عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم17%

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 321

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 321 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127747 / تحميل: 8588
الحجم الحجم الحجم
عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

عيسى(1) . فعلى هذا يحتمل كونه سندي بن عيسى الثقة الآتي(2) ، فتأمّل.

وفي كتاب الحدود من الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ـ في مسائل إسماعيل بن عيسى ـ ، عن الأخيرعليه‌السلام (3) في مملوك الحديث(4) .

وفيه إشارة أيضا إلى معروفيّته ، وكونه معتمدا ، وصاحب مسائل معروفة معهودة.

ويروي عنه إبراهيم بن هاشم(5) ، وابنه(6) ، وسعد(7) .

ويظهر من الصدوق في ذكر طرقه إليه(8) معروفيّته والاعتماد عليه ، فلاحظ ،تعق (9) .

أقول : أمّا عيسى بن الفرج السندي فلم نذكره لجهالته ، وهو مذكور فيق منجخ (10) كما ذكره من غير زيادة ، إلاّ أنّ في نسخة بدل ابن الفرج : أبو الفرج.

والذي في الكنى هكذا : فيست : أبو الفرج السندي له كتاب ، جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن همّام ، عن حميد ، عن القاسم بن‌

__________________

(1) منهج المقال : 393.

(2) منهج المقال : 176.

(3)عليه‌السلام ، لم ترد في الكافي.

(4) الكافي 7 : 261 / 5.

(5) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(6) كذا في النسخ ، وفي التعليقة : وابنه سعد.

(7) الاستبصار 2 : 85 / 266 ، وكذا في أكثر الروايات فإنه يروي عنه ابنه سعد.

(8) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(9) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(10) رجال الشيخ : 259 / 586.

٨١

إسماعيل ، عن أحمد بن رباح ، عنه(1) .

وقال الميرزا بعد نقله : روى عن الصادقعليه‌السلام ، اسمه عيسى(2) .

379 ـ إسماعيل بن الفضل :

ابن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ثقة ، من أهل البصرة ،قر (3) .

وزادصه بعد عبد المطلب : الهاشمي(4) ، من أصحاب أبي جعفر الباقرعليه‌السلام . وبعد من أهل البصرة : روي أنّ الصادقعليه‌السلام قال : هو كهل من كهولنا ، وسيّد من ساداتنا. وكفاه بهذا شرفا ، مع صحّة الرواية(5) ، انتهى.

وسند الرواية لم أطّلع عليه.

وفيق : ابن الفضل الهاشمي المدني(6) .

وفيكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن ابن فضّال : أنّ إسماعيل بن الفضل الهاشمي كان من ولد نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب ، وكان ثقة ، وكان من أهل البصرة(7) .

وفيتعق : لا وجه لاقتصار العلاّمة على كونه من أصحاب الباقرعليه‌السلام ، مع أنّ ظاهر الرواية وصريح الشيخ أنّه من أصحاب الصادق عليه‌

__________________

(1) الفهرست : 192 / 893.

(2) منهج المقال : 393.

(3) رجال الشيخ : 104 / 17.

(4) الهاشمي ، لم ترد في المصدر.

(5) الخلاصة : 7 / 1.

(6) رجال الشيخ : 147 / 88.

(7) رجال الكشي : 218 / 393.

٨٢

السلام أيضا ، بل يأتي في ابن أخيه الحسين بن محمّد روايته عن الكاظمعليه‌السلام أيضا(1) ، وأشار إليه المصنّف في أخيه إسحاق(2) ، ولا وجه لعدم إشارته هنا(3) .

قلت : في الحاوي : هذا هو الهاشمي المكرّر ذكره في الحديث ؛ ثمّ وأخذ العلاّمةرحمه‌الله على الاقتصار المذكور(4) .

ولا يخفى أنّ وجهه أخذ العلاّمة مجموع ما ذكره من الوصف والنسب والوثاقة من كلام الشيخرحمه‌الله فيقر ، وعدم ملاحظة ما فيق ، أو ملاحظته وظنّه تغايره معه. وأمّا ما في ابن أخيه ، فقد مرّ في إسحاق ـ أخيه ـ ما فيه.

وفيمشكا : ابن الفضل الثقة ، عنه محمّد بن النعمان ، وعليّ بن رئاب ، وأبان بن عثمان(5) .

380 ـ إسماعيل بن قدامة :

ابن حماطة الضبّي ، الكوفي ، أسند عنه ،ق (6) .

381 ـ إسماعيل القصير :

هو ابن إبراهيم.

382 ـ إسماعيل بن كثير البكري :

القيسي ، الكوفي ، أبو الوليد ، أسند عنه ،ق (7) .

__________________

(1) منهج المقال : 116.

(2) منهج المقال : 53.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 36.

(5) هداية المحدثين : 20.

(6) رجال الشيخ : 147 / 85.

(7) رجال الشيخ : 148 / 123.

٨٣

383 ـ إسماعيل بن كثير السلّمي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (1) .

384 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسحاق :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام (2) ، ثقة ، روى عن جدّه إسحاق بن جعفر وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب ، إسحاق بن العبّاس ، عن أبيه ، عنه ، به(4) .

أقول : فيمشكا : ابن محمّد بن إسحاق بن جعفر ، إسحاق(5) بن العبّاس عن أبيه عنه.

وهو عن جدّه إسحاق بن جعفر ، وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر(6) .

385 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل :

ابن هلال المخزومي ، أبو محمّد ، وجه أصحابنا المكّيّين ، كان ثقة فيما يرويه. قدم العراق ، وسمع أصحابنا بها(7) منه ، مثل : أيّوب بن نوح والحسن بن معاوية ومحمّد بن الحسين وعليّ بن الحسن بن فضّال ،صه (8) .

وزادجش : له كتب ، علي بن أحمد العقيقي عنه بها كلّها.

قال ابن نوح : كان إسماعيل بن محمّد يلقّب قنبرة(9) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 148 / 121.

(2)عليهم‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(3) الخلاصة : 10 / 17.

(4) رجال النجاشي : 29 / 60.

(5) في نسخة « ش » : ابن إسحاق.

(6) هداية المحدثين : 181.

(7) بها ، لم ترد في المصدر.

(8) الخلاصة : 9 / 9.

(9) رجال النجاشي : 31 / 67.

٨٤

وزادست علىصه : وأحمد أخوه. وعاد إلى مكّة وأقام(1) بها ، وقلّت الرواية عنه بسبب ذلك.

وله كتب ، منها : كتاب التوحيد ، كتاب المعرفة ، كتاب الصلاة ، أحمد بن عبدون(2) ، عن أحمد بن محمّد العاصمي ، عن محمّد بن إسماعيل بن محمّد ، عن أبيه.

وأخبرنا الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي العقيقي(3) ، عنه(4) .

وفيه بعد ذكر جماعة : إسماعيل بن محمّد ، من أهل قم ، يقال له : قنبرة ؛ له كتب ، منها كتاب المعرفة(5) .

وهذا ينافي ظاهرجش من كون قنبرة لقبا للمكّي ، ولعلّه الصواب ، للتنافي بين ظاهر ما ذكر من كونه مكّيّا عاد إليها وكونه من أهل قم.

وفيلم بعد المخزومي : مكّي ، أبو محمّد ، روى عن أيّوب بن نوح ونظرائه(6) .

وهو يقتضي أن يكون الأمر في الرواية على عكس ما تقدّم.

أقول : فيضح : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ، يلقّب : قنبرة ، بفتح القاف والهاء أخيرا(7) . وهو يدلّ على اتّحادهما عنده‌

__________________

(1) في نسخة « م » : وقام.

(2) في المصدر زيادة : عن أبو علي محمّد بن أحمد بن الجنيد.

(3) في المصدر : عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، عن علي بن أحمد العقيقي العلوي.

(4) الفهرست : 12 / 35.

(5) الفهرست : 15 / 48.

(6) رجال الشيخ : 452 / 83.

(7) إيضاح الاشتباه : 92 / 35.

٨٥

كجش .

إلاّ أنّ في ب ذكر المخزومي(1) ، ثمّ بعد جماعة : إسماعيل بن محمّد القمّي القنبرة(2) ، فتأمّل.

وفي الحاوي : الظاهر(3) الاتّحاد ، ويحتمل التعدّد(4) .

