تفسير القمى الجزء ٢

تفسير القمى0%

تفسير القمى مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 454

تفسير القمى

مؤلف: ابى الحسن على بن ابراهيم القمى
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 454
المشاهدات: 119285
تحميل: 8150


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119285 / تحميل: 8150
الحجم الحجم الحجم
تفسير القمى

تفسير القمى الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

على ما قلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: إن الحرب خديعة وأنا عند اصحابي صدوق، فأردت ان أطمع اصحابي في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا فافهم فانك تنتفع بها بعد اليوم إن شاء الله واما قوله (إن في ذلك لآيات لاولي النهى) فانه حدثني ابي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن مروان عن ابي عبدالله (ع) قال: سألته عن قول الله عزوجل: إن في ذلك لآيات لاولي النهى قال: نحن والله اولو النهى فقلت جعلت فداك وما معنى اولي النهى؟ قال ما اخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء فلان الخلافة والقيام بها والاخر من بعده والثالث من بعدهما وبني امية فاخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ذلك كما اخبر الله به نبيه وكما أخبر رسول الله عليا وكما انتهى الينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني امية وغيرهم فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب: إن في ذلك لآيات لاولي النهى الذي انتهى الينا علم هذا كله فصبرنا لامر الله فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونسره ونكتتم به من عدونا كما اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسيف وندعو الناس اليه فنضربهم عليه عودا كما ضربهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدء‌ا قوله: (واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) قال: ا؟ الولاية، حدثنا احمد بن علي قال حدثنا الحسن بن عبدالله (الحسين بن عبيد الله ط) عن السندي بن محمد عن ابان عن الحارث ابن يحيى عن ابي جعفرعليه‌السلام في قول الله: واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، قال: ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتى اهتدى والله لو جهد ان يعمل بعمل ما قبل منه حتى يهتدي، قلت: إلى من؟ جعلني الله فداك قال الينا، وقوله: (فانا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري) قال بالعجل الذي عبده وكان سبب ذلك ان موسى لما وعده الله ان ينزل عليه التوراة والالواح إلى ثلاثين يوما اخبر بني إسرائيل بذلك وذهب إلى

٦١

الميقات وخلف هارون على قومه فلما جاء‌ت الثلاثون يوما ولم يرجع موسى اليهم غضبوا وأرادوا ان يقتلوا هارون، قالوا: إن موسى كذبنا وهرب منا فجاء‌هم إبليس في صورة رجل فقال لهم: إن موسى قد هرب منكم ولا يرجع اليكم ابدا فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه وكان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه فنظر إلى جبرئيل وكان على حيوان في صورة رمكة(١) فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الارض تحرك ذلك الموضع فنظر اليه السامري وكان من خيار اصحاب موسى فأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاء‌هم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري هات التراب الذي معك فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر، فسجد له بنو إسرائيل فكان عدد الذين سجدوا سبعين الفا من بني إسرائيل فقال لهم هارون كما حكى الله (يا قوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى) فهموا بهارون حتى هرب من بينهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى اربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة انزل الله عليه الالواح فيها التوراة وما يحتاجون اليه من احكام السير والقصص ثم اوحى الله إلى موسى: إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وعبدوا العجل وله خوار فقال موسىعليه‌السلام يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال مني يا موسى انى لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت ان أزيدهم فتنة، فرجع موسى كما حكى الله عزوجل إلى قومه غضبان أسفا (قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد

____________________

(١) الرمكة: كرقبة الانثى من البراذين جمعه رماك كرقاب. ج.ز.

