حوار في التسامح والعنف

حوار في التسامح والعنف42%

حوار في التسامح والعنف مؤلف:
الناشر: مجلة ( الحياة الطيبة)
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 136

حوار في التسامح والعنف
  • البداية
  • السابق
  • 136 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57596 / تحميل: 7627
الحجم الحجم الحجم
حوار في التسامح والعنف

حوار في التسامح والعنف

مؤلف:
الناشر: مجلة ( الحياة الطيبة)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

بينهم قالوا : بل نُحاكمهم إلى كعب، فذلك قوله :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) .

الكُفر بالطاغوت :

ومعنى الكفر بالطاغوت التَبرِّي من الطاغوت ورفضه وجحوده. يقول الراغب الأصفهاني في ( المفردات ) : وقد يعبَّر عن التبرِّي بالكفر نحو :( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ) (٢) ، وقوله تعالى :( إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي ) (٣) ، ويُقال : كفر فلان بالشيطان، إذا آمن وخالف الشيطان، كقوله تعالى :( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ ) (٤) ، والكفر في هذه الآية لا يتمُّ بعقد القلب فقط، وإنَّما بالمجابهة ومواجهة الطاغوت، كما يقول السيد الطباطبائيرحمه‌الله في تفسير ( الميزان ).

وقد ورد التعبير عن هذه الحالة في سورة النحل، في الآية السادسة والثلاثين باجتناب الطاغوت، يقول تعالى :

( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) (٥) ،

____________________

(١) السيوطي، الدرُّ المنثور، ج٢، ص١٧٩.

(٢) سورة العنكبوت : الآية ٢٥.

(٣) سورة إبراهيم : الآية ٢٢.

(٤) سورة البقرة : الآية ٢٥٦.

(٥) سورة النحل : الآية ٣٦.

٦١

والاجتناب أن يعزل المسلم موقعه وحسابه عن موقع الطاغوت وصفّه ونظامه ونفوذه، ويُعلن انفصاله عن الطاغوت وبراءته عنه.

عبادة الطاغوت :

وفي مقابل ( الكفر ) بالطاغوت والتبرِّي عنه و( اجتنابه ) يأتي مفهوم ( عبادة ) الطاغوت، وعبادته هو طاعته، يقول تعالى :( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى ) (١) .

وعبادة الطاغوت : طاعته والانقياد إليه.

وقد ورد في ( تفسير علي بن إبراهيم ) : ( مَن أطاع جبَّاراً فقد عبده )(٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( مرَّ عيسى بن مريم على قرية قد مات أهلها فأحيى أحدهم، وقال له : ويْحَكُمْ ! ما كانت أعمالكم ؟ قال : عبادة الطاغوت، وحبُّ الدنيا. قال : كيف كانت عبادتكم للطاغوت ؟ قال : الطاعة لأهل المعاصي )(٣) .

إذاً؛ قد حرَّم الله تعالى على عباده قبول التحاكم إلى الطاغوت والركون إليه، وأمر بالتبرِّي منه واجتنابه، في حق أو باطل، فإنَّ الركون إليه طاعته حتى في غير معصية الله إسناد ودعم له، وتمكين له من رقاب المسلمين.

____________________

(١) سورة الزمر : الآية ١٧.

(٢) نور الثقلين، ج٤، ص٤٨١.

(٣) نور الثقلين، ج٥، ص٥٣١، ميزان الحكمة، ج٥، ص٥٤٣.

٦٢

وقد ورد في مقبولة عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلُّ ذلك ؟ قال : ( مَن تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنَّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يُحكم له، فإنَّما يأخذ سُحتاً، وإن كان حقَّاً ثابتاً له؛ لأنَّه أخذه بحكم الطاغوت، وما أمر الله أن يكفر به، قال تعالى :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) )(١) .

آية النهي عن الركون إلى الظالمين :

يقول تعالى :( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٢) . والركون - كما يقول أئمة اللغة - : هو ( الإدِّهان(٣) ، الحبّ، المودّة، الطاعة، الرضا، الميل، الاستعانة، الدنو ).

ويقول الزمخشري في تفسير هذه الآية : ( أركنه إذا أماله، والنهي يتناول الانحطاط في هواهم، والانقطاع إليهم ومصاحبتهم، ومجالستهم، وزيارتهم، ومداهنتهم، والرضا بأعمالهم، والتشبُّه بهم والتزيِّي بزيِّهم ومدّ العين إليهم، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم. وحُكي أنَّ الموفق صلَّى خلف الإمام، فقرأ بهذه

____________________

(١) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١٨، ص٩٨ - ٩٩.

(٢) سورة هود : الآية ١١٣.

(٣) الإدِّهان : المصانعة.

٦٣

الآية :( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) ، فغشي عليه، فلمَّا أفاق قيل له، فقال : هذا في مَن ركن إلى مَن ظلم، فكيف بالظالم ؟! )(١) .

ويقول القرطبي - في تفسير الآية( وَلاَ تَرْكَنُوا ) - : الركون حقيقةً الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، قال قتادة : معناه : لا تودُّوهم ولا تُطيعوهم. ابن جريح : لا تميلوا إليهم. أبو العالية : لا ترضوا أعمالهم. وكلُّه متقارب. وقال ابن زيد : الركون هو الإدهان ( المصانعة ).

ويقول في تفسير( الَّذِينَ ظَلَمُوا ) قيل : أهل الشرك. وقيل : عامّة فيهم وفي العصاة، على نحو قوله تعالى :( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) وقد تقدَّم. وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنَّها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم(٢) .

وقال ابن كثير في التفسير : في تفسير قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) عن ابن عباس لا تُداهنوا قال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم. وقال ابن جرير عن ابن عباس : تميلوا إلى الذين ظلموا. وهذا القول حسن : أي لا تستعينوا بالظلمة، فتكونوا كأنَّكم قد رضيتم بأعمالهم( فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٣) .

ويقول السيد قطب - في تفسيره ( في ظلال القرآن ) في تفسير

____________________

(١) الزمخشري، الكشَّاف، ٤٣٣.

(٢) أبو عبد الله القرطبي، جامع البيان لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت، ج٩، ص١٠٨.

(٣) ابن كثير، ج٢، ص٤٦١.

٦٤

هذه الآية( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) - : لا تستندوا ولا تطمئنُّوا، إلى الذين ظلموا، إلى الجبَّارين الطغاة، الظالمين، أصحاب القوَّة في الأرض، الذين يقهرون العباد بقوَّتهم، ويعبّدونهم لغير الله من العبيد. لا تركنوا إليهم؛ فإنَّ ركونكم إليهم، يعني إقرارهم على هذا المنكر الأكبر الذي يزاولونه، ومشاركتهم إثم(١) .

وهذا هو طرف من كلمات المفسِّرين في تفسير النهي عن الركون إلى الظالمين : لا تميلوا إليهم ولا تسكنوا إليهم، لا تستعينوا بهم، لا ترضوا بأفعالهم، لا تُصانعوهم، لا تودُّوهم لا تطيعوهم، لا ترضوا بهم، لا تقرُّوهم.

والظالمون هم العصاة فإذا كان كل ذلك حراماً بصريح كتاب الله : فكيف يجوز الإقرار بسيادتهم وولايتهم، وقبول حاكميتهم، والانتظام في جماعتهم ؟

ويقول تعالى :( وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ) (٢) .

ويقول تعالى :( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) (٣) .

____________________

(١) سيد قطب : في ظلال القرآن، ج١٢، ص١٤٧.

(٢) سورة الشعراء : الآيتان ١٥١ - ١٥٢.

(٣) سور الإنسان : الآية ٢٤.

٦٥

وجوب جهاد الطغاة في الأحاديث :

والروايات بهذا المعنى كثيرة، نذكر طرفاً منها على سبيل الشاهد :

روى ثقة الإسلام الكليني، بسنده إلى جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ( في حديث ) قال : ( فأنكِروا بقلوبكم وألفظوا بألسنتكم، وصكُّوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم )، ثمَّ قال : ( فإن اتَّعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم،( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم، وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطان )(١) .

وعن يحيى الطويل، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : ( ما جعل الله بسط اللسان وكفّ اليد، ولكن جعلهما يُبْسَطَان معاً ويُكَفَّان معاً )(٢) .

وروى الشريف الرضي ( ره ) في نهج البلاغة، عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أنّه قال في صفِّين : ( أيّها المؤمنين، مَن رأى عدواناً يعمل به، ومنكراً يُدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومَن أنكره بلسانه فقد أجر، ومَن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين السُّفلى، فذلك الذي أصاب الهُدى، وقام على الطريق، ونوَّر في قلبه اليقين )(٣) .

____________________

(١) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١١، ص٤٠٣.

(٢) المصدر نفسه، ج١١، ص٤٠٤.

(٣) نهج البلاغة، مصدر سابق، ج٤، ص٨٩.

٦٦

والروايات بهذا المضمون كثيرة تبلغ حدّ التواتر؛ ولذلك لا نحتاج معها إلى مراجعة أسنادها، ومن طرق أهل السنّة روى الترمذي عن طارق بن شهاب، قال : أوّل مَن قدَّم الخطبة قبل الصلاة مروان، فقام رجل فقال له : خالفت السنّة ! فقال أبو سعيد : أمَّا هذا ، فقد قضى ما عليه سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( مَن رأى منكراً فلينكر بيده، ومَن لم يستطع فبلسانه، ومَن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ). قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح(١) .

ورواه أحمد في المسند في موضعين(٢) ، ورواه بلفظ قريب منه مسلم في الصحيح(٣) ، ورواه ابن ماجة في السنن(٤) ، والنسائي في السُّنن(٥) ، ولا نريد أن نستعرض الأحاديث الواردة بهذا المعنى، فهي كثيرة بالغة حدَّ التواتر المعنوي، ونختمها برواية السبط الشهيد الحسين بن عليعليه‌السلام عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك في منطقة البيضة، كما يقول المؤرخون؛ حيث خطب في كتيبة الحرِّ بن يزيد التميمي قائلاً : ( أيُّها الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مَن رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاَّ ً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً

____________________

(١) سنن الترمذي، ج٤، ص٤٦٩ - ٤٧٠، كتاب الفتن باب ما جاء في تغير المنكر باليد واللسان، الحديث ٢١٧٢.

(٢) مسند أحمد بن حنبل، ج٣، ص١٠، وج٣، ص٤٥.

(٣) صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت، ج١، ص٥٠.

(٤) سنن ابن ماجة، ج٢، ص١٣٣٠.

(٥) سنن النسائي بشرح السيوطي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج٨، ص١١١ - ١١٢.

٦٧

لسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله )(١) .

وجوب جهاد الطغاة من سيرة أهل البيتعليهم‌السلام :

وأوضح شيء في ذلك سيرة الحسينعليه‌السلام تجاه طاغوت زمانه، حيث خرج -عليه‌السلام - وقاتله بنفسه وأولاده وأهل بيته والصفوة من أصحابهعليه‌السلام ، وخطب في كربلاء في الناس وفي أصحابه، فقالعليه‌السلام : ( ألا ترون إلى الحق لا يُعمَل به، وإلى الباطل لا يُتَناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقَّاً، فإنَّي لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً )(٢) .

