كتاب الصلاة الجزء ٢

كتاب الصلاة0%

كتاب الصلاة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 400

كتاب الصلاة

مؤلف: الميرزا محمد حسين الغروي النائيني
تصنيف:

الصفحات: 400
المشاهدات: 24727
تحميل: 3779


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24727 / تحميل: 3779
الحجم الحجم الحجم
كتاب الصلاة

كتاب الصلاة الجزء 2

مؤلف:
العربية

الاصلية، فلا يعم العارضية فلو أجهر المأموم فيما يجب الاخفات عليه لا يكون مندرجا تحت الصحيحة بل لابد من إعمال القواعد الاولية فيه، وأولى بالانصراف المرأة إذا كان وظيفتها الاخفات، لاجل سماع الاجنبي على القول به، فإن وجوب الجهر(١) عليها حينئذ لاجل أمر خارج عن الصلاة، فلا يندرج في الصحيحة لان ظاهر السؤال عن الجهر فيما ينبغي الاخفات فيه وبالعكس هو الجهر والاخفات الذين يكون من الوظيفة الصلاتي فلا يعم ما إذا كان لامر آخر من سماع الاجنبي وغيره، فلو منع دعوى الانصراف في المأموم، كما هو ليس ببعيد فدعواه في المرأة في محله، لكن في خصوص الجهر في موضع الاخفات للعارض.

وأما الجهر في الركعتين الاخيرتين الذي يكون الاخفات فيهما من الوظيفة الصلاتية فهو مندرج في إطلاق الصحيحة لعدم الفرق في ذلك بين الرجل والمرأة، وأما الانقسامات السابقة على الانقسام الاخير فقد حكي عن بعض أن الظاهر من قوله " لا يدري " هو الجهل بأصل وجوب الجهر والاخفات في الشريعة، فلا يعم ماإذا علم بوجوب الجهل والاخفات في الجملة وكان جاهلا بمحلهما أو مفهومهما، هذا ولكن الظاهر أنه لاوجه لها فإن الشرطية الثانية في تلك الصحيحة تابعة في العموم والخصوص للشرطية الاولى، وهو قولهعليه‌السلام : " أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته... الخ "(٢) والشرطية الثانية وهي قولهعليه‌السلام : " وإن فعل ذلك ناسيا.. إلخ " نقيض للشرطية الاولى، فكل مورد صدق فيه أن ذلك فعل متعمدا يكون خارجا عن الشرطية الثانية، وكل

____________________

(١) كذا في الاصل والصحيح ظاهرا " الاخفات ".

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٦٦ باب ٢٦ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ١. (*)

١٤١

مورد لم يصدق يكون مندرجا تحتها.

ومن المعلوم أن صدق التعمد بالجهر والاخفات في الصلاة يتوقف على العلم بالحكم والمحل والمفهوم.

فإذا انتفى أحد هذه الامور ينتفي التعمد ويكون مندرجا في قوله " لا يدري " بداهة أن الجاهل بالمحل أو المفهوم لا يصدق عليه أنه تعمد في مخالفة التكليف من الجهر في موضع الاخفات والاخفات في موضع الجهر فالاقوى عموم الحكم بالنسبة إلى جميع الاقسام. وشيخنا الاستاذ - مد ظله - وإن قوى في وسيلته وجوب الاعادة في الجاهل بالمفهوم إلاأن في بحثه قوىعدمه فتأمل جيدا.

الامر الثالث عشر: يتخير المصلي فيما عدا الاوليين بين القراء‌ة والتسبيح، وهذا في الجملة مما لا إشلكا فيه، بل استفاض نقل الاجماع عليه كاستفاضة الاخبار به، إنما الاشكال في تعيين التسبيح الذي يكون بدلا عن الفاتحة، فإنه قد اضطربت فيه الاخبار واختلفت فيه كلمات الاعلام، وتحقيق القول في ذلك على ما بينه شيخنا الاستاذ - مد ظله - أن الاخبار الواردة في المقام على طوائف.

منها: مادل على كفاية مطلق الذكر كرواية علي بن حنظلة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال سألته عن الركعتين الاخيرتين ما أصنع فيها؟ فقالعليه‌السلام : إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء...(١) إلخ.

ومنها: ما دل على تعيين ذكر خاص وهو أيضا على طوائف. (منها) ما دل على إجزاء فصول ثلاثة من الفصول الاربعة وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر كرواية أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله(٢) وكرواية الحلبي التي قيل إنها أصح أخبار

____________________

(١) و (٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨١ و ٧٨٢ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٣ و ٧.

١٤٢

الباب عن أبي عبداللهعليه‌السلام : إذا قمت في الركعتين الاخيرتين لا تقرأ فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر(١) .

و (منها) ما اشتمل على ثلاثة فصول مع زيادة الدعاء كرواية زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: عشر ركعات، إلى أن قالعليه‌السلام : فزاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراء‌ة إنما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء(٢) و (منها) ما دل على كفاية فصلين من الفصول الاربع مع زيادة الاستغفار كرواية عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر قالعليه‌السلام : تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك(٣) الخبر.

و (منها) ما دل على وجوب الفصول الاربع كرواية زرارة قال قلت لابي جعفرعليه‌السلام ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين قال: أن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر وتكبر وتركع(٤) و (منها) ما دل على وجوب تكرار الفصول الاربع ثلاثا، كما في الفقه الرضوي(٥) .

