كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 194619
تحميل: 3502

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194619 / تحميل: 3502
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

وعليه الخمس(١) .

ويؤيده أيضا ما سيجئ(٢) من أن المحكي(٣) عن الاكثر أن العنبر المأخوذ من وجه الماء أو من الساحل معدن، نصابه نصاب المعدن، مع أن وجه الماء، بل الساحل، ليس معدنا للعنبر(٤) .

نعم، قد تنظر في حكمهم هذا من هذه الجهة المحقق الاردبيليقدس‌سره حيث قال: إن المتبادر ما استخرج من معدنه، إلا أن يكون معدن العنبر وجه الماء(٥) .

المعدن الموجود في أراضي الانفال

ثم المعدن الموجود في أراضي الانفال، الظاهر صيرورته مملوكا للمخرج المؤمن، لاذنهمعليهم‌السلام في التصرف(٦) .

وقد يقال: ببقاء المعادن على الاباحة الاصلية لسائر بني آدم، كالماء والكلا.

ومنه يظهر حكم الموجود في المفتوحة عنوة من الاراضي.

ويمكن أن يقال بكون المعدن بنفسه مواتا، وإن كان في أرض عامرة وقت الفتح فهو لمن أحياه.

____________________

(١) انظر المنتهى ١: ٥٤٦، ومجمع الفائدة ٤: ٢٩٧، والمدارك ٥: ٣٦٨.

(٢) في الصفحة: ١٦٩.

(٣) حكاه في المدارك ٥: ٣٧٧.

(٤) في " ف " و " م ": معدن العنبر.

(٥) مجمع الفائدة ٤: ٣٠٨، والعبارة منقولة بالمعنى.

(٦) في " ف " و " م ": في التصرف فيها لهم.

(*)

١٢١

مسألة (٣) وجوب الخمس في الكنز

لا إشكال ولا خلاف في وجوب الخمس في الكنز، والاخبار(١) به - كحكاية الاتفاق(٢) - مستفيضة.

بيان المراد من " الكنز "

والمراد بالكنز: هو المال المذخور في الارض، وزاد في الروضة(٣) والمسالك(٤) قيد: " القصد "، والظاهر أنه تصريح بما يستفاد من لفظ المذخور أو المدفون، المأخوذين في التعريف.

نعم، عن كاشف الغطاء(٥) : عدم اعتبار

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٤٥، الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) لم نعثر على التعبير بعينه، بل عبروا ب‍ " لا خلاف "، كما في المنتهى ١: ٥٤٦، والحدائق ١٢: ٣٣٢، وفي المدارك(٥: ٣٦٩): وقد أجمع العلماء.

نعم، نسبه في الذخيرة: ٤٧٨ إلى الفاضلين وغيرهما، وادعاه في الرياض ٥: ٢٣٧.

(٣) الروضة البهية ٢: ٦٨.

(٤) المسالك ١: ٤٦٠.

(٥) كشف الغطاء: ٣٦٠.

(*)

١٢٢

القصد ولا الفاعل، بل المذخور مطلقا بنفسه أو بفعل فاعل.

ويمكن أن يدعى إلحاق المذخور(١) ببفسه بالكنز، لصحيحة زرارة: " كل ما كان ركازا ففيه الخمس"(٢) .

ومنه يظهر وجه إلحاق المذخور في سقف البيوت والحيطان وأصول الاشجار(٣) ولعله لذا حكم الاصحاب(٤) بوجوب الخمس فيما يوجد في جوف الدابة والسمكة.

ولعله لذا عطف في الدروس(٥) الركاز على الكنز، وزاد بعضهم قيد كونه للادخار، لا لمجرد الحفظ في زمان قليل(٦) .

عدم الفرق بين النقدين وغيرهما

والظاهر عدم الفرق بين أن يكون المذخور من النقدين أو من غيرهما - واستظهر في المناهل(٧) عدم الخلاف فيه، حاكيا هذا الاستظهار أيضا عن مجمع الفائدة(٨) - لعموم النصوص(٩) ، ومعاقد

____________________

(١) في " ف ": خمس المذخور.

(٢) الوسائل ٦: ٣٤٣، الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٣.

(٣) في " ف " و " م ": بطون الاشجار.

(٤) مثل الشيخ في النهاية: ٣٢١، والمحقق في الشرائع ١: ١٨٠، والعلامة في القواعد ١: ٣٦١ و ٣٦٢، وغيرهم.

(٥) الدروس ١: ٢٦٠.

