• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14965 / تحميل: 4557
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

المسألة الرابعة : ما الوجه(١٢) الذي قال علم الهدى قدس الله رحه بان القدرة لا تبقى(١٣) وما الوجه الذي لاجله شك في بقاء الاكوان.

الجواب: الذي أعرفه من مذهب المرتضى قدس الله روحه في صحيح النقل الشك في بقاء الاعراض كلها، والوجه في ذلك عنده ضعيف معتمد الجازم بالبقاء عليها، ووظيفة من عدم الدلالة على القطع بالنفي والاثبات التوقف.

والله الموفق.

____________________

(١٢) كذا.

(١٣) قال العلامة الحلي في أنوار الملكوت ص ١٤٧: ذهبت الاشاعرة والبغداديون من المعتزلة إلى أن القدرة غير باقية وشك السيد المرتضى في ذلك..

وقال السيد المرتضى في الذخيرة ص ٩٥: والصحيح الشك في ذلك والتوقف عن القطع في القدر على بقاء أو عدم في الثاني لفقد الدليل القاطع على أحد الامرين..

١٤١

المسألة الخامسة : ما المعني بقول السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه : وما يدخل فيه معنى النسخ، وكذا قوله: معنى التخصيص دون النسخ ودون التخصيص نفسه(١٤) ، وما هو المختار فيما نقل من التخيير إلى التضييق أو بالعكس(١٥) ، أيكون نسخا ام لا؟ وكذلك ما المختار عنده في الزيادة على النص والنقصان منه أهو نسخ أم لا؟(١٦) .

الجواب: لابد في إبانة الغرض بهذة الالفاظ من مقدمة وهي أن التخصيص في الحقيقة لا يرد إلى على الالفاظ العامة، فان العموم والخصوص من عوارض الالفاظ ومعنى التخصيص يرد على ما علم عمومه لا باللفظ إذ التخصيص عبارة على ما دل على أن المراد بالعام بعضه، فإن كان العموم مستفادا من منطوق اللفظ كان التخصيص حقيقة، وإن كان مستفادا لا من منطوقه كان التخصيص معنويا ومثاله أنا نستدل بحل الوطء في ام الولد على بقاء الملك، وبثبوت الملك على تحقق توابعه من بيع ووقف وغيره، فاذا ورد المنع من البيع في بعض الصور كان ذلك في معنى التخصيص فيها فهذا يخصص معنى التخصيص.

وأما النسخ فلا يكون حقيقة إلا إذا كان الناسخ متراخيا وكانا جميعا مستفادين بالشرع، أما إذا كان الرافع معلوما بالعقل فانه لا يطلق اسم النسخ

____________________

(١٤) لم نجد هذه العبارات في ذريعة السيد فراجع.

(١٥) راجع الذريعة إلى أصول الشريعة ص ٤٤٦.

(١٦) راجع الذريعة إلى أصول الشريعة ص ٤٤٣.

١٤٢

وإن كان معناه موجودا فيه كما إذا أمر إنسان بالقيام في الصلاة ثم اقعد فإن القيام ينسخ في حقه لكن لما كان ذلك معلوما بالعقل لم يسم نسخا وإن كان المعنى موجودا فيه، وربما كان مثل هذا أشبه بإطلاق اسم الشرط.

وأمانقل الفعل من التخيير إلى التضييق فإنه ليس بنسخ للفعل المخير، لان وجوب فعله باق، وربما كان نسخا لجواز(١٧) تركه إلى غيره، لان المنافاة متحققة هناك.

وأما نقل الفعل من التضيق إلى التخيير فليس بنسخ بالنسبة إلى المضيق لتحقق وجوبه، بل النسخ وارد على تحريم تركه لتحقق المنافاة.

وأما الزيادة على النص والنقيصة منه فقد اختلف الاصوليون في ذلك، والذي اتضح لي فيه أن الزيادة ان كانت مؤثرة تغييرا في المزيد عليه كان ذلك القدر من التغيير نسخا لتحقق معنى النسخ فيه، وإلا فلا يكون نسخا، فان التغريب(١٨) في حق الزاني البكر لم يؤثر تغييرا في الحد، وقولهم: إن النص الاول كان يؤذن بالاكتفاء لا حجة فيه، لانا نقول: الاكتفاء بما تضمنه النص الاول إن كان معلوما من دلالة لفظية شرعية كانت الزيادة نسخا لتلك الدلالة وإلا لم تكن نسخا.

