تفسير القمى الجزء ٢

تفسير القمى0%

تفسير القمى مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 454

تفسير القمى

مؤلف: ابى الحسن على بن ابراهيم القمى
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 454
المشاهدات: 119199
تحميل: 8148


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119199 / تحميل: 8148
الحجم الحجم الحجم
تفسير القمى

تفسير القمى الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

ثم قال الله عزوجل: (فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهن ما انفقوا) يعني يرد المسلم على زوجها الكافر صداقها ثم يتزوجها المسلم وهو قوله: (ولا جناح عليكم ان تنكحوهن إذا آتيتموهن اجورهن) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعني على غير ملة الاسلام وهو على ملة الاسلام فليعرض عليها الاسلام فان قبلت فهي امرأته، وإلا فهي بريئة منه فنهى الله ان يمسك بعصمتها(١) وقال علي بن ابراهيم في قوله: (واسألوا ما أنفقتم) يعني إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار فعلى الكافر أن يرد على المسلم صداقها، فان لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة اخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار وفى رواية ابى الجارود عن ابى جعفر ع قال في قوله: (وان فاتكم شئ من ازواجكم إلى الكفار فعاقبتم) يعني من يلحقن بالكفار من اهل عهدكم فسألوهم صداقها وان لحقن بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها واما قوله: (وان فاتكم شئ من ازواجكم) يقول وان لحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فاصبتم غنيمة (فآتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون) قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمه بنت أبي امية بن المغيرة فكرهت الهجرة معه، وأقامت مع المشركين فنكحها معاوية بن ابي سفيان فامر الله رسوله ان يعطي عمر مثل صداقها.

وفي رواية أبي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (وان فاتكم شئ من ازواجكم) فلحقن بالكفار من اهل عهدكم فسألوهم صداقها وان لحقن بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها (ذلكم حكم الله يحكم بينكم) وقال علي بن ابراهيم

____________________

(١) العصمة: ما يعتصم به من عقد وسبب.مجمع

٣٦١

في قوله: (يا ايها النبي إذا جاء‌ك المؤمنات يبايعنك على ان لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم) فانها نزلت يوم فتح مكة وذلك ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قعد في المسجد يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر ثم قعد لبيعة النساء وأخذ قدحا من ماء فادخل يده فيه ثم قال للنساء: من اراد ان يبايع فليدخل يدها في القدح فاني لا اصافح النساء ثم قرأ عليهن ما انزل الله من شروط البيعة عليهن فقال: على ان لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن، فقامت ام حكيم ابنة الحارث ابن عبدالمطلب فقالت يا رسول الله ما هذا المعروف الذي امرنا الله به ان لا نعصيك فيه؟ فقال: ان لا تخمشن وجها ولا تلطمن خدا ولا تنتفن شعرا ولا تمزقن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعون بالويل والثبور ولا تقيمن عند قبر، فبايعهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على هذه الشروط، أخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن على عن عبدالله بن سنان قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن قول الله ولا يعصينك في معروف، قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما امرهن به من خير، وقال علي بن ابراهيم في قوله (يا ايها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) معطوف على قوله " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء ".

٣٦٢

سورة الصف

مدنية آياتها اربع وعشرة

(بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السموات وما في الارض وهو العزيز الحكيم يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) مخاطبة لاصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين وعدوه ان ينصروه ولا يخالفوا امره ولا ينقضوا عهده في امير المؤمنينعليه‌السلام ، فعلم الله انهم لا يوفون بما يقولون فقال: (لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله) الآية، وقد سماهم الله مؤمنين باقرارهم وإن لم يصدقوا ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا وقاتلوا في سبيل الله فقال: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول قوله (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) أي شكك الله قلوبهم ثم حكى قول عيسىعليه‌السلام لبنى إسرائيل (انى رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه احمد فلما جاء‌هم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) قال: وسأل بعض اليهود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم سميت محمدا واحمد وبشيرا ونذيرا؟ قال: اما محمد فانى في الارض محمود واما احمد فانى في السماء احمد منه، واما البشير فابشر من أطاع الله بالجنة واما النذير فانذر من عصى الله بالنار وقوله (يريدون ليطفؤا نور الله بأفواهم والله متم نوره) قال بالقائم من ال محمدعليهم‌السلام حتى إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله وهو قوله " يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفرعليه‌السلام في قوله (يا ايها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم) فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الاموال والانفس والاولاد فقال الله: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله

٣٦٣

بأموالكم وأنفسكم - إلى قوله - ذلك الفوز العظيم، واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب) يعنى في الدنيا بفتح القائم وايضا قال فتح مكة قوله: (يا ايها الذين آمنوا كونوا انصار الله - إلى قوله - فآمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة) قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى (ع) وصلبته والتي آمنت هي التي قلبت شبيه عيسى حتى لا يقتل (فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله: فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ط).

