• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15001 / تحميل: 4594
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

عليه وهو ملئ(١٥) فتكون هي ممكنة من نفسها، لانها علقت التسليم على أداء ما هو واجب عليه وهو متمكن منه، فيكون الاخلال بالاستمتاع من طرفه لامن طرفها، فلا تسقط نفقتها.

وان كان عاجزا عن المهر فلا نفقة لانها غير ممكنة ووجوب النفقة مشروط بالتمكين.

وعلى القول الثاني إن امتنع من تسليمه إلى العدل مع القدرة فلها النفقة لان منع الاستمتاع منه، وإن سلم فامتنعت حتى تقبض فلا نفقة لها لانها ناشز.

المسألة السادسة: أورد الاصحاب أنه يجب لكل طواف ركعتان، ثم قالوا: إن فعل الطائف أشواط ثمانية، ثم ذكر أضاف إليها ستة اخرى، ليكون له طوفان.

فكيف هذا؟ وعليه لكل طواف ركعتان أيصلي بعد ذلك أربع ركعات أم ركعتين أم يسقط عنه(١٦) .

الجواب: العمل على أن الزيادة في الطواف الواجب عمدا يبطله وسهوا لا يبطله، فإذا طاف ثمانية اشواط سهوا أتمها بستة فإذا أكمل أربعة عشر فهو بالخيار، إن شاء صلى أربع ركعات، لكل طواف ركعتان، وإن شاء صلى ركعتين للطواف الاول، ثم يسعى، فإذا أكمل سعيه رجع إلى المقام، فصلى فيه ركعتين للطواف الثاني.

يدل على الاول رواية ابي كهمس قال: سألت أبا عبد أللهعليه‌السلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط، قال: إن ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه، وإن لم يذكر حتى يبلغه فليتم اربعة عشر شوطا، وليصل أربع

____________________

(١٥) الملئ: الغني.

(١٦) في بعض النسخ: أم يسقط عنه الركعتان للطواف الاول.

٢٦١

ركعات(١٧) .

ومثله روى معاوية بن وهب عن أبى عبداللهعليه‌السلام قال: إن عليا طاف ثمانية فزاد ستة ثم ركع أربع ركعات(١٨) .

ويدل على الثاني رواية زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إن علياعليه‌السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد، وأضاف إليه ستة، ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم خرج إلى الصفا والمروة، فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى ركعتين(١٩) .

والعمل على الاخيرة أولى لان فيها تفصيلا.

المسألة السابعة : إذا كانت الزكاة إنما تجب بعد إخراج المؤنات، فأي فرق بين ما يسقى بالقرب والدوالي وما يسقى بالسيح؟ ولم قيل هناك نصف العشر وهنا العشر؟ مع أنهما بعد إخراج مؤن القروب والدوالي متساويان.

هل لنا إلى الفرق سبيل سوى النص الظاهر؟.

الجواب: لا ريب أن مستند الفرق النصوص الشرعية(٢٠) لكن الحكمة فيه أن التخفيف يلزم مواضع الكلفة، فإن إخراج مؤنة النواضح لا يزيل كلفة ما يبذل لاصلاحها وما يتعلق بها، وذلك مشقة ينفرد بها صاحب الناضح، فيكون التخفيف في قدر الواجب في النصاب لما يتحمله صاحب الناضح من كلفة البذل وتولي الاصلاح والاحتياج إلى المساعدين الذين لايحتاج إليهم في السائح

____________________

(١٧) الوسائل ٩ / ٤٣٧ / الكافي ٤ / ٤١٨ والتهذيب ٥ / ١١٣ والاستبصار ٢ / ٢١٩.

(١٨) الوسائل ٩ / ٤٣٧ / التهذيب ٥ / ١١٢ / الاستبصار ٢ / ٢١٨.