وأما النقيصة فإنها تكون نسخا لما نقص [ لا ] لما بقي كالاقتصار في عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام بعد الحول، فإنه نسخ لمازاد على الاربعة أشهر(١٩) فإن كان النص الثاني مغيرا للنص الاول أي لما دل على(٢٠) منطوقه كان نسخا وإلا فلا.

والله الموفق.

____________________

(١٧) اللام متعلق بكلمة " نسخا " فلا تغفل.

(١٨) يعنى نفي البلد.

(١٩) وعشرة.

(٢٠) كذا. ولعل الصحيح: عليه.

١٤٣

المسألة السادسة : قول الشيخ أبي جعفر رضى الله عنه: عدة من أصحابنا عن التلعكبري وكذا قوله: عدة من أصحابنا عن أبي المفضل، وقوله: عدة من أصحابنا محمد بن علي بن بابويه(٢١) هل العدة متفقة أم مختلفة؟ تعرفنا ذلك ونذكر أسماء‌هم.

الجواب: الذي وصل إلي في ذلك ووجدته بخط بعض الفضلاء أن الجماعة الذين هم طريق الشيخرحمه‌الله تعالى إلى أبي المفضل منهم أبوعبدالله الحسين بن عبيدالله(٢٢) ، وأبوعلي محمد بن اسماعيل بن أشناس(٢٣) ، وابوطالب بن غرور(٢٤) ، واسم ابي المفضل محمد بن عبدالله بن المطلب الشيباني.

وأما الجماعة الذين هم طريقه إلى التلعكبري منهم الحسين بن عبيدالله المذكور، وابن صقال(٢٥) ، وابن أشناس المذكور، وابن عزور(٢٦) المذكور.

وإلى ابن بابويه منهم المفيدرحمه‌الله ، والحسين بن عبيدالله المذكور وأبو

____________________

(٢١) كذا، والصحيح: عن محمد بن علي بن بابويه.

(٢٢) الغضائري المتوفى ٤٢١، كذا في تنقيح المقال نقلا عن رجال الشيخ الطوسي.

(٢٣) كذا في الاصل، وفي خاتمة المستدرك ص ٥١٠: أبوعلي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد ابن أشناس البزاز.

(٢٤) في الاصل: عزور بالعين. وفي خاتمة المستدرك ص ٥٠٩ كما أثبتناه في المتن فراجع.

(٢٥) كذا في الاصل ولكن قال العلامة الطهراني في مقدمه التبيان: ابوالحسين الصفار (ابن الصفار خ ل).

(٢٦) كذا في الاصل، ولكن في بعض المصادر بالغين المعجمة كما مر.

١٤٤

الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي(٢٧) وأبوزكريا محمد بن سليمان الحمراني(٢٨) .

ومظان روايته تختلف فتارة تكون الجماعة المذكورون، وتارة بعضهم، واسم التلعكبري محمد بن موسى(٢٩) وكنيته أبومحمد والله الموفق للصواب(٣٠) .

____________________

(٢٧) ذكره النوري في خاتمة المستدرك ص ٥٠٩ في مشايخ الشيخ.

(٢٨) قال في تنقيح المقال ٣ / ١٢٢: يأتي في ترجمة الصدوق ما يومئ إلى كون محمد بن سليمان الحمراني من مشايخ الشيخ. فراجع.

(٢٩) كذا في الاصل، ولكن الصحيح: أبومحمد هارون بن موسى كما في جامع الرواة للاردبيلي ٢ / ٣٠٩.

(٣٠) راجع خاتمة المستدرك الفائدة الثالثة.

