• البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17708 / تحميل: 3413
الحجم الحجم الحجم
تقريرات ثلاثة

تقريرات ثلاثة

مؤلف:
العربية

التي ليس لها نفوذ وعدم نفوذ وعلى جواز مداواته بشراء الأدوية وغيرها لمعالجته ولو كان مستغرقا لماله ولم يقل احد باعتبار اجازة الورثة.

بل اللازم على ما ذكروه عدم جواز التصرف في الأعيان حتى في مثل البيع بثمن المثل والاجازة باجرة المثل وذلك لانه قد يتعلق مصلحة الورثة بابقاء الأعيان مع انه باطل بالضرورة.

(وأما سادسا) فمثل هذه الرواية لا تدل على ما ذهبوا اليه من كفاية مطلق المرض في صيرورة المريض محجورا عن التصرف في الزائد عن الثلث، فلا يصدق فيمن اعتق عبدا حال مرضه ثم مات بعد سنة او سنتين من ذلك المرض او غيره انه اعتقه عند موته كما هو ظاهر فانقدح بذلك كله عدم دلالة هذه الرواية على مدعاهم.

(واما الخاصة) فقد اختلفوا قديما وحديثا، فذهب المفيد وابن ادريس في السرائر، والسيدان، والفاضل الآبي في كشف الرموز، الى انها من الأصل، وذهب المحقق والعلامة، والشهيد، الى انها من الثلث، وادعى السيد أبو المكارم ابن زهرةرحمه‌الله في الغنية، الاجماع على كونها من الأصل، وكأن المراد منه استكشاف رأي المعصومعليه‌السلام

بالأخبار الواردة منهمعليهم‌السلام ، وعليه يحمل الاجماعات المدعاة في المسائل الفقهية أو الاصولية حيث انهم استكشفوا رأيهعليه‌السلام فكل يدعي الاجماع على مذهبه لا أنهم رأوا ان الفقهاء لا يختلفون في ذلك(١) .

____________________

(١) كأنه اشار الى ان ما أفاده شيخنا المحقق الانصاري (قده) في بحث اجماع الرسائل من ان الناقل قد ينقل ما استكشفه، وقد ينقل الكاشف.

٤١

واختلف كلام الشيخرحمه‌الله فالمحكي عن المبسوط موافقة القول الثاني، وعن النهاية موافقة الأول، وذهب الى الأول الرياض، والى الثاني تلميذ المحقق أعني الفاضل الآبي.

وكيف كان فقد استدل للأول بالأخبار الخاصة (منها) رواية علي بن عقبة بن خالد أو عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره فأبى الورثة ان يجيزوا ذلك كيف الفضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه الاّ ثلثه(١) .

ومعتبرة حسن بن جهم، قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول في رجل أعتق مملوكا وقد حضره الموت واشهد له بذلك وقيمته ستمأة درهم وعليه دين ثلاثمأة درهم ولم يترك شيئاً غيره قال: يعتق منه سدسه، لأنه انما له ثلاثمأة درهم وله السدس من الجميع، ويقضي عنه ثلاثمأة درهم من الثلاثمأة ثلثها (خ كا)(٢) .

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألني ابو عبد اللهعليه‌السلام : هل يختلف ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ فقلت: بلغني انه مات مولى لعيسى موسى، فترك عليه دينا كثيرا وترك مماليك يحيط دنيه بأثمانهم فأعتقهم عند الموت فسألهما عيسى بن موسى عن ذلك فقال ابن شبرمة: أرى ان تستسعيهم في قيمتهم فتدفعها الى الغرماء فانه قد أعتقهم عند موته فقال ابن أبي ليلى: أرى ان ابيعهم وادفع اثمانهم الى الغرماء فانه ليس له ان يعتقهم عند موته وعليه دين يحيط بهم، وهذا أهل الحجاز، اليوم يعتق الرجل عبده وعليه دين كثير فلا يجيزون عتقه اذا

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١٣ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٤.

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ٤ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤٢٣.

٤٢

كان عليه دين كثير فرفع ابن شبرمة يده الى السماء وقال: سبحان الله يا ابن أبي ليلى متى قلت بهذا القول، والله ما قلته الا طلب خلافي، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فعن رأي أيهما صدر؟ قال: قلت: بلعني انه اخذ برأي ابن أبي ليلى وكان له في ذلك هوى فباعهم وقضى دينه، فقال: فمع أيهما من قبلكم؟ قلت له: مع ابن شبرمة وقد رجع ابن أبي ليلى الى ابن شبرمة بعد ذلك، فقال: أما والله ان الحق لفي الذي قال ابن أبي ليلى وان كان قد رجع عنه الحديث(١) .

