّها.

فشعر عبد النمعم حسن أنّ هذه الخطبة اخترقت بتعابيرها الرائعة وجوده ثمّ وجدت لنفسها مأوى في سويداء قلبه وكيانه بأسره.

ويذكر هذا المستبصر أن المقطع الذي تأثر به من خطبة الزهراءعليها‌السلام أمام المهاجرين والأنصار هو قولهاعليها‌السلام :

(( وأنتم الآن تزعمون أنّ لا إرث لنا، أفحكم الجاهليّة تبغون؟!! ومن أحسن من اللَّه حكماً لقوم يوقنون؟! أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلّى لكم كالشّمس الضاحية أنّي ابنتُه.

أيّها المسلمون!! أأُغلب على إرثي؟ يا ابن أبي قُحافة! أفي كتاب اللَّه أن تَرث أباك ولا أرثَ أبي؟ لقد جئتَ شيئاً فريّاً، أفعلى عمد تركتم كتاب اللَّه ونبذتموه وراء ظهوركم؟!

إذ يقول:( و وَرِثَ سُليمانُ داوُدَ ) وقال فيما اقتصّ من خبر زكريّا - إذ قال:

( فَهَب لي من لَدُنكَ وَليّاً يَرثُني و يَرثُ من آلِ يَعقوُب ) وقال:( وأوُلوا الأرحَامِ بَعضُهُم أَولى‏ ببَعضٍ في كتَابِ اللَّه ) وقال:( إنْ تَرَكَ خيراً الوصيَّةَ للوَالِدينِ والأقْرَبين بالمَعروُفِ حقّاً على المُتّقينَ ) .

وزعمتُم أنّ لا حَظوة لي ولا إرث من أبي أفخصّكم اللَّه بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون إنّا أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أولست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. نعم الحَكَم اللَّه والزّعيم محمّد والموعد القيامة وعند السّاعة يخسر المُبطِلون ولا ينفعكم إذ تندمون ))(١) .

يقول عبد المنعم حسن حول تأثّره بهذا المقطع من الخطبة:

____________________

(١) عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: ٥٩.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قُلْتُ(١) لَهُ(٢) : إِنِّي(٣) كُنْتُ بِعْتُ رَجُلاً نَخْلاً(٤) كَذَا(٥) وَكَذَا نَخْلَةً(٦) ، بِكَذَا(٧) وَكَذَا دِرْهَماً ، وَالنَّخْلُ فِيهِ ثَمَرٌ(٨) ، فَانْطَلَقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنِّي ، فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِرِبْحٍ(٩) ، وَلَمْ يَكُنْ نَقَدَنِي وَلَا قَبَضَهُ مِنِّي(١٠) ؟

قَالَ(١١) : فَقَالَ(١٢) : « لَا بَأْسَ بِذلِكَ(١٣) ، أَلَيْسَ قَدْ(١٤) كَانَ(١٥) ضَمِنَ لَكَ الثَّمَنَ؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَالرِّبْحُ(١٦) لَهُ ».(١٧)

٨٨١٣/ ١٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَضى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أَنَّ ثَمَرَ(١٨) النَّخْلِ لِلَّذِي أَبَّرَهَا(١٩) إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ».(٢٠)

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « فقلت ». وفي الوسائل ، ح ٢٣١٥٢ : - « قلت ».

(٢). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٣١٥٢ : - « له ».

(٣). في « جن » : « إن ».

(٤). في « ى » : - « نخلاً ».

(٥). في « بح ، بخ ، بف » : « بكذا ».

(٦). في « ى » : « نخلاً ».

(٧). في « بخ ، بف » : « وكذا ».

(٨). في « ى » والوسائل ، ح ٢٣٥٤٩ : « تمر ».

(٩). في « بح » : « يربح ».

(١٠). في « ط ، ى ، بس ، جت ، جد ، جن » : - « منّي ». وفي الوسائل ، ح ٢٣١٥٢ : « لا قبضت ». وفيه ، ح ٢٣٥٤٩ : « لا قبضته » بدل « لا قبضه منّي ». (١١). في « ط » : - « قال ».

(١٢). في « بخ ، بف » والوافي : + « له ».

(١٣). في « بح » وحاشية « جت » والوافي والمرآة : + « الشراء ». وفي « بخ ، بف » : + « الشرى ».

(١٤). في « ط » : - « قد ».

(١٥).في الوسائل، ح ٢٣٥٤٩:«كان قد»بدل «قد كان».

(١٦). في « بخ ، بف » : « والربح ».

(١٧).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٣ ، ح ١٧٧٠١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٤ ، ح ٢٣١٥٢ ؛ وص ٢٢٥ ، ح ٢٣٥٤٩.

(١٨). في « بس » : « ثمرة ». وفي « بخ » : « تمر ».

(١٩). تقدّم معنى تأبير النخل ذيل الحديث الرابع عشر من هذا الباب.

(٢٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٧١ ، معلّقاً عن الكليني ، عن محمّد بن الحسينالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٠ ، ح ١٧٧٨١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٢ ، ح ٢٣٢٢٢.

١٠١

٨٨١٤/ ١٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَرْمِ(١) : مَتى يَحِلُّ بَيْعُهُ؟

قَالَ(٢) : « إِذَا عَقَدَ(٣) وَصَارَ عُرُوقاً(٤) ».(٥)

٧٤ - بَابُ شِرَاءِ الطَّعَامِ وَبَيْعِهِ‌

٨٨١٥/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ(٦) ، قَالَ :

____________________

(١). « الكرم » - وزان فلس - : شجرة العنب ، واحدتها : كَرْمة. راجع :لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥١٤ ( كرم ).

(٢). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « فقال ».

(٣). في حاشية « جت » : « عقل ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إذا عقد ، أي انعقد حبّه ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : + « العرق اسم الحصرم بالنبطيّة ». وفي التهذيب : « عقوداً ». وفيالوافي : « في بعض نسخالكافي كتب تفسير العرق على الهامش ، ولم يجعل من الأصل ، وفي بعضها وفيالتهذيب : وصار عقوداً والعقود : اسم الحصرم بالنبطيّة ، وهو أظهر ». وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « قوله : إذا عقد وصار عروقاً ، هذا الحديث يدلّ على عدم وجوب الإدراك والنضج في بيع الثمار ، ويكفي فيه الظهور بحيث يمكن أهل الخبرة تعيين مقدارها ، وبذلك يخرج عن الغرر والجهالة ». وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧٩ : « قولهعليه‌السلام : وصار عروقاً ، الظاهر : عقوداً ، كما فيالتهذيب ، وقال : العقود : اسم الحصرم بالنبطيّة وفي بعض نسخالتهذيب : عنقوداً. وقال فيالدروس : بدوّ الصلاح في العنب : انعقاد حصرمه ، لاظهور عنقوده وإن ظهر نوره. ولعلّه كان عنده عنقوداً ، ولو كان عروقاً يحتمل أن يكون كناية عن ظهور عنقوده ، أو ظهور العروق بين الحبوب ». وراجع :الدروس ، ج ٣ ، ص ٢٣٥ ، الدرس ٢٤٩.

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٥٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن الحسنالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٩ ، ح ١٧٧٩٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٢ ، ح ٢٣٥١٦.

(٦). ورد الخبر فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٧ ، ح ١٥٨ ، عن الحسن بن محبوب عن زرعة عن محمّد بن سماعة ، والمذكور في بعض نسخه « زرعة بن محمّد عن سماعة ». وهو الظاهر ؛ فقد صحب زرعة بن محمّد سماعة وأكثر عنه. وروايته عنه في الأسناد كثيرةٌ. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٧٦ ، الرقم ٤٦٦ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٧ ، ص ٤٧٤ - ٤٨٠.

