نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية18%

نشأة الشيعة الامامية مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 318

  • البداية
  • السابق
  • 318 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16798 / تحميل: 7269
الحجم الحجم الحجم
نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية

مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

الإهداء

إلى أبي ...

إلى أبي الّذي أنار لي هذا الطريق

ورحلَ ولم يرَ ثمرة جُهوده

نبيلة عبد المـُنعم

٣

٤

المُقدّمة

الشيعة فِرقةٌ مِن أكبر الفِرَق الإسلاميّة التي ظهرتْ بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وقد تطوّرت هذه الفِرقة وانقسمت إلى فِرَقٍ عديدة، مِن أبرزها وأهمها الإماميّة التي كُتب لها الاستمرار؛ لذلك كان هذا الموضوع - نشأة الشيعة الإماميّة - جديراً بالدراسة والبحث.

إنّ بحثَ هذا الموضوع لا يخلو مِن عقباتٍ؛ وذلك لكثرة المصادر والمادّة التي تُقدّمها، فالمصادر غير الإماميّة تُقدّم مادّةً لا يُستهان بها، إلاّ أنّها لا تخلو مِن تناقض، إذ ليس هناك تمييز بين الإماميّة وبين غيرها مِن فِرق الشيعة، كما أنّ هذه المعلومات قد تتأثّر أحيانا بأهواء كاتبيها، لذلك كان اعتمادي على المصادر الإماميّة؛ لإعطاء صورةٍ واضحةٍ عن نشأة الإماميّة لوفرة مادّتها ووضوحها.

اشتملت الرسالة على دراسة نشأة الشيعة الإماميّة، وقد ابتدأتُ مِن عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم )؛ وذلك لأنّه بدون الرجوع إلى هذه الفترة لا يُمكن توضيح النشأة الأُولى للشيعة، وقد قسّمتُ الرسالة إلى خمسة فصولٍ:

الفصل الأوّل: دراسة للمصادر التي بحثتْ عن الشيعة الإماميّة، والمصادر الإماميّة وقسمتها إلى مجموعاتٍ بالنسبة لزمن كاتبيها.

أمّا الفصل الثاني: كان دراسةً تاريخيّةً لنشأة وأصل التَشيُّع، ثُمّ مُناقشة الآراء حول بداية التَشيُّع وتطوّره في ضوء الأحداث الرئيسيّة الّتي مرّتْ به.

والفصل الثالث: دراسة للإمامة بنظرِ الشيعة، وبحث إمامة عليّ بن أبي طالب وأدّلة إمامته عند الشيعة، ثُمّ إمامة الأئمّة مِن بعده إلى نهاية إمامة الباقر، كما بحثتُ فيه الدعوة العباسيّة وصلتها بالشيعة.

٥

أمّا الفصل الرابع: فيبحث عن سياسة العباسيّين تجاه الشيعة بما فيهم زيديّة وإماميّة، كما يبحث عن الثورات الزيديّة وموقف الإماميّة مِن هذه الثورات، وعلاقة الشيعة الإماميّة بالعباسيّين.

والفصل الخامس: يبحث في الإمامة، فيبداً مِن إمامة الصادق وأدلّة إمامته، ثُمّ إمامة باقي الأئمّة حتّى نهاية إمامة الإمام الثاني عشر، كما يبحث عن الغَيبَة وظروفها، ثُمّ بحث نظريّة الإمامة عند الشيعة الإماميّة وما اتّصل بها مِن عقائد.

أمّا أساس المنهج الذي سلكته في بحثي، فيعتمد على دراسة النصوص التاريخيّة وما فيها مِن غموضٍ وتضارب أو تشابه، ثُمّ تحليلها واستخلاص النتائج منها، كما كان اهتمامي بدراسة الأحداث التاريخيّة وربطها بظروفها، ثُمّ دراسة ما تكون منها مِن عقائد وأفكار.

وبعد، فأرجو أنْ أكون قد وُفّقتُ في إعطاء صورةٍ عن بعض الجوانب المهمّة مِن تاريخنا.

ويسرّني أنْ أتقدّم بخالص شُكري وتقديري إلى أُستاذي الدكتور عبد العزيز الدوري؛ لِما تقدّم به مِن إرشادات وتوجيهات قيّمة كان لها الفضل الأكبر في إبراز هذه الرسالة، كما أشكر أُستاذي الدكتور صالح أحمد العلي؛ لِما أبداه مِن مُساعدةٍ وتوجيه، والدكتور حسين محفوظ لإعارتي بعض الكُتب وزميلاتي موظّفات مَكتبة معهد الدراسات الإسلاميّة العُليا: ابتسام الصفّار، وأديبة عريم، وفائزة عبد القادر.

نبيلة عبد المـُنعم داود

٦

الفصل الأوّل

١ - دراسة للمصادر

أ - المصادر التاريخيّة

ب - كُتب الفِرَق

ج - المصادر الإسماعيليّة

د - كُتب أهلِ السُنّة

هـ - كُتب الاعتزال

و - كُتب الإماميّة

٧

٨

إنّ مصادر دراسة الشيعة الإماميّة تتكوّن مِن: المصادر التاريخيّة، ومِن كُتب الفِرَق الّتي تتناول بحث عقائد الإماميّة وفِرقهم، ومِن المصادر الإسماعيليّة التي تتناول الإماميّة، ومِن كُتب الاعتزال، ومِن كُتب أهل السُنّة التي تروي أخبار الأئمّة، ومِن المصادر الإماميّة التي تُعطينا صورةً واضحةً عن الشيعة الإماميّة ومبادئهم.

أ - أمّا المصادر التاريخيّة، فتُفيدنا مِن ناحية التطوّر التاريخي لحركةِ الشيعة في ضوءِ الأحداث التي مرّت بها.

(١) وتأتي معلوماتنا التاريخيّة الأُولى عن الأخباريّين الّذين كانوا رواد الكتابة التاريخيّة، ومِن هؤلاء: أبو مِخنف لوط بن يحيى ( ت ١٧٠ هـ )، وقد بدأ بكتابة تاريخ بعض الأحداث بكُتب مُفردة(١) ، وأشهرت كُتبه التي وصلتنا:مقتل الحسين ، وكتابأخبار المـُختار، ففي مقتل الحسين يُعطينا صورةً واضحة عن الحوادث التي جرتْ منذ خُروج الحسين مِن المدينة حتّى مقتله، وتبدو فيها ميول أبي مِخنف الشيعيّة والعراقية، وهذا ما نُلاحظه في حديثه عن مقتل المـُختار. ومعلوماته ذات قيّمة؛ لأنّها أصبحت مادّةً للمؤرّخين فيما بعد، وبالأخص البلاذري والطبري، كما أنّ معلوماته موّثوقٌ بها عند الشيعة الإماميّة، حيث ورد ذِكره في كُتب الرجال، فقد ذكره الطوسي في رجاله(٢) .

____________________

(١) بروكلمان: تاريخ الأدب العربي ج٣ ص ٣٦.

(٢) الطوسي: الرجال ص ٧٩.

٩

(٢) ثُمّ نَصر بن مُزاحم بن سيار المِنقري الكوفي ( ت ٢١٢ هـ )، حيث يُزوّدنا كتابه:( صِفّين ) بمعلوماتٍ وافيةٍ عن وقعة صِفّين تُعدّ مِن أقدم المعلومات التاريخيّة التي اعتمد عليها البلاذري والطبري، إذ يُظهِر لنا أنصار عليٍّ وشيعته في تلك الموقعة، ودورهم فيها وتطوّر الأحداث حتّى خُروج الخوارج.

وتبدو ميول نصر العلويّة في روايته لأحداث صِفّين، كما تَظهر ميوله العراقيّة فهو كوفي كما أنّه شيعي. ذكره ابن النديم في الفهرست(١) ، وعدّه الطوسي مِن أصحاب الإمام الباقر(٢) .

(٣) ومِن المـُؤرّخين الأوَّلين الذين تناولوا الشيعة: أبو حنيفة الدينوري ( ت ٢٧٦ هـ ) في كتابه:( الأخبار الطوال ) ، فبالرغم مِن الإيجاز في الكتاب فقد أورد معلوماتٍ وافيةً عن خلافة عليّ بن أبي طالب وحرب الجمل وصِفّين، كما ذَكر أخبار الحسن بن عليّ وتنازله، ثُمّ يذكر أخبار المـُختار بن عُبيد الثقفي بشيءٍ مِن التفصيل، ثُمّ يُعطي معلوماتٍ عن الدولة العبّاسيّة وبدء الدعوة، ولكنّه بعد الدعوة لا يَذكر شيئاً عن الشيعة، ولا يتناول سياسة العباسيّين تجاههم إلاّ نادراً.

