• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14925 / تحميل: 4522
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

ولا يلتفت إلى قولهم: هذه هي القسمة الوهمية ونحن لا نمنعها، لانه يقال: الوهم قد يصدق وقد يكذب، لكن هنا العقل يجزم بتغاير المحلين، ولا نعني بالقسمة إلا هذا، فيلزم أن يكون منقسما حسا وعقلا، وإن كان متصلا، فان الاتصال لا يمنع القسمة، كالخطين الملتقيين على زاوية، فإنهما منقسمان فعلا، وإن كانا متصلين.

ونحتج أيضا على عدم الانقسام بأنه لو انقسم كل حجم بالقوة انقساما لا نهاية له لزم انقسامه كذلك بالفعل، لكن التالي باطل.

أما الملازمة فلانه لو اكتنف الجوهر اثنان، لكان الاوسط إما ملاقيا كل واحد منهما بعين ما لا قى الآخر، أو بغيره، ويلزم من الاول عدم الانقسام ومن الثاني انقسام الاوسط بالفعل، وكل قسمين غيران، فالوسط مركب من غيرين.

ثم هما متلاقيان بالتماس لتحقق التغاير بالفعل، ويلزم منه انقسام كل واحد من قسميه وكذا البحث في كل قسم فإن لم تقف عند حد لزم انقسامات لا نهاية لها بالفعل وإن وقف فهناك الجوهر الفرد.

فإن قيل لا نسلم انقسام الاوسط، لان الملاقاة بسطحيه، ولا يلزم من اختلاف العوارض انقسام المعروض.

سلمنا تغاير موضعي الملاقاة، لكنهما متصلان بنهايتيهما، والانقسام بالفعل يترتب على المماسة لا على الاتصال، إذ اتصال المقادير صيرورة أطرافها واحدة، وعلى هذا التقدير لا يلزم الانقسام وإن تغاير موضع التماس.

الجواب قوله: الملاقاة بسطحيه، قلنا: السطحان إن كانا من نفس الملاقى فقد انقسما، وإن كانا عرضين فقد قام بالاوسط عرضان، ويلزم الانقسام أيضا

٢٤١

بالفعل.

ولو قال: لا يلزم من اختلاف حالات الشئ ونسبه(٤) انقسامه، لم يكن واردا وكان تخلصا بالعبارة التي لا تثمر.

قوله: هما متصلا، فلا يتحقق الانقسام، قلنا: إن عنيت بالاتصال التماس الالتحامي على وجه يقصر الحس عن إدراك المفاصل وإن كان لكل واحد منها نهاية غير نهاية الآخر فهو مسلم، وهذا هو التماس الذي يتحقق معه الانقسام.

وإن عنيت به شيئا يصير به الجسمان واحدا فذاك غير محصل.

أما أولا فلان الانقسام يتحقق مع الاتصال كما لو قام بالمتصل عرضان متضادان وإذا صح اجتماع الاتصال مع الانقسام بالفعل لم يكن رافعا له.

وأما ثانيا فلان المتصلين كانا اثنين، فلو صارا واحدا لكانا مع ذلك إماأن يبقيا على حقيقتهما، بمعنى أن مادتهما المعينة وصورتهما الجسمية المعينة باقيتان فهما اثنان لا واحد، وإن لم يبقيا فيحينئذ يلزم عدم ذينك الجسمين ووجود جسم غيرهما، لكن هذا يأباه العقل والحس، لانا نعلم عند التقاء الماء‌ين أن عين كل واحد منهما باقية على حالها، ولم تتجدد إلا الملاقاة بينهما.

نعم قد يطلق عليهما اسم الواحد بحسب الاجتماع، كما يقال: إنسان واحد.

ثم يلزم على قولهم أن يعدم البحر بشرب العصفور منه، وأن يحدث بحر بزيادة قطرة على الاول، ولا يلتزم هذا ذو تحصيل.

والرجوع بعد ذلك في دفع هذا الايراد إلى ما يألفونه من الاصطلاحات اللفظية لا يكفي المنصف.

وأما استحالة الانقسام إلى غير النهاية بالفعل، فلانه يلزم منه استحالة قطع المسافة اليسيرة بالزمان المتطاول، لان قطعها عبارة عن محاذاة كل جزء منها

____________________

(٤) في الاصل: نسبة. والصحيح ما أثبتناه كما هو الظاهر.

٢٤٢

ومحاذاة ما لا نهاية له بالفعل محال، والتخلص بالظفر(٥) قد تبين ضعفه.