١٠٢

سَأَلْتُهُ عَنْ شِرَاءِ(١) الطَّعَامِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ : هَلْ يَصْلُحُ شِرَاؤُهُ(٢) بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ؟

فَقَالَ : « أَمَّا أَنْ تَأْتِيَ(٣) رَجُلاً فِي طَعَامٍ قَدِ اكْتِيلَ(٤) أَوْ وُزِنَ ، فَيَشْتَرِيَ(٥) مِنْهُ مُرَابَحَةً(٦) ، فَلَا بَأْسَ(٧) إِنْ أَنْتَ(٨) اشْتَرَيْتَهُ وَلَمْ تَكِلْهُ(٩) أَوْ تَزِنْهُ(١٠) إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَدْ أَخَذَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ(١١) ، فَقُلْتَ عِنْدَ الْبَيْعِ : إِنِّي(١٢) أُرْبِحُكَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ رَضِيتُ بِكَيْلِكَ أَوْ وَزْنِكَ(١٣) ، فَلَا بَأْسَ(١٤) ».(١٥)

٨٨١٦/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛

وَ(١٦) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » : « شرى ».

(٢). هكذا في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت » والوافي والتهذيب. وفي بعض النسخ والمطبوع : « شراه ».

(٣). في « بخ ، بف » : « أن يأتي ».

(٤). في « بح » والوافي : « كيل ».

(٥). في « بح ، بس ، جد » والوافي : « فتشتري ». وفي « بخ ، بف » : « فليشتر ».

(٦). بيع المرابحة : هو البيع بالإخبار برأس المال مع الزيادة عليه ، وهو مكروه بالنسبة إلى أصل المال عند الأكثر ، والبيع صحيح. قال العلّامة فيالمختلف : « قال الشيخ في المبسوط : يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال ، وليس بحرام ، فإن باع كذلك كان البيع صحيحاً ، وكذا قال فيالخلاف ، وبه قال ابن إدريس ، وهو المعتمد ». راجع :المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٤١ ؛الخلاف ، ج ٣ ، ص ١٣٤ ، المسألة ٢٢٣ ؛السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٩١ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ١٥٧ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ٢١٨ ، الدرس ٢٤٤ ؛مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٣٥٢ ( ربح ).

(٧). في « بخ ، بف » : « قال : لا بأس ». وفي حاشية « بخ » : « ولا بأس ».

(٨). في « بخ ، بف » والتهذيب : - « أنت ».

(٩). في «ط»:«ولم تكتله». وفي «بف» : «ولم يكله».

(١٠). في « ط ، ى » : « ولم تزنه ». وفي « بف » : « أو يزنه ».

(١١). في « ط » : « أو بوزن ».

(١٢). في « بف » : - « إنّي ».

(١٣). في « ط ، بف » والتهذيب : « ووزنك ».

(١٤). في « بخ ، بف » : « قال : لا بأس به » بدل « فلا بأس ». وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧٩ : « يدلّ على جواز الاعتماد على كيل البائع ، كما هو المشهور ، وذكر المرابحة لبيان الفرد الخفيّ ».

(١٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٧ ، ح ١٥٨ ، بسنده عن محمّد بن سماعة ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٨٧ ، ح ١٧٦٨٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٥ ، ذيل ح ٢٢٧١٦.

(١٦). في السند تحويل بعطف « محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد » على « عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ».

١٠٣

حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الطَّعَامَ ، ثُمَّ يَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَالَ(١) ، قَالَ : « لَا يَصْلُحُ لَهُ ذلِكَ(٢) ».(٣)

٨٨١٧/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(٤) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٥) فِي(٦) الرَّجُلِ يَشْتَرِي الطَّعَامَ ، ثُمَّ يَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ، قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

وَيُوَكِّلُ الرَّجُلُ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ بِقَبْضِهِ(٧) وَكَيْلِهِ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ بِذلِكَ(٨) ».(٩)

____________________

(١). في « ط » : « أن يكتال ».

(٢). فيالمرآة : « ظاهره الكراهة ». وقد جاء هذا الحديث فيالوافي تحت « باب بيع الشي‌ء بعد شرائه وقبل كيله أو قبضه » ، وقال المحقّق الشعراني في هامشه :

« قوله : قبل كيله أو قبضه ، اختلف فقهاء أهل السنّة في بيع الشي‌ء قبل كيله أو وزنه على تفصيل ثابت في محلّه ، وأخبار هذا الباب ناظرة إلى مذاهبهم ، والحاصل منها جواز ذلك مع الكراهة في المكيل والموزون طعاماً كان أو غيره إلّا في التولية ؛ فانّها لا تشبه الربا. وظاهر كلام الشيخ عدم جوازه في الطعام إجماعاً.

واستدلّ بعضهم بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع ما لم يضمن ، والمكيل والموزون لا يدخلان في ضمان المشتري قبل الكيل والوزن أو قبل القبض ، وما لم يدخل في ضمانه لا يجوز تعهّد أدائه إلى غيره ، وإنّما يعقل أن يتعهّد الإنسان أداء شي‌ء إلى غيره إذا كان تحت يده وفي اختياره وضمانه.

وقال ابن رشد : في اشتراط القبض سبعة أقوال : الأوّل في الطعام الربوي. الثاني في الطعام بإطلاق. الثالث في الطعام المكيل والموزون. الرابع في كلّ شي‌ء ينقل. الخامس في كلّ شي‌ء. السادس في المكيل والموزون. السابع في المكيل والموزون والمعدود ». وراجع :بداية المجتهد ، ج ٢ ، ص ١١٧.

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٦ ، ح ١٤٩ ، بسنده عن الحلبي.وفيه ، ح ١٥٠ ، بسند آخر ، مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩١ ، ح ١٧٦٩٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٦ ، ح ٢٣١٥٧.

(٤). في « ط » : - « بن محمّد ».

(٥). في حاشية « بف » والوافي : + « أنّه قال ».

(٦). في « بس ، جن » : « عن ».

(٧). في «بس»: «يقبضه».وفي «ط»: «في قبضه ».

(٨). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل والتهذيب : - « بذلك ». وفيالمرآة : « ظاهره أنّه باعه قبل القبض ووكّله في القبض والإقباض ، وحمله على التوكيل في الشراء والقبض - كما قيل - بعيد ».

(٩).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٦ ، ح ١٥١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد. وفيالفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٦ ، ح ٣٧٧٢؛ =

١٠٤

٨٨١٨/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ اشْتَرى(١) مِنْ رَجُلٍ طَعَاماً عِدْلاً بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَهُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي : ابْتَعْ مِنِّي هذَا الْعِدْلَ الْآخَرَ بِغَيْرِ كَيْلٍ ؛ فَإِنَّ فِيهِ مِثْلَ مَا فِي الْآخَرِ الَّذِي ابْتَعْتَهُ(٢) ، قَالَ : « لَا يَصْلُحُ(٣) إِلَّا أَنْ يَكِيلَ ».

وَقَالَ : « مَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ سَمَّيْتَ فِيهِ كَيْلاً ، فَإِنَّهُ لَايَصْلُحُ(٤) مُجَازَفَةً(٥) ؛ هذَا مَا يُكْرَهُ(٦) مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ ».(٧)

٨٨١٩/ ٥. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ(٨) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ‌ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، قَالَ :

____________________

=والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٥ ، ح ١٤٧ ، بسند آخر ، مع اختلاف.الكافي ، كتاب المعيشة ، باب الرجل يبيع ما ليس عنده ، ح ٨٩١٠ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلافالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٢ ، ح ١٧٦٩٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٦٦ ، ح ٢٣١٥٨.

(١). في « ط » : « يشتري ».

(٢). في « ط ، بح ، جت ، جن » : « ابتعت ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : لا يصلح ، الظاهر أنّ البائع يقول بالتخمين ، فلا ينافي ما مرّ من جواز الاعتماد على قول البائع. ويمكن حمله على الكراهة ، كما هو ظاهر الخبر. قولهعليه‌السلام : هذا ما يكره ، حمل على الحرمة في المشهور ، وذهب ابن الجنيد إلى الجواز مع المشاهدة ».

(٤). في الكافي ، ح ٨٨٧٧ والتهذيب ، ح ٥٣١والاستبصار ، ح ٣٥٦ : « فلا يصلح » بدل « فإنّه لا يصلح ».

(٥). « المجازفة » : الحدس في البيع والشراء.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٦٣ ( جزف ).

(٦). في « بخ ، بف » : « ممّا نكرهه ». وفي « جت » والوافي والكافي ، ح ٨٨٧٧ والتهذيب ، ح ٥٣١والاستبصار ، ح ٣٥٦ : « ممّا يكره ».