سورة الجمعة

مدنية(١) آياتها احدى عشر

(بسم الله الرحمن الرحيم يسبح لله ما في السموات وما في الارض الملك القدوس) القدوس البرئ من الآفات الموجبات للجهل قوله: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم) قال: الاميون الذين ليس معهم كتاب، قال: فحدثنى أبى عن ابن أبى عمير عن معاوية بن عمار عن ابى عبدالله (ع) في قوله " هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم " قال: كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ولا بعث اليهم رسولا فنسبهم الله إلى الاميين، وقوله: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قال: دخلوا في الاسلام بعدهم، ثم ضرب مثلا في بنى إسرائيل فقال: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) قال: الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها ولا يعمل بها كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعلمون به قوله: (يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) قال: إن في التوراة مكتوب أولياء الله يتمنون الموت ثم قال: (قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم) وقال أمير المؤمنين (ع): يا ايها الناس

____________________

(١) وفى ط أنها مكية.ج.ز.

٣٦٤

كل امرئ ملاق في فراره ما منه يفر، والاجل مساق النفس اليه، والهرب منه موافاته قوله: (فاسمعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) السعي هو الاسراع في المشي.

وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر (ع) في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) قال: اسعوا أي امضوا، ويقال اسعوا اعملوا لها، وهو قص الشارب ونتف الابط وتقليم الاظفار والغسل ولبس أفضل ثيابك وتطيب للجمعة فهو السعي، ويقول الله ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن، حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن (ابى حمزة عن ط) أبي جعفر (ع) في قوله: (وذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) قال علي بن ابراهيم في قوله (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض) قال: يوم السبت قوله (وإذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي بالناس يوم الجمعة ودخلت ميرة(١) وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون اليهم فانزل الله (وإذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن احمد (احمد بن محمد ط) عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن ابي بصير انه سئل عن الجمعة كيف يخطب الامام؟ قال: يخطب قائما فان الله يقول وتركوك قائما وعنه عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ابي ايوب عن ابن ابي يعفور عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال نزلت وإذا رأوا تجارة او لهوا انصرفوا اليها وتركوك قائما (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة) يعني للذين اتقوا (والله خير الرازقين)

____________________

(١) الميرة بالكسر: طعام يجلب من بلد إلى بلد.ج ز

٣٦٥

سورة المنافقون

مدنية احدى عشر آية

(بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون) قال: نزلت في غزوة المريسع (المتسع ك) وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج اليها فلما رجع منها نزل على بئر، وكان الماء قليلا فيها وكان أنس بن سيار حليف الانصار، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دلو ابن سيار بدلو جهجاه، فقال سيار دلوي وقال جهجاه دلوي، فضرب جهجاه يده على وجه ابن سيار فسال منه الدم، فنادى سيار بالخزرج ونادى جهجاه بقريش وأخذ الناس السلام وكاد ان تقع الفتنة، فسمع عبدالله بن ابي النداء فقال: ما هذا؟ فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير اني لاذل العرب، ما ظننت انى ابقى إلى ان اسمع مثل هذا فلا يكن عندي تعيير، ثم أقبل على أصحابه فقال: هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساء‌كم وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم، ثم قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل وكان في قوم زيد بن ارقم وكان غلاما قد راهق وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والانصار فجاء زيد فأخبره بما قال عبدالله ابن أبي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلك وهمت يا غلام فقال: لا والله ما وهمت فقال لعلك غضبت عليه قال لا ما غضبت عليه قال فلعله سفه عليك، فقال لا والله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لشقران مولاه اخرج فأخرج (احدج فأحدج ك) راحلته

٣٦٦

وركب، وتسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليرحل في مثل هذا الوقت فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ! فقال وعليك السلام ! فقال ما كنت لترحل في هذا الوقت؟ فقال أوما سمعت قولا قال صاحبكم، قالوا وأي صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟ قال عبدالله بن أبي زعم انه ان رجع إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل، فقال يا رسول الله ! فأنت وأصحابك الاعز وهو وأصحابه الاذل، فسار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومه كله لا يكلمه أحد، فأقبلت الخزرج على عبدالله بن أبي يعذلونه، فحلف عبدالله انه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا فقم بنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نعتذر اليه، فلوى عنقه.