ولمَّا طالب مروان الحسينعليه‌السلام بالبيعة ليزيد بعد هلاك معاوية، قال له الحسينعليه‌السلام : ( إنّا لله وإنَّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بليت الأمة براعٍ مثل يزيد. ولقد سمعت جدِّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان )(٣) .

وقال في كربلاء لما طالبوه بالبيعة ليزيد : ( لا والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد )(٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري، ج٤، ص٣٠٠، الكامل في التاريخ، ج٣، ص٢٨٠.

(٢) تاريخ الطبري، ج٤، ص٣٠١.

(٣) السيد محسن الأمين، المقتل الحسيني، ص٢٤.

(٤) تاريخ الطبري، ج٤، ص٣٣٠، والكامل في التاريخ، ج٣، ص٢٨٧.

٦٨

الرأي الآخر :

هذا الذي ذكرناه - في ما أعتقد - هو موقف الإسلام في هذه المسألة، وليس فيه لبس أو غموض ويتميّز بالوضوح والصراحة، من الكتاب والسنَّة والسيرة.

وهناك رأي آخر في مطاوعة الحكَّام الظلمة، والانقياد لهم ومتابعتهم، مهما بلغ ظلمهم وإفسادهم في الأرض، ومهما كان عبثهم بالإسلام وانتهاكهم لحدود الله وحرماته، ومهما كان إسرافهم في بيت المال، حتّى إن أعلنوا الشرب والسكر وسائر المنكرات إعلاناً، وقتلوا النفوس البريئة، وقتلوا الصالحين ما لم يظهروا كفراً بواحاً، وما لم يأمروا بالمعصية، يجب طاعتهم والانقياد لهم، ويحرم الخروج عليهم.

ومن هؤلاء يزيد بن معاوية، والحجَّاج بن يوسف، ووليد بن يزيد، الذي كان يكرع الخمر كرعاً.

وبناء على هذه الفتوى؛ يحرم الخروج على يزيد بن معاوية، وتحرم مخالفته في غير معصية الله إلخ.

هذا هو الرأي الآخر، وقد ظهر وبرز في العصر الأُموي، وامتدَّ إلى العصر العباسي، ونظَّر له علماء وفقهاء معروفون من أهل السنّة والجماعة، ودعوا إليه وادَّعوا أن خلافه بدعة في الإسلام، وامتد وتعمّق هذا الرأي، حتّى كاد أن يكون الرأي الفقهي الرسمي لفقهاء أهل السنّة، في العصر الأموي والعصر العباسي، ونحن نذكر نماذج من كلمات هؤلاء الفقهاء والمحدّثين في وجوب

٦٩

طاعة الحكَّام ما لم يعلنوا الكفر البواح، وما لم يأمروا بالمعصية، وتحريم الخروج عليهم، واعتبار الخروج عليهم من البدعة التي حرَّمها الله.

رأي عبد الله بن عمر :

روى مسلم عن زيد بن محمد عن نافع، قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع، حين كان من أمر ( الحرّة ) ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال [عبد الله بن مطيع ] اطرحوا لأبي عبد الرحمن وساده. فقال : إنّي لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدّثك حديثاً : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :( مَن خلع يداً من طاعة لقي الله عز وجلّ يوم القيامة لا حجَّة له، ومَن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) (١) .

رأي عبد الله بن عمرو العاص :

وإلى هذا الرأي يذهب عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان يعرف به، ويدعو إليه(٢) .

____________________

(١) صحيح مسلم، ج٦، ص٢٢.

(٢) راجع : مسند أحمد بن حنبل، ج٢، ص٣٤٤.

٧٠

رأي الحسن البصري :

ويُعرف هذا الرأي أيضاً عن الحسن البصري وعنه نقل : ( الأُمراء يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله، ما يستقيم الدين إلاّ بهم، وإن جاروا وظلموا. والله، لمَا يصلح بهم أكثر ممَّا يفسدون ).

رأي سفيان الثوري :

وكان سفيان الثوري يصرُّ على هذا الرأي، ويراه من أعمدة الإيمان. يقول لشعيب أحد تلامذته : ( يا شعيب، لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل برِّ وفاجر، والجهاد إلى يوم القيامة، والصبر تحت لواء السلطان جار أم عدل ).

رأي علي بن المديني :

ويقول علي بن المديني :( ثمَّ السمع والطاعة للأئمة وأُمراء المؤمنين البرِّ والفاجر، ومَن ولي الخلافة بإجماع الناس ورضاهم. لا يحلُّ لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ليله، إلاّ عليه إمام برّاً كان أم فاجراً، فهو أمير المؤمنين !! ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائز نافذ قد برئ مَن دفعها إليهم، وأجزأت عنه برَّاً كان أو فاجراً.

وصلاة الجمعة خلفه وخلف مَن ولاّه جائزة، قائمة ركعتان مَن أعادها فهو مبتدع، تارك للإيمان مخالف، وليس له من فضل الجمعة شيء، إذا لم يرَ الجمعة خلف الأئمة مَن كانوا، برُّهم وفاجرهم، والسنَّة أن يصلُّوا خلفهم، لا

٧١

يكون في صدورهم حرج من ذلك. ومَن خرج على إمام أئمة المسلمين، وقد اجتمع عليه الناس فأقرُّوا له بالخلافة، بأيِّ وجه كانت، برضى كانت أو بغلبة فهو شاقٌّ عليه العصا، وخالف الآثار عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة الجاهلية، ولا يحلُّ قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمَن عمل ذلك، فهو مبتدع على غير السنّة ).

اللالكائي ( المتوفَّى سنة ٨١٤ه- ) والبخاري :

وعقد الشيخ اللالكائي فصلاً في كتابه ( السنّة ) ذكر فيها من عقائد أهل السنّة( ومنها اعتقادهم وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور أبراراً كانوا أم فجّار ) .

ثمَّ ذكر اللالكائي قول البخاري قال :( لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم، أهل الحجاز من مكّة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد، والشام، ومصر، لقيتهم كرَّات وأدركتهم، وهم متوافدون منذ أكثر من ستٍّ وأربعين سنة، كلُّهم يعتقدون هذه العقيدة ) .

النووي في شرحه على صحيح مسلم :

يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم :( وأمّا الخروج عليهم - يعني الخلفاء - وقتالهم، فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين وأجمع أهل السنّة [ على ] أنّه لا ينعزل السلطان بالفسق ) .

٧٢

ابن حجر في شرحه على ( صحيح البخاري ) :

ويقول ابن حجر في ( فتح الباري ) في شرح صحيح البخاري عن ابن بطال :( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلِّب والجهاد معه، وإنَّ طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن للدماء وتسكين للدهماء، ولم يستثنوا من ذلك إلاَّ إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ) !!

رأي أبي بكر الإسماعيلي :

يقول الشيخ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه ( اعتقاد أهل الحديث ) :( ويرون الصلاة والجمعة وغيرها خلف إمام مسلم برّاً كان أو فاجراً، فإنَّ الله عزّ وجلّ فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً، مع علمه تعالى بأنّ القائمين بها يكون منهم الفاجر والفاسق، ولم يستثنِ وقتاً دون وقت، ويرون الجهاد معهم وإن كانوا جورة ) .

رأي الطحاوي وشارح الطحاوية :

يقول الشيخ الطحاوي في عقيدته :( ولا نرى الخروج على أئمّتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عزّ وجلّ فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ).

قال شارح الطحاوية - بعد سقوه الأدلّة الدالّة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور - :( فقد دلّ الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم

٧٣

يأمروا بمعصية، فتأمَّل قوله تعالى :( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) ،كيف قال :( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) ،ولم يقل : وأطيعوا أولي الأمر منكم؛ لأنّ أولي الأمر لا يفردون بالطاعة، بل يطاعون في ما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول للدلالة على أنّ مَن أطاع الرسول فقد أطاع الله، فإنَّ الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، فلا يطاع إلاّ في ما هو طاعة لله ورسوله، وأمَّا لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ فلأنَّه يترتَّب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيِّئات، ومضاعفة الأجور، فإنَّ الله تعالى ما سلَّطهم علينا إلاّ لفساد أعمالنا والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد بالاستغفار والتوبة، وإصلاح العمل قال تعالى :( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَ-ذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ) ،وقوله تعالى :( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) ،فإذا أراد الرعيَّة أن يتخلَّصوا من ظلم الأمير فليتركوا الظلم. وقال مالك بن دينار : إنّه جاء في بعض كتب الله: ( أنا الله مالك الملك، قلوب الملوك بيدي، فمَن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك، لكن توبوا أعطِّفهم عليكم) .

٧٤

الشيخ الصابوني ( المتوفَّى سنة ٩٩٤ ه- ) :

يقول الشيخ أبو عثمان الصابوني - المتوفَّى سنة ٩٩٤ ه- - في كتابه ( عقيدة أصحاب الحديث ) :( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كلّ إمام مسلم برّاً كان أو فاجراً، ويرون الدعاء لهم بالتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم، وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ) .

رأي علماء الوهابية :

في رسالة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف : إنّ الشيخ قال :( وبهذه الأحاديث وأمثالها عمل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعرفوا أنّ من الأصول التي لا يقوم الإسلام إلاَّ بها، وشاهدوا من يزيد بن معاوية والحجاج ومَن بعدهم - خلا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - أموراً ظاهرة ليست خفيّة، ونهوا عن الخروج عليهم والطعن فيهم، ورأوا أنَّ الخارج عليهم خارج عن دعوة المسلمين إلى طريقة الخوارج ).

ويقول جمع من مشايخ وعلماء آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - كالشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وآخرين في رسالة خاصة لهم بهذا الأمر - :( إذا فُهِم ما تقدَّم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وكلام العلماء المحقِّقين في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وتحريم منازعته، فإن قصّر عن القيام

٧٥

ببعض الواجب، فليس لأحد من الرعيَّة أن يُنازعه الأمر من أجل ذلك، إلاَّ أن تروا كفراً بواحاً ).

وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف :( وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنَّة، في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر حتى قال : ( اسمع وأطع، وإن أخذ مالك وضرب ظهرك )، فنحرِّم معصيته والاعتراض عليه ) .

وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري - في رسالة له، بعد سوقه الأدلة على وجوب السمع والطاعة، ونقل كلام بعض العلماء في ذلك - :( إذا فُهِم ما تقدَّم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وكلام العلماء المحقِّقين، في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وتحريم منازعته، والخروج عليه. وأمّا ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات، التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام، فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتِّباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس، ومجامع الناس، واعتقاد أنَّ ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش، وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتَّب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا، كما يعرف ذلك من نوّر الله قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح. هذا الذي نعتقده وندين الله به ونبرأ إلى الله ممَّن خالفه واتَّبع هواه ) .

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز :( لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا، بل يجب السمع والطاعة بالمعروف، ولكن لا نُطيعهم في المعصية، ولا

٧٦

ننزعَنَّ يداً عن طاعة )

ثمّ ساق عدداً من الأحاديث الدالة على ذلك، ثمّ قال :( فالمقصود أنّ الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور، من الأُمراء والعلماء، فبهذا تصلح الأحوال، ويأمن الناس، ويُنصف المظلوم، ويُردع الظالم وتأمن السبل، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور، وشقُّ العصا، إلاّ إذا وجِد منهم كفر بواح عند الخارجين فيه برهان من الله، وهم قادرون على ذلك على وجه لا يترتَّب عليه ما هو أنكر وأكثر فساداً ).

