أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى0%

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 83

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي
تصنيف: الصفحات: 83
المشاهدات: 35653
تحميل: 5571

توضيحات:

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 83 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35653 / تحميل: 5571
الحجم الحجم الحجم
أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

داود أقام الله لإسرائيل مخلّصاً يسوع(١) ..

وجاء في الإصحاح الأول من الرسالة إلى رومية، في العدد الأوّل والثاني (والثالث)، ما حاصله: أن عيسى المسيح صار من نسل داود...

وجاء في الإصحاح الثاني من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، في العدد الثامن، عن قول بولس: ( أُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود ).

هذا، وقد تقدّم في الكذب الثاني والعشرين(٢) عن ثلاثة من أناجيلهم أنها تذكر أن المسيح أنكر كونه ابن داود وقال: كيف يكون ابنه؟! وذكرنا لك هنا عن أربعة من كبار أنبيائهم ورسلهم، وخمسة من كتب وحيهم، صراحتها بأنّ المسيح عيسى هو ابن داود، فانظر وقل: من هو الكاذب؟! وأين يكون الكذب في هذه المتناقضات؟!! وكم كذبة كبيرة صدرت؟!!

____________________

١- أي: عيسى.

٢- راجع ص ١٠٥. (م).

٦١

(الردّ على مزعمة الأناجيل أنّ المسيح يكذب على تلاميذه)

في الإصحاح السابع من إنجيل يوحنّا، من العدد الثاني إلى الحادي عشر، ما حاصله:

أن المسيح كان في الجليل، وكان الوقت قريباً من عيد المظالّ، فقال له إخوته أن يذهب إلى اليهوديّة(١) لكي يرى تلاميذه أعماله، فقال لهم المسيح: اصعدوا أنتم إلى هذا العيد، أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد، قال لهم هذا ومكث في الجليل، ولما كان إخوته قد صعدوا صعد هو أيضاً إلى العيد.

فكيف يكون الكذب مع قول القائل: لا أصعد بعد إلى هذا العيد، ثم يصعد؟!!

____________________

١- أي: بلاد بيت المقدس.

٦٢

(الردّ على نسبة الأناجيل الكذب إلى المسيح ويحيى)

وفي الإصحاح الحادي عشر من إنجيل متّى، في العدد الرابع عشر، عن المسيح في شأن يوحنّا المعمدان(١) ما هذا نصه:

( وإن أردتم أن تقبلوا فهذا إيليّا المزمع أن يأتي ).

وفي الإصحاح الأوّل من إنجيل يوحنا، في العدد الحادي والعشرين، أن رؤساء اليهود سألوا من يوحنّا وقالوا له: ( إيليّا أنت؟ فقال: لست أنا ).

وينتج من هذين الإنجيلين: إما نسبة الكذب إلى المسيح - وحاشاه - بقوله: إنّ يوحنّا(٢) هو إيليّا المزمع أن يأتي؛ وإما نسبة الكذب إلى يوحنا - وحاشاه - بقوله: لست أنا إيليّا.

ولنكتف بهذا المقدار من نسبة الكذب إلى الأنبياء في العهد الجديد وننتقل إلى العهد القديم.

____________________

١- أي: يحيى بن زكريّا.

٢- أي: يحيى بن زكريّا.

٦٣

(الردّ على نسبة الكذب إلى اليسع النبيّ)

جاء في سفر الملوك الثاني، في الإصحاح الثامن، في العدد السابع إلى آخر العاشر ما حاصله:

أنّ بنهدد ملك آرام(١) كان مريضاً فأمر حزائيل أن يسأل من اليسع النبيّ عن شفائه فسأله.. ونصّ العدد العاشر هكذا: ( فقال له اليسع: اذهب وقل له شفاء تشفى، وقد أراني الله أنه موتاً يموت ).

فنسبت كتبهم إلى اليسع النبيّ أنه كذب على خلاف ما أخبره الله به!

____________________

١- أي: مملكة دمشق.

٦٤

( الردّ على نسبة الكذب إلى يعقوب على أبيه إسحاق)

وجاء في التوراة الرائجة، في الإصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين (ما حاصله):

أنّ إسحاق لمّا شاخ وذهب بصره قال لابنه عيسو: أخرج وتصيّد صيداً، واصنع لي أطعمة كما أحبّ لكي آكل، حتى تباركك نفسي؛ فذهب عيسو إلى الصيد.