(١٩) رواه في الوسائل ٩ / ٤٣٧ نقلا عن التهذيب ٥ / ١١٧ والاستبصار ٢ / ٢١٨ ثم قال: أقول: ما تضمنه هذا من السهو محمول على التقية في الرواية مع أنه غير صريح في السهو.

(٢٠) راجع الوسائل الباب الرابع من أبواب زكاة الغلات.

٢٦٢

وشبهه.

المسألة الثامنة : هل يحرم على الجنب والحائض قراء‌ة السور الاربع التي فيها العزائم، أو يحرم عليهما قراء‌ة موضع السجود؟ فإن كلام المرتضىرحمه‌الله يفوح منه أن المحرم عليهما قراء‌ة موضع السجدات، وكلام غيره على الاطلاق.

الجواب: أما فتوى الاصحاب فصريحة بتحريم قراء‌ة السور بأجمعها.

قال المفيدرحمه‌الله في المقنعة: لا بأس أن يقرأ من القرآن ما شاء بينه وبين سبع آيات إلا أربع سور منه فإنه لا يقرؤها حتى يتطهر(٢١) .

وقال في كتاب الاعلام فيما يحل للحائض والنفساء والجنب: اتفقت الامامية على أن لم ذكرنا أن يقرأ من القرآن ما شاء بينه وبين سبع آيات سوى أربع سور، فإنه لا يجوز أن يقرأ منها شيئا إلا وهو على خلاف حاله من الحدث وانتقاله إلى الطهارة، وهي سورة لقمان(٢٢) وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك(٢٣) .

وقال المرتضى في المصباح: وله أن يقرأ من القرآن ما شاء إلا السور

____________________

(٢١) المقنعة ص ٦ الطبع الحجري.

(٢٢) كذا في الاصل. وقال الشيخ في الخلاف ١ / ٤٢٥: سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون مستحب إلا اربع مواضع فانها فرض وهي سجدة لقمان.. وقال العلامة الحلي في النهاية ١ / ٤٩٦: سجدة لقمان وهي ألم تنزيل.

وقال في الجواهر ١٠ / ٢١٠: المسألة الثانية سجدات القرآن أربع منها واجبة وهي سجدة ألم تنزيل المتصلة بسورة لقمان..

(٢٣) الاعلام (ضمن الرسائل العشر): ٣١٩

٢٦٣

الاربع التي تتضمن عزائم السجود(٢٤) .

وهذا صريح بالمنع من السور أجمع.

وكل موضع يكون لفظه محتملا يحمل على هذا.

المسألة التاسعة : إذا ألجأه ظالم إلى الخروج إلى السفر بأن قيده أو أسره أو هدده بالقتل فخرج معه، هل عليه قصر الصلاة والصيام أم لا؟ وهل فرق بين ذلك وبين ما أمره بالخروج إلى البلد الفلاني لقضاء حاجة له، والمسافة مسافة التقصير، فإنه قد قيل: هذا يجب عليه التقصير، لوجوب الخروج دفعا للمضرة، أما هناك فإنه غير مختار للسفر، أعليه التقصير في ذلك أم لا؟.

الجواب: نعم يجب عليه التقصير في كل احد من الفرضين وليس بينهما فرق في وجوب القصر.

لكن يشترط في الاول أن يعلم أو يغلب في ظنه أن المقيد له قاصد مسافة وانه لايمكنه من المفارقة، ولو لم يحصل ذلك في نفسه وجوز إطلاقه من دون المسافة وأمل هو الفرار فإنه لا يجوز القصر على هذا التقدير ولو تطاول به السفر، لان من شرط التقصير نية المسافة، وكانت حاله مع الشك جارية مجرى من تبع عبدا آبقا أو بعيرا شاردا.

المسألة العاشرة : إذا كان الطريق مخوفا وخرج إلى بعض مشاهد الائمةعليهم‌السلام أو الحج هل عليه الاتمام أو القصر؟ وهل يسمى ذلك سفر معصية أم يعتبر ذلك بعزم المسافر وقصده، فإنه إن قصد الطاعة في ذلك السفر كان سفر طاعة، وإن كان قصد المعصية كان سفر معصية، أم يعتبر كان الامرين يني أن يقصد الطاعة وأن

____________________

(٢٤) ليست نسخة المصباح عندنا.