واستدل المتكلمون أيضا بأن الكرة المحققة إذا لاقت خطا مستقيما فإن لاقته بمنقسم فهو خط، لكنه محال، وإلا أمكن أن يخرج من طرفيه خطان إلى مركز الكرة، فيكونان مع ذلك الخط مثلثا، فلو خرج له قطر لكان القطر وترا للحادتين، وكان العمودان وترا للقائمتين، ووتر القائمة أعظم من وتر الحادة فلا تكون الخطوط الخارجة عن مركزها إلى محيطها متساوية، فلا تكون الكرة محققة، وقد فرضناها كذلك.

وإذا بطل كون الملاقى من الكرة منقسما ثبت أنه غير منقسم.

لا يقال: الكرة لا تتحقق مع القول بالجوهر الفرد، لانا نمنع ذلك، ثم نقول: الكرة موجود قطعا، وقد بينا أنه يلزمها عدم الانقسام.

المسألة الثانية : ما الدليل على أن الحوادث متناهية؟.

الجواب: لو كانت الحوادث مترامية إلى غير النهاية لزم اجتماع النقيضين، لكنه محال.

أما الملازمة فلان كل حادث مسبوق بعدم لا أول له، لانه لو انقطع عند أول لكان مسبوقا بوجود، فلا يكون حادثا مرة بل مرارا، فمجوع العدمات إذا أزلية مقارنة وجود الواجب لذاته، فإن لم يوجد من الحوادث شئ مقارنا وجود الواجب كانت منقطعة عند أول، وإن وجد لزم كون المقارن موجودا باعتبار مقارنة الواجب، معدوما باعتبار حدوثه.

فإن قيل: لا نسلم جواز وصف العدم بالازلية لان ذلك من عوارض الموجود.

ثم ما الذي يعنى بالمقارنة؟ إن عنيت حالا تكون العدمات مجتمعة فيها فهو ممنوع، وإن عنيت أن العدمات لم تزل مترامية كما أن الحوادث لم تزل

____________________

(٥) كذا في الاصل. والظاهر أنه تصحيف " الطفرة ".

٢٤٣

مترامية، وأنه لا حال إلا ويفرض فيها وجود حوادث سابقة واعدام الحوادث لا حقة فهذا مسلم، ودليلكم لم يتناول إبطال ذلك، ونحن فلا نعني بقدم الحوادث قدمها بالذات، ولا أنها قارة كالافلاك بحيث يلزم تحققها أو تحقق شئ منها مقارنا للاول، بل نعني بالقدم كون كل حادث مسبوقا بالآخر لا إلى بداية.

والجواب قوله: لا نسلم جواز وصف الاعدام بالازلية والمقارنة.

قلنا: لا نعني بالازلية إلا عدم البداية، وهي عنده كذلك، ولا بالمقارنة إلا مساواة الواجب في عدم البداية وهذا معلوم التحقق فالمحاجز عنه غير مسموعة.

قوله: العدمات لم تزل مترامية، وكذلك الحوادث.

قلنا: قد بينا استحالة الجمع بين الامرين، وتحقيقه أن كل موصوف بعدم البداية ولم يكن واجبا فإنه مستند إلى الواجب، وذلك الواجب لابد من وجود معلوله معه، وحينئذ إن وجد مقارنا ذلك المعلول شئ من الحركات كانت تلك بعينها قديمة، وإن لم يوجد شئ منها ووجد بعد ذلك، كان ما وجد هو الاول فإذا فرض الترامي إلى غير النهاية مع رفع القدم عن كل واحد من أشخاصها جمع بين النقيضين.

ولو قال: ليس العدمات كذلك، لم يسمع لان كل ما يفرض له آحاد نفرض له كل متناهية كانت آحاده أو لم تكن.

ويمكن أن يقال أيضا: لو أمكن فرض حوادث لاأول لها منقضية لامكن فرض حوادث لاأول لها قارة.

أما الملازمة فلان الحركات المنقضية قد شملها الوجود، فلو فرض مع كل حادث قار لزم وجود ما لا نهاية له من الحوادث، لكنه محال، لاستحالة اشتمال الوجود على ما لا نهاية له.

ولا عبرة بعد ذلك بحكاية مذهب القوم والتخلص بعبارتهم.

٢٤٤

المسألة الثالثة : ما الدليل على إبطال التسلسل؟.

الجواب: اتفق الجميع على بطلان التسلسل في العلل والمعلولات، وإن أجازه الفلاسفة فيما له ترتب عرضي كالحوادث.