ويقول الشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل - إمام وخطيب مسجد الحرام - :( إنّ مذهب أهل السنّة والجماعة الذي لا يجوز العدول عنه، وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وحكَّامهم وأمرائهم في غير معصية الله ورسوله، وإن ظهر منهم ما ظهر من الجور والظلم والفسق، ما لم يخرجوا عن دائرة الإسلام، ويحكم عليهم بالكفر الذي لا شبهة فيه، كما قال عليه‌السلام : ( إلاَّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان )، فإنَّ الصبر على جور الأئمة وظلمهم مع كونه هو الواجب شرعاً، فإنَّه أخفُّ من ضرر الخروج عليهم، ونزع الطاعة من أيديهم؛ لما ينتج عن الخروج عليهم من المفاسد العظيمة، فربّما كان الخروج سبب حدوث فتنة يدوم أثرها، ويستشري ضررها، ويقع بسببها سفك الدماء ).

الحياة الطيِّبة : ما الذي حمل هؤلاء الفقهاء على تبنِّي هذا الرأي؛ حيث لا يمكن للسياسة وحدها أن توحي برأي ما ؟! ألا تعتقدون وجود مستندات شرعية لهذا الرأي ؟

٧٧

الشيخ الآصفي : لقد استند هؤلاء الفقهاء إلى أمرين :

١ - التمسُّك بإطلاق الكتاب ومناقشته :

يقول أبو بكر الإسماعيلي في كتابه( اعتقاد أئمة أهل الحديث ) : ( فإنَّ الله عزّ وجلّ فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً، مع علمه تعالى بأنَّ القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق، ولم يستثنِ وقتاً دون وقت، ولا أمراً دون أمر ) .

وخلاصة الاستدلال : إنَّ الأمر بالطاعة لأولياء الأمور مطلق، كالأمر بالسعي إلى الجمعة، فتجب الطاعة إلاّ في الأمر بمعصية الله، ويحرم الخروج على الإمام، إلاَّ عند ما يُعلن الكفر بُواحاً.

المناقشة :

والتمسُّك بإطلاق الآية الكريمة من أغرب ما نعرف من الاحتجاج بالكتاب العزيز، وتوضيح ذلك :

أوّلاً : إنَّ الله تعالى لم يجعل للفاسق ولاية ولا إمامة على المسلمين، يقول تعالى - في جواب سؤال إبراهيمعليه‌السلام الإمامة لذريته - :( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، وتمام الآية :( وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) ، ويقول تعالى :( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٢) .وإذا كان

____________________

(١) سور البقرة : الآية ١٢٤.

(٢) سورة هود : الآية ١١٣.

٧٨

الركون إلى الظالم حراماً، فكيف يكون له ولاية وإمامة على المسلمين ؟! فالآية الكريمة ( ٥٩ من سورة النساء ) تأمر بطاعة أولي الأمر والظالم لا ولاية، ولا إمامة له على المسلمين، بصريح الآية ١٢٤ من سورة البقرة، والآية ١١٣، من سورة هود.

ولنِعْمَ ما يقول علماء الأصول - في ردِّ مثل هذه الاستدلالات غير العلمية - :( إنّ الحكم لا يثبت موضوعه ) ، وهذا الأمر بالطاعة لا يثبت أن المتسلَّط على الحكم بالبطش له ولاية وإمامة على المسلمين، هذا أوّلاً.

وثانياً : التفريق بين المخالفة والخروج - بأن نقول : إذا أمر الحاكم بالمعصية، فتجب المخالفة ويحرم الخروج عليه - أمر غير عملي؛ فإنّ الأمر بالمعصية والجهر بها إن كان حالة طارئة من ناحية الحاكم وتراجع عنها، فإنّ ولايته إذا كانت شرعية لا تُقطع بمعصية تاب عنها، ولكن إذا شطَّ الحاكم في الغيِّ، وتمادى في الظلم والضلال والإفساد في الأرض - مثل كثير من الحكَّام الذين حكموا المسلمين ويحكمونهم اليوم - فأين التفريق بين المخالفة والخروج ؟ فتجب المخالفة لما رُوِي عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )(١) ، ولكن يحرم الخروج عليه.

أقول : هذا الرأي أقرب إلى الفرض منه إلى الحكم الشرعي، فإنَّ الحاكم الذي يتمادى في الغيِّ والضلال والبطش والإفساد، إذا عرف أن المسلمين يَتَحرَّجون من الخروج عليه، فإنَّه سوف يُجبرهم على طاعة ما يأمر به من معصية الله، كما حصل في تاريخنا المعاصر

____________________

(١) وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج١١، ص٤٢٢.

٧٩

الكثير من هذه الحالات. ولا مخرج عن هذه المعاصي والمنكرات إلاّ بالخروج على الحاكم.

وثالثاً : إنَّ الله تعالى نهانا عن الركون إلى الظالمين، والركون إلى الظالم ليس بالطاعة فقط، وإنَّما بقبول إمامته أيضاً؛ فإنَّ قبول إمامته وقيادته وقبول الانضواء تحت حكمه وزعامته من أوضح مصاديق الركون.

يقول تعالى :( وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) ؛ فتكون هذه الآية مخصَّصة للآية ٥٩، من سورة النساء، على فرض إطلاقها وشمولها لمعصية الله، فتختص الولاية المشار إليها في سورة النساء الآية ٥٩، بما إذا استقام الحاكم على حدود الله تعالى وأحكامه وصراطه. فإذا انحرف وشطَّ، فلا تكون له إمامة ولا ولاية على المسلمين.

ورابعاً : كما تجب مخالفة الحاكم الظالم في معصية الله، كذلك تحرم طاعته في ما يأمر في غير معصية الله؛ لأنّ الدخول في طاعته هو من الركون إليه، وقد نهانا الله تعالى عن الركون إلى الظالمين.

ومن عجب أن يقول ابن تيمية في ( منهاج السنّة ) : ( الكافر والفاسق إذا أمر بما هو طاعة لله لم تحرم طاعته - ولا يسقط وجوبها - لأمر ذلك الفاسق بها، كما أنّه إذا تكلَّم بحقّ لم يجز تكذيبه، ولا يسقط وجوب اتِّباع الحقّ؛ لكونه قد قاله الفاسق ).

وهو كلام غريب، فإنّ اتَّباع الحقّ يختلف عن اتِّباع الفاسق في الحقّ وبينهما فرق، ونحن نتّبع الحقّ ولكن لا نتّبع الفاسق ولو في الحقّ؛ لأنّ الله

٨٠

قَالَ(١) : « أَرى أَنَّهُ لَكَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، وَإِنْ جَاءَ بِالْمَالِ لِلْوَقْتِ(٢) ، فَرُدَّ عَلَيْهِ(٣) ».(٤)

٨٧٩١/ ١٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أَوْ غَيْرِهِ(٥) ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَوْ أَبِي الْحَسَنِ(٦) عليهما‌السلام فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّيْ‌ءَ الَّذِي يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ(٧) ، وَيَتْرُكُهُ حَتّى يَأْتِيَهُ بِالثَّمَنِ ، قَالَ : « إِنْ جَاءَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّيْلِ بِالثَّمَنِ ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ لَهُ ».(٨)

____________________

(١). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائلوالفقيه : « فقال ».

(٢). في « بح » : « في الوقت ».

(٣). فيالمرآة : « قال الوالد العلّامة : هذه من حيل الربا ، ويدلّ على جواز البيع بشرط ، ويظهر من السؤال أنّهم كانوا لا يأخذون اُجرة المبيع من البائع ، والمشهور أنّها من المشتري بناء على انتقال المبيع قبل انقضاء الخيار. وقيل : إنّه لا ينتقل إلّابعد زمن الخيار. وأقول : لعلّه يدلّ على عدم سقوط هذا الخيار بتصرّف البائع ، كما لا يخفى ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢ ، ح ٩٥ ، بسنده عن عليّ بن النعمان وعثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٠٤ ، ح ٣٧٧٠ ، معلّقاً عن سعيد بن يسارالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٠ ، ح ١٧٧٤٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٨ ، ح ٢٣٠٤٥.

(٥). في « جد » : « وغيره ».

(٦). في « بح » والوافي والوسائل : « وأبي الحسن ».

(٧). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، جد ، جن » والوافي والمرآة والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي سائر النسخ‌والمطبوع : « في يومه ».

وفيالمرآة : « قوله : من يومه ، فيه إشكال ؛ لأنّ الظاهر أنّ فائدة الخيار دفع الضرر عن البائع ، وهو لا يحصل في الخيار بالليل ؛ لأنّ المفروض أنّه يفسد من يومه. ويمكن حمله على اليوم والليل وإن بعد في الليلة المتأخّرة. والأصحاب عبّروا عن المسألة بعبارات لا تخلو من شي‌ء ، وأوفقها بالخبر عبارةالشرائع ، حيث قال : لو اشترى ما يفسد من يومه ، فإن جاء بالثمن قبل الليل وإلّا فالبيع له. والشهيد فيالدروس ، حيث فرض المسألة في ما يفسده المبيت وأثبت الخيار عند انقضاء النهار ، وكأنّه حمل اليوم على ما ذكرناه ، ثمّ استقرب تعديته إلى كلّ ما يتسارع إليه الفساد عند خوف ذلك وأنّه لا يتقيّد بالليل ، وكان مستنده خبر الضرار ». وراجع :شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٢٧٧ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ٢٧٤ ، الدرس ٢٥٧.

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ح ١٠٨ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد ؛الاستبصار ، ج ٣ ، ص ٧٨ ، ح ٢٦٢ ، معلّقاً عن =

٨١

٨٧٩٢/ ١٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

اشْتَرَيْتُ مَحْمِلاً ، فَأَعْطَيْتُ(١) بَعْضَ ثَمَنِهِ(٢) ، وَتَرَكْتُهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ احْتَبَسْتُ أَيَّاماً ، ثُمَّ جِئْتُ إِلى بَائِعِ الْمَحْمِلِ لآِخُذَهُ ، فَقَالَ : قَدْ بِعْتُهُ ، فَضَحِكْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : لَاوَاللهِ لَا أَدَعُكَ ، أَوْ أُقَاضِيَكَ ، فَقَالَ لِي : تَرْضى(٣) بِأَبِي بَكْرِ بْنِ(٤) عَيَّاشٍ(٥) ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَتَيْنَاهُ(٦) ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ قِصَّتَنَا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بِقَوْلِ مَنْ تُحِبُّ أَنْ أَقْضِيَ(٧) بَيْنَكُمَا؟ أَبِقَوْلِ(٨) صَاحِبِكَ ، أَوْ غَيْرِهِ؟ قَالَ(٩) : قُلْتُ : بِقَوْلِ صَاحِبِي ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « مَنِ اشْتَرى شَيْئاً ، فَجَاءَ بِالثَّمَنِ فِي(١٠) مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ لَهُ ».(١١)

٨٧٩٣/ ١٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

____________________

= محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٤ ، ح ٢٣٠٥٧.

(١). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : « وأعطيت ».

(٢). في « بخ ، بف » : « الثمن ».

(٣). في « جن » والوافي : « أترضى ».