(٦) غنائم الايام: ٣٦٣.

(٧) المناهل: (مخطوط)، التنبيه الحادي عشر من تنبيهات خمس الكنز، فيه: واستظهر فيه [ = مجمع الفائدة ] عدم الخلاف فيه، وهو الظاهر.

(٨) مجمع الفائدة ٤: ٢٩٩.

(٩) الوسائل ٦: ٣٤٥، الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(*)

١٢٣

الاجماعات في لفظ الكنز، الذي قد عرفت(١) أنه عندهم: " المال المذخور "، من غير تقييد بالنقدين، وفي صحيحة زرارة: " كل ما كان ركازا ففيه الخمس "(٢) .

نعم ظاهر المحكي عن جماعة(٣) ، اختصاصه بالنقدين، حيث لم يذكروا غيرهما، ووافقهم في ذلك كاشف الغطاء(٤) فجعل ما عداهما لقطة، وتبعه بعض المعاصرين(٥) متمسكا بظاهر مفهوم صحيحة البزنطي الآتية، بحملها على المماثلة في النوع(٦) ، وهو ضعيف، لظهورها في المقدار، كما أعترف به في الرياض(٧) ، ناسبا له إلى الاصحاب، ويؤيد ذلك: ورود مرسلة(٨) بمضمونها صريحة في المقدار.

اعتبار النصاب في الكنز

ولا إشكال ولا خلاف أيضا في اعتبار النصاب، وعن جماعة(٩) دعوى

____________________

(١) في الصفحة: ١٣١.

(٢) الوسائل ٦: ٣٤٣، الباب ٣ من ابواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٣.

(٣) مثل الشيخ في المبسوط ١: ٢٣٦، والحلي في السرائر ١: ٤٨٦، وابن سعيد في الجامع للشرائع: ١٤٨.

(٤) كشف الغطاء: ٣٦٠.

(٥) المستند ٢: ٧٤.

(٦) في " ف ": الفرع.

(٧) الرياض ٥: ٢٤٩.

(٨) الوسائل ٦: ٣٤٦، الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(٩) لم نعثر على الاتفاق بعينه.

نعم، ادعي الاجماع واللاخلاف، انظر مجمع الفائدة ٤: ٣٠٤، والحدائق ١٢: ٣٣٢، والمستند ٢: ٧٨، والجواهر ١٦: ٢٦.

(*)

١٢٤

الاجماع أو الاتفاق.

والمعروف في نصابه هو نصاب الزكاة، وحكي عن الصدوق في الامالي: أنه دينار واحد(١) ، وهو وإن حكي عن الغنية(٢) مدعيا عليه الاجماع إلا أنه شاذ، يرده صحيحة البزنطي عن الرضاعليه‌السلام ، قال: " سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، قال: ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس "(٣) .

وظاهرها الاكتفاء بمأتي درهم أيضا، خلافا لظاهر جماعة(٤) فخصوها بالدينار، وحمله غير واحد(٥) على إرادة المثال.

والكلام في اعتبار اتحاد الاخراج عرفا كما مر(٦) في المعدن(٧) ، وفاقا

____________________

(١) الامالي: ٥١٦، المجلس الثالث والتسعون.

(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر(١٦: ٢٦) واستغربه فيه، لكن ما في الغنية يخالفه حيث قال: ويعتبر في الكنوز بلوغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة وفي المأخوذ بالخوض بلوغ قيمة دينار فصاعدا بدليل الاجماع المتكرر، انظر الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٣) الوسائل ٦: ٣٤٥، الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٢، مع اختلاف في التعبير.

(٤) منهم المحقق في الشرائع ١: ١٧٩، والعلامة في التحرير ١: ٧٤، والشهيد في اللمعة: ٥٤.

(٥) مثل المحقق السبزواري في الكفاية: ٤٣، والمحدث البحراني في الحدائق ١٢: ٣٣٢، والسيد الطباطبائي في الرياض ٥: ٢٤٩.

(٦) في الصفحة: ١٢٩.

(٧) في هامش " م " هكذا: من قوله: " عرفا " إلى لفظ " المعدن " كان مشطوبا عليه في نسخة الاصل.

(*)

١٢٥

للمحكي(١) عن السرائر(٢) والمنتهى(٣) وغيرهما(٤) .

ولا فرق بين أن يكون الكنز مشتملا على نوع واحد من المال، وبين أن يشتمل على نوعين.

ولو كان كنزان، فظاهر الرواية اعتبار النصاب في كل واحد، إلا مع الاتحاد عرفا.