٦٢

أم أردتم ان يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي) ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية اخيه هارون ورأسه يجره اليه فقال (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري) فقال هارون كما حكى الله (يابن ام لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي انى خشيت ان تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) فقال له بنو إسرائيل: (ما أخلفنا موعدك بملكنا) قال ما خالفناك (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم) يعنى من حليتهم (فقذفناها) قال: يعني التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم أخرج السامري العجل وله خوار فقال له موسى (ما خطبك يا سامري؟) قال السامري (بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها) يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فنبذتها اي أمسكتها (وكذلك سولت لي نفسي) اي زينت، فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر ثم قال موسى للسامري (فاذهب فان لك في الحيوة ان تقول لا مساس) يعني ما دمت حيا(١) وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة ان تقول لا مساس يعني حتى تعرفوا انكم سامرية فلا يغتر بكم الناس فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفون ب‍ " لا مساس " ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله اليه لا تقتله يا موسى فانه سخي فقال له: (انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا انما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما) قيل وان من عبد العجل انكر عند موسىعليه‌السلام انه لم يسجد له، فأمر موسىعليه‌السلام ان يبرد العجل بالمبارد وألقى برادته في الماء ثم أمر بني إسرائيل ان يشرب كل منهم من ذلك الماء فالذين كانوا سجدوا يظهر له من البرادة شئ فعند ذلك استبان من خالف ممن ثبت على إيمانه.

فحدثنى ابى عن الحسن بن محبوب بن سعيد عن علي بن ابى حمزة عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال: ما بعث الله رسولا إلا وفي وقته شيطانان يؤذيانه

____________________

(١) وفى الصافى خوفا ان يمسك احد فياخذك الحمى ومن مسك فتحامى الناس وتحاموك وتكون طريدا وحيدا كالوحشى النافر.ج - ز

٦٣

وبفتنانه ويضلان الناس بعده وقد ذكرنا هذا الحديث في تفسير: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن في سورة الانعام(١) وقوله (ونحشر المجرمين يومئذ زرقا) تكون اعينهم مزرقة لا يقدرون ان يطرفوها وقوله (يتخافتون بينهم) قال يوم القيامة يشير بعضهم إلى بعض انهم لم يلبثوا إلا عشرا (قال الله نحن أعلم بما يقولون إذ يقول امثلهم طريقة) قال أعلمهم وأصلحهم يقولون (ان لبثتم إلا يوما) ثم خاطب الله نبيه عليه وآله والسلام فقال (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) قال الامت الارتفاع والعوج الحزون والذكوات(٢) وقوله (يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له) قال مناديا من عند الله.

وقوله: (وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) فانه حدثنى ابى عن الحسن بن محبوب عن ابى محمد الوايشي عن ابى الورد عن ابى جعفرعليه‌السلام قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد وهم حفاة عراة فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك خمسين عاما وهو قول الله: وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، قال ثم ينادي مناد من تلقاء العرش اين النبي الامي؟ فيقول الناس قد اسمعت فسم باسمه فينادي اين نبي الرحمة اين محمد بن عبدالله الامي، فيقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين ايلة وصنعاء فيقف عليه فينادى بصاحبكم فيقدم عليعليه‌السلام أما الناس فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض

____________________

(١) راجع الجزء الاول ص ٢١٤ من هذا الكتاب.

(٢) الذكوات جمع ذكاة: الجمرة الملتهبة من الحصى ومنه الحديث: قبر عليعليه‌السلام بين ذكوات بيض.

مجمع

٦٤

يومئذ وبين مصروف عنه فاذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من يصرف من محبينا يبكي ويقول: يا رب شيعة علي قال: فيبعث الله اليه ملكا فيقول له: ما يبكيك يا محمد؟ فيقول: أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا ورود حوضي قال فيقول الملك ان الله يقول قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك ولعترتك وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون به وجعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك، فقال ابوجعفرعليه‌السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون يا محمداه إذا رأوا ذلك ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم إلا كانوا في حزبنا ومعنا ويردون حوضنا.

وقوله: (يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) قال ما بين ايديهم ما مضى من اخبار الانبياء وما خلفهم من اخبار القائمعليه‌السلام وقوله: (وعنت الوجوه للحي القيوم) اي ذلت واما قوله (او يحدث لهم ذكرا) يعني ما يحدث من أمر القائمعليه‌السلام والسفياني وقوله (لا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه وقل رب زدني علما) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقراء‌ته قبل تمام نزول الآية والمعنى فأنزل الله عزوجل (ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه) اي تفرغ من قراء‌ته (وقل رب زدني علما) وقوله (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) قال فيما نهاه عنه اكل الشجرة وقد روي فيه غير هذا وقوله (ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا) اي ضيقة أخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن عمر بن عبدالعزيز عن ابراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال قلت لابي عبداللهعليه‌السلام عن قول الله إن له معيشة ضنكا قال هي والله النصاب، قال جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الاطول في كفاية حتى ماتوا، قال ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.

