تفسير القمى الجزء ١

تفسير القمى0%

تفسير القمى مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 403

تفسير القمى

مؤلف: ابى الحسن على بن ابراهيم القمى
تصنيف:

الصفحات: 403
المشاهدات: 39833
تحميل: 8558


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39833 / تحميل: 8558
الحجم الحجم الحجم
تفسير القمى

تفسير القمى الجزء 1

مؤلف:
العربية

وهم سلمان وابوذر والمقدادوعمار رضي‌ الله ‌عنهم (ومنهم من صد عنه) وهم غاصبوا آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حقهم، ومن تبعهم قال فيهم نزلت (وكفى بجهنم سعيرا) ثم ذكر عزوجل ما قد اعده لهؤلاء الذين قد تقدم ذكرهم وغصبهم فقال: (ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا) قال الآيات امير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام ، وقوله (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما) فقيل لابي عبداللهعليه‌السلام كيف تبدل جلود غيرها؟ قال أرأيت لو اخذت لبنة فكسرتها وصيرتها ترابا ثم ضربتها في الفالب اهي التى كانت، إنما هي ذلك، وحدث تفسيرا آخر والاصل واحد.

ثم ذكر المؤمنين المقرين بولاية آل محمدعليهم‌السلام بقوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا لهم فيها ازواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا) ثم خاطب الائمةعليهم‌السلام ، فقال: (ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات إلى اهلها) قال فرض الله على الامام ان يؤدي الامانة إلى الذي امره الله من بعده ثم فرض على الامام ان يحكم بين الناس بالعدل فقال (واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) ثم فرض على الناس طاعتهم فقال: (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) يعني امير المؤمنينعليه‌السلام حدثني ابي عن حماد عن حريز عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال نزلت " فان تنازعتم في شئ فارجعوه إلى الله والى الرسول والى اولي الامر منكم ".

وقوله (ألم تر إلى الذين يزعمون انهم آمنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا ان يكفروا به) فانها نزلت في الزبير بن العوام فانه نازع رجلا من اليهود في حديقة فقال الزبير ترضى بابن شيبة اليهودي فقال اليهودي ترضى بمحمد؟ فانزل الله " ألم تر إلى الذين يزعمون

١٤١

انهم آمنوا.الخ " وقوله (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) وهم اعداء آل محمد كلهم جرت فيهم هذه الآية واما قوله (فكيف إذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاؤك بحلفون بالله ان اردنا إلا احسانا وتوفيقا) فهذا مما تأويله بعد تنزيله في القيامة إذا بعثهم الله حلفوا لرسول الله إنما اردنا بما فعلنا من ازالة الخلافة عن موضعها إلا احسانا وتوفيقا، والدليل على ان ذلك في القيامة ما حدثني به ابي عن ابن ابي عمير عن منصور عن ابي عبداللهعليه‌السلام وعن ابي جعفرعليه‌السلام قالا المصيبة هى الخسف والله بالمنافقين عند الحوض، قول الله (فكيف إذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاؤك يحلفون بالله ان اردنا إلا احسانا وتوفيقا) ثم قال الله (اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم) يعني من العداوة لعلى في الدنيا (فاعرض عنهم وعظهم وقل لهم في انفسهم قولا بليغا) اي ابلغهم في الحجة عليهم وآخر امرهم إلى يوم القيامة وقوله (وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع باذن الله) اي بأمر الله وقوله (ولو انهم إذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله) فانه حدثني ابي عن ابن ابى عمير عن ابن اذينة عن زرارة عن ابى جعفر (ع) قال "ولو انهم إذ ظلموا انفسهم جاؤك يا علي فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" هكذا نزلت.

ثم قال (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) ياعلي (فيما شجر بينهم) يعني فيما تعاهدوا وتعاقدوا عليه من خلافك بينهم وغصبك ثم (لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت) عليهم يا محمد على لسانك من ولايته (ويسلموا تسليما) لعلي (ع) ثم قال (ولو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم) إلى قوله (ولهديناهم صراطا مستقيما) فانه محكم واما قوله (ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا) قال النبيين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والصديقين علي (ع) والشهداء الحسن