(٧).الكافي ، كتاب المعيشة ، باب بيع العدد والمجازفة والشي‌ء المبهم ، ح ٨٨٧٧. وفيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ١٢٢ ، ح ٥٣١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١٠٢ ، ح ٣٥٦ ، بسندهما عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي. وفيالفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٢٦ ، ح ٣٨٣٨ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ١٢٢ ، ح ٥٣٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ١٠٢ ، ح ٣٥٥ ، بسند آخر عن الحلبي ، إلى قوله : « فإنّه لا يصلح مجازفة » وفي كلّ المصادر من قوله : « وقال : ما كان من طعام سمّيت ». وفيالفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٩ ، ح ٣٧٨١ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٦ ، ح ١٤٨ ، بسند آخر عن الحلبيالوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٦٨ ، ح ١٨٠٧٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٢ ، ذيل ح ٢٢٧٠٧.

(٨). في « ى ، بس ، جد ، جن » : - « بن زياد ».

١٠٥

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ كُرٌّ(١) مِنْ طَعَامٍ ، فَاشْتَرى كُرّاً مِنْ رَجُلٍ آخَرَ ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ : انْطَلِقْ فَاسْتَوْفِ كُرَّكَ(٢) ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٣) ».(٤)

٨٨٢٠/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى(٥) ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي الْعُطَارِدِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَشْتَرِي الطَّعَامَ ، فَأَضَعُ(٦) فِي أَوَّلِهِ ، وَأَرْبَحُ(٧) فِي آخِرِهِ ، فَأَسْأَلُ صَاحِبِي أَنْ يَحُطَّ عَنِّي فِي كُلِّ كُرٍّ كَذَا وَكَذَا؟

فَقَالَ : « هذَا لَاخَيْرَ فِيهِ ، وَلكِنْ يَحُطُّ عَنْكَ جُمْلَةً ».

قُلْتُ : فَإِنْ حَطَّ عَنِّي أَكْثَرَ مِمَّا وَضِعْتُ(٨) ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٩) ».

قُلْتُ : فَأُخْرِجُ الْكُرَّ وَالْكُرَّيْنِ ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ : أَعْطِنِيهِ(١٠) بِكَيْلِكَ.

____________________

(١). « الكُرُّ » : ستّون قفيزاً ، والقفيز : ثمانية مكاكيك ، والمكّوك : صاع ونصف ، فالكرّ على هذا الحساب اثنا عشر وسقاً ، وكلّ وسق ستّون صاعاً.النهاية ، ج ٤ ، ص ١٦٢ ( كرر ).

(٢). في الفقيه : « حقّك ».

(٣). في « جن » : - « به ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٧ ، ح ١٥٦ ، بسنده عن أبان.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٦ ، ح ٣٧٧٣ ، معلّقاً عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٢ ، ح ١٧٦٩٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٣٠٣ ، ح ٢٣٧٢٠.

(٥). في « بف » : - « بن يحيى ».

(٦). في الوافي : « فأوضع ».

(٧). في « بخ ، بف » : « أو أربح ».

(٨). فيالوافي : « يعني أبيع بعضه على النقصان وبعضه على الربح ، فاستحطّ البائع لمكان نقصاني ، ولعلّ نفي الخير عنه في كلّ كرّ لأجل أنّ بعض الكرار زيد ممّا ربح فيه وأخبار هذا الباب - وهو باب الاستحطاط بعد الصفقة - لا يخفى تنافيها بحسب الظاهر ، وجمع بينها فيالاستبصار بحمل أخبار النهي على الكراهة دون الحظر ، ولا يساعده الخبر الثاني - وهو الثاني هنا أيضاً - ؛ فإنّه صريح في الحرمة ، والأولى أن يحمل أخبار الجواز على الاستيهاب ، كما هو صريح بعضها ».

وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « قوله : فإنّه صريح في الحرمة ، ليس صريحاً ؛ فإنّ إطلاق الحرام على المكروه غير عزيز في الروايات ». (٩). في الوافي : - « به ».

(١٠). في « ى ، بخ ، بف » : « أعطيته ».

١٠٦

قَالَ(١) : « إِذَا ائْتَمَنَكَ ، فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ(٢) ».(٣)

٨٨٢١/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهعليه‌السلام : أَشْتَرِي الطَّعَامَ ، فَأَكْتَالُهُ وَمَعِي مَنْ قَدْ شَهِدَ الْكَيْلَ(٤) ، وَإِنَّمَا اكْتَلْتُهُ(٥) لِنَفْسِي ، فَيَقُولُ(٦) : بِعْنِيهِ(٧) ، فَأَبِيعُهُ إِيَّاهُ بِذلِكَ(٨) الْكَيْلِ الَّذِي كِلْتُهُ(٩) ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ ».(١٠)

٨٨٢٢/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : اشْتَرى رَجُلٌ تِبْنَ بَيْدَرٍ(١١) كُلَّ كُرٍّ(١٢) بِشَيْ‌ءٍ مَعْلُومٍ ، فَيَقْبِضُ(١٣)

____________________

(١). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « فقال ».

(٢). في « بخ ، بس ، بف » وحاشية « جت » والوافي : « فلا بأس به » بدل « فليس به بأس ».

وفيالمرآة : « يدلّ على جواز الاستحطاط بعد الصفقة مع الخسران بوجه خاصّ ، والمشهور الكراهة مطلقاً ، وعلى جواز الاعتماد في الكيل على إخبار البائع ، كما مرّ ».

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٨ ، ح ١٥٩ ، بسنده عن صفوان ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٣ ، ح ١٧٦٦٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٥ ، ح ٢٢٧١٥.

(٤). في « ى » : « المكيل ». وفي الوسائل والتهذيب : « أكيله ».

(٥). في « بخ ، بف » : « أكيله ».

(٦). في « بح » : « فنقول ».

(٧). في الوافي : « تبيعنيه ».

(٨). في الوسائل : « على ذلك ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي والوسائل والتهذيب : « اكتلته ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٨ ، ح ١٦١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيىالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٨٧ ، ح ١٧٦٩٠ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٤ ، ح ٢٢٧١١.

(١١). في الفقيه ، ح ٣٨٣٥ والتهذيب ، ح ٥٤٧ : + « قبل أن يداس تبن ». و « البيدر » : الموضع الذي يداس فيه الطعام ، وتداس فيه الحبوب ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٧ ؛المصباح المنير ، ص ٣٨ ( بدر ).

(١٢). في « ط » : « كرّاً » بدل « كلّ كرّ ».

(١٣). في « بف » : « فقبض ».

١٠٧

التِّبْنَ وَيَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَالَ(١) الطَّعَامُ(٢) ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٣) ».(٤)

٨٨٢٣/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الْقَوْمِ يَدْخُلُونَ السَّفِينَةَ(٥) يَشْتَرُونَ(٦) الطَّعَامَ(٧) ،

____________________

(١). في « جن »والفقيه ، ح ٣٧٨٤ والتهذيب ، ح ١٧١ : « أن يكتال ».

(٢). في « ى » : - « الطعام ». وفي الوافي : « كأنّه اشتراه بنسبة مقدار الطعام ».

(٣). في « بس ، جن » والتهذيب : - « به ».

وفيالمرآة : « هو مخالف لقواعد الأصحاب من وجهين : الأوّل : من جهة جهالة المبيع ؛ لأنّ المراد به إمّا كلّ كرّ من التبن ، أو كلّ كرّ من الطعام ، كما هو الظاهر من قوله : قبل أن يكال الطعام ، وعلى التقديرين فيه جهالة. قال في المختلف : قال الشيخ فيالنهاية : لا بأس أن يشتري الإنسان من البيدر كلّ كرّ من الطعام تبنه بشي‌ء معلوم وإن لم يكل بعد الطعام ، وتبعه ابن حمزة. وقال ابن إدريس : لا يجوز ذلك ، لأنّه مجهول وقت العقد. والمعتمد الأوّل ؛ لأنّه مشاهد فينتفي الغرر ، ولرواية زرارة ، والجهالة ممنوعة ؛ إذ من عادة الزراعة قد يعلم مقدار ما يخرج من الكرّ غالباً ، انتهى.