١٤٥

المسألة السابعة : إذا أوصى إلى إنسان فقبل الوصية وهويعلم أن في مال الموصي الخمس لم يخرجه، هل يجب على الوصي إخراجه من التركة أم لا؟ وهل يفرق بين أن يكون الوصي فقيها أم لا؟ وهل إذا كان لهذا الميت دين على إنسان يعلم مثل ما علمه الوصي أيجب عليه تسليم ذلك إلى الورثة أم يخرجه هو؟ وهل إذا كان من المستحقين يسقط عنه أم لا؟ وهل يجوز لغير الحاكم أن يخرج على وجه أنه أمر بمعروف أم لا؟.

الجواب: نعم على الوصي إخراج الخمس من تركته، ولا فرق بين أن يكون فقيها أو لا يكون في وجوب إخراجه.

ولا يجوز لمن عليه الدين أن يخرج عن الميت بل يجب عليه تسليمه إلى الوارث ليتولى الاخراج فإن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صاحبه أو من يقوم مقامه.

ولا تبرأ ذمة الغريم إن كان من أهل الاستحقاق بمجرد ثبوت الخمس في مال صاحب الدين وإلا برأت ذمته في حال حياته.

ولا يجوز لغير الحاكم أو الورثة أن يتولى تسليم الدين إلى أرباب الخمس، والله الموفق.

وهذا حين انتهينا على أجوبة المسائل معتذرين من الخلل مستغفرين من الخطل وانا نسأل التوفيق لصالح العمل إن شاء‌الله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

١٤٦

١٤٧

(٣) المسائل المصرية

وهي تشتمل على خمس مسائل

تأليف المحقق الحليرحمه‌الله

١٤٨

١٤٩

بسم الله الرحمن الرحيم

أقول: بعد حمد الله على ما أكرمنا من فضله وألهمنا من محبة العلم وأهله، والصلاة على رسوله الهادي إلى الخير كله، وعلى ذريته نواميس الدين وأصله، إني مجيب إلى ما سألني الشريف(١) لمعرفتي برئاسته ونبله، وتحققي نفاسته وسداد عقله، وأن ذلك يقع منه في موقعه ويحل في محله، وهي خمس مسائل: الاولى في شرح الباب الاول من النهاية، فإنه ذكر أنه سمع مني شرحها(٢) ولم ينضبط له إلا أقلة.

الثانية في إزالة النجاسات بالمائعات وكيف ادعى علم الهدى والشيخ المفيد رحمهما الله أن ذلك هو مذهبنا ولا نص فيه.

الثالثة الماء القليل هل ينجس بالملاقاة أم لا؟.

الرابعة ماء البئر هل ينجس بالملاقاة أم لا ينجس إلا بالتغيير؟.

الخامس الماء المستعمل في غسل الجنابة وشبهه هل يرفع به الحدث أم لا؟.

وها نحن موردون مسائله، ومجيبون عنها، ومشيرون إلى الدلالة على وجه مختصر إن شاء الله.

____________________

(١) السيد الشريف.

كذا في بعض النسخ.

(٢) يظهر من هذه العبارة أن السائل الشريف كان من تلامذته.

١٥٠

المسألة الاولى : يفتقر جوابها إلى إيراد كلام الشيخرحمه‌الله .

قال: باب بيان ماهية الطهارة وكيفية ترتيبها(٣) .

باب الشئ ما يدخل به إليه، ويجوز أن يكون من قولهم: " ابواب مبوبة " أي " اصناف مصنفة " فكأن الباب يجمع صنفا من الاصناف.

والمائية(٤) مشتقة من ما التي يطلب به تارة شرح الاسم، وتارة شرح الحقيقة، وقد يسأل عن الشئ بما هو فيقال منه ماهية، ويكنى عنه بهو ويقال هوية.

والكيفية من كيف التي يسأل بها عن الوصف، فكأنه قال: باب بيان ما يقال في جواب من يسأل ما الطهارة وكيف ترتيبها.

وهنا محذوف تقديره وكيفية ترتيب فصولها فحذف المضاف لان الباب لم يشتمل على ترتيب الطهارة بل على ترتيب فصولها.

وربما قيل: لم لم يجعل للطهارة هنا كتابا كما جعل في الخلاف؟.

