• البداية
  • السابق
  • 281 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5932 / تحميل: 3721
الحجم الحجم الحجم
حاشية المكاسب

حاشية المكاسب

مؤلف:
العربية

النهى عن المنكر باى نحو يريد، لا خصوص وجوب البيع عليه. وما عن الشيخ الجليل، ان كان فيه التأييد على الحرمة، الا انه لا شهادة فيه على الفرض، ومحل الحاجة، ولعله اريد قسم خاص اخر ممن احتكر، واطلاقه غير وارد في مقام البيان، كما هو اوضح من ان يحتاج إلى بيان. فافهم. ولله الحمد على ما هدنا لهذا، وما كنا لنهتدى به لولا ان هدانا. وقد فرغ عنه مؤلفة الجانى في العشر الثانى من شهر ربيع الثانى من شهور سنة ثمانية عشر بعد ثلاثمأة والالف من الهجرة النبوية، على هاجرها الف الف صلوة وتحية.

٢ - كتاب الخيارات

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين، والصلوة والسلام على محمد وآله الطاهرين.ولعنة الله على اعدائهم اجمعين إلى يوم الدين.

قولهقدس‌سره : (فيدخل ملك فسخ العقد الخ -).الظاهر ان المراد من الملك هيهنا هو السلطنة لا الاختصاص الخاص المستتبع لها، ومن فسخ العقد، نقضه وحله، لا مجرد رفع اثره بدونه، كما في رد العين في الهبة، والترادفى المعاطات، والسلطنة على الفسخ ليست بخيار نفسه، بل من آثاره واحكامه، فانه من الحقوق تورث وتسقط، وهى كسائر الاحكام لا تورث ولا تسقط، كيف وقد لا يكون لذى الخيار سلطنة على الفسخ لحجره، كما قد يكون لغيره، كما في احد المتعاملين بعد استقالة الاخر، فان له الفسخ بناء لى ان الاقالة فسخ. وقد انقدح بذلك ان خروج الجواز في العقود الجائزة عن التفسير، انما هو لاجل عدم الفسخ، لا لاجل التعبير بالملك، كيف وقد عرفت ان ملك الفسخ ليس بحق الخيار نفسه ولا من خواصه. ومما ذكرنا ظهر ان الخيار، حق خاص، وهو اعتبار واضافة مخصوصة بين العقد والاشخاص يستتبع آثارا، منها السلطنة على الفسخ.

قولهقدس‌سره : (ففيه ان مرجعه إلى اسقاط حق الخيار - الخ -). يمكن ان يقال: ان اقرار العقد، هو امضائه وإبرامه، وهو ليس اسقاط حق الخيار، وان كان سببا لسقوطه، كما ان الفسخ يكون كذلك،

١٤١

حيث انه يضمحل به بتبع انحلال موضوعه.

وبالجملة فرق واضح بين إسقاطه وإعماله، وإبراما وإنفاذا، او فسخا وحلا، وان كان كل من الابرام والفسخ سببا لسقوطه وارتفاعه اولا، او بتبع موضوعه. ولا يبعد ان الاعتبار يساعد على ان يكون الشيئان اللذان لابد منهما في متعلق الخيار، وحق يقتضى اختيار صاحبه اى واحد منهما شاء ابرام العقد بالتزامه به وفسخه، لا الفسخ وتركه، وربما يشهد به ما في بعض الاخبار، مثل ذلك رضى منه، كما لا يخفى، فافهم.

قولهقدس‌سره : (وهذا حسن). لكن لا يناسب ما ذكره في التذكرة في توحيه الاصل ايضا، مع عدم اختصاصه كسابقه بالبيع، بل يجريان في كل عقد شك في جوازه ولزومه، كما يأتى الاشارة في كلامه، زيد في علو مقامه.

قولهقدس‌سره : (انما ينفع مع الشك في ثبوت الخيار خصوص البيع - الخ -). بل ينفع مع الشك في ثبوت الخيار فيه وفى غيره، كما هو واضح، وانما لا ينفع اذا كان الشك في اللزوم والجواز من حيث الحكم الشرعى، ولو كان في البيع، كما في المعاطاتى منه اذا شك في جواز التراد فيه، كجواز الرد في الهبة عدم جوازه، كما في البيع بالصيغة، فانه من حيث الشك في الحكم الشرعى بالجواز بلا خيار او اللزوم، كما لا يخفى.

قولهقدس‌سره : (ومنها قوله تعالى " اوفوا بالعقود(١) " - الخ -). قبل بيان دلالتها على اصالة اللزوم لابد من تمهيد مقدمة ينفع في النقض والابرام فيما هو المهم في المقام، وهى: ان لزوم العقد (تارة) بمعنى وجوب الوفاء به تكليفا مع نفوذ فسخه ونقضه وضعا، كما في تدرالفعل وعهده قبالا لجوازه كذلك.

(واخرى) بمعنى وجوب العقد وثبوته وضعا وعدم نفوذ فسخه ونقضه قبالا للجواز، بمعنى نفوذ بسبب حق الخيار او بمجرد الحكم

____________________ _

١ - المائدة: ١.