وتظهر أهميّة المعلومات التي يوردها الدينوري لقِدَم فترتها، فهي البدايات بالنسبة لتاريخ الشيعة.

(٤) ويُعطي أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري ( ت ٢٧٩ هـ ) في كتابه:( أنساب الأشراف ) مَعلوماتٍ مُفصّلة عن الشيعة، فيبدأ بذِكر أخبار عليّ بن أبي طالب مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم )، ويروي حديث المـُؤاخاة وحديث الراية يوم خَيبر وحديث الغدير، ولهذا الحديث أهميّة عند الشيعة، وقد رواه البلاذري بالرغم مِن أنّه لم يكنْ شيعيّاً، ويبدو أنّ أخباره موثوقٌ بها عند الشيعة، كما يبدو مِن قول المرتضى في( الشافي ) : ( وقد روى أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، وحاله في الثقة عند العامّة والبعد عن مُقاربة الشيعة

____________________

(١) ابن النديم: الفهرست ص ٩٣. أمّا عن المراجع وسَنة الطبع اُنظر عن ذلك: ثبت المراجع.

(٢) الرجال: ص ١٣٩.

١٠

والضبط لِما يرويه معروفٌ )(١) .

ثُمّ يورد أخباراً عن خلافة عليٍّ وعن وقعة الجَمل وصِفّين، وتتّصف أخباره بكونها مُفصّلة، فيذكر قصّة مَقتل عليّ، ثُمّ يَذكر أولاد علي، فيذكر أخبار الحسن ويتكلّم عن أولاد الحسن؛ لأنّه لا يلتزم بالتَسلسل التاريخي وإنّما يسير في ذِكر الأخبار على الأنساب، فيبدأ بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) والعلويّين، ثُمّ العباسيّين ويُتبعها بذكر أخبار الأُمويّين.

ويورد أخبار محمّد النفس الزكيّة وإبراهيم أخيه، ثُمّ يذكر أخبار الحُسين ومقتله بشيءٍ مِن التفصيل، ثُمّ يتكلّم عن زيد بن عليّ وثورته وأخباره مع الإمام الباقر.

كما يورد أخبار المـُختار بن أبي عبيد الثقفي، ويتكلّم عن العباسيّين فيذكر العبّاس بن عبد المـُطلب وابنه عبد الله بن العبّاس ثُمّ محمّد بن عبد الله، ويذكر انتقال الخلافة إلى بني العبّاس، والكلام عن الدعوة العباسيّة وأخبار الخُلفاء العباسيّين، إلاّ أنّه لا يروي أخبار العلويّين وباقي الأئمّة(٢) .

(٥) وقد بحث أحمد بن طاهر الملقب ب طيفور ( ت ٢٨٠ هـ ) في كتابه ( بغداد ) أخبار المأمون مع العلويّين وولاية عليّ بن موسى الرضا لعهد المأمون، والقسم الأوّل مِن الكتاب مفقود، والموجود لدينا يتّصل بعصر المأمون.

(٦) ويأتي بعد هذا أحمد بن يعقوب بن أبي جعفر بن وهب بن

____________________

(١) الشافي في الإمامة: ص ٢٠٧.

(٢) وقد اعتمدّتُ على نسخة الرباط لمخطوطةأنساب الأشراف ؛ لأنّ فيها معلومات غير موجودة في نسخة استانبول التي اعتمد عليها محمّد حميد الله حينما نشر الجُزء الأوّل مِن كتابأنساب الأشراف ، ففي ذِكر أخبار الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) يذكر خبر حجّة الوداع، ولا يذكر خَبر غدير خُم، وإنما يذكر وفاة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثُمّ السقيفة.

وكذلك في الجُزء الرابع والخامس طبعة القُدس سَنة ١٩٣٦، حيث أنّ المعلومات المذكورة عن ثورة الحسين ومقتله ليست مُطابقةً لِما في نسخة الرباط؛ إذ أنّ نسخة الرباط فيها تفصيلات أكثر، وكذلك فيما يتعلّق بأخبار المـُختار.

١١

واضح الكاتب الأخباري ( المشهور باليعقوبي ) المـُتوفّى سنة ٢٨٢ هـ فيُقدّم معلوماتٍ هامةٍ عن تاريخ الشيعة، وكان اليعقوبي مولى لبني العبّاس، وكان جده مِن موالي أبي جعفر المنصور، ولكنْ بالرغم مِن صلته بالعباسيّين لم يستطع أنْ يُخفي ميوله العلويّة في كتاباته، إلاّ أنّه كان مُعتدلاّ، فقد روى أخبار عليّ بن أبي طالب مع الرسول، وأكّد حديث الغدير بعد حِجّة الوداع، وبيّن أهميّته بالنسبة لاعتقاد الشيعة الإماميّة، وأورد أحداث خلافة عليٍّ وحُروبه في الجمل وصِفّين، ثُمّ خلافة الحسن وأخبار الحسين والتوّابين والمـُختار، كما تكلّم عن الدولة العبّاسية وبدءِ الدعوة وأخبار الشيعة مع العباسيّين، إلاّ أنّ الأخبار التي يذكرها مُختصرة تمشيّاً مع الخطّة التي التزمها في الإيجاز.

وقد تناول الأئمّة الاثني عشر إلى الإمام علي الهادي، وذكر تاريخ كلّ إمامٍ: سَنة ولادته ووفاته وشيئاً مِن أخباره ونُبذاً مِن أقواله بشيءٍ مِن الإيجاز(١) .

(٧) أمّا محمّد بن جرير الطبري ( ت ٣١٠ هـ )، فيُزوّدنا تاريخه:( الرُسل والمـُلوك ) بمعلوماتٍ عن نشأة الشيعة وتَطوّرها، وتمتاز معلوماته بكونها مأخوذةً مِن مصادر مُتعدّدة، ويروي الحوادث بشيءٍ مِن التفصيل.

وكان الطبري شافعيّاً، إلاّ أنّه أسّس مذهباً خاصّاً به تبعه عليه بعض العُلماء، وقد ظهر ذلك في كتاباته ومع أنّه لا يُعطي رأيه في الأحداث التي يرويها، إلاّ أنّه انتقى مِن الروايات الكثيرة التي توفّرت له، وقد روى أخبار عليٍّ مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم )، وذَكر خبر المؤاخاة وحديث الراية وحديث المـَنزلة كما ذَكر خبر حِجّة الوداع، إلا أنّه لم يَذكر حديث الموالاة - أو حديث الغدير - مع العِلم أنّ المصادر الإماميّة تَذكر أنّ له كتاباً حول غدير خُم(٢) ، وقد ذكر ياقوت أنّ له كتاباً في فضائل علي(٣) ، كما ذكر ذلك الذهبي وسمّاه

____________________

(١) اليعقوبي: التاريخ ج٣ ص ٢٤٥.

(٢) اُنظر الطوسي: الفهرست ص ١٧٨، النجاشي: الرجال ص ٢٤٦، ابن شهراشوب: معالم العُلماء ص ١٠٦، ابن طاووس: اليقين في إمرة أمير المؤمنين ص ٩٦.

(٣) ياقوت: مُعجم الأُدباء ج٦ ص ٤٥٢.

١٢

كتاب الولاية(١) .

كما ويورد لنا الطبري معلومات مُفصّلة عن السقيفة، ثُمّ عن خلافة عليّ بن أبي طالب وعن وقعتي الجَمل وصِفّين، وهو في هذا يأخذ معلوماته عن رواة عراقيّين، ومع أنّه اعتمد بالدرجة الأُولى في الجَمل على أبي مِخنف، وفي صِفّين على نصر بن مزاحم، إلا أنّه لا يأخذ بوجهة نظر الشيعة(٢) .

ويبدو أنّ الطبري يهتمّ اهتماماً كبيراً بالثورات، فيُعطي أهميّةً لثورة الحسين ويشرحها بالتفصيل، معتمداً في روايته لأحداثها على أبي مِخنف، وكذا في حركة التوّابين والمـُختار، وتتشابه معلوماته مع معلومات البلاذري في هذه الفترة.

ويتحدّث الطبري بشيءٍ مِن التفصيل عن الدعوة العبّاسية، ويهتمّ بذِكر ثورات أبناء الحسن، ولا يذكر إلاّ القليلاً عن الشيعة الإماميّة، كما أنّ معلوماته عن الأئمّة وصلتهم بالعباسيّين قليلة.