(٤). في « بح » : + « أبي ».

(٥). في « بف » : « عبّاس ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : بأبي بكر بن عيّاش. هو القارئ المشهور من رواة عاصم ، وكانت المصاحف مكتوبة على قراءته ، على ما ذكره فيخلاصة المنهج وفسّر القرآن فيالخلاصة أيضاً على قراءته ، وأمّا اليوم فالمصاحف على قراءة حفص ، وهو الراوي الآخر لعاصم ، وقال ابن النديم : إنّها قراءة عليّعليه‌السلام ، وقال أبو بكر بن عيّاش : وجدت قراءة عاصم على قراءة عليّعليه‌السلام إلّا في عشر كلمات كانت مخالفة فأصلحتها وأدخلتها ».

(٦). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فأتيته ».

(٧). في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » : « أن نقضي ».

(٨). في « ى ، بخ ، بف ، جت »والتهذيب : « بقول » بدون همزة الاستفهام.

(٩). في«ط»والوافي:-« قال ». وفي « بف » : « ثمّ ».

(١٠). في «بح، بخ ، بف ، جد » والوافي : - « في ».

(١١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢١ ، ح ٩٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١ ، ح ٢٣٠٥١.

٨٢

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - قَضى فِي رَجُلٍ اشْتَرى ثَوْباً بِشَرْطٍ إِلى نِصْفِ النَّهَارِ ، فَعَرَضَ لَهُ(١) رِبْحٌ ، فَأَرَادَ بَيْعَهُ ، قَالَ : لِيُشْهِدْ(٢) أَنَّهُ قَدْ رَضِيَهُ ، فَاسْتَوْجَبَهُ(٣) ، ثُمَّ لْيَبِعْهُ إِنْ شَاءَ ، فَإِنْ أَقَامَهُ فِي السُّوقِ وَلَمْ يَبِعْ(٤) ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ ».(٥)

٧١ - بَابُ مَنْ يَشْتَرِي الْحَيَوَانَ(٦) وَلَهُ لَبَنٌ يَشْرَبُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ‌

٨٧٩٤/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ(٧) ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ اشْتَرى شَاةً ، فَأَمْسَكَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ رَدَّهَا ، قَالَ :

____________________

(١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : فعرض له ، أي للمشتري. والإشهاد لرفع النزاع للإرشاد ، أو استحباباً. ويدلّ على أنّ‌جعله في معرض البيع تصرّف مسقط للخيار ».

(٢). في « بف » : « يشهد ».

(٣). في « ط ، بخ ، بف ، جن » والوافيوالتهذيب : « واستوجبه ».

(٤). في « بخ » : « فلم يبعه ». وفي « بف » : « ولم يبعه ».

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣ ، ح ٩٨ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥١٢ ، ح ١٧٧٤٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٥ ، ح ٢٣٠٥٩.

(٦). فيالوافي : « أورد فيالكافي في العنوان « الحيوان » بدل « الشاة » وكأنّه عمّم الحكم. وفيه إشكال ؛ لإختلاف أنواع الحيوانات في كثرة اللبن وقلّته أكثر من اختلاف أفراد النوع الواحد. وفي أصل الحكم إشكال آخر من جهة إهمال ذكر مؤونة الإنفاق على الشاة ، مع أنّه يجوز أن يكون إنفاق المشتري عليها في تلك الأيّام أكثر من قيمة لبنها أو مثلها ، ولعلّ الحكم ورد في محلّ مخصوص كان الأمر فيه معلوماً. وأمّا ما مرّ من أنّ الغلّة في زمان الخيار للمشتري فهو مختصّ بخيار الشرط ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٦٩ : « ما وقع في العنوان بلفظ الحيوان مع كون الخبر بلفظ الشاة مخالف لدأب المحدّثين ، مع اختلاف الحيوانات في كثرة اللبن وقلّته ».

(٧). فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ح ١٠٧ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى - وقد عُبّر عنه بالضمير - عن عليّ بن حرّعن أبي المعزا. وفي بعض نسخه أبي المغرا ، وهو الصواب.

٨٣

« إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ(١) يَشْرَبُ(٢) لَبَنَهَا ، رَدَّ مَعَهَا ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ(٣) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ ».

* عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ(٤) ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام مِثْلَهُ.(٥)

٧٢ - بَابُ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي‌

٨٧٩٥/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي الرَّجُلِ(٦) يَبِيعُ الشَّيْ‌ءَ ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي : هُوَ بِكَذَا وَكَذَا ، بِأَقَلِّ(٧) مِمَّا(٨) قَالَ الْبَائِعُ ، قَالَ : « الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا كَانَ الشَّيْ‌ءُ قَائِماً بِعَيْنِهِ(٩) ».(١٠)

____________________

(١). في « بف » والوافيوالتهذيب : « أيّام ». وفي « بخ » : - « كان في تلك الثلاثة الأيّام ».

(٢). في « بخ ، بف » والوافيوالتهذيب : « شرب ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ثلاثة أمداد ، ظاهر الخبر ثلاثة أمداد من اللبن ، وحملها الأصحاب على الطعام ».

(٤). فيالوافي : « وفي بعض نسخالكافي في السند الأوّل - وهو الثاني هنا - : عن سهل بن زياد ، في ما بين إبراهيم‌بن هاشم وابن أبي عمير ، وعلى هذا فليس شي‌ء من الأسانيد الثلاثة بنقيّ ». وثالثة الأسانيد هو ما فيالتهذيب .

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، ذيل ح ١٠٧ ، بسنده عن أبي المعزى ، عن الحلبيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢١ ، ح ١٧٧٦٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٦ ، ح ٢٣٠٦١.

(٦). في « بخ ، بف » : « رجل ».

(٧). في « ط » : « أقلّ ».

(٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالفقيه والتهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ و ٢٢٩. وفي المطبوع : « ما ».

(٩). فيالوافي : « الوجه فيه أنّه مع بقاء العين يرجع الدعوى إلى رضا البائع ، وهو منكر لرضاه بالأقلّ ، ومع تلفه يرجع إلى شغل ذمّة المشتري بالثمن ، وهو منكر للزيادة ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧٠:« ما يدلّ عليه بمنطوقه ومفهومه هو المشهور بين الأصحاب، بل ادّعى عليه =

٨٤

٨٧٩٦/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِذَا التَّاجِرَانِ صَدَقَا(١) ، بُورِكَ لَهُمَا ، فَإِذَا(٢) كَذَبَا وَخَانَا ، لَمْ يُبَارَكْ(٣) لَهُمَا ، وَهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السِّلْعَةِ(٤) ، أَوْ يَتَتَارَكَا(٥) ».(٦)

____________________

= الشيخ الإجماع ، وذهب ابن الجنيد إلى أنّ القول قول من هو في يده إلّا أن يحدث المشتري فيه حدثاً فيكون القول قوله مطلقاً. وذهب العلّامة فيالمختلف إلى أنّ القول قول المشتري مع قيام السلعة ، أو تلفها في يده أو يد البائع بعد الإقباض ، والثمن معيّن ، والأقلّ لا يغاير أجزاء الأكثر ، ولو كان مغايراً تحالفا وفسخ البيع. واختار فيالقواعد أنّهما يتحالفان مطلقاً ؛ لأنّ كلاًّ منهما مدّع ومنكر. وقوّى فيالتذكرة كون القول قول المشتري مطلقاً. كذا ذكره الشهيد الثانيرحمه‌الله . والعمل بالخبر المنجبر ضعفه بالشهرة أولى ، مع أنّ مراسيل ابن أبي نصر في حكم المسانيد على ما ذكره بعض الأصحاب ، وضعف سهل لا يضرّ ؛ لما عرفت أنّه من مشايخ الإجازة ، مع أنّه رواه الشيخ بسند آخر موثّق عن ابن أبي نصر ، ويؤيّده الخبر الآتي ؛ إذ الظاهر من التتارك بقاء العين ». وراجع :الخلاف ، ج ٣ ، ص ١٤٧ ، المسألة ٢٣٦ ؛مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٩٥ ؛تذكرة الفقهاء ، ج ١٢ ، ص ٨٣ ، المسألة ٦٠٠ ؛قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ٩٧ ؛مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ - ٢٦٠.

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إذا كان الشي‌ء قائماً بعينه ، اختلف علماؤنا في العمل بهذا الخبر ؛ لأنّه مرسل يخالف القاعدة ؛ لأنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ، فإن كانت السلعة بيد البائع وأراد المشتري إنزاعها منه بثمن أقلّ ، كان القول قول البائع ؛ لأنّه المنكر ، وإن كانت بيد المشتري وأراد البائع أخذ الثمن منه أكثر ممّا يعترف المشتري ، كان القول قول المشتري ، وإن تلفت السلعة بيد البائع بطل البيع ، أو بيد المشتري كان الحكم كما لو كانت موجودة بيده. والتفصيل موكول إلى الفقه ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ ، ح ١٠٩ ، معلّقاً عن سهل بن زياد.وفيه ، ص ٢٢٩ ، ح ٢٠٠١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٦٩ ، ح ٣٩٧٥ ، مرسلاً ، وفي الأخيرين مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٣ ، ح ١٧٧٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٥٩ ، ح ٢٣١٤٠.

(١). في الخصال : + « وبرّا ».

(٢). في « بخ ، بف ، جن »والخصال : « وإذا ».

(٣). في « بخ » : « لم تبارك ».

(٤). « السلعة » : ما تُجِرَ به ، والمتاع. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٦٠ ( سلع ).

(٥). في « ط » : « فليتّاركا ». وفي الوافي : « تتاركا ». وفيالوافي : « هذا مع قيام السلعة بعينها بدليل الخبر السابق - وهو السابق هنا أيضاً - وبقرينة التتارك ».

(٦).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٦ ، ح ١١٠ ، معلّقاً عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسين بن عمر بن يزيد.=

٨٥

٧٣ - بَابُ بَيْعِ(١) الثِّمَارِ وَشِرَائِهَا‌

٨٧٩٧/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَجَّالِ(٢) ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ، عَنْ بُرَيْدٍ(٣) ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنِ الرَّطْبَةِ(٤) تُبَاعُ قِطْعَةً ، أَوْ(٥) قِطْعَتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَ(٦) قِطَعَاتٍ(٧) ؟

فَقَالَ : « لَا بَأْسَ ».

____________________

=الخصال ، ص ٤٥ ، باب الاثنين ، ح ٤٣ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسين ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٤ ، ح ١٧٧٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٧ ، ذيل ح ٢٣٠١٦ ؛ وص ٥٩ ، ح ٢٣١٤١.

(١). في « جد » : - « بيع ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٥١١ : « محمّد بن الحجّال » ، وهو سهو كما سيظهر.

(٣). في « ط ، بخ » : « يزيد ». وفي « بف » : « زيد ». وفي حاشية « جت » : « ثعلبة بن زيد » وكذا فيالوسائل حينما نقل ذيل الخبر.

وثعلبة هذا ، هو ثعلبة بن ميمون ، روى كتابه عبد الله بن محمّد الحجّال ، وروى ثعلبة عن بريد بن معاوية بعناوينه المختلفة ( : بريد ، بريد العجلي ، بريد بن معاوية وبريد بن معاوية العجلي ) في الأسناد. راجع :رجال النجاشي ، ص ١١٧ ، الرقم ٣٠٢ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٥٣٠ ، وص ٥٣٤.