١٤٢

كما في الاقالة، بناء على انها فسخ. (وثالثة) بمعنى الحكم بثبوته باثره بحيث لا يرتفع اصلا قبالا للجواز، بمعنى الحكم بنفوذ رفعه حقا، كما في الاخذ بالشفعة، او حكما، كما في الرد، والهبة، والتراد في المعاطات. فالعقد اللازم من جميع الجهات كالنكاح، فيما اذا لم يكن في البين عيب يوجب الخيار، وكما ان الجائز من جميعها بيع احد الشريكين بالمعاطات، ومن بعضها غيره من افراد البيع، وسائر انواع التجارات، وبعض الهبات. ولا يخفى ان اللزوم في محل الكلام، ومورد النقض والابرام في المقام، انما هو بالمعنى المقابل لجواز الفسخ بالخيار، بخلاف ما هو البحث في مسألة المعاطات، فانه بالمعنى المقابل لجواز رفع الاثر بالتراد، او بالمعنى المقابل لجواز الفسخ بمجرد الحكم على احتمال غير بعيد. واذا عرفت هذا، فمجمل الكلام في الآية، ان الوفاء يكون عبارة عن القيام بمضمون ما يتعلق به من عقد، او عهد، او وعد، والالتزام به وما يتحقق به، هذايختلف باختلاف مضمونها، فان كان فعلا اختياريا، كما في الوعد، ونذرالفعل كالتصدق بماله، فهو العمل على وقفه، والحركة على طبقه. وان لم يكن كذلك، كما في نذر النتيجة، ككون ماله صدقة، في العقود، فان مضمامينها وان كانت افعالا اختيارية، كالتمليك، والتزويج، وغيرهما، الا انها تسبيبة يتحقق قهرا بمجرد انعقادها، فالوفاء بها يكون عبارة عن إقرارها والبناء عليها، قبالا لنقضها وحلها شرعا فيما ينقض، او تشريعا فيما لا ينقض، وليس مجرد عدم ترتيب البايع او المشترى، اثار ملكية المشترى او البايع للمثمن او الثمن، بان تصرف كل فيما صار إلى الاخر بدون اذنه بعنوان التعدى عليه، مضرا بالوفاء ان لم يكن مؤكدا له، كما لا يخفى. ولا يذهب عليك ان الآية على هذا، لا دلالة لها على ما هو المهم في الباب من اللزوم، قبالا لجواز نفوذ الفسخ بالخيار، ولا على ما هو المهم في مثل باب المعاطات، وبعض الهبات من جواز الرد، والتراد، ونفوذهما. وانما تدل على وجوب اقرار العقود، والبناء عليها، وعدم نقضها وحلها تكليفا لا وضعا. وكذا يمكن منع دلالتها على ما أفاده - ره - لها من المعنى، لامكان منع الاطلاق اولا، وعدم

١٤٣

جواز التمسك به لو كان، ثانيا، اذ مع الشك في تأثير الفسخ يكون من باب التمسك بالعموم او اطلاق، فيما لا يعلم عليه انطباق المطلق او العام، ضرورة انه مع تأثيره، ليس عدم ترتيب الاثر، من النقض وعدم الوفاء، حتى يقال بعدم جوازه باطلاقها. ومن هنا ظهر انه لا وجه لتخصيص هذا الاشكال بالايتين الاخيرتين(١) ، كما يأتى في كلامه زيد في علو مقامه. وهذا كله لو كان المراد من العقد، كما افاده مطلق العهد او ما يسمى عقدا لغة وعرفا. واما اذا كان المراد خصوص عهود الله تعالى، او عهودهم في الجاهلية، كما نقل التفسير بهما عن ابن عباس(٢) وغيره، فالآية اجنبية عما نحن بصدده. ثم لا يخفى ما في عبارته - ره - " والمراد من وجوب الوفاء العمل - الخ - " من الخلل، وحقها ان يقال: والمراد من الوفاء. او يقال: لزوم العمل. وقد عرفت ان الوفاء وان كان بحسب المفهوم واحدا، الا انه يختلف بحسب ما يتحقق به عملا والتزاما، حسب اختلاف العقود، والنذور، والعهود.

قولهقدس‌سره : (بل قد حقق في الاصول، ان لا معنى للحكم الوضعى - الخ -). قد حققنا فيما علقناه على الاستصحاب من الرسائل، ان الوضع يختلف، فمنه ما لا معنى له الا ذلك، كالشرطية، والجزئية، والمانعية، ونحوها. ومنه ما هو اضافة خاصة، واعتبار خاص، يترتب عليه عرفا وشرعا، آثار ينتزع عن منشأ انتزاع عن عقد او ايقاع، ونحوهما كالملكية، والولاية، والوكالة، ونحوها، لا يكاد ان ينتزع بدون منشأ انتزاعها من الآثار التكليفية. نعم ربما يكشف عنها بترتب ما يخصها منها، ومن جملة ما يصح انتزاعها عنها، جعل من له السلطنة اياها، فبمجرد جعل الشارع الولاية له

____________________ _

١ - " احل الله البيع " (البقرة: ٢٧٥) و " لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل " (البقرة: ١٨٨).

٢ - تفسير مجمع البيان - ٢ / ٨ (في تفسير قوله تعالى: اوفوا بالعقود - سورة المائدة - الآية ١).

١٤٤

على احدا وملكيته لشئ، يصير وليا ومالكا، وفى العرف بمجرد جعل السلطان له واليا او حاكما، او غيرهما، يصير كذلك، ويصح اتصافه بذاك المنصب. ومنه ما ليس بذا ولا بذاك فلا يكون مجعولا بنفسه، ولا بمنشاء انتزاعه كالعلية، والسببية، ونحوهما مما لا يكاد يكون حقيقة لشئ ما لم يكن بينه وبين غيره ربط خاص لا يكاد يكون بمجرد الجعل الشرعى. ومن اراد الاطلاع على حقيقة الحال، فليراجع ما علقناه على الاستصحاب.

قولهقدس‌سره : فان حلية البيع التى لا يراد منها الاحلية جميع التصرفات - الخ -). فيه منع لقوة احتمال احلال البيع وضعا بمعنى انفاذه وامضائه المستتبع لاحلال التصرفات تكليفا مع امكان ارادة احلاله تكليفا من حيث التسبب به إلى ترتيب الاثار، كما هو الظاهر من التحليل والتحريم المتعلقين بالمعاملات، فيدل بالملازمة العرفية على الصحة والفساد. فلا وجه لان يراد من الآية(١) حلية التصرفات، لاحتياج ذلك إلى التصرف، وهو بلا موجب تعسف، مع انه لو سلم، فلا إطلاق فيها، حيث انها في مقام بيان امضاء المنع والردع عن الربا. ومنه ظهر الاشكال في الاستدلال على اللزوم باطلاق حلية اكل المال بالباطل، فان الاطلاق مسوق لبيان التصرف عن الاكل بالباطل إلى الاكل بالتجارة، لا لبيان انها سبب لها على كل حال وعلى كل كيفية، كما لا يخفى.

