• البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17538 / تحميل: 3298
الحجم الحجم الحجم
تقريرات ثلاثة

تقريرات ثلاثة

مؤلف:
العربية

وقد يوجه(١) الحكم بأن بناء العقلاء على مطالبة المالك من كل من ترتب يده على مال الغير، وكذا مطالبة كل من اللاحق عند عدم كون مغرورا منه الى ان استقر الضمان على من تلف المال عنده، بضميمة عدم ردع الشارع يتم المطلوب.

وفيه ان مجرد ادعاء ان بناء العقلاء يكون كذلك ما لم يكن له منشأ، لا يثبت المدعى.

وتحقيق المسئلة في توجيه الحكم المذكور، يحتاج الى تمهيد مقدمات (الاولى) انهم متسالمون على اصل الحكم في الجملة وان لم يتعرضوا لخصوصياتها، لكون رجوع الأول الى خصوص اللاحق ولو كان غير من تلف المال عنده، او التخيير في الرجوع مطلقا.

(الثانية) ان قاعدة اليد تعم الحقوق الثابتة لذوي الحقوق كالمرتهن والوصي وغيرهم كما مر.

(الثالثة) انه لا فرق في شمولها للحقوق بين كونها قبل الغصب او بعده، كما اذا غصب المال من مالكه ثم رهنه مالكه عند زيد مثلا فللمرتهن المطالبة من الغاصب.

(الرابعة) لا اشكال في انه اذا طالب المالك، الغاصب الأول فعليه ان يرد العين اليه اذا كانت موجودة عنده وتحصيلها بأي وجه ممكن اذا كانت عند غيره، ذلك الغير أيضا يجب عليه أدائها اذا كان صاحب الارادة.

____________________

(١) نسب الى الخراسانيرحمه‌الله .

١٤١

(الخامسة) لا اشكال ايضا في ضمان الغاصبين كلهم بمجرد الغصب للمالك، ولا اشكال ايضا في وجوب أداء من طالبه المالك، كما لا اشكال ايضا في عدم جواز رجوع اللاحق الى السابق.

(السادسة) لا اشكال في انه اذا تلف المال المغصوب بعد استيلاء الثاني او قبله فللغاصب الأول، الرجوع الى المتلف وشمول قاعدة من أتلف مال الغير فهو له ضامن لهذه الصورة.

اذا عرفت هذه المقدمات تعرف انه اذا غصب المال من مالكه ثم غصب الثاني من الأول فله الرجوع اليه بعد مطالبة المالك منه لأنه يصير ذا حق بعد مطالبة المالك، والمفروض ان من عليه الحق يجب عليه ادائه عند مطالبة ذي الحق وثبوت هذا الحق وان كان بعد الغصب ومطالبة المالك الا انه بعد ما عرفت من مقتضى المقدمة الثالثة علمت انه لا فرق بين ثبوت الحق بعده او قبله، وعموم قاعدة اليد لهذه الصورة ليس بأقصر من شمول قاعدة الاتلاف للصورة التي ذكرناها في المقدمة السادسة، بل هي أظهر.

فانه لا دلالة في قاعدة اليد على كون الضمان للمالك او غيره بخلاف قاعدة الاتلاف فانها تدل على ان المتلف ضامن للمالك.

وكذا لا دلالة فيها على كون المضمون عنه مالا او غيره، بخلاف قاعدة الاتلاف فانها تدل على ان المتلف ضامن للمال بقرينة قولهم من اتلف مال الغير الخ،واذ عمت قاعدة الاتلاف مع هذه الخصوصيات، فعموم قاعدة اليد بطريق أولى.

وبتقريب آخر اصل ضمان الغاصب الأول للمالك وان كان مسببا عن غصبه الا ان هذ الغرامة التي غرمها له، مسببة عن غصب الثاني، فانه لو لم يغصبها ادى المال الى مالكه من دون غرامة.