هذا ، وقيل الصواب فيجش وست : سمع من أصحابنا ، كما يفهم من لم ، انتهى ، فتأمّل جدّا.

وفيمشكا : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال الثقة ، عنه عليّ بن أحمد العقيقي ، وأيّوب بن نوح ، والحسن بن معاوية ، ومحمّد بن الحسين ، وعليّ بن الحسن بن فضّال(5) .

386 ـ إسماعيل بن محمّد الحميري :

ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشأن والمنزلة ،رحمه‌الله تعالى ،صه (6) .

وفيق : ابن محمّد الحميري ، السيّد الشاعر ، يكنّى أبا عامر(7) .

وفيكش : حدّثني نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمّد بن النعمان ، قال :

دخلت على السيّد ابن محمّد ، وهو لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمّد بن الحنفيّة ، وهو من حشمه ،

__________________

(1) معالم العلماء : 8 / 35.

(2) معالم العلماء : 9 / 41 ، ولم يرد فيه : القنبرة.

(3) في نسخة « ش » : أيضا.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 38.

(5) هداية المحدثين : 181.

(6) الخلاصة : 10 / 22.

(7) رجال الشيخ : 148 / 108.

٨٦

وكان(1) ممّن يشرب المسكر.

فجئت ، وكان قد قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام الكوفة ، لأنّه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت :

جعلت فداك إنّي فارقت السيّد ابن محمّد الحميري لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وسلب الكلام ، فإنّه يشرب المسكر(2) .

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أسرجوا لي. فركب ومضى ، ومضيت معه ، حتّى دخلنا على السيّد وجماعة محدقون به.

فقعد أبو عبد اللهعليه‌السلام عند رأسه فقال : يا سيّد. ففتح عينيه ينظر إليه ، ولا يمكنه الكلام ، وإنّا لنتبيّن فيه أنّه يريد الكلام ولا يمكنه. فرأينا أبا عبد اللهعليه‌السلام حرّك شفتيه ، فنطق السيّد.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قل بالحقّ يكشف الله ما بك ويرحمك ، ويدخلك الجنّة(3) الّتي وعد أولياءه.

فقال في ذلك :

تجعفرت باسم الله والله أكبر(4) .

فلم يبرح أبو عبد اللهعليه‌السلام حتّى قعد السيّد على استه(5) .

نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمّد البصري ، عن عليّ بن‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : وهو.

(2) في المصدر : وإنّه كان يشرب المسكر.

(3) في المصدر : جنّته.

(4) وجاء في هامش النسخة الخطيّة : أوّله : فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا.

(5) رجال الكشي : 287 / 507.

٨٧

إسماعيل ، عن فضيل بن الرسان(1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام بعد ما قتل زيد بن عليّرحمه‌الله ، فأدخلت بيتا جوف بيت ، فقال لي : يا فضيل قتل عمّي زيد؟

قلت : نعم جعلت فداك.

قال :رحمه‌الله ، أما إنّه كان مؤمنا ، وكان عارفا ، وكان عالما(2) ، وكان صدوقا ، أما إنّه لو ظفر لوفى ، إنّه لو ملك عرف(3) كيف يضعها.

قلت : يا سيّدي ألا أنشدك شعرا؟

قال : أمهل ، ثمّ أمر بستور فسدلت وبأبواب ففتحت ، ثمّ قال : أنشد. فأنشدت :

لامّ عمر باللوى مربع

طامسة أعلامه بلقع

الأبيات.

فسمعت نحيبا من وراء الستر.

فقال : من قال هذا الشعر؟

قلت : السيّد ابن محمّد الحميري.

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب النبيذ!

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب نبيذ الرستاق!

قال : تعني الخمر؟

قلت : نعم.

__________________

(1) في المصدر : فضيل الرسان.

(2) وكان عالما ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : أما إنّه لو ملك لعرف.

٨٨

قال :رحمه‌الله ، وما ذلك على الله أن يغفر لمحبّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (1) .

وفيتعق : وجدت مكتوبا من خطّ الكفعمي : قيل للصادقعليه‌السلام : إنّ السيّد لينال من الشراب.

فقال : إن زلّت له قدم فقد ثبتت له اخرى.

ولمّا أنشد عندهعليه‌السلام قصيدته : لامّ عمرو ، جعل يقول : شكر الله لإسماعيل قوله.

فقيل له : إنّه ليشرب النبيذ!

فقالعليه‌السلام : يلحق مثله التوبة ، ولا يكبر على الله أن يغفر الذنوب لمحبّينا ومادحينا.

ولمّا توفّي ببغداد أتي من الكوفة تسعون كفنا ، فكفّنه الرشيد وردّ أكفان العامّة. وصلّى عليه المهدي وكبّر عليه خمسا.

وولد سنة ثلاث وسبعين ومائة(2) ، انتهى.

وفي كشف الغمّة : وجد حمّال وهو يمشي بحمل قد أثقله ، فقيل : ما معك؟ فقال : ميميات(3) السيّد. وغلب هذا الاسم عليه ، ولم يكن علويّا(4) (5) .

__________________

(1) رجال الكشي : 285 / 505 ، وفيه : لمحبّ عليّعليه‌السلام .

(2) ذكر بعضه القاضي التستري في مجالس المؤمنين : 2 / 517 ، وذكر أنّه أرسل إليه سبعون كفن.

وقال : إنّه ولد سنة 105 ، وتوفي في سنة 173 ، نقلا من خط الكفعمي.

(3) في نسخة « م » : ميمات.

(4) كشف الغمّة : 1 / 413.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

٨٩

أقول : فيطس : إسماعيل بن محمّد الحميري ، حاله في الجلالة ظاهر ، ومجده باهر ، فلنكتف بهذا ،رحمه‌الله تعالى(1) .

وفي الوجيزة : ممدوح ، ووثّقه العلاّمة(2) .

وذكره في الحاوي في الثقات(3) ، مع ما عرف من طريقته.

وفي ب عدّه في(4) شعراء أهل البيت المجاهرين ، وقال : من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، ولقي الكاظمعليه‌السلام . وكان في بدء الأمر خارجيّا ثمّ كيسانيّا ثمّ إماميّا.

وقيل لأبي عبيدة(5) : من أشعر الناس؟

قال(6) : من شبّه رجلا بريح عاد ، يريد قوله :

إذا أتى معشرا يوما أنامهم

إنامة الريح في تدميرها عادا

وقال بشّار : لو لا أنّ هذا الرجل شغل عنّا بمدح بني هاشم لأتعبنا(7) .

وسمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهّبة ، فقال لكلّ بيت : سبحان الله! ما أعجب هذا الكلام!

وقال الثوري : لو قرأت القصيدة الّتي فيها : إنّ يوم التطهير يوم عظيم. على المنبر ما كان بذلك بأس(8) .

__________________

(1) التحرير الطاووسي : 37 / 20.

(2) الوجيزة : 162 / 212.

(3) حاوي الأقوال : 17 / 40.

(4) في نسخة « ش » : من.

(5) في المصدر زيادة : النحوي.

(6) في نسخة « ش » : فقال.

(7) الأغاني : 7 / 237.

(8) الأغاني : 7 / 239 ، وفيه : التوزي ، بدل : الثوري ، وكذلك ذكره في الأعيان : 3 / 406 ، التوزي نقلا عن معالم العلماء.

٩٠

ثمّ نقل عن ابن المعتز في طبقات الشعراء(1) ما مرّ عن الكشف(2) .

وفي بعض كتب أصحابنا : كان أبواه من المتمسّكين بالشجرة الملعونة ، فترك طريقتهما.

وقيل له : كيف تشيّعت وأنت شامي حميري؟!

فقال : صبّت عليّ الرحمة صبّا ، فكنت كمؤمن آل فرعون(3) .

وكان الأصمعي يقول : لولا أنّه يسبّ الخلفاء في شعره لقلت : إنّه سيّد الشعراء(4) .

وكانت الاشراف والأمراء تبالغ في إكرامه ، حتّى أنّ المنصور لعنه الله مع اشتهاره بالنصب عزل سوار(5) بن عبد الله عن القضاء لمّا ردّ شهادته وقذفه بالرفض(6) .

وفي العيون : أنّ الرضاعليه‌السلام رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وعنده عليّ والزهراء والحسنان وبين يديهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل يقرأ قصيدة : لامّ عمرو ، فرحّب به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له(7) : سلّم عليهم.

