عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم17%

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 321

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 321 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127742 / تحميل: 8588
الحجم الحجم الحجم
عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

النَّخْل ) (١) وإنّما أراد على جذوعها، وقال الشاعر:

وافتحي الباب وانظري في النجوم

كم علينا من قطع ليل بهيم

جواب آخر عن الشبهة

وربّما يجاب عن الإشكال: أنّه من قبيل المعاريض في الكلام، والمعاريض: عبارة عن أن يقول الرجل شيئاً يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده، فلعلّه نظر في النجوم نظر الموحّد في صنعه تعالى، الذي يستدل به على خالقه وصفاته، ولكنّ القوم حسبوا أنّه ينظر إليها نظر المنجّم فيها ليستدل بها على الحوادث، فقال:( إنّي سقيم ) (٢) .

ولا يخفى أنّ الجواب مبني على أنّه لم يكن سقيماً آنذاك، وهو بعد غير ثابت، على أنّ المعاريض غير جائزة على الأنبياء لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم.

وبذلك يعلم قيمة ما أخرجه أصحاب الصحاح والسنن من طرق كثيرة عن أبي هريرة: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لم يكذب إبراهيمعليه‌السلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله: قوله:( إنّي سقيم ) وقوله:( بل فعله كبيرهم هذا ) وقوله في سارة:( هي أُختي ) (٣) .

وقد عرفت أنّ إبراهيم لم يكذب في الأُوليين، وأمّا الثالثة فهي مرويّة في التوراة المحرّفة، فهل يمكن بعد هذا، الاعتماد على الرواية ؟!

والعجب أنّ ابن كثير صار بصدد تصحيح الرواية، وقال: ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله، حاشا وكلاّ، وإنّما أُطلق الكذب على هذا

____________________

١ - طه: ٧١.

٢ - تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٤/١٣.

٣ - تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٤/١٣.

١٤١

تجوّزاً، وإنّما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث ( إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب )(١) .

ونحن لا نعلّق على الحديث ولا على التوجيه الذي ارتكبه ابن كثير شيئاً وإنّما نحيل القضاء فيه إلى وجدان القارئ الكريم، وكفى في سقم الحديث أنّه من مرويات أبي هريرة، كما يكفي في كذب الحديث أنّه من الإسرائيليات التي وردت في التوراة المحرّفة.

والعجب أنّ رواة هذا الحديث يزرون على الشيعة في قولهم بالتقية، بأنّها مستلزمة للكذب مع أنّ التقيّة من المعاريض التي جوّزها القرآن والسنّة في شرائط خاصة لأشخاص معيّنين.

هذه هي الآيات التي استدلّت المخطّئة بها على عدم عصمة بطل التوحيد، وقد عرفت مفادها، وهناك آيات أُخر آيات نزلت في حقّه، ربّما وقعت ذريعة لهؤلاء المخطّئة، وبما أنّها واضحة المضمون لا نرى حاجة إلى البحث عنها، وكفانا في هذا المضمار ما ذكره السيد المرتضى في ( تنزيهه ) فمن أراد الوقوف عليها فليرجع إليه.

كما أنّهم استدلّوا بآيات نزلت في حق يعقوب لتخطئته، وبما أنّ الشبهات ضعيفة تركنا البحث عنها، وعطفنا عنان القلم إلى بعض ما استدلت به المخطّئة في هذا المضمار في حق صدّيق عصره ونزيه دهره سيّدنا يوسف عليه وعلى نبيّنا وآله الصلاة والسلام.

____________________

١ - تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٤/١٣.

١٤٢

- ٤ -

عصمة يوسفعليه‌السلام وقول الله:( وهمّ بها )

يوسف الصدّيق هو الأُسوة

إنّ فيما ورد في سورة يوسف من الآيات، لأجلى دليل على أنّه الإنسان المثالي الذي لا يعدّ له مثال، كيف ؟ وقد دلّت الآيات على أنّه سبحانه اجتباه من بداية حياته وصباه، وعلّمه من تأويل الأحاديث، وأتمّ نعمته عليه، وقد قام القرآن بسرد قصته وأسماها بأحسن القصص، ففيها براهين واضحة على طهارته ونزاهته وعصمته من الذنوب، وصيانته من المعاصي، وتفانيه في مرضاة الله، كيف ؟ وقد ابتلاه الله سبحانه بلاءً حسناً، فوجده صابراً متمالكاً لنفسه عند الشهوات والمحرّمات، وناجياً من الغمرات التي لا ينجو منها إلاّ مَن عصمه الله سبحانه، فقد ظهر بهذا البلاء باطنه، وتجلّت به حقيقته، وبان أنّه الإنسان الذي حاق به الخوف من الله سبحانه، فطفق لا يغفل عنه طرفة عين ولا يبدل رضاه بشيء.

كيف ؟ ومَن طالع القصة يقف على أنّ نجاة يوسف من مخالب الشهوة وخدعة امرأة العزيز لم تكن إلاّ أمراً خارقاً للعادة، ولولا عصمته لما كانت النجاة ممكنة، بل كانت أمراً أشبه بالرؤيا منه باليقظة.

١٤٣

وفي هذا الصدد يقول العلاّمة الطباطبائي:

فقد كان يوسف رجلاً، ومن غريزة الرجال الميل إلى النساء، وكان شاباً، بالغاً أشدّه، وذاك أوان غليان الشهوة وفوران الشبق، وكان ذا جمال بديع يدهش العقول ويسلب الألباب، والجمال والملاحة يدعوان إلى الهوى ؟ هذا من جانب، ومن جانب آخر كان مستغرقاً في النعمة وهنيء العيش، محبوراً بمثوى كريم، وذلك من أقوى أسباب التهوّس، وكانت الملكة فتاة فائقة الجمال كما هو الحال في حرم الملوك والعظماء، وكانت لا محالة متزيّنة لما يأخذ بمجامع كل قلب، وهي عزيزة مصر - ومع ذلك - عاشقة له والهة تتوق نفسها إليه، وكانت لها سوابق الإكرام والإحسان والإنعام ليوسف، وذلك كلّه ممّا يقطع اللسان ويصمت الإنسان وقد تعرّضت له، ودعته إلى نفسها، والصبر مع التعرّض أصعب، وقد راودته هذه الفتّانة وأتت بما في مقدرتها من الغنج والدلال، وقد ألّ-حت عليه فجذبته إلى نفسها حتى قدّت قميصه، والصبر معه أصعب وأشق، وكانت عزيزة لا يرد أمرها ولا يثنى رأيها، وهي رتبة خصّها بها العزيز، وكان في قصر زاهٍ من قصور الملوك ذي المناظر الرائعة التي تبهر العيون وتدعو إلى كل عيش هنيء.

وكانا في خلوة، وقد غلّقت الأبواب وأرخت الستور، وكان لا يأمن من الشر مع الامتناع، وكان في أمن من ظهور الأمر وانتهاك الستر؛ لأنّها كانت عزيزة، بيدها أسباب الستر والتعمية، ولم تكن هذه المخالطة فائتة لمرة بل كانت مفتاحاً لعيش هنيء طويل، وكان يمكن ليوسف أن يجعل هذه المخالطة والمعاشقة وسيلة يتوسّل بها إلى كثير من آمال الحياة وأمانيها كالملك والعزّة والمال.

فهذه أسباب وأُمور هائلة لو توجّهت إلى جبل لهدّته، أو أقبلت على صخرة صمّاء لأذابتها، ولم يكن هناك ممّا يتوهّم مانعاً إلاّ الخوف من ظهور الأمر، أو

١٤٤

مناعة نسب يوسف، أو قبح الخيانة للعزيز، ولكن الكل غير صالح لمنع يوسف عن ارتكاب العمل.

أمّا الخوف من ظهور الأمر فقد مرّ أنّه كان في أَمن منه، ولو كان بدا من ذلك شيء لكان في وسع العزيزة أن تأوّله تأويلاً كما فعلت فيما ظهر من أمر مراودتها، فكادت حتى أرضت نفس العزيز إرضاءً، فلم يؤاخذها بشيء، وقلبت العقوبة على يوسف حتى سجن.

وأمّا مناعة النسب فلو كانت مانعة لمنعت إخوة يوسف عمّا هو أعظم من الزنا وأشد إثماً، فإنّهم كانوا أبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب أمثال يوسف، فلم تمنعهم شرافة النسب من أن يهمّوا بقتله ويلقوه في غيابت الجب، ويبيعوه من السيّارة بيع العبيد، ويثكلوا فيه أباهم يعقوب النبي، فبكى حتى ابيضّت عيناه.