وأمّا ما ورد فيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٦ ؛ من نقل الخبر عن أحمد بن محمّد عن الحجّال عن ثعلبة بن زيد عن بريد ، فقد جمع فيه بين النسخة وبدلها ظاهراً.

(٤). قال الجوهري : « الرَطْبَة ، بالفتح : القَضْب خاصّة مادام رطباً ، والجمع : رِطاب ». وقال ابن منظور : « الرطبة : روضة الفِصْفِصَة مادامت خضراء ، وقيل : هي الفصفصة نفسها ، وجمعها : رِطاب ». والفصفصة : هي الإسپست بالفارسيّة ، ويقال لها : يُنْجِه ، وكذا القضب. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ١٣٦ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٩ ( رطب ).

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جت ، جن » والوسائل ، ح ٢٣٥١١ و ٢٣٥٤١ : - « قطعة أو ».

(٦). في « ط ، بف »والتهذيب : « الثلاث ».

(٧). فيالوافي : « القطعة منها - أي من الرطبة - : ما يقطع مرّة ». وفي هامش المطبوع : « في بعض النسخ : قطفة ، أو قطفتين ، أو ثلاث قطفات ، والقطف ، محرّكة : بقلة شجر جبلي ، خشبه متين ، الواحدة : قطفة ، لكن هذه النسخة لا تناسب الرطبة ، وهي الإسپست ويقال لها : ينجه ، بعد ظهورها ومادام رطبة ، وإذا يبست قيل لها : القتّ ».

٨٦

قَالَ(١) : وَأَكْثَرْتُ السُّؤَالَ عَنْ أَشْبَاهِ هذَا(٢) ، فَجَعَلَ يَقُولُ : « لَا بَأْسَ بِهِ » فَقُلْتُ(٣) لَهُ(٤) : أَصْلَحَكَ اللهُ - اسْتِحْيَاءً(٥) مِنْ كَثْرَةِ مَا سَأَلْتُهُ(٦) ، وَقَوْلِهِ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٧) » - إِنَّ مَنْ‌

____________________

(١). في « بف » والوسائل ، ح ٢٣٥٤١ : - « قال ».

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل ، ح ٢٣٥٤١والتهذيب . وفي المطبوع : « هذه ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : وأكثرت السؤال عن أشباه هذا ، وجه الشبه في هذه المسائل التي سئل عنها كونُ المبيع في معرض النموّ والزيادة ، فيعرض لسببه الغرر في الزيادة والنقصان ، وقد سأل الراوي عن كثير ممّا يدخل الغرر فيه لذلك ، وكان فقهاء عصره يبحثون عنه ويختلفون فيه.

بيان ذلك أنّ الأمتعة الجوامد يعرف صفاتها بالرؤية ويرتفع الجهل بها فعلاً ، وأمّا الثمار والزروع فماليّتها بما يؤول إليه بعد مدّة ، ولا يرغب فيها لصفاتها الموجودة فعلاً ، فمن باع الثمرة المدركة قبل الإدراك فقد باع شيئاً غير موجود ، فلعلّه يوجد ولعلّه يدركه الآفات ، وهو غرر نهي في الشرع عن أمثاله ، كبيع الملاقيح والمضامين ، أي الموجودة في أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات ، نعم لو كانت الثمرة غير الناضجة ممّا يؤكل في حالته الموجودة ، كالقثّاء يؤكل كلّما كان صغيراً ، أو الحصرم والبسر والرطبة ، وكان الغرض من بيعها منافعها الموجودة فعلاً حين عدم الإدراك ، وبيعت بشرط القطع والجذاذ ، لم يكن فيه غرر ، ولم يعقل أن يشترط فيه بدوّ الصلاح ، فيجوز بيع الحصرم على الكرم إن كان الغرض منه القطع ؛ لأن يعصر منه ماء الحصرم ، وليس فيه غرر ، أمّا إن اُريد بيعه ليبقيه حتّى يصير عنباً ، فإنّه اشترى في الحقيقة عنباً غير موجود ، وهو غرر ؛ لأنّه في معرض الخطر والآفة ، فما سأله الراوي عنها كان جميعاً ممّا يباع ، وهو في معرض النموّ والزيادة والنقصان. وقد اختلف فقهاؤهم في هذه المسائل بعد اتّفاقهم على عدم جواز البيع قبل وجود الثمرة ، فمذهب الكوفيّين منهم كأبي حنيفة جواز بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح بعد الوجود ، لكن يجب القطع فوراً عند أبي حنيفة دون سائر أهل العراق ، ومذهب أهل الحجاز ، كمالك عدم جوازه أصلاً حتّى تزهو الثمرة ، واختلف فقهاؤنا أيضاً. والظاهر عدم الخلاف في جوازه بشرط القطع ؛ لأنّ العلاّمةرحمه‌الله جعل في المختلف محلّ الكلام ما إذا باع بشرط التبقية أو مطلقاً ، ولزم منه أن يكون بشرط الجذاذ غيرمختلف فيه.

وأمّا هذا الخبر فإن صحَّ العمل به يدلّ على جواز ثمر النخيل قبل الوجود ، وهو ممّا لم يقل به أحد ، فيجب حمله على ظهور شي‌ء يفيد ، كالبسر.

والحقّ أنّه لا غرر في الثمار بعد الظهور وتناثر الورد ؛ فإنّه يعلم مقدارها ، وأمّا نموّها إلى أن يدرك فعادة الله جرت به ولا خطر فيه ، وأمّا الآفات فسيأتي أنّه لا يحصل بها الغرر ». وراجع : مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ١٩٥.

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « قلت ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٣٥١١والتهذيب : - « له ».

(٥). في « بخ ، بف » : « أستحي ».

(٦). في « بخ ، بف » : « السؤال » بدل « ما سألته ».

(٧). في « بخ ، بف » والوافي : - « به ». وفي التهذيب : - « استحياء من كثرة - إلى - لا بأس به ».

٨٧

يَلِينَا(١) يُفْسِدُونَ عَلَيْنَا(٢) هذَا كُلَّهُ.

فَقَالَ : « أَظُنُّهُمْ سَمِعُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي النَّخْلِ ».

ثُمَّ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ رَجُلٌ ، فَسَكَتَ(٣) ، فَأَمَرْتُ(٤) مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْأَلَ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي النَّخْلِ.

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « خَرَجَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَسَمِعَ ضَوْضَاءً(٥) ، فَقَالَ : مَا هذَا؟ فَقِيلَ‌ لَهُ(٦) : تَبَايَعَ(٧) النَّاسُ بِالنَّخْلِ ، فَقَعَدَ(٨) النَّخْلُ(٩) الْعَامَ ، فَقَالَصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَمَّا إِذَا فَعَلُوا فَلَا يَشْتَرُوا(١٠) النَّخْلَ الْعَامَ حَتّى يَطْلُعَ فِيهِ(١١) شَيْ‌ءٌ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ(١٢) ».(١٣)

٨٧٩٨/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ(١٤) ، عَنِ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

____________________

(١). في « بف » والوافيوالتهذيب : « بيننا ». وفي « بخ » : « تبينا ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٥١١ : - « علينا ». وفيالوافي : « يفسدون علينا ، أي يحكمون بفساده ».

(٣). في « ى ، بس » : « فسكتُّ ».

(٤). في « ط » : « وأمرت ».

(٥). الضوضاء : أصوات الناس وغلبتهم ، وهي مصدر.النهاية ، ج ٣ ، ص ١٠٥ ( ضوا ).

(٦). في « ط »والتهذيب والاستبصار : - « له ».

(٧). في حاشية « جت » : « يتبايع ».

(٨). في الوافي عن بعض النسخ : « ففقد ».

(٩). « قعد النخل » أي لم يقم بثمره ، يقال : قعدت النخلة ، إذا حملت سنة ولم تحمل اُخرى. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ( قعد ).

(١٠). في « بخ ، بف » والوسائل ، ح ٢٣٥١١والتهذيب والاستبصار : « فلا تشتروا ».

(١١). في « ط » : « منه ». وفي « بف » : « فيها ».

(١٢). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ١٧١ : « يدلّ على جواز بيع الرطبة - وهي الإسپست ، ويقال لها : ينجه بعد ظهورها ، كما هو الظاهر - جزّة وجزّات ، كما هو المشهور بين الأصحاب ، وعلى كراهة بيع ثمرة النخل عاماً واحداً قبل ظهورها ، وهو خلاف المشهور ».

(١٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٦ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٨ ، ح ٣٠١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، وفي الأخير من قوله : « فأمرت محمّد بن مسلم »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣١ ، ح ١٧٧٨٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٠٩ ، ح ٢٣٥١١ ؛وفيه ، ص ٢٢٠ ، ح ٢٣٥٤١ ، إلى قوله : « فقال : لابأس به ».

(١٤). في « ط ، بف »والتهذيب والاستبصار : - « بن عثمان ».

٨٨

سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (١) عَنْ شِرَاءِ(٢) النَّخْلِ وَالْكَرْمِ(٣) وَالثِّمَارِ(٤) ثَلَاثَ سِنِينَ(٥) ، أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ؟

قَالَ(٦) : « لَا بَأْسَ بِهِ(٧) ، يَقُولُ(٨) : إِنْ لَمْ يُخْرِجْ فِي هذِهِ السَّنَةِ ، أَخْرَجَ فِي قَابِلٍ(٩) ، وَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ(١٠) فِي(١١) سَنَةٍ وَاحِدَةٍ(١٢) ، فَلَا تَشْتَرِهِ حَتّى يَبْلُغَ ، وَإِنِ(١٣) اشْتَرَيْتَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ(١٤) ، فَلَا بَأْسَ(١٥) ».

وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ الْمُسَمَّاةَ مِنْ أَرْضٍ ، فَتَهْلَكُ(١٦) ثَمَرَةُ(١٧) تِلْكَ‌

____________________

(١). في « بخ ، بف » : « عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سئل » بدل « قال : سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ».

(٢). في « ط ، بخ ، بف » : « شرى ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « الكرم والنخل ».

(٤). في « ط » : - « والثمار ».

(٥). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : ثلاث سنين أو أربع سنين ، مذهب فقهاء أهل السنّة المنع عن بيع الثمار أزيد من سنة ؛ فإنّه يتضمّن بيع الثمرة قبل الوجود ، ورووا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله النهي عن بيع السنين والمعاومة ، أي بيع الشجر أعواماً ، ولكنّهم رووا أنّ عمر بن الخطّاب أجازه ، والحديث ردّ لقول فقهائهم ، ولكن لم يعمل بإطلاقه أحد من فقهائنا إلّا الصدوقرحمه‌الله ، نعم إذا ظهر الثمرة في سنة واحدة فقد صرّح كثيراً بأنّه يجوز ضمّ ثمرات سنين بعدها. وهو مشكل ؛ لأنّ بيع غير الموجود غرر إلّا أنّ الضميمة إذا كانت مقصودة بالعرض في البيع لا يضرّ جهالتها ، فلا بدّ أن يحمل هذا الحديث وأمثاله عليه ، ويخصّ الجواز بما إذا ظهر ثمرة السنة الاُولى وكانت السنون التالية مقصودة بالعرض».

(٦). في « ى ، بخ ، بف » والوافي والوسائل : « فقال ».

(٧). في الوسائل : - « به ».