(٨) أمّا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي ( ت ٣٤٦ هـ )، فيُعطي في كتابه:( مُروج الذهب ومعادن الجوهر ) أخبار عليّ بن أبي طالب والأحداث في عهده ولكنّها أخبار مُختصرة.

ويمتاز المسعودي بأنّه ينفرد بذِكر أخبارٍ لا تَرد عند بقيّة المـُؤرّخين(٣) ، كما أنّه يتكلّم عن الفِرَق، فهو يتحدّث عن فِرَق الكيسانيّة وأصلها، ويتحدث عن الزيديّة ويَذكر فِرقهم، ثُمّ يتكلّم عن الشيعة الإماميّة ويذكر بعض فِرَقهم، كما يذكر أخبار الأئمّة الاثني عشر حتى يصل إلى ذِكر

____________________

(١) الذهبي: تاريخ الإسلام ج ص ١٩٥.

(٢) يذكر نصر بن مُزاحم في روايته لأحداث صِفّين مجموعةً مِن الأشعار والأراجيز التي تُشير إلى كون عليّ وصي النبيّ، ولا تَرِد هذه عند الطبري بالرغم مِن اعتماده على نصر في رواية أحداث صِفّين.

(٣) مُروح الذهب: ج٣ ص ٨٣ - ٨٤ في كلامه عن المختار ثُمّ في كلامه على فرق الزيديّة، حيث يُعدّد فئاتٍ غير موجودة عند كتاب الفِرق، اُنظر: مروج الذهبي: ج٣ ص ٢٢٠.

١٣

الإمام الثاني عشر(١) ، إلاّ أنّ أخباره مُختصرة، ولعلّ ذلك يعود إلى أنّ المسعودي قد استوفى ذِكر هذه الأخبار في كُتب مُنفصلة؛ لذلك نراه يُشير إلى هذه الأخبار ويذكر أنّه تَحدّث عنها بالتفصيل في كُتبه أمثال: كتاب( المقالات في معرفة الديانات ) (٢) وكتاب( سِرّ الحياة ) (٣) وكتاب( الصفوة في الإمامة ) (٤) وكتاب( حدائق الأذهان في أخبار آل محمّد ) ، وكذلككتاب الوسيط وكتاب أخبار الزمان وقد طُبِع قسمٌ منه، ولكنّ هذه الكُتب لم تصلنا.

(٩) وفي كتابه( التنبيه والإشراف ) تناول المسعودي ظُهور الإسلام وحياة الرسول والخُلفاء وأخبار العلويّين وثورات أبناه الحسن، إلاّ أنّ الأخبار مُختصرة ولكنّه يأتي بمعلومات لا توجد في كُتب التواريخ، كما يتحدّث عن الفِرَق مِثل الشيعة الإماميّة ورأيهم في الإمامة(٥) .

(١٠) أمّا مُطهّر بن طاهر المـَقدسي ( ت ٣٥٥ هـ )، فيورد في كتابه:( البدء والتاريخ ) معلومات عن صفة النبي وأخباره، وأخبار الصحابة أمثال: سلمان الفارسي وأبي ذر وعمّار بن ياسر.

ويُخصّص المـَقدسي فصلاً في ذِكر ( مقالات أهل الإسلام )، يتحدث فيه عن سبب الاختلاف في الإمامة، ويُعدّد الفِرَق فيذكر فِرَق الشيعة ويقول: ( منهم الغالية الغرابيّة والقطعيّة والبيانيّة والكيسانيّة والسبأيّة ...، ويجمعهم الزيديّة والإماميّة(٦) .

فالمـَقدسي يَخلط بين فِرَق الشيعة، ومعلوماته في هذا الباب تختلف عن كِتاب الفِرَق، فهو يُدخل الغلاة ضمن فِرَق الشيعة، ثُمّ يذكر فِرَقاً هي عند مُؤرّخي فِرق الشيعة مِن الغُلاة، كالسبأيّة والغرابيّة وغيرهم ويجعلها فِرَقاً

____________________

(١) مُروج الذهب: ج٤ ص ١٩٩.

(٢) ن. م ج٣ ص ٢٢٠.

(٣) ن. م ج٤ ص ١٩٩.

(٤) ن. م ج٤ ص ٢٧.

(٥) التنبيه والإشراف: ص ٢٣١.

(٦) المقدسي: البدء والتاريخ ج٥ ص ١٢٤.

١٤

قائمة بذاتها، وحين يتحدّث عن هذه الفِرَق يتكلّم عن الإماميّة، ثُمّ يتكلّم عن الزيديّة وعن المغيريّة والبزيغيّة والقطعيّة والواقفة، وحينما يُعدّد أصناف الزيديّة لا يَذكر إلاّ الجاروديّة فقط(١) .

ثُمّ يَذكر المقدسي أخبار خلافة عليٍّ والحسن ومَقتل الحسين والمـُختار، وكذلك أخبار الخُلفاء العباسيّين وثورات أبناء الحسن، إلاّ أنّ الأخبار التي يذكرها مُختصرة.

(١١) ويُعطي أبو الفرج الأصفهاني ( ت ٣٥٦ هـ ) معلوماتٍ وافيةً ومُفصّلةً عن آل أبي طالب ومَن قُتل منهم، في كتابه:( مقاتل الطالبيين ) ، وقد قَسّم الأصفهاني كتابه إلى أقسام، فذَكر مَن قُتل مِن آل أبي طالب في بدء الإسلام، ثُمّ مَن قُتل منهم في أيّام الدولة الأُموية وأيام الدولة العباسية، وهو في ذِكر هذه الأخبار لا يقتصر على ذِكر مقاتل آل أبي طالب، وإنّما يورد ترجمةً لكلّ مَن قُتل منهم، مع ذِكر أخباره ونَسبه وسبب قَتلِه وما قيل فيه مِن المراثي والأشعار، ثُمّ ذكر أخبار الخُلفاء العباسيّين وسيرتهم مع آل أبي طالب، فهو تاريخٌ لآل أبي طالب في أيّام الأُمويّين والعباسيّين، كما أنّه يكشف عن العلاقة بين فرعي الهاشميّين: العلويّين والعباسيين، والنزاع المـُستمر بينهما ودور أبناء الحسن بن عليٍّ في الثورات ضدّ الحُكم العبّاسي.

(١٢) وهناك مخطوَطة بعنوان:( أخبار العبّاس وأولاده ) مجهولة المـُؤلِّف، والكتاب يبدأ بذِكر العبّاس بن عبد المـُطلب ومنزلته مِن النبيّ وأخباره مع النبي، ثُمّ ذِكرِ أولاد العبّاس، والكلام عن عبد الله بن عبّاس ومنزلته وعلمه وأخباره مع الأُمويّين، ويذكر أخبار الإمامة، ويقصد بها إمامة آل العبّاس، وكيفيّة انتقالها إليهم عن طريق محمّد بن الحنفيّة، مع ذِكر ثورة زيد بن عليٍّ وموقف آل العبّاس منها، وهذه المعلومات غير مُتوفّرة في كُتب التواريخ الأُخرى ولا سيّما في أخبار الدعوة العباسيّة، فيذكر صاحب المـَخطوط أسماء الدُعاة العباسيّين وأسماء النُقباء وأساليب الدعاة، كما أنّه

____________________

(١) المقدسي: البدء والتاريخ ج٥ ص ١٣٣.

١٥

يجعل بدء الدعوة بفترةٍ أسبق ممّا جعلها الطبري وبقيّة المـُؤرِّخين، وينتهي إلى انتقال الخلافة إلى العباسيّين وتولّي السفّاح الخلافة.

ويبدو مِن المعلومات التي يُزوّدنا بها صاحب المخطوطة أنّ له صِلةً بآل العبّاس؛ لأنّ المعلومات التي يرويها لا يُمكن أنْ يذكرها إلا مَن كان مُطّلعاً على الدعوة أو أحد رجالها.

ويعتقد الدكتور الدوري أنّ المعلومات التي أوردها صاحب المخطوطة قد أخذها مِن الحَلقة الداخليّة مِن رجال الدعوة العباسيّة، ومِن رجال الدعوة والدُعاة البارزين المـُتّصلين بالعباسيّين دون أفراد الأُسرة العباسيّة(١) .

كما أنّ أُسلوب الكِتاب ومصادرة تُشير إلى أنّه كُتب حوالي مُنتصف القرن الثالث الهجري(٢) .

وقد روى صاحب المخطوطة عن مُعاصرين اتّصل بهم كالبلاذري، فمرّةً يَذكر: قال البلاذري، وأخرى حدّثنا البلاذري(٣) .