والثاني : من جهة البيع قبل القبض ، فعلى القول بالكراهة لا إشكال ، وعلى التحريم فلعلّه لكونه غير موزون ، أو لكونه غير طعام ، أو لأنّه مقبوض وإن لم يكتل الطعام بعد ، كما هو مصرّح به في الخبر ». وراجع :النهاية ، ص ٤٠١ ؛الوسيلة ، ص ٢٤٦ ؛السرائر ، ج ٢ ، ص ٣٢٣ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٥٢.

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠ ، ح ١٧١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٠ ، ح ٣٧٨٤ ، معلّقاً عن جميل.وفيه ، ص ٢٢٦ ، ح ٣٨٣٥ ؛والتهذيب ، ج ٧ ، ص ١٢٥ ، ح ٥٤٧ ، معلّقاً عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٣ ، ح ١٧٦٩٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٥٩ ، ذيل ح ٢٢٧٥٠.

(٥). في هامش المطبوع : « قوله : عن القوم يدخلون السفينة ، لعلّ حاصل السؤال أنّهم جميعاً يقاولون صاحب‌ الطعام ويماكسونه ، ولكن يشتري منه رجل منهم ، ثمّ إنّ ذلك الرجل يدفع إلى كلّ واحد منهم ما يريد ويقبض ثمنه بعد ما سألوه أن يفعل ذلك في ما بينهم ، فيكون هو صاحب الطعام ، لأنّه الدافع والقابض ، فيكون قد باع ما لم يقبض.

وحاصل الجواب جواز ذلك ؛ لأنّهم شاركوه في ذلك الطعام فيكون هو كواحد منهم ، لا أنّه صاحبه بالانفراد ، لكنّهم جعلوه وكيلاً في ذلك الاشتراء والدفع والقبض في ما بينهم ، فلا يكون فعله ذلك بيعاً قبل القبض ».

(٦). في « جن » : « ويشترون ». وفي « ى ، بس » : « فيشترون ».

(٧). فيالوافي : « يشترون الطعام ، أي ليشتروه ».

١٠٨

فَيَتَسَاوَمُونَ(١) بِهَا(٢) ، ثُمَّ يَشْتَرِي(٣) رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَيَتَسَاءَلُونَهُ(٤) ، فَيُعْطِيهِمْ مَا يُرِيدُونَ مِنَ الطَّعَامِ ، فَيَكُونُ صَاحِبُ الطَّعَامِ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ ، وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ ، مَا أَرَاهُمْ إِلَّا وَقَدْ(٥) شَرِكُوهُ(٦) ».

فَقُلْتُ(٧) : إِنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ يَدْعُو كَيَّالاً ، فَيَكِيلُهُ لَنَا ، وَلَنَا أُجَرَاءُ(٨) ، فَيُعَيِّرُونَهُ(٩) ، فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ(١٠) مَا لَمْ يَكُنْ شَيْ‌ءٌ كَثِيرٌ غَلَطٌ(١١) ».(١٢)

____________________

(١). في « بف » : « فيتسامون ». وفي الفقيه : « فيساومون ». وفي التهذيب : « فيستلمونها ». والتساوم بين اثنين : أن‌ يعرض البائع السلعة بثمن ويطلبها صاحبه بثمن دون الأوّل. والمساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢٥ ؛المصباح المنير ، ص ٢٩٧ ( سوم ).

(٢). في الفقيه : « منه ». وفي التهذيب : - « بها ».

(٣). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : « يشتريها ». وفي الوسائل ، ح ٢٣١٥٩والفقيه : « يشتريه ».

(٤). في « بس ، بف ، جت » والوافي والوسائل ، ح ٢٣١٥٩والفقيه والتهذيب : « فيسألونه ». وفي « ى » : « فيسألون ».

(٥). في « بف » : « قد » بدون الواو.

(٦). في الفقيه : « وقد شاركوه ». وفيالوافي : « وقد شركوه ، كأنّ المجوّز الشركة ». وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « قوله : إلّاوقد شركوه ، لعلّه محمول على التشبيه بالشركة ، وإلّا فالمسألة المسؤول عنها أنّ صاحب الطعام باع ما في السفينة لرجل واحد منهم ، ثمّ باع ذلك الرجل لكلّ واحد ممّن معه ما أراد ، ولم يكونوا هم شركاء الرجل الأوّل في البيع الأوّل إلّا أنّهم مثل الشركاء. وعلى كلّ حال يجوز بيع المشتري الأوّل لرفقائه قبل أن يكيل لنفسه من الصاحب الأصلي». (٧). في « بخ ، بف » والوافي والتهذيب : « قلت ».

(٨). في التهذيب : « آخر ».

(٩). في حاشية « بح ، جت »والفقيه : « فيعتبرونه ». يقال : عيّر الدينار : وازن به آخر. وعيّر الدنانير : امتحنها لمعرفة أوزانها ، ووزن واحداً واحداً. وهذا ممّا خالفت العامّة فيه لغة العرب ؛ فإنّ أئمّة اللغة قالوا : إنّ الصواب : « عاير » بدل « عيّر » ، ولايقال : عيّرت ، إلّا من العار ، فلا تقول : عيّرت الميزانين ، إنّما تقول : عيّرته بذنبه. راجع :لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٦٢٣ ؛المصباح المنير ، ص ٤٣٩ ( عير ).

(١٠). في « ط » : - « ما أراهم إلّا وقد شركوه » إلى هنا.

(١١). فيالمرآة : « وحاصل الخبر أنّهم دخلوا جميعاً السفينة وطلبوا من صاحب الطعام البيع ، وتكلّموا في القيمة ، ثمّ يشتريها رجل منهم أصالة ووكالة ، أو يشتري جميعها لنفسه. وعبارات الخبر بعضها تدلّ على الوكالة ، =

١٠٩

٧٥ - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي(١) الطَّعَامَ فَيَتَغَيَّرُ(٢) سِعْرُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ‌

٨٨٢٤/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَاماً بِدَرَاهِمَ ، فَأَخَذَ نِصْفَهُ ، وَتَرَكَ نِصْفَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ(٣) بَعْدَ ذلِكَ وَقَدِ ارْتَفَعَ الطَّعَامُ أَوْ نَقَصَ(٤) .

قَالَ : « إِنْ كَانَ يَوْمَ ابْتَاعَهُ سَاعَرَهُ(٥) أَنَّ لَهُ كَذَا وَكَذَا(٦) ، فَإِنَّمَا لَهُ سِعْرُهُ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَخَذَ بَعْضاً وَتَرَكَ بَعْضاً ، وَلَمْ يُسَمِّ سِعْراً ، فَإِنَّمَا لَهُ سِعْرُ يَوْمِهِ(٧) الَّذِي يَأْخُذُهُ(٨) فِيهِ مَا كَانَ ».(٩)

____________________

= وبعضها كيلهم على الأصالة ، والجواب على الأوّل أنّهم شركاؤه ؛ لتوكيلهم إيّاه في البيع ، وعلى الثاني أنّهم بعد البيع شركاؤه ؛ وما اشتمل عليه آخر الخبر من اغتفار الزيادة التي تكون بحسب المكائيل والموازين ، هو المشهور بين الأصحاب».

(١٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٨ ، ح ١٦٠ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ ، ح ٣٧٧٩ ، معلّقاً عن ابن مسكانالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٩ ، ح ١٧٦٧٥ ؛ وص ٤٩٤ ، ح ١٧٧٠٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٧ ، ح ٢٣٢١٣ ، من قوله : « إنّ صاحب الطعام يدعو كيّالاً » ؛وفيه ، ص ٦٦ ، ح ٢٣١٥٩ ، إلى قوله : « ما أراهم إلّا وقد شركوه ».

(١). في « بخ ، جت » : « يشري ».

(٢). في « بخ » : « فيغيّر ».

(٣). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالفقيه . وفي المطبوع : « جاء ».

(٤). في « جد » : « ونقص ».

(٥). في اللغة : السِعْر : الذي يقوم عليه الثمن ، والإسعار والتسعير : الاتّفاق على سِعْر ، والتسعير : تقدير السعر ، نعم في بعض المعاجم الحديثة : « المساعرة : هو ذكر قدر معيّن للثمن ، أو طلب المبيع بثمن محدّد ». راجع :لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٦٥ ( سعر ) ؛معجم ألفاظ الفقه الجعفري ، ص ٢٣٦ ؛المصطلحات ، ص ١٤٢٥ ، إعداد مركز المعجم الفقهي.