فسلّم عليهم واحدا بعد واحد.

ثمّ قال له : سلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيّد إسماعيل.

ولمّا فرغ من إنشاد القصيدة قال له : يا علي ، احفظ هذه القصيدة ومر‌

__________________

(1) طبقات الشعراء : 36.

(2) معالم العلماء : 146.

(3) مجالس المؤمنين : 2 / 503.

(4) الأغاني : 7 / 236.

(5) في النسخ : سواد ، وما أثبتناه من كتب السير والتواريخ هو الصواب.

(6) الأغاني : 7 / 262 ، وفيه : قد عزلتك عن الحكم للسيّد أو عليه.

(7) في نسخة « ش » زيادة :صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩١

شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على الله تعالى.

ولم يزل يكرّرها عليهعليه‌السلام حتّى حفظها(1) .

387 ـ إسماعيل بن محمّد :

المنقري ،ظم (2) .

وفيتعق : روى عنه ابن أبي عمير(3) (4) .

388 ـ إسماعيل بن مرار :

روى عن يونس بن عبد الرحمن ، روى عنه إبراهيم بن هاشم ، لم(5) .

وفيتعق : روى عن يونس كتبه كلّها ، وربما يظهر من عبارة ابن الوليد الآتية فيه الوثوق به ، بل ربما يظهر عدالته فلاحظ(6) ، سيّما بملاحظة حاله(7) ، وما سيذكر في محمّد بن أحمد بن يحيى(8) ، وما مرّ في إبراهيم‌

__________________

(1) بحار الأنوار : 47 / 228 ، عن بعض تأليفات الأصحاب ، باختلاف يسير ، ولم نجده في نسختنا من العيون.

(2) رجال الشيخ : 343 / 8.

(3) التهذيب 6 : 324 / 892.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(5) رجال الشيخ : 447 / 53.

(6) منهج المقال : 378 ، وفيه نقلا عن الفهرست : 181 / 809 : وقال أبو جعفر بن بابويه : سمعت ابن الوليدرحمه‌الله يقول : كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلّها صحيحة يعتمد عليها ، إلاّ ما ينفرد به محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس ، ولم يروه غيره ، فإنّه لا يعتمد عليه ولا يفتي به.

(7) أي حال محمّد بن الحسن بن الوليد ، لأنّه كان كثير التحرّز عمّا ينقله الرواة ، كما يظهر من ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى من استثنائه عدد من الرواة ، وكذا يظهر ذلك من ترجمة إبراهيم بن هاشم ، فلاحظ.

(8) منهج المقال : 281.

٩٢

ابن هاشم(1) .

قيل : وربما يستفاد من رواية إبراهيم عنه نوع مدح ، لما قالوا : من أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقم ؛ وأهل قم كانوا يخرجون منها الراوي بمجرّد الريب ، فلو كان في إسماعيل ارتياب لما روى عنه إبراهيم.

قلت : وربما يؤيّد : أنّهم ـ بل وغيرهم أيضا ـ كانوا كثيرا ما يطعنون بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل والمراسيل كما هو ظاهر تراجم كثيرة ، بل كانوا يؤذون.

هذا ، وفيه أمارات أخر مفيدة للاعتماد ، ككونه كثير الرواية وغيره ، فلاحظ(2) .

أقول : فيما ذكره القيل سيّما الجملة الأخيرة ، وكذا ما أيّده به سلّمه الله مناقشة ظاهرة.

هذا ، وطعن في السرائر في كتاب البيع ـ في رواية فيها إسماعيل هذا عن يونس ـ في يونس(3) المتّفق على ثقته ، ولم يطعن في إسماعيل ، وهو وإن كان غريبا لكنّه يدلّ على الاعتماد على إسماعيل ، فتأمّل.

389 ـ إسماعيل بن مسلم :

وهو ابن أبي زياد السكوني الكوفي ،ق (4) . وقد سبق.

390 ـ إسماعيل بن موسى :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، سكن مصر وولده بها ، وله كتب يرويها عن أبيهعليه‌السلام . عن آبائهعليهم‌السلام ،

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 29.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(3) السرائر : 2 / 304.

(4) رجال الشيخ : 147 / 92.

٩٣

منها : كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج ، كتاب الجنائز ، كتاب الطلاق ، كتاب النكاح ، كتاب الحدود ، كتاب الدعاء ، كتاب السنن والآداب ، كتاب الرؤيا.

أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمّد سهل بن أحمد بن سهل ، عن أبي علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي بمصر قراءة(1) عليه ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه بكتبه ،جش (2) .

وزادست بعد الحسينعليه‌السلام : ابن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبعد سهل ـ الثاني ـ : الديباجي ، وبدل بكتبه : إسماعيل. وزاد : كتاب الديات(3) (4) .

وفيتعق : كثرة تصانيفه ، وملاحظة عنواناتها وترتيبها ونظمها ، تشير إلى المدح ، مضافا إلى ما في صفوان بن يحيى : انّ أبا جعفرعليه‌السلام أمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه(5) ، والظاهر أنّه هذا ، وفيه إشعار بنباهته(6) .

أقول : جزم في المجمع بأنّه هو ، وقال : فدلّ على زيادة جلالته جدّا(7) ، انتهى.

وفي ب : إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادقعليهما‌السلام ، سكن‌

__________________

(1) في نسخة « م » : قرأته.

(2) رجال النجاشي : 26 / 48.

(3) وزاد كتاب الديات ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) الفهرست : 10 / 31.

(5) رجال الكشي : 502 / 962.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) مجمع الرجال : 1 / 224 ، ولم يرد فيه قوله : فدلّ على زيادة جلالته جدا.

٩٤

مصر ، وولده بها. ثمّ عدّ كتبه المذكورة(1) .

ولا يخفى ظهور كون الرجل من الفقهاء عنده ، وعندهما قبله.

وفيمشكا : ابن الكاظمعليه‌السلام ، أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي عن ولده موسى عن أبيه إسماعيل بن الكاظمعليه‌السلام (2) .

وهو عن أبيه الكاظمعليه‌السلام (3) .

391 ـ إسماعيل بن مهران :

ابن أبي نصر السكوني ـ واسم أبي نصر : زيد ـ مولى ، كوفي ، يكنّى أبا يعقوب ، ثقة معتمد عليه.

روى عن جماعة من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . ذكره أبو عمرو في أصحاب الرضاعليه‌السلام ،جش (4) .

ست إلى : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد بعد مهران : ابن محمّد. ثمّ زاد : ولقي الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه ، وصنّف مصنّفات كثيرة ، منها :

كتاب الملاحم ، الحسين بن عبيد الله ، عن أبي غالب الزراري قراءة عليه ، قال : حدّثني عمّ أبي عليّ بن سليمان ، عن جدّ أبي محمّد بن سليمان ، عن أبي جعفر أحمد بن الحسن ، عنه.

وكتاب ثواب القرآن ، الحسين بن(5) عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر بن‌

__________________

(1) معالم العلماء : 7 / 31.

(2)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) هداية المحدثين : 20.

(4) رجال النجاشي : 26 / 49.

(5) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

٩٥

سفيان ، عن أحمد بن إدريس ، عن سلمة بن الخطّاب ، عنه.

وكتاب خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكتاب النوادر ، أحمد بن عبدون ، عن عليّ بن محمّد بن الزبير ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنهرحمه‌الله (1) .

وكتاب العلل ، عدّة من أصحابنا ، عن هارون بن موسى ، عن عليّ ابن يعقوب الكناني ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنه.

وله أصل ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن عليّ بن الحسن ، عن الصفّار(2) ، عن محمّد بن الحسين ، عنه(3) .

وفيصه : ابن مهران ـ بكسر الميم ، وسكون الهاء ، بعدها راء ، ثمّ ألف ، ثمّ نون ـ ابن محمّد بن أبي نصر السكوني. إلى آخر جش. وزاد :

وقال الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله : إنّه يكنّى أبا محمّد ، ليس حديثه بالنقي ، يضطرب تارة ويصلح اخرى ، ويروي عن الضعفاء كثيرا ، ويجوز أن يخرج شاهدا.

والأقوى عندي الاعتماد على روايته(4) ، لشهادة الشيخ أبي جعفر الطوسي والنجاشي له بالثقة.

قالكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : سألت عليّ بن الحسن بن فضّال عن إسماعيل بن مهران؟ قال : رمي بالغلوّ.

__________________

(1)رحمه‌الله ، لم ترد في المصدر.

(2) في المصدر : عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

والظاهر أنّ الصواب : عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

(3) الفهرست : 11 / 32.

(4) في المصدر : والأقوى عندي قبول روايته.

٩٦

قال محمّد بن مسعود : يكذبون عليه ، كان تقيّأ(1) ثقة خيّرا فاضلا(2) (3) .

وفي ب : إسماعيل بن مهران بن محمّد بن أبي نصر السكوني ، ثقة ، كوفي ، مولى ، لقي الرضاعليه‌السلام (4) .

أقول : يظهر منصه عدم تقدّم الجرح على التعديل مطلقا ، كما اشتهر على الألسن ؛ وإلاّ ، لوجب التوقّف في روايته لا محالة ، لجلالة ابن الغضائري وعدالته عنده ، كما هو في الواقع ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن مهران الثقة ، عنه أبو جعفر أحمد بن الحسن ، وسلمة بن الخطّاب ، وأبو سمينة ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، وسهل بن زياد ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن أبي عبد الله(5) ، والحسين بن سعيد.

وهو عن محمّد بن أبي حمزة الثمالي(6) .

392 ـ إسماعيل بن همّام :

ابن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ميمون البصري ، مولى كندة ، وإسماعيل يكنّى أبا همّام ، روى إسماعيل عن الرضاعليه‌السلام ، ثقة هو وأبوه وجدّه ،صه (7) .

__________________

(1) تقيّا ، لم ترد في الخلاصة.

(2) رجال الكشي : 589 / 1102.

(3) الخلاصة : 8 / 6.

(4) معالم العلماء : 8 / 32.

(5) وأحمد بن أبي عبد الله ، لم يرد في المصدر.

(6) هداية المحدثين : 20.

(7) الخلاصة : 10 / 19.

٩٧

وزادجش : له كتاب ، أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه به(1) .

وفيضا : ابن همّام مولى كندة ، وهو أبو همّام(2) .

أقول : فيمشكا : ابن همّام الثقة ، عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، والعبّاس بن معروف.

وهو عن الرضاعليه‌السلام (3) .

393 ـ إسماعيل بن يحيى العبسي :

في ترجمة الحسن بن عبد السلام أنّه أجاز التلعكبري على يديه(4) ، وكذا في محمّد بن عبد ربّه ، وكنّاه فيها بأبي أحمد(5) .

وربما يستفاد من هذا الاعتماد عليه ومعروفيّته ونباهة شأنه ، بل وعدالته ،تعق (6) .

394 ـ إسماعيل بن يسار الهاشمي :

مولى إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، ذكره أصحابنا بالضعف ،صه (7) .

وزادجش : له كتاب ، محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عنه به(8) .

قلت : فيضح : ابن يسار ، بالمثنّاة تحت والمهملة المخفّفة ، وقيل :

__________________

(1) رجال النجاشي : 30 / 62.

(2) رجال الشيخ : 368 / 15 ، وفيه : مولى لكندة.

(3) هداية المحدثين : 20 ، وفيها : ابن همّام الكندي الثقة.

(4) رجال الشيخ : 468 / 37 ، وقوله : على يديه ، أي : على يد إسماعيل بن يحيى.

(5) رجال الشيخ : 506 / 80.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) الخلاصة : 200 / 7.

(8) رجال النجاشي : 29 / 58.

٩٨

ابن سيّار ، بتقديم المهملة على المثنّاة تحت المشدّدة(1) .

395 ـ أسلم مولى علي بن يقطين :

يأتي بلا ألف ،تعق (2) .

396 ـ الأسود بن عاصم الهمداني :

كوفي ، أسند عنه ،ق (3) .

397 ـ الأسود بن يزيد :

ي. وفي نسخة : ابن برير(4) .

وفيهب : له ثمانون حجّة وعمرة ، وكان يصوم حتّى يخضرّ ويصفرّ(5) ، ويختم في ليلتين(6) .

أقول : عدّه ابن أبي الحديد في شرحه من المنحرفين عن عليّعليه‌السلام ( والمبغضين له ، وقال : روى سلمة بن كهيل أنّ الأسود بن يزيد كان يمشي إلى بعض أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقع في عليّعليه‌السلام )(7) ، ومات على ذلك(8) .

398 ـ أسيد بن حضير :

بالحاء غير المعجمة المضمومة والضاد المعجمة المفتوحة ، ابن‌

__________________

(1) إيضاح الاشتباه : 90 / 30.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 166.

(3) رجال الشيخ : 153 / 214 ، وفيه : أسود بن عاصم.

(4) رجال الشيخ : 35 / 11 ، وفيه : الأسود بن برير ، وبرقم 16 : الأسود بن يزيد النخعي.

(5) في المصدر بدل يخضرّ ويصفرّ : يحضر.

(6) الكاشف 1 : 80 / 430.

(7) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(8) شرح نهج البلاغة : 4 / 97.

٩٩

سماك ـ بالكاف ـ أبو يحيى ، سكن المدينة ، يقال له : حضير(1) الكتائب. قتل يوم بغاث ،صه (2) .

وزاد ل بعد حذف الترجمة : آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين زيد بن حارثة(3) .

وفيقب : صحابيّ جليل ، مات سنة عشرين أو إحدى وعشرين(4) .

أقول : ذكره في القسم الأوّل ، وهو عجيب منهقدس‌سره بعد ما اشتهر عنه في كتب العامّة فضلا عن الخاصّة من اعترافه بكونه ممّن حمل الحطب إلى باب بيت فاطمةعليها‌السلام لإضرامه(5) ، فلاحظ.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(6) .

وفي الوجيزة : مجهول(7) ، فتدبّر.

وفي القاموس : بعاث ، بالعين وبالغين كغراب ويثلّث : موضع بقرب المدينة ، ويومه معروف(8) ، انتهى.

وفي النهاية : يوم بعاث ـ مضموم الباء ـ يوم مشهور كان(9) فيه حرب بين الأوس والخزرج ، وبعاث : اسم حصن للأوس(10) ، وبعضهم يقول‌

__________________

(1) في المصدر : حصين.

(2) الخلاصة : 23 / 2.

(3) رجال الشيخ : 4 / 24 ، وفيه : أسيد بن حصين بن سمالة بن يحيى.

(4) تقريب التهذيب 1 : 78 / 587.

(5) راجع شرح نهج البلاغة : 6 / 11.

(6) حاوي الأقوال : 230 / 1219.

(7) الوجيزة : 163 / 219.

(8) القاموس المحيط : 1 / 162.

(9) في نسخة « ش » : وكان.

(10) في نسخة « ش » : الأوس.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزيدُونَ * فآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) (١) .

٥ -( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحينَ ) (٢) .

هذه هي الآيات الواردة حول قصّة يونس، وبالإحاطة بها يتمكّن المفسّر من الإجابة على الأسئلة المطروحة حولها، وإن لم تكن لبعضها صلة بالعصمة.

أمّا ما جاء من الروايات حول القصّة، فكلّها روايات آحاد لا يمكن الركون إلى الخصوصيات الواردة فيها، بل بعض ما فيها لا يناسب ساحة الإنسان العادي فضلاً عن النبي؛ ولأجله تركنا ذكرها.

والذي تضافرت عليه الروايات هو أنّه لمّا دعا قومه إلى الإسلام، وعرف منهم الامتناع، دعا عليهم ووقف على استجابة دعائه، فأخبرهم بنزول العذاب، فلمّا ظهرت أماراته كان من بينهم عالم أشار إليهم أن افزعوا إلى الله لعلّه يرحمكم، ويردّ العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع ؟ قال: اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة، وفرّقوا بين النساء والأولاد، وبين الإبل وأولادها ثمّ ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك، وضجّوا وبكوا، فرحمهم الله، وصرف عنهم العذاب(٣) .

فنقول : توضيح مفاد الآيات يتوقّف على البحث عن عدّة أُمور:

____________________

١ - الصافات: ١٣٩ - ١٤٨.

٢ - القلم: ٤٨ - ٥٠.

٣ - بحار الأنوار: ١٤/٣٨٠ من الطبعة الجديدة، رواه جميل بن درّاج الثقة عن الصادقعليه‌السلام .