وكرواية زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: لا تقرأ في الركعتين الاخيرتين، إلى أن قالعليه‌السلام : إذا كنت إماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ثلاث مرات ثم تكبر وتركع(٦) .

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩٣ باب ٥١ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٧.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨٢ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٦.

(٣) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨١ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ١.

(٤) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨٢ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة ح ٥.

(٥) فقه الرضا: ص ١٠٥ ط آستانة.

(٦) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩١ باب ٥١ من ابواب القراء‌ة الصلاة، ح ١. (*)

١٤٣

و (منها) مادل على وجوب التسع بتكرار الفصول الثلاثة ثلاثا كرواية حريز عن زرارة أيضا على ما حكي عن مستطرفات السرائر عن أبي عبداللهعليه‌السلام فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات كما عن المستطرفات(١) ، أو تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع، كما عن الصدوق(٢) ، هذا مجمل الاخبار الواردة في المقام.

وأما الاقوال فهي وإن كانت كثيرة حتى أنهاها بعض إلى خمس عشر إلا أن أصولها ستة

الاول: كفاية مطلق الذكر.

الثاني: كفاية فصول ثلاث.

الثالث: كفاية الفصول الاربع.

الرابع: كفاية الفصول التسع بإسقاط التكبير.

الخامس: كفاية الفصول العشر بإثبات التكبير أخيرا،

السادس: اعتبار تكرار الاربع ثلاثا ليصير المجموع اثنى عشر، وربما قيل بوجوب الاستغفار مع الاربع أو التسع أو الاثنى عشر، فتصير الاقوال سبعة وقد اعتمد صاحب كل قول على طائفة من الاخبار المتقدمة.

والاقوى في النظر في مقام الجمع بين الادلة هو كفاية ثلاثة فصول والاحوط ذكر الرابع أيضا، وأما الزائد على ذلك فمستحب ليس إلا، وذلك لان الطائفة الاولى من الاخبار، وهي ما اشتملت على كفاية مطلق الذكر فمع انها في مقام بدلية الذكر عن الفاتحة وعدم تعين الفاتحة، فلا إطلاق فيها، لابد من تقييد إطلاقها بما دل على وجوب ذكر خاص كالطائفة الثانية فإنها واضحة الدلالة، في أن أقل ما يجزي فصول ثلاثة، فلا يكفي مطلق الذكر، وأما مادل على كفاية الفصلين، فكذلك أيضا أي لابد من تقييده بفصل آخر. إذ لا يزيد هو عن

____________________

(١) السرائر: في المستطرفات عن كتاب السجستاني ص ٤٧٩ سطر ٣٧ ط الحجرية.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٩٢ ح ١١٥٩. (*)

١٤٤

الاطلاق القابل للتقييد، وأما مادل على وجب الاربع فهو بالنسبة إلى نفي الزائد صريح، وأما بالنسبة إلى نفي الناقص فهو وإن فيه ظهور وكان مقتضى الصناعة تقييد ما دل على كفايه الفصول الثلاث به إلا أن مادل على كفاية الثلاث أظهر، فإن قوله " أدنى ما يجزي " كالصريح في كفاية الثلاث بخلاف قوله " ما يجزي " في رواية الاربع، فإنه ليس فيه إلا أجزاء الاربع، وأما عدم كفاية الاقل فإنما يستفاد منه لاجل الاطلاق، ورواية كفاية الفصول الثلاث تصلح للتقييد، فصناعة الاطلاق والتقييد تقتضي العكس فتأمل جيدا، نعم هو بالنسبة إلى نفي الزائد صريح.

فلابد من حمل مادل بظاهره على وجوب الزائد من التسع أو الاثني عشر على الاستحباب مع أن ثبوت الدليل على ذلك محل منع، فإنه قد اختلف القول في رواية حريز الراوي للاثني عشر والراوي للتسع، فإنه قيل إنها رواية واحدة رويت بوجهين، مع ما في التسع من اختلاف الالفاظ حيث إنه روي بلفظ " تكمله تسع " كما عن الصدوق، أو ثلاثا كما عن المستطرفات، وبالجملة رواية زرارة عن حريز مضطربة جدا، فلا يمكن التمسك بها للزائد فلم يقم دليل واضح على الاثني عشر إلا مافي الفقه الرضوي(١) وهذا مع مافي الكتاب من الكلام قد روى الرواية بإثبات الثلاث تارة وبإسقاطها اخرى، فتأمل في أخبار الباب جيدا، ثم إن بعض(٢) الرواية قد اشتملت على الاستغفار وجعله أحد الفصول ولكن نقل الاجماع على عدم وجوبه فالاقوى عدم عده من الفصول. فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الاقوى بحسب الادلة هو كفاية الفصول

____________________

(١) فقه الرضا: ص ١٠٥ ط آستانة.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨١ باب ٤٢ من أبواب القراء‌ة الصلاة ح ١. (*)

١٤٥

الثلاث وإن كان الرابع أحوط، كما أن الاحوط عدم كون الفصول الثلاث من جنس واحد كأن يقول سبحان الله ثلاثا وإن كان صريح الرواية الاجتزاء به، ولكن لم يظهر لنا عمل الاصحاب بها من هذه الحيثية، هذا. ولكن يعتبر في الفصول على كل حال من أن تكون من هذه الفصول المذكورة في الاخبار من التكبير والتهليل والتحميد والتسبيح فلا يجزي من غيرها. إلا إذا قلنا بكفاية مطلق الذكر.

