الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية0%

الرسائل الفشاركية مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 604

الرسائل الفشاركية

مؤلف: آية الله السيد محمد الفشاركي
تصنيف:

الصفحات: 604
المشاهدات: 41112
تحميل: 4368

توضيحات:

الرسائل الفشاركية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 604 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41112 / تحميل: 4368
الحجم الحجم الحجم
الرسائل الفشاركية

الرسائل الفشاركية

مؤلف:
العربية

الحدث مع عدم البناء على أحد الوجهين ظاهر المنع.

وأمّا الإجماع(١) فكشفه عن رضا الحجّة مع الظنّ بكون سند المجمعين بعض هذه الوجوه مشكل.

اللّهم [ إلاّ ] أن يقال: إنّ ظاهر دعوى المحقّق(٢) الإجماع هو الإجماع بطريقة القدماء.

وقد يستدلّ أيضاً بمصحّحة الكاهلي عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل، تغتسل أو لا تغتسل؟ قالعليه‌السلام : قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل(٣) .

ولعلّ بناء ذلك على أنّ المراد من النهي نفي المشروعيّة، وأنّ السؤال عن ذلك، وعليه فمعنى التعليل: أنّ غسل الجنابة لكون شرعيته لأجل التمكّن من الصلاة الممتنع صدورها عن الحائض لا يكون مشروعاً لها.

ويحتمل أن يكون السؤال عن وجوب الغسل، ويكون المراد من الجواب نفيه معلّلاً بأنّ وجوب الغسل لمّا كان لأجل الصلاة ارتفع وجوبه بارتفاع وجوب الصلاة لوجود المفسد.

ولكنّ الإنصاف أنّ دعوى ظهور السؤال في أصل المشروعيّة لا يخلو عن قوّة، وأمّا احتمال أن يكون السؤال عن مشروعية الغسل لأجل الصلاة فضعيف في الغاية.

وقد يستدلّ أيضاً برواية سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّهعليه‌السلام : المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة، أو غسل الجنابة والحيض واحد؟ فقال: قد أتاها ما هو أعظم من ذلك. بناءً على أنّ السؤال عن مشروعيّة غسل الجنابة لها حال الحيض، فحاصل السؤال أنّه هل يجوز لها غسل الجنابة أو يجب

____________________

(١) منتهى المطلب: في تحريم الطواف على الحائض ج ١، ص ١١٠، س ٢٥.

(٢) المعتبر: في احكام الحيض ج ١، ص ٢٢١.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢٢ من أبواب الحيض ح ١، ج ٢، ص ٥٦٥.

٣٢١

عليها التأخير إلى انقطاع الدم فتغتسل غسلاً واحداً للجنابة والحيض؟ ويكون محصّل الجواب نفي المشروعيّة بسبب وجود ما هو أعظم من الجنابة الموجب لإنتفاء الغرض المقصود بالأصالة من مشروعيّة غسل الجنابة، وهو التمكّن من الاشتغال بالصلاة.

وفيه: أنّ السؤال يحتمل أن يكون عن وجوب الغسل من الجنابة بتخيّل فوريّة وجوب رفع الجنابة، فحاصله أنّه هل يجب عليها أن تغتسل من الجنابة حال الحيض أو لا يجب عليها إلاّ غسل واحد لهما ؟

ولكنّ الإنصاف أنّ السؤال لا يخلو عن ظهور في الاستفهام عن المشروعيّة، خصوصاً بملاحظة قوله: « أو غسل الجنابة والحيض واحد » فانّه ظاهر في أنّ غسل الجنابة والحيض واحد في أصل الشرع، فكأنّ السائل لمّا كان فارغاً عن وحدة غسل الجنابة والحيض على تقدير ترك الغسل إلى زمان انقطاع الدم، وكان متردّداً في أنّ التأخير الموجب لاتّحادهما لازم حتى لا يكون في أصل الشرع لهذه المرأة إلاّ غسل واحد أو لا يجب ذلك، سأل عن جواز الغسل في حال الحيض، وجعل الوحدة في أصل الشرع الذي هو ملزوم وجوب التأخير في نظره كناية عن لازمه. وأمّا حمل السؤال على أنّه هل يجب عليها غسلان ولو مع التأخير إلى انقطاع الدم، فلا يلائم الجواب فتأمّل.

ويمكن الاستدلال أيضاً بصحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللّه قال: سألته عن المرأة تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة؟ قالعليه‌السلام : غسل الجنابة والحيض واحد(١) بتقريب أن يقال: إنّ وحدة الغسلين شرعاً ملازم لوحدة موجبهما، وهو الحدث الحاصل من الجنابة والحيض.

وفيه: مع كون المراد الوحدة بحسب الشرع، بل يحتمل أن يكون المراد أنّ الذي يوجد من مثل هذه المرأة غسل واحد لهما، فحاصله أنّ الواجب عليها غسل واحد لهما، مع أنّ اتّحاد الغسلين لا يلزم منه اتّحاد الحدثين، بل يجوز أن يكونا

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ان غسل الحيض كغسل الجنابة ح ٧، ج ٢، ص ٥٦٧.

٣٢٢

مختلفين أحدهما قابل للرفع دون الآخر ويكون الإتيان بالغسل لرفع ما يقبل الارتفاع جائزاً، وعلى هذا فيمكن الاستدلال بالخبر على خلاف المدّعى، ولكنّه ضعيف، فانّ عدم الوجوب أعمّ من الجواز.

وكيف كان ففي الخبرين السابقين بضميمة الإجماع المتقدّم غنى إن شاء اللّه تعالى.

ولكن [ لا تخلو ] المسألة من إشكال، لمعارضة الخبرين(١) لعموم آية غسل الجنب(٢) .

إلاّ أن يقال: إنّ متعلّق الأمر هو التطهّر والشكّ في محل الكلام في أنّ الغسل يطهّر أم لا؟ اللّهم إلاّ أن يقال: إنّ التطهّر عرفاً هو الغسل إطلاق الأثر على المؤثر.