وعنه عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر

٦٥

عن ابي جعفرعليه‌السلام في قول الله: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما قال عهد اليه في محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم انهم هكذا وانما سموا اولو العزم انه عهد اليهم في محمد والاوصياء من بعده والقائمعليه‌السلام وسيرته فأجمع عزمهم ان ذلك كذلك والاقرار به.

قال علي بن ابراهيم في قول الله (ونحشره يوم القيمة اعمى) حدثنا ابي عن ابن ابي عمير وفضالة عن معاوية بن عمار عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل لم يحج قط وله مال قال هو ممن قال الله: ونحشره يوم القيامة اعمى قلت سبحان الله اعمى قال اعماه الله عن طريق الجنة وقوله (وكذلك اليوم تنسى) اي تترك وقوله (إن في ذلك لآيات لاولي النهى) قال نحن اولو النهى وقوله (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما) قال ما كان ينزل بهم العذاب ولكن قد قد أخرهم الله إلى أجل مسمى وقوله (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار) قال بالغداة والعشي قوله (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) قال ابوعبداللهعليه‌السلام لما نزلت هذه الآية استوى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا ثم قال من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ومن اتبع بصره ما في ايدي الناس طال همه ولم يشف غيظه ومن لم يعرف ان لله عليه نعمة إلا في مطعم او في مشرب قصر أجله ودنا عذابه وقوله (وامر أهلك بالصلوة) اي امتك (واصطبر عليها لا نسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) قال للمتقين فوضع الفعل مكان المفعول واما قوله (قل كل متربص فتربصوا) اي اننظروا امرا (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) فانه حدثني ابي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب قال قال لي ابوعبداللهعليه‌السلام نحن والله سبيل الله الذي امر الله باتباعه ونحن والله الصراط المستقيم ونحن والله الذين امر الله العباد بطاعتهم فمن شاء فليأخذ

٦٦

هنا ومن شاء فليأخذ من هناك لا يجدون والله عنا محيصا.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (لا يخاف ظلما ولا هضما) يقول لا ينقص من عمله شئ واما ظلما يقول لن يذهب به واما قوله (كذلك أتتك آياتنا فنسيتها) يقول اي تركتها فلم تعمل بها (وكذلك اليوم تنسى) يقول تترك في العذاب وقوله (وامر أهلك بالصلوة واصطبر عليها) فان الله امره ان يخص اهله دون الناس ليعلم الناس ان لاهل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الله منزلة خاصة ليست للناس إذ أمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة فلما انزل الله هذه الآية كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجئ كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام فيقول: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم يأخذ بعضادتي الباب ويقول الصلاة الصلاة يرحمكم الله " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا " فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا.

وقال ابوالحمراء خادم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنا اشهد به يفعل ذلك وقوله (أفلم يهد لهم) يقول يبين لهم وقوله (لكان لزاما) قال اللزام الهلاك وقوله (قاعا صفصفا) فالقاع الذي لا تراب عليه والصفصف الذي لا نبات له.

سورة الانبياء

مكية وآياتها مأة واثنتا عشر

(بسم الله الرحمن الرحيم اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) قال قربت القيامة والساعة والحساب ثم كنى عن قريش فقال (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم) قال من التلهي وقوله: (أفتأتون السحر وانتم تبصرون) اي تأتون محمدا وهو ساحر ثم قال قل لهم

٦٧

يا محمد (ربي يعلم القول في السماء والارض) يعني ما يقال في السماء والارض ثم حكى الله قول قريش فقال: (بل قالوا اضغاث احلام بل أفتريه) اي هذا الذي يخبرنا به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يراه في النوم وقال بعضهم بل أفتريه اي يكذب وقال بعضهم (بل هو شاعر فليأتنا بآية كما ارسل الاولون) فرد الله عليهم فقال: (ما آمنت قبلهم من قربة اهلكناها أفهم يؤمنون) قال كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتى هلكوا.