واستدل الجميع بأنه لو تسلسلت العلل والمعلولات لزم وجود ما لا نهاية له من العلل بالفعل، لان العلل التامة يوجد معها المعلول التام الاستعداد، فلو كانت بغير نهاية لزم وجود ما لا نهاية له دفعة وهو محال.

وبأنه لو لم تنته الممكنات عند واجب مع كونها باجمعها ممكنة لزم وجودها لا لمؤثر أو الدور وهما محالان.

المسألة الرابعة : هل يجب على المكلف معرفة العقائد بالدليل أولا؟ فإن كان الاول لزم تعطيل الامور الدنيوية الضرورية، لان تحصيل المعارف لا يحصل في الزمان اليسير، ولان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقتنع بإظهار كلمة الاسلام ويحكم له بالعدالة، وإن كان الثاني لزم أن يكون الانسان جازما بما لا يعلم صحته، والعقل يقبح ذلك.

ولو أخل بالنظر هل يكون فاسقا أو كافرا؟ الجواب: لما كانت العقائد مختلفة وخطر الخطأ فيها عظيما وجب دفع ضرر الخوف باستعمال النظر لتحصيل الوثوق بالسلامة: فالمخل بتحقيق ما ينبي عليه عقيدته عاص.

وإن قدح الشك في عقيدته فهو كافر ما لم يدفععه بانعام(٦) النظر.

ويكفي في المعرفة أوائل الادلة وقدر يناله كل مبتلى بالتكليف في الزمان اليسير،(٧) ولا

____________________

(٦) أنعم النظر في المسألة: حقق النظر فيها وبالغ. وأمعن النظر في الامر: بالغ في الاستقصاء.

(٧) في نسخة مكتبة ملك: في الامد اليسير.

٢٤٥

يلزم على ذلك تعطيل المصالح الدنيوية.

ولا نسلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقنع بمجرد الاقرار، وإن قنع بذلك في أول وهلة فلقصد التسليك بالارفق، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : علموا ويسروا ولا تعسروا(٨) .

وبالجملة المراد الاستناد في العقائد الدينية إلى ما يثلج به صدر المعتقد من مستندها أما التدقيق والمبالغة في دفع الشبهة المستوعبة للاوقات المتطاولة فذلك إلى أئمة العرفان.

نعم كل من عرض له شك في عقيدة من الايمان(٩) فالواجب عليه الاجتهاد في النظر والتوصل بغاية الوسع في إزالته، وإن أهمل مع تمسكه باعتقاد الحق فهو عاص، وإن أزال الشك عقيدته فهو كافر.

المسألة الخامسة : هل إيجاد العالم لغرض أو لا لغرض حكمي، فإن كان لغرض كان الباري مستكملا بذلك الغرض، وإن كان لغير غرض فهو عبث فكيف التخلص؟.

الجواب: إيجاد العالم لغرض حكمي، وهو كون الايجاد حسنا والباري يفعل الحسن لحسنه، وهو الباعث على فعله لانه لو خلا الفعل من حمة باعثة لكان عبثا،

____________________

(٨) في صحيح البخاري ٥ / ٢٠٤: عن أبي بردة قال: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف، قال: واليمن مخلافان.

ثم قال: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا..

وفي صحيح مسلم ٦ / ١٠١: ادعوا الناس وبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا.

أقول: في بعض الروايات كما في الجامع الصغير للسيوطي: يسروا ولا تعسروا بصيغة الجمع، وقال بعضهم: إنما قال: يسروا بالجمع مع أن المخاطب اثنان لان الاثنين جمع في الحقيقة إذ الجمع شئ إلى شئ.

(٩) كذا.

٢٤٦

وكان فاعله ناقصا.

ولا يلزم من فعل الحسن لحسنه من حيث هو حسن، لا لاحراز نفع، ولا لاستدفاع ضرر، أن يكون فاعله ناقصا، لان النقص يستعمل إما لناقص في ذاته أو صفاته أو شرفه أو منزلته، وكل ذلك مرتفع في حقه.

ولا يفعل الحسن لحسنه إلا كامل في ذاته وصفته باعث حكمته على فعل ما يطابقها لا لاستفادة كمال لم يكن.

لا يقال: هذا الفعل إن أفاد كمالا كان الفاعل ناقصا من دونه، وإن لم يفد كمالا كان وجوده كعدمه.