١٤٢

ولعل مراد الشيخقدس‌سره ايضا ذلك حيث ان الغاصب الاول اذا غصب المال يوجد لها نسبة بين الغاصب وبينه، وهي كونها مضمونة للمالك، واذا غصب الثاني يوجد لها نسبة بين الغاصب وبينه وبين الغاصب الثاني، فللمال نسبتان الاولى كونها مضمونة المالك، والثانية كونها بحيث لو تلفت كان الغاصب الاول ايضا ضامنا، فالغاصب الثاني اخذ مالا متصفا بوصف زائد على ما كان عند الغاصب الأول، واخذه عدوانا صار سببا لغرامة الغاصب، فله المطالبة بمقدار غرمه له.

كما ان الضامن باذن المضمون عنه يرجع اليه بمقدار اداه الى المضمون له، وكما ان المغرور يرجع الى الغار بمقدار ضمن للمالك، هذا.

وقد يوجه(١) كلام الشيخ المحقق الأنصاريقدس‌سره بعدة مقدمات:

(الاولى) جواز اعتبار اشتغال الذمة مع وجود العين، كما انا نتعقل ضمان العين الموجودة في الخارج مع الغاء خصوصيتها، فيمكن ان يعبر عند العقلاء اشتغال ذمة الضامن مع وجود العين، غاية الأمر بعد الغاء الخصوصية.

(الثانية) كون تعدد الضمانات في زمان واحد كوجود الجسم المعين في زمان واحد في أمكنة متعددة، فلابد ان يكون الضمان بالنسبة الى الأيادي مترتبة طوليا، والقول بانه كالواجب الكفائي يتعلق بجميع المكلفين ويسقط عنهم باتيان الواحد، ممنوع بالفرق بين الوضع

فروع متفرعة

على عموم الغصب للمنقول (الأول) لو اخذ متاع الغير بدون اذنه لا بعنوان العدوان، بل لأمر آخر مثل ان يكون غرضه رؤيته مثلا فتلف في يده بتلف سماوي او غيره من دون اتلاف، فهل يصدق مفهوم الغصب عليه ام لا؟ الظاهر الثاني لعدم صدق الاستيلاء على سبيل العدوان فلا يشمله (على اليد الخ) الا ان يقال: كونها أعم من مفهوم الغصب.

(الثاني) لو وقعت عين في يد الغير لكن لا تمامها، بل قدر منها مشاعا، فهل يضمن غير المالك تمامها اولا يضمن شيئا منها او بالنسبة كما نسب الأخير الى الميرزا الرشتي؟(٢) وجوه اوجهها الثاني لما ذكر من عدم الصدق.

____________________

(١) الموجه هو المحقق الميرزا حسين النائيني (قده) المتوفى ١٣٥٥ الهجري القمري، على ما نسبه سيدنا الاستاذقدس‌سره .

(٢) المراد: هو المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي، المتوفى سنة ١٣١٢ هـ. قدس‌سره .

١٤٣

(الثالث) لو استولى على دار فعليه ضمانها، ولو استولى على بعضها بحيث لم يكن للمالك التصرف في ذلك البعض الا باذن المستولي ضمن ذلك البعض.

ولو أخذها مسكنا له ولم يمنع المالك عن التصرف فيها بمعنى ان كل واحد منها مستول على تلك الدار، فهل يضمن جميعها او نصفها مثلا، او لا يضمن شيئا منها؟ وجوه ثلاثة.

من صدق المستولي ولو في الجملة عليه.

ومن عدم صدق المستولى بقول مطلق مع عدم صدق الأخذ على الاطلاق أيضا فلا يشمله عموم (على اليد ما اخذت الخ).

ومن انه يصدق عليه انه استولى بالنسبة ويعتبر عند العقلاء استيلائه عليه امارية اليدين للمالكية على مالك واحد كما نسب الى الميرزا الرشتيرحمه‌الله .

لكن (فيه) انه فرق بين المقام وبين ذلك باعتبار ان التصرف شرط في دلالة اليد وأماريتها للملك بخلاف المقام لكفاية مجرد الاستيلاء في صدق الغصب من دون اعتبار التصرف.

وهذا الفرع نظير الفرع الذي ذكروه وهو انه اذا غصب اثنان دارا، فهل يضمنها كل واحد بتمامها او مشاعا ولا يتصور هنا عدم الضمان رأسا، لصدق الأخذ.

نعم هنا وجه ثالث ايضا، وهو التفصيل بين كل واحد منهما بحيث لو افرد كان مستقلا في الاستيلاء وعدم كونه كذلك (وبعبارة اخرى) نسب الاستيلاء الى كليهما.