وقوله: (فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) قال آل محمد هم اهل الذكر حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عبدالله بن محمد عن ابي داود (عن ط) سليمان بن سفيان عن ثعلبه (تغلبة ط) عن زرارة عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله: فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون من المعنون بذلك؟ فقال: نحن والله، فقلت فانتم المسؤلون قال نعم قلت ونحن السائلون قال نعم قلت فعلينا ان نسألكم قال نعم قلت وعليكم ان تجيبونا قال لا ذلك الينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا تركنا ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وقال علي بن ابراهيم في قوله (وكم قصمنا من قرية) يعني اهل قرية (كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما احسوا بأسنا) يعني بني امية إذا أحسوا بالقائم من آل محمد (إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون) يعني الكنوز التي كنزوها قال فيدخل بنو امية إلى الروم إذا طلبهم القائمعليه‌السلام ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها فيقولوا كما حكى الله (يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) قال بالسيف وتحت ظلال السيوف وهذا كله مما لفظه ماض ومعناه مستقبل وهو مما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله وقوله: (وله من في السموات والارض ومن عنده) يعني من الملائكة (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون) اي لا يضعفون وقوله (لو كان فيهما آلهة إلا الله

٦٨

لفسدتا) فانه رد على الثنوية ثم قطع عزوجل حجة الخلق فقال: (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) وقوله (هاتوا برهانكم) اى حجتكم (هذا ذكر من معي) اي خبري (وذكر من قبلي) اي خبرهم وقوله (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) قال هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله وما قالت اليهود عزير ابن الله، وقالوا في الائمة ما قالوا فقال الله عزوجل إبطالا له بل عباد مكرمون يعني هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قوله: لو أراد الله ان يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه قوله: (ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) قال من زعم انه إمام وليس هو بامام واما قوله: (أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما) فانه حدثنى ابي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي عن ابى عبدالله (ع) قال خرج هشام بن عبدالملك حاجا ومعه الابرش الكلبي فلقيا ابا عبدالله (ع) في المسجد الحرام فقال هشام للابرش تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه فقال الابرش لاسألنه عن مسائل لا يجيبنى فيها إلا نبي او وصي نبي فقال هشام وددت انك فعلت ذلك، فلقي الابرش ابا عبدالله (ع) فقال يا ابا عبدالله اخبرني عن قول الله " أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " فبما كان رتقهما وبما كان فتقهما؟ فقال ابوعبدالله (ع): يا ابرش هو كما وصف نفسه وكان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب فرات فلما أراد ان يخلق الارض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ثم جعله جبلا من ربد ثم دحا الارض من تحته فقال الله تبارك وتعالى " ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد ان يخلق

٦٩

السماء امر الرياح فضربت البحور حتى أزبدت بها فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر وأجراها في الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الاخضر وكانت الارض غبراء على لون الماء العذب وكانتا مرتوقتين ليس لهما ابواب ولم يكن للارض ابواب وهي النبت ولم تمطر السماء عليها فتنبت ففتق السماء بالمطر وفتق الارض بالنبات وذلك قوله: " أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " فقال الابرش والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعد علي فأعاد عليه وكان الابرش ملحدا فقال: أنا اشهد انك ابن نبي ثلاث مرات.

وقوله: (وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون) قال نسب كل شئ إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا إلى غيره وقوله: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) يعني من الشياطين اي لا يسترقون السمع واما قوله: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون) فانه لما اخبر الله نبيه بما يصيب اهل بيته بعده وادعاء من ادعى الخلافة دونهم، اغتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله عزوجل (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة) اي نختبرهم (والينا ترجعون) فاعلم ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان لابد ان تموت كل نفس، وقال امير المؤمنينعليه‌السلام يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيع من الاموات سفر عما قليل الينا راجعون ننزلهم اجداثهم ونأكل تراثهم كانا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل حايجة ايها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وتواضع من غير منقصة وجالس اهل الفقه والرحمة وخالط اهل الذل والمسكنة وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ايها الناس طوبى لمن ذلت نفسه

٧٠

وطاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت خليقته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من كلامه وعدل عن الناس شره ووسعته السنة ولم يتعد إلى البدعة، ايها الناس طوبى لمن لزم بيته واكل كسرته وبكى على خطيئته وكان من نفسه في شغل والناس منه في راحة.