لانا نقول: لا نسلم أنه لو لم يفد كمالا كان وجوده كعدمه.

وهذا لان الفعل قد يطلب به الاستكمال، وقد يبعث عليه الكمال، فالاول يفيد كمالا، والثاني يدل على الكمال، وفعل الله سبحانه من القبيل الثاني.

وبالجملة فمقدمة الكمال والنقص خطابية يتعلق بها الضعيف من الاشاعرة والمتفلسفة(١٠) ، ويدل على كون هذه المقدمة خطابية، لا بل شعرية، زوال استنكارها عند إبدال لفظها بما يرادفه، فإنك لو قلت: الباري يفعل الفعل لحسنه لاليستفيد به نفعا ولا يدفع به ضررا لم ينكره العقل.

ثم ولو نزلنا عن ذلك لم نسلم أن الذات يوصف بالنقص، وهذا لان الحسن حسن لذاته، وهو سبحانه عالم بحسنه فإذا خلا من المفاسد فعله، وإلا تركه، فهو كامل في الحالين، لان الفعل او الترك لازم لعلمه(١١) ، ولا يقال: بالنظر إلى ذاته لا يكون كاملا وبالنظر إلى ذلك اللازم يكون كاملا، لانا نقول وما الدليل على استحالة ذلك، فإن للباري صفات وإضافات باعتبارها يفعل الكمال، لكن لما لم يكن مستفادا من غير ذاته، ولا متأخرا عن ذاته لم يزل كاملا، ولم يجز وصفه بالنقص لما لم يكن تلك العوارض متلقاة عن الغير.

____________________

(١٠) تفلسف: تظاهر بالحذق وادعاه.

(١١) في نسخة ملك: تابع لعلمه.

٢٤٧

المسألة السادسة : في القبلة: قال: ما ذكر من التياسر في الاستقبال في كتاب الشرائع(١٢) الخبر به ضعيف فكيف صار إليه؟ وما معنى التياسر؟ وهل هو على الاستحباب أو على الوجوب؟ الجواب: لا ريب أن الاخبار الدالة على ما ذكره ضعيفة لكن الشيخ الطوسيرحمه‌الله ذهب إليه في كتبه واستدل عليه في مسائل الخلاف(١٣) بإجماع الفرقة وأخبارهم ولعل اعتماده على الاخبار مع ضعفها للاجماع عنده عليها أو على مضمونها، وصرنا نحن في الكتاب المشار إليه ما اختاره الشيخرحمه‌الله لمكان دعواه الاجماع.

وأما التياسر فظاهر كلام الشيخ في كتبه الايجاب، لكن الاولى مع القول بأن الاستقبال إلى الحرم أن يقال على الاستحباب.

وأما وجه الحكمة فما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبداللهعليه‌السلام حين سأله عن التحريف لاصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه، فقال: إن الحجر الاسود لما نزل من الجنة وضع في موضعه وجعلت أنصاب الحرم حيث يلحقه النور، وهو عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن يسارها ثمانية أميال، فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم، وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة(١٤) .

____________________

(١٢) قال في الشرائع: ويستحب لهم اي أهل العراق التياسر إلى يسار المصلي منهم قليلا.

١ / ٦٦ وراجع رسالة القبلة له في هذه المجموعة.

(١٣) الخلاف ١ / ٢٩٧.

فيه: دليلنا إجماع الفرقة وروى المفضل بن عمر..

(١٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٧٨ والتهذيب ٢ / ١٤٢ وعلل الشرائع ٢ / ٧ وفيه: لعلة انصاب الحرم.

٢٤٨

وهذه الرواية ضعيفة السند لان المفضل بن عمر مطعون فيه، ذكر ذلك النجاشي في كتاب الرجال(١٥) وغيره فإذا المعول على أن الاستقبال إلى جهة الكعبة.

المسألة السابعة : ما تقول في القراء‌ة هل متابعة الاعراب فيها واجب أم لا، والنطق فيها بالتشديد في مواضعه هل هو لازم أو لا؟ الجواب: لما وجبت القراء‌ة وجبت كيفيتها ومتابعة التنزيل فيها، فالاخلال بالاعراب كالاخلال بالحروف.

ويلزم من وجوب تتبع الاعراب والحروف النطق بالتشديد في مواضعه، لانه قائم مقام حرف آخر، فالاخلال به إخلال بحرف من نفس المقرو.

وكذلك النطق بالحروف من مخارجها، لان نقل مخارجها مستفيض عن علماء العربية، والقرآن عربي.