ودعوى أنّه على تقدير التسليم لا يستلزم حصول الطهارة من الجنابة، لأنّ الأمر بالغسل أعمّ.

مدفوعة بأنّ الغرض منه ليس إلاّ ذلك، فمقتضى الأمر بالغسل ترتّبه عليه، فتأمّل.

وبموثقة عمّار عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثمّ تحيض قبل أن تغتسل قال: إن شاءت أن تغتسل فعلت، وإن لم تغتسل فليس عليها شيء، فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً للجنابة والحيض(٣) فانّ صراحتها في جواز الغسل حال الحيض وظهور الخبرين السابقين(٤) مع إمكان منعه كما عرفت معيّن للعمل بها لولا الإجماع وإعراض الأصحاب عنها مع صراحتها وقوّة سندها.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ان الحائض لا يرتفع لها حدث ح ١، ج ٢، ص ٥٦٥، وب ان غسل الحيض كغسل الجنابة ح ٧، ج ٢، ص ٥٦٧.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب ان الحائض لا يرتفع لها حدث ح ٤، ج ٢، ص ٥٦٦.

(٤) وسائل الشيعة: ان الحائض لا يرتفع لها حدث ح ١، ج ٢، ص ٥٦٥ ، وب ان غسل الحيض كغسل الجنابة ح ٧، ج ٢، ص ٥٦٧.

٣٢٣

وكيف كان فالعمل على ما عليه الأصحاب إن لم يكن متعيّناً فهو أحوط.

قولهقدس‌سره : « الثاني: لا يصحّ منها الصوم ».

أقول: فيحرم عليها تشريعاً، والكلام في حرمته ذاتاً ما تقدّم في حرمة الصلاة عليها.

قولهقدس‌سره : « لا يجوز لها الجلوس في المسجد، ويكره الجواز فيه ».

أقول: هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب، بل قال في المنتهى(١) أنّه مذهب عامّة أهل العلم انتهى.

والظاهر أنّ المراد من الجلوس المكث، ويحتمل أن يكون المراد منه مطلق الكون المقابل للجواز، فيشمل التردّد في جوانب المسجد، وهو قوي، لظاهر قولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة: الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلاّ مجازين(٢) لعدم صدق الاجتياز على التردّد في جوانب المسجد.

ومن ذلك يظهر عدم جواز الدخول في مسجد له باب واحد والخروج منه، إذ الاجتياز هو الدخول من باب والخروج من باب آخر.

ولو دخلت في المسجد بقصد التمشّي ثمّ اتفق خروجها من باب آخر فالظاهر أنّها فعلت محرّماً، لأنّ الظاهر أنّ المستثنى هو الكون في المسجد بعنوان الاجتياز، لا مطلق ما يصدق عليه الاجتياز، ولو كان اتّفاقياً.

____________________

(١) منتهى المطلب: في تحريم لبث الحائض في المساجد ج ١، ص ١١٠، س ٥.

(٢) وسائل الشيعة: ب جواز مرور الجنب والحائض في المساجد ح ١٠، ج ١، ص ٤٨٦.

٣٢٤

و الظاهر أنّ جواز الاجتياز في غير المسجدين ، و أمّا فيهما فلا يجوز، ولا خلاف فيه ظاهراً كما عن المدارك(١) وشرح المفاتيح(٢) لقولهعليه‌السلام في حسنة محمد بن مسلم: ولا يقربان المسجدين الحرامين(٣) وللإجماع عليه في الجنب، واشتراكهما معه في كثير من الأحكام، وكونها أسوأ حالاً منه، ولعلّ إطلاق بعض الأخبار، كإطلاق كثير من الفتاوى، منزّل على غيرهما، لأنّه الغالب، أو للإحالة على تصريحهم به في الجنب.

ثمّ إنّه لا إشكال في الجملة في أنّ من أجنب في المسجدين يجب عليه التيمّم للخروج، وهل يجب للحائض إن فاجأها الحيض؟ فيهما وجهان، من أنّ التيمّم لا يفسدها، لما مرّ من أنّ حدثها لا يرتفع، ولأنّه مستلزم للمكث الزائد، ومن التصريح به في بعض الأخبار، أقربهما الأوّل، لمخالفة الخبر للقاعدة، مع ضعفه، وانتفاء العمل به على وجه يجبر به ضعف الإسناد.

نعم لا بأس بالقول باستحبابه، كما عن المصنّف في المعتبر(٤) خروجاً عن شبهة وجوبه، فتأمّل فأنّ هذا أيضاً ينافي بعض ما مرّ، فتأمّل. وهل يكره الجواز في غير المسجدين، أو باقٍ على إباحة؟ وجهان أقواهما الأول، ويكفي فيه مع دعوى الشيخ في الخلاف(٥) الإجماع عليه، ولمناسبته لتعظيم المسجد قول المصنّفقدس‌سره : ويكره الجواز فيه كما عن الصدوق(٦) ، والشيخ(٧) ، والعلاّمة(٨) ، والشهيد(٩) ،

____________________

(١) مدارك الاحكام: في احكام الحائض ج ١، ص ٣٤٧.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) وسائل الشيعة: ب جواز مرور الجنب والحائض في المساجد ح ١٧، ج ١، ص ٤٨٨.

(٤) المعتبر: في احكام الحيض ج ١، ص ٢٢٣.

(٥) و (٧) الخلاف: في عدم جواز المقام واللبث للجنب في المساجد ج ١، ص ١٨٠.

(٦) من لا يحضره الفقيه: صفة غسل الجنابة ح ١٩١، ج ١، ص ٨٧.

(٨) قواعد الاحكام: في احكام الحائض ج ١، ص ١٥ ، س ١٨.

(٩) اللمعة الدمشقية: في المكروهات على الجنب ج ١، ص ٣٥١.

٣٢٥

فالتوقّف فيه كما عن بعض(١) ليس في محلّه.

ثمّ إنّه لا إشكال في التي يحرم عليها وضع شيء في المسجد، كما أنّه يجوز الأخذ منه لصحيحة عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّهعليه‌السلام عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه. قال: نعم، ولكن لا يضعان فيه شيئاً(٢) قال زرارة: قلت : فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه؟ قالعليه‌السلام : لأنّهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلاّ منه ويقدران على وضع ما بيديهما في غيره(٣) .

