نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية0%

نشأة الشيعة الامامية مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 318

نشأة الشيعة الامامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: نبيلة عبد المنعم داود
الناشر: دار المؤرخ العربي
تصنيف: الصفحات: 318
المشاهدات: 15240
تحميل: 5437

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 318 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15240 / تحميل: 5437
الحجم الحجم الحجم
نشأة الشيعة الامامية

نشأة الشيعة الامامية

مؤلف:
الناشر: دار المؤرخ العربي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وناقض أقواله، والكتاب يبحث إمامة عليّ بن أبي طالب، ويبدأ بذِكر الإمامة والحاجة إليها وشروطها، كما يَذكر اختلاف الناس في الإمامة، ثُمّ يذكر آراء المـُعتزلة والشيعة، ويناقش إمامة المـَفضول مع وجود الأفضل، ثُمّ كون الإمامة لُطفٌ مِن الله، ويذكر أيضاً عِصمة الإمام وصِفاته، ويُحلّل معنى النصّ ويُقسّمه إلى نصٍّ جَلي ونصٍّ خَفي ووجوب النصّ على الإمام، ثُمّ يتحدث عن إمامة عليّ وأنّه الإمام بعد الرسول بلا فصل، ويُناقش أدلّة إمامة علي ويُناقش مَن ينفي إمامته بلا فصل بعد الرسول، ثُمّ يُناقش إمامة أبي بكر وعُمر، ويتحدث عن إمامة عُثمان، كما يتناول إمامة الحسن والحسين، وهو في كلامه يذكر آراء الزيديّة ويردّ عليها، كما يذكر آراء المـُعتزلة ويُناقشها ويُفنّدها.

ونلاحظ أنّه يأخذ في كلامه عن أدلّة الإمامة عن ابن رستم الطَبري وعن الكُليني وعن الشيخ المـُفيد، كما يروي أحداثاً تاريخيّة، ويُكثر مِن الرواية عن البلاذري(١) .

(١٠٢) وله بحثٌ عن الغَيبة في رسالةٍ صغيرةٍ نُشرت ضِمن المجموعة الرابعة مِن نفائس المـَخطوطات.

(١٠٣) وله كتاب: ( جُمل العِلم والعَمل ) يتناول أُموراً فقهيّة ويتحدّث فيها عن الإمامة.

وقد تَتلمذ على الشريف المـُرتضى أبو جعفر الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) المـُلقّب بشيخ الطائفة؛ لأنّ رئاسة الشيعة الإماميّة انتهت إليه بعد وفاة المـُرتضى.

(١٠٤) وتتشابه آراؤه مع آراء المـُرتضى، وقد لخّص الطوسي كتاب الشافي في الإمامة، فجاء تلخيصه: ( تلخيص الشافي ) كأصل الكتاب مع بعض الإضافات عليه، وفي آخر الكتاب يبحث الطوسي إمامة باقي الأئمّة وأدلّة إمامتهم والنصّ عليهم.

____________________

(١) والنُسخة الموجودة مِن كتاب الشافي طبع حَجر غير واضحة وغير مُفهرسة، وفي آخر الكتاب يذكر المرتضى أنّه بدأ كتابه بِذِكر أقاويل الزيديّة، وأنّه قطّع كتابه على هذا الموضوع؛ لأنّه بدأ بنيّة أنْ يكون الكتاب مُختصراً، إلاّ أنّه لم يلتزم بهذا فوسّع في بعض المواضع، وقد حاول أنْ يُصلح هذا النقص إلاّ أنّه لم يتمكّن؛ لأنّ الكتاب انتشر وشاع بين الناس، فلم يستطع تلافي هذا النقص. الشافي ص ٢٩٥.

٤١

(١٠٥) وبحث في( الفهرست ) مُؤلّفي الشيعة الإماميّة، وسار في ترتيب الفهرست على حُروف الهجاء، فذكر حوالي ٩٠٠ اسم مِن مُصنّفي الكُتب.

(١٠٦) أمّا في كتابه:( الرجال ) ، فيسير على طريقة البرقي، فيذكر أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، ثُمّ أصحاب عليّ والحسن والحُسين إلى أصحاب الإمام المهدي، ثُمّ يَذكر رجال الشيعة الذين لم يَرووا عن الأئمّة، وهو أحد الكُتب المـُعوّل عليها في كُتب الرجال.

(١٠٧) ويتناول الطوسي في كتابه:( الغَيبَة ) بحثَ الغَيبَة فيذكر سببها، كما يتكلّم عن الإمامة وعِصمة الإمام وآراء بعض فِرَق الشيعة، أمثال الكيسانيّة والواقفة والناووسيّة، ثُمّ يذكر أحكام الغَيبة وأسبابها وإثبات إمامة الإمام الثاني عشر، ثُمّ يروي أخبار الخاصّة والعامّة في كون الأئمّة اثني عشر إماماً، كما يُؤكّد كون المهدي مِن وُلد الحسين، ويذكر أيّام الحسن العسكري وما حَدَث مِن الاختلاف في زمانه، ثُمّ الكلام عن أيّام الغَيبة.

(١٠٨) ويذكر الطوسي في( الأمالي ) أخباراً مُتفرّقة عن الأئمّة وفضلهم، وأخباراً عن الشيعة وأحداثاً تاريخيّة للأئمّة مع الخُلفاء العباسيّين، كما يبحث دلائل الإمامة، مثل حديث الراية والمنزلة والغدير، وقد سار الطوسي في كتابه هذا على طريقة الشيخ الصدوق والمـُفيد حيث قسّمه إلى مجالس أيضاً.

(١٠٩) وللطوسي:( التِبيان ) ، وهو تفسيرٌ واسعٌ للقرآن سار فيه على طريقة الشيعة الإماميّة، فتناول فيه عدداً مِن الآيات فسّرها بولاية عليّ وبقيّة الأئمّة مِن وُلده، وهذا التفسير يُعتبَر مِن أهمّ وأوسع التفاسير الإماميّة.