وعلى كل تقدير ظهر لك أن الزائد على الفصول الثلاث أو الاربع ليس بواجب بل هو مستحب، وليس من فردي التخيير حتى يكون الزائد أيضا متصفا بالوجوب ليكون المقام من التخيير بين الاقل والاكثر وذلك لان عناية التخيير بين الاقل والاكثر عناية زائدة لا بد في الحكم بها من قيام دليل على ذلك أو ساعد عليها الاعتبار بحسب المرتكزات الذهينة.

وليس في كل مقام قام الدليل على الامر بكل من الاقل والاكثر يكون من التخيير بين الاقل والاكثر، إذا التخيير بين الاقل والاكثرمع كون الاقل لا بشرط مما لا يمكن، ويستحيل بل لابد من لحاظ الاقل بشرط لا فلو كان الاقل والاكثر اللذين تعلق بهما أمرا اعتبارا، مع قطع النظر عن تعلق الامر بكل منهما على نحو يرجعان إلى التباين.

كان الامر الذي تعلق بهما بعدامتناع الاخذ بظاهره من التعيين لا محالة من التخيير بين الاقل والاكثر، ولا يصلح الامر المتعلق بالاكثر أن يحمل على الاستحباب. وأما إن كان الاقل والاكثر اللذين تعلق بكل منهما أمر لم يعتبرا على نحو التباين، مع قطع النظر عن هذا الامر، بل كانا مع قطع النظر عنه على ما هما عليه، ومايقتضيه الاصل فيهما من كون الاقل لا بشرط ففي مثل هذا لا بد من حمل الامر المتعلق بالاكثر بعد امتناع حمله على ظاهره من الوجوب التعييني على الاستحباب، ولا يصلح لجعله من التخيير بين الاقل والاكثر.

والحاصل: أن الاقل إن كان في حد نفسه معتبرا على نحو البشرط اللائية كان

١٤٦

تعلق الامر بكل منه ومن الاكثر بعد امتناع الاخذ بظاهره من الوجوب التعييني من باب التخيير بين الاقل والاكثر، ولا يصح حمل الامر المتعلق بالاكثر على الاستحباب. وإن كان الاقل في حد نفسه معتبرا على نحو اللابشرطية كان الامر المتعلق بالاكثر بعد امتناع حمله على ظاهره من الوجوب العيني محمولا على الاستحباب ليس إلا.

مثال الاول: ما إذا ورد أمر بصلاة القصر وأمر آخر بصلاة التمام فإنه بعد امتناع الاخذ بظاهر الامرين من الوجوب العيني لابد من حمل الامر على الوجوب التخييري لان صلاة القصر مع قطع النظر عن هذين الامرين إنما اعتبرت بشرط لا وكانت الزيادة مبطلة، ومن هنا قلنا إن القصر والاتمام حقيقتان متباينتان، فحينئذ حمل الامر المتعلق بالاكثر على الاستحباب يقتضي إلقاء البشرط اللائية عن صلاة القصر وجعلها لا بشرط.

وبعبارة أخرى حمل الامر على الاستحباب يقتضي تصرفا زائدة عن حمله على الوجوب التخييري لانه يستدعي أولا جعل صلاة القصر لابشرط وإخراجها عن حقيقتها، ثم حمل الامر المتعلق بالاكثر على الاستحباب وطرح ظاهره من الوجوب. وهذا بخلاف ما إذا حملنا الامر على التخيير، فإنه لا يستدعي إلا حمل الامر على خلاف ظاهره من الوجوب العيني مع بقاء صلاة القصر على حقيقتها، فلابد من العمل على ما يستدعي قلة التصرف.

ومثال الثاني: ما نحن فيه فإنه مع قطع النظر عن تعلق الامر بكل من التسبيح الاربع والاثني عشر كان التسبيح الاربع معتبرا لا بشرط ولم يعتبر في حقيقته بشرط لا بأن يكون التسبيح الاربع مع الاثني عشر مباينا بالهوية كمباينة القصر للتمام، وبعد تعلق الامر بكل منهما لا يصلح، إلا حمل الامر المتعلق بالاكثر على الاستحباب لان حمله على الوجوب التخييري يوجب زيادة تصرف، لانه يقتضي

١٤٧

أولا التصرف في الاربع وجعلها بشرط لا. وبعد ذلك يتصرف في الامر، ورفع اليد عن ظاهره من الوجوب العيني وحمله على الوجوب التخييري، وهذا بخلاف حمله على الاستحباب، فإنه لايستدعي إلا تصرفا واحدا في ظاهر الامر، وحمله على الاستحباب فلا يكون المقام من التخيير بين الاقل والاكثر فتأمل جيدا.

بقي في المقام فروع ينبغي التنبيه عليها: الاول: الظاهر عدم وجوب الترتيب بين الفصول، فلا بأس بتقديم التهليل أو التحميد على التسبيح. فإن ظاهر صحيحة زرارة(١) وإن كان هو تقديم التسبيح، إلا أن ظاهر صحيحة الحلبي(٢) المتقدمة هو تقديم التحميد، فيظهر من هذا الاختلاف عدم وجوب ترتيب خاص بين الاخبار فيتخير، وإن كان الاحوط اختيار ما في صحيحة زراره من تقديم التسبيح.

الثاني: قد تقدم في مسائل العدول أن مقتضى القاعدة كون التخيير في أمثال المقام بدوي لااستمراري.

فلو اختار الفاتحة يبني عليها ولا يعدل إلى الذكر وبالعكس، فراجع ثمة وتأمل.