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٨٣ : « قولهعليه‌السلام : ساعره ، قال الشيخ حسنرحمه‌الله : هذا يدلّ على أنّ المساعرة تكفي في البيع ، وأنّه يصحّ التصرّف مع قصد البيع قبل المساعرة. انتهى. أقول : ويحتمل أن يكون المساعرة كناية عن تحقّق البيع موافقاً للمشهور. ويحتمل الاستحباب على تقدير تحقّق المساعرة فقطّ ».

(٦). في الفقيه : + « فهو ذاك وإن لم يكن ساعره ».

(٧). في « جن » : « يوم ».

(٨). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وحاشية « جت » والوافي. وفي « جت » والمطبوع : « يأخذ ».

(٩).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٤ ، ح ١٤٢ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٧ ، ح ٣٧٧٤ ، بسنده عن =

١١٠

٨٨٢٥/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلٍ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ اشْتَرى(٢) طَعَاماً كُلَّ كُرٍّ بِشَيْ‌ءٍ مَعْلُومٍ ، فَارْتَفَعَ الطَّعَامُ أَوْ نَقَصَ ، وَقَدِ اكْتَالَ بَعْضَهُ ، فَأَبى صَاحِبُ الطَّعَامِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ مَا بَقِيَ ، وَقَالَ(٣) : إِنَّمَا لَكَ مَا قَبَضْتَ.

فَقَالَ : « إِنْ كَانَ يَوْمَ(٤) اشْتَرَاهُ سَاعَرَهُ عَلى أَنَّهُ(٥) لَهُ(٦) ، فَلَهُ مَا بَقِيَ ؛ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذلِكَ ، فَإِنَّ(٧) لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَدَ ».(٨)

____________________

= الحلبي ، إلى قوله : « فإنّما له سعره » مع اختلاف يسير وزيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٩ ، ح ١٧٧١٦ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٤ ، ح ٢٣٢٠٥.

(١). في « بس » : + « بن درّاج ».

(٢). في « بح ، بخ ، بف » والوافي : + « من رجل ».

(٣). في « جد » : « قال » بدون الواو.

(٤). في الوافي : « يوماً ».

(٥). في « بخ ، بف » : « أنّ ».

(٦). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « يحمل المساعرة على عقد البيع ، والاشتراء على المقاولة والمساومة ، فإذا أوجب البيع على مقدار معلوم من الطعام ونقله إلى المشتري إلّا أنّه أقبض بعضه ، وجب عليه إقباض الباقي ولو مع تغيّر السعر ، وأمّا إذا قاولوا على مقدار لكن لم يقطعوا عليه ، بل قبض المشتري شيئاً وأعطاه الثمن ، لم يكن له مطالبة ماقاول عليه ، ومن ذلك يعلم أنّ المقاولة والمساومة قبل البيع والتراضي على نقل مقدار معيّن إلى المشتري بثمن معلوم ليس بيعاً إلّا أن ينشئ بالصيغة ، وإنّما الناقل هو العقد.

فإن قيل : ليس الناقل هو اللفظ قطعاً ، بل الرضا القلبي المنكشف باللفظ ، فإذا علم تراضيها بنقل مقدار معيّن بثمن بألفاظ المساومة والمقاولة لم يبق حاجة إلى إنشاء البيع بالصيغة.

قلنا : الرضا المنكشف بالإنشاء ؛ أعني صيغة البيع غير الرضا الحاصل عند المقاولة ، وإن كان اسم الرضا يطلق عليهما ، ويمكن أن يكون البائع مدّة سنة راضياً ببيع داره ، والزوج راضياً بتزوّج امرأة ، ويكون المشتري والزوجة أيضاً راضيين تلك السنة ، لكن لا يوجد بهذا الرضا معنى البيع والنكاح ، بل لا بدّ من رضا آخر غير ذاك الرضا المستمرّ ، وهذا مفاد قوله : بعت وأنكحت ، وليست الأشياء المشتركة في الاسم متّفقة في الماهيّة ، مثلاً مفاد الاستفهام طلب ، ومفاد التمنّي طلب ، ومفاد الترجّي طلب ، وكلّ منها غير الآخر حقيقة ، كذلك الرضا المسمّى بالإنشاء غير الرضا الحاصل قبل الإنشاء وبعده ، ومفاد ألفاظ العقود ذلك الرضا الخاصّ ، ومفاد المقاولة رضاً آخر ». (٧). في « جن » : « فإنّما ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٤ ، ح ١٤٣ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٩٩ ، ح ١٧٧١٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٤ ، ح ٢٣٢٠٦.

١١١

٨٨٢٦/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، قَالَ :

كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلى أَبِي مُحَمَّدٍعليه‌السلام : رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً يَعْمَلُ لَهُ بِنَاءً(١) أَوْ غَيْرَهُ(٢) ، وَجَعَلَ يُعْطِيهِ طَعَاماً وَقُطْناً وَغَيْرَ(٣) ذلِكَ ، ثُمَّ تَغَيَّرَ الطَّعَامُ وَالْقُطْنُ مِنْ(٤) سِعْرِهِ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ إِلى نُقْصَانٍ أَوْ زِيَادَةٍ : أَيَحْتَسِبُ(٥) لَهُ بِسِعْرِ يَوْمِ أَعْطَاهُ ، أَوْ بِسِعْرِ(٦) يَوْمِ حَاسَبَهُ(٧) ؟

فَوَقَّعَعليه‌السلام : « يَحْتَسِبُ لَهُ بِسِعْرِ يَوْمٍ شَارَطَهُ(٨) فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ».

وَأَجَابَعليه‌السلام فِي الْمَالِ يَحِلُّ(٩) عَلَى الرَّجُلِ ، فَيُعْطِي بِهِ طَعَاماً عِنْدَ مَحِلِّهِ ، وَلَمْ يُقَاطِعْهُ ، ثُمَّ تَغَيَّرَ السِّعْرُ.

فَوَقَّعَعليه‌السلام : « لَهُ سِعْرُ يَوْمِ أَعْطَاهُ الطَّعَامَ ».(١٠)

____________________

(١). في « ط » : « بيتاً ».

(٢). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والتهذيب ، ج ٧. وفي « جد » : « وغيره ». وفي المطبوع : « غيره » بدون « أو ». (٣). في الوافي عن بعض النسخ : « أو غير ».

(٤). في « بح ، جت » : « عن ».

(٥). في « بخ ، بف » : « أفيحسب ». وفي « جد » : « يحتسب ». وفي الوافي : « أفيحتسب ».

(٦). في « جن » : « أو سعر ».

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : « شارطه ».

(٨). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : يوم شارطه ، قال الوالد العلّامةقدس‌سره : أي يوم وقع التسعير فيه ، أو البيع فيه بأن يكون العقد وقع على الاُجرة بتومان مثلاً ، وأن يدفع بدله القطن على حساب منّ بدينار ، وإن لم يقع هذا التسعير أوّلاً فيحتسب له بسعر يوم أعطاه ، كأنّه اليوم الذي شارطه وقع التعيين في ذلك اليوم ، وإن لم يقرّر شي‌ء أصلاً فهذه اُجرة المثل بأيّ قيمة كانت ، أو قدّر بتومان ولم يقدّر العوض ، فبإعطاء العوض ورضائه به صار ذلك اليوم يوم شرطه ، وإن شرط عند دفع العضو أن يحتسب عليه بسعر يوم المحاسبة فهو كذلك ، وليس بيعاً حتّى تضرّ الجهالة.

ويمكن أن يكون مرادهعليه‌السلام من يوم الشرط يوم الدفع ، فكأنّه شرط في ذلك اليوم لمـّا أعطى الاُجرة فيه ».

(٩). في الوافي : + « له ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٥ ، ح ١٤٤ ، معلّقاً عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أبي محمّدعليه‌السلام .وفيه ، ج ٦ ، ص ١٩٦ ، ح ٤٣٢ ، معلّقاً عن محمّد بن الحسن الصفّار ، من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٠٠ ، ح ١٧٧١٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٤ ، ح ٢٣٢٠٧.