اعتبار النصاب بعد المؤونة

ويعتبر النصاب المذكور بعد المؤونة، لظاهر الصحيحة(٥) حيث إن قوله: " فيه " راجع إلى مجموع ما يجب فيه الزكاة، كما لا يخفى.

ما يملك من الكنز وما لا يملك

ولما كان وجوب الخمس في الكنز فرع تملكه، جرى ديدنهم على بيان أقسام الكنز وتمييز ما يملكه الواجد وطردوا الكلام إلى ذكر غيره، مثل الموجود في جوف الدابة والسمكة، فذكروا ان للكنز أقساما أربعة:

الكنز الذي يوجد في دار الحرب

الاول والثاني: ما يوجد في دار الحرب، سواء كان عليه أثر الاسلام، أم لا.

وقد صرح جماعة(٦) بأن الاصحاب قطعوا بكونه لواجده، وأن فيه

____________________

(١) حكاه في الجواهر ١٦: ٢٨.

(٢) السرائر ١: ٤٩١.

(٣) المنتهى ١: ٥٤٩.

(٤) التذكرة ١: ٢٥٣.

(٥) المتقدمة في الصفحة السابقة.

(٦) منهم: السيد السند في المدارك ٥: ٣٧٠، والمحقق السبزواري في ذخيرة المعاد: ٤٧٩، والمحدث البحراني في الحدائق ١٢: ٣٣٣.

(*)

١٢٦

الخمس، وفي الحدائق(١) كما عن الخلاف(٢) نفي الخلاف فيه، وعن ظاهر الغنية(٣) الاجماع عليه.

واستدلوا عليه: بأن الاصل في الاشياء الاباحة.

وحرمة التصرف في مال الغير إنما تثبت إذا كان المال المحترم، أو ورد به نهي خصوصا أو عموما، والكل منتف هنا.

ويمكن أن يقال(٤) ، إن الاصل في كل مال العصمة، لعموم: " الناس مسلطون على أموالهم "(٥) ، ولقولهعليه‌السلام في التوقيع المروي في الاحتجاج " لا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره إلا بأذنه "(٦) خرج من ذلك من علم عدم عصمة ماله - كالحربي مثلا - وبقي الباقي.

ولو قيل: بأن الخارج هو الحربي الواقعي، فالشبهة في الموضوع ويجري فيه البراء‌ة.

قلنا: أصالة عدم الانتقال إلى الواجد حاكمة على البراء‌ة، نظير المرأة المشتبهة بين الزوجة والاجنبية، والمال المشتبه بين مال نفسه أو غيره، حيث تجري فيهما أصالة عدم الزوجية وعدم الملكية(٧) .

اللهم، إلا أن يدفع أصالة عدم الانتقال بما هو حاكم عليه، من

____________________

(١) الحدائق ١٢: ٣٣٣.

(٢) الخلاف ٢: ١٢١، كتاب الخمس، المسألة: ١٤٦، وفيه: يجب الخمس بلا خلاف.

(٣) الغنية (الجوامع الفقيهة): ٥٠٧، وحكاه في الجواهر ١٦: ٢٨.

(٤) في " ف و " م ": يقال عليه.

(٥) عوالي اللالي ١: ٢٢٢ و ٤٥٧.

(٦) الاحتجاج ٢: ٢٩٩، مع اختلاف في بعض الالفاظ.

(٧) في " ج ": عدم الانتقال.

(*)

١٢٧

أصالة عدم تسلط أحد عليه، فإن الحربي ليس مسلطا على ماله، بحيث لا يكون للغير انتزاعه منه، وبعبارة أخرى: اصالة عدم احترام المال.

لكنك خبير بأن ما ذكروه من أصالة الاباحة، لا يدل بنفسها على الحكم الوضعي - وهو التملك بمجرد الحيازة - بل هذا الاصل يجعلها في حكم المباحات(١) الاصلية، فيضم إلى ذلك أدلة تملك المباحات بالحيازة.

فاندفع بذلك ما أورده بعض(٢) من أن الاصل إنما يفيد إباحة تصرف كل أحد لا خصوص الواجد.

ويمكن أن يتمسك في المقام ببعض إطلاقات الاخبار الواردة في تخميس الكنز - لا جميعها، فإن أكثرها مسوقة لبيان وجوب الخمس بعد الفراغ عن صيرورته ملكا للواجد - وما سيجئ(٣) في تملك ما يوجد في الدار الخربة من دار الاسلام(٤) .