الثالث: اضطربت كلمات الاصحاب في أفضلية التسبيح مطلقا أو أفضلية الفاتحة مطلقا، أو التفصيل بين الامام وغيره. أو ناسي الفاتحة في الاوليين وغيره. وغير ذلك من التفاصيل التي يقف عليها المتتبع.

وقد اختار شيخنا الاستاذ - مد ظله - أفضلية التسبيح مطلقا إلا إذا نسي القراء‌ة في الركعتين الاولتين فتكون القراء‌ة في أحد الركعتين الاخيرتين أفضل، والحاصل أن الفضل هو عدم خلو صلاته عن القراء‌ة. فلو قرأ في الركعتين الاولتين أو في أحدهما كان

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨٢ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٥.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨٢ باب ٤٢ من أبواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٦. (*)

١٤٨

الافضل في حقه التسبيح ولو نسيها فيهما أجمع كان الافضل في أحد الركعتين الاخيرتين هو القراء‌ة وفي الاخرى التسبيح أيضا، وجعل المستند في ذلك التوقيع المبارك حيث قالعليه‌السلام فيه بعد السؤال عن اختلاف الروايات فيما هو الافضل من التسبيح والقراء‌ة: قد نسخت قراء‌ة ام الكتاب التسبيح والذي نسخ التسبيح قول العالم: كل صلاة لايقرأ فيها فهي خداج(١) .

وتقريب الاستدلال بها هو أنه قد بينا في محله إمكان وقوع النسخ من الائمةعليه‌السلام ولا يختص بزمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمراد من قول العالم هو العسكريعليه‌السلام ، فيصير محصل الرواية أن التسبيح وإن كان أفضل، إلا أن قول العسكري كل صلاة لا يقرأ فيها فهي خداج قد نسخ تلك الافضلية وصارت القراء‌ة أفضل، ولكن لا مطلقا بل إذا استلزم ترك القراء‌ة خلو الصلاة عن القراء‌ة رأسا، وهذا - كما ترى - يختص بالناسي لها في الاوليين.

فتدل هذه الرواية على أن الافضل عدم خلو الصلاة عن القراء‌ة رأسا. ومن هنا قال بعض يتعين على الناسي لها في الاوليين القراء‌ة في الاخيرتين كما هو ظاهر بعض روايات الاخر، ولاجل ذلك قال شيخنا الاستاذ - مد ظله - الاحوط عدم ترك القراء‌ة للناسي لها في الاوليين. هذا. ولكن ربما يظهر من بعض الاخبار خلافه حيث قالعليه‌السلام بعد السؤال. عن نسيان القراء‌ة في الاوليين إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها(٢) فإن ظاهره استحباب ترك القراء‌ة للناسي لها في الاوليين قال في الجواهر -قدس‌سره - يمكن المناقشة فيها بأن المراد منها الرد على أبي حنيفة القائل بأن المأموم إذا أدرك الامام

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩٢ باب ٥١ من أبواب القراء‌ة في الصلا ة، ح ١٤.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩٣ باب ٥١ من ابواب القراء‌ة في الصلاة. ح ٨. (*)

١٤٩

في الركعتين الاخيرتين. جعل ماأدركه آخر صلاته كالامام، ثم يستقبل بعد ذلك الاول(١) هذا.

ولكن لايخفى عليك أنه لا شاهد في الرواية على ذلك إذ لم يقع السؤال فيها عن حال المأموم، نعم يحتمل ذلك في صحيحة ابن الحجاج سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن الرجل الذي يدرك الركعتين الاخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراء‌ة فقالعليه‌السلام : اقرأ فيهما فإنهما لك الاولتان ولا تجعل أول صلاتك آخرها(٢) فتأمل في المقام جيدا، فإن أخبار الباب مضطربة جدا.

فإن منها: التصريح بالتسوية بين التسبيح والفاتحة في الفضل كما في رواية علي بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام سألته عن الركعتين الاخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء، قال: قلت: فأي ذلك أفضل؟ فقال: هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت قرأت(٣) .

ومنها: ما هو ظاهر في أفضلية القراء‌ة للامام كرواية معاوية بن عمار سأل الصادقعليه‌السلام عن القراء‌ة خلف الامام في الركعتين الاخيرتين فقالعليه‌السلام : الامام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وإن شئت فسبح(٤) .

ومنها: ما هو ظاهر في عدم الفرق بين الامام وغيره وأفضلية التسبيح مطلقا لصحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لا تقرأن في الركعتين الاخيرتين

____________________

(١) جواهر الكلام: ج ٩ ص ٣٢٨.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٤٤٥ باب ٤٧ من ابواب صلاة الجماعة، ح ٢.

(٣) الوسائل: ج ٤ ص ٧٨١ باب ٤٢ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ٣.

(٤) الوسائل: ج ٥ ص ٤٢٦ باب ٣٢ من أبواب صلاة الجماعة، ح ٥. (*)

١٥٠

من الاربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام قال: قلت: فما أقول فيهما؟ قال: إذا كنت إماما أو وحدك فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع(١) .

ومنها: ما ظاهره أفضلية القراء‌ة مطلقا للامام وغيره كما في رواية محمد بن حكيم سأل أبا الحسن أيما أفضل القراء‌ة في الركعتين الاخيرتين أو التسبيح؟ فقالعليه‌السلام : القراء‌ة أفضل(٢) .