وهل المراد من الوضع مطلقه، أو ما يستلزم الدخول؟ حكي عن بعض(٤) الأوّل، وقوّى الشارح الثاني وجعل الأول أجود، وحكي ذلك عن ابن فهد(٥) أيضاً، وقال بعض من قارب عصرنا(٦) : إنّ حرمة الوضع ليست لكونه وضعاً بل لحرمة الدخول للوضع، وعليه فيكون المراد من الأخذ الدخول للأخذ، فيكون المستثنى من الدخول أمرين: الدخول للإجتياز وللأخذ، ويكون حرمة الدخول للوضع على الأصل، وهذا وإن لم يكن بعيداً إلاّ أنّه مخالف لظاهر الأخبار وفتاوى الأصحاب، فانّ الظاهر منها أنّ الوضع هو المحرّم كتسليم حرمة الوضع لذاته ودعوى انصرافه الى المستلزم للدخول، نعم لا يبعد دعوى تبادر ما يستلزم دخول اليد أو غيرها، فالوضع بآلة على وجه يكون تمام الجسد خارجاً من المسجد لا يكون محرّماً، والأحوط تركه.

ثم إن قلنا انّ الوضع الذي لا يستلزم دخول المسجد محرّم، فهل الدخول للأخذ جائز؟ وجهان، من أنّ المحرّم لكونه مقدّمة لمباح لا يصير مباحاً، ومن أنّ الظاهر

____________________

(١) المعتبر: في احكام الحيض ج ١، ص ٢٢٢.

(٢ و ٣) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الجنابة ج ١ و ٢ ، ج ١، ص ٤٩١.

(٤) تحرير الاحكام: في احكام الحيض والحائض ج ١، ص ١٥، س ٩، والتنقيح الرائع: في احكام الحيض ج ١، ص ٩٦.

(٥) المقتصر: في الطهارة المائية ص ٤٩.

(٦) جواهر الكلام: في حرمة وضع شيء في المسجد للجنب ج ٣، ص ٥٤.

٣٢٦

الرخصة في الأخذ على وجهٍ يستلزم ذلك لبعد تخصيصه، بغير ذلك.

ثم إنّه ألحق جماعة(١) بالمسجد في أحكامه السابقة الضرائح المقدّسة والمشاهد المشرّفة، وهو لا يخلو من قوّة، لقوة كون مناط الحكم شرف القبة ، و عليه فإلحاقها بالحرمين أقوى ، و يؤيّده ما دلّ من منع دخول الجنب [ عليهم ]عليهم‌السلام أحياء(٢) ، وحرمتهم أمواتاً كحرمتهم أحياء.

قولهقدس‌سره : « ولا يجوز لها قراءة شيء من العزائم ».

أقول: الظاهر أنّ هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب، وفي كراهة ما عدا ذلك مطلقاً، أو كراهة ما زاد على السبع أو السبعين، أو حرمة ما زاد عليهما؛ وجوه، أقواهما الأول، لما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله السلام: لا يقرأ الجنب والحائض شيئاً من القرآن(٣) .

قولهقدس‌سره : « وتسجد لو تليت السجدة، وكذا لو أسمعت »(٤) .

أقول: الأشهر بل المشهور ظاهراً جواز السجود للحائض، إذا وقع منها ما يوجب السجدة لغيرها، بل الظاهر وجوبها عليها لإطلاق ما دلّ على سببية سببها في

____________________

(١) جواهر الكلام: في كراهة الاجتياز في المسجد الحائض ج ٣، ص ٢٢١.

(٢) وسائل الشيعة: ب كراهة دخول الجنب بيوت النبي صلى الله عليه وآله والائمة (ع) ج ١، ص ٤٨٩ و ٤٩٠، انظر الباب.

(٣) سنن البيهقي: ذكر الحديث الذي ورد في نهي الحائض عن قراءة القرآن ج ١، ص ٨٩.

(٤) كذا في النسخة الخطية، وفي النسخة المطبوعة لشرائع الإسلام هكذا: وتسجد لو تلت السجدة وكذا لو استمعت.

٣٢٧

الوجوب وعدم ما يصحّ(١) لإشتراط الطهارة فيها، ولقولهعليه‌السلام في صحيحة أبي عبيدة بعد السؤال عن سماع الطامث السجدة: إن كانت من العزائم فتسجد إذا سمعتها(٢) ، وقول الصادقعليه‌السلام في موثّقة أبي بصير: الحائض تسجد إذا سمعت السجدة(٣) ، ولقولهعليه‌السلام في مضمرة أبي بصير: إذا قرئ شيء من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد، وإن كنت على غير وضوء، وإن كنت جنباً، وإن كانت المرأة لا تصلّي(٤) خلافاً للمفيد في المقنعة(٥) ، والشيخ في التهذيب(٦) ، والاستبصار(٧) ، والنهاية(٨) ، والوسيلة(٩) ، والمهذب(١٠) ، لاعتبارهم في السجود الطهارة، بل عن التهذيب(١١) لا يجوز السجود إلاّ لطاهر من النجاسات بلا خلاف، ويستدلّ لهم أيضاً بما عن السرائر، عن كتاب محمد بن علي بن محبوب، عن غياث، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام قال: لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت السجدة(١٢) . وبمصححة البصري عن الحائض تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة، قال: تقرأ ولا تسجد(١٣) .

____________________

(١) يصلح (خ) في نسخة طهران.

(٢) وسائل الشيعة: ب وجوب سجود الحائض اذا سمعت تلاوة العزيمة ح ١، ج ٢، ص ٥٨٤.

(٣) وسائل الشيعة: ب وجوب سجود الحائض اذا سمعت تلاوة العزيمة ح ٣، ج ٢، ص ٥٨٤.

(٤) وسائل الشيعة: ب وجوب سجود الحائض اذا سمعت تلاوة العزيمة ح ٢، ج ٢، ص ٥٨٤.