الكنز الذي يوجد في دار الحربي

ولو وجد الكنز في دار حربي معين في دار الاسلام، فالظاهر أن حكمه واستشكل بعض(٦) في التملك مع الامان له أو شبهة الامان، حيث إنهم لا يجوزون أخذ ماله بغير إذنه، بناء على أن المدفون في داره من جملة ماله،

____________________

(١) في " ف ": الاباحات.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) في " ف " و " م ": مضافا إلى فحوى ما سيجئ.

(٤) في الصفحة: ١٤٠.

(٥) في الصفحة السابقة.

(٦) لم نعثر عليه.

(*)

١٢٨

بل يكفي الشك في الامان بناء على ما تقدم(١) من أصالة عدم التملك، اللهم إلا أن يندفع بأصالة عدم تقدم(٢) تحقق(٣) الامان الحاكمة على ذلك الاصل الذي عرفت ما فيه.

واستشكل بعض آخر(٤) في وجوب الخمس بعدم انصراف أدلة وجوب الخمس في الكنز إلى ما علم صاحبه، بل حينئذ يكون من قبيل ما يؤخذ قهرا من حربي أو خفية.

ويمكن دفع الاول، بأن المراد بالحربي: من لا حرمة له، فلا يدخل المأمون، أو يقال: إن الامان لا يوجب عصمة مثل هذا المال، إذ الكلام فيما لا يعلم أنه دفنه(٥) ، بل لو علم الدافن في الموجود في دار الحرب أشكل شمول أدلة الكنز له، لانصرافه إلى غير معلوم المالك، فتأمل.

ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الاشكال الثاني إن كان مبناه كون الحربي مالكا أصليا له، وإن كان من حيث إن الكنز تابع لداره في الملكية مطلقا، أو حيث يدعيه، ففيه منع.

الكنز في دار الاسلام

القسم الثالث(٦) : أن يكون في دار الاسلام.

____________________

(١) في الصفحة السابقة.

(٢) ليس في " م ": تقدم.

(٣) ليس في " ف ": تحقق.

(٤) لم نقف عليه.

(٥) في " ف ": مملوك.

(٦) أدرج المؤلف (قده) القسم الرابع في الثالث، لان الاقسام الاربعة هي: ما كان في دار الحرب وعليه أثر الاسلام، وما كان في دار الحرب وليس عليه أثر الاسلام، وما كان في دار الاسلام وعليه أثر الاسلام، وما كان في دار الاسلام وليس عليه أثر الاسلام.

(*)

١٢٩

فإن علم كونه لاهل الحرب، فحكمه كما تقدم في صورتي تعيين المالك بالخصوص وعدمه.

وإن علم كونه للمسلمين، فالظاهر أنه مجهول المالك، لعدم صدق اللقطة عليه، لانها المال الضائع، فلا يصدق على المكنوز قصدا.

وإن لم يعلم كونه لمسلم أو حربي، فلا يخلو: إما أن يكون في أرض غير مملوكة لشخص خاص غير الامامعليه‌السلام ، أو مملوكة للواجد أو لغيره.

وعلى التقديرين: فإما أن لا يكون عليه أثر الاسلام، أو يكون عليه أثر الاسلام.

الكنز في الارض غير المملوكة

أما الاول: فالمعروف أنه لواجده، بل استظهر الاتفاق عليه بعض مشايخنا(١) ، وفي الحدائق(٢) نفى الخلاف، ويدل عليه ما مر من الاصول والاخبار، ويستثنى منه ما كان في دار حربي في دار الاسلام كما تقدم(٣) .

وأما الثاني: ففي جواز تملكه من غير تعريف، أو كونه(٤) لقطة يحتاج إلى التعريف قولان، أقواهما: الاول، لما مر من الاصول في صورة انفراد كل من الدار والاثر، فإن إجتماعهما لا يوجب العلم، بل(٥) ولا الظن بكونه ملكا لمسلم حتى يقتصر في حله من دون طيب النفس على ما بعد التعريف، مع عدم الدليل على وجوب التعريف، إذ لا يصدق عليه عنوان اللقطة التي ثبت

____________________

(١) لم نعثر عليه، وانظر الجواهر ١٦: ٢٨.

(٢) الحدائق ١٢: ٣٣٤.

(٣) في الصفحة: ١٣٧.

(٤) في " م " و " ع ": كونها.

(٥) ليس في " ف ": بل.

(*)

١٣٠

من الاخبار(١) وجوب التعريف فيها عموما، لانه ليس مالا ضائعا عن صاحبه.