فهذه الروايات تدل بظاهرها سيما بقرينة قوله: (فأعتقهم وقد حضره الموت) حيث قدم الاعتاق على حضور الموت في مقام الحكاية فيكشف كون المحكي أيضا كذلك على ان الاعتاق وما هو نظيره كالوقف ونحوه من الثلث.

وهذا الاستدلال حسن لولا ورود الاشكال بامكان كون المراد من الاعتاق حين حضور الموت، الاعتاق بعد الموت، لما هو المتعارف بين الناس سيما بين المتدينين منهم، من اعمال الأمور الراجعة الى ما بعد موتهم فيكون المراد حينئذ الوصية، فافهم.

ومما استدل به على المدعى ما رواه الشيخرحمه‌الله باسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق او بعضه فتبرئه منه في مرضها؟ فقال: لا(٢) .

وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته وذكر مثله.

____________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ٥ من كتاب الوصايا،ج١٣ ص٤٢٣.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ٥١ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٤.

٤٣

وزاد: ولكنها ان وهبت له جاز ما وهبت له من ثلثها(١) .

وما رواه الشيخ باسناده، عن علي بن الحسن، عن محمد بن علي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الدين (دين ح) فتبرئه منه في مرضها؟ قال: بل تهبه له فتجوز هبتها له ويحسب ذلك من ثلثها ان كانت تركت شيئا(٢) . وفيه سؤال الفرق بين الابراء والهبة حيث حكمعليه‌السلام بعدم جواز الاول وجواز الثاني، لأن المدعى ان للوارث حقا في التركة يمنع من تصرف المريض مطلقا، سواء كان بالابراء او غيره، فلا يمكن الاستدلال بهذه الروايات ايضا.

ومما استدل به على المدعى ما رواه الشيخ باسناده، عن يونس بن عبد الرحمن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن عطية الوالد لولده؟ فقال: اما اذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء، واما في مرضه فلا يصلح(٣) .

وباسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم عن جراح المدائني، قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن عطية الوالد لولده يبينه؟ قالعليه‌السلام : اذا اعطاه في صحته جاز(٤) .

(وفيه) مضافا الى عدم دلالة قولهعليه‌السلام : (لا يصلح) على المدعى لامكان ارادة الكراهة امكان ارادة الحكم التكليفي بمعنى ان

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١٦ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٤.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١١ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٦٧.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ١١ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٤.

(٤) الوسائل باب ١٧ حديث ١٤ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٤.

٤٤

فعله ذلك يورث عداوة بين الأولاد بعضهم مع بعض بحيث قد ينجر الى عدم اقدامهم على تجهيزاته فافهم.

ومما استدل به ما رواه الشيخ باسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ان أعتق رجل عند موته خادما له ثم أوصى بوصية اخرى الغيت الوصية واعتقت الجارية من ثلثه الا ان يفضل من ثلثه ما يبلغ الوصية(١) .

ورواه الكلينيرحمه‌الله أيضا، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام باختلاف يسير(٢) .

(وفيه) ان قولهعليه‌السلام : (ثم أوصى بوصية) يمكن ان يكون قرينة على ان الأول كان باقيا ايضا بمعنى انه أضاف الى الأول وصية اخرى فيكون المعنى ان الوصية تعمل بها مادام الثلث وافيا فيعتق الجارية اما لكونه قد ذكر أولا، واما بناء على قول الشيخرحمه‌الله بتقديم العتق من بين الوصايا، على غيره مطلقا.

ومما يمكن الاستدلال به على هذا المدعى ما رواه الكلينيرحمه‌الله عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن العلاء بياع السابري قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا، فلما حضرها الموت، قالت له: ان المال الذي دفعته اليك لفلانة، وماتت المرأة فأتى أوليائها الرجل،

____________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٦٥.

(٢) الوسائل باب ٦٧ حديث ٣ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤٥٨.

٤٥

فقالوا: انه كان لصاحبتنا مال ولا نراه الا عندك فاحلف لنا ما لها من قبلك شيء أفيحلف لهم؟ فقالعليه‌السلام : ان كانت مأمونة عنده فليحلف لهم وان كانت متهمة فلا يحلف ويضع الأمر على ما كان فانما لها من مالها ثلثه(١) .

وما رواه مسندا الى السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام انه كان يرد النحلة في الوصية وما أقر به عند موته بلا ثبت ولا بينة(٢) .