(١٣) ويُعطينا صاحب( العيون والحدائق ) أخباراً عن الشيعة أيّام الأُمويّين، وأخبارهم مع العباسيّين وثورات أبناء الحسن، كما يتحدّث عن الدعوة العباسيّة.

وتتشابه معلوماته مع معلومات الطبري، إلاّ فيما يتعلّق بأخبار الدعوة العباسيّة، فإنّه يَنفرد بمعلوماته(٤) .

____________________

(١) الدكتور الدوري: ضوء جديد على الدعوة العباسيّة، مقالة في مجلّة كُلّية الآداب والعلوم: العدد الثاني ١٩٥٧ ص ٦٦.

(٢) ن. م ص ٦٤.

(٣) أخبارهم العبّاس الورقة ٣٦ ب، ٦٥ آ، ٧٣ آ وقد اختصر هذا الكتاب مؤلّف مَجهول في القرن الحادي عشر، وقد ذَكر نفس الأخبار ولكن بإيجاز، وفي مُقدّمة المـُختصر ما يُلقي ضوءاً على شخصيّة المؤلّف، فقد ذَكر صاحب المـُختصر في كلامه: ( وقد دعاني إلى ارتدئ، وذكر العبّاس بن عبد المـُطلب لبانة في نفس وأرب يخصني، وذاك أنّي أنتسب إلى ولاءٍ في هذا البيت الشريف شرعي؛ لأنّ جدّي الذي أنتسب إليه مِن إحدى طرفَي وثاب كان مُكاتباً لعبد الله بن عبّاس.. ثُمّ يذكر أن وثاب تزوج فولد له يحيى صاحب طريقة في قراءة القرآن )، وبعد هذا لا يَذكر شيئاً، ويصل في أخباره إلى خلافة السفّاح ويَذكر خُطبته. نبذة مِن كتاب التاريخ: الورقة ٧.

(٤) العيون والحدائق: ص ١٨٠ - ١٨١.

١٦

وصاحب الكتاب مجهولٌ، والقسم المـُتوفّر مِن كتابه يبدأ مِن خلافة الوليد بن عبد المـَلك إلى خلافة المـُعتصم، وهو الجزء الثالث، ثُمّ الجزء الرابع، ويبدأ مِن حوادث ٢٥٦ هـ - ٣٥١ هـ وهذا الجزء مخطوط لم يُطبع بعد.

(١٤) أمّا مسكويه (ت ٤٢١هـ ) فيسير في رواية الأحداث في كتابه:( تجارب الأُمم ) على طريقة الطبري، فلا يأتي بجديد في معلوماته، والقسم الموجود مِن كتاب مسكويه الجُزء الأوّل ويبدأ مِن سنة ١ هـ - ٤٠هـ نشره كايتاني، وتوجد مَخطوطة تبدأ مِن حوادث سَنة مِن سنة ١٠٤هـ - ١٣٤هـ يتناول فيها أخبار الدعوة العباسيّة، وهو في هذا لا يأتي بأكثر ممّا جاء به الطبري، إلاّ قليلاً.

ثُمّ نُشر قسمٌ آخر مِن تجارب الأُمم يبدأ مِن سنة ٢٩٨هـ - ٢٥١ هـ، وهو في هذا القِسم لا يأتي بجديد أيضاً، فيروي أخبار الطالبيّين مع المأمون وثوراتهم، ويفصل في ذِكر ثورة أبي السرايا مع ذِكر مَن ثار منهم بعده.

(١٥) وذَكر محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني - المعروف بابن الأثير الجزري - ( ت ٦٣٠ هـ ) في كتابه:( الكامل في التاريخ ) نفس الأحداث التي أوردها الطبري، وسار على طريقته في ذِكر الحوادث مع إضافات، وقد ذَكر ذلك في خطبة كتابه حيث يقول: ( إنّي قد جمعت في كتابي هذا ما لم يُجمع في كتابٍ واحد ...، فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المـُعوّل عليه عند الكافّة ...، فأخذتُ ما فيه مِن جميع تراجمه ولم أُخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذَكر هو في أكثر الحوادث روايات ذات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقلّ منها، وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه فقصدّت أتمّ الروايات، فنقلتها وأضفتُ إليها مِن غيرها ما ليس فيها )(١) .

(١٦) ويروي ابن الطقطقي ( ت ٧٠٩ هـ ) في كتابة: ( الفخري في الآداب السُلطانيّة ) أخبار عليّ بن أبي طالب مع النبيّ، ثُمّ أخبار الشيعة مع

____________________

(١) الكامل في التاريخ: ج١ ص ٥.

١٧

الأُمويّين، وأخبارهم مع العباسيّين، وذَكر أخبار الأئمّة والثورات التي قام بها أبناء الحسن، وهو في روايته للأحداث لم يستطع أنْ يُخفي مُيوله العلويّة.

(١٧) أبو الفدا ( ت ٧٣٢ هـ ) يذكر في كتابه:( المـُختصر في أخبار البشر) خلاصةً عن ما أورده مِن سَبَقه مِن المـُؤرّخين.

(١٨) ويعطي شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨هـ ) في كتابه: ( تاريخ الإسلام) تراجم للصحابة، ويذكر بعض الأخبار التي تهتمّ بها الشيعة، كذِكر حادثة الغدير وغيرها مِن الحوادث، ويأخذ عن الطبري.

(١٩) ويسير ابن كثير ( ت ٧٧٤ هـ ) في كتابه: ( البداية والنهاية في التاريخ ) على طريقة الطبري وابن الأثير في روايته للأحداث، ويأخذ عن الذهبي في بعض الروايات.

(٢٠) ابن خلدون ( ت ٨٠٨ هـ ) يسير على طريقٍ يختلفُ عن بقيّة المـُؤرّخين، فهو لا يكتفي بسرد الحوادث، وإنّما يُحاول أنْ يجدَ فلسفةً وأسباباً للأحداث، فيَذكر في مُقدّمة كتابه:( العِبَر وديوان المـُبتدأ والخبر ) فصلاً عن المِلل، ويتحدث عن الشيعة وبداية ظُهورهم، وسبب ظهور الفِرَق، ثُمّ يورد في العِبَر الأخبار الواردة عند المـُؤرّخين.

(٢١) وأحسن ما كَتبه المقريزي ( ت٨٤٥ هـ ) فائدةً في بحث الشيعة كتابه: ( النزاع والتخاصم فيما بين أُميّة وهاشم ) ، فقد ذَكر العلاقة بين هاشم وأُميّة والعداء بينهما، ومَن قُتل مِن بني هاشم أيّام بني أُميّة.

(٢٢) ويذكر في كتابه:( الخُطط ) أخباراً مُتفرّقة عن الشيعة وبداية ظُهورهم، وعن الرافضة.

(٢٣) أمّا السيوطي ( ت ٩١١ هـ ) في كتابه: ( تاريخُ الخُلفاء ) ، فيتناول أخبار كلّ خليفةٍ، وتاريخ الشيعة وأخبارهم مع الأُمويّين والعباسيّين.

(٢٤) ويُعطي ابن الشحنة ( ت ٨١٥ هـ ) في كتابه:( روضةُ المناظر في أخبار الأوائل والأواخر ) والقرماني ( ت ١٠١٩ هـ ) في كتابة:( أخبار الدول

١٨

وآثار الأول ) معلوماتٍ كالتي أوردها المـُؤرّخون الذين سبقوهما، إلاّ أنّهما يُزيدان في ذِكر أخبار الأئمّة ونُبَذٍ مِن أقوالهم.

ب - أمّا كُتُب الفِرَق غير الشيعيّة، فتبحث في تكوين الفِرَق ومنها الشيعة مع ذكر آرائها واختلافاتها.

(٢٥) فيذكر أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري ( ت ٣٢٤ هـ )، في كتابه:( مقالات الإسلاميّين واختلاف المـُصلّين )، الشيعة ويُقسّمهم إلى ثلاث فِرق:

الغُلاة، ويقسمها إلى خمس عشرة فِرقة.

ثُمّ الرافضة، ويُقسّمهم إلى ٢٤ فِرقة، ويُدخل ضمنهم الكيسانيّة، والظاهر أنّه يقصد بالرافضة الإماميّة؛ لأنّه يذكر القطعيّة والواقفة وهؤلاء مِن الإماميّة، بالإضافة إلى هذا يذكر البيانيّة ويعدّها مِن الإماميّة، بينما هي مِن الغُلاة.