١٤٢

والحسينعليهما‌السلام ، والصالحين الائمة، وحسن أولئك رفيقا، القائم من آل محمدعليهم‌السلام ، وقوله (ياايها الذين آمنوا حذوا حذركم فانفروا ثبات او انفروا جميعا وان منكم لمن ليبطئن فان اصابتكم مصيبة قال قد انعم الله علي إذ لم اكن معهم شهيدا) قال الصادق (ع) والله لو قال هذه الكلمة أهل الشرق والغرب لكانوا بها خارجين من الايمان(١) ولكن الله قد سماهم مؤمنين باقرارهم (وقوله فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحيوة الدنيا بالآخرة) أي يشترون وقوله (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) بمكة معذبين فقاتلوا حتى يتخلصوا وهم يقولون (ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا الذين آمنوا) يعني المؤمنين من أصحاب النبي (يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) وهم مشركوا قريش يقاتلون على الاصنام وقوله (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصلاة وآتوا الزكوة) فانها(٢) نزلت بمكة قبل الهجرة فلما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة وكتب عليهم القتال نسخ هذا، فجزع اصحابه من هذا فانزل الله " ألم تر إلى الذين قيل لهم بمكة كفوا ايديكم " لانهم سألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة ان يأذن لهم في محاربتهم فانزل الله " كفوا

____________________

(١) لان قائل هذه الكلمة قد اظهر عدم وفائه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين حيث اظهر فرحه على عدم اصابته المصيبة معهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع انه من شأن المؤمن ان يشارك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المصائب حيث امكن، ومع عدم الامكان يتمنى المشاركة ويظهر حزنه على حزنه.ج-ز

(٢) يعني ان آية " كفوا ايديكم واقيموا الصلوة وآتوا الزكوة " فقط نزلت بمكة، والباقي نزل في المدينة.ج-ز

١٤٣

ايديكم واقيموا الصلوة وآتوا الزكوة " فلما كتب عليهم القتال بالمدينة (قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا إلى اجل قريب) فقال الله قل لهم يا محمد (متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا) الفتيل القشر الذي في النواة ثم قال: (اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) يعني الظلمات الثلاث التي ذكرها وهى المشيمة والرحم والبطن وقوله (وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عندالله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله) يعني الحسنات والسيئات ثم قال في آخر الآية (ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك) وقد اشتبه هذا على عدة من العلماء، فقالوا يقول الله وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله الحسنة والسيئة، ثم قال في آخر الآية " وما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك، فكيف هذا وما معنى القولين؟ فالجواب في ذلك ان معنى القولين جميعا عن الصادقينعليهم‌السلام انهم قالوا الحسنات في كتاب الله على وجهين والسيئات على وجهين (فمن الحسنات) التي ذكرها الله، الصحة والسلامة والامن والسعة والرزق وقد سماها الله حسنات " وان تصبهم سيئة " يعني بالسيئة ههنا المرض والخوف والجوع والشدة " يطيروا بموسى ومن معه " أي يتشاء‌موا به (والوجه الثاني من الحسنات) يعني به افعال العباد وهو قوله " من جاء بالحسنة فله عشر امثالها " ومثله كثير وكذلك السيئات على وجهين فمن السيئات الخوف والجوع والشدة وهو ما ذكرناه في قوله " وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه " وعقوبات الذنوب فقد سماها الله السيئات (والوجه الثاني من السيئات) يعني بها؟ افعال العباد التي يعاقبون عليها فهو قوله " ومن جاء بالسيئة فكبت وجوهم في النار " وقوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " يعني ما عملت

١٤٤

من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا والآخرة فمن نفسك بافعالك لان السارق يقطع والزاني يجلد ويرجم والقاتل يقتل فقد سمى الله تعالى العلل والخوف والشدة وعقوبات الذنوب كلها سيئات فقال ما اصابك من سيئة فمن نفسك باعمالك وقوله (قل كل من عند الله) يعنى الصحة والعافية والسعة والسيئات التي هي عقوبات الذنوب من عند الله وقوله عزوجل يحكى قول المنافقين فقال (ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون) اى يبدلون (فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) وقوله (واذا جاء‌هم امر من الامن والخوف اذاعوا به) اي اخبروا به (ولو ردوه إلى الرسول والى اولي الامر منهم) يعنى امير المؤمنينعليه‌السلام (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) اي الذين يعلمون منهم وقوله (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) قال الفضل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والرحمة امير المؤمنينعليه‌السلام (لاتبعتم الشيطان الا قليلا) وقوله (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) قال يكون كفيل ذلك الظلم الذي يظلم صاحب الشفاعة وقوله (وكان الله على كل شئ مقيتا) اي مقتدرا وقوله (واذا حبيتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها ان الله كان على كل شئ حسيبا) او ردوها قال السلام وغيره من البر.