(٥) المقنعة : باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ص ٥٢.

(٦) التهذيب: في حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ح ٤٢، ج ١، ص ١٢٩.

(٧) الاستبصار: باب الجنب والحائض يقرآن القرآن ح ٥، ج ١، ص ١١٥.

(٨) النهاية: باب الجنابة واحكامها وكيفية الطهارة منها ص ٢٠.

(٩) الوسيلة: في احكام الجنابة ص ٥٥.

(١٠)المهذب: باب الجنابة ج ١، ص ٣٤.

(١١) التهذيب: في حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ح ٤٢، ج ١، ص ١٢٩.

(١٢) مستطرفات السرائر: ح ٤٧، ص ١٠٥.

(١٣) التهذيب: باب كيفية الصلاة وصفتها والمنسوب من ذلك ح ٢٨، ج ٢، ص ٢٩٢.

٣٢٨

والجواب عن الأوّل منع الاشتراط، لعدم الدليل، بل الظاهر القطع بعدمه لرواية(١) الاشتراط في مطلق السجود، وعن الأخيرين(٢) بمعارضتها بما سبق، فيجب حملها على التقية، مع أنّ الأخير يمكن ادّعاه ظهورها في عدم الوجوب، ولا بأس به في السماع من غير إصغاء، كما هو ظاهر مورد الخبر، بل وكذا الأوّل، إذ الظاهر أنّ النهي عن القضاء لنفي الوجوب، إذ الظاهر أنّ القضاء لا يكون محرّماً ذاتياً، وإرادة الحرمة التشريعيّة من هذا النهي لا يخلو عن إشكال، إذ هو متوقّف على العلم بعدم ثبوته شرعاً، ولا طريق إليه إلاّ هذه الأخبار، على أنّه يكفي في عدم الاستدلال احتمال عدم علم المخاطب بالخبر، لعدم المشروعيّة، فتأمّل.

ثمّ إنّ ظاهر العبارة عدم الوجوب عليها إذا سمعت من غير إصغاء، وذلك مبني على منع سببية السماع بدون إصغاء له، وسيأتي الكلام فيه في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

قولهقدس‌سره : « يحرم على زوجها وطؤها ».

أقول: لا يجوز على زوجها وطئها قبلاً حتى تطهر بالإجماع، بل لضرورة الإسلام، ولذا صرح بعض(٣) عن غير واحد بكفر مستحلّه، وذلك بناءً على أنّ منكر الضروري ولو كان لشبهة يحكم بكفره واضح، وأمّا على القول بعدم كون الإنكار لشبهة مكفّراً، ففي إطلاق الحكم إشكال، لأنّ إحتمال الشبهة في هذا الحكم

____________________

(١) التهذيب: في حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ح ٤٢ و ٤٣، ج ١، ص ١٢٩.

(٢) وسائل الشيعة: مستطرفات السرائر: ح ٤٧، ص ١٠٥، والوسائل: ب وجوب سجود الحائض اذا سمعت تلاوة العزيمة ح ٤، ج ٢، ص ٥٨٤.

(٣) تذكرة الفقهاء: في الحيض واحكامه ج ١، ص ٢٨، س ٥، وجامع المقاصد: في احكام الحيض وغسله ج ١، ص ٣٢٠.

٣٢٩

خصوصاً لعوام الناس متطرّق، وليس ذلك كوجوب الصلاة بحيث يعرف كلّ أحد أنّه من دين الإسلام.

وكيف كان فلا إشكال في أنّ فاعله عالماً بالحكم عاصٍ يستحقّ التعزير الموكول حدّه إلى الحاكم، وفي بعض الأخبار تحديده بربع حدّ الزاني، وعن تفسير القمي(١) عن الصادقعليه‌السلام تحديده بالربع في أوائل الحيض، وبالثمن في أواخره.

وأمّا فسقه فقد نفى عنه الإشكال أيضاً بعض، وربما يومي إليه قولهعليه‌السلام في رواية الفضل الهاشمي بعد السؤال عن أدبه: نعم عليه خمسة وعشرون سوطاً، ربع حدّ الزاني، وهو صاغر، لأنّه أتى سفاحاً(٢) فانّ في التعبير عنه بالصاغر إشارة إلى ذلك، وكما يحرم على الزوج الوطء كذا يحرم على الزوجة تمكينها، فيجب عليها الإمتناع، والظاهر أنّه أيضاً إجماعي، لإرسالهم إيّاه إرسال المسلّمات.

ثمّ إنّه لو اشتبه الحيض، بأن كانت المرأة متحيرة ، فسياتي حكمها، وبدونه تعمل بما يقتضيه الأصل، وإن كان الترك أولى، وعن العلاّمة(٣) والشهيدين(٤) إيجاب الاحتياط تغليباً لجانب الحرمة على المباح، وفيه نظر.

ثمّ إنّها لو ادّعت الحيض صدقت، لقوله تعالى: (ولا يحل لهنّ أن يكتمن ما خلق اللّه في أرحامهن)(٥) بناءً على أنّ وجوب الإخبار مع عدم إفادته العلم يستلزم وجوب القبول، وإلاّ لغى إيجاب الاخبار المقصود منه ثبوت الخيرية به، إلاّ أن يدّعى إنصراف ما في الأرحام إلى الولد، أو منع كون الحيض الذي هو مناط للأحكام وجود الدم في الرحم، بل هو جريانه إلى خارجه، فلا يكون داخلاً في

____________________

(١) تفسير القمي: ج ١، ص ٧٣.

(٢) التهذيب: باب من الزيادات ح ٦، ج ١٠، ص ١٤٥.

(٣) تحرير الاحكام: في احكام الحيض والحائض ج ١، ص ١٥، س ٣٣.

(٤) البيان: في احكام الحائض ص ٢٠، س ١٠، والروض: في احكام الحيض ص ٧٧، س٧.

(٥) البقرة: ٢٢٨.