ثُمّ يذكر الزيدية، ويُقسّمها إلى ثلاثة أصناف: الجاروديّة والبتريّة والسليمانيّة، وكُلّ هذه الفِرَق يُقسّمها إلى فِرق أُخرى.

وبالإضافة إلى ذلك يذكر مَن خرج مِن آل أبي طالب مُنذ أيّام الأُمويّين حتّى نهاية أيّام المـُكتفي العبّاسي، وكذلك يذكر رأي الشيعة في الإمامة وأقوالهم في الوعد والوعيد والتجسيم والقضاء والقدر.

(٢٦) ويذكر أبو بكر محمّد بن الطيّب بن الباقلاّني ( ت ٤٠٣ هـ )، في كتابة:( التمهيد في الردّ على المـُلحدة والمـُعطّلة والرافضة والخوارج والمـُعتزلة ) ، إمامة عليّ بن أبي طالب، ويُورد أحاديث للرسول في فضل عليٍّ، وينفي أنْ يكون حديث الغدير دليلاً على إمامة عليّ ويردّ على الرافضة في مسائل أُخرى.

(٢٧) ويتحدّث عبد القادر بن طاهر بن محمّد البغدادي ( ت ٤٢٩ هـ )، في كتابة:( الفَرق بين الفِرَق ) ، عن الشيعة، فيذكر أنّ الشيعة ثلاث فِرق، ويُطلق كلمة رافضة على كلّ الشيعة، وعنده أنّ الشيعة هُم الإماميّة والزيديّة والكيسانيّة، ويُقسّم الكيسانيّة إلى فِرقتين، ثُمّ يُقسّم الإماميّة إلى خمس عشرة فِرقة، ولكنّه يُدخِل معهم الغُلاة، ولو أنّه يُخصّص فصلاً للغلاة.

١٩

ويتصرّف البغدادي على خلاف كُتّاب الفِرَق بإعطاء رأيه في الحوادث(١) .

(٢٨) أمّا أبو المـُظفر الاسفراييني ( ت ٤٧١ هـ )، في( التبصير في الدين وتمييز الفِرَقة الناجية عن الفِرَق الهالكين ) ، فيتكلم عن الشيعة وفِرَقهم، وهو لا يَختلف عن البغدادي في تقسيمه إلاّ قليلاً، كما أنّه يُعطي رأيه في الأحداث ويردّ على الشيعة وعلى بقيّة الفِرَق؛ لأنه يرى أنّ الفِرَقة الناجية هُم أهل السُنّة والحديث.

(٢٩) ويتكلّم عبد الكريم الشهرستاني ( ت ٥٤٨ هـ )، في كتابه:( المِلَل والنِحَل ) ، عن الشيعة، فيتحدث عن الزيديّة والكيسانيّة والإماميّة وفِرَقِهم والغُلاة، ثُمّ يذكر عدداً مِن رجال الشيعة ومُصنّفي كُتبهم.

(٣٠) أمّا فخر الدين الرازي ( ت ٦٠٦ هـ )، فيذكر في كتابه:( اعتقادات فِرَق المـُسلمين والمـُشركين ) الشيعةَ ويُسمّيهم الروافض، ويُطلق هذا الاسم عامّة، ويعطي للفِرق نفس التقسيم الذي ذكره البغدادي والاسفراييني، إلاّ أنّه لا يُفصّل في كلامه، إنّما يكتفي بتعريفٍ لكُلّ فِرقة مِن فِرق الشيعة.

(٣١) ويتحدث ّعثمان بن عبد الله بن الحسن الحنفي العراقي ( مِن القرن السابع )، في كتابه:( الفِرَق المـُفتَرقة بين أهل الزيغ والزندقة ) ، عن فِرَق الشيعة المـُختلفة، ويُطلق لفظة الروافض على جميع الشيعة.

ج - وممّا يُفيدنا في بحث الشيعة: مصادر الإسماعيليّة، كما أنّ بعض كُتب الإسماعيليّة أقرب صِلةً بالإماميّة مِن غيرها.

(٣٢) ففي كتاب( الزينة في الكلمات الإسلاميّة ) للرازي المـُتوفّى سَنة ٣٢٢هـ كلامٌ عن الشيعة، فيذكر أصل لفظ التَشيُّع، ثُمّ يتكلّم عن الرافضة ومعناها، كما يتحدّث عن فِرَق الشيعة، وهو في ذلك لا يختلف عمّا يذكره النوبختي وسعد القُمّي، إلاّ فيما يتّصل بالإسماعيليّة، ومهما يُحاول الرازي أنْ لا يُفصح عن كونه إسماعيليّاً إلاّ أنّ أُسلوبه يدلّ عليه.

(٣٣) ويذكر أبو حنيفة النعمانُ بن محمّد بن منصور بن أحمد بن

____________________

(١) وقد اختصر كتاب ( الفَرق بين الفِرَق ) الرسعني في ( مُختصر الفَرق بين الفِرَق ).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

(٣) كتاب الزكاة

وفصوله أربعة، الاول: تجب زكاة المال على البالغ العاقل الحر المتمكن من التصرف في الانعام الثلاثة والغلات الاربع والنقدين، وتستحب فيما تنبت الارض من المكيل والموزون، وفي مال التجارة وأوجبها ابن بابويه فيه.

وفي إناث الخيل السائمة ديناران عن العتيق ودينار عن غيره، ولا تستحب في الرقيق والبغال والحمير.

فنصب الابل اثناعشر: خمسة كل واحد خمس، في كل واحد شاة، ثم ست وعشرون بنت مخاض، ثم ست وثلاثون بنت لبون، ثم ست وأربعون حقة، ثم إحدى وستون فجذعة، ثم ست وسبعون بنتا لبون، ثم إحدى وتسعون حقتان، ثم كل خمسين حقة وكل أربعين بنت لبون.

وفي البقر نصابان: ثلاثون فتبيع أو تبيعة، وأربعون فمسنة.

وللغنم خمسة: أربعون فشاة، ثم مائة وإحدى وعشرون فشاتان، ثم مائتان وواحدة فثلاث، ثم ثلاثمائة وواحدة فأربع على الاقوى، ثم في كل مائة شاة.

وكلما نقص عن النصاب فعفو،

٤١

ويشترط فيها السوم والحول بمضي أحد عشر شهرا هلالية، وللسخال حول بانفرادها بعد غنائها بالرعي، ولو ثلم النصاب في الحول فلا شئ ولو قربه، ويجزئ الجذع من الضأن والثني من المعز، ولا تؤخذ الربى ولا ذات العور ولا المريضة ولا الهرمة، ولا تعد الاكولة ولا فحل الضراب، وتجزئ القيمة ومن العين أفضل، ولو كانت النعم مرضى فمنها، ولا يجمع بين مفترق في الملك، ولا يفرق بين مجتمع فيه.

وأما النقدان فيشترط فيهما النصاب والسكة والحول، فنصاب الذهب عشرون دينارا ثم أربعة دنانير، ونصاب الفضة مائتا درهم ثم أربعون درهما، والمخرج ربع العشر من العين وتجزئ القيمة.

وأما الغلات فيشترط فيها التملك بالزراعة أو الانتقال قبل انعقاد الثمرة والحب، ونصابها ألفان وسبعمائة رطل بالعراقي، ويجب في الزائد مطلقا، والمخرج العشر إن سقي سيحا أو بعلا أو عذيا ونصف العشر بغيره، ولو سقي بهما فالاغلب، ومع التساوي ثلاثة أرباع العشر.

الفصل الثاني: إنما تستحب زكاة التجارة مع الحول وقيام رأس المال فصاعدا ونصاب المالية، فتخرج ربع عشر القيمة، وحكم باقي أجناس الزرع حكم الواجب، ولا يجوز تأخير الدفع عن وقت الوجوب مع الامكان فيضمن ويأثم، ولا تقدم على وقت الوجوب إلا قرضا فتحتسب عند الوجوب بشرط بقاء القابض على الصفة، ولا يجوز نقلها عن بلد

٤٢

المال إلا مع إعواز المستحق فيضمن لا معه، وفي الاثم قولان، ويجزئ.

الفصل الثالث، في المستحق: وهو الفقراء والمساكين ويشملهما من لا يملك مؤونة سنة، والمروي أن المسكين أسوأ حالا، والدار والخادم من المؤنة، ويمنع ذو الصنعة والضيعة إذا نهضت بحاجته وإلا تناول التتمة لا غير، والعاملون وهم السعاة في تحصيلها، والمؤلفة قلوبهم وهم كفار يستمالون إلى الجهاد، قيل ومسلمون أيضا، وفي الرقاب وهم المكاتبون والعبيد تحت الشدة، والغارمون وهم المدينون في غير معصية، والمروي أنه لا يعطى مجهول الحال، ويقاص الفقير بها وإن مات أو كان واجب النفقة، وفي سبيل الله وهو القرب كلها، وابن السبيل وهو المنقطع به ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض عنه، ومنه الضيف.