وقوله (الله لا اله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه - إلى قوله فلن تجد له سببلا) فانه محكم، وقوله (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تنخذوا منهم اولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فان تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا) فانها نزلت في اشجع وبنى ضمرة (وهما قبيلتان) وكان من خبرهما انه لما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزاة الحديبية (بدر ط) مر قريبا من بلادهم وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هادن

١٤٥

بنى ضمرة ووادعهم(١) قبل ذلك فقال اصحاب رسول الله ص، يا رسول الله هذه بنو ضمرة قريبا منا ونخاف ان يخالفونا إلى المدينة او يعينوا علينا قريشا فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلا إنهم أبر العرب بالوالدين، واوصلهم للرحم، وأوفاهم بالعهد، وكان اشجع بلادهم قريبا من بلاد بنى ضمرة وهم بطن من كنانة وكانت اشجع بينهم وبين بنى ضمرة حلف في المراعات والامان، فاجدبت بلاد اشجع واخصبت بلاد بنى ضمرة فصارت اشجع إلى بلاد بنى ضمرة فلما بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسيرهم إلى بنى ضمرة تهيأ للمصير إلى اشجع فيغزوهم للموادعة التي كانت بينه وبين بنى ضمرة فانزل الله ودوا لو تكفرون كما كفروا.الخ ثم استثنى بأشجع فقال (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق او جاء‌كم حصرت صدورهم ان يقاتلونكم او يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان اعتزلوكم ولم يقاتلوكم والقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) وكانت اشجع محالها البيضاء والجبل والمستباح، وقد كانوا قربوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهابوا لقربهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يبعث اليهم من يغزوهم وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد خافهم ان يصيبوا من اطرافه شيئا فهم بالمسير اليهم فبينما هو على ذلك اذ جاء‌ت اشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة وهم سبعمائة، فنزلوا شعب سلع وذلك في شهر ربيع الاول (الآخر ط) سنة ست فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اسيد ابن حصين، فقال له اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظر ما اقدم اشجع، فخرج اسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم، فقال ما اقدمكم؟ فقام اليه مسعود بن رجيلة وهو رئيس اشجع فسلم على اسيد وعلى اصحابه وقالوا جئنا لنوادع محمدا فرجع اسيد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخبره، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) اي صالحهم

١٤٦

خاف القوم ان اغزوهم فأرادوا الصلح بينى وبينهم، ثم بعث اليهم بعشرة اجمال تمر فقدمها امامه، ثم قال نعم الشئ الهدية امام الحاجة، ثم اتاهم، فقال يامعشر اشجع ما اقدمكم؟ قالوا قربت دارنا منك وليس في قومنا اقل عددا منا فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، وضقنا بحرب قومك لقلتنا فيهم، فجئنا لنوادعك فقبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك منهم ووادعهم، فاقاموا يومهم ثم رجعو إلى بلادهم وفيهم نزلت هذه الآية (الا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق - إلى قوله - فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) وقوله (ستجدون آخرين يريدون ان يأمنوكم ويامنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة اركسوا فيها) نزلت في عيينة بن حصين الفزاري اجدبت بلادهم، فجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووادعه على ان يقيم ببطن نخل، ولا يتعرض له وكان منافقا ملعونا، وهو الذي سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاحمق المطاع في قومه، ثم قال (فان لم يعتزلوكم ويلقوا اليكم السلم ويكفوا ايديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم واولئك جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا).

وقوله (وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ) أي لا عمدا ولا خطأء والا في موضع لا وليست باستثناء (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى اهله الا ان يصدقوا) يعني يعفوا ثم قال (فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) وليست له دية يعني اذا قتل رجل من المؤمنين وهو نازل في دار الحرب فلا دية للمقتول وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن نزل دار الحرب فقد برئت الذمة ثم قال (وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى اهله وتحرير رقبة مؤمنة) يعني ان كان المؤمن نازلا في دار الحرب، وبين اهل الشرك وبين الرسول او الامام عهد ومدة ثم قتل ذلك المؤمن وهو بينهم فعلى القاتل دية مسلمة إلى اهله وتحرير رقبة مؤمنة (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) وقوله

١٤٧

(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) قال من قتل مؤمنا على دينه(٢) لم تقبل توبته، ومن قتل نبيا او وصي نبي فلا توبة له لانه لا يكون له مثله فيقاد به، وقد يكون الرجل بين المشركين واليهود والنصارى يقتل رجلا من المسلمين على انه مسلم فاذا دخل في الاسلام محاه الله عنه لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاسلام يجب ما كان قبله اي يمحو، لان اعظم الذنوب عند الله هو الشرك بالله فاذا قبلت توبته في الشرك قبلت فيما سواه واما قول الصادقعليه‌السلام ليست له توبة فانه عنى من قتل نبيا أو وصيا فليست له توبة فانه لا يقاد احد بالانبياء إلا الانبياء وبالاوصياء إلا الاوصياء والانبياء والاوصياء لا تقتل بعضهم بعضا وغير النبي والوصي لا يكون مثل النبي والوصي فيقاد به وقاتلهما لا يوفق للتوبة.