وأمّا قبح الخيانة وحرمتها فهو من القوانين الاجتماعية، والقوانين الاجتماعية إنّما تؤثّر أثرها بما تستتبعه من التبعة على تقدير المخالفة؛ وذلك إنّما يتم فيما إذا كان الإنسان تحت سلطة القوّة المجرية والحكومة العادلة، وأمّا لو أغفلت القوّة المجرية، أو فسقت فأهملت، أو خفي الجرم عن نظرها، أو خرج من سلطانها فلا تأثير حينئذ لشيء من هذه القوانين.

فلم يكن عند يوسف ما يدفع به عن نفسه ويظهر به على هذه الأسباب القوية التي كانت لها عليه، إلاّ أصل التوحيد وهو الإيمان بالله.

وإن شئت قلت: المحبة الإلهية التي ملأت وجوده وشغلت قلبه، فلم تترك لغيرها محلاً ولا موضع أصبع(١) .

_____________________

١ - الميزان: ١١/١٣٧ - ١٣٩.

١٤٥

هذا هو واقع الأمر غير أنّ بعض المخطّئة لم يرتض ليوسف هذه المكارم والفضائل، واستدل على عدم عصمته بما ورد في سورة يوسف في حق العزيزة ومَن هو في بيتها، قال سبحانه:( وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبوابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبّي أَحْسَنَ مثوايَ إنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بِرْهَانَ رَبّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ ) (١)

ومحل الاستدلال: قوله( وهمَّ بها ) أي همّ بالمخالطة، وأنّ همّه بها كان كهمّها به، ولولا أن رأى برهان ربّه لفعل، وقد صانته عن ارتكاب الجريمة - بعد الهمّ بها - رؤية البرهان.

وبعبارة أُخرى: إنّ المخطّئة جعلت كلاًّ من المعطوف والمعطوف عليه( ولقد همّت به - وهمّ بها ) كلاماً مستقلاً غير مقيّد بشيء، وكأنّه قال:

ولقد همّت به: أي بلا شرط وقيد.

وهمّ بها: أي جزماً وحتماً.

ثم بعد ذلك - أي بعد الإخبار عن تحقّق الهم من الطرفين - استدرك بأنّ العزيزة بقيت على همّها وعزمها إلى أن عجزت، وأمّا يوسف فقد انصرف عن الاقتراف لأجل رؤية برهان ربّه، ولأجل ذلك قال:

( لولا أن رأى برهان ربّه ) أي ولولا الرؤية لاقترف وفعل وارتكب، لكنّه رأى فلم يقترف ولم يرتكب، فجواب لولا محذوف وتقديره ( لاقترف ).

ثم إنّ المخطّئة استعانوا في تفسير الآية بما ذكروه من الإسرائيليات التي لا

_____________________

١ - يوسف: ٢٣ - ٢٤.

١٤٦

يصح أن تنقل، وإنّما ننقل خبراً واحداً ليكون القارئ على اطلاع عليها: قالوا: جلس يوسف منها مجلس الخائن، وأدركه برهان ربّه ونجّاه من الهلكة، ثم إنّهم نسجوا هناك أفكاراً خيالية في تفسير هذا البرهان المرئي؛ فقالوا: إنّ طائراً وقع على كتفه، فقال في أُذنه: لا تفعل، فإن فعلت سقطت من درجة الأنبياء؛ وقيل: إنّه رأى يعقوب عاضّاً على إصبعه، وقال: يا يوسف أما تراني ؟ إلى غير ذلك من الأوهام التي يخجل القلم من نقلها.

غير أنّ رفع الستر عن مرمى الآية يتوقّف على البحث عن أُمور:

١- ما هو معنى ( الهم ) في قوله:( ولقد همّت به وهمّ بها ) .

٢- ما هو جواب( لولا أن رأى برهان ربّه ) وهذا هو العمدة في تفسير الآية.

٣- ما هو معنى البرهان ؟

٤- دلالة الآية على عصمة يوسف، وإليك تفسيرها واحداً تلو الآخر.

١- ما معنى الهم ؟

لقد فسّره ابن منظور في لسانه بقوله: همّ بالشيء يهم همّاً: نواه وأراده وعزم عليه، قال سبحانه:( وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) (١) .

روى أهل السير: أنّ طائفة من المنافقين عزموا على أن يغتالوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العودة من تبوك، ولأجل ذلك وقفوا على طريقه، فلمّا قربوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بتنحيتهم، وسمّاهم رجلاً رجلاً(٢) .

_____________________

١ - التوبة: ٧٤.

٢ - مجمع البيان: ٣/٥١ وغيره.

١٤٧

هذا هو معنى الهم، وتؤيّده سائر الآيات الوارد فيها لفظ الهم، ولو استعمل في مورد في خطور الشيء بالبال، وإن لم يقع العزم عليه، فهو استعمال نادر لا يحمل عليه صريح الكتاب.

أضف إلى ذلك أنّ الهمّين في الموردين بمعنى واحد، وبما أنّ همّ العزيزة كان بنحو العزم والإرادة، وجب حمل الهمّ في جانب يوسف عليه أيضاً لا على خطور الشيء بالبال؛ لأنّه تفكيك بين اللفظين من حيث المعنى بلا قرينة، ولكن تحقّق أحد الهمّين دون الآخر، لأنّ هم يوسف كان مشروطاً بعدم رؤية برهان ربّه، وبما أنّ العدم انقلب إلى الوجود، ورأي البرهان لم يتحقق هذا الهم من الأساس - كما سيوافيك - نعم لا ننكر أنّ الهم قد يستعمل بالقرينة في مقابل العزم، قال كعب بن زهير:

فكم فهموا من سيّد متوسع

ومن فاعلٍ للخير إن همّ أو عزم

ولكن التقابل بين الهم والعزم أوجب حمل الهم على الخطور بالبال، ولولاه لحمل على نفس العزم.

كما ربّما يستعمل في معنى المقاربة فيقولون: همّ بكذا وكذا، أي كاد يفعله، وعلى كل تقدير فالمعنى اللائح من الهم في الآية هو العزم والإرادة.

٢ - ما هو جواب لولا ؟

لا شك أنّ ( لولا ) في قوله سبحانه:( لولا أنْ رأى بُرهَانَ رَبّه ) ابتدائية فلا تدخل إلاّ على المبتدأ مثل ( لوما ) قال ابن مالك:

لولا ولوما يلزمان الابتدا

إذ امتناعاً بوجود عقدا

١٤٨

وممّا لا شك فيه أنّ ( لولا ) الابتدائية تحتاج إلى جواب، ويكون الجواب مذكوراً غالباً مثل قول القائل:

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لولا رجاؤك قد قتّلت أولادي

وقد تواترت الروايات عن الخليفة عمر بن الخطاب أنّه قال في مواضع خطيرة: ( لولا علي لهلك عمر ).

وربّما يحذف جوابها لدلالة القرينة عليه أو انفهامه من السياق، كقوله سبحانه:( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) (١) ، أي ولولا فضل الله ورحمته عليكم لهلكتم، وربّما يحذف الجواب لدلالة الجملة المتقدّمة عليه كقوله: ( قد كنت هلكت لولا أن تداركتك )، وقوله: ( وقتلت لولا أنّي قد خلصتك )، والمعنى لولا تداركي لهلكت، ولولا تخليصي لقُتلت، ومثل لولا سائر الحروف الشرطية قال الشاعر:

فلا يدعني قومي صريعاً لحرّة

لئن كنت مقتولاً ويسلم عامر

وقال الآخر:

فلا يدعني قومي ليوم كريهة

لئن لم أعجل طعنة أو أعجل

فحذف جواب الشرط في البيتين لأجل الجملة المتقدّمة.

وبالجملة: لا إشكال في أنّ جواب الحروف الشرطية عامة، وجواب ( لولا ) خاصة، يكون محذوفاً، إمّا لفهمه من السياق أو لدلالة كلام متقدّم عليه والمقام من

_____________________

١ - النور: ١٠.

١٤٩

قبيل الثاني، فقوله سبحانه:( ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه ) يؤوّل إلى جملتين: إحداهما مطلقة، والأخرى مشروطة.

أمّا المطلقة فهي قوله:( ولقد همّت به ) ، وهو يدل على تحقّق ( الهم ) من عزيزة مصر بلا تردد.

أمّا المقيدة فهي قوله:( وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه ) وتقديره: ( لولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها ) فيدل على عدم تحقّق الهم منه لمّا رأى برهان ربّه، وأمّا الجملة المتقدّمة على ( لولا ) أعني قوله( وهمّ بها ) فلا تدل على تحقّق الهم؛ لأنّها ليست جملة منفصلة عمّا بعدها، حتى تدل على تحقّق الهمّ، وإنّما هي قائمة مكان الجواب، فتكون مشروطة ومعلّقة مثله، وسيوافيك تفصيله عن قريب.