فلما جن الليل سار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليله كله والنهار فلم ينزلوا إلا للصلاة فلما كان من الغد نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل أصحابه، وقد أمهدهم الارض من السهر الذي أصابهم فجاء عبدالله بن أبي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحلف عبدالله انه لم يقل ذلك وانه ليشهد انه لا إله إلا الله وانك لرسول الله وان زيدا قد كذب علي، فقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منه، وأقبلت الخزرج على زيد بن ارقم يشتمونه ويقولون له كذبت على عبدالله سيدنا، فلما رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان زيد معه يقول اللهم انك لتعلم اني لم اكذب على عبدالله بن أبي فما سار إلا قليلا حتى أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يأخذه من البرحاء(١) عند نزول الوحي عليه فثقل حتى كادت ناقته ان تبرك من ثقل الوحي، فسري عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ باذن زيد بن ارقم فرفعه من الرحل ثم قال: يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا، فلما نزل

____________________

(١) برحاء كعلماء: الشدة.

٣٦٧

جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله - إلى قوله - ولكن المنافقين لا يعلمون) ففضح الله عبدالله بن أبي.

حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا احمد بن ميثم عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة عن ابان بن عثمان قال: سار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وليلة ومن الغد حتى ارتفع الضحى فنزل ونزل الناس فرموا بأنفسهم نياما وإنما اراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يكف الناس عن الكلام: قال: وان ولد عبدالله بن أبي اتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله إن كنت عزمت على قتله فمرني اكون أنا الذي أحمل اليك رأسه، فو الله لقد علمت الاوس والخزرج اني أبرهم ولدا بوالدى فاني أخاف أن تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي أن أنظر إلى قاتل عبدالله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بل يحسن الله صحابته مادام معنا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله (كأنهم خشب مسندة) يقول لا يسمعون ولا يعقلون قوله (يحسبون كل صيحة عليهم) يعني كل صوت (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) فلما نعتهم الله لرسوله وعرفه مساء‌تهم اليهم وإلى عشائرهم فقالوا لهم قد افتضحتم ويلكم ! فأتوا نبي الله يستغفر لكم فلووا رؤسهم وزهدوا في الاستغفار يقول الله: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم) وقال علي بن ابراهيم في قوله (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) يعني بقوله أصدق أي احج (واكن من الصالحين) يعني عند الموت فرد الله عليهم فقال (ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) اخبرنا احمد ابن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن ابي بصير عن ابي جعفرعليه‌السلام في قول

٣٦٨

الله ولن يؤخر الله نفسا إذا أجلها، قال ان عند الله كتبا مرقومة يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء فاذا كان ليلة القدر انزل الله فيها كل شئ يكون إلى ليلة مثلها فذلك قوله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " إذا انزله وكتبه كتاب السماوات وهو الذي لا يؤخره.

سورة التغابن

مدنية آياتها ثمانى عشرة

(بسم الله الرحمن الرحيم يسبح لله ما في السموات وما في الارض له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) قال هذه الآية خاصة في المؤمنين والكافرين، حدثنا علي بن الحسين عن احمد عن ابي عبدالله عن ابن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قوله: فمنكم كافر ومنكم مؤمن، فقال عرف الله ايمانهم بولايتنا وكفرهم بتركها يوم اخذ عليهم الميثاق وهم في عالم الذر وفي صلب آدمعليه‌السلام .

قال علي بن ابراهيم ثم حكى الله سبحانه قول الدهرية فقال (زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) والنور أمير المؤمنينعليه‌السلام .

حدثنا علي بن الحسين عن جعفر بن ابي عبدالله (احمد بن عبدالله ط) عن الحسن بن محبوب عن أبي ايوب عن أبي خالد الكابلي قال: سالت أبا جعفرعليه‌السلام عن قوله: فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا، فقال يا ابا خالد: النور والله الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي انزل وهم والله نور الله في السماوات والارض، يا ابا خالد ! لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن

____________________

(١) وفى ط انها مكية.ج.ز.