وقوله (ياايها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحيوة الدنيا) فانها نزلت لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة خيبر وبعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الاسلام، وكان رجل من اليهود يقال؟ له؟ مرداس بن نهيك الفدكى في بعض القرى فلما احس بخيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع اهله وماله وصار في ناحية الجبل فاقبل يقول اشهد ان لا اله إلا الله وان محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمر باسامة بن زيد فطعنه فقتله، فلما رجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اخبر بذلك فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قتلت رجلا شهد أن لا اله الا الله واني رسول الله فقال يارسول الله انما قال تعوذا من القتل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا شققت الغطاء عن قبله ولا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه

____________________

(١) اي لاجل دينه.

(٢) من القود بالتحريك وهو القصاص ج

١٤٨

علمت فحلف بعد ذلك انه لا يقتل احدا شهد ان لا اله الا الله وأن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتخلف عن امير المؤمنينعليه‌السلام في حروبه، وأنزل الله في ذلك " ولا تقولوا لمن القى اليكم السلم لست مؤمنا.الخ " ثم ذكر فضل المجاهدين على القاعدين فقال (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولى الضرر) يعني الزمن كما ليس على الاعمى حرج (والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم إلى آخر الآية) وقوله (ان الذين توفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم) قال نزلت فيمن اعتزل امير المؤمنينعليه‌السلام ولم يقاتل معه فقالت الملائكة لهم عند الموت (فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض) اي لم نعلم مع من الحق فقال الله (الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها) اي دين الله وكتاب الله واسع فتنظروا فيه (فاولئك ماويهم جهنم وساء‌ت مصيرا) ثم استثنى فقال (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) حدثنى ابي عن يحيى عن ابى عمران عن يونس عن حماد عن ابن طيار عن ابى جعفر ع ط) بن يحيى عن ابن ابي عمير عن يونس عن حماد بن الظبيان عن ابي جعفرعليه‌السلام قال سألت عن المستضعف فقال هو الذي لا يستطيع حيلة الكفر فيكفر ولا يهتدي سبيلا إلى الايمان لا يستطيع ان يؤمن ولا يستطيع ان يكفر فهم الصبيان، ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان من رفع عنه القلم، وقوله (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الارض مراغما كثيرا وسعة) اي يجد خيرا اذا جاهد مع الامام وقوله (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله) قال اذا خرج إلى الامام ثم مات قبل ان يبلغه وقوله (واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلوة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا) فانه حدثني ابي عن النوفلي عن السكوني عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال قال امير المؤمنينعليه‌السلام ستة لا يقصرون الصلوة، الجباة الذين يدورون في جبايتهم، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والامير الذي يدور في امارته

١٤٩

والراعي الذي يطلب مواقع القطر ومنبت الشجر والرجل يخرج في طلب الصيد يريد لهوا للدنيا والمحارب الذي يقطع الطريق.

واما قوله (واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلوة فلتقم طائفة منهم معك الآية) فانها نزلت لما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحديبية يريد مكة فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ليستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الجبال، فلما كان في بعض الطريق وحضرت صلوة الظهر فاذن بلال فصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس، فقال خالد بن الوليد لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلوة لاصبناهم، فانهم لا يقطعون صلاتهم ولكن يجئ لهم الآن صلوة اخرى هي احب اليهم من ضياء ابصارهم فاذا دخلوا فيها حملنا عليهم، فنزل جبرئيل (ع) بصلوة الخوف بهذه الآية واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلوة.الخ ففرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اصحابه فرقتين، فوقف بعضهم تجاه العدو وقد اخذوا سلاحهم وفرقة صلوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قياما، ومروا فوقفوا مواقف اصحابهم وجاء اولئك الذين لم يصلوا فصلى ربهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الركعة الثانية، ولهم الاولى وقعد وتشهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقاموا اصحابه وصلوا هم الركعة الثانية وسلم عليهم وقوله (واذا قضيتم الصلوة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) قال الصحيح يصلى قائما والعليل يصلى جالسا فمن لم يقدر فمضطجعا يؤمي ايماء‌ا وقوله (ان الصلوة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) اي موجوبة وقوله (ولا تهنوا في ابتغاء القوم) فانه معطوف على قوله في سورة آل عمران " ان يمسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله " وقوله (انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) فانه كان سبب نزولها ان قوما من الانصار من بني ابيزق اخوة ثلاثة كانوا منافقين بشير وبشر ومبشر، فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدريا واخرجوا طعاما كان اعده لعياله وسيفا