وقوله: (خلق الانسان من عجل) قال لما اجرى الله في آدم روحه من قدميه فبلغت الروح إلى ركبتيه أراد ان يقوم فلم يقدر فقال عزوجل خلق الانسان ومن عجل وقوله (ونضع الموازين القسط) ليوم القيامة قال المجازات (وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها) اي جازينا بها وهي ممدودة آتينا بها.

ثم حكى عزوجل قول ابراهيم لقومه وأبيه فقال: (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل - إلى قوله - بعد ان تولوا مدبرين) قال فلما نهاههم ابراهيمعليه‌السلام واحتج عليهم في عبادتهم الاصنام فلم ينتهوا فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع اهل مملكته إلى عيد لهم وكره ان يخرج ابراهيم معه فوكله ببيت الاصنام فلما ذهبوا عمد ابراهيم إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم فكان يدنو من صنم صنم ويقول له كل وتكلم فاذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الاصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الاصنام مكسرة فقالوا: (من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم) وهو ابن آزر(١) فجاؤا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر خنتني وكتمت هذا الولد عني فقال ايها الملك هذا عمل امه وذكرت انى اتقوم بحجته، فدعا نمرود ام ابراهيم فقال ما حملك على ان كتمتني امر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت ايها الملك نظرا مني

____________________

(١) راجع حاشيتنا في الجزء الاول من هذا الكتاب ص ٢٠٦.ج.ز.

٧١

لرعيتك قال وكيف ذلك؟ قالت رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت: إن كان هذا الذي تطلبه دفعته اليك لتقتله وتكف عن قتل اولاد الناس وإن لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك فكف عن اولاد الناس فصوب رأيها ثم قال لابراهيمعليه‌السلام : من فعل هذا بآلهتنا يا ابراهيم؟ قال ابراهيم (فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون) فقال الصادقعليه‌السلام والله ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم فقيل وكيف ذلك؟ قال انما قال فعله كبيرهم هذا ان نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا، فاستشار نمرود قومه في ابراهيم (فقالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين) فقال الصادق (ع) كان فرعون ابراهيم لغير رشد وأصحابه لغير رشد (فرعون ابراهيم لغير رشده واصحابه لغير رشدهم - ك -) فانهم قالوا لنمرود: حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين وكان موسى وأصحابه رشده فانه لما استشار اصحابه في موسى قالوا: ارجه وأخاه وارسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم، فحبس ابراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود ابراهيم في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بني لنمرود بناء لينظر منه إلى ابراهيم كيف تأخذه النار، فجاء؟ بليس واتخذ لهم المنجنيق لانه لم يقدر واحد ان يقرب من تلك النار عن غلوه سهم وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها ان يتقارب من النار وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع ابراهيم (ع) في المنجنيق وجاء ابوه فلطمه لطمة وقال له ارجع عما انت عليه.

وأنزل الرب ملائكته إلى السماء الدنيا ولم يبق شئ إلا طلب إلى ربه وقالت الارض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا رب خليلك ابراهيم يحرق، فقال الله عزوجل: اما انه إن دعاني كفته؟ وقال جبرئيل: يا رب خليلك ابراهيم ليس في الارض أحد يعبدك غيره سلطت عليه

٧٢

عدوه يحرقه بالنار فقال اسكت انما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فان دعاني أجبته فدعا ابراهيم (ع) ربه بسورة الاخلاص " يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك " فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا ابراهيم هل لك إلي من حاجة؟ فقال ابراهيم: أما اليك فلا، وأما إلى رب العالمين فنعم فدفع اليه خاتما عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله أسندت أمري إلى (قوه خ ل) الله وفوضت أمري إلى الله، فأوحى الله إلى النار كوني بردا فاضطربت أسنان ابراهيم من البرد حتى قال وسلاما على ابراهيم وانحط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار ونظر اليه نمرود، فقال من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله ابراهيم، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود اني عزمت على النار أن لا تحرقه.

فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقته فآمن له لوط وخرج مهاجرا إلى الشام ونظر نمرود إلى ابراهيم في روضة خضراء في الناء ومعه شيخ يحدثه فقال لآزر ما اكرم ابنك على ربه قال وكان الوزغ ينفخ في نار ابراهيم وكل الضفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار قال ولما قال الله للنار كوني بردا وسلاما لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة ايام ثم قال الله عزوجل: (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين) فقال الله (ونجيناه ولوطا إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين) يعني إلى الشام وسواد الكوفة وكوثى رباط وقوله: (ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة) قال ولد الولد وهو يعقوب وقوله (ونجيناه) يعني لوطا (من القرية التي كانت تعمل الخبائث) قال كانوا ينكحون الرجال.

واما قوله: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين) فانه حدثني ابي عن عبدالله بن يحيى عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال كان في بني إسرائيل رجل له كرم ونفشت فيه

٧٣

غنم رجل آخر بالليل وقضمته وأفسدته فجاء صاحب الكرم إلى داود فاستعدى(١) على صاحب الغنم، فقال داودعليه‌السلام : اذهبا إلى سليمانعليه‌السلام ليحكم بينكما فذهبا اليه فقال سليمانعليه‌السلام ان كانت الغنم اكلت الاصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالاصل فانه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم، وكان هذا حكم داود وانما أراد ان بعرف بني إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ولو اختلف حكمهما لقال(٢) كنا لحكمهما شاهدين وقوله: (وعلمناه صنعة لبوس لكم) يعني الدرع (لتحصنكم من بأسكم فهل انتم شاكرون) وقوله: (ولسليمان الريح عاصفة) قال تجري من كل جانب (إلى الارض التي باركنا فيها) قال إلى بيت المقدس والشام حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن عيسى بن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبدالله بن بكير وغيره عن ابي عبداللهعليه‌السلام في قول الله: (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) قال أحيى الله له(٣) أهله الذين كانوا قبل البلية وأحيى له أهله الذين ماتوا وهو في البلية.

وقال علي بن ابراهيم في قوله: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا) قال هو يونس ومعنى ذا النون ذا الحوت وقوله: (فظن ان لن نقدر عليه) قال أنزله على أشد الامرين وظن به أشد الظن، وقال ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس، قلت ما كان حال يونس لما ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال كان من أمر شديد، قلت وما كان سببه حتى ظن ان الله لن يقدر عليه؟ قال وكله الله إلى نفسه طرفة عين، قال وحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عبدالله بن

____________________

(١) استعداه استغاثه ق م.

(٢) لعل الصواب " لما قال " مكان " لقال "

(٣) أي لايوبعليه‌السلام ج.ز.

٧٤

سيار عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت ام سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش فدخلها من ذلك ما يدخل النساء فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت اليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه يبكي وهو يقول " اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبدا اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا " قال فانصرفت ام سلمة تبكي حتى انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها فقال لها ما يبكيك يا ام سلمة؟ فقالت بأبي انت وامي يا رسول الله ولم لا أبكي وانت بالمكان الذي انت به من الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر تسأله ان لا يشمت بك عدوا ابدا ولا حاسدا وان لا يردك في سوء استنقذك منه ابدا وان لا ينزع عنك صالح ما اعطاك ابدا وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين ابدا، فقال يا ام سلمة وما يؤمنني وانما وكل الله ونس بن متى إلى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام في قوله (وذا النون إذ ذهب مغاضبا) يول من أعمال قومه (فظن ان لن نقدر عليه) يقول ظن ان لن يعاقب بما صنع، وفي رواية علي بن ابراهيم في قوله: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وانت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه) قال كانت لا تحيض فحاضت وقوله (ويدعوننا رغبا ورهبا) قال راغبين راهبين وقوله (والتي أحصنت فرجها) قال مريم لم ينظر اليها شئ وقوله: (فنفخنا فيها من روحنا) قال روح مخلوقة بأمر الله يعني من أمرنا وقوله: (فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه) اي لا يبطل سعيه وقوله: (وحرام على قرية اهلكناها انهم لا يرجعون) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن ابن سنان عن ابي بصير عن محمد بن مسلم عن ابي عبدالله