٣ - ما هو البرهان ؟

البرهان هو الحجّة ويراد به السبب المفيد لليقين، قال سبحانه:( فَذَانِكَ بُرْهَانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلائِه ) (١) ، وقال تعالى:( يَا أَيُّها النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) (٢) وقال سبحانه:( أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (٣) هو الحجّة اليقينية التي تجلّي الحق ولا تدع ريباً لمرتاب، وعلى ذلك فيجب أن يعلم ما هذا البرهان الذي رآه يوسفعليه‌السلام ؟

والذي يمكن أن يكون مصداق البرهان في المقام هو العلم المكشوف واليقين المشهود الذي يجر النفس الإنسانية إلى طاعة لا تميل معها إلى معصية ،

_____________________

١ - القصص: ٣٢.

٢ - النساء: ١٧٤.

٣ - النمل: ٦٤.

١٥٠

وانقياد لا تصاحبه مخالفة، وقد أوضحنا عند البحث عن العصمة أنّ إحدى أُسس العصمة هو العلم اليقين بنتائج المآثم وعواقب المخالفة علماً لا يغلب، وانكشافاً لا يقهر، وهذا العلم الذي كان يصاحب يوسف هو الذي صدّه عمّا اقترحت عليه امرأة العزيز.

ويمكن أن يكون المراد منه سائر الأمور التي تفيض العصمة على العباد التي أوضحنا حالها في الجزء الماضي(١) .

٤ - دلالة الآية على عصمة يوسفعليه‌السلام

إنّ الآية على رغم ما ذهبت إليه المخطّئة تدل على عصمة يوسفعليه‌السلام قبل أن تدلّ على خلافها.

توضيحه: أنّه سبحانه بيّ-ن همّ العزيزة على وجه الإطلاق وقال:( وهمّت به ) ، وبيّ-ن همّ يوسف بنحو الاشتراط وقال:( وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربّه ) ، فالقضية الشرطية لا تدل على وقوع الطرفين خصوصاً مع كلمة ( لولا ) الدالة على عدم وقوعهما.

فإن قلت: إنّ كلاًّ من الهمّين مطلق حتى الهم الوارد في حق يوسف وإنّما يلزم التعليق لو قلنا بجواز تقدّم جواب لولا الامتناعية عليها، وهو غير جائز بالاتفاق، وعليه فيكون قوله:( وهمّ بها ) مطلقاً إذ ليس جواباً لكلمة ( لولا ).

قلت: إنّ جواب ( لولا ) محذوف وتقديره ( لهمّ بها ) وليست الجملة المتقدمة جواباً لها حتى يقال: إنّ تقدم الجواب غير جائز بالاتفاق، ومع ذلك فليست تلك الجملة مطلقة، بل هي أيضاً مقيّدة بما قيد به الجواب؛ لأنّه إذا كان الجواب مقيداً

_____________________

١ - مفاهيم القرآن: ٤ / ٣٨٥ - ٣٩٢.

١٥١

فالجملة القائمة مكانه تكون مثله، وله نظير في الكتاب العزيز مثل قوله:( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) (١) والمعنى أنّه سبحانه ثبّت نبيّه فلم يتحقّق منه الركون ولا الاقتراب منه.

وقال سبحانه:( وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيءٍ ) (٢) والمعنى أنّ تفضّله سبحانه على نبيّه صار سبباً لعدم همّ الطائفة على إضلاله.

والآية مثل الآيتين غير أنّ الجواب فيها محذوف لدلالة الجملة المتقدّمة عليه بخلافهما.

وحاصل الكلام: أنّه في مورد الآية ونظائرها يكون الجزاء منتفياً بانتفاء شرطه، غير أنّ هذه الجمل إنّما تستعمل في ما إذا كانت هناك أرضية صالحة لتحقّق الجزاء، وإن لم يتحقّق لانتفاء الشرط، وفي مورد الآية، أرضية الهم كانت موجودة في جانب يوسف لتجهزّه بالقوى الشهوية، وغيرها من قوى النفس الأمّارة، وكانت هذه العوامل مقتضية لحدوث الهم بالفحشاء، ولكن صارت خائبة غير مؤثّرة لأجل رؤية برهان ربّه، والشهود اليقيني الذي يمنع النبي عن اقتراف المعصية والهم بها.

وإن شئت قلت: منعته المحبّة الإلهية التي ملأت وجوده وشغلت قلبه، فلم تترك لغيرها موضع قدم، فطرد ما كان يضاد تلك المحبّة.

وهذا هو مفاد الآية ولا يشك فيه مَن لاحظ المقدّمات الأربع التي قدّمناها.

وعلى ذلك فبما أنّ ( اللام ) في قوله:( ولقد همّت به ) للقسم يكون معنى

_____________________

١ - الإسراء: ٧٤.

٢ - النساء: ١١٣.

١٥٢

قوله:( وهمّ بها ) بحكم عطفه عليه والمعنى: والله لقد همّت امرأة العزيز به، و والله لولا أن رأى يوسف برهان ربّه لهمّ بها، ولكنّه لأجل رؤية البرهان واعتصامه، صرف عنه سبحانه السوء والفحشاء، فإذا بهعليه‌السلام لم يهم بشيء ولم يفعل شيئاً، لأجل تلك الرؤية.

أسئلة وأجوبة

ولأجل رفع الغطاء عن وجه الحقيقة على الوجه الأكمل تجب الإجابة عن عدّة من الأسئلة التي تُثار حول الآية، وإليك بيانها وأجوبتها:

السؤال الأوّل:

إنّ تفسير الهمّ الوارد في الآية في كلا الجانبين بالعزم على المعصية، تكرار لما جاء في الآية المتقدّمة بصورة واضحة وهي قوله:( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك ) ومع هذا البيان الواضح لا وجه لتكراره ثانياً بقوله:( ولقد همّت به وهمّ بها ) خصوصاً في همّها به إذ ورد في الآية المتقدّمة بصورة واضحة أعني قوله:( هيت لك ) .

والجواب: إنّ الدافع إلى التكرار ليس هو لإفادة نفسه مرة ثانية، بل الدافع هو بيان كيفية نجاة يوسف من هذه الغائلة، ولأجل ذلك عاد إلى نفس الموضوع مجدّداً ليذكر مصير القصة ونهايتها، وهذا نظير ما إذا حدّث أحد عن تنازع شخصين وإضرار أحدهما بالآخر واستعداده للدفاع عن نفسه، فإذا أفاد ذلك ثم أراد أن يشير إلى نتيجة ذلك العراك يعود ثانيةً إلى بيان أصل التنازع حتى يبيّن مصيره ونهايته، والآيتان من هذا القبيل.

١٥٣

وبذلك يظهر أنّ ما أفاده صاحب المنار في هذا المقام غير سديد حيث قال: إنّه قد علم من القصّة أنّ هذه المرأة كانت عازمة على ما طلبته طلباً جازماً مصرّة عليه ليس عندها أدنى تردّد فيه ولا مانع منه يعارض المقتضى له، فإذاً لا يصح أن يقال: إنّها همّت به مطلقاً إذ الهم مقاربة الفعل المتردّد فيه(١) .

أقول: قد عرفت دافع التكرار فلا نعيده، بقي الكلام فيما أفاده في تفسير الهم بأنّه عبارة ( عن مقاربة الفعل المتردّد فيه ) ولا يخفى أنّه لا يصح في قوله سبحانه:( وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ ) (٢) ، أي إخراج الرسول من مكّة، فهم كانوا جازمين بذلك، وقد تآمروا عليه في ليلة خاصة معروفة في السيرة والتاريخ، كما لا يصح في قوله سبحانه:( وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) (٣) ، حيث حاول المنافقون أن ينفروا بعير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العقبة في منصرفه من غزوة تبوك.

السؤال الثاني:

إنّ تفسير البرهان بالعصمة لا يتناسب مع سائر استعمالاته في القرآن، مثلاً البرهان في قوله سبحانه:( فَذانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ) (٤) عبارة عن معاجز موسى من العصا واليد البيضاء، وعلى ذلك فيجب أن يفسّر البرهان بشيء ينطبق على الإعجاز لا العصمة التي هي من مقولة العلم.

والجواب: إنّ البرهان بمعنى الحجّة وهي تنطبق تارة على المعجزة وأُخرى على العلم المكشوف واليقين المشهود الذي يصون الإنسان عن اقتراف المعاصي ،

_____________________

١ - تفسير المنار: ١٢/٢٨٦.

٢ - التوبة: ١٣.

٣ - التوبة: ٧٤.

٤ - القصص: ٣٢.