والجواب أنه تارة ينظر إلى كون الطهارة وجبت تبعا لغيرها فأشبهت المقدمات، وتارة ينظهر إلى كثرة فصولها وتشعب مسائلها وكونها أهم مقدمات الصلاة في عناية الشرع فيخصها بمزية الانفراد.

وقالرحمه‌الله : الطهارة في الشريعة اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة(٥) .

____________________

(٣) نهاية الشيخ الطوسي ص ١ طبع قم، وفي بعض نسخ المسائل المصرية: " مائية " مكان " ماهية".

(٤) في بعض النسخ: الماهية.

(٥) النهاية ص ١.

١٥١

إنما قال: في الشريعة احترازا من اللغة، فإنها هناك اسم للنزاهة عن الادناس يقال: رجل طاهر الثياب أي منزه، وقوم يتطهرون أي يتنزهون من الدنس فأما في الشرع فهي كما ذكر.

ونقض قوم هذا التعريف بإزالة النجاسة عن الثياب والبدن فإنها معتبرة من الاستباحة ولا يطلق عليها اسم الطهارة.

واحترز القاضي عبدالعزيز بن البراج لذلك بأن زاد " ولم يكن ملبوسا وما يجري مجراه "(٦) .

وقال بعض المتأخرين(٧) : ينتقض أيضا بوضوء الحائض لجلوسها في مصلاها ذاكرة لله فإنه طهارة وإن لم تحصل به الاستباحة.

والشيخرحمه‌الله قال في المبسوط: " الطهارة عبارة عن إيقاع أفعال في البدن مخصوصة على وجه مخصوص تستباح به الصلاة "(٨) وصوبه ذلك المتأخر وأسقط اشتراط الاستباحة، فقال: نريد بقولنا: " في البدن مخصوصة " الاحتراز من إزالة النجاسة العينية عن الثوب والبدن، وبقولنا: " على وجه مخصوص " القربة، ولا حاجة إلى الاستباحة(٩) .

____________________

(٦) قال ابن البراج في المهذب ج ١ ص ١٩: فصل في بيان الطهارة الشرعية: هي استعمال الماء والصعيد على وجه تستباح به الصلاة أو تكون عبادة تختص بغيرها.

وليس عندنا مؤلف آخر من ابن البراج، ولكن قال ابن ادريس في السرائر ١ / ٥٦: قد تحرز بعض اصحابنا في كتاب له مختصر وقال: الطهارة في الشريعة اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة ولم يكن ملبوسا أو ما يجرى مجراه. وهذا قريب من الصواب.

(٧) وهو ابن ادريس الحلي ره في السرائر ١ / ٥٦.

(٨) المبسوط ١ / ٤ مع تفاوت يسير.

(٩) السرائر ١ / ٥٦، ولم ينقل المصنف عبارته بعينها فراجع.

١٥٢

ويمكن أن يقال: أما نقضه على النهاية بوضوء الحائض في زمان حيضها، فلا نسلم أن ذلك يسمى طهارة ونطالبه من أين عرف تسميته بذلك، وإنما يتسفاد الوضع من أهل الاصطلاح وهو مفقود، وليس تسميته وضوء‌ا مستلزما تسميته طهارة، لان الطهر في مقابلة الحيض فلا يجتمعان، فلو صدق عليه اسم الطهارة لصدق على فاعلته في زمان الحيض الطهر.

وأما تصويبه حد المبسوط فوهم فاحش، لانه في غاية الاجمال بحيث لا يفهم منه شئ على التعيين أصلا، بل هو منطبق بلفظه على كثير مما يفعل في البدن وليس طهارة ولو قال: لم ارد بالمخصوصية ما أشرت إليه، وإنما أردت الوضوء أو الغسل.

قلنا: فالتعريف إذا باللفظ الثاني لا الاولل وقد كان متشاغلا بتعريف لفظ واحد فصار متشاغلا بعدة ألفاظ لا تدل عليها ألفاظ التعريف ومن الشروط في التحديد تجنب الالفاظ المبهمة.

ثم لو زال الطعن في هذا التعريف بالعناية لامكن في كلام النهاية.