وإذا تعين الوجوب لزم بالاخلال خعمدا وجهلا مع التمكن من التعلم الاعادة، لانه لم يأت بالقدر بالذمة، فيبقى الشغل، وقضاؤه بانفراده لا يصح، فوجب إعادة الصلاة من رأس(١٦) .

المسألة الثامنة : هل يحل لهاشمي أخذ الزكاة من غيرهم وإن حل ففي أي حال يحل.

الجواب: لا يحل لهاشمي أخذ الزكاة الواجبة من غير هاشمي إلا مع الضرورة.

وفي تلك الضرورة خلاف.

قال بعض الاصحاب: هي عدم التمكن من الاكتفاء

____________________

(١٥) رجال النجاشي ص ٤١٦.

(١٦) قال بعض الفقهاء: لا يلزم إخراج الحرف من تلك المخارج بل المدار صدق التلفظ بذلك الحرف وإن خرج من غير المخرج الذي عينوه.

٢٤٩

بالاخماس(١٧) .

وقال آخرون: ما يحفظ به الرمق(١٨) ، وهو الاولى.

ودلك على ذلك رواية زرارة عن أبي عبداللهعليه‌السلام : لو كان عدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة، إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم.

ثم قال: إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة، ولا يحل لاحد منهم الصدقة، إلا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة(١٩) .

ويقوي هذا أن الزكاة مال لغيرهم، فلا يتناول منها إلا كما يتناول من مال الغير عند الضرورة.

ويدل على تحريمها مطلقا ما روي عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الصدقة اوساخ أيدي الناس وأن الله حرم علي منها ومن غيرها ما حرمه، وإن الصدقة لا تحل لبني عبدالمطلب(٢٠) .

وروي إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبداللهعليه‌السلام سألته عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ماهي؟ فقال: هي الزكاة.

قلت: فيحل صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم(٢١) .

وهذه الادلة تدل على التحريم المطلق.

المسألة التاسعة : هل تبرأ ذمة الميت بما يؤدى عنه من الصلاة والحقوق أم لا؟ ولو مات هل يخرج من أصل التركة أم لا؟.

____________________

(١٧) قال في الشرائع ١ / ١٦٣: ولو لم يتمكن الهاشمي من كفايته من الخمس جاز له أن يأخذ من الزكاة ولو من غير هاشمي، وقيل: لا يتجاوز قدر الضرورة.

(١٨) أي لا يجوز التجاوز عن قدر الضرورة. راجع المختلف ص ١٨٥.

(١٩) التهذيب ٤ / ٥٩ والاستبصار ٢ / ٣٦.

(٢٠) التهذيب ٤ / والاستبصار ٢ / ٣٥ والكافي ٤ / ٥٨.

(٢١) التهذيب ٤ / ٥٨ والاستبصار ٢ / ٣٥ والكافي ٤ / ٥٩.

٢٥٠

الجواب: نعم تبرأ ذمة الميت بما يؤدى عنه من الحقوق المالية والعبادية صلاة كانت العبادة أو غيرها، لكن لا يخرج من أصل التركة إلا الدين المالي واجرة الحج الواجب، وأما الصلاة فلا يجب إخراجها من أصل التركة، بل لو أوصى بها الميت اخرجت من ثلثه.

ولو تبرع بالقضاء عنه متبرع قريبا أو بعيدا أو استؤجر عنه صح وبرئت ذمته بالصلاة عنه.

ويدل على ذلك ما رواه الطوسيرحمه‌الله في كتاب التهذيب عن رجاله عن عمر بن يزيد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قلت: يصلى عن الميت؟ قال: نعم حتى أنه يكون في ضيق فيوسع الله عليه، ويقال له: خفف عنك لصلاة أخيك عنك(٢٢) .

و قالعليه‌السلام : من عمل من المسلمين عن الميت عملا صالحا اضعف له أجره ونفع الله به الميت.

ذكر ذلك ابن بابويه(٢٣) .

المسألة العاشرة : هل يشترط في عقد النكاح التلفظ بالعربية بأحذ الالفاظ الثلاثة أم يكفي ترجمتها بأي لغة اتفق؟.

الجواب: التلفظ بأحد الالفاظ الثلاثة شرط في صحة العقد.