١١٢

٧٦ - بَابُ فَضْلِ الْكَيْلِ وَالْمَوَازِينِ(١)

٨٨٢٧/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قُلْتُ(٢) : إِنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ(٣) مِنَ السُّفُنِ ، ثُمَّ نَكِيلُهُ فَيَزِيدُ؟

فَقَالَ(٤) لِي(٥) : « وَرُبَّمَا(٦) نَقَصَ عَلَيْكُمْ؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَإِذَا نَقَصَ يَرُدُّونَ عَلَيْكُمْ؟ » قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « لَا بَأْسَ(٧) ».(٨)

٨٨٢٨/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ فُضُولِ الْكَيْلِ وَالْمَوَازِينِ؟

فَقَالَ : « إِذَا لَمْ يَكُنْ تَعَدِّياً فَلَا بَأْسَ(٩) ».(١٠)

٨٨٢٩/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ :

____________________

(١). في « بخ » وحاشية « جن » : « والميزان ».

(٢). في « بخ ، بف » والوافي : « فقلت ».

(٣). في « بس » : « طعاماً ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف ، جت » والوافي والتهذيب : « قال : يقال ». وفي الوسائلوالفقيه : « قال ».

(٥). في « ط »والفقيه : - « لي ».

(٦). في « بخ ، بف » : « ربّما » بدون الواو.

(٧). في الوسائل : « فلا بأس ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٩ ، ح ١٦٦ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١١ ، ح ٣٧٨٦ ، معلّقاً عن ابن أبي عميرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٧ ، ح ١٧٦٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٧ ، ح ٢٣٢١١.

(٩). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « إن علم بالقرائن أنّ الفضل كان مسامحة من البائع فهو جائز ؛ لرضاه به ، وإن كان متجاوزاً حدّ الاعتدال ودلّ على غلط البائع في الكيل ، لم يجز ، مثل أن يشتري رطلاً ، فظهر أنّه وزن ثلاثة أرطال ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠ ، ح ١٦٧ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٠ ، ح ٣٧٨٣ ، معلّقاً عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٧ ، ح ١٧٦٧١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٧ ، ح ٢٣٢١٢.

١١٣

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَمُرُّ بِالرَّجُلِ(١) ، فَيَعْرِضُ عَلَيَّ الطَّعَامَ ، وَيَقُولُ لِي(٢) : قَدْ أَصَبْتُ طَعَاماً مِنْ حَاجَتِكَ ، فَأَقُولُ لَهُ(٣) : أَخْرِجْهُ أُرْبِحْكَ فِي الْكُرِّ كَذَا وَكَذَا ، فَإِذَا أَخْرَجَهُ نَظَرْتُ إِلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ حَاجَتِي أَخَذْتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَاجَتِي تَرَكْتُهُ.

قَالَ(٤) : « هذِهِ الْمُرَاوَضَةُ(٥) ، لَابَأْسَ بِهَا ».

قُلْتُ : فَأَقُولُ لَهُ : اعْزِلْ مِنْهُ خَمْسِينَ كُرّاً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِكَيْلِهِ(٦) ، فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَأَكْثَرُ ذلِكَ مَا يَزِيدُ ، لِمَنْ هِيَ؟

قَالَ : « هِيَ لَكَ(٧) » ثُمَّ قَالَعليه‌السلام : « إِنِّي بَعَثْتُ مُعَتِّباً أَوْ سَلَّاماً(٨) ، فَابْتَاعَ لَنَا طَعَاماً ، فَزَادَ عَلَيْنَا بِدِينَارَيْنِ ، فَقُتْنَا(٩) بِهِ عِيَالَنَا بِمِكْيَالٍ قَدْ عَرَفْنَاهُ ».

____________________

(١). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « على الرجل ».

(٢). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف » والوافي. وفي « بس ، جد ، جن » والوسائل : - « لي ». وفي المطبوع : « فيقول » بدل « ويقول لي ». وفي حاشية « جت » : « فيقول لي ».

(٣). في الوافي : - « له ».

(٤). في « بخ ، بف ، جن » والوافي : « فقال ».

(٥). قال ابن الأثير : « في حديث طلحة : فتراوضنا حتّى اصطرف منّي ، أي تجاذبنا في البيع والشراء ، وهو ما يجري بين المتبايعين من الزيادة والنقصان ، كأنّ كلّ واحد منهما يروض صاحبه ، من رياضة الدابّة. وقيل : هي المواضعة بالسلعة ، وهو أن تصفها وتمدحها عنده ، ومنه حديث ابن المسيّب أنّه كره المراوضة ، وهو أن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك ، ويسمّى بيع المواضعة ».

وقال العلّامة الفيض فيالوافي : « المراوضة ، قيل : هي المواضعة بالسلعة ، وهو أن تصفها وتمدحها عنده ، وفيالصحاح : فلان يراوض فلاناً على أمر كذا ، أي يداريه ليدخله فيه ».

وقال العلّامة المجلسي : « لعلّ المراد بالمراوضة هنا المقاولة للبيع ، أي لا يشتريه أوّلاً ، بل يقاول ، ثمّ يبيعه عند الكيل وتعيين قدر المبيع ، فلا يضرّ جهالة المبيع والثمن حينئذٍ ». راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٨١ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٧٦ ( روض ) ؛مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٨٦.

(٦). في « ى ، بس ، جد » : « نكيله ».

(٧). في «ط،بخ،بف» والوافي:«لمن هو؟ قال:هو لك».

(٨). فيالوافي : « معتب وسلام كانا موليين لأبي عبد اللهعليه‌السلام ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : أو سلّاماً ، الترديد من الراوي ».

(٩). فيالوافي : « قولهعليه‌السلام : بدينارين ، متعلّق بقوله : فابتاع ، وفي الكلام تقديم وتأخير. و « قتنا » من القوت. ولعلّ وجه إعادة الكيل أن يعلم البائع مقدار الزيادة ». =

١١٤

فَقُلْتُ لَهُ(١) : قَدْ(٢) عَرَفْتَ صَاحِبَهُ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، فَرَدَدْنَا(٣) عَلَيْهِ ».

فَقُلْتُ(٤) : رَحِمَكَ(٥) اللهُ ، تُفْتِينِي بِأَنَّ الزِّيَادَةَ(٦) لِي وَأَنْتَ تَرُدُّهَا(٧) ؟! قَدْ(٨) عَلِمْتَ أَنَّ ذلِكَ كَانَ لَهُ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، إِنَّمَا(٩) ذلِكَ غَلَطُ النَّاسِ(١٠) ؛ لِأَنَّ(١١) الَّذِي(١٢) ابْتَعْنَا(١٣) بِهِ(١٤) إِنَّمَا‌ كَانَ ذلِكَ(١٥) بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ(١٦) أَوْ تِسْعَةٍ(١٧) » ثُمَّ قَالَ : « وَلكِنِّي(١٨) أَعُدُّ عَلَيْهِ‌

____________________

= وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فزاد علينا ، أي زاد الطعام بمقدار يوازي دينارين من الثمن ، ويحتمل أن يكون الفاء في قوله : « فقتنا » للتفصيل والبيان ، أي عرفنا الزيادة بهذا السبب. أو المعنى أنّه بعد العلم بالزيادة قتنا قدرما اشترينا ورددنا البقيّة ».

(١). فيالمرآة : « قوله : فقلت له ، كلام الإمامعليه‌السلام ، أي قلت لمعتّب أو لسلّام. ويحتمل أن يكون من كلام الراوي ، والضمير للإمامعليه‌السلام ».

(٢). في « ط ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد » والوافي والوسائل : - « قد ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « فرددناه ».

(٤). في « ط » : + « له ».

(٥). في « بخ ، بف » والوافي : « يرحمك ».

(٦). في «بخ،بف» والوافي:«بالزيادة»بدل«بأنّ الزيادة».

(٧). في « بح » : + « فقال ». وفي « ط » : + « قال ». وفي الوافي : + « قال : فقال ».

(٨). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » : « قال : فقال » بدل « قد ».

(٩). في « ط » : + « كان ».

(١٠). في « ط » : « غلطاً » بدل « غلط الناس ». وفي الوافي : « وكان غلطاً » بدل « قال : نعم إنّما ذلك غلط الناس ».

(١١). في « ط » : « إنّ ».