وكانت رفقة أمّ عيسو ويعقوب سمعت كلام إسحاق مع عيسو، وكانت تحب يعقوب، فأرادت أن تسرق ليعقوب بركة الله من إسحاق، فقالت ليعقوب: خذ من الغنم جديين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب، لكي يباركك؛ فقال يعقوب: كيف ينخدع أبي وعيسو رجل أشعر وأنا أملس؟!

فأخذت رفقة ثياب عيسو وألبستها ليعقوب، وألبست يديه وملاسة عنقه من جلود الجديين، وأعطته الأطعمة، فدخل يعقوب إلى أبيه وقال: أنا عيسو، بكرك! قد فعلت كما كلّمتني! كُل من صيدي!

فتقدّم يعقوب لإسحاق، وجسّه إسحاق، فقال: الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو! وقال له: هل

٦٥

أنت ابني عيسو؟! فقال يعقوب: أنا هو!

فقدّم له الطعام فأكل، وأحضر له خمراً فشرب، وباركه ببركة الله، وأعطاه الرئاسة والسيادة.

فقل: كم كذبة تدوّي في هذا الكلام بالخديعة والغشّ!! ويا للعجب أن بركة الله كيف تؤخذ من نبيّ الله بهذا الكذب والخداع! يأخذها بذلك من يكون بهذه البركة نبيّ الله وإسرائيل الله، عجباً عجباً للرشد والعقول!!

٦٦

(الكشف عن الكفر في كتاب (أرميا) )

تعالوا واسمعوا الداهية الكبرى، والخرافة الشنعاء، والكفر العظيم، وانظروا في كتاب ( إرميا ) الذي يعدّونه من كتب الوحي إلى الأنبياء الكبار، فقد جاء في الإصحاح الرابع، في العدد العاشر، ما نصّه:

( فقلت: أه يا سيّدي الله، حقّاً إنّك خداعاً خادعت هذا الشعب وأورشليم قائلا: يكون سلام؛ وقد بلغ السيف النفس ) انتهى.

فأعجب واندهش يا من له رشد، وقل: كيف يكون الكفر؟!!

٦٧

(الكشف عن كذب التوراة بنسبة الكذب إلى الله تعالى على آدم)

وأدهى وأشنع من ذلك أنه جاء في سفر التكوين من التوراة، في ابتداء كتب وحيهم، في الإصحاح الثاني، في العدد السادس عشر والسابع عشر، ما هذا نصّه:

( وأوصى الله الآلهة(١) آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الحسن والقبيح فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً وتموت ) انتهى.

ثم جاء في الإصحاح الثالث، من أوله إلى العدد الثامن، ما حاصله:

إن الحيّة (وفي الإصحاح العشرين من رؤيا يوحنّا، في العدد الثاني، أن الحيّة القديمة هو الذي يسمّى إبليس والشيطان) فهذه الحية أو إبليس جاءت فقالت لحواء امرأة آدم: أحقّاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنّة؟!

فقالت حواء: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة

____________________

١- في الأصل العبراني (ألهيم) معناه: (الآلهة) ويترجمونه تمويهاً: (الإله) ويا للعجب!!

٦٨

التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا.

فقالت الحيّة لحوّاء: لا تموتان، بل الله عالم بأنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين للحسن والقبيح!

فأكل آدم وحواء من الشجرة فانفتحت أعينهما بمعرفة الحسن والقبيح، وعلما أنّهما عريانان.

وفي العدد الثاني والعشرين من هذا الإصحاح ما نصّه:

( وقال الله الآلهة(١) : هو ذا آدم صار كواحد منّا، عارفاً للحسن والقبيح، والآن يمدّ يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الله الآلهة(٢) من الجنة وأقام على شجرة الحياة حراسة ومحافظة ) انتهى.

فانظر إلى هذه التوراة التي تقول: إن الشيطان أو الحية قد صدقت ونصحت في قولها، ووقع الأمر على ما قلت، فلم يمت آدم يوم أكله من الشجرة، بل فاز بمعرفة الحسن والقبيح، وصار كالله وكواحد من الآلهة، وظهر من ذلك أن قول الله لآدم: ( يوم تأكل من الشجرة موتاً تموت ) لم يكن صدقاً، بل كان

____________________

١- في الأصل العبراني (ألهيم) معناه: (الآلهة) ويترجمونه تمويهاً: (الإله) ويا للعجب!!