٣٣٠

عموم ما في الأرحام، ولأنّه يتعسّر أو يتعذّر إقامة البيّنة عليه ولا يعلم إلاّ من قبلها، ولقولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة : العدة و الحيض إلى النساء(١) و في حسنة ذلك بزيادة قولهعليه‌السلام : إذا ادّعت صدّقت(٢) ، وعن التذكرة(٣) ، وجامع المقاصد(٤) . والروض(٥) يفسد الحكم بعدم اتّهام الزوجة بتضييع حقّ الزوج، ولعلّه لإنصراف الصحيحة(٦) والحسنة(٧) إلى صورة عدم الإتّهام، ويؤيّده رواية السكوني عن الصادق، عن أبيه، أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال في امرأة إدّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث حيضات: كلّفوا نسوة من بطانتهن أنّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت، فإن شهدن وإلاّ فهي كاذبة(٨) والمراد بالتهمة كون الشخص في ريبة منها، لسبب ما لاح من أمارات الكذب.

ولو ادّعت الطهارة من الحيض صدّقت أيضاً، لأنّها(٩) لا يعلم إلاّ من قبلها، ولظاهر الصحيحة السابقة، فانّ ظاهرها أنّ العدّة والحيض موكولان إلى النساء وجوداً وعدماً.

ولو اتّفق الحيض في أثناء الوطء وجب النزع على الزوج، ويكون كالمبتدء في جميع الأحكام، والزوجة كالزوج في مطاوعتها من حيث المعصية واستحقاق التعزير. وأمّا الكفارة فالظاهر عدم وجوبها على الزوجة مطلقاً.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب وجوب الرجوع في العدة والحيض الى المرأة ح ٢، ج ٢، ص ٥٩٦.

(٢) وسائل الشيعة: ب وجوب الرجوع في العدة والحيض الى المرأة ح ١، ج ٢، ص ٥٩٦.

(٣) التذكرة: في احكام الحيض ج ١، ص ٢٨، س ٥.

(٤) جامع المقاصد: في الحيض وغسله ج ١، ص ٣٢٠.

(٥) الروض: في احكام الحيض ص ٧٧، س ٣.

(٦) و (٧) التهذيب: في الحيض والاستحاضة والنفاس ح ٦٦، ج ١، ص ٣٩٨.

(٨) وسائل الشيعة: ب وجوب الرجوع في العدة والحيض الى المرأة ح ٣، ج ٢، ص ٥٩٦.

(٩) كذا والصحيح: لأنّه.

٣٣١

قولهقدس‌سره : « فإن وطئ عامداً عالماً وجب عليه الكفارة، وقيل: لا يجب، والأوّل أحوط ».

أقول : اختلف الأصحاب في وجوب الكفارة و عدمه ، فعن الصدوقين(١) و المشايخ الثلاثة(٢) و ابن زهرة(٣) والقاضي(٤) وسلاّر(٥) وجماعة الأوّل، وعن الشيخ في الخلاف(٦) والسيدين في الانتصار(٧) والغنية(٨) وابن إدريس في السرائر(٩) الإجماع عليه، وعن جماعة(١٠) أنّه المشهور بين المتقدّمين، بل عن الروض(١١) أنّه المشهور مطلقاً. وعن الشيخ في النهاية(١٢) والمصنّف في المعتبر(١٣) والعلاّمة في المختلف(١٤) والشهيد في الذكرى(١٥) والبيان(١٦) والمحقّق الثاني في جامع المقاصد(١٧) .

____________________

(١) الجوامع الفقهية (المقنع): ص ٥، س ٢٣، لا توجد لدينا رسالة علي بن بابويه.

(٢) من لا يحضره الفقيه: في غسل الحيض والنفاس ح ٢٠٠، ج ١، ص ٩٦، والمقنعة: باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك ص ٥٥، والمبسوط: فصل في ذكر الحيض والاستحاضة ج ١، ص ٤١. (٣) الجوامع الفقهية (غنية النزوع): ص ٤٨٨، س ١٤.

(٤) المهذب: باب الحيض ج ١، ص ٣٥.

(٥) المراسم: حكم الحيض وغسله ص ٤٣.

(٦) الخلاف: كتاب الحيض والنفاس والاستحاضة ج ١، ص ٦٣.

(٧) الانتصار: في احكام الحيض ص ٣٣.

(٨) الجوامع الفقهية (غنية النزوع): ص ٤٨٨، س ١٤.

(٩) السرائر: احكام الدماء الثلاثة ج ١، ص ١٤٤.

(١٠ و ١١) الروض: في احكام الحيض ص ٧٧، س ٩.

(١٢) النهاية: في حكم الحائض، والمستحاضة والنفساء واغسالهن ص ٢٦.

(١٣) المعتبر: في احكام الحيض ج ١، ص ٢٣١.

(١٤) مختلف الشيعة: في غسل الحيض واحكامه ج ١، ص ٣٥، س ١٣.

(١٥) الذكرى: في احكام الحائض ص ٣٤، س ٣١. (١٦) البيان: في احكام الحائض ص ٢٠، س ٥.

(١٧) جامع المقاصد: في الحيض وغسله ج ١، ص ٣٢١.

٣٣٢

والشهيد في الروض(١) الثاني، بل عليه أيضاً جماعة من متأخّرى المتاخرين(٢) ، بل حكي ذلك عن أكثرهم.

احتجّ الأوّلون، مضافاً إلى ما عرفت من الإجماعات المحكية المؤيّدة بالشهرة، بأخبار كثيرة، منها: رواية داود بن فرقد عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام في كفارة الطمث أنّه يتصدّق إذا كان في أوّله دينار وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار. قلت: وإن لم يكن عنده ما يكفّر ؟ قال: فليتصدّق على مسكين واحد، وإلاّ إستغفر اللّه تعالى و لا يعود ، فانّ الاستغفار توبة و كفارة لمن لم يجد السبيل إلى شيء من الكفارة(٣) ونحوها الرضوي(٤) .

ومنها: رواية ابن مسلم: عمّن أتى أهله وهي طامث، قال: يتصدّق بدينار ويستغفر اللّه(٥) .

ومنها: رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام : من أتى حائضاً فعليه نصف دينار يتصدّق به(٦) .