ويدل عليه أيضا: حسنة ابن مسلم - بابن هاشم - بل صحيحته عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: " سألته عن الدار يوجد فيها الورق، قال(٢) : إن كانت معمورة فيها أهلها فهو(٣) لهم، وإن كانت خربة قد جلى عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به "(٤) ، ونحوها مصححة أخرى لابن مسلم(٥) .

نعم، في موثقة محمد بن قيس، عن الباقرعليه‌السلام : " قال: قضى عليعليه‌السلام في رجل وجد ورقا في خربة، أن يعرفها، فإن وجد من يعرفها وإلا تمتع بها "(٦) .

والجمع بينهما: إما بحمل الصحيحتين(٧) على ما بعد التعريف، أو على ما ليس فيه أثر الاسلام، وإما بحمل الموثقة على غير المكنوز أو التعريف على تعريف مالك الخربة.

لكن الحملان في الصحيحتين(٨) بعيدان، أما الاول: فلانه في مقام البيان، وأما البيان: فلعدم الشاهد، مع أن الورق - على ما عن القاموس(٩)

____________________

(١) الوسائل ١٧: ٣٤٩، الباب ٢ من أبواب اللقطة.

(٢) في الوسائل: فقال.

(٣) في الوسائل: فهي.

(٤) الوسائل ١٧: ٣٥٤، الباب ٥ من أبواب اللقطة، الحديث الاول.

(٥) نفس المصدر، الحديث ٢.

(٦) الوسائل ١٧: ٣٥٥ الباب ٥ من أبواب اللقطة، الحديث ٥.

(٧) و(٨) في " م ": الصحيحين.

(٩) القاموس المحيط ٣: ٢٨٨، مادة: " ورق ".

(*)

١٣١

والصحاح(١) -: هي الدراهم المضروبة، فلو لم تكن منصرفة إلى ما عليه أثر الاسلام فلا إشكال في عمومها من حيث ترك الاستفصال.

والانصاف: أن الحملين في الموثقة كذلك بعيدان، أما الثاني: فظاهر.

وأما الاول: فلان حمل الموثقة على غير المكنوز يوجب تخصيص الصحيحتين بالمكنوز، مع أن الظاهر الاجماع منهم على عدم الفرق فيما يوجد(٢) في خربة باد أهلها بين المكنوز وغيره في كونه ملكا لواجده.

وربما يجاب عن الموثقة بأنها قضية في واقعة، وهو ضعيف، لان راوي الخبر " محمد بن قيس "، له كتاب في قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، يرويها عن الباقرعليه‌السلام ، والظاهر من ذكر المعصوم لها بيان الحكم لا مجرد الحكاية، ولذا استدل بهذه(٣) القضايا كثيرا، كما لا يخفى على المتتبع.

وأضعف من هذا الوجه حمل الموثقة على ما علم كونه من الكنوز الاسلامية المعلوم كونها للمسلمين، وذلك لان الكنوز الاسلامية في زمن الامير صلوات الله عليه في غاية القلة، مضافا إلى عدم الشاهد.

____________________

(١) الصحاح ٤: ١٥٦٤، مادة: " ورق ".

(٢) في " ع ": يوضع.

(٣) كذا في هامش " م ": وفي المتن وسائر النسخ: على هذه.

(*)

١٣٢

فرع(١) ثم إن الموجود في دار الاسلام في غير الملك - المراد به: الملك المختص بغير(٢) الامام - فالموجود في الانفال والمفتوحة عنوة حكمه ما ذكرنا وإن كانت المفتوحة عنوة للمسلمين والانفال للامامعليه‌السلام .

الكنز في الارض المملوكة للواجد

وإن كانت الارض مملوكة للواجد وعلى المال أثر الاسلام(٣) ، فإن ملكه الواجد بالاحياء فهو له، لانه في الحقيقة وجده في المباح، وكذا لو ملكه بالارث المختص إذا لم يعلم بانتفاء ملك موروثه عنه.

الكنز في الارض المملوكة بالابتياع ونحوه

ولو ملكها بالابتياع ونحوه، فظاهرهم وجوب تعريف المنقول عنه، فإن عرفه وادعاه فهو له من غير بينة ولا يمين ولا وصف، لانه ذو اليد فيصدق في دعواه ويدل على ما سيجئ(٤) مما ورد في الموجود في جوف الدابة، وفي الموجود في بعض بيوت مكة.

____________________

(١) العنوان من " ع " و " ج ".

(٢) في " م " و " ف ": لغير.