قوله: المراد بقوله: " في البدن مخصوصة " الاحتراز من إزالة النجاسات، إن أراد أن نفس اللفظ دال على ذلك فهو مكابرة وإن أراد أنه يدل مع التفسير كان ذكره تطويلا.

قوله: يستغنى بقولنا: " على وجه مخصوص " عن ذكر الاستباحة وهم أيضا لان اللفظ لا يدل على ذلك وإنما يدل بالعناية، ولان الشيخرحمه‌الله لا يكتفي بالقربة عن الاستباحة فلم تدل خصوصية الافعال على قصد الاستباحة.

على أنه لو جاز ذلك لجاز أن يقول: الطهارة أفعال مخصوصة، ويفسر المخصوصة بجميع ما يعتبر في التعريف.

ثم نقول: الخطأ نشأ من ظنهم أن الشيخرحمه‌الله قصد تعريف الطهارة نفسها وليس الامر كذا وإنما قصد تفسير اسم الطهارة بما هو أظهر منه وإن كان

١٥٣

أعم من موضوعه وهذا جائز في تفسير الاسم كما يقال: " العشرق(١٠) نبت " وإن كان التفسير مشتركا وكذا لو قيل: " السكنجبين شراب يقمع الصفراء " لعد قائله معرفا وإن كان التعريف مشتركا، لانه قصد بيان اللفظ بما هو أظهر منه.

ولو قيل: فرق بين أن يقول: السكنجبين اسم لشراب يقمع الصفراء وأن يقول: اسم للشراب القامع، والشيخرحمه‌الله قال: الطهارة اسم لما يستباح، فجعله واقعا على كل ما تحصل به استباحة الصلاة.

قلنا: هذا يمكن لو لم نجعلها نكرة موصوفة، أما لو جعلناها نكرة جرت مجرى أن يقال: الطهارة اسم لشئ تستباح به الصلاة، وقد يقتصر في التعريف اللفظي على مثل هذا وإن لم يكن حاصرا.

قال الراوندي(١١) رحمه‌الله : والاحتراز التام أن يقول: الطهارة الشرعية هي استعمال الماء والصعيد على وجه تستباح به الصلاة وأكثر العبادات(١٢) .

وما أراهرحمه‌الله ألم بالاحتزاز فضلا أنه أئمة فإن كل ما يرد على ألفاظ النهاية يرد على هذا ثم ينتقض بتجديد الوضوء على الوضوء فإنه طهارة ولاحظ له في الاستباحة.

وقوله: وأكثر العبادات زيادة لا معنى لها.

والتحقيق أن اللفظ الواقع على المعاني المختلفة بالاشتراك اللفظي لا يمكن إيضاحه بالتعريف الواحد كلفظ العين مثلا فإنه لما وقع على الباصرة والماء والمال لم يمكن تعريفه إلا بذكر موضوعاته، لكن إذا اتفق اشتراك تلك

____________________

(١٠) على وزن الزبرج. قاله في شرح القاموس.

(١١) وهو قطب الدين ابي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي المتوفى ٥٧٣، له مؤلفات كثيرة، منها: شرح مشكلات النهاية وغريب النهاية ومشكلالات النهاية والمغني في شرح النهاية عشر مجلدات ونهية النهاية، كلها حول نهاية الشيخ الطوسي ولم تصل إلينا.

(١٢) هذا التعريف مطابق لما قاله ابن البراج في المهذب إلا في الجملة الاخيرة فراجع المهذب١/١٩.

١٥٤

الموضوعات في لازم خاص بها أمكن تعريفه بذلك اللازم، كما يقال: الذات اسم لما يعلم بعينه بانفراده، فالموضوعات مختلفة بالحقائق ووقوعه عليها بالشركة اللفظية، لكنها تشترك في ذلك اللازم فأمكن أن يعرف الاسم به، لكن إن جعل الاسم واقعا عليها بحسب ذلك اللازم خرج الاسلام من كونه متشركا ودخل في كونه متواطئا لانه يعود كالموضوع لما له ذلك اللازم المشترك.