والالفاظ: زوجتك وأنكحتك ومتعتك، ولا يصح الكناية عنها ولا الترجمة بغير العربية إلا مع التعذر

____________________

(٢٢) روى هذا الحديث السيد ابن طاوس في كتابه غياث سلطان الورى عن الشيخ باسناده عن محمد بن عمر بن يزيد راجع الوسائل ٥ / ٣٦٦ ولا يوجد في التهذيب نعم رواه عن عمر بن يزيد في جامع أحاديث الشيعة ٦ / ٣٥ والفقيه ١ / ١٨٣ طبع مكتبة الصدوق و ١ / ١١٧ طبع النجف.

(٢٣) جامع أحاديث الشيعة ٦ / ٣٦ والفقيه ١ / ١٨٥ طبع مكتبة الصدوق و ١ / ١١٧ طبع النجف.

٢٥١

لان النكاح عصمة مستفادة بالشرع فتقف صحتها على ما دل الشرع على الانعقاد به، وقد عبر الله سبحانه عن العقد بهذه العبارات الثلاث(٢٤) فيقتصر عليها.

أما مع العجز عن النطق بها فيجوز العدول إلى ما يدل على معناها وينعقد النكاح ولو كان إشارة كما في حق الاخرس.

والله العاصم من الزلل، الهادي إلى أحمد السبل، والحمدلله وحده وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

____________________

(٢٤) راجع المعجم الفهرس لالفاظ القرآن الكريم (نكح وزوج ومتع).

(٧) المسائل الطبرية

٢٥٢

وهي تشتمل على ٢٢ مسألة

تأليف المحقق الحليرحمه‌الله

٢٥٣

٢٥٤

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد حمدالله على ما أجزل من عطائه واسبل من غطائه، والصلاة على سيدنا محمد أكرم أصفيائه وأعظم أنبيائه، وعلى أفضل خلفائه وأكمل اوصيائه، وعلى الطاهرين من عترته وابنائه.

فإني مجيب عما سأل الامام الفاضل الكامل، سديد الدين محمود بن الامام الكامل زين الدين علي الخواري(١) أسبغ الله عليه شمول آلائه وعموم نعمائه، وأمتعنا بطول بقائه وانتظام علائه، تابع ترتيبه في إيراد المسائل، مقتصرا على الفاظه، فإنها عقائل الفضائل.

المسألة الاولى:

____________________

(١) خوار بضم اوله، وآخره راء: مدينة كبيرة من أعمال الري بينها وبين سمنان للقاصد إلى خراسان على رأس الطريق تجوز القوافل في وسطها، بينها وبين الري نحو عشرين فرسخا جئتها في شوال سنة ٦١٣ وقد غلب عليها الخراب.

وأيضا قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور.

وأيضا قرية من نواحي فارس.

وأيضا قرية في وادي ستارة من نواحي مكة قرب بزرة معجم البلدان ٢ / ٣٩٤.

٢٥٥

ما قوله في من باع عقارا من آخر إلى أجل مسمى وشرط أن يؤدي الثمن في اليوم الذي ينقضي به الاجل المضروب وكان عليه أن يرد ذلك العقار إلى البائع، فلو أتى البائغ بالثمن قبل حلول الاجل أجيب على المشتري أن يأخذ الثمن ويرد العقار أم لا؟ وهل هذه الصورة هي بيع الوفاء الذي هو في الكتب مسطور؟ وهل بينه وبين بيع الخيار فرق؟ وإن شرط المشتري على البائع أن لا يرد العقار إلى آخر يوم من الاجل المضروب أيصح هذا الشرط ويجب على البائع أن يصبر إلى ذلك اليوم أم لا؟ فالمسؤول أن يبين ذلك بيانا شافيا غير مقتصرين على مجرد لا ونعم.

الجواب: يجوز ان يشترط البائع مدة لخيار الفسخ وإعادة الثمن بحيث تكون تلك المدة ظرفا للخيار.

ويجوز أن يعين لرد الثمن واستعادة المبيع وقتا بعينه بحيث يختص الخيار بذلك الوقت حسب.

ويدل على جواز الاول أنه بيع يتتعلق به مصلحة المتبائعين ولم يمنع الشرع منه فيجب العمل به تحصيلا لتلك المصلحة.

وما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت: نبيع على أهل السواد ونؤخر المال إلى سنة ونحوها ويكتب لنا الرجل كتابا على داره أو أرضه ونعده إن جاء الثمن إلى وقت بينا وبينه أن نرد عليه الشراء، فإن جاء الوقت ولم ياتنا بالدراهم فهو لنا؟ فقال: أرى أنه لك إن لم يفعل، وإن جاء بالمال للوقت فرد عليه(٢) .