موضع الستدلال في الأول قولهعليه‌السلام في ذيله: (فانما لها الخ) وفي الثاني قولهعليه‌السلام : (انه يرد النحلة في الوصية) بناء على ان معناه انهعليه‌السلام يرد العطية في الوصية ويجعلها منها ومن المنجزات، فتدل على ان الرجل لايجوز له العطاء منجزا، بل يعطى من ثلثه (وفيه) انه لا دلالة في شيء منهما على كونه مريضا وتصرف في الزائد من الثلث مضافا الى ان الأول وكذا ذيل الثاني انما هو في الاقرار ولا ملازمة بين عدم كون الاقرار من الأصل، وبين عدم كون المنجزات منه، فان الاقرار بما هو اقرار لايوجب تنقيص المال وخروجه من غير عوض، فانه ان كان ما أقر به ثابتا في الواقع فظاهرانه لم يتصرف في شيء، وان لم يكن ثابتا فالكلام في حجية هذا الاقرار وعدمها ولا دخل لها في المنجزات أيضا، وهذا بخلاف المنجزات فانها اخراج للمال وتنقيص لمال الورثة.

وبهذا يندفع ما عن الجواهر من جعله الأخبار الواردة في ان

____________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٧٧.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ١٢ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٠.

٤٦

الاقرار يكون من الثلث مؤيدة بالأ’بار الدالة بظاهرها على المدعى فتأمل جيدا.

وأما الادلة الدالة على كون المنجزات من الأصل فيدل عليه مضافا الى عدم الاحتياج الى الدليل لكفاية عمومات جواز التصرف في الأموال والتسلط على أموالهم وكونه محجورا بالنسبة الى الزائدة عن الثلث روايات.

(منها) رواية عمار الساباطي المروية بطرق متعددة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: صاحب المال احق بماله ما دام فيه شيء من الروح يضعه حيث شاء كما في رواية ثعلبة بن ميمون، عن أبي الحسين الساباطي(١) .

او الرجل أحق بماله مادام فيه الروح ان أوصى به كله فهو جائز كما في رواية عمر بن شداد الأزدي والسري جميعا عن عمار عنهعليه‌السلام (٢) .

وفي رواية ابن أبي عمير، عن مرازم، عن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: الميت أحق بماله مادام فيه الروح يبين به؟ قال: نعم فان أوصى به فليس له الا الثلث(٣) .

وفي رواية صفوان، عن مرازم، عن بعض اصحابنا (المحتمل كون هذا البعض هو عمار) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطي الشيء من ماله في مرضه؟ فقال: اذا أبان به فهو جائز وان أوصى به فهو

____________________

(١) و (٢) و (٣) الوسائل باب ١٧ حديث ٤ ٥ـ٧ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٢.

٤٧

من الثلث(١) .

وفي رواية علي بن الحسن بن فضال، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الميت احق بماله مادام فيه الروح،فان قال: بعدي فليس له الا الثلث(٢) .

ورواه الصدوقرحمه‌الله باسناده، عن ابن أبي عمير الى آخر السند الا انه قال: فان تعدى.

وفي رواية يعقوب بن يزيد، عن ابن ابي عمير، عن مرازم، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يجعل بعض ماله لرجل في مرضه؟ فقال: اذا ابانه فهو جائز(٣) .

والحاصل ان الروايات الواردة، عن عمار، يحتمل قويا كونها رواية واحدة الا انها رويت بطرق متعددة بعضها ظاهر وبعضها صريح في كون المنجزات من الأصل.

ويدل عليه بظاهره ما رواه الكلينيرحمه‌الله ، عن محمد بن يحيى وغيره، عن محمد بن احمد، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الرجل يكون له الولد أيسعه ان يجعل ماله لقرابته؟ قال: هو ماله يصنع ما شاء به الى ان يأتيه الموت(٤) .

بل يكون صريحا فيه على ما رواه الكليني ايضا، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير عن

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٦ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨٢.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١٢ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٦٧.

(٣) و (٤) الوسائل باب ١٧ حديث ١٠ ١ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٣٨١.

٤٨

أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله وزاد ان لصاحب المال ان يعمل بماله ماشاء مادام حيا ان شاء وهبه وان شاء تصدق به وان شاء تركه الى أن يأتيه الموت، فان أوصى به فليس له الا الثلث الا ان الفضل في ان لايضيع من يعوله ولا يضر بورثته(١) .

فبناء على هذه الزيادة تكون الرواية صريحة في المطلوب كما لا يخفى.

ومما استدل به على المدعى، ما رواه الصدوق باسناده، عن العلاء بن زرين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصية فكان اكثر من الثلث قال: يمضى عتق الغلام ويكون النقصان فيما بقي، ورواه الكلينيرحمه‌الله عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين الخ، ورواه الشيخرحمه‌الله باسناده، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن العلا الخ(٢) .