(مسئلة - ١ -) قد عرفت سابقا عموم على اليد للأملاك والحقوق، فهل يشمل الاوقاف ايضا ام لا؟ نقول: لو استولى على الوقف، فاما ان يستولي على المنفعة او على العين، وكل منهما اما ان يكون مختصا او عاما.

١٤٤

(وبعبارة اخرى) اما ان يكون الوقف عاما او خاصا.

وفي فرض الاستيلاء على المنفعة اما ان يكون المنفعة ملكا للموقوف عليهم أو لا يكون ملكا لهم، بل لهم الانتفاع بتلك العين من دون ان يكونوا مالكين.

والموقوف عليهم اما ان يكون شخصا أو أشخاصا داخلين تحت عنوان عام كالفقراء والعلماء، أو يكون جهة كالمساجد والمدارس الموقوفة على المسلمين والطلاب، والربط، والخانات على العابرين والنزال.

لا اشكال في ضمان الغاصب في جميع هذه الصور الا صورة واحدة(١) ، وذلك لعموم (على اليد ما اخذت حتى تؤدي) فان الأخذ - كما مر - يختلف باختلاف المورد.

والمعنى الجامع بين الكل ان كل ما كان له انتساب وارتباط الى شخص او كلي او جهة يمكن أن يتفق هذه الثلاثة بالانتفاع به، فانتزاع هذه النسبة والارتباط يكون أخذا ومقابله التأدية التي عبارة عن رفع هذا الانتزاع.

واما الصورة المستثناة التي اشرنا اليها آنفا فهي ان يكون الشيء وقفا على خاص او عام، او على حجة على نحو الانتفاع لاكون المنعفة ملكا للموقوف عليهم كالمساجد والمدارس ونحوهما مما ذكرنا، ففي كون الغاصب ضامنا للمنفعة الفائتة او ضامنا للعين في صورة تلفها؟ اشكال.

____________________

(١) تأتي عن قريب ان شاء الله تعالى.

١٤٥

فهنا مسئلتان (الاولى) وجه ضمان المنفعة وعدمه، (فمن) انه لا يكون آخذا لشيء، ولايمكن ان يؤدي ما غصبه، لان المغصوب هو الانتفاع، فهو اشبه شيء بمزاحمة المالك من التصرف في ملكه، فكما لايكون ضامنا هناك، فكذا هنا (ومن) ان ما ذكرناه من معنى الأخذ شامل للمقام ايضا، وكيف كان ففيه اشكال وان كان لايبعد عدم الضمان بالنسبة.

(الثانية) ضمانه للعين اذا اتلفت بآفة سماوية، قال الشهيدقدس‌سره في الدروس: ولو اثبت يده على رباط او مدرسة على وجه التغلب ومنع المستحق فالظاهر ضمان العين والمنفعة لتنزله منزلة المال (انتهى موضع من كلامه زيد في علو مقامه).

ويمكن ان يستدل لهذا، بحديث ابي الصباح الكناني - المروي في كتاب الديات من الوسائل - عن ابي عبد اللهعليه‌السلام قال: من اضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن(١) ، على احد الوجوه الثلاثة المحتملة في هذا الخبر(٢) .

هذا كله في السبب الأول من الاسباب الثلاثة التي قلنا في اول بحث الغصب ان اسبابه ثلاثة.

واما السببان الآخران - اعني الاتلاف بالمباشرة والاتلاف بالتسبيب فنقول ان بينهما وان كان جامع مشترك - اعني الاتلاف - الا ان لكل واحد احكاما تخصه، فالمناسب ذكر كل واحد منهما منفردا فنقول بعون الله تعالى:

____________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من ابواب موجبات الضمان ج١٩ ص١٧٩.

(٢) كون الباء للتعدية - كونها للسببية - قرائة اضر مجهولا.

١٤٦

ان المراد من الاول ايجاد فعل يوجب انعدام مال الآخر سواء اوجده المتلف بنفسه او بتوسط آلات اخر كالالقاء في النار او المسبعة او غير ذلك.