وتشترط العدالة فيمن عدا المؤلفة، ولو كان السفر معصية منع، ويعطى الطفل ولو كان أبواه فاسقين، وقيل المعتبر تجنب الكبائر.

ويعيد المخالف الزكاة لو أعطاها مثله ولا يعيد باقي العبادات، ويشترط أن لا يكون واجب النفقة على المعطي ولا هاشميا إلا من قبيلة أو تعذر الخمس.

ويجب دفعها إلى الامام مع الطلب بنفسه أو بساعيه، قيل والفقيه في الغيبة، ودفعها إليهم إبتداء أفضل، وقيل يجب.

ويصدق المالك في الاخراج بغير يمين.

٤٣

وتستحب قسمتها على الاصناف وإعطاء جماعة من كل صنف، ويجوز للواحد والاغناء إذا كان دفعة، وأقل مايعطى استحبابا مايجب في أول النقدين، ويستحب دعاء الامام أو نائبه للمالك، ومع الغيبة لا ساعي ولا مؤلف إلا لمن يحتاج إليه، وليخص بزكاة النعم المتجمل وإيصالها إلى المستحيين من قبولها هدية.

الفصل الرابع: في الزكاة الفطرة: وتجب على البالغ العاقل الحر المالك قوت سنته عنه وعن عياله ولو تبرعا، وتجب على الكافر ولا تصح منه، والاعتبار بالشرط عند الهلال، ويستحب لو تجدد السبب ما بين الهلال إلى الزوال، وقدرها صاع من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الارز أو الاقط أو اللبن، وأفضلها التمر ثم الزبيب ثم ما يغلب على قوته، والصاع تسعة أرطال، ولو من اللبن في الاقوى، ويجوز إخراج القيمة بسعر الوقت.

وتجب النية فيها وفي المالية، ومن عزل احداهما لعذر ثم تلفت لم يضمن، ومصرفها مصرف المالية، ويستحب أن لا يقصر العطاء عن صاع إلا مع الاجتماع وضيق المال، ويستحب أن يخص بها المستحق من القرابة والجار، ولو بان الآخذ غير مستحق ارتجعت، ومع التعذر تجزئ إن اجتهد إلا أن يكون عبده.

٤٤

(٤) كتاب الخمس

ويجب في الغنيمة بعد إخراج المؤن، والمعدن، والغوص، وأرباح المكاسب، والحلال المختلط بالحرام ولا يتميز ولا يعلم صاحبه، والكنز إذا بلغ عشرين دينارا، قيل والمعدن كذلك.

وقال الشيخ في الخلاف لا نصاب له، واعتبر أبوالصلاح فيه دينارا، كالغوص، وأرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم ولم يذكرها كثير، وأوجبه أبو الصلاح في الميراث والصدقة والهبة، وأنكره ابن إدريس والاول أحسن، واعتبر المفيد في الغنيمة والغوص والعنبر عشرين دينارا عينا أو قيمة، والمشهور أنه لا نصاب للغنيمة، ويعتبر في الارباح مؤونته ومؤونة عياله مقتصدا.

ويقسم ستة أقسام: ثلاثة للامامعليه‌السلام تصرف إليه حاضرا وإلى نوابه غائبا أو تحفظ، وثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من الهاشميين بالاب، وقال المرتضى وبالام.

ويشترط فقر شركاء الامام، ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم، ولا يعتبر العدالة ويعتبر الايمان.

ونفل الامام أرض انجلى عنها أو تسلمت طوعا أو باد أهلها،

٤٥

والآجام، ورؤوس الجبال، وبطون الاودية وما يكون بها، وصوافي ملوك الحرب، وميراث فاقد الوارث، والغنيمة بغير إذنه.

أما المعادن فالناس فيها شرع.

٤٦

(٥) كتاب الصوم

وهو الكف عن الاكل والشرب مطلقا، والجماع كله والاستمناء وإيصال الغبار المتعدي والبقاء على الجنابة، ومعاودة النوم جنبا بعد انتباهتين فيكفر، ويقضي لوتعمد الاخلال، ويقضي لو عاد بعد انتباهة أو احتقن بالمائع أو ارتمس متعمدا، أو تناول من دون مراعاة ممكنة فأخطأ سواء كان مستصحب الليل أو النهار، وقيل لو أفطر لظلمة موهمة ظانا فلا قضاء، أو تعمد القئ أو أخبر بدخول الليل فأفطر أو ببقائه فتناول وظهر الخلاف، أو نظر إلى امرأة أو غلام فأمنى، ولو قصد فالاقرب الكفارة وخصوصا مع الاعتياد إذ لا ينقص عن الاستمناء بيد أو ملاعبة.

وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء أو تغاير الجنس أو تخلل التكفير أو اختلاف الايام وإلا فواحدة، ويتحمل عن الزوجة المكرهة الكفارة، والتعزير بخمسة وعشرين سوطا فيعزر خمسين، ولو طاوعته فعليها.

القول في شروطه: ويعتبر في الوجوب البلوغ والعقل والخلو من الحيض

٤٧

والنفاس والسفر، وفي الصحة التمييز والخلو منها ومن الكفر، ويصح من المستحاضة إذا فعلت الواجب من الغسل، ومن المسافر في دم المتعة وبدل البدنة والنذر المقيد به، قيل وجزاء الصيد.

ويمرن الصبي لسبع وقال ابنا بابويه والشيخ في النهاية لتسع.

والمريض يتبع ظنه فلو تكلفه مع ظن الضرر قضي.

وتجب فيه النية المشتملة على الوجه والقربة لكل ليلة والمقارنة مجزئة، والناسي يجددها إلى الزوال، والمشهور بين القدماء الاكتفاء بنية واحدة للشهر، وادعى المرتضى في الوسيلة فيه الاجماع، والاول أولى، ويشترط فيما عدا رمضان التعيين.

ويعلم برؤية الهلال أو شهادة عدلين أو شياع أو مضي ثلاثين من شعبان لا الواحد في أوله، ولا تشترط الخمسون مع الصحو، ولا عبرة بالجدول والعدد والعلو والانتفاخ والتطوق والخفاء ليلتين.

والمحبوس يتوخى فإن ظهر التقدم أعاده.

والكف من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب المشرقية، ولو قدم المسافر أو برأ المريض قبل الزوال ولم يتناولا أجزأهما الصوم بخلاف الصبي والكافر والحائض والنفساء والمجنون والمغمى عليه فإنه يعتبر زوال العذر قبل الفجر ويقضيه كل تارك له عمدا أوسهوا أو لعذر إلا الصبي والمجنون والمغمى عليه والكافر الاصلي، وتستحب المتابعة في القضاء، ورواية عمار عن الصادقعليه‌السلام تتضمن استحباب التفريق.

مسائل: من نسي غسل الجنابة قضى الصلاة والصوم في

٤٨

الاشهر، ويتخير قاضي رمضان ما بينه وبين الزوال، فإن أفطر بعده أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

الثانية: الكفارة في شهر رمضان والنذر المعين والعهد عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، ولو أفطر على محرم مطلقا فثلاث.

الثالثة: لو استمر المريض إلى رمضان آخر فلاقضاء، ويفدى عن كل يوم بمد، ولو برأ وتهاون فدى وقضى، ولو لم يتهاون قضى لا غير.

الرابعة: إذا تمكن من القضاء ثم القضاء ثم مات قضى عنه أكبر ولده الذكور، وقيل الولي مطلقا.

وفي القضاء عن المسافر خلاف أقربه مراعاة تمكنه من المقام والقضاء، ويقضى عن المرأة والعبد، والانثى لا تقضي وتتصدق من التركة عن اليوم بمد، ويجوز في الشهرين المتتابعين صوم شهر والصدقة عن آخر.

الخامسة: لو صام المسافر عالما أعاد، ولو كان جاهلا فلا، والناسي يلحق بالعامد، وكلما قصرت الصلاة قصر الصوم، إلا أنه يشترط الخروج قبل الزوال.

السادسة: الشيخان إذا عجزا فديا بمد ولا قضاء، وذو العطاش المأيوس من برئه كذلك ولو برئ قضى.