وغير ذلك من الاخبار المختلفة ولكن لما كان أخبار أفضلية التسبيح أكثر عددا وأصح سندا على ما قيل وكانت الاخبار الاخر موافقة لمذهب العامة في الجملة، فالاقوى أفضلية التسبيح مطلقا إلا ناسي القراء‌ة في الاوليين فإن الافضل في حقه القراء‌ة كما اختاره الشيخ -قدس‌سره - في المبسوط(٣) .

هذا تمام الكلام فيما هو المهم من مباحث القراء‌ة والحمد لله أولا وآخر وقد وقع الفراغ من تسويده ليلة الاربعاء ١٦ ج ٢ سنة ١٣٤٥.

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩١ باب ٥١ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ١.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٧٩٤ باب ٥١ من ابواب القراء‌ة في الصلاة، ح ١٠.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ١٠٦ من كتاب الصلاة. (*)

١٥١

السجود

وتنقيح البحث فيه يستدعي رسم أمور: الاول: الظاهر عدم ثبوت حقيقة شرعية للسجود بل ولا حقيقة متشرعية بل هو باق على معناه العرفي المطابق لمعناه اللغوي، الذي هو عبارة عن الخضوع والانحناء وتطأطؤ الرأس، واعتبار بعض الخصوصيات شرعا فيه لا يستلزم الحقيقة الشرعية، كما أن الحال في الركوع كان كذلك.

ثم الظاهر أنه يعتبر في حقيقة السجود عرفا وضع شئ من الوجه على الارض ولو بواسط، ولا يعتبر في تحقق معناه العرفي وضع خصوص الجبهة بل ويكفي وضع أحد الخدين أو الحاجبين أو الذقن كما يدل على ذلك قوله تعالى: ويخرون للاذقان سجدا(١) ولكن الشارع حدده وعينه في خصوص وضع الجبهة كتحديده للركوع ببلوغ أطراف الاصابع إلى الركبة، مع أن معناه العرفي كان أعم من ذلك، وكذا لا يعتبر في حقيقة السجود عرفا أن يكون الانحناء والتقوس على وجه يساوي المسجد للموقف في العلو أو لا يتجاوز الاختلاف مقدار لبنة. بل يكفي في معناه العرفي

____________________

(١) الاسراء: الآية ١٠٧. (*)

١٥٢

مقدار من الانحناء والتقوس وإن اختلف المسجد للموقف في العلو بأكثر من لبنة، ولكن الشارع اعتبر أن لا يزيد الاختلاف في ذلك من مقدار لبنة.

ثم إنه لا إشكال في أن ما اعتبره الشارع مضافا إلى ذلك من وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ووضع المواضع الستة الاخر غير الجبهة على الارض يكون خارجا عن حقيقة السجود وليس ركنا فيه، بحيث يدور السجود مداره، بل هو من واجبات السجود، وهذا بخلاف وضع الجبهة فإنه يتوقف تحقق السجود عليه شرعا، بحيث يدور أحكام السجود من الزيادة والنقيصة وغير ذلك مداره، فلا يكون مثلا من زيادة السجود وضع أحد الخدين أو الحاجبين، وهذا لاينافي كون معناه العرفي الاعم بعدما حدده الشارع بذلك، فإنه بعد التعيين الشرعي تدور الاحكام مدار ماعينه، ولا يلتفت إلى أن معناه العرفي الاعم كما تدور أحكام الركوع مدار بلوغ [ السقط من نسخة الاصل ] الركبة مع أن معناه العرفي كان أعم من ذلك.

فلو وضع أحد خديه على الارض [ السقط من نسخة الاصل ] لزمه رفع الرأس ووضع خصوص الجبهة على الارض، ولا يتوهم تحقق الزيادة [ السقط من نسخة الاصل ] أو لا لم يكن من السجود حتى يتوهم ذلك، وأما مسألة عدم اختلاف المسجد للموقف بأكثر من مقدار لبنة، فالمحكي عن بعض الاعلام عدم كونه من محققات السجود شرعا، كما هو لم يكن من محققاته عرفا بل هو من الشرائط الشرعية، إلا إذا كان الاختلاف على وجه لا يصدق عليه السجود عرفا، ولا زم ذلك هو أنه لو وضع جبهته على مكان يزيد في العلو للموقف عن مقدار لبنة كان الواجب عليه جر الجبهة ووضعها على ما يساوي الموقف أو لا يزيد عن مقدار لبنة، وليس له رفع الرأس ووضعه على ما يساوي ذلك، للزوم زيادة السجود حينئذ، كما إذا وضع جبهته على مايصح السجود عليه وليس ذلك إلا لاجل عدم كون الاختلاف ركنا في السجود، وحينئذ يتوجه سؤال الفرق بين

١٥٣

هذا الشرط وبين اشتراط وضع خصوص الجبهة حيث صار وضع الجبهة ركنا في السجود بحيث دارت أحكام السجود مداره بخلاف مسألة المساواة حيث جعلوه خارجا عنه، ولم يكن من مقومات ركنيته مع اشتراكهما في الخروج عن المعنى العرفي وعدم توقفه على شئ منهما، واشتراكهما أيضا في الاعتبار الشرعي فكيف صار أحدهما ركنا دون الآخر.

والحاصل: أنه كما لا يعتبر في السجود عرفا وضع خصوص الجبهة. بل يكفي وضع أحد أجزاء الوجه من الخدين والحاجبين والذقن كذلك لا يعتبر في السجود عرفا تساوي المسجد للموقف في العلو.