وسببيته مما لااشكال فيه، بل يمكن ان يعد من ضروريات الفقه عند من كان له شامة لاستشمام الفقه، ولايحتاج الى ذكر ادلة دالة على ضمان المتلف.

ثم ان ما تداول في المحاورات، (من ان من اتلف مال الغير فهو له ضامن) ليس رواية، بل هو عموم ملتقط من الادلة الدالة على الضمان فهذا لا كلام فيه.

وانما الكلام في بيان المراد من القسم الثاني منها أعني التسبيب وان موضوع ضمان المال بالتسبيب للتلف ما هو؟.

فنقول: عرف تارة بأنه ما يقصد به وجود ما كان علة للتلف.

(واخرى) بأنه ايجاد ما لولاه لما تحقق التلف وان كان سبب التلف شيئا آخر.

والمراد بالقصد في قولهم: (ما يقصد) اما القصد الفعلي بمعنى انه اوجده قاصدا به وجود الخ او القصد الشأني بأن كان المعنى انه ايجاد علة التلف بأن أوجد ما يصلح ان يكون علة للتلف.

ولكن التأمل في اخبار المسئلة يعطي ان كل فعل كان موجبا لتلف المال كان فاعلة ضامنا، سواء كان موجده قاصدا ذلك ام لا، وسواء كان بواسطة قريبة او بعيدة.

فلابد من نقل الأخبار بعون الملك العلام كي يكشف الحال.

١٤٧

روى الشيخ ابو جعفر الطوسيرحمه‌الله باسناده عن احمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: كان عليعليهم‌السلام لا يضمن ما افسدت البهائم نهارا ويقول: على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان يضمن ما افسدت البهائم ليلا(١) .

وروى محمد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله ، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سليمان، عن غثيم بن اسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (في حديث) ان داودعليه‌السلام ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم، فأوحى الله تعالى الى داود ان اجمع ولدك فمن قضى منهم بهذه القضية، فأصاب فهو وصيك من بعدك فجمع داود ولده، فلما ان قص الخصمان فقال سليمان: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ فقال: دخلته ليلا، قال: قد قضيت عليك ياصاحب الغنم بأولاد غنمك واصوافها في عامك هذا، فقال داود: كيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني اسرائيل؟! وكان ثمن الكرم قيمة الغنم، فقال سليمان: ان الكرم لم يجنث(٢) من اصله وانما اكل حمله وهو عائد في قابل، فأوحى الله الى داود: ان القضاء في هذه القضية ما قضى به سليمانعليه‌السلام (٣) .

وروى الشيخرحمه‌الله باسناده، عن سهل بن زياد، عن ابن شمعون،

____________________

(١) الوسائل باب ٤٠ حديث ١ من أبواب موجبات الضمان ج١٩ ص٢٠٨.

(٢) الجنث بالكسر الأصل... وتجنث ادعى الى غير اصله (القاموس).

(٣) الوسائل باب ٤٠ حديث ٢ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص ٢٠٨.

١٤٨

عن الأصم، عن مسمع عن ابي عبد اللهعليه‌السلام ، عن امير المؤمنينعليه‌السلام رفع اليه رجل قتل خنزيرا فضمنه، ورفع اليه رجل كسر بربطا(١) فأبطله(٢) .

وباسناده، عن احمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام (في حديث) ان علياعليه‌السلام ضمن رجلا اصاب خنزيرا لنصراني، ورواه الصدوقرحمه‌الله مرسلا وزاد: قيمته(٣) .

وروى الكلينيرحمه‌الله ، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : من تطبب او تبيطر فليأخذ البرائة من وليه، والا فهو له ضامن(٤) .

وعنه عن ابيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أخرج ميزابا أو كثيفا او اوتد وتدا او اوثق دابة او حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن(٥) .

____________________

(١) كجعفر، العود معرب بربط أي صدر الأوز (القاموس) البربط شيء من ملاهي العجم يشبه صدر البط معرب بربط أي صدر البط لان الصدر يقال له بالفارسية (بر) والضارب به يضعه على صدره (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٩٦.

(٣) الوسائل باب ٢٦ حديث ٢ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٢٦.

(٤) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء، ج١٩ ص١٩٤.

(٥) الوسائل باب ١١ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٢.

١٤٩

وعنه، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال: كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه(١) .