أما الطهارة فإنها تقع على الوضوء تارة مع إرادة الاستباحة وتارة لا بحسب ذلك الاعتبار كتجديد الوضوء من غير حدث، وتارة تقع على الغسل المراد به الاستباحة، وقد يقع عليه لا بحسب ذلك كالغسل المندوب مع طهارة البدن من حكم الحدث، وتارة على التيمم لاستباحة الصلاة، وتارة لا لها.

وهذه حقائق مختلفة لايجمعها شئ مشترك فكان تعريف اللفظ الذي يصح وقوعه على كل واحد واحد منها بالتعريف الواحد الحاصر متعذرا.

وقد عرفنا نحن الطهارة مرة بأنها استعمال أحد الطهورين لازالة منع الحدث أو لتأكيد الازالة.

ولو قيل: الطهور لا يعرف إلا بعد معرفة الطهارة فهو دور.

قلنا: قد يمكن معرفة كون الماء طهورا بقوله تعالى: * (وأنزلنا من السماء ماء‌ا طهورا) *(١٣) ، وكون التراب طهورا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : جعلت لي الارض مسجدا وترابها طهورا(١٤) .

ومعنى قولنا: أو لتأكيد الازالة احتراز من تجديد الوضوء على الوضوء،

____________________

(١٣) سورة الفرقان: ٤٨.

(١٤) هذا الحديث مروي بالفاظ مختلفة.

واللفظ الذي نقله المصنف هنا وفي المعتبر ص ٧ و ١٥٨ من الطبع الحجري، موجود في مسند أبي عوانة ج ١ ص ٣٠٣.

قاله العلامة المتتبع الاحمدي في كتابه القيم: السجود على الارض ص ٣٠ فراجع.

أقول: قد سقطت كلمة " ترابها " من المعتبر الطبع الحديث ١ / ٣٦.

١٥٥

فإنه طهارة وإن لم يزل منعا، لكنه يؤكد الازالة ولا ندعي أن ذلك تعريف ضابط.

قالرحمه‌الله : وهو ينقسم قسمين وضوء وتيمم(١٥) .

قيل: في هذا التقسيم إخلال بالغسل وهو حق، لكن الشيخرحمه‌الله استدرك ذلك في موضع آخر فقال: الطهارة تنقسم إلى مائية وترابية فالمائية إلى ما يختص الاعضاء الارربعة فتسمى وضوء‌ا وإلى ما يعم البدن فتسمى غسلا(١٦) .

واعتذر بعض الاصحاب(١٧) له بأن الوضوء قد يراد به الغسل كما في قولهعليه‌السلام : الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم(١٨) .

والمراد غسل اليدين، وبأن بعض العامة لا يستبيحون الصلاة بغسل الجنابة بانفراده، فراعى إجماعهم وخص الطهارة بالوضوء لما فسرها بما تستباح به الصلاة.

وفي العذر ضعف، أما الاول فلاختصاص لفظ الوضوء في الشرع بغسل الاعاء المخصوصة وعند إطلاق اللفظ لا يجوز صرفه إلى غيره.

وأما الثاني فلان الامامية وأكثر الجمهور يستبيحون الصلاة بالغسل المنفرد فكان مراعاة قولهم أولى أو مساويا.

وبعض المتأخرين(١٩) ناقش شيخنا أبا جعفررحمه‌الله على قوله في المبسوط: فما يخص الاعضاء الاربعة فيسمى وضوء‌ا بأن قال: هنا تجاوز وإلا فالاعضاء ستة ثلاثة مغسولة وثلاثة ممسوحة.

____________________

(١٥) النهاية ص ١ وفيه: وهي تنقسم.

(١٦) قاله في المبسوط ١ / ٤.

(١٧) قال المصنف في نكت النهاية ص ١: والراوندي اعتذر له بأن الوضوء في اللغة التحسين وإذا كان كذلك فيكون واقعا على الغسل والوضوء الشرعي.

(١٨) رواه في الكافي ٦ / ٢٩٠، وفيه: وآخره ينفي الهم.

ورواه في البحار ٦٦ / ٣٦٤ عن شهاب الاخبار ص ٤١ وفيه كما في المتن، وأيضا رواه النوري في المستدرك ١٦ / ٢٦٨ عن الطبرسي في مكارم الاخلاق ص ١٣٩ كما في المتن.