السابعة: الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن يفطران ويفديان، ولا يجب صوم النافلة بشروعه فيه، نعم يكره نقضه بعد الزوال إلا لمن يدعى إلى طعام.

٤٩

الثامنة: يجب تتابع الصوم إلا أربعة: النذر المطلق وما في معناه وقضاء الواجب، وجزاء الصيد، والسبعة في بدل الهدي.

وكلما أخل بالمتابعة لعذر بنى ولا له يستأنف إلا في الشهرين المتتابعين بعد شهر ويوم من الثاني، وفي الشهر بعد خمسة عشر يوما، وفي ثلاثة المتعة بعد يومين ثالثهما العيد.

التاسعة: لا يفسد الصيام بمص الخاتم وزق الطائر ومضغ الطعام.

ويكره مباشرة النساء والاكتحال بما فيه مسك وإخراج الدم المضعف ودخول الحمام وشم الرياحين وخصوصا النرجس والاحتقان بالجامد وجلوس المرأة والخنثى في الماء والظاهر أن الخصي الممسوح كذلك، وبل الثوب على الجسد والهذر.

العاشرة: يستحب من الصوم أول خميس من الشهر وآخر خميس منه، وأول أربعة من العشر الاوسط، وأيام البيض ومولد النبيعليه‌السلام ، ومبعثه ويوم الغدير، والدحو، وعرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال، والمباهلة والخميس، والجمعة، وستة أيام بعد عيد الفطر، وأول ذي الحجة ورجب كله، وشعبان.

الحادية عشرة: يستحب الامساك في المسافر والمريض بزوال عذرهما بعد التناول أو بعد الزوال، ومن سلف من ذوي الاعذار التي تزول في أثناء النهار.

الثانية عشرة: لا يصوم الضيف بدون إذن مضيفه، وقيل بالعكس أيضا، ولا المرأة والعبد بدون إذن الزوج والمالك، ولا الولد

٥٠

بدون إذن الوالد، والاولى عدم انعقاده مع النهي.

الثالثة عشرة: يحرم صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى، وقيده بعض الاصحاب بالناسك، وصوم يوم الشك بنية الفرض ولو صامه بنية النفل أجزأ إن ظهر كونه من رمضان، ولو ردد فقولان أقربها الاجزاء.

ويحرم نذر المعصية وصومه، والصمت، والوصال، وصوم الواجب سفرا سوى مامر.

الرابعة عشرة: يعزر من أفطر في شهر رمضان عامدا عالما لا لعذر، فإن عاد عزر، فإن عاد قتل، ولو كان مستحلا قتل إن كان ولد على الفطرة، واستتيب إن كان عن غيرها.

الخامسة عشرة: البلوغ الذي يجب معه العبادة الاحتلام أو الانبات أو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في الانثى، وقال في المبسوط وتبعه ابن حمزة بلوغها بعشر، وقال ابن إدريس الاجماع على التسع.

٥١

كتاب الاعتكاف

ويلحق بذلك الاعتكاف وهو مستحب خصوصا في العشر الاواخر من شهر رمضان.

ويشترط الصوم، فلا يصح إلا من مكلف يصح منه الصوم في زمان يصح صومه وأقله ثلاثة أيام، والمسجد الجامع، والحصر في الاربعة أو الخمسة ضعيف، والاقامة بمعتكفه فيبطل بخروجه إلا لضرورة أو طاعة كعيادة مريض أو شهادة أو تشييع مؤمن، ثم لا يجلس لو خرج ولا يمشي تحت ظل اختيارا، ولا يصلي إلا بمعتكفه إلا في مكة، ويجب بالنذر وشبهه وبمضي يومين على الاشهر، وفي المبسوط يجب بالشروع.

ويستحب الاشتراط كالمحرم فإن شرط وخرج فلا قضاء، ولو لم يشترط ومضى يومان أتم، ويحرم عليه نهارا ما يحرم على الصائم، وليلا ونهارا الجماع وشم الطيب والاستمتاع بالنساء، ويفسده ما يفسد الصوم، ويكفر إن فسد الثالث أو كان واجبا، ويجب بالجماع في الواجب نهارا كفارتان إن كان في شهر رمضان، وقيل مطلقا، وليلا واحدة فإن أكره المعتكفة فأربع على الاقوى.

٥٢

(٦) كتاب الحج

وفيه فصول، الاول: يجب الحج على المستطيع من الرجال والنساء والخناثي على الفور مرة بأصل الشرع، وقد يجب بالنذر وشبهه والاستئجار والافساد، ويستحب تكراره، ولفاقد الشرائط ولا يجزئ كالفقير والعبد بإذن مولاه.

وشرط وجوبه البلوغ والعقل والحرية والزاد والراحلة والتمكن من المسير، وشرط صحته الاسلام، وشرط مباشرته مع الاسلام التمييز.

ويحرم الولي عن غير المميز ندبا، ويشترط صحته من العبد إذن المولى، وشرط صحة الندب من المرأة إذن الزوج، ولو أعتق العبد أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون قبل أحد الموقفين صح وأجزأه عن حجة الاسلام، ويكفي البذل في تحقق الوجوب ولا يشترط صيغة خاصة.

ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض، ويشترط وجود ما يمون به عياله الواجبي النفقة إلى حين رجوعه، وفي استنابة الممنوع بكبر أو مرض أو عدو قولان، والمروي عن عليعليه‌السلام ذلك، ولو زال العذر حج ثانيا.

ولا يشترط الرجوع إلى كفاية على

٥٣

الاقوى، ولا في المرأة المحرم، ويكفي ظن السلامة، والمستطيع يجزئه الحج متسكعا.

والحج ما شيا أفضل إلا مع الضعف عن العبادة فالركوب أفضل، فقد حج الحسنعليه‌السلام ما شيا مرارا، وقيل إنها خمسة وعشرين حجة، والمحامل تساق بين يديه.

ومن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه، ولو مات قبل ذلك وكان قد استقر في ذمته قضي عنه من بلده في ظاهر الرواية، فلو ضاقت التركة فمن حيث بلغت ولو من الميقات.

ولو حج ثم ارتد ثم عاد لم يعد على الاقرب، فلو حج مخالفا ثم استبصر لم يعد إلا أن يخل بركن، نعم يستحب الاعادة.

القول في حج الاسباب: لو نذر الحج وأطلق كفت المرة ولا تجزئ عن حجة الاسلام، وقيل إن نوى حجة النذر أجزأت وإلا فلا.

ولو قيد نذره بحجة الاسلام فهي واحدة ولو قيد غيرها فهما اثنتان، وكذا العهد واليمين، ولو نذر الحج ما شيا وجب ويقوم في المعبر، فلو ركب طريقة أو بعضه قضى ماشيا، ولو عجز عن المشي ركب وساق بدنة.

ويشترط في النائب البلوغ والعقل والخلو من حج واجب مع التمكن منه ولو مشيا والاسلام وإسلام المنوب عنه واعتقاده الحق إلا أن يكون أبا النائب.

ويشترط نية النيابة منه وتعين المنوب عنه قصدا، ويستحب لفظا عند الافعال، وتبرأ ذمته لو مات محرما بعد دخول الحرم وإن

٥٤

خرج منه بعد، ولو مات قبل ذلك استعيد من الاجرة بالنسبة، ويجب الاتيان بما شرط عليه حتى الطريق مع الفرض، وليس له الاستنابة إلا مع الاذن صريحا أو إيقاع العقد مقيدا بالاطلاق، ولا يحج عن اثنين في عام، ولو استأجراه لعام فسبق أحدهما صح وإن اقترنا بطلا، وتجوز النيابة في أبعاض الحج، كالطواف والسعي والرمي مع العجز، ولو أمكن حمله في الطواف والسعي وجب ويحتسب لهما.

وكفارة الاحرام في مال الاجير، ولو أفسد حجه قضى في القابل، والاقرب الاجزاء ويملك الاجرة.

ويستحب إعادة فاضل الاجرة، والاتمام له لو أعوز وترك نيابة المرأة الصرورة والخنثى الصرورة.

ويشترط علم الاجير بالمناسك وقدرته عليها وعدالته، فلا يستأجر فاسق ولو حج أجزأه.

والوصية بالحج تنصرف إلى أجرة المثل، ويكفي المرة إلا مع إرادة التكرار.

ولو عين القدر والنائب تعينا، ولو عين لكل سنة قدرا وقصر كمل من الثانية فالثالثة، ولو زاد حج في عام مرتين من اثنين.