وروى الشيخرحمه‌الله باسناده، عن احمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن أبي الصباح الكناني قال: قال ابو عبد اللهعليه‌السلام : من اضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن(٢) .

وباسناده، عن ابن أبي نجران، عن مثنى، عن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها؟فقال: عليه الضمان لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان(٣) .

وباسناده، عن احمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن الرجل يحفر البئر في داره او في أرضه؟ فقال: اما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، واما ما حفر في الطريق او في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه(٤) .

وروى الكلينيرحمه‌الله ، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن ابن مسكان، عن زرارة وأبي بصير، عن ابي عبد اللهعليه‌السلام

____________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان ج١٩ص١٨١.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص ١٧٩.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٧٩.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٠.

١٥٠

قال: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل كان له غلام فاسـتأجره منه صائغ او غيره؟ قالعليه‌السلام : ان كان ضيع شيئا او أبق منه فمواليه ضامنون(١) .

وعن عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب انسانا فمات او انكسر منه؟ فقال: هو ضامن(٢) .

وروى الشيخ باسناده، عن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث، عن اسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام ان علياعليه‌السلام كان يضمن الراكب ما وطأت الدابة بيدها ورجليها (او رجلها - الوسائل) الا ان يعبث بها احد فيكون الضمان على الذي عبث بها(٣) .

وهذه الأخبار - كما ترى - يدل كل واحد منها على ضمان الاتلاف بالتسبيب بالخصوص، ويدل عليه أيضا عمومات شاملة للمقام وللاتلاف بالمباشرة، مثل الأخبار في تبديل الوصية، وان الوصي ضامن لما اوصي اليه ان لم يعمل على طبقها (منها) ما في الوسائل نقلا عن محمد بن علي بن الحسين باسناده، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد، قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى الى رجل وأمره ان يعتق عنه نسمة بستمأة درهم من ثلثه فانطلق الوصي فأعطى الستمأة درهم رجلا يحج بها عنه فقال ابو عبد اللهعليه‌السلام : أرى ان يغرم الوصي

____________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٢.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ١٠ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٦.

١٥١

ستمأة درهم من ماله ويجعلها فيما اوصى الميت في نسمة.

ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن ابن محبوب الخ ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مارد(١) .

وروى الشيخرحمه‌الله باسناده، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: اوصى الي رجل بتركته فأمرني ان احج بها عنه فنظرت في ذلك فاذا هي شيء يسير لايكفي للحج فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة، فقالوا تصدق بها عنه (الى ان قال) فلقيت جعفر بن محمد في الحجر فقلت له: رجل مات واوصى الي بتركته ان احج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها، فقال: ضمنت الا ان لايكون يبلغ ما يحج به من مكة، فان كان لايبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وان كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن(٢) .

وروى الكلينيرحمه‌الله ، عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن ابي سعيد عن ابي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن رجل اوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة؟ فقال: يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما اوصى به فان الله تبارك وتعالى يقول: فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه(٣) .

وعن ابي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن

____________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤١٩.

(٢) الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤١٩.

(٣) الوسائل باب ٣٧ حديث ٥ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤٢٠.

١٥٢

العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن ابي عبداللهعليه‌السلام في شاهد الزور ما توبته؟ قال: يؤدي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله ان كان النصف او الثلث ان كان شهد هذا وآخر معه.

ورواه الصدوق في عقاب الاعمال عن ابيه عن سعد عن احمد بن ابي عبدالله عن أبيه عن صفوان مثله الا انه قال: ان كان شهد هو وآخر معه أدى النصف(١) .

وعن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبداللهعليه‌السلام في شاهد الزور ان كان الشيء قائما بعينه رد عليه صاحبه وان لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل(٢) .

وكالأخبار الواردة في ضمان الوديعة والعارية في صورة التلف من غير تفريط.

مثل ما رواه الكلينيرحمه‌الله عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن قال كتبت الى أبي محمدعليه‌السلام في رجل دفع الى رجل وديعة (وأمره أن يضعها في منزله او لم يأمريه)، فوضعها في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه اذا خالف أمره وأخرجها عن ملكه فوقععليه‌السلام : هو ضامن لها(٣) .