(٨). في الوسائلوالفقيه : « تقول ».

(٩). في « بخ ، بف » والوافي : « القابل ». وفي الاستبصار : « من قابل » بدل « في قابل ».

(١٠). في « بح » : « اشتريت ».

(١١). في«بف»والفقيه والتهذيب والاستبصار :-«في».

(١٢). في التهذيبوالاستبصار : - « واحدة ».

(١٣). هكذا في « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جن » والوافي والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي سائر النسخ والمطبوع : « فإن ». (١٤). في « بس » : « أن تبلغ ».

(١٥). في الفقيه : - « فإن اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس ».

(١٦). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالفقيه والاستبصار والتهذيب والعلل. وفي المطبوع : « فهلك ».

(١٧). في حاشية « بف » والوافي : « ثمرات ». وفي التهذيبوالاستبصار : - « ثمرة ».

٨٩

الْأَرْضِ كُلُّهَا(١) ؟

فَقَالَ : « قَدِ(٢) اخْتَصَمُوا فِي ذلِكَ إِلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَكَانُوا(٣) يَذْكُرُونَ ذلِكَ(٤) ، فَلَمَّا رَآهُمْ لَايَدَعُونَ الْخُصُومَةَ ، نَهَاهُمْ عَنْ ذلِكَ الْبَيْعِ حَتّى تَبْلُغَ الثَّمَرَةُ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ(٥) ، وَلكِنْ(٦) فَعَلَ ذلِكَ(٧) مِنْ أَجْلِ(٨) خُصُومَتِهِمْ(٩) ».(١٠)

٨٧٩٩/ ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ(١١) الرِّضَاعليه‌السلام : هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ النَّخْلِ إِذَا حَمَلَ؟

فَقَالَ : « لَا يَجُوزُ(١٢) بَيْعُهُ حَتّى يَزْهُوَ(١٣) ».

____________________

(١). وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : فتهلك ثمرات تلك الأرض كلّها ، يدلّ على أنّ الخطر من جهة الآفات لا يعدّ غرراً مبطلاً للبيع ، كيف واحتمال الآفة حاصل في كلّ مبيع ، فالحيوان يحتمل موته بآفة بعد ثلاثة أيّام ، والأواني يحتمل كسرها ، والدار يحتمل خرابها بآفة سماويّة أو أرضيّة ، ولو كان احتماله غرراً لزم منه إبطال كلّ بيع ، والجوائح للثمار بمنزلة تلك الآفات ، أو بمنزلة تنزّل القيمة ، ففي ملك من حصل تكون الخسارة عليه ».

(٢). في « بخ ، بف » : - « قد ».

(٣). في الوافيوالاستبصار : « وكانوا ».

(٤). في « بح » : - « ذلك ».

(٥). في التهذيب : « ولم يحرّم ».

(٦). في « ط » : « إنّما كره » بدل « ولكن ».

(٧). في « بف » : - « ذلك ».

(٨). في « بح » : « لأجل ».

(٩). فيالمرآة : « يدلّ على أنّ أخبار النهي محمولة على الكراهة ، بل على الإرشاد ؛ لرفع النزاع ».

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٤ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٩ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١١ ، ح ٣٧٨٧ ، معلّقاً عن حمّاد ، عن الحلبي ، مع زيادة في أوّله.علل الشرائع ، ص ٥٨٩ ، ح ٣٥ ، بسند آخر ، من قوله : « وسئل عن الرجل يشتري الثمرة »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٣ ، ح ١٧٧٨٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٠ ، ح ٢٣٥١٢. (١١). في الاستبصار : + « أبا الحسن ».

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائلوالتهذيب والاستبصار . وفي المطبوع : « يجوز » بدون « لا».

(١٣). في « بخ ، بف » « تزهو ». وقال ابن الأثير : « فيه : نهى عن بيع الثمر حتّى يُزهي ، وفي رواية : حتّى يزهو ، يقال : زها النخل يزهو ، إذا ظهرت ثمرته ، وأزهى يزهي ، إذا اصفرّ واحمرّ. وقيل : هما بمعنى الاحمرار والاصفرار. ومنهم من أنكر يزهو ، ومنهم من أنكر يزهي ».النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٣ ( زها ).

٩٠

فَقُلْتُ(١) : وَمَا الزَّهْوُ جُعِلْتُ فِدَاكَ(٢) ؟

قَالَ : « يَحْمَرُّ ، وَيَصْفَرُّ ، وَشِبْهُ ذلِكَ(٣) ».(٤)

٨٨٠٠/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ لِي نَخْلاً بِالْبَصْرَةِ ، فَأَبِيعُهُ ، وَأُسَمِّي الثَّمَنَ(٥) ، وَأَسْتَثْنِي الْكُرَّ(٦) مِنَ التَّمْرِ ، أَوْ أَكْثَرَ(٧) ، أَوِ الْعِذْقَ(٨) مِنَ النَّخْلِ(٩) ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، بَيْعُ السَّنَتَيْنِ(١٠) ؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ ».

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف ، جد » والوسائلوالتهذيب والاستبصار : « قلت ».

(٢). في « ط » : - « جعلت فداك ».

(٣). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : وشبه ذلك ، أي في غير النخل ، والمراد به الحالات التي بعد الاحمرار والاصفرار ، ويحتمل أن يكون بعض أنواعه يبلغ بدون الاحمرار والاصفرار ، والمشهور بين الأصحاب أنّ بدوّ الصلاح في النخل احمراره أو اصفراره ».

(٤).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٣ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٨ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩١ ، معلّقاً عن الحسن بن عليّ ابن بنت إلياس ، عن الرضاعليه‌السلام .وفيه ، ج ٤ ، ص ٧ ، ضمن الحديث الطويل ٤٩٦٨ ؛والأمالي للصدوق ، ص ٤٢٤ ، المجلس ٦٦ ، ح ١ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، وتمام الرواية هكذا : « ونهى أن تباع الثمار حتّى تزهو ؛ يعني تصفرّ أو تحمرّ ».الجعفريّات ، ص ١٧٩ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، إلى قوله : « حتّى يزهو ».معاني الأخبار ، ص ٢٨٧ ، ضمن ح ١ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الأخيرين مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٤ ، ح ١٧٧٨٤.الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١١ ، ح ٢٣٥١٣.

(٥). في « بف »والاستبصار : « الثمرة ».

(٦). فيالمرآة : « قوله : وأستثني الكرّ ، يدلّ على ما هو المشهور بين الأصحاب من أنّه يجوز أن يستثنى ثمرة شجرات ، أو نخلات بعينها ، أو حصّة مشاعة ، أو أرطالاً معلومة. ومنع أبو الصلاح من استثناء الأرطال ، وهو ضعيف ». (٧). في « بخ ، بف »والاستبصار : « وأكثر ».

(٨). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت » والوافي والوسائل : « العدد ». والعَذْق ، بالفتح : النخلة ، وبالكسر : العُرْجون بما فيه من الشماريخ ، ويجمع على عِذاق ».النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٩ ( عذق ).

(٩). في التهذيبوالاستبصار : - « أو العذق من النخل ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « السنين ».

٩١

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ ذَا(١) عِنْدَنَا عَظِيمٌ(٢)

قَالَ : « أَمَّا إِنَّكَ إِنْ(٣) قُلْتَ ذَاكَ(٤) ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أَحَلَّ ذلِكَ ، فَتَظَالَمُوا(٥) ، فَقَالَعليه‌السلام : لَاتُبَاعُ الثَّمَرَةُ حَتّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا(٦) ».(٧)

٨٨٠١/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذَا(٨) كَانَ الْحَائِطُ(٩) فِيهِ ثِمَارٌ مُخْتَلِفَةٌ ، فَأَدْرَكَ بَعْضُهَا ، فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا(١٠) جَمِيعاً(١١) ».(١٢)

____________________

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « هذا ».

(٢). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إنّ هذا عندنا عظيم. لأنّ كثيراً من العامّة يحرّمون الشرط في البيع ويروون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط ، ورووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً أنّه نهى عن المحاقلة والمرابنة والمخابرة والمعاومة والثنيا ، والمعاومة عندهم بيع السنين ، والثنيا شرط استثناء شي‌ء ، وقال بعضهم : إنّه الشرط المخالف لمقتضى العقد ؛ لأنّ معناه الرجوع ».

(٣). في « بخ ، بف » : « إذا ».

(٤). في « بح ، بس » وحاشية « جت »والاستبصار : « ذلك ».

(٥). في حاشية « جت » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « فتظلّموا ».

(٦). فيالوافي : « يبدو صلاحها ، أي يظهر ويأمن من الآفة ».

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٥ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٣٠٠ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٤ ، ح ١٧٧٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١١ ، ح ٢٣٥١٤.

(٨). في « ط » : « إن ».

(٩). قال ابن الأثير : « في حديث أبي طلحة : فإذا هو في الحائط وعليه خميصة ، الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار ».النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ( حوط ).

(١٠). في « بف » والوافيوالتهذيب والاستبصار : « ببيعه ».

(١١). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : فأدرك بعضها فلا بأس ببيعه جميعاً ، يوافق مذهب مالك ؛ ولا ينافي المختار من جواز بيع الثمار مطلقاً قبل الإدراك ».

(١٢).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٥ ، ح ٣٦٢ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٧ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٥ ، ح ١٧٧٨٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٢٣٥٣٣.

٩٢

٨٨٠٢/ ٦. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ(١) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ؟

فَقَالَ : « إِذَا كَانَ(٢) فِي تِلْكَ الْأَرْضِ(٣) بَيْعٌ لَهُ غَلَّةٌ(٤) قَدْ أَدْرَكَتْ ، فَبَيْعُ ذلِكَ كُلِّهِ حَلَالٌ ».(٥)

٨٨٠٣/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ : هَلْ يَصْلُحُ شِرَاؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ طَلْعُهَا(٦) ؟

فَقَالَ : « لَا ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ(٧) مَعَهَا شَيْئاً(٨) غَيْرَهَا رَطْبَةً(٩) أَوْ بَقْلاً(١٠) ،

____________________

(١). ورد الخبر فيالتهذيب والاستبصار عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن إسماعيل‌بن الفضل. وهو الظاهر ؛ فقد أكثر أبان [ بن عثمان ] من الرواية عن إسماعيل بن الفضل [ الهاشمي ] ، كما أنّ [ الحسن بن محمّد ] بن سماعة روى عن غير واحد عن أبان [ بن عثمان ] في كثيرٍ من الأسناد جدّاً. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٤٧٢ - ٤٧٤. (٢). في الوسائل : + « له ».

(٣). في الاستبصار : - « الأرض ».

(٤). فيالوافي : « بيع له غلّة ، أي مبيع له ثمرة ». و : « الغلّة » : الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاح ونحو ذلك. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٠٤ ( غلل ).

(٥).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٦١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٧ ، ح ٢٩٦ ، معلّقاً عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن إسماعيل بن فضلالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٥ ، ح ١٧٧٨٨ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٢٣٥٣٤.