وما رواه أيضا، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابي أبي عمير، عن رجل كما في نسخة أو عن جميل كما في اخرى بل اكثر النسخ كما نقله صاحب الوسائل عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: في رجل أوصى بأكثر من الثلث وأعتق مماليكه في مرضه، فقال: ان كان اكثر من الثلث رد الى الثلث وجاز العتق، وراه الشيخرحمه‌الله باسناده عن علي بن ابراهيم الخ(٣) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من كتاب الوصايا ج١٣ ص٣٨١.

(٢) الوسائل باب ٦٧ حديث ١ من كتاب الوصايا ج١٣ ص٤٥٨.

(٣) الوسائل باب ٦٧ حديث ٤ من كتاب الوصايا ج١٣ ص٤٥٩.

٤٩

والحاصل ان هذه الرواية التي يحتمل ان تكون عين الرواية الأولى باعتبار ان محمد بن مسلم روى هذه الرواية مرة واحدة، غاية الأمر وقع الاشتباه في الذين يروونها عنه تارة عبر بقوله عن رجل واخرى عن جميل وكذا في المروي عنه تارة عبر بـ (ابي عبد الله) واخرى بـ (أبي جعفرعليهما‌السلام ) ويحتمل التعدد والتكرر كما هو ظاهر تعدد المروي عنه.

وكيف كان فهذه الرواية اقوى ما يستدل سندا للقول بكون منجزات المريض من الأصل لأنه رواها جماعة كانوا فقهاء، بصراء متدينين، مثل(١) صفوان بن يحيى، وحسن بن محبوب، ومحمد بن خالد، وحسن بن علي بن فضال، وعلي بن اسباط، وعلي بن الحسن.

واما وجه الاستدلال فلأن ضمير (كان) في قوله: (وكان) أو (فكان اكثر من الثلث) اما ان يعود الى الايصاء المفهوم من قوله: (وأوصى) او الى (ما فعل) المفهوم من الكلام، وعلى التقديرين مضى العتق ونفوذه بقول مطلق دال على كون المنجز من الأصل.

(وفيه) انه ان كان مراد الراوي من هذا السؤال انه هل ينفذ خصوص هذا العتق ام لا؟ فضميمة الوصية اليه بل ذكرها مقدما بقوله: (رجل أوصى بأكثر من الثلث) الى قوله: (واعتق) كالحجر المنضم الى جنب الانسان، فيكشف من هذا الجمع والضم ان السؤال انما وقع عن انه اذا اجتمع منجز كالعتق ومؤخر كالوصية وكان كلاهما من الثلث فأيهما هو المقدم؟ وهل يدخل النقصان على الجميع كما عن أبي حنيفة أو على

____________________

(١) الروايات التي نقلناها بقولنا: وأما الأدلة الدالة على كون المنجزات من الأصل فلا تغفل فراجع حديث ٤ ٧ من باب ١٧ من كتاب الوصايا ج١٣ ص٣٨٢ تجد هؤلاء الرواة التي عدها سيدنا الأستاذ الأكبر (قده).

٥٠

المؤخر فقط، كما عن الشافعي وجماعة؟ فأجابعليه‌السلام بأن النقصان يدخل على المؤخر لا المنجز.

(وتوهم) انه حينئذ يدل باطلاقه على كون المنجز من الأصل، لأنه شامل لهذه الصورة أيضا (مدفوع) بعدم كونهعليه‌السلام في مقام بيان الحكم من هذه الجهة، بل أجابعليه‌السلام عن الجهة التي بيناها.

والقرينة على ما ذكرنا قولهعليه‌السلام : ويكون النقصان فيما بقي حيث انه يدل على ان هناك نقصانا ويكون اللام في قولهعليه‌السلام (١) : (ويكون النقصان فيما بقي) اشارة الى النقصان المعهود المرتكز عند المخاطب.

بل يمكن دعوى العكس يعني انها دالة على ان المنجزات من الثلث لا من الأصل وذلك بعد التأمل فيما ذكره، فانه ان كان في ذهن الراوي كونها من الأصل وكان السؤال عن انه اذا كانت الوصية فقط زائدة عن الثلث فلا ينبغي ان

يجيبعليه‌السلام بما أجاب، بما المناسب ان يقولعليه‌السلام : ان الوصية بالنسبة الى الزائد عن الثلث غير نافذة، بل النافذ هو من الثلث فقط، فدلالة هذه الرواية على ان المنجزات من الثلث اظهر من دلالتها على المدعى.

ومما استدل له ايضا ما رواه محمد بن علي بن الحسين، باسناده، عن أحمد بن محمد بن عيسى(٢) ، عن أبي همام(٣) اسماعيل بن أبي همام(٤)

____________________

(١) في راوية محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام لا عن أبي جعفرعليه‌السلام فلا تغفل.

(٢) موثق.