وروى الصدوق مرسلا، قال: قالعليه‌السلام : اذا استعيرت

____________________

(١) الوسائل باب ‍‍١١ حديث ١ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٣٨.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٣٩.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من كتاب الوديعة ج ١٣ ص ٢٢٩.

١٥٣

عارية بغير آذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن(١) .

وهذه الأخبار - كما ترى - تدل بعمومها على ضمان من كل سببا للإتلاف.

وعلى تقدير الإغماض وعدم الدلالة يكفينا الأخبار الأولى الدالة على ضمان التسبيب صريحا.

وبعد الغاء الخصوصية يستفاد منها ان كل من اتلف مال الغير مباشرا كان او سببا فهو له ضامن كما اشتهر في السنة الفقهاء.

ومحصل ما يمكن ان يقال في تقرير الاتلاف السببي - بعد ترك ذكر ما عرفوه وما أورد من النقض طردا وعكسا - ان من ينسب اليه التلف اما ان يوجد ما يكون علة لوجود المقتضي للتلف او سببا كما مثلوا له بحفر البئر كما ذكرناه آنفا او يرفع ما يكون مانعا.

(وبعبارة اخرى اوضح) ان التل اما ان يستند الى علة التلف او الى شرط التلف او الى رفع المانع واي منها كان.

فقد مثل الفقهاء له امثلة (منها) من حفر بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها شيء فعطب فهو له ضامن.

ولنذكر اخبار هذه المسئلة وبيان ما يستفاد منها.

(منها) خبر ابي الصباح الكناني، قال: قال ابو عبد اللهعليه‌السلام : كل من اضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن(٢) .

(ومنها) رواية الحلبي، عن ابي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته

____________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من كتاب العارية، ج١٣ ص٢٤٠.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨١.

١٥٤

عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره، فقال: كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه(١) .

وهاتان الروايتان تدلان على ضمان خصوص من كان سببا لتلف المال في طريق المسلمين.

(ومنها) رواية السكوني المتقدمة عن الصادق عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الدالة على ان من كان حفر بئرا في غير ملكه فهو له ضامن(٢) .

(ومنها) رواية زرارة المتقدمة الدالة على ان من حفر بئرا في غير ملكه فهو له ضامن سواء حفرها في ملك الغير او في الاراضي المباحة(٣) .

(ومنها) مضمرة سماعة المتقدمة الدالة على ان من حفر بئرا في الطريق أو في غير ملكه فهو ضامن لما يسقط فيه(٤) .

نعم مفهوم الروايتين الأولتين عدم الضمان في غير طريق المسلمين، سواء كان في ملكه او ملك الغير.

فمحصل مجموع الروايات، الضمان اذا حفر بئرا في طريق المسلمين مؤيدا بفتوى الفقهاء جميعا(٥) .

____________________-

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان ج١٩ ص١٨١.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٢.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٧٩.

(٤) راجع الوسائل باب ٨ حديث ٣ من ابواب موجبات المضان ج١٩ ص١٨٠.

(٥) يعني ان فتوى الفقهاء بهذا المضمون مؤيدة لصدورها عن المعصومينعليهم‌السلام ، والله العالم.

١٥٥

وعدم الضمان اذا حفر بئرا في الأراضي المباحة، والروايات المذكورة ايضا دالة عليه بعد رفع اليد عن مفهوم الأوليين بسب منطوق الاخرى، ولا كلام فيه، وانما الكلام فيما اذا حفر بئرا في الأراضي المباحة.

مقتضى بعض الروايات الضمان، وبعضها الآخر عدمه.

والأولى ان نتعرض لنقل الموارد المنصوصة من الأئمةعليهم‌السلام والموارد المستنبطة من الفقهاء رضوان الله عليهم ثم نبين ان الاتلاف بالتسبيب ما هو؟ ان استفدناه من الأخبار.

فنقول: اما الموارد المنصوصة (احدها) لو حفر بئرا او كنيفا او ميزابا فمر عليه احد فزل قدمه فوقع فيه فالحافر ضامن(١) .

(ثانيها) لو شهد عند الحاكم فحكم للمدعي ثم رجع الشاهد ضمن شاهد الزور للمدعى عليه(٢) .