(١١٠) ويَذكر الشيخ حسين بن عبد الوهاب ( مِن عُلماء القرن الخامس ) في كتابه:( عُيون المـُعجزات ) أخبار الإمام علي، وما نُسِب إليه مِن المـُعجزات وأخبار إمامته، كما يذكر أخبار بقيّة الأئمّة كالباقر والصادق والرضا وأخبارهم مع الخُلفاء العباسيّين، وذِكر مُعجزاتهم والنصّ على إمامتهم، كما يتكلّم عن المهدي ووقت ولادته ومُعجزاته وأموراً أُخرى في أحواله.

٤٢

(١١١) أمّا الشيخ محمّد بن الفتّال النيسابوري ( ت ٥٠٨ هـ )، فيتحدث في كتابه:( روضة الواعظين ) عن الإمامة، ويبدأ بذِكر إمامة عليّ وفضائله، ثُمّ إمامة الحسن والحسين ومَقتل الحسين وأخبار إمامة علي بن الحسين والباقر والصادق ...، ثُمّ ذِكر أخبار المهدي وأيّام الغَيبة، كما يتكلّم عن الشيعة وذِكر فضائلهم، وأخباره تتشابه مع مَن سَبقه.

(١١٢) أمّا محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني ( ت ٥٨٨ هـ )، فيُزوّدنا بمعلوماتٍ وافيةٍ عن الإماميّة وعن حياة الأئمّة الاثني عشر في كتابه:( مناقب آل أبي طالب ) ، فيبدأ بأخبار الرسول، ثُمّ ينتقل إلى الإمامة وشروطها والردّ على الغُلاة والخوارج، ثُمّ يتناول إمامة الأئمّة الاثني عشر مِن طُرق الشيعة وغير الشيعة.

وقد تحدّث عن عليّ بن أبي طالب وأخباره ومُعجزاته وإمامته والنصوص عليها، وفعل مِثل ذلك عن بقيّة الأئمّة الاثني عشر.

(١١٣) ويبحث ابن شهرآشوب في كتابه:( معالم العُلماء ) مُصنّفي رجال الشيعة وأسماء كُتبهم، وسار فيه على نهج الشيخ الطوسي، ويمكن أنْ يُعتبر الكتاب تتمّة لكتاب الشيخ الطوسي هو فهرست لكُتب الشيعة.

(١١٤) وتحدث أّبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت ٥٤٨ هـ ) عن الأئمّة الاثني عشر ودلائل إمامتهم في كتابه:( أعلام الورى بأعلام الهدى ) ، وقد سار فيه على طريقة الشيخ المـُفيد وابن شهرآشوب، إذ تناول أخبار كلّ إمام وأحواله ومُعجزاته ودلائل إمامته.

(١١٥) أمّا في كتابه:( الاحتجاج ) ، فيذكر أخبار النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ووقعة الغدير، وأخبار عليّ واحتجاجه على أبي بكر في حقّه بالخلافة، ثُمّ مسائل أُخرى، ويَذكر كذلك أخبار بقيّة الأئمّة واحتجاجاتهم في مسائل مُختلفة كالإمامة وغيرها.

(١١٦) وللطبرسي أيضاً تفسير:( مَجمع البيان في تفسير القرآن ) ، سار فيه على طريقة المـُفسّرين الإماميّة الذين سبقوه، أمثال عليّ بن إبراهيم القُمّي وعياشي والطوسي، والتفسير مُوسّع، فسّر بعض الآيات الواردة فيه بالإمامة، كما ذَكر نُزول بعض الآيات في حقّ آل البيت.

٤٣

(١١٧) ويتكلّم أبو جعفر بن أبي القاسم محمّد بن عليّ الطبري ( مِن القرن السادس ) عن إمامة عليّ، وذَكر أولاده وأخباره ودلائل إمامته، ويبحثها بالتفصيل في كتابه:( بشارة المـُصطفى لشيعة المـُرتضى ) .

(١١٨) ويتناول أبو الحسين ورام بن أبي فراس المالكي الأشتري ( ت ٦٠٥ هـ )، في كتابه:( تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ) ، ويُعرَف بـ:مجموعة ورام ، أحاديث مُتفرّقة عن الأئمّة وإمامتهم، وأخبارهم مع الخُلفاء مِن أُمويّين وعبّاسيّين.

(١١٩) ويبحث نجم الدين محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحِلّي ( ت ٦٤٥ هـ ) في كتابه:( مُثير الأحزان ) قصّة مَقتل الحسين، ويأخذ أخباراً تاريخيّة عن أبي مِخنف والبلاذري.

ولعليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحُسيني ( ت ٦٦٤ هـ ) عدّة مؤلّفات يبحث فيها مسائل ومُتعدّدة.

(١٢٠) ففي كتابه:( اللُهوف في قتلى الطُفوف ) يبحث قصّة مَقتل الحسين، ويأخذ عمَّن سبقه كالكليني والمـُفيد.

(١٢١) أمّا في( الطُرَف ) ، فيذكر ٣٣ طرفة، وكلّها مناقب لعليّ بن أبي طالب وأخباراً في إمامته.

(١٢٢) ويبحث ابن طاووس الإمامة بصورة مُفصّلة في( اليقين في إمرة أمير المؤمنين ) ، فيبدأ بأخبار عليٍّ زَمَن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حتى تولّيه الخلافة، ويذكر أدلّة إمامته.

ويمتاز ابن طاووس بأنّه يذكر في كُتبه مصادر مُتعدّدة، وهو دقيقٌ في أخذه عن هذه المصادر، إذ يذكر اسمها واسم مُؤلّفها.

(١٢٣) ويتكلّم في كتابه:( كشف المحجّة لثمرة المـُهجة ) عن مسائل مُتعدّدة تتعلّق بأخبار الأئمّة، والإمامة وشروطها، وعصمة الإمام، وقد جعل الكتاب على شكل أجوبةٍ لابنه محمّد.

(١٢٤) أمّا في كتاب:( الملاحم والفِتن ) ، فيذكر ابن طاووس أنّه أخذ معلوماته عن كتاب الفِتن لنعيم بن حمّاد الخُزاعي، وكتاب الفِتن لأبي

٤٤

صالح السليلي، وكتاب الفِتن لأبي يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث البزّاز.