ورواية إسحاق بن عمار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا بأس بهذا

____________________

(٢) الوسائل ١ / ٣٥٤ / الكافي ٥ / ١٧٢ والفقيه ٣ / ١٢٨ والتهذيب ٧ / ٢٢ مع اختلاف يسير.

٢٥٦

إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه(٣) .

وهذا يدل على أنه جعل السنة ظرفا للخيار، لانه جعل نهاية السند غاية لانقضاء الخيار.

أما الصورة الثانية فهو أن يشترط رد الثمن وإعادة الملك في آخر يوم من السنة أو الشهر أو في العاشر مثلا بحيث لا يكون له رد إلا في ذلك اليوم، فهو أيضا جائز لانه شرط مباح ليس بمناف لمقتضى الدليل، فيثبت عملا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمنون عند شروطهم(٤) .

وفي الصورة الاولى إذا أتى البائع بالثمن في أي وقت كان من المدة وجب على المشتري قبضه منه وإعادة المبيع، وفي الثانية لا يجب قبض الثمن ولا الاعادة إلا في ذلك الوقت بعينه.

والظاهر أن الصورة الاولى هي المشار إليها في كتب الاصحاب.

المسألة الثانية : ما قولهم في من سعى بآخر إلى حاكم جائز بأن له مالا أو عنده وديعة فأخذها الظالم بسعايته ولم يتمكن المظلوم من مطالبة الظالم، أله إلزام الساعي بماله أم لا؟ وإن تمكن من مطالبة الظالم أيكون مخيرا في مطالبة أيهما شاء؟ وهل بين كون الظالم كافرا أو مسلما فرق؟ الجواب: لا يضمن الساعي المال، بل ضمانه مختص بالظالم القابض له، لانه مباشر غصبه وعلى اليد ما أخذت(٥) ولا فرق في ذلك بين كون الظالم كافرا أو مسلما، لان سبب الضمان فيهما واحد، وهو القبض عدوانا.

____________________

(٣) الوسائل ١٢ / ٣٥٥ / الكافي ٥ / ١٧١ والفقيه ٣ / ١٢٨ والتهذيب ٧ / ٢٣.

(٤) رواه في الوسائل ١٥ / ٣٠ نقلا عن الكافي ٥ / ٤٠٢ والتهذيب ٧ / ٣٧٠ والاستبصار ٣ / ٢٣٢.

(٥) سنن البيهقي ٦ / ٩٥: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : على اليد ما أخذت حتى تؤديه.

٢٥٧

المسألة الثالثة : إذا اشترك اثنان في إتلاف بهيمة لثالث، أو في التصرف فيها بغير إذنه فتلفت، ألصاحبها أن يطالب كل واحد منهما بنصف الثمن أو يطالب أحدهما بزيادة عن الآخر، أو يطالب أيهما شاء بتمام الثمن؟.

الجواب: أما إذا أتلفاها فالضمان عليهما بالسوية، وليس له مطالبة أحدهما بالثمن تاما، ولا مطالبة أحدهما بزيادة عن الآخر، لان الاتلاف سبب الضمان، وقد اتفقا فيه، فيلزم التساوي في لازمه.

أما لو تصرفا فيها من غير إذن المالك فتلفت في يدهما بجنايتهما أو بجناية ثالث أو بسبب من قبل الله سبحانه، فللمالك إلزامهما بثمن واحد، وله إلزام كل واحد منهما.

أما إلزامهما فلتساويهما في سبب الضمان، وأما الزام من شاء منهما بجملة الثمن فلان الغصبية سبب في الضمان وهي متحققة من كل واحد منهما، فيتعلق به الضمان.

ثم إن أخذ منهما فلا بحث، وإن أخذ من أحدهما جملة الثمن رجع المأخوذ منه على الآخر بالنصف، كما لو انفرد أحدهما بالغصب، ثم غصبه الآخر وأتلف، فإن الاول لو غرم لصاحبها رجع على الآخر.

المسألة الرابعة : إذا اشترى المغصوب مع علمه بذلك فقد أورد الاصحاب في الكتب إذا اخذ المغصوب لم يرجع المشتري على الغاصب، فهل يحل للغاصب ما أخذ أم يجب رده على المشتري؟.

الجواب: لا يحل للغاصب التصرف فيه ولا يملكه ويجب رده على المشتري.

أما أنه لا يحل فلقوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *(٦) ولما رواه سليمان

____________________

(٦) سورة البقرة: ١٨٨.