ومنها: مرسلة المقنع قال: روي أنّه إن جامعها في أوّل الحيض فعليه أن يتصدّق بدينار، وإن كان في نصفه فنصف دينار، وإن كان في آخره فربع دينار(٧) .

ومنها: رواية محمد بن مسلم قال: سألت الباقرعليه‌السلام عن الرجل أتى المرأة وهي حائض، قال: يجب عليه في استقبال الحيض دينار، وفي وسطه نصف

____________________

(١) الروض: في احكام الحيض ص ٧٧، س ١٥.

(٢) الذخيرة: في الحيض واحكامه ص ٧١، س ٢٧، وكشف اللثام: في احكام الحائض ج ١، ص ٩٤، س ٤١.

(٣) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ١، ج ٢، ص ٥٧٤.

(٤) فقه الرضا: ص ٢٣٦.

(٥) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ٣، ج ٢، ص ٥٧٥.

(٦) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ٤، ج ٢، ص ٥٧٥.

(٧) الجوامع الفقهية (المقنع) : ص ٥، س ٢٣.

٣٣٣

دينار. قلت : جعلت فداك يجب عليه شيء ؟ قال: نعم خمسة وعشرون سوطاً، ربع حدّ الزاني، لأنّه أتى سفاحاً(١) .

وعن القمي في تفسيره، عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: من أتى امرأة في الفرج في أيّام حيض فعليه أن يتصدّق بدينار، وعليه ربع حّد الزاني خمسة وعشرون جلدة، وإن كان في آخر أيّام حيضها فعليه أن يتصدّق بنصف دينار ويضرب اثنى عشر جلدة ونصف(٢) .

وهذه الأخبار وإن اختلف إلاّ أنّ الرضوي(٣) ومرسلة المقنع(٤) ورواية داود(٥) لإنجبارها بما عرفت من الشهرة والإجماعات المحكية(٦) في الوجوب والمقدار وبسائر الأخبار في أصل الوجوب كافية في إثبات [ الوجوب ]. وأمّا غيرها فمطلقاتها يقيّد به ما كان مثل مرسلة القمي بما يرجع الى ما يطابق المرسلة السابقة.

وأجاب القائلون بالإستحباب: أمّا عن الإجماعات، فمع وهنها بمخالفة من عرفت، ومنهم بعض من ادّعى الإجماع، بأنّها تكشف عن صدور الأوامر الظاهرة في الوجوب، ولا تكشف عن أمر بمعنى الوجوب. وبعبارة اخرى: المظنون أنّ الاتّفاق إن كان واقعاً فهو ناشٍ عن الأخبار الظاهرة في الوجوب التي هي بأيدينا، وهي مع شهادة اختلافها على إرادة الاستحباب، إذ لا يكاد يمكن الجمع بينها، معارضة بأقوى منها دلالةً، كصحيحة العيص بن القاسم عن رجل واقع امرأته وهي

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب حكم وطئ الزوجة في الحيض ح ١، ج ١٨، ص ٥٨٦، ولكن جاء فيه (وفي استدباره) بدل (وسطه).

(٢) تفسير القمي: ج ١، ص ٧٣.

(٣) فقه الرضا: ص ٢٣٦.

(٤) الجوامع الفقهية (المقنع): ص ٥، س ٢٣.

(٥) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ١، ج ٢، ص ٥٧٤.

(٦) الانتصار: في احكام الحيض ص ٣٣، والخلاف: كتاب الحيض والنفاس والاستحاضة ج ١، ص ٦٣، والجوامع الفقهية (غنية النزوع): ص ٤٨٨، س ١٤.

٣٣٤

طامث، قال: لا يلتمس فعل ذلك، قد نهى اللّه عز وجلّ أن يقربها، قلت: فإن فعل أعليه كفارة ؟ قال: لا أعلم فيه شيئاً يستغفر اللّه(١) .

وموثقة زرارة عن الحائض يأتيها زوجها، قال: ليس عليه شيء، يستغفر اللّه ولا يعود(٢) .

ورواية ليث المرادي عن وقوع الرجل على امرأته و هي طامث خطأ ، قال : ليس عليه شيء ، قد عصى ربّه(٣) .

ورواية الحلبي في الرجل يقع على امرأته وهي حائض ما عليه ؟ قال: يتصدّق على مسكين بقدر شبعه(٤) .

وهذه الأخبار كما ترى كلّها صريحة في نفي الوجوب، وحملها على التقية لإشعار قولهعليه‌السلام في بعضها: لا أعلم فيه شيئاً() مؤيّداً بكون عدم الوجوب مذهب كثير منهم كأبي حنيفة، يرد عليه أنّه معارض بمثله حتى في إشارة(٦) الأخبار، فانّ قول الراوي في بعض أخبار الوجوب: إنّ الناس يقولون عليه نصف دينار أو دينار(٧) يدلّ على أنّ الوجوب كان مذهباً لبعض العامّة، بل هذا يجعل قولهعليه‌السلام : لا أعلم فيه شيئاً تعريضاً على القائلين بالوجوب، ولو بنى عليهم لذلك، مع أنّ الحمل على التقيّة بعد وجود الجمع بحسب الدلالة لا وجه له.

ولكنّ الإنصاف أنّ عمل القدماء إلاّ قليلا منهم بأخبار الوجوب، مع كون أخبار نفي الوجوب نصب أعينهم، خصوصاً مع ضعف الخبر الدال على ترتيب

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب كفارة الوطئ في الحيض ح ١، ج ٢، ص ٥٧٦.

(٢) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب كفارة الوطئ في الحيض ح ٢، ج ٢، ص ٥٧٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب كفارة الوطئ في الحيض ح ٣، ج ٢، ص ٥٧٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ٥، ج ٢، ص ٥٧٥.

(٥) وسائل الشيعة: ب عدم وجوب كفارة الوطئ في الحيض ح ١، ج ٢، ص ٥٧٦.

(٦) لسان (خ) في نسخة طهران.

(٧) وسائل الشيعة: ب استحباب الكفارة لمن وطء في الحيض ح ٢، ج ٢، ص ٥٧٥.