(٣) كان شيعياً موثقا.

(٤) مجهول.

٥١

ابن عبد الرحمن بن ميمون(١) بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن(٢) عليه‌السلام في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته وأعتق مملوكا وكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث كيف يصنع به في وصيته؟ قالعليه‌السلام : يبدأ بالعتق فينفذه(٣) .

وجه الاستدلال ان قوله: (اعتق مملوكا) اما ان يكون جزءا للوصية، أو لا، وعلى الثاني اما ان يكون المراد من قوله: (وكان جميع ما أوصى به اكثر من الثلث) خصوص الوصية او هي مع العتق.

(فعلى الأول)(٤) اما ان يكون وجه التعبير عن العتق المنجز بالوصية كون العتق الواقع قرب الموت بمنزلة الوصية في كونه واقعا بعد الموت، او من باب التغليب (وعلى الثاني)(٥) يكون قوله: (جميع ما أوصى به) مستعملا في معناه الحقيقي (وعلى الثالث)(٦) يكون مجازا باحدى العلاقتين المجاورة والتغليب.

فعلى تقدير كون قوله: (أعتق مملوكاً) أمرا منجزا غير الوصية كما هو ظاهر تفصيل الراوي في السؤال بين العتق وغيره، يكون نفوذ العتق بقول مطلق، سواء كان زائدا على الثلث أم لا، دليلا على كون المنجزات من الأصل.

____________________

(١) كان شيعيا موثقا.

(٢) الظاهر انه الرضاعليه‌السلام .

(٣) الوسائل باب ٦٧ حديث ٢ من كتاب الوصايا، ج١٣ ص٤٥٨.

(٤) يعني كون العتق جزءا للوصية.

(٥) يعني عدم كونه جزءا للوصية.

(٦) يعني كون العتق الواقع قرب الموت الخ.

٥٢

(وفيه) انه من المحتمل قويا كون العتق ايضا من الوصايا فالحكم بتقدمه حينئذ يمكن ان يكون بناء على قول الشيخ أبي جعفر الطوسيرحمه‌الله من كون العتق مقدما على سائر الوصايا.

ويؤيد هذا الاحتمال قوله: (كيف يصنع به في وصيته) ؟ حيث اطلق على جميع ماله الوصية وكذا يؤيده جوابهعليه‌السلام بقوله: (يبدأ بالعتق) فان التعبير بالابتداء انما يصح في مورد يكون المبتدأ والمؤخر في رتبة واحدة من حيث الحكم لا من حيث الطبع كما في صورة اجتماع المنجز والمعلق، فلا يقال: يبدأ بالمنجز فتأمل.

وعلى تقدير ان يكون المراد من العتق، العتق المنجز، فنقول: اما ان يكون الراوي عالما بحكم الوصية والمنجز معا أو لا يكون عالما بواحد منهما او يكون عالما بحكم احدهما دون الآخر، فالأقسام حينئذ اربعة فنحن نتكلم في مقام الثبوت على كل واحد من التقادير وتطبيق الرواية على أظهر الأقسام.

(الأول) ان الراوي كان عالما بأن المنجز يخرج من الأصل والوصية من الثلث فيكون حاصل السؤال حينئذ ان رجلا أعتق عبدا، منجزا، وأوصى بأكثر من الثلث كيف القضاء بالنسبة الى الوصية فبعد فرض كون حكم المملوك معلوما بأنه من الأصل، يصير حاصل السؤال راجعا الى الوصية.

فحينئذ يرد على هذا الفرض ان ضم العتق في السؤال الى الوصية غير مناسب، مضافا الى عدم ارتباط الجواب للسؤال، لأن حق الجواب حينئذ، هو ان الوصية بالنسبة الى الثلث نافذة دون الباقي فلا معنى لقوله: يبدأ بالعتق.

(الثاني) من الصور الأربعة ان يكون حكم المنجز كالصورة السابقة معلوما دون الوصية، فيرجع السؤال الى الوصية فقط.

ويرد عليه ايضا الاشكال على الأول، مضافا الى كون هذا الفرض في نفسه بعيدا بالنسبة الى الرواة السائلين الذين كانوا في أواخر القرن الثاني مثل اسماعيل بن همام مثلا.

(الثالث) ان يكون الراوي جاهلا بحكم المنجز، عالما بحكم الوصية بانها من الثلث فيصير حاصل السؤال: هل العتق المنجز من الأصل او الثلث.

ويرد عليه ان المناسب ان يجيب انه من احدهما المعين مثلا لا ان يجيب بقوله: (يبدأ بالعتق) فان الظاهر من لفظة (يبدأ) ان العتق والوصية مشتركان في كونهما موردين للثلث، غاية الأمر كان الترديد والسؤال في التقديم والتأخير.