٢- في الأصل العبراني (ألهيم) معناه: (الآلهة) ويترجمونه تمويهاً: (الإله) ويا للعجب!!

٦٩

خديعة ومحاذرة لئلاّ يكون آدم كواحد من الآلهة، الذين منهم الله!!

غفرانك اللهمّ من ذكر هذه الكلمات، فإنك تعلم أني أردت بها تنبيه البعض من عبادك من رقدة الضلال.

٧٠

(الردّ على مزعمة العهد القديم أن الله جل وتقدّس شأنه يعلّم بالكذب)

وأيضاً تكرّر في العهد القديم أنّ الله جل وتقدّس شأنه يعلّم بالكذب ليكون وسيلة لما يريده.

فقد جاء في سفر الملوك الأول، في الإصحاح الثاني والعشرين، من العدد الرابع عشر إلى الثالث والعشرين؛ وفي سفر الأيام الثاني، في الإصحاح الثامن عشر، من العدد الثالث عشر إلى الثاني والعشرين ما حاصله:

أن ميخا بن يملة نبي الله، أرسل إليه يهوشافاط ملك يهوذا وأخاب ملك إسرائيل لكي يسألاه عمّا يقول الله في حربهما لملك دمشق؟ وأنهما هل يغلبانه كما قال أنبياء أخاب؟

فحلف ميخا وقال: حيّ هو الله، إنّ كل ما يقوله لي الله به أتكلّم.

فسأله الملك قائلا: يا ميخا، هل نصعد للقتال؟

فقال ميخا له: اصعد وافلح، فيدفع الله بلاد الأعداء ليدك.

فتحقق منه الملك؛ فقال ميخا: اسمع إذن كلام الله، قد

٧١

رأيت الله جالساً على كرسيّه، وكل جند السماء وقوف عن يمينه ويساره، فقال الله: من يغوي أخاب لكي يصعد إلى الحرب ويسقط؛ فاختلفت الآراء في المشورة، فقال هذا هكذا، وقال ذاك هكذا، ثم خرج الروح ووقف أمام الله وقال: أنا أغويه؛ فقال له الله: بماذا؟ فقال: أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه؛ فقال الله: أنت تغويه وتقدر، فاخرج وافعل هكذا! انتهى.

ويحصل من هذا أن ميخا في أوّل الأمر كذب في قوله: (اصعد وافلح وتفتح ) على خلاف ما رآه من مجلس الله للمشورة!

دع ميخا، فإن كذبه يهون بالنسبة لما بعده! ولكن تعال وانظر في حكاية مجلس الله وما حاصله، واستغفر الله أن الله عقد مجلس المشورة العامّ لأجل الاهتداء إلى الحيلة في إغواء أخاب، ولكن أهل المجلس لم يهتدوا للحيلة حتى جاء الروح وتعهّد بإغوائه بالكذب بلسان الأنبياء، فاستحسن الله هذا الرأي ورضي بهذه الكرامة لقدسه وقدرته، وللروح وللأنبياء! ووجّه الروح إلى هذه الوظيفة، فعمل الروح ونجح في إغوائه!

ولكن ميخا النبي أراد أن يبطل الفائدة لهذه المشورة، حيث شهر هذا المجلس السرّي وإرسال الروح في مأموريته الخفيّة؛ ومع ذلك فقد نجح الروح، وحصل ما هو

٧٢

المقصود من مجلس المشورة!

تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً.

٧٣

(الكشف عن مزعمة التوراة بنسبة الكذب إلى موسى وهارون)

جاء في سفر الخروج من التوراة، في الإصحاح الثالث، من العدد الثالث إلى آخر السابع عشر ما حاصله:

إن الله كلّم موسى في جبل حوريب حينما كان موسى يرعى الغنم وحده، فقال الله له: قد رأيت مذلّة بني إسرائيل فنزلت لأنقذهم من أيدي المصرّيين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيّدة وواسعة تفيض لبناً وعسلا، إلى مكان الكنعانيّين والحثيّين والأموريّين والفرزّيين والحويّين واليبوسيّين، وأعطى موسى علامة على أنه أرسله، وهو أنه حينما يخرجون من مصر يعبدون الله على جبل حوريب الذي هو جزء من جبل سينا.