(١٩) وهو ابن إدريس في السرائر ١ / ٥٧.

١٥٦

والمناقشة لفظية ولعل الشيخرحمه‌الله نظر إلى ألفاظ الكتاب العزيز فإنه تضمن أمرا بمغسول وعطف الايدي عليه وأمرا بممسوح وعطف الارجل عليه، واليدان متشابهتان، وكذا الرجلان فقاما مقام الواحد.

ويقال: إن علياعليه‌السلام وعبدالله قالا: غسلتان ومسحتان(٢٠) فحصرا ذلك في اربع وهو يقتض تعداد الاعضاء بحسبها.

قالرحمه‌الله : ومدارهما على أربعة أشياء: أحدها وجوب الطهارة، وثانيها ما به تكون الطهارة، وثالثها كيفية الطهارة، ورابعها ما ينقض الطهارة(٢١) .

يقال: المدار موضع الشئ الذي يدير غيره، ولما كانت هذه الاقسام مقتسمة(٢٢) مسائل الطهارة وكانت المسائل راجعة إلى الطهارة جرت هذه الاقسام مجرى المدار بالطهارة وهو استعارة وتجوز.

ولما أوضح الشيخرحمه‌الله اسم الطهارة وأقسامها أراد بعد ذلك حصر فصولها فقدم الوجوب ليكون الشروع بحسبه وثنى بما به يكون لانه كالآلة للصناعة، ثم بالكيفية لانها هيئة لا تنفرد عن الحقيقة، وأخر الناقض لانه رافع لثمرة الطهارة المتأخر عنها.

وربما خطر لبعضهم زيادة في الاقسام وهي من تجب عليه ولماذا تجب ومتى تجب؟ ويمكن أن يقال: إن الطهارة تجب تبعا فعند بيان الوجوب يتبين الذي تجب عليه وما تجب له والوقت.

وربما قيل: لم قال: ومدارهما ثم قال: وجوب الطهارة وما به يكون، فأتى

____________________

(٢٠) قال الراوندي في فقه القرآن ١ / ١٨: قال ابن عباس وأنس: الوضوء غسلتان ومسحتان.

أقول: وقول عليعليه‌السلام بهذا واضح لمن راجع روايات أهل البيتعليهم‌السلام.

(٢١) النهاية ص ١.

(٢٢) في بعض النسخ: مقسمة.

١٥٧

أولا بلفظ التثنية وأخيرا بلفظ الطهارة وهو واحد.

وجوابه لما كانت الطهارة عبارة عن القسمين جاز أن يعبر تارة عنهما وتارة عن الطهارة.

قالرحمه‌الله : أما العلم بوجوبها فحاصل لكل أحد خالط أهل الشرع ولا يرتاب أحد منهم فيه(٢٣) .

قال الراوندي: هذا بمنزلة أن لو قال: يدل على وجوب الطهارة الاجماع(٢٤) .

وليس الامر كما قاله بل كأنه يقول: إنه غني بظهوره بين أهل الشرع عن الشروع في بيانه، ويؤيد ذلك قوله: أما العلم بوجوب الطهارة فقد بينا حصوله لا محالة فلذلك لم نشرع فيه.

ولنا على وجوب الطهارة الاجماع والقرآن والسنة.

اما الاجماع فاتفاق فتاوى فقهاء الامصار على وجوبها في الجملة وإن اختلفوا تفصيلا، وأما القرآن فقوله تعالى: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) *(٢٥) ، وقوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * الآية(٢٦) .

وأما السنة فقولهعليه‌السلام : الطهارة شطر الايمان(٢٧) .

وقول الباقرعليه‌السلام : لا صلاة إلابطهور(٢٨) .

قالرحمه‌الله : والعلم بما به تكون الطهارة ينقسم قسمين: أحدهما العلم

____________________

(٢٣) النهاية ص ١.

(٢٤) ليست شروح الراوندي للنهاية عندنا كمامر.

(٢٥) سورة المائدة: ٦.

(٢٦) سورة المائدة: ٦.