٣٦٩

يشاء فتظلم قلوبهم، والله يا ابا خالد ! لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الاكبر.

وقال علي بن ابراهيم في قوله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) أي يصدق الله في قلبه فاذا بين الله له اختار الهدى ويزيده الله كما قال (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقوله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) أي حب، اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سيعد عن بعض أصحابه عن حمزة بن ربيع عن علي بن سويد الشيباني قال: سألت العبد الصالحعليه‌السلام عن قول الله عزوجل (ذلك بانه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات) قال البينات هم الائمةعليهم‌السلام وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (ان من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) وذلك ان الرجل كان إذا اراد الهجرة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعلق به ابنه وامرأته وقالوا ننشدك الله ان تذهب عنا وتدعنا فنضبع(١) بعدك فمنهم من يطيع اهله فيقيم فحذرهم الله ابناء‌هم ونساء‌هم ونهاهم عن طاعتهم ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول: أما والله لئن لم تهاجروا معي ثم يجمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا انفعكم بشئ ابدا، فلما جمع الله بينه وبينهم أمره الله ان يوفي ويحسن ويصلهم فقال (وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم) وقال علي بن ابراهيم في قوله: (فاتقوا الله ما استطعتم) ناسخة لقوله اتقوا الله حق تقاته وقال في قوله (ومن يوق شح نفسه) قال يوق الشح إذا اختار النفقة في طاعة الله، قال وحدثني أبي عن الفضل بن أبي قرة (مرة) قال: رأيت ابا عبداللهعليه‌السلام يطوف من اول الليل إلى الصباح وهو يقول: اللهم قني شح

____________________

(١) ضبع الرجل: جبن ويمكن ان يكون اللفظ " نضيع ".ج.ز.

٣٧٠

نفسي، فقلت جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء، قال وأي شئ اشد من شح النفس ان الله يقول ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون.

سورة الطلاق

مدنية آياتها اثنتا عشرة

(بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة) قال: المخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس، وهو ما قال الصادقعليه‌السلام ان الله بعث نبيه باياك اعني واسمعي يا جارة، وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفرعليه‌السلام في قوله (فطلقوهن لعدتهن) والعدة الطهر من الحيض (واحصوا العدة) وذلك ان تدعها حتى تحيض فاذا حاضت ثم طهرت واغتسلت طلقها تطليقة من غير أن يجامعها ويشهد على طلاقها إذا طلقها ثم إذا شاء راجعها ويشهد على رجعتها إذا راجعها، فاذا أراد طلاقها الثانية فاذا حاضت وطهرت واغتسلت طلقها الثانية، وأشهد على طلاقها من غير ان يجامعها ثم إن شاء راجعها (غير انه ان راجعها وأشهد على رجعتها ط) ويشهد على رجعتها ثم يدعها حتى تحيض ثم تطهر فاذا اغتسلت طلقها الثالثة وهو فيما بين ذلك قبل ان يطلق الثالثة املك بها إن شاء راجعها غير انه ان راجعها ثم بدا له ان يطلقها اعتدت بما طلق قبل ذلك وهكذا السنة في الطلاق لا يكون الطلاق إلا عند طهرها من حيضها من غير جماع كما وصفت وكلما راجع فليشهد فان طلقها ثم راجعها حبسها ما بدا له ثم إن طلقها الثانية ثم راجعها حبسها بواحدة ما بدا له ثم ان طلقها تلك الواحدة الباقية بعدما كان راجعها اعتدت ثلاثة قروء وهي ثلاث حيضات وان لم تكن تحيض فثلاثة اشهر وان كان بها حمل فاذا وضعت انقضى احلها وهو قوله: (واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائى لم يحضن) فعدتهن أيضا ثلاثة اشهر