١٥٤

وقد سبق منّا في الجزء الرابع(١) أنّ العصمة لا تسلب القدرة، فهي حجّة للنبي في آجله وعاجله ودليل في حياته إلى سعادته.

السؤال الثالث:

إنّ قوله سبحانه:( كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشَاءَ ) ظاهر في أنّ( السوء ) غير ( الفحشاء ) فلو فسّر قوله:( ولقد همّت به وهمّ بها ) بالعزم على المعصية يلزم كونهما بمعنى واحد وهو خلاف الظاهر.

والجواب: إنّ المراد من( السوء ) هو الهم والعزم، والمراد من( الفحشاء ) هو نفس العمل، فالله سبحانه صرف ببركة العصمة - نفس الهم ونفس الاقتراف - كلا الأمرين.

قال العلاّمة الطباطبائي: الأنسب أنّ المراد بالسوء هو الهم بها والميل إليها، كما أنّ المراد بالفحشاء اقتراف الفاحشة وهي الزنا، ثم قال: ومن لطيف الإشارة ما في قوله:( لِنَصرف عنه السوء والفحشاء ) حيث جعل السوء والفحشاء مصروفين عنه لا هو مصروفاً عنهما، لما في الثاني من الدلالة على أنّه كان فيه ما يقتضي اقترافه لهما المحوج إلى صرفه عن ذلك، وهو ينافي شهادته تعالى بأنّه من عباده المخلصين، وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركهم فيه شيء، ولا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أيّ داع من دون الله سبحانه.

ثم قال: وقوله:( انّه من عبادنا المخلصين ) في مقام التعليل لقوله:( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) ، والمعنى عاملنا يوسف كذلك؛ لأنّه من عبادنا المخلصين، ويظهر من الآية أنّ من شأن المخلصين أن يروا برهان ربّهم

____________________-

١ - راجع الجزء الرابع: ٤٠١ - ٤٠٥.

١٥٥

وإنّ الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمّون بها بما يريهم الله من برهانه، وهذه هي العصمة الإلهيّة(١) .

السؤال الرابع:

لو كان المراد من( برهان ربّه ) هو العصمة، فلماذا قال سبحانه:( رأى برهانه ربّه ) ، فإنّ هذه الكلمة تناسب الأشياء المحسوسة كالمعاجز والكرامات لا العصمة التي هي علم قاهر لا يغلب ويصون صاحبه عن اقتراف المعاصي.

أقول: إنّ الرؤية كما تستعمل في الرؤية الحسّيّة والرؤية بالأبصار، تستعمل أيضاً في الإدراك القلبي والرؤية بعين الفؤاد قال سبحانه:( مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأَى ) (٢) ، وقوله سبحانه:( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَآهُ حَسَناً ) (٣) وقوله سبحانه:( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنْا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرينَ ) (٤) ، وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح بأنّ الرؤية تستعمل في الإدراك القلبي والاستشعار الباطني.

وعلى ذلك فيوسف الصديق لمّا وقع مقابل ذلك المشهد المغري، الذي يسلب اللب والعقل عن البشر، كان المتوقّع بحكم كونه بشراً، الميل إلى المخالطة معها والعزم على الإتيان بالمعصية، ولكنّه لمّا أدرك بالعلم القاطع أثر تلك المعصية صانه ذلك عن أي عزم وهمّ بالمخالطة.

هذا هو المعنى المختار في الآية، وبذلك تظهر نزاهة يوسف عن أي هم

_____________________

١ - الميزان: ١١/١٤٢.

٢ - النجم: ١١.

٣ - فاطر: ٨.

٤ - الأعراف: ١٤٩.

١٥٦

وعزم على المخالطة.

وهناك تفسير آخر للآية يتفق مع المعنى المختار في تنزيه يوسف عن كل ما لا يناسب ساحة النبوّة، غير أنّه من حيث الانطباق على ظاهر الآية يُعدّ في الدرجة الثانية، وهذا المعنى هو الذي اختاره صاحب ( المنار ) وطلاه بعض المعاصرين وزوّقه، وسيوافيك بيان صاحب المنار وما جاء به ذلك المعاصر في البحث التالي:

المعنى الثاني للآية

إنّ المراد من الهم في كلا الموردين هو العزم على الضرب والقتل مثل قوله سبحانه:( وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) (١) حيث قصد المشركون اغتيال النبي عند منصرفه من تبوك، فيكون المعنى أنّ امرأة العزيز همّت بضربه وجرحه وبطبيعة الحال لم يكن أمام يوسف إلاّ أن يدافع عن نفسه، غير أنّه رأى أنّ ذلك ربّما ينجرّ إلى جرح امرأة العزيز ويكون ذلك ذريعة بيدها لاتّ-ه-ام يوسف وبهته، فقد أدرك هذا المعنى ولم يهم بها وسبقها إلى الباب ليتخلّص منها، وعلى ذلك فيكون معنى الهم في كلا الموردين هو المضاربة لكنّه من جانب العزيزة بدافع ومن جانب يوسف بدافع آخر.

وهذا التوجيه يتناسب مع حالة العاشق الواله عندما يخفق في نيل ما يصبو إليه ويتوق إلى تحصيله، فإنّه في مثل هذا الموقف تحدث له حالة باطنية تدفعه إلى الانتقام من معشوقه الذي لم يسايره في مطلبه ولم يحقّق له غرضه، وقد حدث مثل هذا لامرأة العزيز، فإنّها عندما أخفقت في نيل ما تريد من يوسف، دفعها الشعور بالهزيمة والإخفاق إلى الانتقام من يوسف وهذا هو معنى قوله:( ولقد همّت به )

_____________________

١ - التوبة: ٧٤.

١٥٧

على الإطلاق وبلا تقييد.

ولم يكن في هذه الحالة أمام يوسف إلاّ أن يدافع عن نفسه، ولكنّه لمّا استشعر بأنّ ضرب العزيزة سوف يتخذ ذريعة لبهته واتهامه، اعتصم عن ضربها والهمّ بها، وهذا معنى قوله:( وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه ) .

وهذا المعنى هو المختار لبعض أهل التفسير، واختاره صاحب المنار، وسعى في تقويته بقوله: تالله لقد همّت المرأة بالبطش به لعصيانه أمرها وهي في نظرها سيّدته وهو عبدها وقد أذلّت نفسها له بدعوته الصريحة إلى نفسها بعد الاحتيال عليه بمراودته عن نفسه، ومن شأن المرأة أن تكون مطلوبة لا طالبة، ولكن هذا العبد العبراني قد عكس القضية وخرق نظام الطبيعة فأخرج المرأة من طبع أُنوثتها في دلالها وتمنّعها وهبط بالسيدة المالكة من عزّ سيادتها وسلطانها؛ وعندئذ همّت بالبطش به في ثورة غضبها وهو انتقام معهود من مثلها وممّن دونها في كل زمان ومكان(١) .

ثمّ إنّ بعض المعاصرين اختار المعنى المذكور غير أنّه فسّر( برهان ربّه ) بغير الوجه المذكور في هذا الرأي، بل فسّره بانفتاح الباب بإرادة الله سبحانه حيث إنّ امرأة العزيز كانت قد غلّقت الأبواب وأحكمت سدّها، وعندما وقع هذا الشجار بينها وبين يوسف، سبق يوسف إلى الباب فراراً منها وانفتح الباب له بإرادة الله سبحانه، وهذا هو برهان الرب الذي رآه، ويدل على ذلك أنّ القرآن يصرّح بغلق الأبواب ولا يأتي عن انفتاح الباب بأي ذكر، وهذا يدل على أنّ المراد من( برهان ربّه ) هو فتح الباب من عند الله سبحانه في وجه يوسف كرامة له.

ولا يخفى ضعف هذا التفسير؛ وذلك لأنّه لو كان المراد من البرهان هو

____________________

١ - تفسير المنار: ١٢/٢٧٨.

١٥٨

انفتاح الباب لزم ذكره عند قوله أو قبله( واستبقا الباب ) لا في الآية المتقدّمة عليه ويظهر ذلك بملاحظتهما حيث قال:

( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ) (١) .

( وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) (٢) .

ترى أنّه يذكر همّه بها ورؤية البرهان في آية، ثمّ يذكر استباقهما إلى الباب في آية أُخرى، مع الفصل بينهما بذكر أُمور منها( إنّه كان من المخلصين ) ، فلو كان المراد من ( رؤية البرهان ) هو انفتاح الباب كان المناسب ذكر الاستباق قبلها.

على أنّ الظاهر من قوله ( وغلّقت الأبواب ) هو سدّ الأبواب لا إقفالها بمعنى وضع قفل عليها يمتنع معه فتحها بيسر، وإنّما لم تقفلها لأنّها لم تكن تتوقّع من يوسف أن لا يستجيب لها ويعصي أمرها.