٣٣٥

الكفارة على النهج المعروف، وقوّة سند الأخبار النافية، مضافاً إلى ما عرفت من الإجماعات المنقولة يوهن العمل بأخبار النفي، وحمل أخبار الوجوب على الإستحباب، فالاحتياط لا ينبغي تركه، وإن لم يبلغ حدّ الوجوب، لما عرفت وقرّر في محلّه، وأنّه لا ينبغي الرجوع إلى وجوه الترجيح مع فرض وجود الجمع القريب، وأنّ الإجماعات المنقولة ليس فيها كشف في محلّ الغرض.

قوله «قدس‌سره »: « والكفارة في أوّله دينار، وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار ».

أقول: المعروف من مذهب القائلين بوجوب الكفّارة أنّها في أوّله دينار، وفي وسطه نصفه، وفي آخره ربعه، إلاّ أنّ المحكي عن المقنع(١) أنّه جعلها بالشبع مسكيناً، ونسب الأوّل إلى الرواية، والمحكي عن الفقيه(٢) عكس ذلك، بل عن السيدين(٣) دعوى الإجماع على كونها على الوجه المعروف، ولا إشكال أيضاً على القول بالإستحباب في رجحان هذا الوجه.

نعم يجب الحكم باستحباب غيره أيضاً ويكون الإختلاف بحسب مراتب الفضيلة، ولم أر في هذا المقام كلاماً، ولا يحضرني ما أرجع إليه، والظاهر أنّ التثليث في كلّ حيض بحسبه، فما كان ثلاثة أوّله يوم وهكذا، وما كان أربعة أوّله يوم وثلث، وما كان خمسة يوم وثلثا يوم، إلى غير ذلك. وعن سلاّر(٤) أنّه حدّد الوسط بما بين الخمسة إلى السبعة، فما كان الخامس داخلاً في الوسط كان ثلاثة أيّام، وإلاّ

____________________

(١) الجوامع الفقهية: (المقنع) : ص ٥، س ٢٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه: في غسل الحيض والنفاس ح ٢٠٠، ج ١، ص ٩٦.

(٣) الانتصار: في احكام الحيض ص ٣٣، والجوامع الفقهية (غنية النزوع): ص ٤٨٨، س ١٤.

(٤) المراسم: في حكم الحيض وغسله ص ٤٤.

٣٣٦

فهو يومان، وعلى الأوّل فالأوّل أربعة، وعلى الثاني خمسة، وأمّا الآخر على كلّ تقدير وذلك واضح، وعن الراوندي(١) اعتبار ذلك بالنسبة إلى أكثر الحيض، فالأوّل دائماً ثلاثة أيّام وثلث يوم.

ثمّ لا يخفى أنّ الوجهين مشتركان في أنّه لا يلزم في كلّ حيض اشتماله على الوسط والآخر، بل يجوز أن يكون الحيض أقلّ من الأوّل.

ثمّ إنّ مبنى الوجهين ظاهراً جعل التثليث بالنظر إلى أكثر الحيض، غير أنّه على الأخير حقيقي، وكيف كان فهما مخالفان للظاهر المتبادر من الأخبار، بل قد يقال بمخالفتهما لصريح الأخبار، فانّ في بعضها يجب في استقبال الحيض.

الاستحاضة وأحكامها

قولهقدس‌سره : « ولو تكرّر منه الوطء ».

أقول: إذا تكرر(٢) أنّ الغسل يوجب العفو عن الدم المتخلّل في أمامه والذي بعده مطلقاً، أو إلى زمان الإنقطاع.

ثمّ إعلم إنّ الدم المنقطع، إمّا أنّه حادث في غير وقت العبادة ومنقطع في غير وقته، أو حادث في غير وقت العبادة قبل فعلها ومنقطع في غير وقتها، كالدم المستمرّ من الفجر إلى قبل الزوال، وإمّا منقطع في وقت العبادة والإنقطاع في الوقت أيضاً، إمّا قبل الغسل أو بعده.

فنقول: أمّا القسم الأوّل فلا حكم للإنقطاع فيه، بناءً على اختصاص الغسل بالدم في الوقت، وأمّا على الحدثية المطلقة فيجب الغسل، لأنّ الإنقطاع لا يؤثّر في رفع أثر الدم، إلاّ أن يقال: إنّ بقاء القوّة في الوقت شرط في تأثير الدم السابق على الوقت في إيجابه الغسل، نظراً إلى أنّ مقتضى الأخبار وجوب الغسل على

_______________________

(١) فقه القرآن: في الحيض و الاستحاضة والنفاس ج ١، ص ٥٤.

(٢) إلى هنا آخر نسخة طهران، وما تبقى من الرسالة فهو من نسخة الكرباسي.

٣٣٧

المستحاضة، فإذا زالت الإستحاضة ارتفع موضوع الحكم.

وفيه نظر يظهر وجهه فيما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

وأمّا القسم الثاني فحكمه حكم الأوّل، إلاّ أنّه يشكل بأن الدم في الفرض حادث في الوقت وكان موجباً للغسل، و هو لاستمراره بعد الغسل لم يرتفع أثره، وانّما عفي عنه بالنسبة [ إلى ] الصلاة في ذلك الوقت، لأجل الاستمرار وعدم إمكان الرفع، فحيث ارتفع المانع، وجب الغسل لرفع الحدث.

ويمكن أن يدفع الإشكال بأنّ الدم في وقت عبادة ليس سبباً لعبادة وقت آخر في نفسه، وقد ارتفع حكمه بالنسبة إلى ما كان موجباً له.

مضافاً إلى قولهعليه‌السلام في رواية الصحّاف: فلتغتسل ثمّ تحتشي وتستثفر وتصلّي الظهر والعصر، ثمّ لتنظر، فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ عند وقت كلّ صلاة(١) بناءً على أنّ الغسل المأمور به قبل الظهرين للإستحاضة، فانّه يدلّ على أنّ الإنقطاع بعد الصلاة لا يوجب الغسل بالنسبة إلى عبادة اخرى، وفيه تأمّل، والمسألة لا تخلو من إشكال وتأمّل.