٢٠١

١ - لماذا كُشف العذاب عن قوم يونس دون غيرهم ؟

صريح قوله سبحانه: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين )(١) .

إنّ أُمّة يونس هي الأُمّة الوحيدة التي نفعها إيمانها قبل نزول العذاب وكشف عنهم؛ وذلك لأنّ ( لولا ) التحضيضية إذا دخلت على الفعل الماضي تفيد معنى النفي، كما في قولك: هلاّ قرأت القرآن، وعلى ذلك يكون معنى قوله سبحانه:( فلولا كانت قرية آمنت ) أنّه لم يكن ذلك أبداً، فاستقام الاستثناء بقوله:( إلاّ قوم يونس ) ، والمعنى هلاّ كانت قرية من هذه القرى التي جاءتهم رسلنا فكذّبوهم آمنت قبل نزول العذاب فنفعها إيمانها، لكن لم يكن شيء من ذلك إلاّ قوم يونس لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي.

ولا شك أنّه قد نفع إيمان قوم يونس، ولكن لم ينفع إيمان فرعون، وعندئذٍ يُطرح هنا السؤال التالي: ما الفرق بين الإيمانين ؟ حيث نفع إيمانهم دون إيمان الثاني وأتباعه، يقول سبحانه:( وَجَاوَزْنَا بِبَني إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إلاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * ءَآلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَاليَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) (٢) .

____________________

١ - يونس: ٩٨.

٢ - يونس: ٩٠ - ٩٢.

٢٠٢

الجواب : الفرق بين الإيمانين، أحدث هذا الفرق، حيث كان إيمان قوم يونس إيماناً عن اختيار؛ ولأجل ذلك بقوا على إيمانهم بعد رفع العذاب، وكان إيمان فرعون إيماناً اضطرارياً غير ناجم عن ثورة روحية على الكفر والوثنية، بل كان وليد رؤية العذاب وهجوم الأمواج، لا أقول: إنّ إيمان قوم يونس كان حقيقياً جديّاً، وإيمان الآخرين كان صورياً غير حقيقي، بل: الكل كان حقيقياً، وإنّما الاختلاف في كون أحدهما ناشئاً من اختيار، والآخر ناشئاً من الاضطرار والخوف، وبعبارة أُخرى: ناشئاً من عامل داخلي وناشئاً من عامل خارجي.

والدليل على ذلك استقرار وثبوت قوم يونس على الإيمان بعد كشف العذاب عنهم لقوله سبحانه:( وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلى حِينٍ ) ، ويقول سبحانه:( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) (١) ، والظاهر من الآية أنّ يونس بعدما نجا ممّا ابتلي به، أُرسل إلى نفس قومه، فاستقبلوه بوجوه مشرقة وتمتّعوا في ظل الإيمان إلى الوقت المؤجّل في علم الله.

وأمّا الفراعنة فكانت سيرتهم الإيمان عند نزول العذاب والرجوع إلى الفساد، وإلى ما كانوا عليه من الفساد في مجال العقيدة والعمل، بعد كشفه، والذكر الحكيم يصرّح بذلك في الآيات التالية:( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ) (٢) .

____________________

١ - الصافات: ١٤٧ - ١٤٨.

٢ - الأعراف: ١٣٣- ١٣٥.

٢٠٣

وثبات قوم يونس على إيمانهم وعدم انحرافهم عنه بعد كشف العذاب، ونكث الفراعنة بعد كشف الرجز عنهم، خير دليل على أنّ إيمان القوم كان إيماناً اختيارياً ثابتاً ونابعاً عن اليقين، وإيمان الفراعنة كان اضطرارياً ناشئاً عن الخوف.

والأوّل من الإيمانين يخرق حجب الجهل، ويشاهد الإنسان عبوديّته بعين القلب وعظمة الرب ونور الإيمان، فيصير خاضعاً أمام الله، يعبده ولا يعبد غيره.

والثاني منهما يدور مدار وجود عامل الاضطرار والإلجاء، فيؤمن عند وجوده ويكفر بارتفاعه، ولا يعد ذلك الإيمان كمالاً للروح ولا قيمة له في سوق المعارف، قال سبحانه:( وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤمِنينَ ) (١)

ولا شك أنّه تعلّقت إرادته التشريعية بإيمان الناس كلّهم بشهادة بعث الأنبياء وإرسال الرسل، ولكن لم تتعلّق إرادته التكوينية بإيمانهم، وإلاّ لم تتخلّف عن مراده وأصبح الناس كلّهم مؤمنين إيماناً لا عن اختيار، ولكن بما أنّه لا قيمة للإيمان الخارج عن إطار الاختيار، والناشئ عن الإلجاء والاضطرار؛ لم تتعلّق إرادته سبحانه بإيمانهم، وإليه يشير قوله:( ولو شاء ربك لآمن من في الاَرض كلهم جميعاً ) .

٢ - هل كان كشف العذاب تكذيباً لإيعاد يونس ؟

قد وعد سبحانه في كتابه العزيز بأنه يؤيّد رسله وينصرهم ولا يكذبهم وهو عزّ من قائل:( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد ) (٢) .

____________________

١ - يونس: ٩٩.

٢ - غافر: ٥١.

٢٠٤

فلو أخبر واحد منهم عن وقوع حادثة أو نزول رحمة وعذاب على قوم، فلابد أن يكون وضع المخبر به في المستقبل على وجه لا يلزم منه تكذيبهم، وذلك إمّا بوقوع نفس المخبر به كما هو الحال في إخبار صالح لقومه، حيث تنبّأ وقال:( تَمتّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثةَ أيّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) ، فلمّا بلغ الأجل المحدّد( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ ) (١) ، وإمّا بظهور علامات وأمارات دالّة على صدق مقال النبي وإخباره، وأنّ عدم تحقّقه لأجل تغيير التقدير بالدعاء والعمل الصالح، قال سبحانه:( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض ) (٢) .

وقال عز من قائل:( ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) .

هذه سنّة الله سبحانه في إنزال النعمة والنقمة ورفعهما.

وما أخبر به يونس كان من هذا القبيل، فقد تنبّأ بنزول العذاب، وشاهد القوم طلائع العذاب وعلائمه(٤) فبادروا بالتوبة والإنابة إلى الله حسب إرشاد عالمهم، فكشف عنهم العذاب، وليس في هذا تكذيب ليونس، لو لم يكن فيه تصديق، حيث وقفوا على صدق مقالته، غير أنّ لله سبحانه سنناً في الحياة، فأخذ المعتدي باعتدائه سنّة، والعفو عنه لإنابته أيضاً سنّة، ولكلٍّ موضع خاص، وهذا

____________________

١ - هود: ٦٥، ٦٧ - ٦٨.

٢ - الأعراف: ٩٦.

٣ - الأنفال: ٥٣.

٤ - لاحظ تفسير الطبري: ١١/١١٧ - ١١٨؛ الدر المنثور: ٣/٣١٧ - ٣١٨؛ البحار: ١٤/٣٩٦ من الطبعة الحديثة.

٢٠٥

معنى البداء الذي تقول به الإمامية، الذي لو وقف إخواننا أهل السنّة على حقيقته لاعترفوا به من صميم القلب، ولكن الدعايات الباطلة حالت بينهم وبين الوقوف على ما تتبنّاه الإمامية في هذا المضمار، وقد أوضحنا حقيقة الحال في رسالة ( البداء من الكتاب والسنّة )(١) ومَن أراد الوقوف على واقع الحال فليرجع إليها.

٣ - أسئلة ثلاثة حول عصمته

ألف - ما معنى كونه مغاضباً ؟ ومن المغضوب عليه ؟

ب - ماذا يراد من قوله:( فظنّ أن لن نقدر عليه ) ؟

ج - كيف تجتمع العصمة مع اعترافه بكونه من الظالمين ؟

هذه هي الأسئلة الحسّاسة في قصّة يونسعليه‌السلام ، وقد تمسّك بها المخطِّئة، وإليك توضيحها واحداً بعد واحد:

أمّا الأوّل: فقد زعم المخطِّئة أنّ معناه أنّه خرج مغاضباً لربّه من حيث إنّه لم ينزل بقومه العذاب.

ولكنّه تفسير بالرأي، بل افتراء على الأنبياء، وسوء ظن بهم، ولا يغاضب ربَّه إلاّ مَن كان معادياً له وجاهلاً بحكمه في أفعاله، ومثل هذا لا يليق بالمؤمن فضلاً عن الأنبياء.