١٥٠

ودرعا فشكى قتادة ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يارسول الله ان قوما نقبوا على عمي واخذوا طعاما كان اعده لعياله ودرعا وسيفا وهم اهل بيت سوء، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو ابيزق لقتادة هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ ذلك لبيدا فاخذ سيفه وخرج عليهم فقال يابني ابيزق اترموننى بالسرقة وانتم اولى به مني وانتم المنافقون تهجون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتنسبون إلى قريش لتبينن ذلك او لاملان سيفي منكم، فداروه فقالوا له ارجع يرحمك الله فانك برئ من ذلك، فمشوا بنو ابيزق إلى رجل من رهطهم يقال له اسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا فمشى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى اهل بيت منا اهل شرف ونسب وحسب فرماهم بالسرقة، واتهمهم بما ليس فيهم، فاغتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك وجاء اليه قتادة فاقبل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له عمدت اهل بيت شرف وحسب نسب فرميتهم بالسرقة فعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه وقال ياليتني مت ولم اكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كلمني بما كرهته، فقال عمه الله المستعان فانزل الله في ذلك على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله (انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله ان الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون انفسهم ان الله لا يحب من كان خوانا آثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضى من القول) يعني الفعل فوقع القول مقام الفعل.

ثم قال (هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحيوة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوء‌ا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما، ومن يكسب إثما فانما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما، ومن يكسب خطيئة او اثما ثم يرم به بريئا) يعني لبيد بن سهل (فقد احتمل

١٥١

بهتانا واثما مبينا) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام قال ان اناسا من رهط بشير الادنين قالوا انطلقوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا نكلمه في صاحبنا ونعذره وان صاحبنا برئ فلما انزل الله " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم - إلى قوله - وكيلا " فاقبلت رهط بشير فقال يابشير استغفر الله وتب الله من الذنب فقال والذي احلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت " ومن يكسب خطيئة او اثما يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا " ثم أن بشيرا كفر ولحق بمكة وانزل الله في النفر الذين اعذروا بشيرا واتوا النبي ليعذروه قوله (ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك وما يضلون إلا انفسهم وما يضرونك من شئ وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) ونزلت في بشير وهو بمكة (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساء‌ت مصيرا).

وقال علي بن ابراهيم في قوله (لا خير في كثير من نجويهم) وقال لا خير في كثير من كلام الناس ومحاوراتهم إلا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما) حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن حماد عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال ان الله فرض التحمل (التمحل ن) في القرآن، قلت وما التحمل؟ جعلت فداك، قال ان يكون وجهك اعرض من وجه اخيك فتحمل له وهو قوله " لا خير في كثير من نجويهم " حدثني ابي عن بعض رجاله رفعه إلى امير المؤمنينعليه‌السلام قال ان الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض عليكم زكاة ما ملكت ايديكم، وقوله (من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) اي يخالفه (نوله ما تولى ونصله جهنم وساء‌ت مصيرا) وقوله (ان يدعون من دونه إلا اناثا) قال قالت قريش ان الملائكة هم بنات الله (وإن