قولهقدس‌سره : (وتملكه من دون اذن صاحبها باطل عرفا - الخ -). او احتمال عدم كونه باطلا شرعا، غير ضائر بعد الاستطهار من إطلاق الباطل، ان المدار فيه ما يعد عند العرف باطلا، وان نظرهم هو المتبع في تعينه شرعا، وحينئذ لابد من الاقتصار في ترخيص الاكل بالباطل العرفى على موضوع الدليل الدال على جواز الاكل به. ولا يخفى انه من باب التخطئة،

____________________ _

١ - البقرة: ٢٧٥.

١٤٥

لا التخصيص، فافهم.

وقد انقدح بذلك انه لا يكاد يتم تقريب الاستدلال على المهم، الا فيما اذا احرز ان استحقاقه الفسخ في هذا العقد، وفى هذا الحال باطل عرفا، وهو غير مجد في تمام المطلوب.

قولهقدس‌سره : (كشف ذلك عن حق للفاسق متعلق بالعين - الخ -). لا يخفى ان جواز تملك العين كما انه يكون عن حق متعلق بها، موجبه لصحته، كما في حق الشفعة، كذلك يكون عن محض حكم بجوازه كما في الهبة والمعاطات، او يكون عن حق متعلق بالعقد، مورث لانفساخه وحله بالفسخ، فكيف يكون كاشفا عما ذكره، الا ان يكون مراده ذلك كله، فلا تغفل.

قولهقدس‌سره : (ومما ذكرنا ظهر وجه الاستدلال بقوله: لا يحل(١) - الخ -). لا يخفى انه دلالة على اللزوم الا بالمعنى الذى في قبال جواز الرد او التراد، لا بمعناه المهم المقابل لنفوذ الفسخ بسبب حق الخيار، وليس التمسك به مع الشك فيه الا من باب التمسك بالعام فيما لا يعلم انه من مصاديقه. منه يظهر الاشكالفي الاستدلال بقوله " الناس مسلطون - الخ -(٢) "، بداهة انه لا دلالة على عدم ثبوت الخيار في العقد وعدم انفساخه وانحلاله بالفسخ، فانه انما دل على السلطنة على الاموال، لا على الاحكام، ومع الشك في نفوذ فسخه لم يعلم ان تصرفه فيما انتقل عنه بالعقد تصرف في مال، او مال غيره، فيكون التمسك بالناس، على عدم جوازه من ذاك الباب، اى التمسك بالعام فيما لم يعلم انه من مصاديقه.

قولهقدس‌سره : (لكن لا يبعد منع صدق الشرط - الخ -). سيأتى منهقدس‌سره في باب الشرط، صحة استماله في الالزام

____________________ _

١ - وسائل الشيعة: ٣ / ٤٢٤ - ب ٣ - ح ١.

٢ - بحارالانوار - ٢ / ٢٧٢.

١٤٦

الابتدائى، لوقوعه في الاخبار كثيرا، وعدم حجية ما في القاموس مع تفرده، فراجع. ولا يبعد ان يكون من ذلك. استعماله في الزمانين، اذ ليس مجرد ربطه بغيره، كافيا في اخراجه عن الابتدائى، بل لابد في ذلك من كون الالزام والالتزام في البيع ونحوه، لكن لا يخفى انه دلالة له ايضا على اللزوم وبالمعنى المهم، بل على اللزوم التكليفى، وانه لا يجوز الا عن ان يرفع اليه عن شرطه، ويحرم عليه التخلف عن موجبه، كما عرفت في الآية الاولى، ولو سلم دلالته على التقريب المتقدم فيها، فلا دلالة له ايضا، لما عرفت فيها وفى غيرها، من منع الاطلاق اولا، وعدم جواز التمسك به مع الشك في تأثير الفسخ ثانيا، فتأمل جيدا.

قولهقدس‌سره : (ومنها الاخبار المستفيضة(١) - الخ -). يمكن المناقشة فيها بان دلالتها على وجوب البيع، وانه لا خيار لهما بعد الرضاء انما هو بلحاظ ما هو بمقتضى بنفس البيع لا للامور العارضة احيانا، من غبن، وعيب، ونحوهما. ولاجل هذا لا يكون ادلة ساير الخيارات مخصصة لها، كما لا يخفى، فتأمل.

قولهقدس‌سره : (وهذا الاستصحاب حاكم على الاستصحاب المتقدم - ا لخ -). لا يخفى انه لو سلم الشك في بقاء العلاقة، وعدم دعوى القطع بانقطاعها، فلا يكون استصحابها حاكما على ذاك الاستصحاب، فان مستصحبه ليس من آثار مستصحبه شرعا قد رتب عليه في الخطاب، ليحكم على استصحابه، استصحابه.

قولهقدس‌سره : (بناء على ان الواجب هنا - الخ -). هذا، وان كان الواجب الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص في مثل خيار الغبن اذا شك في فوريته، لا الرجوع إلى عموم الوفاء، فإنه بمثل دليل خيار المجلس لا ينقطع عمومه، بل يمنع عن مجيئه وتعلقه مع ثبوت

____________________ _

١ - وسائل الشيعة: ١٢ / ٣٤٥.

١٤٧

المقتضى له، من اطلاق متعلقه، فقنصر في تقييده على المتيقن، لكنه كذلك لو كان اطلاق العقود مسوقا لبيان الحكم فيها بلحاظ حالاتها وطواريها، ولم يكن مسوقا لبيانه، لا بلحاظهما، كما هو ليس ببعيد، وعليه يكون الواجب، الرجوع إلى الاستصحاب في زمان الشك، لا عموم الآية(١) .

قولهقدس‌سره : (فيبقى ذلك الاستصحاب سليما عن الحاكم فتأمل - الخ -). لا يخفى انه مع تواتر الاخبار بانقطاع الخيار، فلا يبقى مجال لذلك الاستصحاب ايضا، ولعله اشار اليه بامره بالتأمل.

قولهقدس‌سره : (نعم هو حسن في خصوص المسابقة وشبهه - الخ -). لا حسن له في مثلها ايضا اصلا، فان لها اثرا لا محالة لم يكن قبل انعقادها، ويرتفع بعده بفسخها، اذا اثر، ومع الشك فيه، فالاصل بقائه وعدم زواله، ولعله اظهر من ان يخفى.