وإنّما كان غضبه على قومه لمقامهم على تكذيبه وإصرارهم على الكفر ويأسه من توبتهم، فخرج من بينهم(٢) .

____________________

١ - مطبوعة منتشرة.

٢ - تنزيه الأنبياء: ١٠٢.

٢٠٦

هكذا فسّره الإمام الرضاعليه‌السلام عندما سأله المأمون عن مفاد الآية وقال: ( ذلك يونس بن متى ذهب مغاضباً لقومه )(١) .

وأمّا الثاني : أعني:( فظنّ أن لن نقدر عليه ) فالفعل، أعني: ( نقدر )، من القدر بمعنى الضيق لا من القدرة، قال سبحانه:( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ ) (٢) ، وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ) (٣) ، فمعنى الآية أنّه ظن أن لا يضيق عليه الأمر لترك الصبر والمصابرة مع قومه، لا بمعنى أنّه خطر هذا الظن بباله، بل كان ذهابه وترك قومه يمثّل حالة من ظن أن لن نقدر عليه في خروجه من قومه من غير انتظار لأمر الله، فكانت مفارقته قومه ممثّلة لحال مَن يظن بمولاه ذلك.

وأمّا تفسيره بأنّه ظن أنّه سبحانه لا يقدر عليه، فهو تفسير بما لا تصح نسبته إلى الجهلة من الناس فضلاً عن الأولياء والأنبياء.

وبما أنّ مفارقته قومه بلا إذن منه سبحانه - كان يمثّل حال مَن يظن أن لا يضيّق مولاه عليه - ابتلاه الله بالحوت فالتقمه.

فوقف على أنّه ترك ما هو الأولى فعلاً، فندم على عمله( فنادى في الظلمات أن لا إله إلاّ أنت ) .

ونقل الزمخشري في كشّافه: عن ابن عباس أنّه دخل على معاوية فقال: لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة، فغرقت فيها، فلم أجد لنفسي خلاصاً إلاّ بك، قال: وما هي يا معاوية ؟ فقرأ هذه الآية وقال: أو يظن نبي الله أن لا يقدر عليه ؟

____________________

١ - بحار الأنوار: ١٤/٣٨٧.

٢ - الطلاق: ٧.

٣ - الإسراء: ٣٠.

٢٠٧

قال: هذا من القدر لا من القدرة ثمّ أضاف صاحب الكشّاف: يصح أن يفسّر بالقدرة على معنى ( أن لن نعمل فيه قدرتنا )، وأن يكون من باب التمثيل، بمعنى فكانت حاله ممثّلة بحال مَن ظنّ أن لن نقدر عليه في مراغمته قومه من غير انتظار لأمر الله، ويجوز أن يسبق ذلك إلى وهمه بوسوسة الشيطان ثم يردعه ويردّه بالبرهان، كما يفعل المؤمن المحقق بنزعات الشيطان وما يوسوس إليه في كل وقت(١) .

ولا يخفى أنّ ما نقله عن ابن عباس هو المعتمد، بشهادة استعماله في القرآن بمعنى الضيق، وهو المناسب لمفاد الآية، وأمّا الوجهان الآخران فلا يصح الركون إليهما، خصوصاً الوجه الأخير؛ لأنّ الأنبياء أجلّ شأناً من أن تحوم حول قلوبهم الهواجس الشيطانية حتى يعودوا إلى معالجتها بالبرهان، فليس له سلطان على المخلصين من عباده، وقد اعترف بذلك الشيطان وقال كما يحكيه سبحانه:( إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (٢) .

وأمّا السؤال الثالث : فقد مرّ أنّ الظلم في اللغة بمعنى وضع الشيء في غير موضعه، ولا شك أنّ مفارقته قومه وتركهم في الظرف القلق العصيب كان أمراً لا يترقب صدوره منه، وإن لم يكن عصياناً لأمر مولاه، فالعطف والحنان المترقّب من الأنبياء غير ما يترقّب من غيرهم؛ فلأجل ذلك كان فعله واقعاً غير موقعه.

ومن المحتمل أن يكون الفعل الصادر منه في غير موقعه هو طلبه العذاب لقومه وترك المصابرة، ويؤيّده قوله سبحانه:

( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) (٣) .

فالظاهر أنّ متعلّق النداء في الآية

____________________

١ - الكشاف: ٢/٣٣٥ - ٣٣٦.

٢ - ص: ٨٣.

٣ - القلم: ٤٨.

٢٠٨

طلب نزول العذاب على قومه بقرينة قوله:( وهو مكظوم ) ، أي كان مملوءاً غيضاً أو غمّاً، والمعنى: يا أيّها النبي لا تكن مثل صاحب الحوت، ولا يوجد منك مثل ما وجد منه من الضجر والمغاضبة، فتُبتلى ببلائه، فاصبر لقضاء ربّك، فإنّه يستدرجهم ويملي لهم ولا تستعجل لهم العذاب لكفرهم.

ويستفاد من بعض الروايات أنّ سبب لومه وردعه كان أمراً ثالثاً، وهو أنّه لمّا وقف على نجاة أُمّته غضب وترك المنطقة(١) .

والوجهان: الأوّل والثاني هما الصحيحان.

وممّا ذكرنا يعلم مفاد قوله سبحانه:( إذ أبق إلى الفلك المشحون ) ، فشبّه حاله بالعبد الآبق؛ وذلك لما مرّ من أنّ خروجه في هذه الحال كان ممثلاً لإباق العبد من خدمة مولاه، فأخذه الله بذلك.

وعلى كل تقدير فالآيات تدل على صدور عمل منه كان الأليق بحال الأنبياء تركه، وهو يدور بين أُمور ثلاثة: أمّا ترك قومه من دون إذن، أو طلب العذاب وكان الأولى له الصبر، أو غضبه على نجاة قومه.

إلى هنا تمّ توضيح الآيات المهمّة التي وقعت ظواهرها ذريعة لأُناس يستهترون بالقيم والفضائل، ويستهينون بأكبر الواجبات تجاه الشخصيات الإلهية، وبقي الكلام في عصمة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونفيض القول فيها في البحث الآتي.

____________________

١ - بحار الأنوار: ١٤/٣٨.

٢٠٩

الطائفة الثالثة

عصمة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وما تمسّكت به المخطِّئة

عصمة النبي الخاتم من العصيان والخطأ، من فروع عصمة الأنبياء كلّهم، فما دلّت على عصمتهم من الآيات، تدلّ على عصمته أيضاً بلا إشكال، ولا نحتاج بعد ذلك إلى إفراد البحث عنه في هذا المجال، فقد أفاض الله عليه ذلك الكمال كما أفاض على سائر الأنبياء من غير استثناء، فهو معصوم في المراحل الثلاث التالية:

١ - مرحلة تلقّي الوحي وحفظه وأدائه إلى الأُمّة.

٢ - مرحلة القول والفعل، وعلى ذلك، فهو من عباده المكرّمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم وهم بأمره يعملون.

٣ - مرحلة تطبيق الشريعة وغيرها من الأمور المربوطة بحياته، فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يسهو ولا يخطأ في حياته الفردية والاجتماعية.

وما دلّ على عصمة تلك الطائفة في هذه المراحل الثلاث دلّ على عصمته فيها أيضاً.

٢١٠

نعم، هناك آيات بالخصوص دالّة على عصمته من العصيان ومصونيته من الخطأ، كما أنّ هناك آيات وردت في حقّه وقعت ذريعة لمنكري العصمة؛ ولأجل ذلك أفردنا بحثاً خاصاً في هذا المقام لنوفيه حقّه.

أمّا ما يدل على عصمته من العصيان والخلاف، فيكفي في ذلك قوله سبحانه:( وإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ) (١) .

وقد ذكر المفسّرون أسباباً لنزولها بما لا يناسب ساحة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوضحها ما ذكره الطبرسي في مجمعه: أنّ المشركين قالوا له: كفّ عن شتم آلهتنا، وتسفيه أحلامنا، واطرد هؤلاء العبيد والسقاط الذين رائحتهم رائحة الصنان(٢) حتى نجالسك ونسمع منك، فطمع في إسلامهم، فنزلت الآية(٣) .