المعنى الثالث للآية

إنّ الهمّ من جانب يوسف هو خطور الشيء بالبال وإن لم يقع العزم عليه، وربّما يستعمل الهم في ذلك، قال كعب بن زهير:

فكم فهموا من سيّدٍ متوسّعٍ

ومن فاعلٍ للخير إن همّ أو عزم

ولا يخفى أنّ هذا التفسير عليل؛ لأنّ الظاهر من الهمّ في كلا الموردين واحد ولم يكن الهمّ من جانب العزيزة إلاّ العزم، والتفكيك بين الهمّين خلاف الظاهر.

وعلى كل تقدير فقصّة يوسف الواردة في القرآن تدل على نزاهته من أوّل

____________________

١ - يوسف: ٢٤.

٢ - يوسف: ٢٥.

١٥٩

الأمر إلى آخره وإنّه لم يتحقّق منه عزم ولا همّ بالمخالطة لا أنّه همّ وعزم وانصرف لعلّة خاصة.

ثم إنّ هناك لأكثر المفسّرين أقوالاً في تفسير الآية أشبه بقصص القصّاصين، وقد أضربنا عن ذكرها صفحاً، فمن أراد فليرجع إلى التفاسير.

وفي مختتم البحث نأتي بشهادة العزيزة بنزاهة يوسف عندما حصحص الحق وبانت الحقيقة وقد نقلها سبحانه بقوله:( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أَنَا رَاوَدتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ) (١) وشهدت في موضع آخر على طهارته واعتصام نفسه وقالت:( وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ ) (٢) .

____________________

١ - يوسف: ٥١.

٢ - يوسف: ٣٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

له كتب: منها كتاب كشف التمويه والغمة(١) ، كتاب التسليم على أمير المؤمنين (ع) بامرة المؤمنين(٢) ، كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل في فضل العلم، كتاب عدد الائمةعليهم‌السلام وماشد على المصنفين من ذلك، كتاب البيان في حيوة الرحمان، كتاب النوادر في الفقه، كتاب مناسك الحج، كتاب مختصر مناسك الحج، كتاب يوم الغدير، كتاب الرد على الغلاة والمفوضة، كتاب سجدة الشكر، كتاب مواطن امير المؤمنينعليه‌السلام ، كتاب في فضل بغداد، كتاب في قول أمير المؤمنين (ع): ألا أخبركم بخير هذه الامة. أجازنا جميعها، وجميع رواياته عن شيوخه(٣) .

____________________

(١) ذكر ابن حجر كتبه، وعمد إلى ترك ذكر بعضها مع انه حكى عن الشيخ في الفهرست وفي رجاله وعن النجاشي ما تقدم ونشير إلى ذلك وفيما ذكره اختلاف يسير كما تقف عليه بالنظر فيما ذكراه.

(٢) لم يذكره ابن حجر، وكذا كتابه في عدد الائمة (ع) وغيره مما لايخفى.

(٣) وتقدم اجازته للشيخ بجميع رواياته وأيضا سماعه عنه كتبه. وروى النجاشي عنه عن جماعة شيوخه كتب جماعة من مصنفي أصحابنا وراياتهم وكان عليه وقرائة بعضها وسماع بعض آخر منه.كما ان الشيخ روى في فهرسته بل في مواضع من رجاله كتب جماعة ورواياتهم عنه، وكذا في مشيخة التهذيبين وساير كتبه كالغيبة والامالي حسب ما أخرجناهم من كتبهما.ونحن نشير إلى مشايخهرحمه‌الله فيها منبها على موضع روايته عنه إذا إنفرد أحد العلمين (قدهما) بالرواية عنه عنهم وهم جماعة:(١) ابراهيم بن محمدبن معروف المزارى(٢) أحمد بن ابراهيم ابن أبي رافع الانصاري (النجاشي في ترجمته)(٣) أحمد بن ابن ابراهيم بن أبي رافع ابوعبدالله الصيمري(٤) احمد بن جعفر بن سفيان البزوفري(٥) احمد بن محمد بن سليمان ابوغالب الزراري(٦) أحمد بن محمد بن عمار ابوعلي الكوفي(٧) أحمد بن محمد بن عياش الجوهري (الفهرست في ترجمته) وفي الغيبة ١٨١ و ١٨٣: عن جماعة عنه والحسين داخل في جماعة مشايخه عنه.(٨) أحمد بن محمد ابن أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي(١٠) أحمد بن محمد بن نوح ابوالعباس السيرافي (الفهرست في ترجمته لكن في الغيبة ٢٢٧ عن جماعة عنه. والحسين داخل فيهم)(١١) أحمد بن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى الحسن بن محبوب، والحسين بن سعيد، ومحمد بن الحسن الصفار)(١٢) أحمد بن محمد أبوعبدالله الصفواني (الغيبة ٢٤٢)(١٣) احمد بن عبدالله بن جلين أبوبكر الدوري الوراق (الفهرست ترجمته وترجمة جماعة)(١٤) اسماعيل بن يحيى بن أحمد العبسي (النجاشي في ترجمة موسى ابن ابراهيم المروزي)(١٥) جعفر بن محمد بن قولويه(١٦) الحسن ابن حمزة بن علي بن عبيد الله العلوي (الفهرست في تراجم جماعة)(١٧) الحسن بن محمد بن حمزة المرعشي الطبري الحسيني.(١٨) الحسن بن محمد بن يحيى العلوي (الفهرست والنجاشي في اسماعيل بن علي المخزومي)(١٩) الحسين بن احمد بن موسى (النجاشي في محمد بن عبيد الله الحضيني الحسيني العلوي).(٢٠) الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (النجاشي كما تقدم في ترجمته وفي الغيبة ١٩٦ و ٢٤٣ و ٢٤٧ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢١) الحسين بن علي بن سفيان البزوفري(٢٢) سهل بن احمد ابن عبدالله الديباجي(٢٣) الشريف ابوالقاسم علي بن محمد بن علي ابن القاسم العلوي العباسي، سمع منه في سنة خمس وثلاثين وثلثمائة في منزله بباب الشعير (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٦٣ إلى ص ٢٧٠)(٢٤) علي بن محمد القلانسي (النجاشي في ترجمة حمزة بن القاسم، وربعي بن عبدالله، واسماعيل بن مهران، وجماعة).=

٢٨١

____________________

=(٢٥) عمر بن محمد بن سالم المعروف بابن الجعابي (الفهرست ترجمته)(٢٦) محمد بن أحمد بن داود ابوالحسن القمي(٢٧) محمد ابن أحمد الصفواني (ره) (الغيبة ١٨٨ و ١٩٢ وروى في ص ٢٣٨ عن جماعة عنه. والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).(٢٨) محمد بن الحسين البزوفري (المشيخة في طرقه إلى أحمد بن محمدبن عيسى وجماعة(٢٩) محمد بن عبدالله ابوالفضل الشيباني (الفهرست في تراجم جماعة، والمشيختين في طرقه إلى جماعة)(٣٠) محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق (ره) (الفهرست في تراجم جماعة، وفي رجاله ٤٩٥ في ترجمة الصدوق (ره) وفي امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٥ إلى ص ٥٨ وروى في الغيبة كثيرا عن جماعة عن الصدوق (ره) وهو داخل في الجماعة). (٣١) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون الكندي (الفهرست في ترجمة أحمدبن صبيح الاسدي)(٣٢) محمد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني (الفهرست في ابان بن عثمان).(٣٣) محمد بن محمد بن الحسين بن هارون (النجاشي في محمد ابن معروف الخزاز الهلالي)(٣٤) محمد بن علي بن فضل بن تمام أبوالحسين الدهقان (النجاشي في تراجم جماعة كثيرة).(٣٥) محمد بن رجعان (امالي ابن الطوسي ج ٢ / ٣٠٣ إلى ص ٣٠٨)(٣٦) محمد بن سفيان أبوجعفر البزوفري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى أحمد بن إدريس، ومحمد بن أحمد بن يحيى الاشعري وأحمد بن محمد بن عيسى، والغيبة ١١٠ و ٢٠٣، و ٢٠٩، و ٢٦١، و ٢٦٥).(٣٧) محمد بن وهبان الديبلي (النجاشي في أحمد بن إبراهيم ابن المعلى العمي)(٣٨) نصر بن عامر بن وهب أبوالحسن السنجاري (النجاشي روى عنه عنه جمع كتبه وقال قال: قرأت عليه أكثرها، وأجازني الباقي).(٣٩) هارون بن موسى التلعكبري (مشيخة التهذيبين في طرقه إلى جماعة منهم الكليني، وفي الفهرست في ترجمة الكلينى، وإبراهيم ابن اسحاق الاحمري، واحمد بن علي الخضيب الايادي، وفي أمالي ابن الطوسي ج ١ / ٣٠٧ إلى ص ٣٢٦ وج ٢ / ٥٨ / ٢٥٦ إلى ص ٢٦٣ و ٣٠٨ إلى ص ٣١٤ وفي الغيبة روى عن جماعة عن التلعكبري في روايات كثيرة منها في(٢١١). والحسين بن عبيد الله داخل فيهم).