قولهقدس‌سره : (بناء على ان المرجع - الخ -). لكن بناء على ذلك ايضا يشكل الرجوع إلى العمومات السابقة مع الشك في تأثير الفسخ بما عرفت في الشك في الحكم باللزوم، من انه من باب التمسك بالعام فيما لا يعلم انطباقه عنوانه عليه، فانه مع الشك في تأثير الفسخ في الفرد المردد يكون التسمك به من هذا القبيل ايضا، فلا تغفل قولهقدس‌سره : (فان الاصل عدم قصد القربة - الخ -). قد يعارض بان الاصل عدم قصد غيرها، اللهم الا ان يقال اللزوم انما رتب شرعا على قصدها، وما رتب الجواز على قصد غيرها، كى يعارض اصالة عدم قصدها باصالة عدم قصده، والجواز انما رتب على الهبة وان قيدت بدليل الصدقة، فلا تغفل.

قولهقدس‌سره : (والاولى ان يقال، ان الوكيل - الخ -). والتحقيق ان يقال: ان الظاهر من البيع، انما هو المتصدى لاصل

____________________ _

١ - المائدة: ١.

١٤٨

البيع او الشراء، مالكا كان، او وليا، او وكيلا، ضرورة صدقه عرفا على الولى، او الوكيل المباشرين له، وعدم صحة صلبه عنه، ومجازفة دعوى الانصراف مع كثرة صدوره من الاولياء، والوكلاء، بل كثرة استعمال البايع والمشترى فيهما، كما لا يخفى، لا الوكيل في خصوص الصيغة، لصحة سلبه عنه عرفا، وتبادر غيره منه قطعا، كما ان الظاهر من الاخبار ان جعل مثل هذا الخيار، انما هو لاجل الارفاق بالبيعين لترويا في بيعهما فيفسخاه، او يمضياه بالرضا، ولا يخفى انه انما يتأتى في خصوص ما اذا كان لكل منهما اختيار في فسخ البيع برضى الاخر وحله، كما كان لهما اختيار عقد كذلك وشده، دون من لم يكن له الا إختيار العقد دون امضائه وفسخه بعد ايقاعه، كالوكيل في خصوص بيع شئ او ابتياعه، بحيث يكون بعد صدوره منه اجنبيا عنه، اذ معه بعيد جدا ان يجعل له الخيار ارفاقا به ليتروى فيختار، وان ابيت الا عن عدم انصراف الاطلاق لمسوق مساق الارفاق إلى ذلك، فلا اقل من انه المتيقن منه في مقام التخاطب به، ومعه لا يكون دليلا على غيره. ومن هنا ظهر عدم دلالة الاخبارعلى ثبوت الخيار للوكيل في بيع شئ اذا لم يكن مستقلا في عقده بالحل كشده، وان كان مستقلا في التصرف في مال الموكل قبل العقد وبعده بانحائه، كما انه لا مانع عن دلالتها على ثبوت الخيار للوكيل المفوض اليه حله كعقدة، وان كان ممنوعا عن التصرف في ماله اصلا، وذلك لما عرفت من ان الخيار يكون حقا متعلقا بالعقد مستتبعا للسلطنة على فسخه وامضائه، لا بالمال.

وبذلك قد انقدح الخلل فيما علل به عدم ثبوت الخيار للوكيل في مثل شراء العبد، او في مجرى صيغة العقد. ثم ان الظاهرمن الاخبار(١) بقرينة الغاية، ان الخيار انما يكون للبيعين، فيما اذا كان لهما اجتماع للبيع، لا فيما اذا لم يكن هناك اجتماع، او كان ولم يكن للبيع، فلا دلالة لتلك الاخبار على

____________________ _

١ - وسائل الشيعة: ١٢ / ٣٤٥.

١٤٩

ثبوت الخيار للموكلين وان صدق انهما بيعان ما لم يجتمعا على البيع، كما اذا اجتمعا للمعاملة بنفسهما ولم يكن توكيلهما الا في اجراء الصيغة. اما اذا لم يجتمعا، او اجتمعا لا في مجلس عقد الوكيلين، بل ولو اجتمعا في مجلسهما، حيث انه ليس لاجل المعاملة، لاستقلال الوكيلين بها، كما هو الفرض على اشكال، من اطلاق الغاية، ومن ان المنساق منه بقرينة السياق الافتراق عن الاجتماع البيعى، ولا اقل من انه المتيقن منه، وكون المستفاد من سائر ادلة الخيارات كونها للمالك، لا يقتضى كون هذا الخيار له مطلقا، وكذا اقترانه في بعض النصوص بخيار الحيوان الثابت فيه لصاحب الحيوان، كما لا يخفى، فان صاحب الحيوان هو المشترى وان كان وكيلا، كما عبر به في غير واحد من نصوص خيار الحيوان لا خصوص المالك، مع انه لو سلم ظهوره فيه، فهو لا يقتضى بوجه كون البعين ظاهرافى المالكين، مع انه لو سلم فيختص حينئذ بالموكلين، وهو خلف، ضرورة ان الغرض شموله للوكيلين، وثبوت حق او حكم للوكيل بما هو نائب ووكيل لا يستلزم ثبوته لموكله اذا لم يكن بالتوكيل، بل بما يخصه من موجب او دليل، مع انه لو سلم فانما هو فيما اذا ثبت له بما هو وكيل، لا بعنوان اخر، وان توقف بتحققه له على وكالته، كما في المقام، وكيف ولاخيار للموكلين اذا لم يحضرا بلا اشكال، ومجرد كون، الخيار ارفاقا بالمالك فيما ثبت له الخيار دليل، لا يستدعى ثبوته له كذلك بلا دليل. نعم ربما يقال بوجوب مراعات المصلحة على الولى، والوكيل، او عدم المفسدة في الفسخ، او الامضاء، الا برضاء الموكل، فكما ليس لهما التصرف في مال المولى عليه، والموكل، والقرب منه بالعقد، الا عن المصلحة، او مع عدم المفسدة كذلك، لا يجوز لهما القرب منه والتصرف فيه بفسخه، لعدم اختصاص الايات والروايات الدالة على اعتبار ذلك بالتصرف فيه بالعقد، ومجرد كون التصرف بالعقد عن حكم، وبالفسخ عن حق، لا يوجب تفاوتا بينهما في شمول تلك الايات والروايات لاحدهما دون الاخر، كما لا يخفى، فلا يجوز منهما الفسخ، او الامضاء مع المفسدة، او بدون المصلحة على