٣٧١

(واولات الاحمال أجلهن ان يضعن حملهن) واما قوله (وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان أرضعن لكم فآتوهن اجورهن وان تعاسرتم) يقول إن ترضى المرأة فترضع الولد، وان لم يرض الرجل ان يكون ولدها عندها يقول (فسترضع له اخرى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) وقال علي بن ابراهيم في قوله (واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله) قال: لا يحل لرجل ان يخرج امرأته إذا طلقها وكان له عليها رجعة من بيته وهي أيضا لا يحل لها ان تخرج من بيته إلا ان يأتين بفاحشة مبينة ومعنى الفاحشة ان تزنى أو تشرف على الرجال ومن الفاحشة أيضا السلاطة(١) على زوجها فان فعلت شيئا من ذلك حل له ان يخرجها قوله (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) قال لعله ان يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها قوله: (فاذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف) يعني إذا انقضت عدتها اما ان يراجعها(٢) واما ان يفارقها يطلقها ويمتعها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره قوله: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) معطوف على قوله: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأشهدوا ذوى عدل منكم قوله: (وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن) قال: المطلقة الحامل أجلها ان تضع ما في بطنها ان وضعت يوم طلقها تتزوج إذا طهرت وإن لم تضع ما في بطنها إلى تسعة اشهر لم تبرأ إلى ان تضع قوله: (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) قال: المطلقة التي للزوج عليها رجعة لها عليه سكنى ونفقة ما دامت في العدة، فان كانت حاملا ينفق عليها حتى تضع حملها.

____________________

(١) طول اللسان.

(٢) أي بعد انقضاء اكثر أيامها وقبل انتهاء العدة.ج.ز.

٣٧٢

حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا الحسن بن محمد عن محمد بن زياد عن ابي ايوب عن محمد بن مسلم قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن قول الله (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) قال في دنياه، اخبرنا احمد ابن إدريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم ابن حميد عن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله) قال إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة وإلا فرق بينهما، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وكأين من قرية) قال أهل القرية (عتت عن أمر ربها) قوله (قد أنزل الله اليكم ذكرا رسولا) قال ذكر اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا نحن اهل الذكر قوله (الله الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن) دليل على ان تحت كل سماء ارض (لتعلموا ان الله على كل شئ قدير وان الله قد أحاط بكل شئ علما).

سورة التحريم

مدنية آياتها اثنتا عشرة

(بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) اخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن سيار عن ابي عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك الآية، قال اطلعت عائشة وحفصة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع مارية، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والله ما أقربها، فامره الله ان يكفر يمينه.

قال علي بن ابراهيم كان سبب نزولها ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت

٣٧٣

حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيا رسول الله منها، فقال كفى فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا ابدا وأنا افضي اليك سرا فان انت اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس اجمعين فقالت نعم ما هو؟ فقال إن ابا بكر يلى الخلافة بعدي ثم من بعده ابوك(١) فقالت من اخبرك بهذا قال الله اخبرني فاخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك واخبرت عائشة ابا بكر، فجاء ابوبكر إلى عمر فقال له ان عائشة اخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل انت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها ما هذا الذي اخبرت عنك عائشة، فانكرت ذلك قالت ما قلت لها من ذلك شيئا، فقال لها عمر ان كان هذا حقا فاخبرينا حتى نتقدم فيه، فقالت نعم قد قال رسول الله ذلك فاجتمع.....

على ان يسموا رسول الله فنزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه السورة (يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك - إلى قوله - تحلة ايمانكم) يعني قد اباح الله لك ان تكفر عن يمينك (والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذا أسر النبي إلى بعض ازواجه حديثا فلما نبأت به) اي اخبرت به (واظهره الله) يعني اظهر الله نبيه على ما اخبرت به وما هموا به (عرف بعضه) اي اخبرها وقال لم اخبرت بما اخبرتك وقوله (وأعرض عن بعض) قال لم يخبرهم بما علم مما هموا به(٢) (قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ان تنويا إلى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) يعني امير المؤمنينعليه‌السلام (والملائكة بعد ذلك ظهير) يعني لامير المؤمنينعليه‌السلام .

____________________

(١) ذكره الكشاف

(٢) هكذا الخبر من اوله إلى آخره في كلتا نسختى تفسير القمى المطبوعتين في ايران المشار اليهما في اول الكتاب.ج.ز.