(٤٠) محمد بن وهبان أبوعبدالله الازدي (أمالي ابن الطوسي ج ٢ / ٢٩٣)(٤١) محمد بن وهبان ابوعبدالله الهنائي البصري (الامالي ج ٢ / ٢٧١ إلى ص ٢٨٣) ولعله يتحد مع سابقه فلا حظ. وقد أدرك الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله عبيد الله بن أبي زيد أبا طالب الانباري شيخ أصحابنا في عصره المتوفى(٣٥٦) لما قدم بغداد كما يأتي في ترجمته وقوله: قال الحسين بن عبيد الله: قدم أبوطالب بغداد واجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه فلم يفعلوا ذلك. وقال الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن محمد بن عمار أبي علي الكوفي(٢٩): قال الحسين بن عبيد الله: توفي أبوعلي أحمد بن محمد بن عمار سند ٣٤٦.وفي ترجمة أحمد بن محمد أبي غالب الزراري(٣٢) بعد ذكر كتبه: قال الحسين بن عبيد الله: قرأت سائره عليه عدة دفعات ومات (رض) في سنة ٣٦٨. (*)

٢٨٢

٢٨٣

٢٨٤

وماترحمه‌الله في نصف صفر سنة إحدى عشر وأربعمائة(١) .

____________________

(١) كما تقدم عن الشيخ في رجاله وعن ابن حجر في لسان الميزان. (*)

٢٨٥

١٦٥ - الحسين بن علي بن الحسين بن محمد ابن يوسف الوزير أبوالقاسم المغربي

من ولد بلاس بن بهرام جور (معرب كور) وأمه فاطمة بنت أبي عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة(١) .

____________________

(١) يأتي في ترجمة هارون بن عبدالعزيز ابي علي الاراجني الكاتب رقم(١١٨٥) قوله: وكان حسن التخصيص بمذهبنا، وهو جد أبي الحسين علي بن الحسين المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم.

وفي ترجمة محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني رقم(١٠٤٥) قوله: كان الوزير أبوالقاسم الحسين بن علي بن الحسين بن الحسين بن علي ابن محمد بن يوسف المغربي ابن بنته فاطمة بنت أبي عبدالله محمد بن ابراهيم النعمانيرحمهم‌الله . وقال ابن خلكان: وأما هو فأمه بنت محمد بن ابراهيم بن جعفر النعماني. ذكره في (أدب الخواص). وذكره إبن خلكان في الوفيات ج ١ / ٤٢٨ بنسبه وزاد بعد يوسف: ابن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن بادان بن ساسان بن الحرون بن بلاش بن جاماس بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور المعروف بالوزير المغربي وذكر نحوه الحموي في المعجم ج ١٠ / ٧٩. ولقب وهو وساير أهله بالمغربي بأحد أجداده: أبوالحسين علي ابن محمد.كانت له ولاية في الجانب الغربي ببغداد وكان يقال: له المغربي. كذا ذكره ابن خلكان. وقال وجدت في بعض المجاميع ما صورته: وجد بخط والد الوزير المغربي على ظهر " مختصر اصلاح المنطق " الذي اختصره ولده الوزير ما مثاله: ولد سمله الله تعالى، وبلغه مبالغ الصالحين في أول وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الاحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلثمائة، واستظهر القرآن العزيز، وعدة من الكتب المجردة في النحو واللغة، ونحو خمسة عشر الف بيت من مختار الشعر القديم ونظم الشعر، وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظرائه ومن حساب المولد، والجبر، والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر هذا الكاتب، فتناهى في اختصاره وأوفي على جميع فوائده حتى لم يفته شئ من ألفاظه وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره، فابتدأ به وعمل منه عدة أوراق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشرة سنة، وأرغب إلى الله سبحانه في بقائه ودوام سلامته. أه‍ كلام والده. وذكره نحوه ملخصا في معجم الادباء. وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٣٠١ وقال ابن حجر: وكان كثير الازراء بالفضلاء يسأل النحوي عن الفقه، والفقيه عن التفسير، والمفسر عن العروض وأمثال ذلك، وكان ينسب إلى الدهاء وخبث الباطن مع ما فيه من التشيع إلى آخر كلامه. (*)

٢٨٦

٢٨٧

له كتب: منها كتاب خصائص علم القرآن(١) ، كتاب إختصار إصلاح المنطق(٢) ، كتاب إختصار غريب المصنف، رسالة في القاضي والحاكم، كتاب الالحاق بالاشتقاق، إختيار شعر أبي تمام، اختيار شعر البختري، إختيار شعر المتنبي والطعن عليه(٣) .

____________________

(١)وفي لسان الميزان: وله تفسير (إلى أن قال:) وإنه أملى عدة مجالس في تفسير القرآن والاحتجاج في التنزيل بكثير من الاحاديث المسموعة له.وفى المعالم(١٣٨) أبوالقاسم المغربي بالوزير له كتاب المصابيح في تفسير القرآن.

(٢) وفي لسان الميزان: اختصر (كتاب اصلاح المنطق) إختصارا جيدا وشرع في نظمه، كل ذلك قبل أن يستكمل سبع عشرة سنة.

(٣) وفي لسان الميزان: ذكر له كتبا أخر منها: كتاب أدب الخواص والايناس في النوادر في النسب، ديوان نظم كثير المحاسن، رسالة فيها أسئلة من عدة فنون. وقال: دالة على تبحره في العلوم. وفي وفيات الاعيان: هو صاحب الديوان: الشعر، والنثر، وله (مختص إصلاح المنطق)، وكتاب " الايناس " وهو مع صغر حجمه كثير الفائدة، ويدل على كثرة اطلاعه، وكتاب " أدب الخواص "، وكتاب " المأثور، في ملح الخدور " وغير ذلك. وكان لابي العلاء أحمد بن عبدالله المعري المتوفي(٤٤٩) إليه رسائل. قال أبوالحسن الباخرزي المتوفي سنة ٤٦٧ في دمية القصر ج ١ / ١٧٦ / ٣١ عند ذكر إبي القاسم الوزير المغربي: قرأت في رسائل أبي العلاء المعري اليه ما نبهني عليه، وعرفني درجته في البلاغة إوختصاصه من صناعة النظم والنثر بحسن الصياغة، وكان يلقب بالكمال ذي الجلالتين ولم يقع إلي من شعره إلا ماأنشدنيه الاديب يعقوب بن احمد النيسابوري قال الخ.ولما توفي الشريف الرضي الموسويرحمه‌الله أرثاه الوزير المغربي بقصيدة منها:

أذكرتنا يابن النبي محمد

يوما طوى عني اباك محمدا

ولقد عرفت الدهر قبلك ساليا إلا عليك فما أطاق تجلدا

ما زال نصل الدهر يأكل غمده

حتى رأيت في حشاه مغمدا

ذكره محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ في وقايع سنة(٤٠٦). (*)

٢٨٨

توفيرحمه‌الله يوم النصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة(١) .

____________________

(١) قال ابن خلكان: توفي في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وقيل ثمان وعشرين والاول أصح، وكانت وفاته بميافارقين، وحمل إلى الكوفة بوصية منه، وله في ذلك حديث يطول شرحه، ودفن بها في تربة مجاورة لمشهد الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأوصى أن يكتب على قبره (من الخفيف).

كنت في سفرة الغواية والجمل

مقيما فحان مني قدوم

تبت من كل مأثم فعسى يمحي

بهذا الحديث ذاك القديم

بعد خمس واربعين، لقد ما

طلت، إلا أن العزيم كريم

وذكره ياقوت الحموي في معجمه نحوه.(*)

٢٨٩

١٦٦ - الحسين بن محمد بن جعفر الخالع

أبوعبدالله الشاعر الاديب، له كتاب صنعة الشعر، كتاب المدارات، كتاب أمثال العامة(١) .