١٥٠

اختلاف الاولياء، اوالخلاف فيها الا عن الوكيل برضاء الموكل، فعلى هذه لاخيار للموكلين الا فيما اذا لم يستقل الوكيلان بالتصرف، وانقدح الخلاف فيما ذكره من الوجوه على ثبوته لهما ايضا، فيما اذا استقلا، اذا كان لهما ذلك، ثم هذا عزل الوكيل المستقل بعد البيع وقبل الافتراق، او انعزال الوالى كذلك، يوجب سقوط خيارهما وجهان: من ان ثبوته لهما بما هو وكيل او ولى. ومن الاستصحاب والاطلاق المقتضى لامتداده إلى الافتراق ان لم يمنع عنه بانه مسوق للبيان من غير هذه الجهة، ولكنه في الاستصحاب كفاية، ما لم يقم دليل على ان الخيار يدور مدار ولايتهما، او وكالتهما، وصيرورتهما بذلك بيعين، فيعمهما الاخبار، ويثبت لهما الخيار، لا يستلزم ان يدور بقائه مدار ذلك، نعم لو كان ثبوته في الدليل معلقا على احد العنوانين، لا يبعد الاستظهار ذلك، واين هذا مما اذا كان الحكم معلقا على عنوان باق، ولو كان تحققه موقوفا على اخر زائل، فتدبر جدا. واما لو مات الولى او الوكيل في المجلس، ففى انتقال الخيار إلى الوارث، او إلى المالك، او سقوطه، وجوه: من انه حق تركه الميت، فلو ارثه. ومن ان ملك المالك اقوى من ملك الوارث، كما علل العلامة في التذكرة على ما حكاه. ومن كونه مبنى بالافتراق عن اجتماع على البيع، كما عرفت استظهاره من رواياته ومثله، مما لا يتركه، بل مما يزول بموته. لا يقال: ان الغاية هيهنا ايضا لا محالة تكون، فان الاجتماع والافتراق، وان كان بالابدان، الا ان التصرف منهما عند الاطلاق حال الحيوة، فمع موت احد البيعين في مجلس العقد، لم يبق من طرفيهما الا احدهما، فلا اجتماع، فلا افتراق. نعم لو كان المراد ثبوته ما لم يتحقق هناك افتراق، ولو لاجل انتفاء موضوعه وطرفه، كان هذا الخيار مما يترك لكنه كما ترى، خلاف ما هو ظاهر الاخبار من ثبوته للبيعين الذين من شأنهما، الاجتماع، والافتراق، وامتداده إلى زمان الافتراق، ولا تفاوت فيها في ذلك بين ما يكون فيه حتى يفترقا، وما يكون فيه ما لم يفترقا، كما لا يخفى. وبالجملة عموم ادلة الارث له، مشكل، واشكل منه ما ذكره

١٥١

العلامة - اعلى الله مقامه - في التذكرة في وجه انتقال الخيار إلى الموكل دون الوارث، فان كان مراده منه، ان ملك الموكل للخيار واستحقاقه له، اقوى من ملك الوارث، من باب " اولوا الارحام بعضهم اولى(١) " فهو عين الدعوى، كما ترى. وان كان مراده غير ذلك، فهو غير بين ولا مبين.

وكيف كان، فالاصل عدم الانتقال، لا إلى الوارث، ولا إلى المالك، ولم ينهض دليل على خلافه. ولا يخفى انه يلزم من ذلك عدم انتقاله إلى الوارث مطلقا، ولو كان الميت مالكا ولا ضير في الالتزام به.

ولا ينافيه اتفاقهم ظاهرا، على ان الخيار مما يورث، فانه فيما اذا لم يكن هناك خصوصية له، لا يكاد يترك لاجلها، فتدبر.

قولهقدس‌سره : (مضافا إلى ان ادلة الخيارات اثبات حق وسلطنة - الخ -). لا يخفى ان حق الخيار لا تعلق له بما انتقل عنه بالعقد، حتى يصح دعوى ان مفاد ادلته ما افاده -رحمه‌الله - بل بالعقد كما مرت اليه الاشارة غير مرة. والصحيح ما اشرنا اليه من دعوى انصرافها إلى اتيانه المتعاقدين بعد الفراغ عن نفوذ فسخهما للعقد بالتراضى، كما مر. وقد انقدح بذلك، ان وجه عدم رجوع المشترى الشاك في الانعتاق، او وجوب الانفاق، والاعتاق، إلى ادلة الخيار، ان هذه الادلة لا تعلق لها بما انتقل اليه، بل بالعقد، فلا دلالة لها في اثبات الخيار على جواز رده على البايع، فلا ينعتق، ولا يجب ان ينفق او يعتق، وجواز فسخ العقد لا ينافى حصول الانعتاق، او وجوب الانفاق او الاعتاق، غاية الامر انه اذا فسخ العقد، وقد انفق او اعتق، فعليه البدل، كما اذا انعتق، لا ما زعمه -رحمه‌الله - من ان الوجه هو عدم المفروغية من السلطنة على ما انتقل اليه، للشك في السلطنة عليه حسب الفرض.

____________________ _

١ - الانفال: ٧٥.

١٥٢

قولهقدس‌سره : (فكل من سبق من اهل الطرف الواحد - الخ -). هذا اذا تحقق لهم، الخيار، لا بما هم اشخاص، بل بما هم بيع، والا كان المقام ايضا من تقديم الفاسخ على المجيز مثل تلك المسألة، فليس التفاوت بينهما في ذلك، لاجل ان الغرض هيهنا في طرف واحد وهناك في طرفين، كما يظهر مما ذكره في بيان الفرق بين المقامين، بل لاجل ان الخيار هيهنا للجنس، وقضيته نفوذ اعمال السابق من افراده، وفى تلك المسألة كان الخيار لكل واحد من الطرفين بشخصه، ولو فرض العكس بان يكون الخيار للجنس الشامل للبيعين، كان اعمال من سبق من الطرفين اجازة او فسخا نافذا، كما انه اذا كان الخيار في مسئلتنا لكل واحد من افرادهما كان من مسألة تقديم الفاسخ، فافهم.