٢٦٤

يكون الطريق غير مخوف حتى يكون السفر طاعة؟ الجواب: لا يجوز السفر مع ظهور أمارة الخوف مثل الخوف من القتل أو الجراح أو نهب الاموال والازواد التي يخشى بتلفقها العطب.

ولو سافر والحال هذه كان عاصيا وكان السفر معصية ولم يجز له الترخص بالتقصير وإن قصد الطاعة، بل يخرج السفر بذلك عن كونه طاعة ولا يصح قصد التطوع به.

والتحرز من الضرر المظنون واجب فكيف ما يعلم، فاذا لا يخلص السفر من كونه معصية إلا مع غلبة الظن بالامن أو تجويزه تجويزا غير مرجوح.

أما كونه طاعة فليس شرطا في التقصير، بل يكفي كونه مباحا ليس بقبيح.

المسألة الحادية عشرة: ألفقراء الشيعة والعلويين عند مساس حاجتهم أن يأخذوا من سهم الامام قدر حاجتهم؟ أفتونا في ذلك مشبعين الكلام فيه.

الجواب: مقتضى الدليل تحريم ذلك لانه تصرف في مال الغير وهو منهي عقلا وشرعا.

وروى أبو بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له(٢٥) .

لكن ترك العمل بالظواهر المانعة من التصرف في مال الغير بما روي من إباحة المناكح والمتاجر والميراث(٢٦) .

ومعنى المناكح أن يشتري الانسان أمة أو

____________________

(٢٥) التهذيب ٤ / ١٣٦.

(٢٦) قال الشيخ في التهذيب ٤ / ١٤٣: اما الغنائم والمتاجر والمناكح وما يجري مجراها مما يجب =

٢٦٥

يتزوجها وفيها الخمس أو هي للامام بتقدير أن يغنمها الغازون بغير إذنه على ما روي(٢٧) ، فانه يحل للمؤمن وطوء‌ها وإن لم يؤد خمسها لتطيب مناكحهم.

أما اولا فباتفاق الاصحاب.

وأما ثانيا فبما روى أبوخديجة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سأله رجل عن الفروج فقلت: إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثثا يصيبه أو تجارة فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب الميت والحي ومن لم يولد نهم إلى يوم القيامة، فهو لهم حلال.

أما والله لا يحل إلا لمن احللنا له(٢٨) .

لا يقال: قد ورد ما يعارض ذلك مثل قوله: ما انصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم(٢٩) .

والجواب: الترجيح بجانب الحظر عملا بالادلة القاطعة القرآنية والعقلية المانعة من التصرف في مال الغير إلا برضا منه.

أو يحمل الاذن على ما وقع الاتفاق عليه وهي المناكح والمتاجر والميراث.

ولو ضويقنا قلنا: الاذن في الاخبار التي تشيرون إليها مختص بإذن ذلك الامام(٣٠) في ذلك الوقت تمسكا بظاهرها.

وأما فقراء الهاشميين المستحقين للخمس فإذا لم يحصل لهم قدر الكفاية من مستحقهم جاز أن يتم لهم.

وهذا اختيار الشيخ المفيدرحمه‌الله في الرسالة

____________________

= للامام فيه الخمس فانهمعليهم‌السلام قد أباحوا لنا ذلك وسوغوا لنا التصرف فيه.

(٢٧) روي في التهذيب ٤ / ١٣٥ عن أبي عبداللهعليه‌السلام : إذا غزا قوم بغير إذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام..

(٢٨) التهذيب ٤ / ١٣٧ مع اختلاف يسير.

(٢٩) التهذيب ٤ / ١٣٨ والاستبصار ٢ / ٩ والفقيه ٢ / ٢٣ طبع النجف.