والودعي العالم بامتناع الوارث يستأجر عنه من يحج أو بنفسه، ولو كان عليه حجتان إحداهما نذر فكذلك إذ الاصح أنهما من الاصل، ولو تعددوا وزعت، وقيل يفتقر إلى إذن الحاكم، وهو بعيد.

الفصل الثاني: في أنواع الحج: وهي ثلاثة : تمتع: وهو فرض من بعد عن مكة بثمانية وأربعين ميلا من كل جانب على الاصح، ويقدم عمرته على حجه ناويا بها التمتع.

٥٥

وقران، وإفراد: وهو فرض من نقص عن ذلك، ولو أطلق الناذر تخير في الثلاثة وكذا يتخير من حج ندبا، وليس لمن تعين عليه نوع العدول إلى غيره على الاصح إلا لضرورة، ولا يقع الاحرام بالحج.

وعمرة التمتع إلا في شوال وذي القعدة وذي الحجة.

ويشترط في التمتع جمع الحج والعمرة لعام واحد، والاحرام بالحج له من مكة وأفضلها المسجد، ثم المقام أو تحت الميزاب، ولو أحرم بغيرها لم يجز إلا مع التعذر، ولو ضاق الوقت عن إتمام العمرة بحيض أو نفاس أو عذر أو عدو عدل إلى الافراد وأتى بالعمرة من بعد.

ويشترط في الافراد النية وإحرامه من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب إلى عرفات، وفي القران ذلك وعقده بسياق الهدي وإشعاره إن كان بدنة، ويقلده إن كان غيرها بأن يعلق في رقبته نعلا قد صلى فيه ولو نافلة، ولو قلد الابل جاز.

مسائل: يجوز لمن حج ندبا مفردا العدول إلى التمتع لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه، فلو لبى بطلت متعته، وبقى على حجه، وقيل لا اعتبار إلا بالنية.

ولا يجوز العدول للقارن، وقيل يجوز العدول عن الحج الواجب أيضا، كما أمربه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يسق من الصحابة، وهو قوي.

الثانية: يجوز للقارن والمفرد إذا دخلا مكة الطواف والسعي إما الواجب أو الندب لكن يجددان التلبية عقيب صلاة الطواف، فلو تركاها احلا على الاشهر.

٥٦

الثالثة: لو بعد المكي ثم حج على ميقات أحرم منه وجوبا، ولو غلبت إقامته في الآفاق تمتع، ولو تساويا تخير، والمجاور بمكة ينتقل في الثالثة إلى الافراد والقران وقبلها يتمتع، ولا يجب الهدي على غير المتمتع وهو نسك لا جبران.

الرابعة: لا يجوز الجمع بين النسكين بينة واحدة فيبطل، ولا إدخال أحدهما على الآخر قبل تحلله من الاول فيبطل الثاني إن كان عمرة أو حجا قبل السعي، ولو كان قبل التقصير وتعمد ذلك فالمروي أنه يبقى على حجة مفردة.

ولو كان ناسيا صح إحرامه الثاني ويستحب جبره بشاة.

الفصل الثالث، في المواقيت : لا يصح الاحرام قبل الميقات، إلا بالنذر وشبهه إذا وقع الاحرام في أشهر الحج، ولو كان عمرة مفردة لم يشترط، ولو خاف مريد الاعتمار في رجب تقضيه جاز له الاحرام قبل الميقات ولا يجب إعادته فيه.

ولا يتجاوز الميقات بغير إحرام، فيجب الرجوع إليه فلو تعذر بطل ان تعمده والا أحرم من حيث امكن ولو دخل مكة خرج إلى ادنى الحل فان تعذر فمن موضعه، ولو أمكنه الرجوع إلى الميقات وجب.

والمواقيت ستة: ذو الحليفة للمدينة، والجحفة للشام، ويلملم لليمن، وقرن المنازل للطائف، والعقيق للعراقي وأفضله المسلخ، ثم

٥٧

غمرة ثم ذات عرق.

وميقات حج التمتع مكة، وحج الافراد منزله كما سبق، وكل من حج على ميقات فهو له، ولو حج على غير ميقات كفته المحاذاة، ولو لم يحاذ أحرم من قدر تشترك فيه المواقيت.

الفصل الرابع، في أفعال العمرة : وهي الاحرام والطواف والسعي والتقصير.

ويزيد في عمرة الافراد بعد التقصير طواف النساء ويجوز فيها الحلق لا في عمرة التمتع.

القول في الاحرام: يستحب توفير شعر الرأس لمن أراد الحج من أول ذي القعدة وآكد منه هلال ذي الحجة، واستكمال التنظيف بقص الاظفار وأخذ الشارب والاطلاء، ولو سبق أجزأ مالم يمض خمسة عشر يوما.

والغسل، وصلاة سنة الاحرام، والاحرام عقيب الظهر أو فريضة وتكفي النافلة عند عدم وقت الفريضة.

وتجب فبه النية المشتملة على مشخصاته مع القربة، ويقارن بها: لبيك اللهم لبيك لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك. ولبس ثوبي الاحرام من جنس ما يصلي فيه.

والقارن يعقد إحرامه بالتلبية أو بالاشعار والتقليد، ويجوز الحرير والمخيط للنساء، ويجزئ القباء مقلوبا لو فقد الرداء،

٥٨

والسراويل لو فقد الازار.

ويستحب للرجل رفع الصوت بالتلبية، ولتجدد عند مختلف الاحوال ويضاف إليها التلبيات المستحبة ويقطعها المتمتع إذا شاهد بيوت مكة، والحاج إلى زوال عرفة، والمعتمر منفردا إذا دخل الحرم والاشتراط ويكره الاحرام في السود والمعصفرة وشبههما، والنوم عليها، والوسخة، والمعلمة، ودخول الحمام، وتلبية المنادي.

وأما التروك المحرمة فثلاثون: صيد البر ولو دلالة وإشارة، ولا يحرم صيد البحر وهو مايبيض ويفرخ فيه، والنساء بكل استمتاع حتى العقد، والاستمناء، ولبس المخيط، وشبهه وعقد الرداء، ومطلق الطيب، والقبض من كريه الرائحة، والاكتحال بالسواد والمطيب، والادهان ويجوز أكل الدهن غير المطيب، والجدال وهو قول لا والله وبلى والله، والفسوق وهو الكذب، والسباب، والنظر في المرآة، وإخراج الدم اختيارا، وقلع الضرس وقص الظفر وإزالة الشعر، وتغطية الرأس للرجل والوجه للمرأة ويجوز لها سدل القناع إلى طرف أنفها بغير إصابة وجهها، والنقاب، والحناء للزينة والتختم للزينة ولبس المرأة مالم تعتده من الحلي، وإظهار المعتاد للزوج، ولبس الخفين للرجل وما يستر ظهر قدميه، والتظليل للرجل الصحيح سائرا، ولبس السلاح اختيارا، وقطع شجر الحرم وحشيشه إلا الاذخر، وما ينبت في ملكه، وعودي المحالة، وشجر الفواكه، وقتل هوام الجسد، ويجوز نقله.

٥٩

القول في الطواف: ويشترط فيه رفع الحدث والخبث، والختيان في الرجل، وستر العورة.

وواجبه: النية، والبدأة بالحجر الاسود، والختم به، وجعل البيت على اليساره والطواف بينه وبين المقام، وإدخال الحجر، وخروجه بجميع بدنه عن البيت، وإكمال السبع، وعدم الزيادة عليها فيبطل إن تعمده، والركعتان خلف المقام، وتواصل أربعة أشواط فلو قطع لدونها بطل وإن كان لضرورة أو دخول البيت، ولو ذكر في أثناء السعي ترتب صحته وبطلانه على الطواف، ولو شك في العدد بعده لم يلتفت وفي الاثناء يبطل ان شك في النقيصة، ويبني على الاقل إن شك في الزيادة على السبع، وأما نفل الطواف فيبني على الاقل مطلقا.

وسننه: الغسل من بئر ميمون أو فخ أو غيرهما، ومضغ الاذخر، ودخول مكة من أعلاها حافيا بسكينة ووقار، والدخول من باب بني شيبة، والدعاء بالمأثور، والوقوف عند الحجر، والدعاء فيه وفي حالات الطواف، وقراء‌ة القرآن، وذكر الله تعالى، والسكينة في المشي، والرمل ثلاثا والمشي أربعا على قول، واستلام الحجر، وتقبيله أو الاشارة إليه، واستلام الاركان والمستجار في السابع، وإلصاق البطن والخد به، والدعاء وعد ذنوبه عنده والتداني من البيت، ويكره الكلام في أثنائه بغير الذكر والقرآن.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318