٥٣

(الرابع) ان يكون الراوي عالما بان المنجز من الثلث، والمعلق ايضا منه ولكن وقع له الاشتباه عند اجتماعهما فيصير حاصل السؤال بعد فرض كونهما من الثلث ان أيهما يقدم عند تزاحمهما عملا فجوابهعليه‌السلام حينئذ بقوله: (يبدأ بالعتق) مناسب ويستقيم مع السؤال فحينئذ يستكشف من هذا ان المرتكز في اذهان الاصحاب كون المنجز من الثلث لا من الأصل، فيشكل العمل بالأخبار الدالة على كونه من الأصل وترجيحها على الأخبار الدالة على كونه من الثلث.

والحصل ان الروايتين من الطرفين متعارضتان، ولذا ترى الشيخ ابا جعفر الطوسيرحمه‌الله مترددا في المسئلة تارة في الخلاف واخرى في النهاية فراجع الوصايا والعتق والهبة منهما.

فلا محيص عن الرجوع الى المرجحات واولها الشهرة(١) .

وقد يتوهم عدم التعارض بينهما، فان الاعتاق الوارد في روايات متعددة مثل عمران بن حصين، وعقبة بن خالد، وعلي بن عقبة بن خالد وحسن بن جهم، وعبد الرحمن بن حجاج، وأبي بصير، ومحمد بن مسلم(٢) يراد به انشاء العتق عند الموت بحيث يكون القيد(٣) قيدا للهيئة لا المادة.

(وفيه) انا وان قلنا هذا عند توجيه رواية عمران بن حصين(٤) ردا على العامة، الا ان العمدة هو ضعف سندها او مجهوليته، وانفراده بهذا النقل والا فهو خلاف المتفاهم العرفي فانهم يفهمون من نحو قوله: (اعتق عند موته) ان الانعتاق كان عند موته لا انشاء العتق بعد الموت.

وكذا قولهعليه‌السلام في رواية حماد عن الحلبي(٥) في مسئلة الابراء (لا ولكنها ان وهبت له جاز الخ) ظاهر في الهبة الفعلية لا الاستقبالية.

وكذلك في رواية سماعة وجراح المدائني(٦) حيث فصل بين الصحة والمرض وحكم بالجواز في الأول وعدمه في الثاني.

وكيف كان فلا جمع عرفيا بين قوله: (اعتق عند موته) في عدة روايات وقولهعليه‌السلام (صاحب المال احق بماله مادام فيه شيء من الروح) من

____________________

(١) وقد عرفت عند نقل أقوال الخاصة انه ليس هناك شهرة على احد الطرفين بل كل يدعي الاجماع على مذهبه فراجع.

(٢) قد تقدم كل واحد منهما عند نقل الأخبار من الطرفين فلاحظ.

(٣) يعني قيد عند العتق.

(٤) المنقولة من سنن أبي داود كما تقدم.

(٥) و (٦) الوسائل باب ١٧ حديث ١٥ ١١ ١٤ من كتاب الوصايا، ج ١٣ ص٣٨٤.

٥٤

حيث الدلالة فينحصر الجمع من حيث العدد والسند.

فالراويات الدالة على خروج المنجز من الأصل ترجع الى روايتين (احداهما) رواية عبد الله بن جبلة، عن سماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) ، تارة، وعنه(٢) ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام بنقلين اخرى(٣) ، لكن بناء على نقل يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة كما تقدم لا صراحة فيها على كونه من الأصل، فان قولهعليه‌السلام : (هو ماله يصنع به ما شاء الى أن يأتيه الموت) قابل لأن، يراد به انه اذا اتاه الموت فليس له الا الثلث ويصدق على تبرع المريض الذي مات في مرضه انه تبرع حين أتاه الموت.

بل يمكن ان يقال بعدم الدلالة حتى على نقل عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن سماعة عن أبي بصير عنهعليه‌السلام فانه زاد فيه: (ان لصاحب المال ان يعمل بماله ما شاء ان شاء وهبه وان شاء تصدق وان شاء تركه الى ان يأتيه الموت الخبر) فتأمل.

(ثانيتهما) رواية عمار الساباطي وهي قد نقلت بطرق ومضامين عديدة حتى بلغت خمسة او ستة طرق(٤) كما مر.

واما رواية أبي شعيب المحاملي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١٧ حديث ١ من كتاب الوصايا ج١٣ ص٣٨١.

(٢) يعني عن عبد الله بن جبلة، راجع المصدر حديث ٣.

(٣) المصدر حديث ٢.

(٤) وقد ذكرنا مواضعها عند نقلها، فراجع.