ولا يخفى أن الأمكنة المذكورة إذا قسناها إلى منازل بني إسرائيل في رعمسيس من أرض مصر، فإن أقربها إليهم يبعد عنهم نحو طريق سبعة أيام أو ثمانية بالسير الحثيث، سيّما إذا كان السائرون مشاة مع عيالاتهم وأطفالهم وغنمهم؛ وإن المسافة إلى أواسط الأمكنة المذكورة تبلغ طريق اثني عشر يوماً؛ وإلى أطرافها تبلغ طريق خمسة عشر يوماً!

وأيضاً أن حوريب يبعد عن منازل بني إسرائيل في مصر

٧٤

بطريق ثمانية أيام أو أكثر، والتوراة تقول: إنّ بني إسرائيل قطعوه بثلاثة عشر منزلا في أكثر من شهرين، كما يعرف ذلك من الإصحاح التاسع عشر من سفر الخروج، والثالث والثلاثين من سفر العدد.

فإذا عرفت أن وعد الله لموسى هو إخراجهم إلى أرض فلسطين وشرقي الأردن، وعرفت المسافات التي ذكرناها، فاعلم أن التوراة تذكر أيضاً في الإصحاح الثالث، في العدد الثامن عشر، على أثر الكلام المتقدّم ذكره، أنّ الله قال لموسى ما نصّه: ( فإذا سمعوا لقولك(١) تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: إله العبرانيّين التقانا، فالآن نمضي طريق ثلاثة أيام ونذبح لله إلهنا ).

وإذا عرفت أنّ الله قد كلّم هذا الكلام موسى وحده في حوريب ولم يلق شيوخ بني إسرائيل فكيف يقول لموسى: ( تدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل إلى ملك مصر وتقولون له: إله العبرانيّين التقانا ).. متى التقى الله شيوخ بني إسرائيل؟!

وإذا عرفت أن وعد الله لموسى هو إدخال العبارانيّين إلى أرض فلسطين، وعرفت المسافات المذكورة، فكيف يأمر الله موسى وبني إسرائيل أن يكذبوا ويقولوا: ( نمضي طريق ثلاثة أيام )؟!

____________________

١- يعني بني إسرائيل.

٧٥

مع أن التوراة ذكرت في الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر العدد، في العدد الثامن، أن ما بين معبر بني إسرائيل من البحر وبين (مارّة) هو طريق ثلاثة أيام، ولا يخفى أنه لا يزيد على العشرين فرسخاً، فأين يكون طريق الثلاثة أيام، فيما يزيد على الثمانين فرسخاً، إلى أن يبلغ في أرض فلسطين وعبر الأردن نحو مائة وخمسين فرسخاً؟! فيا للعجب!!

أفليست هذه التوراة تقول: إنّ الله افتتح إرساله إلى موسى بالتعليم بالكذب الصريح مرّتين؟!

وتقول التوراة في الإصحاح الخامس من سفر الخروج، في العدد الثالث: إن موسى وهارون قالا لفرعون: إنّ إله العبرانيّين التقانا، فنذهب طريق ثلاثة أيام في البرّية، ونذبح للربّ إلهنا لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف ).

فتقول التوراة: إن موسى عمل بالتعليم بالكذب بطريق الثلاثة أيام وزاد من عنده قوله: لئلاّ يصيبنا بالوباء أو بالسيف؛ وكذا هارون، مع أن الله لم يلتقه حينما أمر موسى بالذهاب إلى فرعون!!

٧٦

( ملحق من بعض ما تركناه )

قال عبد الله الهاشمي(١) في صحيفة ١٢، في ذكر إبراهيم النبي عليه السلام: ( ملّة أبينا إبراهيم، فإنه كان حنيفاً مسلماً ) وذكر في صحيفة ٦ قول الله تعالى في سورة آل عمران:( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلكِن كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٢) .

فقال عبد المسيح، صحيفة ٣٠: إن إبراهيم إنما كان نازلا بحرّان مع آبائه تسعين سنة، لم يعبد إلاّ الصنم المسمّى بالعزّى.