٣٧٤

ثم خاطبها فقال: (عسى ربه أن طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارا) عرض عائشة لانه لم يتزوج ببكر غير عائشة، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبدالله (عبدالله بن محمد ط) عن ابن ابي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما - إلى قوله - وصالح المؤمنين، قال صالح المؤمنين علي بن ابى طالبعليه‌السلام ، اخبرنى الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن احمد بن محمد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد (زيد ط) عن سليمان الكاتب عن بعض اصحابه عن ابي عبداللهعليه‌السلام في قوله (يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين) قال هكذا نزلت فجاهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكفار وجاهد عليعليه‌السلام المنافقين فجاهد علىعليه‌السلام جهاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن زرعة بن محمد عن ابي بصير قال سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن قول الله (قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) قلت: هذه نفسي أقيها فكيف أقي اهلي؟ قال: تأمرهم بما أمرهم الله وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فان اطاعوك كنت قد وقيتهم وان عصوك فكنت قد قضيت ما عليك، قال الحسين وحدثني محمد بن الفضيل عن ابي الحسنعليه‌السلام في قوله (يا ايها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) قالعليه‌السلام : يتوب العبد ثم لا يرجع فيه وان أحب عباد الله إلى الله المتقي التائب قال علي بن ابراهيم في قوله (ضرب الله مثلا) ثم ضرب الله فيهما مثلا فقال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) فقال والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة وليقيمن الحد على فلانة فيما اتت في طريق وكان فلان يحبها فلما أرادت ان تخرج إلى...قال لها فلان لا يحل لك ان تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان قوله (ثم ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون

٣٧٥

- إلى قوله - ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها) قال لم ينظر اليها (فنفخنا فيه من روحنا) أي روح مخلوقة (وكانت من القانتين) أي من الداعين، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنو معه نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم) فمن كان له نور يومئذ نجا وكل مؤمن له نور، حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال حدثنا محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن علي بن ابي عثمان عن صالح بن سهل عن ابي عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى: نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم، قال أئمة المؤمنين نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم.

سورة الملك

مكية آياتها ثلاثون

(بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير الذي خلق الموت والحيوة) قال: قدرهما ومعناه قدر الحياة ثم الموت (ليبلوكم أيكم احسن عملا) أي يختبركم بالامر والنهي ايكم احسن عملا (وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سموات طباقا) قال بعضها طبق لبعض (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) قال يعني من فساد (فارجع البصر هل ترى من فطور) أي من عيب (ثم ارجع البصر) قال انظر في ملكوت السماوات والارض (ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير) أي يقصر وهو حسير أي منقطع قوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) قال بالنجوم قوله (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا) أي وقعا (وهي تفور) أي ترتفع (تكاد تميز من الغيظ) قال على اعداء الله (كلما ألقي منها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) وهم الملائكة الذين يعذبونهم بالنار وقوله (لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير) قال قد سمعوا

٣٧٦

وعقلوا ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا والدليل على انهم قد سمعوا وعقلوا ولم يقبلوا قوله (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير) قوله (هو الذي جعل لكم الارض ذلولا) أي فراشا (فامشوا في مناكبها) أي في اطرافها قوله (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) قال إذا كان يوم القيامة ونظر اعداء أمير المؤمنين ما اعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع تسود وجوه اعدائه فيقال لهم (هذا الذي كنتم به تدعون) أي هذا الذي كنتم به تدعون منزلته وموضعه واسمه قوله (أرأيتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) قال أرأيتم ان اصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بامام مثله.

حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن القاسم بن محمد (علا ط) قال حدثنا اسماعيل بن علي الفزاري عن محمد بن جمهور عن فضالة بن ايوب قال سئل الرضاعليه‌السلام عن قول الله عزوجل: قل أرأيتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين، فقالعليه‌السلام : ماؤكم ابوابكم أي الائمةعليهم‌السلام والائمة ابواب الله بينه وبين خلقه فمن يأتيكم بماء معين يعني بعلم الامام.

سورة القلم

مكية آياتها اثنتان وخمسون

(بسم الله الرحمن الرحيم ن والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك بمجنون) قال فحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عبدالرحمن (عبدالرحيم ط) القصير عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال سألته عن ن والقلم، قال: إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب قال وما اكتب يا رب قال اكتب ما كان وما هو كأين إلى يوم القيامة، فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت ثم

٣٧٧

طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق ابدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها، أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام، وأحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب أو ليس إنما ينسخ من كتاب اخذ من الاصل وهو قوله: إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون قوله (وما يسطرون) أي ما يكتبون وهو قسم وجوابه (ما انت بنعمة ربك بمجنون) قوله (ان لك لاجرا غير ممنون) أي لا نمن عليك فيما نعطيك من عظيم الثواب قوله (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) بأيكم تفتنون هكذا نزلت في بني امية بأيكم أي حبتر وزفر وعلي.