٧٥

وابي جعفرعليهما‌السلام قالا كل قرية أهلك الله اهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة لان احدا من اهل الاسلام لا ينكر ان الناس كلهم يرجعون إلى القيامة من هلك ومن لم يهلك قوله (ولا يرجعون) ايضا عنى في الرجعة فاما إلى القيامة فيرجعون حتى يدخلوا النار وقوله (حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون) قال إذا كان في آخر الزمان خرج ياجوج وماجوج إلى الدنيا ويأكلون الناس ثم احتج عزوجل على عبدة الاوثان فقال (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم - إلى قوله - وهم فيها لا يسمعون) في رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (ع) قال: لما نزلت هذه الآية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا فدخل عليهم عبدالله بن الزبعرى(١) وكفار قريش يخوضون في هذه الآية، فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الآية؟ قالوا: نعم، قال ابن الزبعرى ان اعترف بها لاخصمنه، فجمع بينهما فقال: يا محمد أرأيت الآية التي قرأت آنفا أفينا وفي آلهتنا ام في الامم الماضية وآلهتهم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : بل فيكم وفي آلهتكم وفي الامم الماضية إلا من استثنى الله، فقال ابن الزبعرى خاصمتك والله ألست تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وامه وان طائفة من الناس يعبدون الملائكة أفليس هؤلاء مع الآلهة في النار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، فضحكت قريش وضحك وقالت قريش خصمك ابن الزبعرى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قلتم الباطل أما قلت إلا من استثنى الله وقوله: (ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت انفسهم خالدون) وقوله (حصب جهنم) يقول يقذفون فيها قذفا وقوله (اولئك عنها مبعدون) يعنى الملائكة وعيسى

____________________

(١) وفي النسختين " ك ط " " الزبعرا " بالالف ج.ز.

٧٦

ابن مريم (ع).

وقال علي ن ابراهيم " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى " ناسخة لقوله " وان منكم إلا واردها " وقوله (لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون - إلى قوله - إنا كنا فاعلين) فانه حدثنى ابى عن ابن ابى عمير عن منصور بن يونس عن عمرو بن ابى شيبة عن ابى جعفر (ع) قال سمعته يقول ابتداء‌ا منه: ان الله إذا بدا له ان يبين خلقه ويجمعهم لما لابد منه امر مناديا ينادي فاجتمع الانس والجن في اسرع من طرفة العين ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل فكان من وراء الناس وأذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها فاذا رآها اهل السماء الدنيا قالوا جاء ربنا قالوا لا وهو آت يعنى امره حتى تنزل كل سماء تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها ثم ينزل امر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر وإلى ربك ترجع الامور ثم يأمر الله مناديا ينادي " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " قال وبكى (ع) حتى إذا سكت قال قلت جعلني الله فداك يا ابا جعفر واين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وامير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته؟ فقال ابوجعفر (ع) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي (ع) وشيعته على كثبان من المسك الاذفر على منابر من نور يحزن الناس ولا يحزنون ويفزع الناس ولا يفزعون ثم تلا هذه الآية " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " بالحسنة والله ولاية علي (ع) ثم قال: " لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " واما قوله: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) قال السجل اسم الملك الذي يطوي الكتب ومعنى يطويها اي يفنيها فتتحول دخانا والارض نيرانا وقوله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) قال الكتب كلها ذكر (وان الارض يرثها عبادي الصالحون) قال: القائم (ع) وأصحابه قال والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء وقوله

٧٧

(قال رب احكم بالحق) قال معناه لا تدعو (تدع ط) للكفار، والحق الانتقام من الظالمين ومثله في سورة آل عمران " ليس لك من الامر شئ او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون ".

سورة الحج

مدنية وآياتها ثمان وسبعون

(بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم) قال مخاطبة للناس عامة (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت) اي تبقى وتتحير وتتغافل (وتضع كل ذات حمل حملها) قال كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة وقوله (وترى الناس سكارى) قال يعني ذاهلة عقولهم من الخوف والفزع متحيرين وقال (وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) وقوله: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) اي يخاصم (ويتبع كل شيطان مريد) قال المريد الخبيث ثم خاطب الله عزوجل الدهرية واحتج عليهم فقال: (يا ايها الناس إن كنتم في ريب من البعث) اي في شك (فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة) قال المخلقة إذا صارت دما وغير المخلقة قال السقط (لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام وليبين لكم كذلك كنتم في الارحام (ونقر في الارحام ما نشاء) فلا يخرج سقطا.