(٣) في " ف ": وعليه أثر الاسلام.

(٤) في الصفحة: ١٥٠ و ١٥٨.

(*)

١٣٣

بل يمكن أن يقال بكونه(١) ملكا(٢) له(٣) إلا أن ينفيه عن نفسه فلا يعتبر الادعاء، بل يكفي عدم الانكار، كما يومي إليه بل يدل عليه صحيحتا ابن مسلم المتقدمتين(٤) .

وعن الشيخ في الخلاف: أنه إذا وجد ركازا في ملك مسلم أو ذمي في دار الاسلام لا يتعرض له إجماعا(٥) .

وناقش في المدارك(٦) في وجوب التعريف إذا احتمل عدم جريان يده عليه، لاصالة البراء‌ة، وأصالة عدم تقدم الكنز.

وفيه نظر، فإن أصالة البراء‌ة لا تعارض مقتضى أدلة اليد، وأصالة(٧) عدم اليد(٨) لا تجري إلا مع احتمال تجدده بعد الشراء، وليس كلامهم فيه ظاهرا، يدل على ذلك استدلالهم عليه بأنه لو ادعاه حكم له به إجماعا.

وربما يعارض أصالة عدم تقدم(٩) الكنز، النافية لتسلط(١٠) البائع بأصالة عدم تقدم الملك.

____________________

(١) في " ف " و " م ": كونه.

(٢) وفي " ج ": ملكه.

(٣) ليس في " ف ": له.

(٤) في الصفحة: ١٤٠.

(٥) الخلاف ٢: ١٢٣. كتاب الخمس، المسألة: ١٥٠.

(٦) مدارك الاحكام ٥: ٣٧٢.

(٧) ليس في " ج " و " ع ": أصالة.

(٨) في " م " و " ع " و " ج ": التقدم.

(٩) في " ف ": تقديم.

(١٠) في " ف " و " م ": لسلطنة.

(*)

١٣٤

وفيه نظر، فإن أصالة تقدم الملك لا يثبت كون الكنز في يد البائع، وفاقا لما استظهره بعض(١) من كلام الفقهاء، ويؤيد هذا الحكم ما سيجئ(٢) من وجوب تعريف ما يوجد في جوف الدابة.

حكم الكنز مع إنكار المالك اللاحق

ولو لم يعرفه المالك الاول، فذكر جماعة(٣) أنه يعرفه(٤) المالك السابق عليه، لانه - أيضا - كان ذا اليد، فحكمه حكم من بعده.

وقد يشكل وجه حكمهم بالترتيب بين الملاك مع اشتراكهم في اليد سابقا، وإن كان على الترتيب.

لكن يمكن دفعه بأن اليد الحادثة واردة على اليد القديمة(٥) ومزيلة لها، فما لم يمنع(٦) الحادثة بإنكار ذيها لم ينفع القديمة، ولذا لو تداعيا تقدم الحادثة.

فالاولى: الاشكال في وجوب تعريف المالك السابق بعد عدم(٧) معرفة اللاحق مع أصالة عدم ثبوت يد من عدا اللاحق عليه، بل عرفت أنه لولا العلم بوجوده قبل الانتقال عن اللاحق، لم يكن دليل على وجوب تعريفه إياه، ولذا حكي(٨) عن ظاهر جماعة عدم وجوب تعريف من عدا المالك

____________________

(١) لم نقف عليه.

(٢) في الصفحة ١٥٨.

(٣) مثل: العلامة في المنتهى ١: ٥٤٦، والفاضل المقداد في التنقيح ٤: ١٢١، والشهيد في المسالك ١: ٤٦١، والمحقق الكركي في حاشية الارشاد (مخطوط): ٩٨.

(٤) في " ج " و " م ": يعرفها.

(٥) في " ف ": يد المتقدمة.

(٦) في " ف ": لم يمتنع.

(٧) ليس في " ف ": عدم.

(٨) حكاه الفاضل النراقي في المستند ٢: ٧٣، وفيه: وظاهر الاكثر.

(*)

١٣٥

اللاحق، كما يظهر من الرواية الآتية(١) فيما يوجد في جوف الدابة، وما سيجئ(٢) من رواية إسحاق بن عمار في الموجود في بعض بيوت مكة.