(٦). قال الفيّومي : « الطلع - بالفتح - : ما يطلع من النخلة ، ثمّ يصير ثمراً إن كانت انثى ، وإن كانت النخلة ذكراً لم يصر ثمراً ، بل يؤكل طريّاً ويترك على النخلة أيّاماً معلومة حتّى يصير فيه شي‌ء أبيض مثل الدقيق ، وله رائحة ذكيّة فيلقح به الاُنثى ». وقال الفيروز آبادي : « الطلع من النخل : شي‌ء يخرج كأنّه نعلان مُطْبَقان والحمل بينهما منضود والطرف محدّد ، أو ما يبدو من ثمرته في أوّل ظهورها ».المصباح المنير ، ص ٣٧٥ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٩٧ ( طلع ). (٧). في « ى ، بح ، جد » : « أن تشتري ».

(٨). في « بخ ، بف »والتهذيب ، ح ٣٦٠والاستبصار : - « شيئاً ».

(٩). تقدّم معنى الرطبة ذيل الحديث الأوّل من هذا الباب.

(١٠). قال الخليل : « البقل : ما ليس بشجر دِقٍّ ولا جِلٍّ ، وفرق ما بين البقل ودِقّ الشجر أنّ البقل إذا رعي لم يبق له =

٩٣

فَيَقُولَ(١) : أَشْتَرِي مِنْكَ هذِهِ الرَّطْبَةَ وَهذَا(٢) النَّخْلَ وَهذَا الشَّجَرَ بِكَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ(٣) الثَّمَرَةُ ، كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُشْتَرِي فِي الرَّطْبَةِ وَالْبَقْلِ ».

قَالَ(٤) : وَسَأَلْتُهُ عَنْ وَرَقِ الشَّجَرِ : هَلْ يَصْلُحُ شِرَاؤُهُ ثَلَاثَ خَرَطَاتٍ(٥) ، أَوْ أَرْبَعَ خَرَطَاتٍ؟

فَقَالَ : « إِذَا رَأَيْتَ الْوَرَقَ فِي شَجَرَةٍ ، فَاشْتَرِ مِنْهُ مَا شِئْتَ مِنْ خَرْطَةٍ(٦) ».(٧)

٨٨٠٤/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ اشْتَرى بُسْتَاناً فِيهِ نَخْلٌ وَشَجَرٌ ، مِنْهُ مَا قَدْ أَطْعَمَ(٨) ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يُطْعِمْ(٩) ؟

____________________

= ساق ، والشجر يبقى له ساق وإن دقّت ». وقال الفيّومي : « البقل : كلّ نبات اخضرّت به الأرض ، قاله ابن فارس ».ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٨٣ ؛المصباح المنير ، ص ٥٨ ( بقل ).

(١). في « بح » : « فنقول ». وفي « ى ، جد » : « فتقول ».

(٢). في « بخ ، بس » : « وهذه ».

(٣). في « بخ »والتهذيب ، ح ٣٦٠ : « يخرج ».

(٤). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافيوالفقيه . وفي المطبوع : - « قال ».

(٥). الخرطات : جمع الخرطة ، وهي المرّة من الخرط ، وهو حتّ الورق من الشجر ، وهو أن تقبض على أعلاه ، ثمّ تمرّ يدك عليه إلى أسفله ، أو الخرط هو انتزاع الورق من الشجر باجتذاب ، أي انتزع الورق منه اجتذاباً. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٩٧ ( خرط ).

(٦). فيالمرآة : « قال في المسالك : فيه تنبيه على أنّ المراد بالظهور ما يشمل خروجه في الطلع ، وفيه دليل على جواز بيعه عاماً مع الضميمة إلّا أنّه مقطوع ، وحال سماعة مشهور ». وراجع :مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ٣٥٤.

(٧).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٦٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٦ ، ح ٢٩٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن خالد ، إلى قوله : « في الرطبة والبقل » ؛التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٧ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، من قوله : « وسألته عن ورق الشجر ».الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٨٩ ، بسنده عن سماعةالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٦ ، ح ١٧٧٨٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٩ ، ح ٢٣٥٣٨ ، إلى قوله : « في الرطبة والبقل » ؛وفيه ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٢ ، من قوله : « وسألته عن ورق الشجر ».

(٨). في « ط ، بخ ، بف ، جت » : « اطلع ».

(٩). في«ط،بخ،بف،جت»وحاشية«جن»:«لم يطلع ».

٩٤

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(١) إِذَا كَانَ فِيهِ مَا قَدْ أَطْعَمَ ».

قَالَ(٢) : وَسَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ(٣) اشْتَرى بُسْتَاناً فِيهِ نَخْلٌ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ(٤) بُسْرٍ(٥) أَخْضَرَ؟

فَقَالَ : « لَا ، حَتّى يَزْهُوَ(٦) ».

قُلْتُ : وَمَا الزَّهْوُ؟ قَالَ : « حَتّى(٧) يَتَلَوَّنَ ».(٨)

٨٨٠٥/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَقُلْتُ(٩) لَهُ : أُعْطِي الرَّجُلَ(١٠) - لَهُ(١١) الثَّمَرَةُ(١٢) - عِشْرِينَ دِينَاراً عَلى أَنِّي(١٣) أَقُولُ لَهُ : إِذَا قَامَتْ ثَمَرَتُكَ بِشَيْ‌ءٍ ،

____________________

(١). في « بخ ، بف »والتهذيب والاستبصار : - « به ».

(٢). في « بح » : - « قال ».

(٣). في « جن » : « الرجل ».

(٤). في « ط ، جد » والوسائل ، ح ٢٣٥١٥والاستبصار : « غيره ».

(٥). في « ط ، جد » : « بسراً ». والبُسْر : التمر قبل إرطابه ، أوّله طَلْعٌ ، ثمّ خَلالٌ ، ثمّ بَلَخٌ ، ثمّ بُسْرٌ ، ثمّ رُطَبٌ ، ثمّ تمر. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٩ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٠٠ ( بسر ).

(٦). في « بخ » : « تزهو ».

(٧). في « بف » والوافي : - « حتّى ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٤ ، ح ٣٥٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٨٦ ، ح ٢٩٤ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩٠ ، معلّقاً عن القاسم بن محمّد ، إلى قوله : « إذا كان فيه ما قد أطعم »الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٦ ، ح ١٧٧٨٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٨ ، ح ٢٣٥٣٥ ، إلى قوله : « إذا كان فيه ما قد أطعم » ؛وفيه ، ص ٢١٢ ، ح ٢٣٥١٥ ، من قوله : « وسألته عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه».

(٩). في « ط » : « فقلت ».

(١٠). في الوافي : - « الرجل ».

(١١). في « ط ، بح »والفقيه : - « له ».

(١٢). في « ط ، بح ، بخ بف »والفقيه : « الثمن ». وفيالوافي : « فيالفقيه : الثمن ، موضع « له الثمرة » ، وحاصل مضمون الحديث عدم صلاحية إعطاء الثمن بنيّة الشراء لما لا يصلح شراؤه بعد ، بل ينبغي أن يعطي قرضاً ، فإذا جمع له شرائط الصحّة اشترى ». وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « قوله : الثمن موضع له الثمرة ، عبارته : اُعطي الرجل الثمن عشرين ديناراً ، وعلّة المنع أنّه من بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح ؛ فإنّه غير جائز ولو كان من نيّته الاشتراء ولم يصرّح بأنّه ثمن الثمرة ». (١٣). في « ط ، ى ، بس ، جت ، جد » والوسائل : « أن ».

٩٥

فَهِيَ(١) لِي(٢) بِذلِكَ الثَّمَنِ ، إِنْ رَضِيتَ أَخَذْتُ ، وَإِنْ كَرِهْتَ تَرَكْتُ؟

فَقَالَ : « مَا(٣) تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْطِيَهُ ، وَلَا تَشْتَرِطَ(٤) شَيْئاً ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، لَايُسَمِّي شَيْئاً ، وَاللهُ(٥) يَعْلَمُ مِنْ نِيَّتِهِ ذلِكَ(٦)

قَالَ : « لَا يَصْلُحُ إِذَا كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ(٧) ».(٨)

٨٨٠٦/ ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٩) فِي رَجُلٍ قَالَ لآِخَرَ : بِعْنِي‌ ثَمَرَةَ(١٠) نَخْلِكَ هذَا الَّذِي(١١) فِيهَا(١٢) بِقَفِيزَيْنِ مِنْ‌

____________________

(١). في « ط » وحاشية « بس » : « فهو ».

(٢). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « لك ». وفي « بخ ، بف » : - « لي ».

(٣). في الفقيهوالتهذيب : « أما ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » : « ولا يشترط ».

(٥). في « ى » : « فالله ».

(٦). في « ى » : - « ذلك ».

(٧). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : + « [ ذلك ] ». وفيالمرآة : « يحتمل وجوهاً : الأوّل أن يكون المراد به إذا قوّمت ثمرتك بقيمة ، فإن أردت شراءها أشتري منك ما يوازي هذا الثمن بالقيمة التي قوّم بها ، فالنهي لجهالة المبيع ، أو للبيع قبل ظهور الثمرة ، أو قبل بدوّ صلاحها ، فيدلّ على كراهة إعطاء الثمن بنيّة الشراء لما لا يصحّ شراؤه.

الثاني : أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة ، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها حدّاً يمكن الانتفاع بها ، فالنهي لعدم إرادة البيع ، أو لعدم الظهور ، أو بدوّ الصلاح.

الثالث : أن يكون المراد به أنّه يقرضه عشرين ديناراً بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقلّ ممّا يشتريه غيره ، فالمنع منه لأنّه في حكم الربا ، ولعلّه أظهر ».

(٨).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٩ ، ح ٣٧٨ ، بسنده عن عليّ بن النعمان وصفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب.الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٣٧٩٢ ، معلّقاً عن يعقوب بن شعيبالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٧ ، ح ١٧٧٩١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٤.

(٩). في « ط ، بخ ، بف » والوافي والوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ و ٢٣٥٤٦ والتهذيبوالاستبصار : « قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام » بدل « عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : قال ». وفي الكافي ، ح ٨٨٥٤ : - « قال ».

(١٠). في « بخ ، بف » والوافي : « ثمرتك في ».

(١١). في الوافي : « هذه التي ».

(١٢). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ والكافي ، ح ٨٨٥٤ : « فيه ».

٩٦

تَمْرٍ(١) ، أَوْ أَقَلَّ(٢) أَوْ أَكْثَرَ ، يُسَمِّي مَا شَاءَ ، فَبَاعَهُ ، فَقَالَ(٣) : « لَا بَأْسَ بِهِ ».

وَقَالَ : « التَّمْرُ وَالْبُسْرُ(٤) مِنْ نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَابَأْسَ بِهِ ، فَأَمَّا أَنْ يَخْلِطَ التَّمْرَ الْعَتِيقَ أَوِ الْبُسْرَ(٥) ، فَلَا يَصْلُحُ ؛ وَالزَّبِيبُ وَالْعِنَبُ مِثْلُ ذلِكَ(٦) ».(٧)

٨٨٠٧/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ سَنَتَيْنِ(٨) ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٩) ».

____________________

(١). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ : « برّ ».

(٢). في الوسائل ، ح ٢٣٣٥٠ والكافي ، ح ٨٨٥٤ : + « من ذلك ».

(٣). في « بخ ، بف » والوافي والتهذيب : « قال ».

(٤). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « البسر والتمر ».

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف » والوافي والكافي ، ح ٨٨٥٤ والتهذيبوالاستبصار : « والبسر ».