ويورد في الكتاب أخباراً عن النبيّ، وعن أهل بيته وما أصابهم بعده، كما يتكلّم عن شيعة بني أُميّة وبني العبّاس، ويذكر خبر السُفياني، ثُمّ أخبار الإمام المهدي وزَمن الغَيبة ودلائل إمامة المهدي، وذِكر ما يحدث مِن الفِتن.

(١٢٥) وفي( مُهج الدَعوات ومَنهج العبادات ) يتناول مجموعةً مِن الأدعية للرسول والأئمّة، ومع هذا يَذكر خلال كلامه أحداثاً تاريخيّة.

(١٢٦) وهو في كتابه( الإقبال ) يذكر مجموعةً مِن الأدعية، ويروي خلال ذلك أحداثاً تاريخيّة كعلاقة الصادق بالمنصور العبّاسي.

(١٢٧) ويبحث في كتابه:( سعد السعود ) تفسير آياتٍ مِن القرآن، يأخذها مِن تفاسير مُختلفة، ويَعرض في خلالها لقضايا الإمامة ودلائلها، كما يتكلّم عن الأئمّة وعن أحداث تاريخيّة كالمـُباهلة والغَدير.

وقد اتّبع ابن طاووس في كتابه طريقةً دقيقةً في النقل عن المصادر، فهو لا يكتفي بذِكر اسم مَن أخذ عنه، وإنّما يَذكر اسم الكتاب ومُؤلّفه والجُزء ورقم الصفحة(١) ، وحينما ينقل لا يكتفي بالنقل عن المصادر الإماميّة، وإنّما ينقل مِن مصادر المـُعتزلة ومصادر السُنّة.

(١٢٨) ويذكر أبو الفضل عليّ الطبرسي( المـُتوفّى في أوائل القرن السابع ) في كتابه:( مِشكاة الأنوار في غُرَر الأخبار ) أخباراً مُتفرِّقة مِن فِقهٍ وحديثٍ، ويتكلّم عن التقيّة والرجعة والشيعة وصفاتهم وفضائلهم.

(١٢٩) ولمحمّد بن محمّد بن نصير المِلّة الطوسي ( ت ٦٧٢هـ ) كتاب صغير باسم:( فُصول العقائد ) ، يبحث في عقائد الشيعة وفيه باب عن الإمامة.

(١٣٠) ويذكر جمال الدين أحمد آل طاووس ( ٦٧٧ هـ ) في كتابه:

____________________

(١) اُنظر: سعد السعود، ابن طاووس ص ٧٣، ٨١، ٨٣.

٤٥

( عين العبرة في غبن العِترة ) أخباراً مُتفرّقة عن الأئمّة، ويذكر آيات مُختلفة ويُفسّرها في ولاية عليّ والأئمّة.

(١٣١) أمّا أبو الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي ( ت ٦٩٣ هـ )، فقد ترجم للأئمّة في كتابه:( كشف الغُمّة في مَعرفة الأئمّة ) ، وذكر أخبارهم، وابتدأ كِتابه بذِكر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مع بيان فضل بني هاشم، ويذكر في هذا الصدد رسالتين للجاحظ في فضل بني هاشم غير موجودةٍ ضمن رسائل الجاحظ المـَطبوعة(١) .

وقد سار في حديثه عن حياة الأئمّة على طريقة المـُفيد في الإرشاد، والطبرسي في أعلام الورى ونَقل عنهما، كما نقل عن الكُليني وعن الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا.

ولجمال الدين الحسن بن يوسف المعروف بالعلاّمة الحلّي ( ت ٧٢٦ هـ ) بحوث في الإمامة عند الشيعة الإماميّة يتناول فيها نَظريّة الإمامة كما يبحث دلائلها.

(١٣٢) وله في هذا الباب كتاب:( مِنهاج الكَرامة في مَعرفة الإمامة ) ، يبدأ فيه بذكر مزايا الإمامة وشروطها ووجوبها، ثُمّ يبحث أدلّة الإمامة وتقسيمها إلى عِدّة أصناف، منها العقليّة ومنها المـُستمدّة مِن حياة عليّ ومنها ما نَصّ عليه القرآن والحديث النبوي، ثُمّ يذكر إمامة باقي الأئمّة باختصار.

(١٣٣) أمّا في( الألفين في إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ) ، فيبحث الحلّي ألفَي دليل على إمامة عليّ، وهو يتناول هُنا نظريّة الإمامة، فيذكر أنّ الإمامة لُطف مِن الله، ثُمّ يذكر وجوبها وكيفيّة نَصب الإمام، ثُمّ يُناقش مَن خالف الإماميّة الرأي في الإمامة، ثُمّ يتكلّم عن إمامة الأئمّة وعصمتهم ويناقش الإمامة عن طريق عصمة الأئمّة.

(١٣٤) أمّا( إحقاق الحقّ ) ، فهو كتاب في الكلام عن مسائل عدّة للردّ على النواصب كما يذكر الحِلّي، وفيه بابٌ عن الإمامة وصِفات الإمام وعصمته وطُريق تعيينه.

____________________

(١) اُنظر: الأربلي، كشف الغُمّة ج١ ص ٣٢.

٤٦

(١٣٥) ويبحث في كتابه:( كَشف المـُراد في شرح تَجريد الاعتقاد ) الإمامة، فيتناول إمامة عليّ ودلائلها، ثُمّ إمامة بقيّة الأئمّة، ثُمّ يتكلّم عن العصمة وصِفات الإمام.

(١٣٦) وللعلاّمة الحلّي أيضاً كتاب:( كَشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ) ، بحث في فضائل عليّ بن أبي طالب ومناقبه، مُعتمداً على كُتب المـَناقب غير الإماميّة، وخاصة كتاب المـَناقب للخوارزمي.

(١٣٧) وله كتاب في الرجال:( رجال العلاّمة الحلّي ) ، وقد قسّم هذا الكتاب إلى أبواب في ذِكر رجال الشيعة، وذَكر أخباراً مُتفَرّقة عن الشيعة، وسار على النسق الهجائي، كما أكثر مِن الرواية عن النجاشي والكشّي.