بل يكفي مقدار من الانحناء والتقوس وإن زاد الاختلاف عن مقدار لبنة، وكما أن الشارع حدد السجود بوضع خصوص الجبهة وجعل وضع ما عداها خارجا عن السجود كذلك حدد الشارع السجود بكون الانحناء والتقوس على وجه لا يزيد اختلاف المسجد للموقف بأكثر من مقدار لبنة، ويلزم ذلك عدم تحقق السجود شرعا إذا كان الاختلاف بأكثر من ذلك المقدار. فكيف يفرق بينهما بما عرفت، ومن أين جاء هذا الفرق(١) .

هذا وقد أجاب شيخنا الاستاذ - مد ظله - عن هذا السؤال بما حاصله: أن السجود إنما هو من مقولة الوضع والانحناء والتقوس خارجان عن هويته وحقيقته عند العرف وإنما يكونان عندالعرف مما يتوقف عليه الوضع على الارض إذ لا يمكن الوضع إلا بالانحناء والتقوس، فالانحناء إنما يكون مما يتوقف عليه

____________________

(١) وكذا يبقى سؤال الفرق بين اعتبار ما يصح السجود عليه، وبين اعتبار وضع الجبهة مع أن كلا منهما بتعيين شرعي غايته أحدهما تعيين للموضوع والآخر تعيين لما يوضع عليه، فكيف صار الاول ركنا والثاني واجبا غير ركني، كما يظهر من وجوب الجر عند وضع الجبهة على غير ما يصح الجسود عليه، بداهة انه لو كان الوضع على ما يصح السجود عليه ركنا لكان يجوز له رفع الجبهة ولم يتعين عليه الجر لعدم استلزام الرفع زيادة ركن. اللهم إلا أن يقال من أدلة وجوب الجر وعدم جواز الرفع يستفاد عدم ركنيته، ولولا ذلك لقلنا بركنيته أيضا كوضع الجبهة فتأمل جيدا " منه ". (*)

١٥٤

السجود لا أنه داخل في حقيقته، فيكون الانحناء عند العرف.

شرائط، ولذلك امتاز ما اعتبره الشارع في ناحية الوضع عما اعتبره في.

لما كان من مقومات السجود وداخلا في هويته كان التصرف. والركنية وصار مااعتبره الشارع في ناحيته من الاركان، وهذا بخلاف الانحناء، فإنه لما كان عند العرف خارجا.(١) صار ما اعتبر الشارع في ناحيته من الشرائط الخارجة على طبق نظر العرف، فتأمل(٢) .

فإن ما أفاده - مد ظله - لايخلو عن شئ وعلى كل حال لا إشكال في أنه يعتبر في تحقق السجود الذي يكون موردا للاحكام الشرعية وضع خصوص الجبهة، ولا يكفي وضع سائر أجزاء الوجه من الخد والذقن، من غير فرق في ذلك بين سجود الصلاة وغيره من سجود الشكر والتلاوة وغيرهما.

وتوهم أن تحديد السجود بذلك إنما هو في خصوص الصلاة وأما في غيرها فهو باق على معناه العرفي من كفاية وضع أي جزء من أجزاء الوجه، فاسد.

إذ الظاهر أن يكون وضع خصوص الجبهة معتبرا في مطلق السجود حيث إن الشارع حدد السجود العرفي بذلك، نعم في خصوص حرمة السجود لغيرالله تعالى يمكن أن يقال بالعموم وحرمة وضع أي جزء من أجزاء الوجه، إذا كان على وجه التعظيم والخضوع كما مال إلى ذلك شيخنا الاستاذ - مد ظله - وإن كان ذلك أيضا. لا يخلو عن إشكال. ثم لايخفى عليك أن مثل تقبيل الاعتاب المقدسة لم يكن من السجود بداهة

____________________

(١) البياض الموجود من نسخة الاصل.

(٢) وهذا ولكن قد عدل عن هذا لما وصل إلى محل تعرض اعتبار المساواة وقال في ذلك المقام بركنية عدم ارتفاع موضع الجبهة بأزيد من مقدار لبنة ولازم ذلك عدم وجوب الجر عليه إذا وضعها على مرتفع أزيد من ذلك بل تعين عليه الرفع لاحداث السجدة ولا يلزم زيادة سجدة إذ ما أتى بها لم يكن سجودا شرعا فتأمل " منه ". (*)

١٥٥

عدم صدق السجود على ذلك فهل ترى أنه لو انكب أحد لتقبيل ابنه يقال إنه سجد لابنه نعم ما يفعله بعض العوام من وضع الجبهة والخدين على وجه الخضوع والتذلل في الاعتاب المقدسة لا يبعد صدق السجود عليه فاللازم ترك مثل ذلك. ثم إنه ربما يفرق بين وضع الجبهة وبين وضع سائر أجزاء الوجه، بدعوى أن في وضع الجبهة لا يحتاج إلى قصد السجود بل هو بنفسه سجود، إلا إذا قصد عنوانا يغاير السجود، وهذا بخلاف وضع سائر أجزاء الوجه فإنه يعتبر فيها القصد إلى السجود، وإلا فهي بنفسها ليست من السجود، وربما مال إلى ذلك شيخنا الاستاذ - مد ظله -.