(١٢). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : لأنّ الذي ، بيان أنّ ذلك لم يكن من تفاوت المكائيل ، بل كان غلطاً ؛ لأنّ البيع كان بثمانية دنانير أو تسعة - والترديد من الراوي - وفي هذا المقدار لا يكون ما يوازي دينارين من فضول المكائيل والموازين ». (١٣). في « بخ ، بف » والوافي : « ابتاعه ». وفي « ط » : « ابتعناه ».

(١٤). في « ط » : - « به ».

(١٥). في « ط » : - « ذلك ».

(١٦). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وحاشية « جت » والوافي والوسائل. وفي « جت » والمطبوع : « دراهم ».

(١٧). في « ى » : + « دراهم ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : بثمانية دنانير أو تسعة ؛ يعني كان قيمته السوقيّة ثمانية دنانير أو تسعة ، مع أنّا اشترينا بدينارين ، فعلم أنّ البائع غلط في الكيل ؛ إذ لا يتسامح أحد في ستّة دنانير البتّة ».

(١٨). في « ط ، ى ، بف ، جد » والوافي والمرآة والوسائل : « ولكن ».

١١٥

الْكَيْلَ(١) ».(٢)

٨٨٣٠/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ حَنَانٍ ، قَالَ:

كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقَالَ لَهُ مُعَمَّرٌ الزَّيَّاتُ : إِنَّا نَشْتَرِي الزَّيْتَ فِي زِقَاقِهِ(٣) ، فَيُحْسَبُ لَنَا نُقْصَانٌ(٤) فِيهِ لِمَكَانِ الزِّقَاقِ.

فَقَالَ(٥) : « إِنْ كَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، فَلَا بَأْسَ ؛ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ ، فَلَا تَقْرَبْهُ(٦) ».(٧)

٧٧ - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ أَلْوَانٌ مِنَ الطَّعَامِ فَيَخْلِطُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ‌

٨٨٣١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَحَدِهِمَاعليهما‌السلام : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الطَّعَامِ(٨) يُخْلَطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، وَبَعْضُهُ أَجْوَدُ مِنْ بَعْضٍ؟

____________________

(١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ولكن اعدّ عليه الكيل ، أي لو وقع عليك مثل ذلك اُعدّ عليه الكيل وردّ عليه الزائد. وفي بعض النسخ : ولكنّي ، فقوله : أعدّ ، صيغة المتكلّم من العدّ ، أي أعدّ عليه الكيل في الزائد أو في المجموع في هذه الصورة أو مطلقاً استحباباً واحتياطاً ».

(٢).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٨ ، ح ١٧٦٧٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٨٦ ، ح ٢٣٢١٠.

(٣). الزِقاق : جمع الزِقّ ، وهو السقاء ، أي وعاء من جلد للماء ونحوه ، أو جلد يُجَزُّ ويُقْطَع شعرُه ولا يُنْتَف ولا يُنْزَع ، للشراب ونحوه. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٣ ( زقق ).

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « النقصان ».

(٥). في « ط ، بخ ، بف ، جت » والوافي : + « له ».

(٦). فيالمرآة : « يدلّ على ما ذكره الأصحاب من أنّه يجوز أن يندر للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة ، ولا يجوز وضع ما يزيد إلّا بالمراضاة ، وقالوا : يجوز بيعه مع الظرف من غير وضع ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٠ ، ح ١٦٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد.وفيه ، ص ١٢٨ ، ح ٥٥٩ ، بسنده عن حنان.وفيه أيضاً ، ح ٥٥٨ ، بسند آخر ، مع اختلافالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٧٩ ، ح ١٧٦٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٦٧ ، ح ٢٢٧٦٣. (٨). في « بخ ، بف » والوافي : « طعام ».

١١٦

قَالَ(١) : « إِذَا رُئِيَا(٢) جَمِيعاً ، فَلَا بَأْسَ(٣) مَا لَمْ يُغَطِّ الْجَيِّدُ الرَّدِيَّ ».(٤)

٨٨٣٢/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ(٥) يَكُونُ عِنْدَهُ لَوْنَانِ مِنْ طَعَامٍ(٦) وَاحِدٍ ، وَسِعْرُهُمَا شَيْ‌ءٌ(٧) ، وَأَحَدُهُمَا خَيْرٌ(٨) مِنَ الْآخَرِ ، فَيَخْلِطُهُمَا جَمِيعاً ، ثُمَّ يَبِيعُهُمَا بِسِعْرٍ وَاحِدٍ؟

فَقَالَ(٩) : « لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ(١٠) ذلِكَ(١١) ، يَغُشَّ بِهِ(١٢) الْمُسْلِمِينَ حَتّى يُبَيِّنَهُ ».(١٣)

٨٨٣٣/ ٣. ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ(١٤) ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي طَعَاماً ، فَيَكُونُ أَحْسَنَ لَهُ وَأَنْفَقَ لَهُ(١٥) أَنْ يَبُلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَمِسَ(١٦) زِيَادَتَهُ(١٧) ؟

____________________

(١). في « ط ، جت » : « فقال ».

(٢). في « ى » وحاشية « جن » : « اُريا ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : + « به ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٣ ، ح ١٣٩ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيىالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٦٩ ، ح ١٧٦٥٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١١٢ ، ح ٢٣٢٦٣.

(٥). في الوافي : « في الرجل » بدل « قال : سألته عن الرجل ».

(٦). في « بخ ، بف » : « الطعام وهو » بدل « طعام ».

(٧). في « بخ ، جت » والوافي والتهذيب : « شتّى ». وفي « ط ، بح ، بف » : + « واحد ». وفي الوسائلوالفقيه : « بشي‌ء ».

(٨). في الوسائل : « أجود ».

(٩). في الوافي : « قال ».

(١٠). في « بح » : - « له أن يفعل ». وفي الوسائل : - « يفعل ».

(١١). في «بس ، جد» والوسائلوالفقيه : - «ذلك».

(١٢). في « بف » والوسائل : - « به ».

(١٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٤ ، ح ١٤٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٧ ، ح ٣٧٧٤ ، بسنده عن الحلبيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٦٨ ، ح ١٧٦٥٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١١٢ ، ح ٢٣٢٦٤.

(١٤). السند معلّق على سابقه. ويروي عن ابن أبي عمير ، عليّ بن إبراهيم عن أبيه.

(١٥). في « ط ، بف » والوافي : - « له ».

(١٦). في « بح ، جت ، جن » : + « فيه ». وفي « ى ، بخ ، بف » والوافي : + « منه ».

(١٧). في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت » والوافيوالفقيه : « زيادة ».

١١٧

فَقَالَ : « إِنْ كَانَ بَيْعاً لَايُصْلِحُهُ إِلَّا ذلِكَ ، وَلَا يُنَفِّقُهُ(١) غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَمِسَ فِيهِ زِيَادَةً ، فَلَا بَأْسَ ؛ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَغُشُّ بِهِ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَا يَصْلُحُ ».(٢)

٧٨ - بَابُ أَنَّهُ لَايَصْلُحُ الْبَيْعُ إِلَّا بِمِكْيَالِ الْبَلَدِ(٣)

٨٨٣٤/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ بِصَاعٍ غَيْرِ صَاعِ الْمِصْرِ(٤) ».(٥)

____________________

(١). « لا ينفّقه » أي لا يروّجه ولا يجعله نافقة ؛ من النِفاق ، وهو الرواج ، ضدّ الكساد. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٩٨ ؛المصباح المنير ، ص ٦١٨ ( نفق ).

(٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٤ ، ح ١٤١ ، معلّقاً عن ابن أبي عمير.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ ، ح ٣٧٧٨ ، معلّقاً عن حمّادالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٦٨ ، ح ١٧٦٥٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١١٢ ، ح ٢٣٢٦٥.

(٣). في « جن » : - « البلد ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٨٨ : « قولهعليه‌السلام : غير صاع المصر ، أي بصاع مخصوص غير الصاع المعمول في البلدة ؛ إذ لعلّه لم يوجد عند الأجل ، ولو كان صاعاً معروفاً غير صاع البلد فيمكن القول بالكراهة أيضاً ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : بصاع غير صاع المصر. غير صاع المصر لا يرتفع به الغرر ؛ لأنّ صاع المصر هو الذي يتّفق في معرفته جميع الناس ويعرفون القيمة التي تكون بإزائه ، فإذا اتّكل البيّعان عليه واكتالا به بما رضيا من الثمن ارتفع الغرر ، وأمّا الكيل الذي لا يعرفه الناس ولا يعلمون قدره فلا يعرفون أيضاً القيمة التي تليق له ، ففيه الخطر واحتمال الزيادة والنقصان بما لا يتسامح.