١٥٢

يدعون..إلا شيطانا مريدا) قال كانوا يعبدون الجن وقوله (لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) يعني ابليس حيث قال: (ولاضلنهم ولامنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغبرن خلق الله) اي امر الله وقوله (ليس بأمانيكم ولا أماني اهل الكتاب) يعني ليس ما تتمنون انتم ولا اهل الكتاب أن لا تعذبوا بافعالكم وقوله (ولا يظلمون نقيرا) وهي النقطة التي في النواة وقوله (واتبع ملة ابراهيم حنيفا) قال هي الحنفية العشرة التي جاء بها ابراهيم التي لم تنسخ إلى يوم القيامة(١) وقوله (واتخذ الله ابراهيم خليلا) فانه حدثني ابى عن هارون بن مسلم عن مسعود (مسعدة ط) بن صدقة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال ان ابراهيمعليه‌السلام هو اول من حول له الرمل دقيقا، وذلك انه قصد صديقا له بمصر في قرض طعام، فلم يجده في منزله فكره ان يرجع بالحمار خاليا فملا جرابه رملا، فلما دخل منزله خلا بين الحمار وبين سارة، استحياء‌ا منها ودخل البيت ونام، ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون، فخبزت وقدمت اليه طعاما طيبا، فقال ابراهيم من اين لك هذا؟ قالت من الدقيق الذي حملته من عند خليلك المصري، فقال ابراهيم اما انه خليلي وليس بمصري فلذلك اعطي الخلة فشكر الله وحمده واكل وقوله (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع) واما قوله (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) قال ان خافت المرأة من زوجها ان يطلقها ويعرض عنها فتقول له قد تركت لك كلما عليك ولا اسألك نفقة فلا تطلقني ولا تعرض عني فاني اكره شماتة الاعداء، فلا جناح عليه ان يقبل ذلك ولا يجري عليها شيئا، وفي رواية ابى الجارود

____________________

(١) وياتى ذكرها في ص ٣٩١ من هذا الكتاب.ج.ز

١٥٣

عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله " ويستفتونك في النساء " فان نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن النساء ما لهن من الميراث فانزل الله الربع والثمن، وقوله (وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء) فان الرجل كان يكون في حجره يتيمة فتكون ذميمة او ساقطة يعني حمقاء فيرغب الرجل عن ان يزوجها ولا يعطيها مالها فينكحها غيره من اخذ مالها ويمنعها النكاح ويتربص بها الموت ليرثها فنهى الله عن ذلك وقوله (والمستضعفين من الولدان) فان اهل الجاهلية كانوا لا يورثون الصبي الصغير ولا الجارية من ميراث آبائهم شيئا وكانوا لا يعطون الميراث إلا لمن يقاتل وكانوا يرون ذلك في دينهم حسنا، فلما انزل الله فرائض المواريث وجدوا من ذلك وجدا(١) شديدا، فقالوا انطلقوا الي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنذكره ذلك لعله يدعه او يغيره فاتوه، فقالوا يارسول الله للجارية نصف ما ترك ابوها واخوها ويعطى الصبي الصغير الميراث وليس احد منهما يركب الفرس ولا يحوز الغنيمة ولا يقاتل العدو، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك امرت، واما قوله (وان تقوموا لليتامي بالقسط) فانهم كانوا يفسدون مال اليتيم فامرهم الله ان يصلحوا مالهم واما قوله (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا) نزلت في ابنة محمد بن مسلمة كانت امرأة رافع بن جريح، وكانت امرأة قد دخلت في السن فتزوج عليها امرأة شابة كانت اعجب اليه من ابنة محمد بن مسلمة، فقالت له بنت محمد بن مسلمة ألا اراك معرضا عني مؤثرا علي؟ فقال رافع هي امرأة شابة وهي اعجب الي فان شئت اقررت على ان لها يومين او ثلاثة مني ولك يوم واحد، فابت ابنة محمد بن مسلمة ان ترضاها فطلقها تطليقة واحدة ثم طلقها اخرى، فقالت لا والله لا ارضى ان تسوي بيني وبينها يقول الله (واحضرت الانفس الشح)

____________________

(١) الفرح والحزن والمراد معني الاخير، فهو من لغات الاضداد.ج-ز.

١٥٤

وابنة محمد لم تطب نفسها بنصيبها وشحت عليه، فعرض عليها رافع اما ان ترضى واما ان يطلقها الثالثة، فشحت على زوجها ورضيت فصالحته على ما ذكر فقال الله (فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) فلما رضيت واستقرت.

لم يستطع ان يعدل بينهما فنزلت (ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلفة) ان تأتي واحدة وتذر الاخرى لا ايم(١) ولا ذات بعل وهذه السنة فيما كان كذلك إذا اقرت المرأة ورضيت على ما صالحها عليه زوجها فلا جناح على الزوج ولا على المرأة وان هي ابت طلقها او يساوي بينهما لا يسعه إلا ذلك.

قال علي بن ابراهيم في قوله (واحضرت الانفس الشح) قال احضرت الشح فمها ما اختارته ومنها ما لم تختره وقوله (ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء) انه روي انه سأل رجل من الزنادقة ابا جعفر الاحول فقال اخبرني عن قوله " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة " وقال في آخر السورة " ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل " فبين القولين فرق، فقول ابوجعفر الاحول فلم يكن في ذلك عندي جواب فقدمت المدينة، فدخلت على ابي عبدالله (ع) فسألته.