(١٣٨) وقد كَتب الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي كتاب:( الإرشاد ) ، وقد عاصر الديلمي ابن المـُطهّر الحلّي، وكتابه يبحث عن فضائل ومناقب عليّ وإمامته.

(١٣٩) وكَتب رجب البُرسي ( مِن القرن الثامن ) كتاب:( مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين ) ، والكتاب إضافة إلى أنّه يشمل فضائل عليّ، فإنّه يتناول مسائل مُتعدّدة عن الإمامة واختلاف الفِرَق حولها، كما تكلّم عن الغُلاة وبراءة الأئمّة منهم، كما ذَكر أخبار الأئمّة الاثني عشر.

(١٤٠) وهناك كتابٌ في الأنساب لجمال الدين أحمد بن عليّ الحسيني المعروف بابن عنبه ( ت ٨٢٨ هـ )، يتناول أنساب آل أبي طالب، مُبتدئاً بنَسَب أبي طالب وأخباره، كما يتكلّم عن نَسَب عقيل بن أبي طالب، ثُمّ يَذكر أنساب أولاد الحسن وأخبارهم، ثُمّ يَذكر أولاد الإمام زين العابدين وأولاد الباقر والصادق وبقيّة الأئمّة.

(١٤١) وكذلك يبحث تاج الدين بن محمّد بن حمزة بن زُهرة الحُسيني ( كان حيّاً سنة ٧٥٣ هـ ) الأنساب في كتابه:( غاية الاختصار في البيوتات العلويّة المـَحفوظة مِن الغبار ) ، فيبدأ بذِكر أنساب أبناء الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، كما يذِكر أعقاب بقيّة الأئمّة.

(١٤٢) ويتناول الشيخ حسن بن سليمان الحلّي ( مِن عُلماء أوائل القَرن التاسع ) في كتابه:( مُختصر بصائر الدرجات ) أُموراً مُتفرّقة عن الإمامة

٤٧

والرجعة والتَقيّة، وأخبار الأئمّة وذِكر إمامتهم.

(١٤٣) ويُخصّص العلاّمة عبد النبيّ بن الشيخ سَعد الدين الأسدي الجزائري ( ت ١٠٢٠ هـ ) كتاباً للإمامة، يُسمّيه( المبسوط في إثبات إمامة أمير المؤمنين ) ، يبحث فيه نَظريّة الإمامة ودلائلها والعِصمة.

(١٤٤) وقد اختصر الشيخ عبد الله محمّد السيوري الحلّي ( مِن القرن العاشر ) كتاب:( مِصباح المتهجد ) للطوسي، وسمّاه:( الكتاب النافع يوم الحشر في شرح باب الحادي عشر )، تكلّم فيه عن نظريّة الإمامة ودلائلها والعصمة.

(١٤٥) وكَتب عليّ بن الحسين بن شدقم الحسيني النسّابة ( ت ١٠٣٣هـ ) كِتاباً في الأنساب، سَمّاه:( زهرة المـَقول في نَسبِ ثاني فِرعَي الرسول )، بحث منه أنساب آل الرسول، كما أنّ له كتاباً آخر في الأنساب:( نُخبة الزهرة الثمينة في نَسب أشراف المدينة ) ، بحث فيه أنساب أولاد الأئمّة أيضاً.

وهكذا نلاحظ أنّ المصادر الإماميّة قد وجّهت اهتمامها إلى مسألة الإمامة، وأعطتها القسط الكبير مِن بحوثها، فلا يخلو كتاب - أيّاً كان نوعه، مِن كُتب الإماميّة مِن بحث الإمامة، كما أنّها اهتمّت بأخبار وتواريخ الأئمّة.

وهناك مصادر إماميّة مُتأخّرة تنقل عن المصادر السابقة، وتبحث في مواضيع مُختلفة كالإمامة وأخبار الأئمّة وتراجم رجال الحديث عند الشيعة.

(١٤٦) ومنها كتاب:( إثبات الهداة ُبالنصوص والمـُعجزات ) للحُرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ )، ذكر فيه إمامة الأئمّة الاثني عشر، كما ذَكر مصادره التي أخذ منها.

(١٤٧) كما كَتب:( الفصول المـُهمّة لمعرفة أحوال الأئمّة ) ، ذكر فيه أخباراً عن الأئمّة وإمامتهم.

(١٤٨) وترجم لرجال الشيعة في كتابه:( أمل الآمل ) .

(١٤٩) وذَكر هاشم البحراني ( ت ١١٠٧ هـ )، في كتابه:( عليّ والسُنّة ) أو( مناقب أمير المؤمنين ) ، أخباراً عن عليّ ودلائل إمامته كما أورد بعض

٤٨

الآيات وفسّرها بالإمامة، وقد أخَذ أكثر معلوماته عن مصادر أهل السُنّة.

(١٥٠) كما كَتب المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) كتاب:( بحار النوار ) ، ويُعدّ هذا الكتاب موسوعة جَمع فيه مؤلّفه أخباراً وأحاديث مِن مصادر مُتعدّدة، وتمتاز مصادره بقِدم عهدها، ويبدو أنّ بعض المصادر التي أخَذ منها قد ضاعت بعض أخبارها فلا نجدها في النُسخ المطبوعة.

(١٥١) أمّا نعمة الله الجزائري ( ت ١١١٢ هـ ) فقد، ذَكر أخبار الأئمّة في كتابه:( الأنوار النُعمانيّة ) ، كما بحث الإمامة والعصمة والتقيّة.

(١٥٢) وكذلك جعل الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) كتابه:( روضات الجنّات ) ، فهرساً لرجال الشيعة وأخبارهم.

ثُمّ هُناك مجموعة أُخرى مِن المصادر الإماميّة أقرب عهداً مِن سابقتها، ومنها ما كَتبه الشيخ جعفر النقدي، فقد تناول الإمامة وأخبار الأئمّة ومِن أشهر كُتبه:

(١٥٣) ( ذخائر القيامة ) ، تحدّث فيه عن نَظريّة الإمامة ودلائلها.