قولهقدس‌سره : (اقويها الاخير - الخ -). وذلك لان الغاية افتراق الجنسين والبايع والمشترى، وما دام كان واحد من الاصيل او الوكيل من كل واحد مع احدهما من الاخر في المجلس لم يفترق الجنسان، بل بعض مصاديقهما، كما لا يخفى.

قولهقدس‌سره : (لان المتيقن من الدليل ثبوت الخيار - الخ -).لا يخفى انه من الواضح عدم دلالته، الا على ذلك، لا انه المتيقن من دلالته، ولو قيل بثبوته له، فانما هو لاجل دعوى انه قضية تفويض الموكل بسبب كالصلح فالوجه في عدم ثبوته له بذلك، هو الاصل، مع ما اشرنا اليه من انه لا يقبل لان ينتقل.

قولهقدس‌سره : (فالوجه في عدم ثبوته للفضوليين - الخ -). بل الوجه ما ذكرنا في الوكيل في البيع، ومجرد العقد عليه، لا فسخه وحله، فان الفضول لا يكون له بعد العقد فسخه، ولو برضاء الاخر، كما في الاقالة. وهذا بخلاف المالك العاقد في الصرف، والسلف قبل القبض، فله الفسخ بعده، بل قبله، فلا يجدى معه القبض.

قولهقدس‌سره : (مندفع باستقراء سائر احكام المتبايعين - الخ -). بل مندفع بعدم دليل على الاشتراط، مع اطلاق دليل الخيار لو كان،

١٥٣

والا لا يفيد استقراء الاحكام، فانه ليس بتام، مع انه ما لم يقد القطع لا يجدى مطلقا، لكنه لا اطلاق مع جعل الغاية، الافتراق، وكونه مبنيا على الغالب، يمنع ايضا عن شمول اطلاق المغيى لغير الغالب، ولا يكاد يتم الاطلاق بالنسبة إلى الغالب وغيره، مع اختصاص الغاية به، كما لا يخفى. نعم لو كان الغاية، هو الافتراق المقابل لعدمه بتقابل السلب والايجاب، لا العدم والملكة، كان الخيار ثابتا للواحد الواجد للعنوانين، كما هو ثابت للاثنين، الا ان الظاهر انه بتقابل العدم والملكة، فتدبر جيدا.

قولهقدس‌سره : (الا ان يدعى ان التفرق غاية مختصة - الخ -). قد عرفت ان اختصاص الغاية بصورة يمنع عن شمول اطلاق المغيى لغيرها، وانما لا يمنع عن شمول الحكم لها واقعا الحكم واقعا لغيرها.

وبالجلمة لا يمنع عن الشمول ثبوتا لا اثباتا فافهم.

قولهقدس‌سره : (لكن الاشكال فيه - الخ -).إحتمال اختصاص لمناط بما اذا كان هناك افتراق، كما هو قضية ظاهر الدليل.

قولهقدس‌سره : (فالظاهر بقائه إلى ان يسقط - الخ -). ولا دليل على افتراقه عن المجلس، كما قيل، فان الغاية هو افتراق البيعين، لا الافتراق عن المجلس.

قولهقدس‌سره : (والمشهور، كما قيل، عدم الخيار - الخ -). تحقيق المقام ان متعلق الخيار لما كان هو العقد لا العوضيين، وان كان يسرى اليهما اثره اذا فسخه، كان تلفهما بنفسهما او بماليتهما، غير مناف لثبوته، فاذا عمل بدليل الخيار، واختار الفسخ، يرجع الباقى منهما بنفسه والتالف ببدله، إلى المالك الاول. وانما المنافات بين جواز التراد، او الرد، كما في المعاطات على وجه، وفى الهبة، وبين تلف العين بنفسها او بماليتها، كما لا يخفى. وما افادهقدس‌سره بناء على القول باعتبار خروج الملك عن ملك من انتقل اليه، إلى ملك من انتقل عنه في الفسخ ولو تقديرا، من انه لا وجه للخيار فيما نحن فيه، فانه يمتنع خروج المعتق عن ملك المشترى إلى ملك البايع

١٥٤

ولو تقديرا، فانه لا يترتب على ملكه له، لو قدر سوى الانعتاق. فلا يبقى مجال للانتقال منه إلى البايع، فيمتنع الخيار بامتناع شرطه فيه انه انما يترتب الانعتاق على مكليته له حقيقة، واما الملكية التقديريه، فلا يترتب عليها، إلا ما لاجله تقديرها، وفيما نحن فيه يكون تقديرها لاجل انتقال. لا يقال: ملكية المشترى للمنعتق عليه، المعقبة بالانعتاق، ليست بحقيقية، بل تقديرية، فانه لو سلم هذا فانما يكون تقديرها هيهنا لاجل ذا توفيقا بين ما هو قضية البيع من التمليك وما دل على الانعتاق به، لا ان تقديرها مطلقا مستلزم للانعتاق. وبالجملة لابد في الانعتاق في البيع، من التقدير، لا أنه يترتب عليه لا محالة في اى مقام، بل لا يكاد يترتب عليه، الا ما تدعوا الضرورة وضيق الخناق إلى التقدير لاجله، وفى المقام ليس الا تلقى الفاسخ عن المفسوخ عليه، لا الانعتاق. هذا، مع ان تلقى الفساخ عنه لا يتوقف على صحة تقدير الملك واعتباره، فيما اذا تعذر تلقيه العين بنفسه، فانه وان كان التلقى كذلك متعذرا، الا انه لا يتعذر تلقى ملك العين ببدلها، فكان العين محفوظة ببدلها وبماليتها، فتنقلب بالبيع بنفسها، ورجعت بالفسخ ببدلها. وتصحيح التلقى عن المفسوخ عليه بذلك، ليس باقل من تصيحية بالتقدير، فان فيه اعتبار الملكية، ولا ملكية حقيقة، وفى ذلك اعتبار بقاء العين المملوكة، ولا بقاء لها كذلك. ولا يخفى انه لابد في اصل العقد بالفسخ من احد الاعتبارين، والا لم يكن فسخا وحلا، بل كان عقدا على حده. فانقدح بدلك انه بناء على القول بان الفسخ لا يقتضى ازيد من رد العين لو كانت موجودة، وبدلها ان كانت تالفة، لا محيص عن ان الفاسخ يتلقى الملك عن المفسوخ عليه. غايته التلقى عليه بالبدل، وعلى القول الاول تقدير تلقى العين بنفسها. فتلخص ان شرط صحة الفسخ، وهو تلقى الفاسخ عن المفسوخ عليه تقديرا باحد الاعتبارين، حاصل على كل حال، فلا يكون هناك مانع عن إعمال دليل الخيار.