٥٥

قال: الانسان أحق بماله مادامت الروح في بدنه(١) .

فهي مرسلة، فان رواية أبي شعيب، عن الصادقعليه‌السلام اما بواسطتين او بواسطة فان أبا شعيب كان من اصحاب الكاظم عليه وعلى آبائه السلام(٢) فينحصر الدليل على خروج المنجز من الأصل برواية عمار.

واما الروايات الدالة على اخراجه من الثلث فكثيرة بظاهرها، مثل رواية علي بن عقبة ورواية عقبة بن خالد، ورواية حسن بن جهم وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحة الحلبي، وصحيحة أبي ولاد، وموثقة سماعة، وخبر جراح المدائني وخبر أبي بصير وخبر العلاء بياع السابري وخبر السكوني، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام ،

وصحيحة محمد بن مسلم التي رواها جملة من الأجلاء على احتمال قد ذكرناهم بأساميهم آنفا، ورواية اسماعيل ايضا كذلك، وقد نقلنا هذه الروايات كلها

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٨ بسند الشيخ واما بسند الكليني، فعن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن سعيد عن ابي المحامد عنهعليه‌السلام .

(٢) لكن نقل في تقيح المقال ج٢ ص٩١ تحت عنوان صالح بن خالد أبو شعيب المحاملي عن النجاشي في باب الكنى من رجاله، وعن الشيخ أبي جعفر الطوسي في باب الكنى من رجاله، توثيقه فعن الاول أبو شعيب المحاملي كوفي ثقة من رجال أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وعن الثاني: أبو شعيب المحاملي ثقة (الى أن قال): ثم لايخفى عليك ان الكلينيرحمه‌الله وصفه في سند بالمحاملي الرفاعي، ولعله نسبه الى جده المسمى برفاعة، وذكر رواية عنه عن الصادقعليه‌السلام فيدل على انه لقي الصادقعليه‌السلام أيضا (انتهى كلامه رفع مقامه).

٥٦

فيها فراجع(١) .

وأضف اليها ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: ان رجلا أعِتق عبدا له عند موته لم يكن له مال غيره، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يستسعى في ثلثي قيمته للورثة(٢) .

فحينئذ يشكل رفع اليد عن جميع هذه الروايات بسبب رواية عمار ولو كان نقلها عنه غير واحد، فان(٣) تمت الشهرة بهذه الأخبار أخذنا بها وقلنا بخروجها من الثلث والا فليعمل برواية عمار لمخالفتها لجميع العامة الا المسروق كما سمعت.

هذا غاية(٤) ما يقال في اصل هذه المسئلة ولعلك تسمع فيما يأتي ما يوجب قوة القول بخروجه من الثلث في الجملة.

____________________

(١) راجع باب ١٧ وباب ١١ وباب ٦٧ من كتاب الوصايا تجد اكثر هذه الأخبار وقد ذكرنا مواضعها كلها عند نقلها فلاحظ.

(٢) الوسائل باب ٦٤ حديث ٥ من كتاب العتق ج١٦ ص٦٤.

(٣) حاصل مفاد كلامهقدس‌سره : ان الشهرة اول المرجحات فيؤخذ بها ان تمت والا فمخالفة العامة ثاني المرجحات في التعرض فيؤخذ بها.

(٤) اقول: ولقد أجاد فيما أفاد وأتى بما هو فوق المراد حشره الله مع أجداده وكثر الله أمثاله.

٥٧

بيان المراد من مرض الموت

هل المراد مطلق المرض المخوف كما عن الشيخرحمه‌الله أو المرض المتصل بالموت كما عن العلامة او المتاط صدق انه حضره الموت او صدق انه اوصى عند الموت أو أتاه الموت كما عن الجواهررحمه‌الله ؟ وجوه بل أقوال:

فنقول: الروايات الواردة على أقسام (منها) ما عبر فيه بقوله: (في مرضه) كرواية جراح المدائني، ومحمد بن مسلم وأبي ولاد، وسماعة، الحلبي، وعمار بنقل ابن أبي عمير، عن مرازم عنه.

(ومنها) ما عبر فيه بقوله: (عند الموت) او (عند موته) كرواية أبي بصير، وعبد الرحمن بن الحجاج، والسكوني.

(ومنها) ما عبر فيه بقوله: (حضره الموت) كرواية عقبة بن خالد، وبياع السابري والحسن بن الجهم.

(ومنها) ما عبر بقوله: (أتاه الموت) أو (يأتيه الموت) كرواية أبي بصير او سماعة بطرق ثلاثة كما سمعت كلها.