(١٥٤) كما أنّ له كتاب:( نُزهة المـُحبّين في فضائل أمير المؤمنين ) ، ذَكر فيه صِفات ومناقب عليّ وإمامته.

(١٥٥) وكذا في كتابه:( الأنوار العلويّة والأسرار المرتضويّة ) ، أكثرَ فيه مِن الرواية عن الحَنفي في ينابيع المودّة، والمـُتّقي الهندي في كَنز العمال.

(١٥٦) وذَكر الشيخ عبّاس القُمّي في كتابه:( الأنوار البهيّة في تواريخ الحُجَج الإلهيّة ) أخبار الأئمّة وصفاتهم.

(١٥٧) واقتصر الشيخ لُطف الله على بحث أخبار الإمام الثاني عشر في كتابه:( مُنتخب الأثر في الإمام الثاني عشر )، جَمع فيه الأخبار مِن المصادر القديمة.

(١٥٨) وكَتب الأردبيلي( باب النجاة ) ، ذكر فيه فِرَق الشيعة كما أورد عَدداً مِن الآيات وفسّرها بالإمامة وبحق آل البيت، ويُلاحظ أنّه أخذها مِن طُرق أهل السُنّة.

٤٩

(١٥٩) وذَكر عبد المهدي المـُظفر في كتابه:( إرشاد الأُمّة للتمسّك بالأئمّة ) إمامة عليّ ودلائلها، كما تَكلّم عن إمامة بقيّة الأئمّة، وقد سار على أُسلوب ابن المـُطهّر في منهاج الكرامة.

(١٦٠) وبحث محمّد حَسن المـُظفّر في:( دلائل الصِدق ) أُموراً فقهيّة، وخصّص قِسماً مِن كِتابه لبحث الإمامة وشروطها وعصمة الإمام، كما تناول دلائل الإمامة.

فهذه هي المصادر التي تُزوّدنا بمعلوماتٍ عن دراسة الشيعة الإماميّة، وتُعطينا صورةً واضحةً عن فكرة الإماميّة في الإمامة، وعن أشهَر فِرَقهم وأهمّ مبادئهم؛ لأنّ موضوع دراسة الشيعة الإماميّة موضوعٌ يحتاج إلى دِقّة في البحث، بعد أنْ كَثُرت فيه الآراء واضطربت، وبعد أنْ أُضيفت إليه آراء ليستْ منه، كما نُسبَت إليه فِرَق لا تُعد مِن فِرَق الشيعة وخاصّة الغُلاة، إذ أنّ نِسبة هذه الفِرَق إلى الشيعة ألقت ظلالاً مِن الشَكّ على مبادئ الشيعة؛ ممّا جَعلت البعض يَخلط بين مبادئ الإماميّة ومبادئ الغُلاة الخارجين عن فِرَق الشيعة.

٥٠

الفصلُ الثاني: أصلُ التَشيُّع وتَطوّرُه

١ - أصلُ التَشيُّع

٢ - تَطورّ التَشيُّع في ضوءِ ما مرّ به مِن أحداث

أ - مَقتلُ عليّ بن أبي طالب

ب - تنازُل الحسن بن علي

جـ - حَركة حِجر بن عَدي الكِندي

د - مَقتل الحُسين بن علي

هـ - حَركة التوّابين

و - المـُختار بن أبي عبيد الثقفي

ز - ثورةُ زيد بن علي

٥١

٥٢

أصلُ التَشيُّع:

قُبِضَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سَنة ١١ هـ، فاجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، ( وكان للمـُهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطبٌ طويل ومُجاذبة في الإمامة )(١) .

فالظاهر أنّ أوّل اختلاف حَصل بين المـُسلمين بعد وفاة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان حول مسألة الإمامة، ومَن يتولاّها بعد الرسول.

وكان في المدينة في تلك الفترة ثلاث جماعات، فالأنصار قد أعدّوا أنفسهم لها، وفكّروا بترشيح سعد بن عُبادة، وهُم ممَّن آووا ونصروا وغيرهم حاربوا وخذلوا، يدلّ على ذلك قول الحباب بن المـُنذر في اجتماع السقيفة:

( يا مَعشر الأنصار املكوا عليكم أمركم، فإنّ الناس في فيئكم وفي ظلّكم ...، فأنتم أحقّ بهذا الأمر منهم، فإنّه بأسيافكم دان لهذا الدين مَن دان )(٢) .

أمّا المهاجرون، فادعوا أنّ الخلافة لا تصلُح إلاّ في قُريش؛ لأنّهم عشيرة النبيّ، ويُمثّلهم أبو بكر وعُمر بن الخطّاب وأبو عُبيدة بن الجرّاح، واحتجّوا على الأنصار بأنّ قريشاً أولى بمحمّد منهم(٣) .

وجماعة بني هاشم وفيهم العبّاس عمّ النبي وعليّ بن أبي طالب ابن

____________________

(١) المسعودي: مروج الذهب ج٣ ص ٣٠٧.

(٢) الطبري: تاريخ الرُسل والمـُلوك ج٣ ص ٢٢٠.

(٣) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٠٢.

٥٣

عمّه والفضل بن العبّاس، ومعهم الزبير بن العوام فقد ظَهرت آراؤهم بعد السَقيفة ورأوا أنّ علياً أحقّ بالخلافة مِن غيره، وفي ذلك يقول الفضل بن العبّاس: ( يا معشر قريش ما حقّت لكم الخلافة بالتموية، ونحن أهلها وصاحبنا أولى بها منكم )(١) كما أنّ عليّاً يؤكّد أنّ له في هذا الأمر نصيباً لكنّه لم يستشر(٢) .