(٢٧) في الجامع الصغير للسيوطي: الطهورشطر الايمان وفي الكافي ٣ / ٧٢: الوضوء شطر الايمان.

(٢٨) رواه في الفقيه ١ / ٥٨ طبع مكتبة الصدوق وفي الوسائل ١ / ٢٥٦ و ٢٦١ نقلا عن التهذيب والاستبصار.

١٥٨

بالمياه واحكامها وما تجوز الطهارة به منها ومنا لا تجوز.

والثاني العلم بما يجوز التيمم به وما لا يجوز.

وأما العلم بكيفية الطهارة فينقسم قسمين: أحدهما العلم بالطهارة الصغرى وكيفيتها.

والثاني العلم بالطهارة الكبرى من الاغسال وأحكامها(٢٩) .

هنا سؤالات: الاول لم ذكر في المدار وجوب الطهارة وما بهتكون وكيفيتها، وفي التفصيل عدل إلى العلم بالوجوب والعلم بما به يكون والعلم بالكيفية وأحد الامرين غير الآخر.

الجواب: إنه أراد أولا تعداد لوازم الطهارة، وثانيا تعليم تلك اللوازم.

السؤال الثاني: لم عول في بيان الوجوب على الاستدلال واقتصر في الباقي على تعداد الاقسام.

جوابه: أن الوجوب لا يتحقق العلم به إلا مع الاستدلال ولا كذلك البواقي لان العلم قد يطلق على فهم ماهية كل قسم منها فلذلك اقتصر عليه.

الثالث: ذكر العلم في الاقسام الثلاثة ولم يذكره في النواقض.

وجوابه: أن المراد من العلم في تلك الاقسام بيان ماهية كل قسم منها، وذلك موجود في شرح النواقض.

الرابع: لم بدأبذكر كيفية الصغرى وعقب الكبرى.

وجوابه: أن الصغريى أهم لعموم البلوى بها وتكرار اسبابها زيادة عن تكرار اسباب الغسل.

الخامس: لم قال في بيان الكيفية: العلم بالطهارة الصغرى وكيفيتها ثم

____________________

(٢٩) النهاية ص ١.

١٥٩

قال: العلم بالطهارة الكبرى وأحكامها ولم يذكر كيفيتها.

وجوابه: أنه لما كانت الكيفية عارضة للمتكيف لم يمكن العلم بها مجردة، وقوله: العلم بالطهارة الكبرى يكفي عن ذكر كيفيتها لما ذكرناه من توقف الكيفية على الماهية التكيفة بها، وذكر الاحكام زيادة يستتبع الفصل وتدخل تحته الكيفية أيضا.

وقوله(٣٠) : من الاغسال يقتضي الاخلال بكيفية التيمم بدلا من الغسل.

ويمكن أن يقال: إنها تدخل في أحكام الكبرى.

قالرحمه‌الله : وأما القسم الرابع وهو ما ينقض الطهارة فهو أيضا على ضربين: أحدهما ينقض الطهارة الصغرى ولا يوجب الكبرى، والثاني ينقضها ويوجب الطهارة الكبرى(٣١) .

كل الاحداث تشترك في نقض الطهارة بمعنى أن تجددها يمنع من الصلاة، فإن المغتسل من الجنابة إذا أحدث ولو حدثا يوجب الوضوء نقض طهارته الكبرى بمعنى أنه يمنع الاخذ في الصلاة وغيرها مما تشترط فيه الطهارة حتى يتوضأ، وإذا تبين هذا ظهر أن قولهرحمه‌الله : أحدهما ينقض الطهارة زيادة لا معنى لها ولو اقتصر على قوله: ينقض الطهارة كان أعم بيانا.

وفي هذا المقام سؤالان: الاول: لم قال: ولا يوجب الكبرى وألا قال: ينقض الطهارة ويوجب الصغرى لانه لا يدل عدم وجوب الكبرى على وجوب الصغرى.

وجوابه: لو قال ذلك لاحتمل أن يوجب الكبرى لانه لا يلزم من إيجاب

____________________

(١) أي قول الشيخ في النهاية.

(٣١) النهاية ص ١.

١٦٠