(ثالثها) لو خرجت دابة فأتلفت شيئا من اموال الغير، فان كان ليلا ضمن صاحب الدابة وان كان نهارا فلا(٣) .

(رابعها) لو اتلفت الدابة المركوبة فان كان التلف بيديها ضمن الراكب وان كان برجليها فلا يضمن(٤) .

____________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٨٢.

(٢) راجع الوسائل باب ١١ وباب ١٤ من كتاب الشهادات، ج١٨ ص٢٣٨ و٢٤٢.

(٣) راجع الوسائل باب ٤٠ من ابواب موجبات الضمان ج١٩ ص٢٠٨.

(٤) راجع الوسائل باب ١٣ من ابواب موجبات الضمان ج١٩ ص١٨٣.

١٥٦

وغيرها من الموارد المنصوصة(١) .

ويظهر من تتبع كلمات الفقهاء وموارد النصوص، ان الحكم بالضمان في بعض الموارد وعدم الضمان في بعضها الآخر ليس باعتبار استناد التلف الى شخص اوجد شيئا موجبا لاقتضاء المقتضى اثره بحيث لولا ذلك الشيء لما اثر كما عرفوا السبب بذلك.

(وبعبارة اخرى) ليس الحكم باعتبار صدق الاتلاف وعدم صدقه، والا لما فرق بين الموارد، مع ان النص والفتوى فرقا بينها.

مثلا قد حكم نصا وفتوى بضمان حافر البئر في ملك الغير، وبضمان الكلب بعقر كلبه انسانا بالليل، وبضمان صاحب الدابة ما اتلفته بيدها، سواء كان راكبا او قائدا، او بضمان حافر البئر في طريق المسلمين، بل يمكن ان يقال: في طريق غيرهم أيضا.

وحكم بعدم ضمان حافر البئر في ملكه اذا وقع فيه حيوان او عبد او مال آخر اتفاقا.

وبعدم الضمان ولو في غير ملكه اذا كان فيه مصلحة للمسلمين عموما كما ذهب اليه جماعة.

وبعدم ضمان دية الحر الذي وقع فيه وان كان قد حفرها في طريق المسلمين او ملك الغير.

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١٠ ص١٨٢ وباب ١٢ ص١٨٣ وباب ١٤ ص١٨٦ وباب ١٥ ص١٨٨ وباب ١٦ ص١٨٨ وباب ١٧ ص١٨٩ وباب ١٨ ص١٩٠ وباب ١٩ ص١٩١ وباب ٢٤ ص١٩٤ وباب ٢٦ ص١٩٦ وباب ٢٩ ص١٩٩ وباب ٣٢ ص٢٠٢ وباب ٣٦ ص٢٠٦ وباب ٣٩ ص ٢٠٧ وباب ٤١ ص٢١٠ وباب ٤٣ ص٢١١ كل ذلك ج١٩.

١٥٧

وغير ذلك من الموارد التي حكم فيها بالضمان او حكم بعدم الضمان كعدم ضمان صاحب الدابة اذا اتلفت شيئا برجليها حال السير دون حال الوقوف لضمانه حينئذ ضامن مطلقا مع تساوي استناد التلف في اغلب هذه الموارد او جميعها فيمكن ان يقال حينئذ بدخول التعبد في باب الضمانات، لا لاجل صدق الاتلاف كما قد يؤيده تقسيم الفقهاء اسباب الضمان بكونها ثلاثة اليد، والاتلاف والتسبيب فانهم جعلوا التسبيب مقابلا للاتلاف لاقسيما كما لايخفى، فالأحسن التأمل في الأخبار الواردة في الموارد المخصوصة.

(منها) رواية زرارة عن ابي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها؟ فقالعليه‌السلام : عليه الضمان لان كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان(١) وتنقيح هذا الحديث الشريف يتوقف على بيان اقسام حفر البئر في الأراضي على اختلافها وبيان كيفية وقوعه فيها.

فنقول بعون الله الملك العلام: الحافر اما ان يحفر بئرا في ملكه (تارة) مع جواز التصرف له فيه (واخرى) مع عدم جوازه كما اذا كان ملكه مرهونا أو مستأجرا او مشتركا مشاعا.