٢٥٨

ابن قيس الهلالي عن عليعليه‌السلام : من تناول الدنيا من غير حلها هلك(٧) ولقول العسكريعليه‌السلام : لا خير في شئ أصله حرام ولا يحل استعماله(٨) .

وأما أنه يجب رده مع بقاء عينه إذا استعاد المغصوب منه العين المغصوبة والتمس المشتري، فلان العقد لم يفد الملك، لانه فاسد فيبقى على ملك المشتري، فيكون له انتزاعه، لقولهعليه‌السلام : الناس مسلطون على أموالهم(٩) ، ولقولهعليه‌السلام : لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه(١٠) ، ولقولهعليه‌السلام : المسلم حرام كله ماله ودمه وعرضه(١١) .

لا يقال: علم المشتري بالغصبية مع ابتياعه له إباحة لثمنه، لانا نمنع الملازمة بأن نقول: التسليم ليس على الاطلاق، بل في مقابلة العوض المحرم.

لان مشتري الخمر مع معرفته بالتحريم لا يكون مبيحا للثمن، وكذا لك كل محرم مع علم المشتري بتحريمه.

ولو قيل: لو كان تصرف البائع في الثمن حراما لكان للمشتري الرجوع فيه لاجبنا من وجهين: أحدهما وهو الحق: التزام ذلك، فإن الدلالة على المنع من استعادة الثمن منفقودة.

والذي ينكر هذا من الاصحاب اثنان أو ثلاثة مجردين ما ذكروه من حجة عقلية أو نقلية، ومع خلو ذلك من الحجة من النقل عن الائمة يكون التمسك به مجازفة، فالتمسك بما يقتضيه الاصل أولى من أتباع الواحد أو الخمسة من

____________________

(٧) التهذيب ٦ / ٣٢٨ والكافي ١ / ٤٦ وفيهما: سليم بن قيس.

(٨) الوسائل ١٢ / ٥٨ / الكافي ٥ / ١٢٥ / التهذيب ٦ / ٣٦٩ والاستبصار ٣ / ٦٧.

(٩) ذكر هذا الحديث في الكتب الفقهية، ولم نجده في الكتب الروائية لقديمة فراجع.

(١٠) الكافي ٧ / ٢٧٣ والفقيه طبع النجف ٤ / ٦٧ وفيهما: لا يحل له دم امرء مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه.

(١١) مسند أحمد ٢ / ٢٧٧ وفيه: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

٢٥٩

الاصحاب من غير وقوف على الحجة.

الثاني لو سلمنا جدلا أنه لا يرتجع، لم يلزم الاباحة، لاحتمال أن يكون المنع من استعادة الثمن عقوبة للمشتري، وهذا إن ثبتت حجة بالمنع من الاستعادة.

ثم نقول: المنع من استعادة الثمن التالف في يد البائع الغاصب بعد استعادة العين المغصوبة، لا يقتضى المنع من استعادته مع بقائه، فلعل المنع مع تلفه بمعنى أن المالك إذا ارتجع العين المغصوبة من المشتري، لم يلزم البائع إعادة العوض عن الثمن بعد تلفه، لانه قبضه عن إذن المالك(١٢) ، أما إن كانت العين قائمة فللمشتري انتزاعها، لانها عين ماله.

المسألة الخامسة : للمرأة أن تمنع عن الزوج قبل الدخول حتى تقبض مهرها كاملا، فإذا انقضت مدة في الامتناع أيجب على الزوج النفقة لها في تلك المدة أم لا؟.

الجواب: في هذه المسألة خلاف فأكثر الاصحاب على أن لها أن تمنع حتى تقبض مهرها.

وقال الشيخ أبوجعفر الطوسيرحمه‌الله في المبسوط: ينصب عدل ويؤمر الزوج بتسليم المهر إليه فإذا سلمه أمرها بتسليم نفسها(١٣) .

والقول الاول اظهر(١٤) .

فعلى الاول إن كان الزوج موسرا لم تسقط نفقتها لان دفع المهر واجب

____________________

(١٢) لان قبضه له عن إذن المالك. كذا في بعض النسخ.

(١٣) المبسوط ٤ / ٣١٦.

(١٤) قال في المبسوط: فاذا ثبت أنه أي المهر يكون معجلا.. فلها أن تمنع نفسها منه حتى يقبضها الصداق..

أقول: هذا كما ترى موافق لقول المحقق فراجع.

٢٦٠