وقال الصادقعليه‌السلام : لقي فلان امير المؤمنين (ع) فقال يا علي بلغني انك تتأول هذه الآية في وفي صاحبي " فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون " قال: امير المؤمنين (ع) أفلا اخبرك يا ابا فلان ! ما نزل في بني امية " والشجرة الملعونة في القرآن " قال: كذبت يا علي ! بنو امية خير منك وأوصل للرحم وقوله: (فلا تطع المكذبين) قال في علي (ع) (ودوالو تدهن فيدهنون) أي احبوا ان تغش في علي فيغشون معك (ولا تطع كل حلاف مهين) قال الحلاف فلان حلف لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه لا ينكث عهدا (هماز مشاء بنميم) قال كان ينم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وينم بين اصحابه قوله (مناع للخير معتد أثيم) قال: الخير امير المؤمنين (ع)، معتد أي اعتدى عليه وقوله (عتل بعد ذلك زنيم) قال: العتل عظيم الكفر والزنيم الدعي وقال الشاعر: زنيم تداعاه الرجال تداعيا * كما زيد في عرض الاديم الاكارع(١)

____________________

(١) الاديم الارض، اكارع: جمع كرع وهو الماء الذي يكرع فيه الدواب ج.ز

٣٧٨

قوله: (وإذا تتلى عليه آياتنا) قال: كنى عن فلان (قال اساطير الاولين) أي اكاذيب الاولين (سنسمه على الخرطوم) قال في الرجعة إذا رجع امير المؤمنينعليه‌السلام ورجع اعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخرطوم والانف والشفتين قوله (إنا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة إذ أقسموا) أي حلفوا (ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) فانه كان سببها ما حدثني ابي عن اسحاق بن الهيثم عن علي بن الحسين العبدي عن سليمان الاعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس انه قيل له ان قوما من هذه الامة يزعمون ان العبد قد يذنب فيحرم به الرزق، فقال ابن عباس: فو الذي لا إله غيره لهذا انور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم، انه كان شيخ كانت له جنة وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ وورثه بنوه وكان له خمسة من البنين فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها ابوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر، فاشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة ابيهم فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض ان ابانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا ان لا نعطي احدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر اموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة، فرضي بذلك منهم اربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله تعالى: " قال اوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ".

فقال الرجل: يا بن عباس كان اوسطهم في السن؟ فقال: لا بل كان اصغر القوم سنا وكان اكبرهم عقلا واوسط القوم خير القوم، والدليل عليه في القرآن انكم يا امة محمد اصغر الامم وخير الامم قال الله: " وكذلك جعلناكم امة وسطا " فقال لهم اوسطهم اتقوا الله وكونوا على منهاج ابيكم تسلموا وتغنموا، فبطشوا

٣٧٩

به فضربوه ضربا مبرحا فلما ايقن الاخ انهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله ان يصرموه إذا اصبحوا ولو يقولوا إن شاء الله، فابتلاهم الله بذلك الذنب وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا اشرفوا عليه فاخبر عنهم في الكتاب فقال: (إنا بلوناهم - إلى قوله - فأصبحت كالصريم) قال كالمحترق، فقال الرجل: يا بن عباس ما الصريم؟ قال: الليل المظلم ثم قال: لا ضوء له ولا نور فلما اصبح القوم (تنادوا مصبحين ان اغدوا على حرثكم ان كنتم صارمين) قال: (فانطلقوا وهم يتخافتون) قال الرجل وما التخافت يا بن عباس؟ قال: يتسارون بعضهم بعضا لكي لا يسمع احد غيرهم فقالوا (لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا عى حرد قادرين) وفي انفسهم ان يصرموها ولا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته (فلما رأوها) وعاينوا ما قد حل بهم (قالواء‌إنا لضالون بل نحن محرومون) فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم شيئا فقال اوسطهم: (ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) قال: يلومون انفسهم فيما عزموا عليه (قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا ان يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون) فقال الله: (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة اكبر لو كانوا يعلمون) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله (وانك لعلى خلق عظيم) يقول على دين عظيم (إنا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة) ان اهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلى اصحاب الجنة وهي الجنة التي كانت في الدنيا وكانت في اليمن يقال لها الرضوان على تسعة اميال من صنعاء قوله: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) وهو العذاب قوله: (إنا لضالون) قال: اخطأوا الطريق قوله: (لولا تسبحون) يقول لولا تستغفرون.

وقال علي بن ابراهيم في قوله (سلهم أيهم بذلك زعيم) أي كفيل قوله

٣٨٠