واما ان يحفر في غير ملكه.

وغير الملك اما ان يكون ملكا لغيره او لا.

والذي لايكون ملكا للغير، اما ان يكون من الأراضي المباحة او من طريق المسلمين او من الأراضي المفتوحة عنوة التي امرها بيد ولي امر المسلمين بحيث كان جريان امور المسلمين واجرائها بيده بمعنى ان

____________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من ابواب موجبات الضمان، ج١٩ ص١٧٩.

١٥٨

له ان يصرف منافعها في اصلاح امر الاسلام والمسلمين.

واما ان تكون موقوفة، سواء كان الحافر هو احد الموقوف عليهم او كان هو الواقف او الأجنبي.

والحفر اما ان يكون عميقا بحيث لو وقع فيها حيوان او انسان يهلك عادة اولا.

او غير عميق جدا بحيث لايهلك عادة ما وقع فيه الا اتفاقا او يكون متوسطا.

والوقوع تارة يكون في الليل المظلم بحيث لو لم يكن مظلما لما وقع فيها (وبعبارة اخرى) لظلمة الليل دخل في هلاكه او يكون السقوط مستلزما لوقوعه فيه بحيث لولا البئر يسقط ايضا ولكن يترتب على وجود البئر سقوطه فيه لا اصل السقوط.

ونسئل الله التوفيق ان نبين احكامها في ضمن مسائل:

(المسئلة الاولى) لو حفر بئرا في ملكه الذي يجوز التصرف له فيه فليس بضامن نصا وفتوى جزما مطلقا.

(المسئلة الثانية) لو حفر بئرا في ملكه المشترك، فهل يضمن ما سقط فيه مطلقا او لا مطلقا او يضمن بالنسبة؟ وجوه:

وجه الأول انه تعدى وتصرف في ملك الغير بدون اذن (وبعبارة اخرى) المستفاد من الروايات الدالة على الضمان بالتسبيب، عدم جواز التعدي والمفروض انه تعبدي، فيضمن وخصوص المورد لايخصصه.

ووجه الثاني انه لا يصدق انه حفر بئرا في ملك الغير، فلا يوجب الضمان.

ووجه الثالث انه تعبدي بالنسبة الى ملك الغير لا بالنسبة الى ملك الغير لا بالنسبة الى ملكه، واقرب الوجوه هو الاول، واوسطها الوسط، واضعفها الأخير.

١٥٩

ومن هنا يتضح الحال في (المسئلة الثالثة) وهي انه اذا حفر بئرا في ملكه المرهون بدون اذن الراهن او الواقف بناء على بقاء الملك في ملكه الموقوف بالوقف الخاص او بدون اذن الموقوف عليه، بناء على انتقال الملك اليه بمجرد الوقف، فانه ضامن في تلك الموارد كلها فانه تعدى وتجاوز عن حقه بدون اذن ذي الحق كما لايخفى.

(المسئلة الرابعة) لو حفر بئرا في الأراضي المباحة، فبناء على ما قلنا من كون المناط التعدي والتصرف بغير اذن المالك، ففي المسئلة حيث ان الاراضي لمجموع المسلمين - كما هو المفروض - فليس له بما هو شخص ان يحدث بئرا لمنافعه الشخصية فمقتضى القاعدة ضمان الحافر الا انا خرجنا عنها للشهرة على عدم الضمان(١) .

(المسئلة الخامسة) لو حفر بئرا في الأراضي المفتوحة عنوة فهل هو ضامن لما يقع فيها مطلقا ام لا؟ وجهان.

والقدر الجامع لجميع المسائل المفروضة المتقدمة ان يقال: ان صدق التعدي بان كان بحيث يصدق ان يقال: ليس له ان يفعل كذا يمكن ان يقال بالضمان والا فلا.

____________________

(١) هكذا فهمنا من افادات سيدنا الاستاذ الاعظم دام ظله: ويمكن ان يقال: بان الاراضي المباحة حيث تصير ملكا بالحيازة فالحافر بمجرد الحفر يصير مالكا لها بالحيازة، ويمكن ان يكون نظر المشهور ايضا الى هذا، لا الى دليل لم يصل الينا، والله العالم.

١٦٠