بيان ذلك أنّ الغرر هو الخطر ، والخطر ناش من الجهل بالنسبة التي بين الثمن والمثمن ، فمن عرف مقدارهما وأقدم على المعاملة مع العلم بالضرر ، أو مع إمكان تحصيل العلم بالسؤال من أهل السوق ، لا يبطل بيعه ، وإنّ ما يبطل البيع هو الخطر ، أي احتمال وجود الضرر ، دون الإقدام على الضرر مع العلم به ، أو مع إمكان العلم به أيضاً ، فإذا دخل رجل بلداً غريباً واشترى شيئاً بوزن ذلك البلد بثمن لا يعرفهما لم يكن غرراً ، كأعجميّ يشتري في العراق أوقية من السكّر بخمسة أفلس لايعرف الأوقية ولا الفلوس فإنّ بيعه صحيح ؛ لأنّهما مقداران معلومان يمكنه العلم بهما بالسؤال عن أهله وليس فيه خطر ، بخلاف البيع بكيل غير معلوم ، كهذا القدح ، ووزن مجهول ، كهذا الحجر فإنّه خطر ؛ لأنّ المقدارين غير معيّنين واقعاً لا يمكن العلم بهما وخطر الزيادة والنقصان فيهما جارٍ فلا يجوز ، ويصحّ المعاملة بالدراهم مع عدم علم المشتري بوزنها وعلم الناس به وكونه مقداراً معيّناً في السوق بحيث إن احتمل ناقصاً عن وزنه المعتاد أمكن تحقيقه فليس فيه خطر ، وإنّما =

١١٨

٨٨٣٥/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ(١) ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ(٢) أَنْ يَبِيعَ بِصَاعٍ(٣) سِوى(٤) صَاعِ أَهْلِ(٥) الْمِصْرِ(٦) ؛ فَإِنَّ(٧) الرَّجُلَ يَسْتَأْجِرُ الْجَمَّالَ(٨) ، فَيَكِيلُ(٩) لَهُ بِمُدِّ بَيْتِهِ لَعَلَّهُ يَكُونُ أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ السُّوقِ ، وَلَوْ قَالَ : هذَا أَصْغَرُ مِنْ مُدِّ السُّوقِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ(١٠) ، وَلكِنَّهُ يَحْمِلُ(١١) ذلِكَ وَيَجْعَلُهُ(١٢)

____________________

= الخطر في مجهول لا يعرف إن اُريد معرفته ، مثل بعتك ما في هذا الصندوق بما في هذا الكيس ؛ فإنّه خطر ، يحتمل ما في هذا الصندوق التراب والجواهر ، وما في الكيس الخزف والذهب.

وقال الشيخ المحقّق الأنصاري قدس الله تربته : يحتمل غير بعيد جواز أن يباع مقدار مجهول من الطعام وغيره بما يقابله في الميزان من جنسه ، أو غيره المساوي له في القيمة ؛ فإنّه لايتصوّر هنا غرر أصلاً مع الجهل بمقدار كلّ من العوضين ؛ لحمل الإطلاقات سيّما الأخبار الواردة في اعتبار الكيل على المورد الغالب ، وكذا إذا كان المبيع قليلاً أو كثيراً لم يتعارف وضع الميزان لمثله. انتهى ملخّصاً ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠ ، ح ١٦٩ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٧ ، ح ٣٧٧٦ ، معلّقاً عن حمّادالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٨١ ، ح ١٧٦٧٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٧ ، ح ٢٢٧٢٠ ؛ وص ٣٧٧ ، ذيل ح ٢٢٧٨٦.

(١). في « بف » : « أصحابنا ».

(٢). في « ط ، بخ ، بس ، جد ، جن » : « لرجل ».

(٣). في « بس ، جن » وحاشية « بح » : « صاعاً ».

(٤). في « بخ ، بف » : « غير ».

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بف ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب : - « أهل ».

(٦). في « بخ ، بف ، جت » والوافي : + « قلت ».

(٧). في « جت » : - « أهل المصر فإنّ ».

(٨). في « ط ، بح » وحاشية « بخ » والوسائل والتهذيب : « الحمّال ». وفي « بخ » وحاشية « جت » : « الكيّال ». وفي « بف » والوافي : « للكيل الكيّال ».

(٩). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فإنّ الرجل ، أي المشتري. قولهعليه‌السلام : فيكيل ، أي البائع ».

(١٠). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : لم يأخذ به ، أي المشتري. وضمير الفاعل في « يحمله » إمّا راجع إلى البائع أو المشتري ، والغرض بيان إحدى مفاسد البيع بغير مدّ البلد وصاعه بأنّ المشتري قد يستأجر حمّالاً ؛ ليحمل الطعام ، فإمّا أن يوكّله في القبض ، أو يقبض ويسلّمه إلى الحمّال ويجعله في أمانه وضمانه ، فيطلب المشتري منه بصاع البلد وقد أخذه بصاع أصغر. ولا ينافي هذا تحقّق فساد آخر هو جهل المشتري بالمبيع ».

(١١). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب : « يحمله ». وفي « جت » : « يحمّله ».

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : « ويجعل ».

١١٩

فِي أَمَانَتِهِ ». وَقَالَ(١) : « لَا يَصْلُحُ إِلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ(٢) ، وَالْأَمْنَاءُ(٣) بِهذِهِ الْمَنْزِلَةِ ».(٤)

٨٨٣٦/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ يُصَغِّرُونَ الْقُفْزَانَ(٥) يَبِيعُونَ بِهَا؟

قَالَ(٦) : « أُولئِكَ الَّذِينَ يَبْخَسُونَ(٧) النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ».(٨)

٧٩ - بَابُ السَّلَمِ(٩) فِي الطَّعَامِ‌

٨٨٣٧/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ غِيَاثِ بْنِ‌

____________________

(١). في « ى ، بخ ، بف ، جت » والوافي: «فقال ».

(٢). في « ط » والتهذيب : « مدّاً واحداً ».

(٣). في التهذيب : « والأمنان ». والأمناء : جمع المـَنا مقصوراً ، وهو الذي يوزن به ، والتثنية : منوان ، وهو أفصح من المنّ.الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩٧ ( منا ).

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٠ ، ح ١٧٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٨٢ ، ح ٧٦٧٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٧٧ ، ح ٢٢٧٨٧.

(٥). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي « بف » والمطبوع : « القفيزان ». والقفيز : مكيال ، وهو ثمانية مكاكيك ، والجمع : أقفزة وقفزان. والمكاكيك : آنية يشرب فيها الخمر. راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٩٢ ( قفز).

(٦). في « بخ ، بف » والوافي : « فقال ».

(٧). البَخْس : نقص الشي‌ء على سبيل الظلم.المفردات للراغب ، ص ١١٠ ( بخس ).

(٨).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٨٢ ، ح ١٧٦٧٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٤٧ ، ح ٢٢٧١٩.

(٩). في « ط ، بخ » وحاشية « جت ، جن » : « السلف ». والسَّلَم : هو مثل السَّلَف وزناً ومعنى ، وهو اسم من أسلم وسلّم إذا أسلف ، وهو أن تعطي ذهباً أو فضّة في سلعة معلومة إلى أمد معلوم ، فكأنّك قد أسلمت الثمن إلى صاحب السلعة وسلّمته إليه. قاله ابن الأثير.

وقال الشيخ : « السلم : هو أن يسلف عوضاً حاضراً أو في حكم الحاضر في عوض موصوف في الذمّة إلى أجل معلوم ، ويسمّى هذا العقد سلماً وسلفاً ، ويقال : سلف وأسلف وأسلم ، ويصحّ أن يقال : سلم ، ولكنّ الفقهاء لم يستعملوه ، وهو عقد جائز ».

وقال المحقّق : « السلم : هو ابتياع مال مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه ، وينعقد بلفظ أسلمت وأسلفت وما أدّى معنى ذلك وبلفظ البيع والشراء ». راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٩٦ ( سلم ) ؛المبسوط ، ج ٢ ، ص ١٦٩ ؛شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٣١٧.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374