بل لولا تلك الرواية بضميمة تنقيح المناط المؤيد بعدم ظهور الخلاف اشكل الحكم بوجوب التعريف، بل كان اللازم: إما عدم اعتبار اليد، نظرا إلى ما ذكره بعض من منع صدق اليد على مثل هذا المدفون الذي قد لا يشعر به المالك، فإن المتيقن حيث فرضنا العلم بوجود الكنز عند تملك ذلك المالك لا تسلطه عليه، ومجرد وجوده عند تملكه لا يوجب ملكه(٣) تبعا للدار، لانه غير داخل في الدار وتوابعها المنقولة.

وإما وجوب دفعها إلى المالك من غير تعريف ولا توقف على دعواه، كما يدل عليه صحيحتا ابن مسلم المتقدمتان(٤) ، بل احتمل بعض استحقاقه له حتى مع العلم بتملكه له وإنكار كونه منه لاجل الصحيحتين، قال: ولا استبعاد(٥) في حكم الشارع بتمليك(٦) المالك، كما قد يحكم بتملك الواجد(٧) ، وحينئذ فلو كان صبيا أو مجنونا دفع إلى وليه، ولو كان ميتا دفع إلى وارثه الخاص أو العام(٨) .

____________________

(١) في الصفحة: ١٥٨.

(٢) في الصفحة: ١٥٠.

(٣) في " ف " و " م ": تملكه.

(٤) في الصفحة: ١٤٠.

(٥) في " ف " و " م ": ولا استناد.

(٦) في " ف " و " م ": بتملك.

(٧) الغنائم: ٣٦٤، نقلا عن بعض المحققين.

(٨) في " ف " و " م ": العام أو تصدق عنه.

(*)

١٣٦

نعم، لو كان مستند التعريف اعتبار اليد وعلمنا بجريان يد الكل، كان اللازم تعريف الجميع على الترتيب(١) .

تعداد الملاك وكيف كان، فلو كان من يجب تعريفه من الملاك متعددا وجب تعريفهم، فإن ادعاه كل واحد جاء التداعي، وإن ادعاه بعضهم وأنكره الباقون، فإن أطلق أو ذكر سببا مختصا دفع إليه، وإن ذكر سببا مشتركا بينه وبين الباقي كالارث دفع إليه حصته قطعا، وحكم الباقي كما لو أنكروه جميعا، وليس لباقي الورثة مزاحمته في حصته(٢) ، لانكارهم تملك مورثهم له، ولو فرض كون باقي الورثة صغارا، فليس عليه إعطاء حصتهم مما في يده بمقتضى اعترافه بإشاعة العين واشتراك كل جزء منه بين الكل، لان السبب الموجب لدفع ذلك الجزء إنما أوجب دفعه من حيث كونه حقا للمدفوع إليه لا من حيث هو هو، ولازم ذلك: الاختصاص به عند الدفع، وإلا توقف دفع حصته(٣) على دفع الكل إليه، إذ لو دفع بعضه - والمفروض اشتراك ذلك البعض - لزم(٤) تخلف المسبب عن السبب الموجب لدفع جميع حقه إليه.

ولو ادعاه بعض الورثة ولم يستند(٥) إلى الارث، فالظاهر عدم العبرة بدعواه، إذ المفروض أنه(٦) لا يد له من غير(٧) جهة الارث، واليد من هذه

____________________

(١) في " ج ": على الترتيب أو التصدق عنه.

(٢) في " ف ": حقه.

(٣) في " ف " و " م ": حقه.

(٤) في " ف ": للزم.

(٥) الموجود في النسخ: يستنده.

(٦) في " ف " و " م ": أن.

(٧) ليس في " ج ": غير.

(*)

١٣٧

الجهة لا توجب تملك الكل، نعم، لو فرض ثبوت اليد له من جهة أخرى فهو خارج عن عنوان الوارث.

حكم الكنز لو لم يعرفه أحد ممن جرت يده عليه

ثم(١) إذا لم يعرفه أحد ممن يده عليه، فهل هي لقطة مطلقا؟ كما عن الفاضلين في النافع والمنتهى(٢) والتحرير(٣) إلا أن الموجود في النافع هو القول الثاني(٤) ، وكذا المحكي عن المنتهى - من العبارة - صريحة في اختصاص حكم اللقطة بما عليه أثر الاسلام فراجع، والظاهر أنه لم يقل به إلا الشيخ(٥) في أحد قوليه - كما حكي - في باب اللقطة.

أو لواجده مطلقا، كما عن النهاية(٦) والسرائر(٧) والشرائع(٨) والارشاد(٩) واللمعة(١٠) وحاشية الشرائع(١١) .

أو لقطة مع أثر الاسلام، ولواجده بدونه، كما عن المبسوط(١٢)

____________________

(١) في " ف ": نعم.