وتذكر بعض المصادر التاريخيّة أنّه بعد بيعة أبي بكر اتفق أبو بكر وعُمر بن الخطّاب على أنْ يجعلا للعبّاس بن عبد المـُطلب ( نصيباً في الخلافة )؛ ليأمنا جانبه وليتركا عليّاً بمُفرده، فكلّما العبّاس في ذلك فرفض؛ لأنّ هذا الأمر حقٌّ لآل الرسول، وقال لعُمر: ( إنّ الله بعث محمّداً كما وصفت نبيّاً وللمؤمنين وليّاً، فمنَّ على أُمته به حتى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده، فخَلى على المسلمين أُمورهم ليختاروا لأنفسهم، مُصيبين الحقّ لا مائلين بزيغ الهوى، فإنْ كُنت برسول الله طلبتَ فحقّاً أخذت، وإنْ كُنت بالمؤمنين فنحن منهم، فما تقدّمنا في أمرك فَرطاً ولا حَللنا وسطاً ولا برِحنا سَخطاً، وإنْ كان هذا الأمر إنّما وجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنّا كارهين ...، فأمّا قلتَ إنّك تجعله لي، فإنْ كان حقّاً للمؤمنين فليس لك أنْ تُحكّم فيه، وإنْ كان لنا فلمْ نرضَ ببعضه دون بعض، وعلى رَسلك فإنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مِن شجرة نحنُ أغصانها وأنتم جيرانها(٣) .

ويذكر اليعقوبي: إنّ مِن تخلّف عن البيعة قومٌ مِن المـُهاجرين والأنصار، ( ومالوا مع عليّ بن أبي طالب، منهم العبّاس بن عبد المـُطلب والفضل بن العبّاس والزبير بن العوام وخالد بن سعيد والمقداد بن عَمرو وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار بن ياسر والبراء بن عازب وأُبي بن كعب )(٤) .

أمّا الطبري فيذكر: ( فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نُبايع إلاّ

____________________

(١) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٠٣.

(٢) البلاذري: أنساب الأشراف ج ١ ص ٤٨٢، الطبري ج٣ ص ٥٨٢.

(٣) اليعقوبي: التاريخ ج ٢ ص ١٠٤، واُنظر: ابن قُتيبة، الإمامة والسياسة ج١ ص ١٥، واُنظر: سليم بن قيس الكوفي ( ت ٩٠ هـ ) صاحب عليّ بن أبي طالب، وله كِتاب( السقيفة ) ص ٦٨.

(٤) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٠٣.

٥٤

عليّاً )(١) .

وبضوء الروايات السابقة يتبيّن أنّ بعضَ مَن امتنع عن البيعة هُم أقرباءٌ لعلي، أمّا القسم الآخر، فقد وقفوا بجانب عليّ وفضّلوه وأهّلوه للخلافة، يدلّ على ذلك قول خالد بن سعيد وقد كان غائباً وقت السقيفة، فأتى عليّاً فقال: ( هلمَّ أُبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمّد منك )(٢) .

وقول سلمان حين بويع أبو بكر: ( لو بايعوا عليّاً لأكلوا مِن فوقهم ومِن تحت أرجُلهم )(٣) .

ويذكر سليم أنّ جماعةً مِن المـُهاجرين والأنصار - وعددهم أربعون رجلاً - أتوا إلى عليّ بن أبي طالب فبايعوه، فطلب منهم أنْ يصبحوا عند بابه مُحلقين رؤوسهم عليهم السلاح، فما أجاب منهم غير أربعة نَفر: سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام(٤) .

ويؤكّد ذلك اليعقوبي ولا يَذكر عَدد مَن اجتمع إلى علي، إلاّ أنّه يقول: أنّه لم يأتِه منهم غير ثلاثة نَفر(٥) .

وهذا دليل على قلّة أنصار عليّ في هذه الفترة.

إلاّ أنّ جميع مَن امتنع عن بيعة أبي بكر بايعه بعد أنْ بايع عليٌّ، وقد كان عليّ بن أبي طالب في هذه الفترة يشكو قِلّة الأنصار، قال:( فَسَدلتُ دونها ثوباً، وطويتُ عنها كشحاً، وطفقتُ أرتئي بين أنْ أصولَ بيدٍ جَذّاء أو أصبر على طخّيةٍ عَمياء، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ) (٦) ، فهذا رأي عليّ بن أبي طالب بالخلافة في تلك الفترة.

وفي الفترة التي تَلت السقيفة لم نسمع صوتاً لعليّ بن أبي طالب، ولا

____________________

(١) الطبري: تاريخ الرُسل والمـُلوك ج٣ ص ٢٠٢.

(٢) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٠٥.

(٣) البلاذري: أنساب الأشراف ج١ ص ٥٩١، ويذكر أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي ( ت٢٨٤هـ ) - مِن أصحاب الإمام محمّد الجواد، صاحب كُتب الرجال - أنّ هُناك جماعةً اعتزلت البيعة، ويذكر أنّ عددهم ١٢ رجُلاً ستّة مِن المـُهاجرين وستّة مِن الأنصار. اُنظر: البرقي، الرجال ص ٦٣.

(٤) سليم بن قيس: السقيفة ص ١١٥.

(٥) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٠٥.

(٦) ابن أبي حديد: شرح نَهج البلاغة ج١ ص ٥٠.

٥٥

للذين وقفوا بجانبه؛ لأنّهم آثروا العزلة والسُكوت كما آثرها عليّ بن أبي طالب.

ولمـّا طُعن عُمر بن الخِطاب صَيّر الأمر شورى بين ستّة نَفر مِن أصحاب الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): عليّ بن أبي طالب وعُثمان بن عفّان وعبد الرحمان بن عَوف والزُبير بن العوّام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص(١) .

ثُمّ طلب عُمر منهم إنْ اجتمع رأي ثلاثة وثلاثة كانوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمان بن عوف؛ إذ كان الثقة في دينه ورأيه، المأمون على الاختيار للمـُسلمين(٢) .

ولمـّا سَمع عليّ بن أبي طالب بهذا الشرط أيقن بضياع الأمر منه؛ لأنّ سعداً لا يُخالف ابن عمّه عبد الرحمان، نظير عثمان وصهره فأحدهما لا يُخالف الآخر، وأنّ عليّ بن أبي طالب لا ينتفع بكون طلحة والزبير معه(٣) .