وأمّا القسم الثالث وهو ما ينقطع قبل الغسل في الوقت، فالظاهر وجوب الغسل، لأنّ الإنقطاع لا يرفع الوجوب الثابت قبله، إلاّ أن يقال: نمنع سببية الدم الذي لم يستمرّ الى وقت الصلاة للغسل، فإن ثبت إجماع على السببية وإلاّ فإيجاب الغسل مشكل.

نعم عند القائل بالسببيّة المطلقة، والقائل بكون الدم في الوقت في الجملة حدث موجب للغسل لا إشكال في وجوب الغسل، إلاّ أن يقال: باعتبار بقاء القوّة في حال الصلاة عند هؤلاء أيضاً في تاثير الدم في الوقت أو مطلقاً في إيجاب الغسل، وسيأتي الكلام فيه.

وأمّا القسم الرابع: وهو المنقطع بعد الغسل، فالظاهر وجوب الغسل إذا كان

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب الاستحاضة أقسامها، من أبواب الإستحاضة، ح ٧، ج ٢، ص ٦٠٦.

٣٣٨

قبل الصلاة، لأنّ هذا المقدار الموجود في أثناء الغسل وبعده كافٍ في السببية، والعفو عنه انّما ثبت ما دام مستمرّاً، إلاّ أن نمنع سببية هذا الدم الموجود بعد الغسل وفي أثنائه، أو يقال: انّ الدم مطلقاً، أو في الوقت، وإن كان سبباً، إلاّ أنّه يعتبر في تأثيره بقاء القوّة في حال الصلاة، فإذا انتفى قوّة الجريان في حال الصلاة لم يجب الغسل.

وفيه: مضافاً إلى إمكان دعوى تسالم الأصحاب على أنّ ما كان من الدم مطلقاً، أو في الوقت، سبباً لا يكون بقاؤه قوة في وقت الصلاة معتبراً في تأثير السبب، ولذا أوجب في الذكرى(١) على من تركت وظيفة الصبح ثمّ انقطع الدم قبل الزوال أن تغتسل للظهرين، أنّ مقتضى مفهوم قولهعليه‌السلام : إن كان الدم لم يسل بينها وبين المغرب، أنّ السيلان في الجملة قبل المغرب أو في أثنائه كافٍ في وجوب الغسل، ولو انقلبت قبل الصلاة الكثرة إلى القلّة.

ودعوى اعتبار صدق اسم الاستحاضة ولو كانت قليلة، بعيدة.

والحاصل: أنّ اعتبار بقاء الدم قوّة في الوقت في الدم السابق عليه عند القائل بالسببية المطلقة، وبقاؤه قوّة في وقت الصلاة عند القائل لسببية الدم في الوقت لا شاهد عليه.

ويمكن دعوى الإجماع على خلافه، وأمّا منع سببية الدم الموجود بعد الغسل وفي أثنائه فيدفعه تسالم الأصحاب على سببية الدم الموجود في الوقت.

والظاهر أنّ الإشكال في غسل الإنقطاع من جهة الإشكال في ثبوت العفو مطلقاً، أو ما دام الدم مستمرّاً. ومن هنا تعلم أنّ أكثر الفروض السابقة خارج عن محلّ البحث في غسل الإنقطاع.

وكيف كان فالأقوى بناءً على السببية وجوب الغسل لعدم الدليل على العفو،

____________________

(١) ذكرى الشيعة: مبحث الاستحاضة وأحكام الحائض، ص ٣١، س ٢٩.

٣٣٩

ولذا قال في الذكرى(١) ووافقه في جامع المقاصد(٢) أنّما ذكره الشيخ(٣) من إيجاب الوضوء خاصة مذهب العامّة، بناءً منهم على أنّها لا توجب إلاّ الوضوء.

ثمّ إنّه يشكل الفرق بين الوضوء والغسل مع الوضوء في الكثيرة من توابع الغسل، ويمكن أن يوجّه هنا وفي بعض الصور السابقة كالصورة الاولى والثانية، إلاّ أن يفرّق بينهما، فانّ سببيّة الدم للغسل تابعة لبقائها قوّة الدم في الوقت، أو في حال الصلاة دون الوضوء، فانّ موجبه هو مطلق الإستحاضة، والقلّة والكثرة انّما يلاحظان بالنسبة إلى الغسل.

والحاصل: أنّ الإستحاضة عند الأصحاب بالنسبة إلى الوضوء كالجنابة بالنسبة إلى الغسل، وأمّا الاستحاضة الكثيرة بالنسبة الى الغسل فليست بهذه المثابة، ولا تلازم بين الغسل والوضوء بالنسبة الى العفو، ولا بالنسبة إلى السببية، وممّا يشهد بكون القليلة حكمها حكم سائر الأحداث: قولهعليه‌السلام في رواية علي بن جعفر بعد السؤال عن كيفية الصلاة ما دامت ترى الصفرة: فلتتوضأ من الصفرة ولتصلّي، ولا غسل عليها من صفرة تراها، إلاّ في أيّام طمثها(٤) فانّ الغسل من الصفرة هو الغسل بعد الصفرة، فيدلّ على أنّ الوضوء منه أعمّ من الوضوء حال رؤيتها في حال عدمها.

ومما يدلّ على أنّ الغسل للإنقطاع غير واجب: موثّقة سماعة عن الصادقعليه‌السلام قالعليه‌السلام : غسل الجنابة واجب، وغسل الحائض إذا طهرت واجب، وغسل الإستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف وجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكلّ صلاة، وللفجر غسل، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كلّ يوم

____________________

(١) ذكرى الشيعة: مبحث الاستحاضة وأحكام الحائض، ص ٣١، س ٢٢ وما بعده.

(٢) جامع المقاصد: الاستحاضة وغسلها ج ١ ص ٣٤٥.

(٣) المبسوط: كتاب الطهارة، في أحوال المستحاضة، ج ١، ص ٦٨، س ٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب أنّ الصفرة والكدرة في أيّام الحيض، من أبواب الحيض، ح ٨، ج ٢، ص ٥٤١.

٣٤٠