(٢) المنتهى ١: ٥٤٦.

(٣) تحرير الاحكام ١: ٧٣.

(٤) المختصر النافع: ٢٦٤.

(٥) لم نعثر عليه في كتب الشيخ، وحكاه عنه الفاضل المقداد في التنقيح ٤: ١٢١.

(٦) النهاية: ٣٢١.

(٧) السرائر ١: ٤٨٧، و ٢: ١٠٥.

(٨) الشرائع ١: ١٧٩ - ١٨٠.

(٩) الارشاد ١: ٢٩٢.

(١٠) اللمعة الدمشقية: ٢٤٠.

(١١) حاشية الشرائع (مخطوط): ٥٢.

(١٢) المبسوط ١: ٢٣٦.

(*)

١٣٨

والدروس(١) والتنقيح(٢) والمسالك(٣) ، لكن المحكي عن التنقيح(٤) : الاجماع على كون ما فيه أثر الاسلام لقطة، وهو ينافي القول الثاني.

وفي الحدائق نفي الخلاف عما يوجد في دار الاسلام ولم يكن عليه أثر الاسلام لواجده، سواء كان في أرض مباحة أو مملوكة ولم يعترف به المالك(٥) .

وهو ينافي القول الاول، لكن ذكر في آخر كلامه: أن المتحصل من كلامهم أن ما وجد في أرض الاسلام مطلقا ولم يعلم له مالك، فإنه مع عدم أثر الاسلام كنز لواجده وعليه الخمس، ومعه يكون محل الخلاف المتقدم، سواء كان في ارض مباحة أو مملوكة للواجد أو غيره مع عدم اعتراف أحد من الملاك به(٦) .

ولا يخفى منافاته لما ذكرنا من القول بكون الموجود في الارض المملوكة مع عدم اعتراف(٧) الملاك لقطة، ولو مع عدم أثر الاسلام، مضافا إلى منافاته لما حكي عن التنقيح من الاجماع.

ثم إن ظاهر الشهيد في البيان(٨) ، والمحقق الثاني في حاشية الشرائع(٩)

____________________

(١) الدروس ١: ٢٦٠.

(٢) التنقيح الرائع ١: ٣٣٧ - ٣٣٨.

(٣) المسالك ١: ٤٦١.

(٤) التنقيح الرائع ٤: ١٢١.

(٥) الحدائق ١٢: ٣٣٣.

(٦) الحدائق ١٢: ٣٣٧.

(٧) في " ف ": عدم الاعتراف.

(٨) البيان: ٣٤٣ و ٣٤٤.

(٩) حاشية الشرائع (مخطوط): ٥٢.

(*)

١٣٩

أن الموجود في غير المملوك من أرض الاسلام مع وجود أثره لقطة، والموجود في المملوك منها مع الاثر وإنكار الملاك لواجده.

وهذا(١) خلاف ما يظهر من المسالك(٢) من أن الموجود في الارض المملوك مع الاثر لا يقصر عن الموجود في غيره حيث قلنا بكونها(٣) لقطة، إلا أن الانصاف أن وجوب التعريف هنا لا دليل عليه، ولو قلنا بوجوبه في الموجود في الاراضي المباحة، للموثقة المتقدمة(٤) ، إذ لم يثبت صدق اللقطة على المفروض حتى يتمسك(٥) في وجوب تعريفه بالعمومات، لما عرفت من أن اللقطة: " المال الضائع "، فلا يصدق على المدفون قصدا، بل المذخور لعاقبة.

وما ذكره في المسالك، من أنه لا يقصر عن الموجود في الارض المباحة، فيه(٦) : أنه لا مضايقة عن قصوره عنه نظرا إلى أن الموجود في المملوك بحسب الظاهر محصور بين من جرت أيديهم عليها، فتعريفهم يغني عن التعريف العام المحكوم به في اللقة، وهذا وإن لم يصلح وجها للفرق(٧) إلا أنه يصلح لابداء الاحتمال.

نعم، لو تم ما ادعاه في التنقيح(٨) من الاجماع فلا محيص عنه،

____________________

(١) ليس في " ج ": هذا.

(٢) المسالك ١: ٤٦١.

(٣) في " ف ": بكونه.

(٤) في الصفحة: ١٤٠.

(٥) في " ف " و " م ": نتمسك.

(٦) في هامش " م ": ففيه (ظ).

(٧) في " ج ": للغرض.

(٨) راجع الصفحة: السابقة.

(*)

١٤٠