ولتوضيح مفاد الآيات نبحث عن أُمور:

١ - إنّ الآيات كما سنرى تشير إلى عصمته، ومع ذلك استدلّت المخطّئة بها على خلافها، وهذا من عجائب الأمور، إذ لا غرو في أنّ تتمسّك كل فرقة بقسم من الآيات على ما تتبنّاه، وإنّما العجب أن تقع آية واحدة مطرحاً لكلتا الفرقتين، فيفسّرها كلٌّ حسب ما يتوخّاه، مع أنّ الآية لا تتحمّل إلاّ معنى واحداً لا معنيين متخالفين.

٢ - إنّ الضمير في كلا الفعلين( كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) يرجع إلى المشركين ،

____________________

١ - الإسراء: ٧٣ - ٧٥.

٢ - الصنان: نتن الإبط.

٣ - مجمع البيان: ٣/٤٣١.

٢١١

ويدل عليه سياق الآيات، والمراد من( الذي أوحينا إليك ) هو القرآن بما يشتمل عليه من التوحيد ونفي الشريك، والسيرة الصالحة، والمراد من الفتنة في( ليفتنونك ) هو الإزلال والصرف، كما أنّ الخليل من الخُلَّة بمعنى الصداقة لا من الخَلّة بمعنى الحاجة.

٣ - إنّ قوله:( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك ) يخبر عن دنو المشركين من إزلاله وصرفه عمّا أُوحي إليه، لا عن دنو النبي وقربه من الزلل والانصراف عمّا أُوحي إليه، وبين المعنيين فرق واضح.

٤ - إنّ قوله سبحانه:( ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً ) مركّب من جملتين، إحداهما شرطية، والأخرى جزائية، أمّا الأُولى فقوله:( ولولا أن ثبّتناك ) ، وأمّا الأخرى فقوله:( لقد كدت تركن إليهم ) ، وبما أنّ لولا في الآية امتناعية(١) تدل على امتناع الجزاء لوجود التثبيت، مثل قولنا: لولا علي لهلك عمر، فامتنع هلاكه لوجوده.

٥ - وليس الجزاء هو الركون بمعنى الميل، بل الجزاء هو القرب من الميل والانصراف كما يدل عليه قوله:( لقد كدت تركن ) ، فامتنع القرب من الميل فضلاً عن نفس الميل لأجل وجود تثبيته.

٦ - إنّ تثبيته سبحانه لنبيّه لم يكن أمراً مختصاً بالواقعة الخاصّة، بل كان أمراً عامّاً لجميع الوقائع المشابهة لتلك الواقعة؛ لأنّ السبب الذي أوجب إفاضة التثبيت عليه فيها، يوجب إفاضته عليه في جميع الوقائع المشابهة، ولا معنى

____________________

١ - يقول ابن مالك:

لولا ولوما يلزمان الابتدا

إذا امتناعاً بوجودٍ عقدا

والشرط في الآية مؤوّل إلى الاسم أي لولا تثبيتنا، لقد كدت تركن إليهم.

٢١٢

لخصوصية المعلول والمسبّب مع عمومية العلّة، وعلى ذلك تكون الآية من دلائل عصمته في حياته، وسداده فيها على وجه العموم.

وتوهّم اختصاصها بالواقعة التي تآمر المشركون فيها لإزلاله من كلمات رماة القول على عواهنه.

٧ - إنّ التثبيت في مجال التطبيق فرع التثبيت في مجال التفكير، إذ لا يستقيم عمل إنسان ما لم يتم تفكيره، وعلى ذلك يفاض على النبي السداد مبتدئاً من ناحية التفكّر منتهياً إلى ناحية العمل، فهو في ظل هذا السداد المفاض، لا يفكّر بالعصيان والخلاف فضلاً عن الوقوع فيه.

٨ - إنّ تسديده سبحانه، لا يخرجه عن كونه فاعلاً مختاراً في عامة المجالات: الطاعة والمعصية، فهو بعد قادر على النقض والإبرام والانقياد والخلاف؛ ولأجل ذلك يخاطبه في الآيات السابقة بقوله:( إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً )

وعلى ضوء ما ذكرنا فالآية شاهدة على عصمته، ودالة على عنايته سبحانه برسوله الأكرم فيراقبه ويراعيه ولا يتركه بحاله، ولا يكله إلى نفسه، كل ذلك مع التحفّظ على حريته واختياره في كل موقف.

فقوله سبحانه:( ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم ) نظير قوله:( وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ ) (١) لكنّ الأوّل راجع إلى صيانته عن العصيان، والثاني ناظر إلى سداده عن السهو والخطاء في الحياة، وسيوافيك توضيح الآية الثانية في البحث الآتي.

____________________

١ - النساء: ١١٣.

٢١٣

وفي الختام نذكر ما أفاده الرازي في المقام: قال: احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء بهذه الآية بوجوه:

الأوّل : إنّها دلّت على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرب من أن يفتري على الله، والفرية على الله من أعظم الذنوب.

الثاني: إنّها تدل على أنّه لولا أنّ الله تعالى ثبّته وعصمه لقرب أن يركن إلى دينهم.

الثالث : أنّه لولا سبق جرم وجناية لم يحتج إلى ذكر هذا الوعيد الشديد.

والجواب عن الأوّل: إنّ ( كاد ) معناها المقاربة، فكان معنى الآية قرب وقوعه في الفتنة، وهذا لا يدل على الوقوع.

وعن الثاني : أنّ كلمة لولا تفيد انتفاء الشيء، لثبوت غيره، نقول: ( لولا على لهلك عمر ) ومعناه أنّ وجود عليعليه‌السلام منع من حصول الهلاك لعمر، فكذلك هاهنا فقوله:( ولولا أن ثبّتناك ) معناه لولا حصل تثبيت الله لك يا محمد، فكان تثبيت الله مانعاً من حصول ذلك الركون.

وعن الثالث : إنّ التهديد على المعصية لا يدل على الإقدام عليها، والدليل عليه آيات منها قوله تعالى:( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين ) الآيات، وقوله تعالى:( لئن أشركت ) وقوله:( ولا تطع الكافرين ) (١) .

أدلّة المخطِّئة

لقد اطّلعت في صدر البحث على عصمة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أنّ هناك

____________________

١ - مفاتيح الغيب: ٥/٤٢٠.

٢١٤

آيات وردت في حق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد صارت ذريعة لبعض المخطّئة الذين يحاولون إنكار العصمة، وهي عدة آيات:

الأُولى: العصمة والخطابات الحادّة

هناك آيات تخاطب النبي بلحن حاد وتنهاه عن اتّباع أهواء المشركين، والشرك بالله، والجدال عن الخائنين، وغير ذلك، ممّا يوهم وجود أرضية في نفس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لصدور هذه المعاصي الكبيرة عنه، وإليك هذه الآيات مع تحليلها:

١ -( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَل-ىٍّ وَلا نَصِيرٍ ) (١) .

وقد جاءت الآية في نفس هذه السورة بتفاوت في الذيل، فقال بدل قوله:( مَالَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِىٍّ ولا نَصِير ) ،( إِنَّكَ إِذاً لمِنَ الظَّالِمِينَ ) (٢) ، كما جاءت أيضاً في سورة الرعد، غير أنّه جاء بدل قوله:( ولا نصير ) ( ولا واق ) .

وعلى أيّ حال فقد تمسّكت المخطِّئة بالقضية الشرطية على أرضية متوقّعة في نفس النبي لاتّباع أهوائهم وإلاّ فلا وجه للوعيد.

ولكنّ الاستدلال على درجة من الوهن؛ إذ لا تدل القضية الشرطية إلاّ على الملازمة بين الشرط والجزاء، لا على تحقّق الطرفين، ولا على إمكان تحقّقهما، وهذا من الوضوح بمكان، قال سبحانه:( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا ) (٣) وليس فيها أيّ دلالة على تحقّق المقدّم أو التالي، وبما ذكرنا يتضح حال الآيتين

____________________

١ - البقرة: ١٢٠.

٢ - البقرة: ١٤٥.

٣ - الأنبياء: ٢٢.

٢١٥

التاليتين:

٢ - إنّه سبحانه يخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقضايا شرطية كثيرة قال سبحانه:( وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً * إِلاَّ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً ) (١) .

ومن المعلوم المقطوع به أنّه سبحانه لا يستلب منه ما أوحى إليه.