وقوله: (ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن العياش عن ابن ابي نجران عن محمد بن القاسم عن علي بن المغيرة عن ابي عبدالله عن ابيهعليهما‌السلام

٧٨

قال: إذا بلغ العبد مائة سنة فذلك أرذل العمر وقال علي بن ابراهيم ثم ضرب الله للبعث والنشور مثلا فقال: (وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) اي حسن (ذلك بأن الله هو الحق وانه يحيي الموتى - إلى قوله - من في القبور) وقوله: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) قال: نزلت هذه الآية في ابي جهل (ثاني عطفه) قال: تولى عن الحق (ليضل عن سبيل الله) قال: عن طريق الله والايمان وقوله: (ومن الناس من يعبد الله على حرف) قال على شك (فان أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) فانه حدثني ابي عن يحيى بن ابي عمران عن يونس عن حماد عن ابن الظبيان (ابن الطيار ط) عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال: نزلت هذه الآية في قوم وحدوا الله وجعلوا عباده (وخلعوا عبادة ط) من دون الله وخرجوا من الشرك ولم يعرفوا ان محمدا رسول الله فهم يعبدون الله على شك في محمد وما جاء به فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا انه صادق وانه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان غير ذلك نظرنا فأنزل الله " فان أصابه خير اطمأن به...الخ " وقوله: (يدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه) انقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره فمنهم من يعرف ويدخل الايمان في قلبه فهو مؤمن ويزل عن منزلته من الشك إلى الايمان ومنهم من يلبث على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك واما قوله: (من كان يظن ان لن ينصره الله في الدنيا والآخرة) فان الظن في كتاب الله على وجهين وطريقين ظن يقين وظن شك فهذا ظن شك قال من شك ان الله لن يثيبه في الدنيا والآخرة (فليمدد بسبب إلى السماء) اي يجعل بينه وبين الله دليلا والدليل على ان السبب هو الدليل قول الله في سورة الكهف " وآتيناه من كل شئ سببا فاتبع سببا " اي دليلا (ثم

٧٩

ليقطع) اي يميز والدليل على ان القطع هو التمييز قوله: " وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا امما " اي ميزناهم فقوله: ثم ليقطع اي يميز (فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ) اي حيلته والدليل على ان الكيد هو الحيلة قوله: كذلك كدنا ليوسف اي حيلنا له حتى حبس اخاه وقوله يحكي قول فرعون: اجمعوا كيدكم اي حيلتكم قال فاذا وضع لنفسه سببا وميز دله على الحق، فاما العامة فانهم رووا في ذلك انه من لم يصدق بما قال الله فليلقى حبلا إلى سقف البيت ليختنق.

ثم ذكر عزوجل عظيم كبريائه وآلائه فقال: (ألم تر) يقول: ألم تعلم يا محمد (ان الله يسجد له من في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) ولفظ الشجر واحد ومعناه جمع (وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فماله من مكرم ان الله يفعل ما يشاء) وقوله: (هذان خصمان اختصموا في ربهم)(١) قال: نحن وبنو امية قلنا صدق الله ورسوله وقال بنو امية كذب الله ورسوله (فالذين كفروا) يعني بني امية (قطعت لهم ثياب من نار - إلى قوله - حديد) قال: تغشاه (تشويه خ ل) النار فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه (ولهم مقامع من حديد) قال: الاعمدة التي يضربون بها ضربا بتلك الاعمدة وقوله (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق)

____________________

(١) قال في مجمع البيان: الخصم يستوى فيه الواحد والجمع والذكر والانثى يقال رجل خصم ورجلان خصم ورجال خصم ونساء خصم وقد يجوز في الكلام هذان خصمان اختصموا وقال الله تعالى: هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب وهكذا حكم المصادر إذا وصف بها او اخبر بها نحو عدل ورضى وانما قال في الآية خصمان لانهما جمعان ومثله: وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ج ز

٨٠