١٥٥

واما ما افاده -رحمه‌الله - من ان اقدام المتبايعين مع علمهما بالانعتاق على المشترى، اقدام على اتلاف ماليته، والاقدام عليه كانه شرط سقوط الخيار في العقد، انه حق في العين، ففيه انهما ما اقدما الاعلى نفس المعاملة الموجبة للانعتاق المحكومة بالخيار إلى الافتراق والحاصل ان الخيار ليس من احكام المعاملة المستتبعة للانعتاق، بل هما معا من آثار نفس ما اقدما عليه من العقد على العبد، كما هو قضية دليلهما، فلابد من ترتيب كل منهما عليه اذا لم يكن بينهما تناف، وترتيب خصوص ما كان العقد علة تامة له، او لعلته التامة دون الاخر، لو كان بينهما الشافى، وعدم ترتيب واحد منهما لو لم يكن بينهما تفاوت في السنبة إلى العقد مع التنافى، لاستحالة الترجيح بلا مرجح، ولا يتفاوت فيما ذكرنا بين كون تأثير العقد في الخيار او الانعتاق بلا واسطة او معها، بل التفاوت انما يكون بما اشرنا اليه، كما لا يخفى. وقد انقدح بما حققناه موارد النظر فيما افادهقدس‌سره او نقله في المقام. وعليك بالتأمل التام في اطراف الكلام.

قولهقدس‌سره : (فدفع الخيار به اولى واهون من رفعه - الخ -). لا يخفى ان رفع الخيار بالاتلاف او النقل، انما هو ولاجل انه الرضاء بالعقد وكاشف عن امضائه، واين هذا من الاقدام على عقد يترتب شرعا عليه الخيار، والانعتاق معا بمقتضى دليلهما، كما اشرنا اليه، فيكون كل منهما اثرا شرعا لما أقدما عليه، لا ما اقدما عليه خارجا، كى يكون اولى بالدفع، مه انه مجرد اعتبار في قبال دلالة غير واحدمن الاخبار(١) على ثبوت الخيار، ولعله اشار إلى بعض ذلك بامره بالتأمل، فتأمل قولهقدس‌سره : (وان تردد في القواعد بين استرداد العين - الخ -). وجه تردده، التردد في كون الملك مطلقا سبيلا منفيا، او كون المنفى، هو خصوص الابتدائى، والملك الحاصل بالفسخ، وان كان بحسب الحقيقة ابتدائيا يتلقاه الفاسخ من المفسوخ عليه من الحين، الا انه عادة الملك

____________________ _

١ - وسائل الشيعة: ١٢ / ٣٤٥.

١٥٦

الاول بحسب اللحاظ، واعتبار ان الفسخ هو انحلال السبب الاول وارتفاعه، ورجوع العوضين إلى ما كانا عليه، كانه لم يكن من الاول شئ في البين. ويمكن ان يكون وجه التردد، هو ما في الفسخ من اللحاظين، فافهم.

قولهقدس‌سره : (ومنها شراء العبد نفسه - الخ -). عدم ثبوت الخيار فيه بناء على ان البيع هو التمليك مما لا ينبغى ان يرتاب فيه، ولا شبهة تعتريه، حيث انه على هذا ليس ببيع حقيقة لعدم فتأمل تملك الانسان نفسه وان كان بلفظ البيع، واما بناء على انه تبديل مال بمال فلا وجه لعدم ثبوته. ودعوى انصراف ادلة الخيار عنه بلا وجه بعد كونه من افراد البيع حقيقة وترتيب سائر احكامه عليه بادلتها شرعا، ولو صح دعوى الانصراف فيها، لكانت ادلتها منصرفة عنها، فلم يكن دليل عليها، الا ما قام في خصوصه عليه دليل، فافهم. ومع الشك في صدق البيع، فالمرجع هو اصالة اللزوم، لا اطلاق ادلة الخيار، فان التمسك به كان من باب التمسك بالاطلاق فيما اشتبه من المصداق.

قولهقدس‌سره : (ولعله من جهة احتمال اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد - الخ -).لا وجه لاعتباره بعد ما عرفت من كون الخيار متعلقا بالعقد لا بالعين، فاندفع، الاشكال بما في جامع المقاصد، من ان الخيار لا يسقط بالتلف، فان غرضه بيان ان متعلق الخيار ليس العين، كى يكون تلفها مانعا عن ثبوت الخيار، او دافعا له، فلا يتوجه عليه ما علل به - ره - عدم اندفاع الاشكال به، ولعله اشار اليه بامره بالتأمل.

قولهقدس‌سره : (الا ان ملاحظة كلام الشيخ في المقام بقرينة - الخ -). وان كان يبعده نفيه الخيار عن غير واحد مما يدخله الخيار، فيما اذا وقع في ضمن البيع، وكلام المبسوط لا يخلو عن تهافت، فراجع.

قولهقدس‌سره : (وموافقه عمل الاصحاب لا يصير مرجحا بعد العلم - الخ -). فان علمهم بعد العلم بذلك، لا يكشف عما لو ظفرنا به كما ظفروا،

١٥٧

لرجحناها به على ادلة الخيارات، فتفطن.

قولهقدس‌سره : (لانها مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل الشرع - الخ -). لا يخفى انه بمجرد كونها مسوقة لذلك لا يرتفع المعارضة من البين، بداهة تحققها لو دلت على ثبوته فعلا مطلقا ولو بملاحظة الطوارى، وانما يرتفع المعارضة لو كانت مسوقة لبيان ثبوته اقتضاء، من غير نظر إلى الطوارى اصلا، كما هو مقتضى التوفيق بينها وبين ما دل على الاحكام للعناوين الطارية عليها، بحيث لا يرتاب فيه ولا شبهة تعتريه، لو كانت ظاهرة في ثبوتها فعلا مطلق ولو مع طروها، والا بان لم يكن دالا الا على ثبوتها اقتضاء، كما هو ليس ببعيد، فلا يكون ادلتها معارضة بادلتها اصلا، كى يوفق بينهما، كما لا يخفى. وكيف كان هو ادلة احكام الطوارى، وادلة الشروط بالاضافة إلى ادلة الخيار من هذا القبيل، فلا اشكال في لزوم اتباعها، إما لعدم معارضتها بها، او توفيقا بينهما.