____________________

(١) قال السيوطي في بغية الواعاة(٢٣٥): الحسين بن محمد ابن جعفر بن محمد بن الحسين الرافقي النحوي يالمعروف بالخالع. قال الصفدي: كان من كبار النجاة، أخذ عن الفارسي، والسيرافي ويقال: انه من ذرية معاوية، فكان من الشعراء. صنف الامثال، تخيلات العرب، شرح شعر أبي تمام، صناعة الشعر، الاودية والجبال والرمال، وغير ذلك كان موجودا في عشر الثمانين وثلاثمائة قلت: حدث عنه الخطيب انتهى. وذكره نحوه في معجم الادباء ج ١٠ / ١٥٥ لكن ذكر وفاته سنة(٣٦٨).وذكره ابن النديم(٢٤٦) في الشعراء المحدثين بعد الثلثمائة قال: الخالع أبوعبدالله محمد بن الحسين (الحسين بن محمد ظ)، لقى سيف الدولة وله من الكتب. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٥ قائلا: الحسين بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن محمد بن عبدالباقي، أبوعبدالله الشاعر المعروف بالخالع.رافقي الاصل سكن الجانب الشرقي من بغداد وحدث عن احمد بن الفضل بن خزيمة.إلى أن قال: كتبت عنه. إلى أن قال: مات الخالع في يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان يذكر انه ولد في يوم السبت مستهل جمادي الاولى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة. (*)

٢٩٠

مذهبه: لم يصرح الماتن (ره) بمذهبه إلا ان ذكره في مصنفي أصحابنا الامامية مع عدم تعرضه لمذهبه على ما هو طريقته يشير إلى كونه من الشيعة الامامية نعم لم أقف على من عده منهم ولا على ما يشير إلى ذلك. وأما ما في مجمع الرجال من ذكر كتاب (الزيارات) بدل ما في نسخة المتن (كتاب المدارات)، فلو ثبت فلا يدل على تشيعه فلا حظ. وقد ترجمه العامة في كتبهم في الرجال والتراجم وفي النجاة والشعراء والادباء ولم أقف عاجلا على رميهم اياه بالتشيع والظاهر انه عامي. نعم ضعفوه بانه كذاب كما في ميزان الاعتدال ج ١ / ٥٤٧، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٠ وعولا في ذلك على الخطيب فيما رواه وسمعه عن محمد بن احمد المصري الصواف قال: لم اكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم ابوعبدالله الخالع: وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ / ١٠٦ في ترجمته. قلت: ومن العجيب انهم أطلقوا تضعيفه بأنه كذاب واعتمدوا في ذلك على محمد بن احمد أبي الفتح الصواف المصري المتوفى(٤٤٠) الذي ضعفوه في ترجمته، بانه متهم، وكان يشتري من الوراقين الكتب التي لم يكن سمعها ويستمع فيها لنفسه. ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٣ / ٤٦٣، والخطيب في تاريخ بغداد ج ١ / ٣٥٤. هذا آخر باب الحسن والحسين ويأتي بعده

٢٩١

تذييل باب الحسن والحسين

الحسن بن ابي الحسين احمد ابومحمد الناصر الصغير هو جد الادنى للسيدين الشريفين الرضي والمرتضى علم الهدىرضي‌الله‌عنه ما وقد مدحه الشريف المرتضى في ديباجة كتابه في شرح (الناصريات) عند ذكر نسبه قائلا: أما ابومحمد الحسن الملقب بالناصر بن ابي الحسين احمد الذي شاهدته وكاثرته، وكانت وفاته ببغداد في سنة ثمان وستين وثلثمائة، فانه كان خيرا، فاضلا، دينا، نقي السريرة، جميل النية، حسن الاخلاق، كريم النفس، وكان معظما مبجلا مقدما في أيام معز الدولة، وغيرها، لجلالة نسبه، ومحله في نفسه، ولانه كان ابن خالة بختيار عز الدولة، فان ابا الحسين احمد والده تزوج بحجر (حجير خ ل) بنت سهلان كساء الديلمي، وهي خالة بختيار، وأخت زوجة معز الدولة، ولوالدته هذه بيت كبير في الديلم، وشرف معروف. وولى أبومحمد الناصر جدي الادنى النقابة على العلويين بمدينة السلام عند اعتزال والديرحمه‌الله لها سنة اثنى وستين وثلثمائة. وقال في عمدة الطالب(٣١٠) في عقب ابي الحسين احمد بن الناصر مالفظه: أبومحمد الحسن الناصر الصغير النقيب ببغداد، وأبو الحسن محمد، فمن ولد الناصر ابوالقاسم ناصر الملقب (بريقا) بن الحسين بن احمد بن الحسن الناصر الصغير المذكور، ومنهم فاطمة بنت

٢٩٢

الناصر الصغير المذكور وهي ام الرضيين ابني ابي أحمد النقيب الموسوي. قلت: تقدم تمام نسبه في الحسن بن علي الناصر. الحسن بن أحمد أبوالقاسم وكيل الناحية المقدسة روى الصدوق (ره) في الاكمال(٤٥٩) عن ابيه (رض) عن سعد بن عبدالله قال حدثني أبوالقاسم ابن ابي حليس قال: كنت أزور الحسينعليه‌السلام في النصف من شعبان، فلما كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وهممت أن لا أزور في شعبان فلما دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها، فخرجت زائرا، وكنت اذا أردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة، فلما كان في هذه الدفعة قلت لابي القاسم الحسن بن احمد الوكيل: لا تعلمهم بقدومي فاني اريد ان اجعلها زورة خالصة قال: فجائني ابوالقاسم وهو يبتسم وقال: بعث الي بهذين الدينارين وقيل لي: ادفعهما إلى الحليسي وقل له: من كان في حاجة الله عزوجل كان الله في حاجته الحديث بطوله. قلت وفيه امور تدل على عنايته (ع) للحليسي، والحليسي غير مذكور بشي في الرجال. الحسن بن أحمد الكوفي هو الذي صلى على علي بن جندب الكوفي سنة ثمان وستين ومأتين. ذكره الشيخ في رجاله(٤٧٩) فيمن لم يرو عنهم (ع) في علي بن جندب.

٢٩٣

الحسن بن أيوب بن نوح

كان من اصحاب ابي محمد العسكري (ع)، ومن جماعة الشيعة الذين وفق لهم التشرف بزيارة امامنا الحجة عجل الله فرجه الشريف في أيام أبيه ابي محمد العسكريعليهما‌السلام وسمعوا منه النص على امامة ولده (ع) وخلافته من بعده ذكرناه في طبقات اصحابهما في حديث طويل، وهو غير الحسن بن أيوب المتقدم ص ١٠١ / ١١٢

الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي

ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) قائلا: الحسن بن حبيش الاسدي روى عنه ابراهيم بن عبدالحميد الكوفي. وفي أصحاب الصادق (ع)(١٦٧): الحسن بن حبيش الاسدي الكوفي.وقال أيضا(١٦٦): الحسن بن حبيش الكوفي. وعن نسخة بدله: الحسن بن خنيس الكوفي. (بالخاء المعجمة والسين المهملة) وفي جامع الرواة حكى الثاني عن نسخة قديمة صحيحة. وفي مجمع الرجال ضبطه كذلك. وقال ابن داود(١٠٦) الحسن بن خنيس بالخاء المعجمة والنون المفتوحة والسين المهملة. ق (حج، كش) ثقة، وهو غير الحسن بن حبش (بالحاء المهملة والباء المفردة) ذاك روى عن قر، ق. وقال البرقي في أصحاب الباقرعليه‌السلام (١٢): الحسن بن أبي حبيش.

٢٩٤

وقال الكشي(٢٥٤): محمد بن مسعود قال حدثني حمدويه قال حدثني الحسن بن موسى عن جعفر بن محمد الخثعمي عن ابراهيم ابن عبد الحيمد الصنعاني عن أبي أسامة زيد الشحام قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) إذ مر الحسن بن حبيش، فقال أبوعبدالله (ع)، أتحب هذا؟ هذا من أصحاب أبي (ع).وبهذا الاسناد عن إبراهيم عن رجل عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام قال: ينبغي للرجل أن يحفظ أصحاب أبيه فان بره بهم بره بوالديه. وقال العلامة في الخلاصة(٤١) بعد الحديث الاول: روى السيد على بن احمد العقيقي العلوي عن ابيه عن ابراهيم بن هاشم عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن ابي عبداللهعليه‌السلام مثل ماروى الكشي. قلت: الحديثان قاصران سندا أما بطريق الكشي، فبالخثعمي المجهول مع قصور الثاني سندا أيضا بالارسال وأما بطريق العقيقي فضعيف بالعقيقي المطعون، ودلالة لعدم دلالة كونه من اصحاب ابي جعفر (ع) على وثاقته مع عدم ذكر الحسن بالخصوص في الثاني. ثم انه لايبعد اتحاد الجميع وكونه من اصحاب الصادقين (ع) بقرينة رواية ابراهيم بن عبدالحميد عنه، فروى في الكافي ج ١ / ١٧٢ باب تحليل الميت عن علي بن ابراهيم عن ابيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن خنيس قال قلت لابي عبدالله (ع) ان لعبد الرحمان بن سيابة دينا الحديث، ورواه الصدوق في باب الدين والقرض من الفقيه ٣٦١ / ٣١ باسناده عن ابراهيم بن عبدالحميد عن الحسن بن الخنيس

٢٩٥

قال قلت لابي عبدالله (ع) الحديث.واما ما في التهذيب ج ٦ / ١٩٥ / ٤٢٦: وعنه (محمد بن علي بن محبوب) عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبدالحميد قال قلت لابي عبدالله الحديث، فالظاهر بقرينة الكافي، والفقيه: سقوط (عن الحسن بن خنيس) من نسخ الكتاب. ولم أقف على رواية للحسن ابن خنيس غير ما تقدم.