ظاهر ما عدا القسم الأول ينفي قول الشيخ والعلامة رحمهما الله لان مطلق المرض المخوف او المتصل بالموت لا يصدق عليه انه (عند الموت) او (حضره الموت) او (عند اتيان الموت) تبرع بكذا مثلا.

واما القسم الأول فلابد من تقييده، اذ لم يقل باطلاقه احد من المسلمين فيقيد بالأقسام الاخر، وتقييده بالمخوف او المتصل بالموت لا مقيد له، فلايبعد ان يقال: ان هذا القسم من المرض يشبه الوصية باعتبار ان المتبرع ان يقع هذا الفعل في حياته التي قد انقضت ايامها كي ينتفع به في الآخرة التي قد أقبلت.

ومن(١) هنا يمكن القول بكون المنجزات من الثلث بالنسبة الى

____________________

(١) هذا الذي وعدقدس‌سره في آخر المسئلة بقوله: ولعلك تسمع فيما يأتي ما يوجب قوة القول بخروج المنجز من الثلث، فتذكر.

٥٨

هذا القسم من المرض مع قيود اربعة (احدها) كون التبرع في حال المرض (ثانيها) كون المرض متصلا بالموت (ثالثها) وقوع الموت عقيب هذا المرض بلا فصل طويل يخرجه عن صدق حضور الموت (رابعها) اعتقاد المريض كون التبرع عند موته فبانتفاء كل واحد من هذه القيود يشكل الحكم بكون المنجز من الثلث.

نعم لا يبعد ان يلحق بالمرض وقوعه في البحر أو عند مقابلته لصف الأعداء مع ظهور كونه مغلوبا، وكذا يلحق به ترديه من مكان عال بحيث يخاف هلاكه، وكذا تصادفه للسبع في حال كونه منفردا متوحدا، فانه في كل واحد من هذه الموارد يصدق انه حضره الموت فتبرع، فتأمل جيدا.

القول في الاقرار

اختلف العامة والخاصة في ان الاقرار بشيء حال المرض المتصل بالموت هل هو من الثلث او من الأصل؟.

اما العامة فقد اجمعوا على انه من الأصل الا شاذ منهم كابن منذر على ما هو ببالي(١) .

وقد يستكشف اتفاقهم من فرعين نقلهما الشيخرحمه‌الله في النهاية (احدهما) لو كان عليه دين ثابت بالبينة او غيرها من الحجج الشرعية ثم اقر بشيء عليه فالمحكي عنهم على ما هو ببالي انه ان كانت التركة وافيا

____________________

(١) انما عبرت بذلك لاني لم اتيقن حين تقرير هذا البحث ان دعوى الاجماع ايضا من سيدنا الاستاذ (قده) ام لا.

٥٩

بهما معا فهو والا يقدم الدين على الاقرار حيث يظهر من هذا انه على تقدير كفاية التركة يمضي الاقرار من الأصل.

(ثانيهما) لو اقر لبعض الورثة بشيء فقد حكي عنهم انه يمضى من الثلث، وعلل بأنه ليس اقرارا على نفسه، بل على بقية الورثة كاقرار العبد بالجناية العمدية الموجبة للقصاص، او الخطائية الموجبة للدية، فانه لا يسمع فانه اقرار على المولى لا على العبد.

ويمكن ان يقال: ان هذا الاجماع منهم تهافت مع الاجماع بأن المنجزات من الثلث، لان المانع من نفوذ المنجزات من الاصل ثبوت حق متعلق بالتركة وهو بعينه موجود في الاقرار ايضا.

ويمكن ان يدفع بأن الكلام ثمة في المريض بمرض الموت وهنا في غيره والا ففي المريض قد اختلفت العامة ايضا في اقراره للورثة على اقوال (احدها) عدم النفوذ مطلقا، وهو قول شريح، واحمد بن حنبل، وأبي حنيفة واصحابه، وأمثالهم (الثاني) النفوذ مطلقا، وهو قول حسن البصري، وعمر بن عبد العزيز وأبي عبيدة، وهو أحسن قولي الشافعي عند اصحابه (والثالث) التفصيل بين الاتهام وعدمه بالنفوذ في الثاني دون الأول، وهو قول مالك، وقال: ان الحاكم يجتهد في كون المقر متهما أم لا؟.

استدل المانعون بقياسه على الوصية له، فكما لايجوز الوصية للوارث بقولهعليه‌السلام : (لا وصية للورثة)(١) .

وأجاب المجوزون بعدم تمامية هذا القياس، فان الوصية ممحضة لما بعد الموت فيكون ضررا على الورثة محضا، بخلاف الاقرار، وكيف كان

____________________

(١) سنن أبي داود ج٣ باب ماجاء في نسخ الوصية ص ١١٤ وفيه لاوصية لوارث.

٦٠