عن الآيتين، فقال اما قوله " فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة " فانما عنى به النفقة وقوله " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء فانما عنى به المودة، فانه لا يقدر احد ان يعدل بين امرأتين في المودة، فرجع ابوجعفر الاحول إلى الرجل فاخبره، فقال هذا حملته الابل من بالحجاز.

واما قوله (ياايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي

____________________

(١) الايم كقيم امرأة لا بعل لها.ج.ز.

١٥٥

أنفسكم او الوالدين والاقربين ان يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما - إلى قوله - فان الله كان بما تعملون خبيرا) فان الله امر الناس ان يكونوا قوامين بالقسط اى بالعدل ولو على انفسهم او على والديهم او على قراباتهم، قال ابوعبداللهعليه‌السلام ان على المؤمن سبع حقوق، فاوجبها ان يقول الرجل حقا وان كان على نفسه او على والديه فلا يميل لهم عن الحق ثم قال (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا او ان تلوا او تعرضوا) يعني عن الحق (فان الله كان بما تعملون خبيرا) وقوله (يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) يعني ايها الذين اقروا صدقوا وقوله (ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا) قال نزلت في الذين آمنوا برسول الله اقرارا لا تصديقا ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الامر إلى اهل بيته ابدا فلما نزلت الولاية واخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الميثاق عليهم لامير المؤمنينعليه‌السلام آمنوا اقرارا لا تصديقا، فلما مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كفروا وازدادوا كفرا (لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) يعني طريقا إلا طريق جهنم، وقوله (الذين يتخذون الكافرين اولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا) يعني القوة، قال نزلت في بني امية حيث خالفوا نبيهم على ان لا يردوا الامر في بني هاشم وقوله (وقد نزل عليكم في الكتاب ان اذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم اذا مثلهم) قال آيات الله هم الائمةعليهم‌السلام ، وقوله (الذين يتربصون بكم فان كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وان كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين) فانها نزلت في عبدالله ابن ابي واصحابه الذين قعدوا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم احد، فكان اذا ظفر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالكفار قالوا له ألم نكن معكم وإذا ظفرتم؟ الكفار قالوا ألم نستحوذ ان نعينكم

١٥٦

ولم نعن عليكم(١) قال الله (فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) واما قوله (ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) قال الخديعة من الله العذاب قوله (اذا قاموا) مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (إلى الصلاة قاموا كسالا يراؤن الناس) أنهم مؤمنون (ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) أي لم يكونوا من المؤمنين ولا من اليهود ثم قال (ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار) نزلت في عبدالله بن ابي وجرت في كل منافق ومشرك وقوله (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) اي لا يحب ان يجهر الرجل الجزء(٦ بالظلم والسوء ويظلم إلا من ظلم فقد اطلق له ان يعارضه بالظلم، وفي حديث آخر في تفسير هذا قال ان جاء‌ك رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثناء والعمل الصالح فلا تقبله منه وكذبه فقد ظلمك، وقوله (ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض) قال هم الذين اقروا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانكروا امير المؤمنينعليه‌السلام (ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك هم الكافرون حقا).

وقوله (فبما نقضهم ميثاقهم) يعني فبنقضهم ميثاقهم (وكفرهم بآيات الله وقتلهم الانبياء بغير حق) قال هؤلاء لم يقتلوا الانبياء وإنما قتلهم اجدادهم واجداد اجدادهم فرضوا هؤلاء بذلك فالزمهم الله القتل بفعل اجدادهم، فكذلك من رضي بفعل فقد لزمه وان لم يفعله، والدليل على ذلك ايضا قوله في سورة البقرة " فلم تقتلون " انبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين " فهؤلاء لم يقتلوهم ولكنهم رضوا بقتل آبائهم فالزمهم فعلهم، وقوله (وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما) اي قولهم انها فجرت وقوله (قولهم انا قتلنا عيسى بن مريم رسول الله) لما رفعه الله اليه وقوله

____________________

(١) اعان عليه اي ضره وفي الدعاء (رب اعني ولا تعن علي).ج.ز.