الحسن بن الحسين الانباري

التهذيب ج ٦ / ٣٣٥ عن محمد بن يعقوب عن (الكافي ج ١ / ٣٥٩) علي بن ابراهيم عن أبيه عن علي بن الحكم عن الحسن بن الحسين الانباري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: كتبت إليه أربعة عشر سنة استأذنه في عمل السلطان فلما كان في آخر كتاب كتبته اليه أذكر: إنني أخاف على خيط عنقي وان السلطان يقول: رافضي ولسنا نشك في انك تركت عمل السلطان للترفض، فكتب إلى ابوالحسن (ع) انك اذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تصير أعوانك وكتابك من أهل ملتك، وإذا صار إليك شئ واسيت به فقراء المؤمنين حتى تكون واحدا منهم كان ذا بذا، وإلا فلا. الحسن بن الحسين الذي روى عنه ابراهيم بن سليمان النهمي ذكره الشيخ في الفهرست(٥١) بعد الحسن بن علي الكلبي ورواياته بقوله: والحسن بن الحسين، له روايات رويناهما بالاسناد

٢٩٦

الاول (أخبرنا به أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عن ابراهيم ابن سليمان عنهما. قلت: طريقه موثق بحميد الواقفي الثقة هذا بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون وساير مشايخ النجاشي. ثم إنه لم يتميز الحسن بن الحسين إلا برواية ابراهيم بن سليمان النهمي عنه، وهو ثقة في الحديث كما تقدم في ترجمته ج ١ / ٢٧١، ويمكن اتحاد الحسن بن الحسين هذا مع الحسن بن الحسين الانباري المتقدم.

فلاحظ. الحسن بن الحسين ابوالفضل العلوي ذكره الشيخ بلا كنيته في أصحاب الرضا (ع)(٣٧٤) وفي أصحاب الهاديعليه‌السلام (٤١٤). ولعله الذي اشتكى عن احمد ابن حماد المروزي عند أبي الحسن الهادي (ع). ذكره الكشي في ترجمته(٣٤٧). ودخل على أبي محمد العسكريعليه‌السلام فهنأه بولادة الامام الحجة أرواحنا فداه. رواه الشيخ في الغيبة(١٣٨) قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي قال حدثني محمد ابن علي عن حنظلة بن زكريا الثقة قال حدثني عبدالله بن العباس العلوي وما رأيت أصدق لهجة منه وكان خالفنا في أشياء كثيرة قال حدثني أبوالفضل الحسين بن الحسن العلوي قال: دخلت على أبي محمد (ع) بسر من رأى، فهنأته بسيدنا صاحب الزمان (ع) لما ولد. ورواه أيضا(١٥١) عن شيخه ابن أبي جيد القمي عن ابن الوليد

٢٩٧

عن عبدالله بن العباس بن عبدالله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (ع) عن أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال الحديث.رواه الصدوق (ره) في الاكمال(٤٤٠) عن ابن الوليد عن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الكرخي قال حدثنا عبدالله بن العباس العلوي الحديث. قلت: قد اختلفت الروايات وكلام الاصحاب في الضبط تارة (الحسن) وأخرى (الحسين). الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) المدني المعروف بالحسن بالمثلث ذكره الشيخ في اصحاب الباقر (ع)(١١٢) وقال: المدني، تابعي عن جابر بن عبدالله وهو اخو عبدالله بن الحسن وابراهيم لامهما وأبيهما أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن ابيطالب (ع) توفى قبل وفاة أخيه عبدالله. وفي اصحاب الصادق (ع) ايضا(١٦٥) وقال: تابعي روى عن جابر بن عبدالله مات سنة خمس وأربعين ومائة بالهاشمية، وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: أن صح ما ذكره الشيخ وغيره في تاريخ وفاته ومدة عمره فلا تصح روايته عن جابر المتوفى(٧٨) كما ذكرها الشيخ وغيره فان ولادة الحسن على هذا سنة(٧٧). قال البخاري في سر السلسلة(١٤): وابوعلي الحسن بن الحسن ابن الحسن بن علي بن ابيطالب (ع) امه فاطمة بنت الحسين بن علي بن

٢٩٨

ابيطالب (ع). مات سنة خمس واربعين ببغداد في حبس المنصور. قلت: أي خمس واربعين بعد المائة. وذكره في عمدة الطالب مع عقبه(١٨٢). وقال ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(١٢٦) بعد ذكره وذكر امه: وكان متألها، فاضلا، ورعا، يذهب في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مذهب الزيدية، ثم روى روايات تدل على انه كان لا يدهن ولا يكتحل ولا يلبس ثوبا لينا، ولا يأكل طيبا مادام أخيه عبدالله بالحبس ثم قال: وتوفى الحسن بن الحسن في محبسه بالهاشمية في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وستين سنة. قلت: واشار ابوالفرج إلى وفاته في حبس الهاشمية في ابراهيم أخيه(١٢٧) وفى على أخيه(١٢٩) وهناك روايات في توصيف محبسهم وظلمته وانه لايعرف اوقات الصلوات الا بأجزاء يقرؤها علي بن الحسن ابن الحسن بن الحسن. وفى رواية: حبسهم ابوجعفر في محبس ستين ليلة ما يدرون بالليل ولا بالنهار ولا يعرفون وقت الصلاة الا بتسبيح علي بن الحسن. وقد قيدوا بالحديد والاغلال وضيق عليهم حتى نحفت ابدانهم وضعفت ففي رواية سليمان بن داود بن الحسن والحسن ابن جعفر قالا: لما حبسناكان معنا علي بن الحسن وكانت حلق أقيادنا قد إتسعت فكنا اذا أردنا صلاة أو نوما جعلناها عنا فاذا خفنا دخول الحراس أعدناها الحديث. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٣ بترجمة وأرخ وفاته بالهاشمية كما تقدم. قلت: قد أوردنا ما ورد في احوال الحسن بن الحسن بن الحسن وفى محبسه في كتابنا في اخبار الرواة. قال الكشي في ترجمة سليمان بن خالد(٢٣٠): حمدويه قال

٢٩٩

حدثنا محمد بن عيسى قال حدثني يونس عن ابن مسكان عن سليمان ابن خالد قال: لقيت الحسن بن الحسن فقال أما لنا حق أما لنا حرمة اذا اخترتم منا رجلا واحدا، كفاكم؟ فلم يكن عندي جواب، فلقيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته بما كان من قوله لي، فقال لي ألقه، فقل له: أتيناكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند غيركم، فقلتم: لا، فصدقناكم وكنتم أهل ذلك، وأتينا بني عمكم، فقلنا: هل عندكم ما ليس عند الناس، فقالوا: نعم. فصدقناهم وكانوا أهل ذلك، قال فلقيته، فقلت له ما قال لي، فقال لي الحسن: فان عندنا ما ليس عند الناس، فلم يكن عندي شئ، فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فأخبرته، فقال لي: ألقه وقل: ان الله عزوجل يقول في كتابه " أتوني بكتاب من قبل هذا أو اثارة من علم ان كنتم صادقين " فأقعدوا حتى نسألكم. قال فلقيته، فحاججته بذلك، فقال لي أفما عندكم شئ الا تعيبونا ان كان فلان يفزع وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا. محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات(١٥٦) باب(١٤) حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن علي بن سعد قال: كنت قاعدا عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده أناس من أصحابنا فقال له معلى بن خنيس: جعلت فداك ألقيت من الحسن بن الحسن ثم قال له الطيار: جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك اذ لقيت محمد بن عبدالله بن الحسن على حمار حوله أناس من الزيدية الحديث. قلت: بالتأمل في الحديثين يظهر إن المراد بالحسن بن الحسن هو الحسن بن الحسن بن الحسن أخو عبدالله وعم محمد ويتضح بما رواه الصفار في هذا الباب وهو أن الائمة (ع) أعطوا الجفر والجامعة

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321