ثُمّ طلب عبد الرحمان مِن عليّ إذا ولي الخلافة أنْ يسير بسيرة أبي بكر وعُمر، وأنْ لا يَحمل بني عبد المـُطلب على رقاب الناس، فامتنع عليّ وقال:( عليّ الاجتهاد ) ، وبويع عثمان وخرجَ عليّ مُغضباً، فلم يتركوه حتّى أخذوا بيعته(٤) .

وقد أيّد عليّ نفس الجماعة التي أيّدته وقتَ السقيفة ومالوا معه وتحاملوا في القول على عثمان.

فروى بعضهم أنّه دخل مسجد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعد تولية عُثمان، فرأى رجلاً يقول: ( وا عجباً لقُريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّهم، وفيهم أوّل المؤمنين وابن عمّ رسول الله أعلم الناس وأفقههم ....، والله لقد زَووها عن الهادي المـُهتدي الطاهر النَقي ...، فقلت: مَن أنت ومَن هذا

____________________

(١) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ١٦، اليعقوبي ج٢ ص ١٣٧.

(٢) ن. م: ج٥ ص ١٩.

(٣) ن. م: ج٥ ص ١٩.

(٤) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ٢٢.

٥٦

الرجل؟ فقال: أنا المقداد، وهذا الرَجل عليّ بن أبي طالب، فقال، فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأُعينُك عليه؟ فقال: يا ابن أخي إنّ هذا الأمر لا يُجزي فيه الرجل والرجلان. وكان أبو ذر وعبد الله بن مسعود على رأي المقداد أيضاً )(١) .

وأستمرّ أنصار عليّ على السُكوت أيضاً في هذه الفترة، ثُمّ حدثتْ في أواخر أيّام عثمان أُمور كثيرة أنكرها الناس عليه، ومنها: قضيّة التَصرّف ببيت المال، فانتُقِد لذلك مِن أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )(٢) .

وكان ممَّن انتَقد عثمان أبو ذر، حيث كان يعقد المجالس ويجمع إليه الناس ويحدّثهم بفضل عليّ بن أبي طالب، ويقول: وعليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد ووارث عِلمه، أيّتها الأُمّة المـُتحيّرة بعد نبيّها، أما لو قَدّمتُم مَن قدّم الله، وأخّرتم مَن أخّر الله، وأقررتُم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيّكم؛ لأكلتم مِن فوق رؤوسكم ومِن تحت أقدامكم )(٣) .

ولمـّا اشتدّ انتقاد أبي ذر لعُثمان وسياسته سيّره إلى الشام(٤) ، إلاّ أنّ أبا ذر استمرّ في نقد سياسة عُثمان وتَصرّفاته، فكتب معاوية إلى عثمان: ( إنّك قد أفسدّت الشام على نفسك بأبي ذر )، فاستقدمه إلى المدينة، ثُمّ سيّره إلى الربذة(٥) ، ومنع الناس مِن تشييعه فلم يُشيّعه أحدٌ غير عليّ والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمّار بن ياسر(٦) .

ولكنّ الطَبري يَذكر عن ابن سيرين: ( أنّ أبا ذر خرجَ إلى الربذة مِن قِبل نفسه، لمـّا رأى عُثمان لا ينزع له، وأخرج مُعاوية أهله مِن بعده )(٧) .

أمّا عمّار بن ياسر، فقد تولّى الصدقات أيّام عثمان، ثُمّ حدَث خلافٌ

____________________

(١) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٤٠.

(٢) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ٢٥ - ٥٩، اليعقوبي ج٢ ص ١٥٠، الطبري ج٤ ص ٣٣٠، المسعودي: مروج الذهب ج٢ ص ٣٤٧.

(٣) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٤٨.

(٤) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ٢٥٤، اليعقوبي ج٢ ص ١٤٨.

(٥) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ٥٥، اليعقوبي ج٢ ص ١٤٨.

(٦) ن. م ج٥ ص ٥٤، اليعقوبي ج٢ ص ١٤٩، والتَشيُّع: التوديع.

(٧) الطبري: تاريخ الرُسل والمـُلوك ج٤ ص ٢٨٤.

٥٧

بينه وبين عثمان وأجهر بانتقاد عثمان، فضُرِب حتى غُشيَ عليه - وكان شيخاً كبيراً - وقيل: إنّ سبب ذلك أنّه أخفى عنه قبرَ عبد الله بن مسعود، إذ كان المـُتولّي عليه والقائم بشأنه(١) .

وكذلك فعل عمّار عندما ماتَ المقداد فقد صلّى عليه ودفنه ولم يؤذن عثمان به، فاشتدّ غضبُ عُثمان على عمّار وقال: ويلي على ابن السوداء، أما لقد كنتُ به عليماً )(٢) . والمقداد مِن أنصار عليّ أيّام السقيفة والشورى كما مرّ.

وقد بلغَ عمّار حين بويع عُثمان قول أبي سُفيان في دار عثمان، عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان، وقد دخلَ داره ومعه بنو أُميّة، قال أبو سفيان: ( أفيكم أحدٌ مِن غيركم؟ - وقد كان عَميَ - قالوا: لا، فقال: يا بني أُميّة تلقّفوها تلقّف الكُرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلتُ أرجوها لكم، ولتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة ).

ونما هذا القول بين المـُهاجرين والأنصار، فقام عمّار في المسجد، فقال: يا معشر قُريش، أما إذا صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم هاهُنا مرّة وهاهُنا مرّة، فما أنا بآمن مِن أنْ ينتزعه الله منكم فيضعه في غيركم، كما نزعتموه مِن أهله ووضعتموه في غير أهله(٣) .

ثُمّ قُتل عُثمان وبقيَ الناس ثلاثة أيّام بلا إمام حتّى بويعَ علي(٤) .

ويذكر الطبري عن جعفر بن عبد الله المحمّدي عن محمّد بن الحنفية، قال: ( كُنت مع أبي حين قُتل عُثمان ...، فأتاه أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، فقالوا: إنّ هذا الرجل قد قُتل، ولا بدّ للناس مِن إمام، ولا نجد اليوم أحقّ بهذا الأمر منك، ولا أقدَم سابقةً، ولا أقرب مِن رسول الله، فقال: ( لا تفعلوا فإنّي أكون وزيراً خيراً مِن أنْ أكون أميراً )، فقالوا: لا والله، ما نحن بفاعلين حتّى نُبايعك، قال:( ففي المسجد، فإنّ بيعتي لا تكون خُفياً، ولا تكون إلاّ عن رضا المسلمين )، فلمّا دخل المسجد دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه، ثُمّ

____________________

(١) البلاذري: أنساب الأشراف ج٥ ص ٤٩.