١٥٧

(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) وقوله (وان من اهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا) فانه روى ان رسول الله ص اذا رجع آمن به الناس كلهم قال حدثني ابي عن القاسم بن محمد بن سليمان بن داود المنقري عن ابي حمزة عن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج بان آية في كتاب الله قد اعيتني، فقلت ايها الامير أية آية هي؟ فقال قوله " وان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " والله اني لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ثم ارمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد، فقلت اصلح الله الامير ليس على ما تأولت، قال كيف هو؟ قلت ان عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى اهل ملة يهودي ولا نصرانى إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي، قال ويحك انى لك هذا ومن اين جئت به، فقلت حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، فقال جئت بها والله من عين صافية، وقوله (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا) فانه حدثني ابى عن ابن محبوب عن عبدالله بن ابى يعقوب (يعفور ط) قال سمعت ابا عبداللهعليه‌السلام يقول من زرع حنطة في ارض فلم يزك في ارضه وزرعه وخرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الارض او بظلم مزارعه واكرته لان الله يقول فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم الطيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا هكذا انزلها الله فاقرؤها هكذا وما كان الله ليحل شيئا في كتابه ثم يحرمه من بعد ما احله ولا ان يحرم شيئا ثم يحله من بعد ما حرمه، قلت وكذلك ايضا قوله ومن الابل والبقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما، قال نعم، قلت فقوله إلا ما حرم اسرائيل على نفسه، قال ان اسرائيل كان إذا أكل من لحم الابل يهيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم الابل وذلك من قبل ان تنزل التورية، فلما انزلت التورية

١٥٨

لم يحرمه ولم يأكله وقوله (لكن الراسخون في العلم إلى قوله وكان الله عزيزا حكيما) فانه محكم.

وقوله (لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه) فانه حدثني ابى عن ابن ابي عمير عن ابي بصير عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال إنما انزلت " لكن الله يشهد بما انزل اليك في علي انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " وقرأ ابوعبداللهعليه‌السلام ان الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا وقوله (وآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة) فهم الذين قالوا بالله وبعيسى و مريم فقال الله (انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السموات وما في الارض وكفى بالله وكيلا) وقوله (ان يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله) اي لا يأنف ان يكون عبدا لله (ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا) وقوله (ياايها الناس قد جاء‌كم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا) فالنور امامة امير المؤمنينعليه‌السلام ، ثم قال (فاما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل) وهم الذين تمسكوا بولاية امير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام ، وقوله (يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء‌ا فللذكر مثل حظ الانثيين) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عمر بن اذينة عن بكير عن ابى جعفرعليه‌السلام قال إذا مات الرجل وله اخت تأخذ نصف ما ترك من الميراث، لها نصف الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت، والنصف الباقي يرد عليها بالرحم إذا لم يكن للميت وارث اقرب منها، فان كان موضع الاخت اخ اخذ الميراث كله بالآية لقوله الله (وهو يرثها ان لم يكن لها

١٥٩

ولد) وان كانتا اختين اخذتا الثلثين بالآية والثلث الباقي بالرحم وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين وذلك كله إذا لم يكن للميت ولد أو ابوان أو زوحة

سورة المائدة

مدنية وهى مأة وعشرون آية

(بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود احلت لكم بهيمة الانعام) فانه حدثني ابي عن النضر بن سويد عن عبدالله بن سنان عن ابى عبداللهعليه‌السلام قوله " اوفوا بالعقود " قال بالعهود، واخبرنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن ابن ابى عمير عن ابى جعفر الثانيعليه‌السلام في قوله: (يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود) قال ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عقد عليهم لعلي بالخلافة في عشرة مواطن، ثم انزل الله " يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود التي عقدت عليكم لامير المؤمنينعليه‌السلام " وقال علي بن ابراهيم في قوله (احلت لكم بهيمة الانعام) قال الجنين في بطن امه إذا اوبر واشعر فذكانه ذكاة امه فذلك الذى عناه الله، وقوله (احلت لكم بهيمة الانعام) دليل على ان غير الانعام محرم، وقوله (يا ايها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام) فالشعائر الاحرام، والطواف والصلاة في مقام ابراهيم، والسعى بين الصفا والمروة، ومناسك الحج كلها من شعائر الله، ومن الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في الحج ثم اشعرها أي قطع سنامها او جللها او قلدها ليعلم الناس انها هدي فلا تتعرض لها احد، وانما سميت الشعائر لتشعر الناس بها فيعرفونها، وقوله " ولا الشهر الحرام " وهو ذو الحجة وهو من الاشهر الحرام، وقوله " ولا الهدي " وهو الذي يسوقه إذا احرم

١٦٠