الامر الثاني: لا إشكال في أنه يجب في كل ركعة سجدتان، بحيث تبطل الصلاة بالاخلال بهما معا عمدا وسهوا من غير فرق بين الركعة الاولى وغيرها. وإن خالف في غير الاولى بعض إلا أنه سيأتي في أحكام الخلل ضعفه وهما معا ركن في الصلاة، فلا تبطل الصلاة بنقصان سجدة واحدة أوزيادتها سهوا بل يدور البطلان مدار نقصانهما معا أو زيادتهما معا، وهذا مما لا إشكال فيه.

نعم في المقام إشكال وهو أن الاعلام قد أجروا على السجدة الواحدة بعض لوازم الركن، حيث إنه نسب إلى المشهور أنه من نسي الركوع حتى دخل السجود تبطل صلاته وكذا حكي الاتفاق على أنه لو نسي واجبات الركوع.

مضى في صلاته، ولا يلزمه العود إلى تدارك [ السقط من نسخة الاصل ].

يستقيم مع القول بعدم ركنية السجدة الواحدة لاطباقهم على بقاء محل الاجز [ السقط من نسخة الاصل ] يدخل في الركن اللاحق فإذا دخل في الركن اللاحق، فإن كان المنسي جزء غير ركني مضي في صلاته، وإن كان جزء ركنيا بطلت صلاته لا ستلزام العود إلى المنسي زيادة الركن. واستلزام المضي في الصلاة نقصان الركن. فلو لم تكن السجدة الواحدة ركنا، لكان اللازم العود إلى الركوع

١٥٦

المنسي لبقاء محله. وعدم استلزام إليه زيادة الركن. وكذا الكلام في سائر الاجزاء المنسية من الركوع. فالقول بعدالعود إليها لا يستقيم إلا مع البناء على ركنية السجدة الواحدة، حتى يكون الدخول في السجود دخولا في الركن، والمفروض أنهم لم يقولوا بركنية السجدة الواحدة ولا يمكن الوقل به، لتضافر النصوص بعدم بطلان الصلاة مع زيادة سجدة واحدة أو نقصانها، فالجمع بين القول بعدم إعادة الصلاة عند نسيان السجدة الواحدة وزيادتها وبين القول بفوات محل الركوع المنسي، وكذا الاجزاء الاخر بالدخول بالسجدة الاولى، يكون من الجمع بين المتناقضين، هذا، وسيأتي إن شاء الله في أحكام الخلل تفصيل حل الاشكال.

وحاصله: أن مقتضى القاعدة الاولية المستفادة من حديث " لا تعاد الصلاة إلا من خمس "(١) هو ركنية السجدة الواحدة بحيث تبطل الصلاة بنقصانها وزيادتها، وكان الدخول بالسجة د من الدخول في الركن الذي يوجب فوات محل تدارك الاجزاء المنسية، هذا حسب ما يقتضيه حديث " لا تعاد " ولكن قام الدليل أيضا على أنه لو اتفقت زيادة سجدة(٢) أو نقصائها(٣) نسيانا أو ما يلحق بالنسيان كالخطأ(٤) لم تبطل الصلاة ولا تجب عليه إعادتها، فلابد من الجمع بين هذا وبين ما يستفاد من حديث " لاتعاد " فنقول: إن مادل على عدم إعادة الصلاة من سجدة واحدة يكون أخص من حديث " لا تعاد " لان الحديث يشمل السجدتين والسجدة الواحدة. وهذا مختص بالسجدة الواحدة.

فيكون مخصصا للحديث، لكن لابد من الاقتصار على مقدار التخصص، والمقدار الذي ثبت هو

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٢٢٧ من باب ٩ من أبواب القبلة، ح ١.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٩٦٨ باب ١٤ من أبواب السجود، ح ٢ و ٣.

(٣) الوسائل: ج ٤ ص ٩٦٨ باب ١٤ من أبواب السجود، ح ١ و ٢.

(٤) الوسائل: ج ١١ ص ٢٩٥ باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس، ح ١. (*)

١٥٧

صورة اتفاق زيادة السجدة أن نقصانها لمكان النسيان أو الخطأ، وأما صورة التعمد إلى زيادة السجدة وإن كان منشأ الغمد هو نسيان الجزء السابق فهي بعد باقية في حديث " لا تعاد " وصورة نسيان الركوع أو الواجبات الاخر حتى سجد تكون من صور تعمد فعل السجدة، غايته أن وجه العمد إليها هو نسيان الخ‍ فتكون هذه الصورة مندرجة في حديث " لا تعاد الصلاة إلا من خمس(١) إلخ " والمستفاد من حديث.

أن بمجرد الدخول في السجود يفوت محل الاجزاء المنسية السابقة كما يأتي بيانه في الخلل، فتأمل جيدا.

إشكال آخر قد أطالوا الكلام في توجيهه وجوابه وهو أن الركن لو كان هما السجدتان.(٢) وصف الاجتماع، فاللازم فوات الركن بفوات سجدة، لان المركب ينتفي بانتفاء بعض أجزائه، ولو كان الركن هو السجدة الواحدة كان اللازم هو زيادة الركن عند زيادة سجدة واحدة، مع أنه لم يلتزموا بذلك، هذا.

ولكن الانصاف أنه لا وقع لهذا الاشكال، وذلك لان الركنية ليست هي إلا منتزعة عن الادلة المتكلفة للاجزاء والامتثال، وليست هي منتزعة عن مرحلة تعلق التكليف بأجزاء المركب، لان تعلق التكليف بأجزاء المركب على حد سواء، ولايمكن انتزاع الركنية من نفس تعلق التكليف، لا ستواء الكل في تعلق التكليف به من غير فرق بين الاركان وغيرها، فالركنية إنما تنتزع عن الادلة المتكفلة لمرحلة الاجزاء والامتثال، حيث إنه لو قام دليل على أن نسيان بعض الاجزاء وزيادتها لم يوجب البطلان، فينتزع من ذلك عدم ركنية تلك الاجزاء.