واما دعوى تبادر صورة الخلو عن الاشتراط في دليل الخيار، كما سيأتى التصريح منهقدس‌سره : (فمجازفة، ضرورة انه لو لم يكن دليل المشروط، لم يظن باحد ان يدعى تبادر صورة الخلو عن دليله، ولذا لو اخل بواحد من شروط نفوذها في شرط عدم الخيار يحكم بثبوته لا محالة، مع انه لو كان الدعوى صادقة، فلا دليل على ثبوته مع شرط عدمه، وان اخل بشرطه، فافهم.

قولهقدس‌سره : (لان الشرط في ضمن العقد الجايز لا يريد حكمه - الخ -). لا محيص عن تبعية مثل هذا الشرط للعقد وان قلنا بلزوم الشرط في ضمن العقد الجايز نفوذه، وان المتيقن من تخصيص ادلة الشروط، هى الشروط الابتدائية، وذلك لعدم امكان بقاء هذا الشرط مع انحلال العقد، كما هو واضح، وكذا الحال في كل شرط وعقد جايز كان موضوعا له، ومما يقتوم به، فتفطن.

١٥٨

قولهقدس‌سره : (قد يستشكل التمسك بدليل المشروط - الخ -). كمايشكل من وجه آخر وهو ان عدم الخيار كثبوته، من الاحكام، لا من الافعال التى تحت الاختيار، كى يصح شرطه، ويجب الوفاء به. وبالجلمة " المؤمنون عند شروطهم ١ " لا يوجب ان يكون الشارط مشرعا، وانما يوجب الوفاء فيما صح له التسبب اليه لولا الشرط شرعا حتى يجب بشرطه الالتزام به، وليس له جعل حكم اونفيه لولاه بنحو، فيلزمه بشرطه، كما هو واضح. والجواب ان الحقية كالملكية من الاعتبارات العقلائية التى يتوسل اليها بما جعل سببا لها ابتداء او امضاء ومنشاء لانتزاعها، والشرط جعل شرعا من اسبابها، لعموم وجوب الوفاء بالشروط(١) . لا يقال: انما الخيار من الحقوق لا عدمه. لانا نقول: اذا كان ثبوته مما صح له التوسل اليه، وكان مما يقدر عليه، كان عدمه كذلك، اذ لا يعقل ان يكون احد الطرفين تحت الاختيار، دون الاخر. فتفطن.

قولهقدس‌سره : (فلزومه الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط ١، عين لزوم العقد - الخ -). فلا يتوقف على لزومه، فيدور. وبالجملة مجرد دليل نفوذ الشرط، كاف في الحكم بلزوم الشرط، والعقد من غير توقف في البين بين اللزومين. فافهم.

قولهقدس‌سره : (وبعبارة اخرى، المقتضى للخيار، العقد بشرط لا - الخ -). وقد عرفت عدم صحته وان المنساق من اطلاق مثل (البيعان) هو ثبوت الخيار اقتضاء، لا بنحو العلية والفعلية، ولو سلم الانسباق، فلابد من الحمل عليه، لا العقد بشرط لا توفيقا، اذا ظهور هذه القضية في الطبيعة

____________________ _

١ - مستدرك الوسائل: ٢ / ٤٧٣.

١٥٩

لا بشرط، اقوى من ظهورها في كونها فعلية وبنحو العلية، كما لا يخفى، فتدبر جيدا.

قولهقدس‌سره : (الا ان مجمل القول في دفع ذلك فيما نحن فيه، اناحيث علمنا - الخ -). بل القول الفصل في دفعه، انه اذا لم ان الحكم ثبت على نحو الفعلية والعلية التامة بنص دليله او بالقرائن المقالية، او الحالية، او الامور الخارجية، يكون شرط خلافه، مخالفا للكتاب والسنة، هو ليس مما لا يوجد وان قل، من دون حاجة في الحكم بصحة الشرط إلى اثبات ان خلاف الشرط مما يكون شرعا، فلو لم يعلم ان الخيار، كما افاد، لقلنا بصحة الشرط جمعا، وتمام الكلام في مبحث الشرط فانتظر. ان قلت، اذا كان لدليل الخيار، دلالة على ثبوته بنحو الفعلية والعلية مطلقا، اولو بملاحظة الطوارى، فلابد من العمل به لعدم معارضته بدليل الشرط، لكان استثناء الشرط المخالف للكتاب او السنة فيه، لوضوح انه لا يعارضه معه، ضرورة انه ما دل لاجله، الا على وجوب الوفاء بالشرط الغير المخالف، ودليل الخيار دل على كون شرط عدمه، شرط مخالف، فلا معارضة بينهمااصلا، كى يوفق بالحمل على ثبوته بنحو الاقتضاء، فافهم. قلت: نعم لا معارضة بينهما لمكان الاستثناء، لكن لا يبعد ان يكون مثل دليل الشرط المتعرض لحكم العناوين الطوارى بمجرده قرينة على الحمل، وان مثل دليل الخيار اقتضائى. وبالجملة دعوى ان العرف بعد ملاحظة اثبات الحكم للعناوين الثوانى بادلتها، يحكم بان ادلتها متبعه في الحكم الفعلى، لا ادلة العناون الاولية، وان كانت دالة على ثبوت الاحكام لها بنحو الفعلية غير بعيدة. هذا لو قيل بان الاستثناء من المخصص المتصل. واما لو قيل بانه من المنفصل فلا اشكال في معارضة مثل دليل الخيار بدليل الشرط، هذا، مع ان العمدة كون ادلة الخيار مهملة بملاحظة الطوارى، كما هو الشأن في جميع ادلة الاحكام، كما عرفت.

١٦٠