٣ - قال سبحانه:( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرينَ ) (٢) ، وقال أيضاً:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِن أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزينَ ) (٣) فهذه الآيات ونظائرها التي تحكي عن القضية الشرطية لا تدلّ على ما يرتئيه الخصم بوجه من الوجوه، أي وجود أرضية متوقّعة لصدور هذه القضايا، وذلك لوجهين:

ألف: إنّ هذه الآيات تخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما أنّه بشر ذو غرائز جامحة بصاحبها، ففي هذا المجال يصح أن يخاطب النبي بأنّه لو فعل كذا لقوبل بكذا، وهذا لا يكون دليلاً على إمكان وقوع العصيان منه بعدما تشرّف بالنبوّة وجُهّز بالعصمة وعُزّز بالرعاية الربانية، فالآيات التي تخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما هو بشر لا تعم ذلك المجال.

ب - إنّ هذه الآيات تركّز على الجانب التربوي، والهدف تعريف الناس بوظائفهم وتكاليفهم أمام الله سبحانه، فإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبي العظمة - محكوماً

____________________

١ - الإسراء: ٨٦ - ٨٧.

٢ - الزمر: ٦٥.

٣ - الحاقة: ٤٤ - ٤٧.

٢١٦

بهذه الأحكام ومخاطباً بها، فغيره أَولى أن يكون محكوماً بها.

وعلى ذلك فتكون الآيات واردة مجرى : ( إيّاك أعني واسمعي يا جارة )، فهؤلاء الذين يتخذون تلك الآيات وسيلة لإنكار العصمة، غير مطّلعين على ( ألف باء ) القرآن؛ وبذلك يظهر مفاد كثير من الآيات النازلة في هذا المجال، يقول سبحانه عندما يأمره بالصلاة إلى المسجد الحرام:

٤ -( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) (١) ، ويريد بذلك تعليم الناس أن لا يقيموا وزناً لإرجاف المرجفين في العدول بالصلاة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، كما يحكي سبحانه وتعالى عنهم بقوله:( سَيَقُولُ الْسُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا ولاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (٢) .

٥ - إنّه سبحانه يبطل إلوهيّة المسيحعليه‌السلام بحجّة أنّه وليد مريمعليها‌السلام بأنّ تولّده بلا أب يشبه تكوّن آدم من غير أب ولا أُم، قال سبحانه:( إنَّ مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَم خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون ) ، فعند ذلك يخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله:( الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) (٣) .

ولا شك أنّ الخطاب جرى مجرى ما ذكرنا: ( إيّاك أعني واسمعي يا جارة )، فإنّ النبي الأعظم بعدما اتصل بعالم الغيب وشاهد ورأى الملائكة وسمع كلامهم، هل يمكن أن يتسرّب إليه الشك حتى يصح أن يخاطب بقوله:( فلا تكن من الممترين ) على الجد والحقيقة ؟

٦ - إنّه سبحانه يخاطب النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما جلس على كرسي القضاء

____________________

١ - البقرة: ١٤٧.

٢ - البقرة: ١٤٢.

٣ - آل عمران: ٥٩ - ٦٠.

٢١٧

بقوله:( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً ) (١) .

فالآية تكلّف النبي أن لا يدافع عن الخائن، ومن الواضح أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن في زمن حياته مدافعاً عن الخائن، وإنّما هو خطاب عام أُريد منه تربية المجتمع وتوجيهه إلى هذه الوظيفة الخطيرة، وبما أنّ أكثر الناس لا يتحمّلون الخطاب الحاد، بل يكون مرّاً في أذواق أكثرهم، اقتضت الحكمة أن يكون المخاطب، غير من قصد له الخطاب.

٧ - وعلى ذلك يحمل قوله سبحانه:( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ) (٢) .

وأخيراً نقول: إنّ سورة الإسراء تحتوي على دساتير رفيعة المستوى، ترجع إلى وظائف الأمّة: الفردية والاجتماعية، وهو سبحانه يبتدئ الدساتير بقوله:( لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولا ) (٣) ، وفي الوقت نفسه يختمها بنفس تلك الآية باختلاف يسير فيقول:( ولا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً ) (٤) .

فهذه الخطابات وأشباهها وإن كانت موجّهة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكن قصد بها عامة الناس لنكتة سبق ذكرها، وإلاّ فالنبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعظم مَن أن يشرك بالله تعالى بعد تشرّفه بالنبوّة، كيف، وهو الذي كافح الوثنية منذ نعومة أظفاره إلى أن بعث نبيّاً لهدم الشرك وعبادة غير الله تبارك وتعالى.

____________________

١ - النساء: ١٠٧.

٢ - النساء: ١٠٥.

٣ - الإسراء: ٢٢.

٤ - الإسراء: ٣٩.

٢١٨

وقس على ذلك كلّما يمرُّ عليك من الآيات التي تخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلحن شديد، فتفسير الجميع بالوجهين اللّذين قدّمنا ذكرهما.

الآية الثانية: العصمة والعفو والاعتراض

كان النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصدد خلق مجتمع مجاهد يقف في وجه الروم الشرقية، فأذن بالجهاد إلى ثغرها ( تبوك )، فلبّت دعوته زرافات من الناس بلغت ثلاثين ألف مقاتل، إلاّ أنّ المنافقين أبوا الاشتراك في صفوف المجاهدين، فتعلّقوا بأعذار واستأذنوا في الإقامة في المدينة، وأذن لهم النبي الأكرم، وفي هذا الشأن نزلت الآية التالية:

( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) (١) .

والآية تصرّح بعفوه سبحانه عنه كما يقول:( عَفَا اللهُ عَنْكَ ) ، كما تتضمّن نوع اعتراض على النبي حيث أذن لهم في عدم الاشتراك، كما يقول سبحانه:( لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ) ، وعندئذ يفرض هذا السؤال نفسه:

ألف: كيف يجتمع العفو مع العصمة ؟

ب: ما معنى الاعتراض على إذن النبي ؟

أقول: أمّا الجملة الأُولى: فتوضيحها بوجهين:

الأوّل: أنّها إنّما تدل على صدور الذنب - على فرض التسليم - إذا كانت جملة خبرية حاكية عن شمول عفوه سبحانه للنبي في الزمان الماضي، وأمّا إذا

____________________

١ - التوبة: ٤٣.

٢١٩

كانت خبرية ولكن أُريد منها الإنشاء وطلب العفو، كما في قوله:( أيّدك الله ) ( غفر الله لك ) ، فالدلالة ساقطة؛ إذ طلب العفو والمغفرة للمخاطب نوع دعاء وتقدير وتكريم له.

الثاني : ليس على أديم الأرض إنسان يستغني عن عفوه ومغفرته سبحانه حتى الأولياء والأنبياء؛ لأنّ الناس بين كونهم خاطئين في الحياة الدنيا، وكونهم معصومين، ووظيفة الكل هي الاستغفار.

أمّا الطائفة الأُولى فواضحة، وأمّا الثانية فلوقوفهم على عظمة الرب وكبر المسؤولية، وأنّ هنا أُموراً كان الأليق تركها، أو الإتيان بها، وإن لم يأمر بها الرب أمر فرض، أو لم ينه عنها نهي تحذير، والمترقّب منهم غير المترقّب من غيرهم.

ولأجل ذلك كان الأنبياء يستغفرون كل يوم وليلة قائلين: ( ما عرفناك حق معرفتك وما عبدناك حق عبادتك ).

وحاصل الوجهين: أنّ طلب العفو نوع تكريم واحترام للمخاطب بصورة الدعاء، وليس إخباراً عن واقعية محقّقة حتى يستلزم صدور ذنب من المخاطب، هذا من جانب، ومن جانب آخر: أنّ كل إنسان مهما كان في الدرجة العالية من التقوى، يرى في أعماله حسب عرفانه واستشعاره عظمة الرب وكبر المسؤولية، أنّ ما هو الأليق خلاف ما وقع منه، فتوحي إليه نفسه الزكيّة، طلب العفو والمغفرة لإزالة آثار هذا التقصير في الآجل والعاجل.

وأمّا الجملة الثانية:

فلا شك أنّها تتضمّن نوع اعتراض على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكن لا على صدور ذنب أو خلاف منه، بل لأنّ إذنه كان مفوّتاً لمصلحة له، وهو معرفة الصادق في إيمانه

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321