____________________

(١) الوسائل: ج ٣ ص ٢٢٧ باب ٩ من أبواب القبلة، ح ١.

(٢) البياض من نسخة الاصل. (*)

١٥٨

ولو قام دليل على أن نسيان بعض الاجزاء أو زيادتها موجب للبطلان، فينتزع من ذلك ركنية تلك الاجزاء، وحينئذ لا بد من ملاحظة الادلة الواردة في مرحلة إجزاء السجود وامتثاله.

إذ الصور المتصورة في السجود بعد تعلق الامر به تكون على انحاء، فإنه يمكن أن لا يأتي بسجود أصلا، ويمكن أن يأتي بسجدة واحدة، ويمكن أن يأتي بسجدتين، ويمكن أن يأتي بثلاث سجدات، ويمكن أن يأتي أربع فمازاد، ونحن لو خلينا وحديث " لا تعاد " لقلنا ببطلان الصلاة ما عدا صورة الاتيان بسجدتين فقط.

ولكن بعد قيام الدليل على أن السجدة الواحدة زيادتها ونقيصتها لا يضر نستكشف أن العبرة ببطلان الصلاة هما السجدتان معا في كل من طرف الزيادة والنقيصة، فقولنا إن السجدتين معا ركن عبارة عن أن زيادة السجدتين ونقصانهما عمدا وسهوا يوجب البطلان لان هذا هو المستفاد من مجموع أدلة الباب ونسمي ما هو المستفاد منها ركنا فأين الاشكال حتى نتعب النفس في الجواب عنه.

وكأن منشأ توهم الاشكال هو تخيل أن التكليف إنما تعلق بمجموع السجدتين على نحو العام المجموعي، فيشكل بانتفاء المجموع عند انتفاء السجدة الواحدة، ولكن قد عرفت أن التكليف بالسجدتين على حد التكليف بسائر الاجزاء، وإنما نستفيد خصوصية السجدتين من أدلة الاجزاء والامتثال فتأمل.

الامر الثالث يعتبر في السجود امور ستة: الاول: السجود على سبعة أعضاء الجبهة، والكفين والركبتين والابهامين، وقد عرفت أن وضع الجبهة يكون ركنا في السجود، وعليه يدور الزيادة والنقيصة [ السقط من نسخة الاصل ] وضع سائر الاعضاء فإنها من واجبات السجود، ولا يدور السجود مدار تحققها.

وعلى كل حال لا إشكال في وجوب وضع الجبهة إنما الاشكال في أنه يعتبر وضع خصوص الجبهة أو يكفي وضع أحد الجبينين أيضا، وينبغي أن يعلم أن الجبهة قد تطلق ويراد بها مجموع ما بين الصدغين على وجه يدخل فيها الجبينان،

١٥٩

وقد تطلق ويراد بها خصوص ما كان في مقابل الانف على وجه يخرج عنها الحاجبان. ولمكان هذين الاطلاقين للجبهة ربما يستشكل اعتبار وضع خصوص الجبهة بمعناه الاخص، لولا الاجماع على اعتبار ذلك كما حكي، بدعوى أنه لا شاهد على إرادة خصوص هذا فيما ورد في المقام من الاخبار، هذا.

ولكن الانصاف أن في بعض أخبار الباب دلالة على إرادة الجبهة بمعناها الاخص، كما في رواية عمار الساباطي ومروان بن مسلم قالعليه‌السلام : ما بين قصاص الشعر إلى طرف الانف مسجد أي ذلك أصبت به الارض أجزأك(١) . وفي معناها رواية اخرى(٢) .

ولا يخفى ظهورها في اعتبار خصوص النقطة المقابلة للانف فيخرج عنها الجبينان لعدم مقابلتهما للانف، بل مقابلان للحاجبين والعينين، فالاقوى اعتبار وضع خصوص الجبهة بمعناها الاخص، ولا يلزم الاستيعاب بل يكفي وضع شئ منها كما يدل عليه قولهعليه‌السلام : " أي ذلك أصبت به الارض أجزأك "(٣) نعم الافضل الاستيعاب كما يأتي إن شاء الله. هذا كله في وضع الجبهة.

وأما وضع الكفين فلا إشكال في اعتبار وضع خصوص الكفين على وجه يخرج عنهما الزندان وما فوقهما. وما ورد في بعض الاخبار من وضع اليدين يراد به خصوص الكفين، كما يقتضيه صناعة الاطلاق والتقييد، وفي وجوب استيعاب الكفين، أوكفاية وضع شئ منهما، وجهان، الاقوى لزوم الاستيعاب.

____________________

(١) الوسائل: ج ٤ ص ٩٦٣ باب ٩ من أبواب السجود، ح ٤.

(٢) الوسائل: ج ٤ ص ٩٦٣ باب ٩ من أبواب السجود، ح ٥.

(٣) ولكن ظاهر بعض الروايات (٥) عدم كفاية الاقل من مقدار درهم وقواه شيخنا الاستاذ - مد ظله - " منه". (*) مستدرك الوسائل: ج ١ ص ٢٤٨ باب ٨ من ابواب ما يسجد عليه ح ٣ (*)

١٦٠