(٦). فيالوافي : « حمله فيالاستبصار على العريّة ». وفيالمرآة : « يمكن حمل الجزء الأوّل من الخبر على ما إذا لم يشترط كون الثمرة من تلك الشجرة ، فيؤيّد مذهب من قال بأنّه يشترط في حرمة المزابنة اشتراط ذلك.

وأمّا قوله : والتمر والبسر ، فظاهره أنّه يبيع البسر في شجرة بثمر منها ، فيدخل المزابنة على جميع الأقوال ، ولذا حمله الشيخ فيالاستبصار على العريّة ؛ لكونها مستثناة من المزابنة. ويمكن حمله على أنّه ثمرة شجرة بعضها بسر وبعضها رطب ، فجوّز ذلك ؛ لبدوّ صلاح بعضها ، كما مرّ.

وأمّا خلط التمر العتيق بالبسر فيحتمل أن يكون المراد به أنّه يبيع البسر الذي في الشجرة مع التمر المقطوع بالتمر ، فلم يجوّز ؛ لأنّ المقطوع مكيل ، أو يحمل على أنّه يبيع من غير أن يكيل المقطوع ، فالنهي للمزابنة ، أو الجهالة مع عدم الكيل. أو المراد به معاوضة البسر بالتمر المقطوعين ، فالنهي لأنّه ينقص البسر إذا جفّ ، كما نهى عن بيع الرطب بالتمر لذلك ».

(٧).الكافي ، كتاب المعيشة ، باب المعاوضة في الطعام ، ح ٨٨٥٤. وفيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٩ ، ح ٣٧٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٩١ ، ح ٣١٠ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيمالوافي ، ج ١٨ ، ص ٥٤٤ ، ح ١٧٨٠٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢٣ ، ح ٢٣٥٤٦ ؛وفيه ، ص ١٤٧ ، ح ٢٣٣٥٠ ، إلى قوله : « فقال : لا بأس به».

(٨). في « ط ، بح ، بخ ، بف ، جت ، جد » والوافي : « سنين ».

(٩). في « بف » : - « به ».

٩٧

قُلْتُ : فَالرَّطْبَةُ(١) يَبِيعُهَا(٢) هذِهِ الْجِزَّةَ(٣) ، وَكَذَا وَكَذَا(٤) جِزَّةً(٥) بَعْدَهَا؟ قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ».

ثُمَّ قَالَ(٦) : « قَدْ(٧) كَانَ أَبِي يَبِيعُ الْحِنَّاءَ كَذَا وَكَذَا(٨) خَرْطَةً(٩) ».(١٠)

٨٨٠٨/ ١٢. حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ(١١) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ لَقِحَ(١٢) ، فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ(١٣) إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ(١٤)

____________________

(١). قال الجوهري : « الرَّطْبة - بالفتح - : القَضْب خاصّة مادام رطباً ، والجمع : رِطاب ». وقال ابن منظور : « الرطبة : روضة الفِصْفِصَة مادامت خضراء ، وقيل : هي الفصفصة نفسها ، وجمعها : رِطاب ». والفصفصة : هي الإسپست بالفارسيّة ، ويقال لها : يُنْجِه ، وكذا القضب.الصحاح ، ج ١ ، ص ١٣٦ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤١٩ ( رطب ).

(٢). في « جن » : « نبيعها ».

(٣). فيالوافي : « الجزّ : القطع ، والجزّة : المرّة منه ». وفي اللغة : الجزّة : ما جزّ وقطع من الشعر والنخل ، أو هي صوف نعجة جُزّ فلم يخالطه غيره ، أو صوف شاة في السنة ، أو الذي لم يستعمل بعد جزّه. والمراد بها هاهنا القطعة المقطوعة من الرطبة. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٩٧ ( جزز ).

(٤). في « ط » : « كذا » بدون الواو. وفي الوافي : - « وكذا ».

(٥). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : هذه الجزّة وكذا كذا جزّة. هذا جائز ؛ إذ لا غرر فيه ، والجزّة معيّنة المقدار في العادة ، وكذا نموّ الرطبة بعد العلم بوجودها عادة معلومة ، وبذلك يعلم أنّ بيع الثمرة بعد الظهور قبل أن يدرك ويطعم ليس غرراً ؛ فإنّ نموّ الثمار عادة جرت مشيّة الله تعالى بإدراكها غايتها ، وإنّما الغرر بيعها قبل الظهور ؛ فإنّه لا يعلم مقدار ما سيظهر منها ».

(٦). في «ى،بف» وحاشية «جت» : « قال:ثمّ قال».

(٧). في « بخ ، بف » والتهذيب : - « قد ».

(٨). في « بح » : « كذي وكذي ».

(٩). تقدّم معنى الخرطة ذيل الحديث السابع من هذا الباب.

(١٠).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٦ ، ح ٣٦٨ ، معلّقاً عن سهل بن زياد.مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٦٩ ، بسند آخر عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، إلى قوله : « سنتين قال : لا بأس به » مع اختلاف يسير وزيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٨ ، ح ١٧٧٩٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢١٤ ، ذيل ح ٢٣٥٢١ ، إلى قوله : « سنتين قال : لا بأس به » ؛وفيه ، ص ٢٢١ ، ح ٢٣٥٤٣ ، من قوله : « قلت : فالرطبة يبيعها ».

(١١). في « ط » : - « بن عثمان ».

(١٢). « لقح » أي حمل ، أو قبل اللقاح ، وهو الحمل. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٧٩ ( لقح ).

(١٣). في « بخ ، بف » « للبيّع ».

(١٤). في « بح » : « أن يشترطه ».

٩٨

الْمُبْتَاعُ(١) ؛ قَضى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله بِذلِكَ(٢) ».(٣)

٨٨٠٩/ ١٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي شِرَاءِ(٤) الثَّمَرَةِ ، قَالَ : « إِذَا سَاوَتْ شَيْئاً(٥) ، فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا».(٦)

٨٨١٠/ ١٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أَبَّرَهُ(٧) ، فَثَمَرَتُهُ(٨) لِلْبَائِعِ(٩) إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ، ثُمَّ قَالَ(١٠) عليه‌السلام : قَضى بِهِ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».(١١)

____________________

(١). في « بخ ، بف » : + « بذلك ».

(٢). فيالمرآة : « ما تضمّنه هو المشهور بين الأصحاب ».

(٣).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٦٩ ، معلّقاً عن الحسن بن محمّد بن سماعة. وراجع :الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٢٠ ، ح ٣٨١٥الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٩ ، ح ١٧٧٧٩ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٣ ، ح ٢٣٢٢٣.

(٤). في « بخ ، بف » : « شرى ». وفي « ط » : - « شراء ».

(٥). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إذا ساوت شيئاً ، أي خرجت ، أو بلغت حدّاً يمكن الانتفاع بها ، أو قوّمت قيمة ».

(٦).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٣٨ ، ح ١٧٧٩٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٢٢ ، ح ٢٣٥٤٥.

(٧). في الوافي : « قد اُبّر ». وتأبير النخل : تلقيحه. وأمّا تلقيح النخل فهو أن يدع الكافور ، وهو وعاء طَلْع النخل ، ليلتين أو ثلاثاً بعد انفلاقه ، ثمّ يأخذ شمراخاً من الفُحّال ، وأجوده ما عَتُقَ وكان من عام أوّل ، فيدسّون ذلك الشمراخ في جوف الطلعة ، وذلك بقدر ، ولا يفعل ذلك إلّا رجل عالم بما يفعل ؛ لأنّه إن كان جاهلاً فأكثر منه أحرف الكافورَ فأفسده ، وإن أقلّ منه صار الكافور كثير الصيصاء ، وهو ما لا نوى له ، وإن لم يفعل ذلك بالنخلة لم ينتفع بطلعها ذلك العام وكذا إلقاحها ولقحها. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٧٤ ؛لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٨٢ ( لقح ).

(٨). في « ط ، جت ، جن » والوسائل : « فثمره ».

(٩). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « للذي باع ».

(١٠). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : + « عليّ ».

(١١).التهذيب ، ج ٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٧٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسىالوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٢٩ ، ح ١٧٧٨٠ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٣ ، ح ٢٣٢٢٤.

٩٩

٨٨١١/ ١٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ ، عَنْ يُونُسَ(١) ، قَالَ :

تَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ(٢) » أَنَّ الْفَوَاكِهَ(٣) وَجَمِيعَ أَصْنَافِ الْغَلَّاتِ(٤) إِذَا حُمِلَتْ مِنَ الْقُرى إِلَى السُّوقِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَهْلُ السُّوقِ لَهُمْ مِنَ النَّاسِ ، يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ حَامِلُوهُ مِنَ الْقُرى وَالسَّوَادِ(٥) ؛ فَأَمَّا(٦) مَنْ(٧) يَحْمِلُ مِنْ مَدِينَةٍ إِلى مَدِينَةٍ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ(٨) ، وَيَجْرِي مَجْرَى التِّجَارَةِ(٩) .(١٠)

٨٨١٢/ ١٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ ، قَالَ :

____________________

(١). في « ط » : - « عن يونس ».

(٢). البادي : هو الذي يكون في البادية ، ومسكنه المضارب والخيام ، وهو غير مقيم في موضعه ، بخلاف جارالمقام في المدن. قاله ابن الأثير ، وقال أيضاً في شرح الحديث : « الحاضر : المقيم في المدن والقرى ، والبادي : المقيم بالبادية ، والمنهيّ عنه أن يأتي البدويّ البلدة ، ومعه قوت يبغي التسارع إلى بيعه رخيصاً فيقول له الحضري : اتركه عندي ؛ لاُغالي في بيعه ، فهذا الصنيع محرّم ؛ لما فيه من الإضرار بالغير ». راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٩ ( بدا ) وص ٣٩٨ ( حضر ).

(٣). في « ط ، بخ ، بف » : « الفاكهة ».

(٤). « الغلّات » : جمع الغلّة ، وهو الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك. راجع :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٠٤ ( غلل ).

(٥). في « ى » : « أو السواد ». وقال ابن منظور : « سواد كلّ شي‌ء : كُورَة ما حول القرى والرساتيق ، والسواد : ما حوالي‌الكوفة من القرى والرساتيق ، وقد يقال : كورةُ كذا وكذا وسوادها إلى ما حوالي قصبتها وفسطاطها من قراها ورساتيقها. وسواد الكوفة والبصرة : قراهما ».لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٢٥ ( سود ).

(٦). في « بخ ، بف » : « وأمّا ».

(٧). في « ط ، بخ ، بف » : « ما ».

(٨). فيالوافي : « فإنّه يجوز ، أي يجوز أن يبيع لمالكه إذا كان هو حامله من موضع إلى آخر ، وهذا الحكم مخصوص بالفواكه والغلّات ، كما هو منطوق الكلام ؛ لما يأتي من جواز أخذ الاُجرة للسمسار في غيرها ، ولعلّ الوجه فيه أنّ للفواكه والغلّات أسعاراً معيّنة لا صنعة للسمسار في بيعها بخلاف غيرها ».

(٩). فيالمرآة : « لعلّ هذا الخبر بباب التلقّي أنسب ».

(١٠). راجع :الكافي ، كتاب المعيشة ، باب التلقّي ، ح ٨٧٧٣ ومصادرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٤٠٠ ، ح ١٧٥١٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٤٥ ، ح ٢٢٩٥٦.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136