(٣) المسعودي: مروج الذهب ج٢ ص ٣٥١.

(٤) الدينوري: الأخبار الطوال ص ١٤٠.

٥٨

بايعه الناس )(١) .

وقد واجه عليٌّ في فترة تَولّيه الخلافة مَشاكل عديدة، فأوّل هذه المشاكل ظُهور جماعةٍ تُطالب بدمِ عُثمان وقتلِ قَتلَته، ويُسمّي الطبري طائفةً منهم، مثل حسّان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد ...، ويذكر أنّهم كانوا عُثمانيّة(٢) . وخرج طلحة والزبير على عليّ مُطالبين بدم عثمان ومالت معهم عائشة، وكانت مِن أشدّ المـُنكرين على عُثمان كما كان طلحة والزبير، إلاّ أنّها بعد أنْ سمعت بتولية عليّ قالت: ( والله ما أُبالي أنْ تقع هذه على هذه )(٣) .

والزبير كان مِن أنصار عليّ في الفَترة التي سبقت تولّيه الخلافة، لكنّه خرج مع طلحة وعائشة أُمّ المؤمنين، وقالوا إنّهم إنّما خرجوا غَضباً لعثمان وتوبةٍ ممّا صنعوا مِن خُذلانه(٤) .

واتّفق أمرهم على قتال عليّ واجتمعوا عند عائشة، وقالوا: ( نَسير إلى المدينة ونُقاتل عليّاً، فقال بعضهم: ليستْ لكم بأهل المدينة طاقة، قالوا: نسير إلى الشام شيعةً لعُثمان فنطلب بدمه، فقال قائل: هُناك معاوية وهو والي الشام والمـُطاع به، ولن تنالوا ما تُريدون، وهو أولى منكم بما تُحاولون ابن عمّ الرجل، فقال بعضهم: نسير إلى العراق فلطلحة بالكوفة شيعة وللزبير بالبصرة مَن يهواه، فأجمعوا على المسير إلى البصرة )(٥) ، فكلمة شيعةٍ هُنا يُراد بها الأنصار، فأُطلقت على أنصار عثمان، كما أُطلقت على أنصار طلحة.

وتلاقى الطَرفان وكانت وقعةُ الجَمل. وتذكر المصادر أنّ عليّاً أرسل الحسن وعمّار إلى أهل الكوفة لدعوتهم إلى أنجاده والنهوض إليه، ( فتداعى

____________________

(١) الطبري: الرُسل والمـُلوك ج٤ ص ٤٢٧.

(٢) ن. م ج٤ ص ٤٢٩، المسعودي: مروج الذهب ج٢ ص ٣٦٢، وللجاحظ رسالةٌ عن العثمانيّة، وقد ردّ عليه أبو جعفر الإسكافي في( مُناقضات أبي جعفر لبعض ما أورده الجاحظ في العُثمانيّة ) .

(٣) اليعقوبي: التاريخ ج٢ ص ١٥٦.

(٤) الطبري: تاريخ الرُسل والمـُلوك ج٤ ص ٤٩٠.

(٥) البلاذري: أنساب الأشراف ج٢ الورقة ٧١ ب.

٥٩

إليه عشرة آلاف على راياتهم، ويقال اثنا عشر ألفاً )، ومِن القبائل التي وقفت إلى جانب علي: همدان، وقضاعة ومِذحج وطَي وكِندة وحضرموت وعليها حِجر بن عَدي(١) .

ويذكر البلاذري أنّ الحسن حينما سار إلى البصرة لدعوة الناس إلى القتال في الجَمل: ( خرجَ إليه شيعته مِن أهل البصرة مِن ربيعة وهُم ثلاثة آلاف )(٢) .

فربيعة شيعة لعليّ بن أبي طالب، وتعني الشيعة هُنا الأنصار، ثُمّ يذكر المسعودي أنّ هَمَدان مِن شيعة عليّ، ويقول، ( وشيعته مِن هَمَدان )(٣) .

فالشيعة هُنا تعني الأنصار أيضاً.

وكان مِن أنصار عليّ أيضاً حِجر بن عَدي الكِندي، وحِجر معه كندة وقضاعة وحضرموت، وهو ممَّن دعا إلى نُصرة علي، فيُمكن عدّه مِن شيعة عليّ وأنصاره، وحِجر شيخ قبيلته فلا بُدّ أنْ يتبعه جميع أفراد القبيلة أو قِسم منهم.

ويَذكر المسعودي الأشراط الخمسين - وهم الذين بايعوا علياً على الموت - ويُدخل عمّار بن ياسر ضِمنهم(٤) .

وقد شاع في هذه الفترة إطلاق كَلمة الوصي على عليّ، وقد جمعَ ابن أبي الحديد عَدداً مِن الأشعار والأراجيز التي تتَضمَّن هذه اللفظة، نقلاً عن كتاب وقعة الجَمل لأبي مِخنف، منها قول أبي الهيثم بن التهيان:

إنّ الوصيّ إمامُنا ووليّنا

برح الخفاءُ وباحت الأسرار

وقول رجلٍ مِن الأزد:

____________________

(١) البلاذري: أنساب الأشراف ج٢ الورقة ٧٢ أ.

(٢) ن. م ج٢ الورقة ٧٢ آ.

(٣) المسعودي: مروج الذهب ج٢ ص ٣٧٧.

(٤) المسعودي: مروج الذهب ج٢ ص ٣٩٢، ( معنى الأشراط مأخوذٌ مِن شَرطة الخميس، والمقصود به الجيش، وإنّما سُمّي كذلك؛ لأنّه مُقسّم إلى خمسة أقسام: المـُقدّمة والقَلب والميمنة والميسرة والساقة.

٦٠