ثم قال: فكان إبراهيم يعبد الصنم حنيفاً مع آبائه وأجداده وأهل بلده، كما أقررت به أنت أيها الحنيف وشهدت به، إلى أن

____________________

١- هو عبد الله بن إسماعيل الهاشمي، من أعلام القرن الرابع الهجري، أرسل رسالة إلى عبد المسيح بن إسحاق الكندي يدعوه بها إلى الإسلام، طبعت في لندن سنة ١٨٨٥م، وفي مصر ١٩١٠م، ومرّات أخرى في مطبعة النيل الإنگليزية.

انظر معجم المطبوعات العربية والمعرّبة - ليوسف إليان سركيس - ٢/١٨٨٩. (م).

٢- سورة آل عمران ٣: ٦٧. (م).

٧٧

تجلّى الله له.

ثم قال: لأنّا نجد الحنيفيّة في كتب الله المنزلة اسماً لعبادة الأصنام.

فليت شعري من أين ينسب عبادة الأصنام لإبراهيم ولم يجئ لهذا ذكر في توراته ولا كتب وحيه؟!

وأما قوله: ( إن إبراهيم إنما كان نازلا بحرّان مع آبائه تسعين سنة، لم يعبد إلاّ الصنم المسمّى بالعزّى ).. فإنه قد اشتمل على أكاذيب عديدة:

١- إنّ توراتهم تكذّب قوله هذا، فإنها تذكر في أواخر الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين أن إبراهيم كان ساكناً في أرض ميلاده، أور الكلدانيّين فيما بين النهرين(١) وبقي فيها إلى أن تزوّج وهو أخوه الأصغر منه هاران، وولد لهاران ولده لوط، ثم خرج من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان فأتى إلى حاران.. فأين نزوله تسعين سنة مع آبائه في حاران؟!

وأيضاً في الإصحاح الثاني عشر من التكوين، في العدد الرابع: أن إبراهيم لما خرج من حاران وأتى إلى أرض كنعان كان عمره خمساً وسبعين سنة.. فأين تكون التسعين سنة في حاران؟!

____________________

١- أي: دجلة والفرات، والمظنون أنه يكون في مثل نواحي ذي قار (المگيّر).

٧٨

وبمقتضى دلالة التوراة وتواريخهم: أن إبراهيم لم يسكن في حاران إلاّ سنين قليلة؛ وتواريخهم المعلّقة على توراتهم تذكر أن خروجه من بلاده - أرض الكلدانيّين - كان سنة ١٩٢٣ قبل المسيح، وخروجه من حاران كان سنة ١٩٢١ قبل المسيح، فيكون مكثه في حاران سنتين.. فأين التسعون سنة؟!

٢- إن إبراهيم لم يكن له آباء وأجداد في حاران.

٣- إن عبد الله الهاشمي لم يعترف ولم يشهد بأن إبراهيم كان عابد وثن، وإنما ذكر من القرآن الكريم أنه كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين، فما هذه الأكاذيب المتتابعة؟!

وأيضاً، أين عبد المسيح عن مقدّسه كتاب العهد الجديد؟ فإنه يذكر في أعمال الرسل، في الإصحاح السابع، في العدد الثاني: أنّ الله ظهر لإبراهيم وهو فيما بين النهرين قبلما سكن في حاران، وأمره بالخروج إلى الأرض التي يريه الله إيّاها وهي أرض كنعان، فخرج بأمر الله ووحيه.

فإبراهيم دخل حاران وسكن فيها وهو نبي موحى إليه.. فأين تكون عبادته للأصنام في حاران؟!

هب أن في الكذب للكاذب شرفاً وديناً، ولكن ما ذنب إبراهيم مع عبد المسيح - الشخصي أو النوعي - حتى يرمي قُدسه بعبادة الأصنام، ويكذب عليه بهتاناً وزوراً؟!

٧٩

ومن الظرائف قول عبد المسيح: لأنّا نجد الحنيفيّة في كتب الله المنزلة اسماً لعبادة الأصنام!

وياللعجب! هذه الكتب التي يزعم عبد المسيح وأصحابه أنها منزلة من الله بين أيدينا، وليضمّوا إليها أيضاً ما رفضته المجامع، وما رفضه البروتستنت من كتبهم، ويرونا أين يوجد فيها أن الحنيفية اسم لعبادة الأصنام؟!

أفلا يعلمون أن في المسلمين من قرأ كتبهم حرفاً حرفاً؟! ولكن ماذا نقول؟!!

لا تنتهي الأنفسُ عن غيِّها

ما لم يكن منها لها زاجر

٨٠