(٣٠) عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رواية: إلا أن أبيعليه‌السلام جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا. التهذيب ٤ /١٢١.

٢٦٦

العزية(٣١) وأما الاكثرون فقالوا بالمنع.

ويدل على ما اخترناه رواية حماد بن عيسى قال: رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح وساق الحديث إلى قوله: يقسم الوالي بينهم على الكفاية والسعة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل منهم شئ فهو للوالي، وإن عجز كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنما صار عليه أن يمونهم لان له ما فضل عنهم(٣٢) .

وعند هذا أقول: إذا ثبت وجوب الاتمام على الوالي فعند عدمه يتولاه الحاكم عنه بطريق النيابة، لانه حق واجب في ماله فصحت النيابة في إخراجه.

المسألة الثانية عشرة : لا يجوز لنا أن نشتري سبي الظلمة، فلو وقع في أيدينا من ذراري مستحق السبي إما بأن ألجأتنا الظلمة إلى الخروج معهم إلى إغارة على(٣٣) من يستحق السبي ومحاربتهم أو حاربناهم على وجه الدفع عنا، أنملكهم حينئذ، وهل لنا أن نسبيهم وننتفع بهم وبأموالهم؟ الجواب: نعم يجوز الانتفاع بأموال أهل الحرب وسبي ذراريهم وتملكهم كيف أمكن وصول ذلك إلينا إلا في زمان المهادنة، لانهم في الحقيقة فئ لنا، فتوصل المسلم إلى تملكهم كتوصله إلى الاشياء المباحة في الاصل مثل الكلا والماء

المسألة الثالثة عشرة : إذا كان على الانسان دين وليس له ما يقضي به ذلك الدين أيجب عليه

____________________

(٣١) ذكرها النجاشي في تأليفات المفيد. راجع الذريعة ١٥ / ٢٦٣. وليست نسختها عندنا.

(٣٢) الكافي ١ / ٥٤٠ والتهذيب ٤ / ١٢٨ والاستبصار ٢ / ٥٦.

(٣٣) ليست كلمة " على " في بعض النسخ.

٢٦٧

كسب مايقضي به ذلك الدين أم لا؟ الجواب: لا يجب عليه اكتساب ما يقضى به الدين، بل يستحب.

أما أنه لا يجب فلان وجوب قضاء‌الدين مشروط بالتمكن منه، فلا يجب عليه تحصيل شرط الوجوبكما لا يجب عليه اكتساب النصاب للزكاة ولا اكتساب الزاد والراحلة للحج وإنما يجب عليه تحصيل ما لا يتم الواجب الذي استقر وجوبه ووقف إيقاعه على ذلك الشرط كالطهارة للصلاة.

وأما أنه يستحب فلانه سعى لتفريغ الذمة من الاشتغال بمال الغير(٣٤) .

المسألة الرابعة عشرة : إذا جرحه مكلف بحيث أشرف بذلك على الهلاكة، أله أن يهب حق الدية والقصاص منه أم لا؟ وإن وهب ومات بذلك الجرح هل للورثة المطالبة بذلك أم لا؟ وكذا لو أوصى أن لا يطالب بالدية أو القصاص للورثة مطالبة ذلك القاتل أم لا؟ وإن لم يكن لهم ذلك أتعتبر الدية من الثلث أم لا؟.

الجواب: نعم تصح هبة القصاص ودية الجرح والنفس ويكون ذلك إبراء‌ا، لانه حق ثابت للمجني عليه.

ولو مات من الجرح(٣٥) بعد هبة دية الجرح أو قصاصه كان للوارث إن كان عمدا أن يقبض في النفس خاصة بعد أن يدفع إلى الجارح دية الجرح الذي أبرأه الميت منه، وليس للورثة المطالبة بقصاص الجرح ولا بديته مع إبراء المجروح للجارح.

ولو أوصى له بذلك صحت الوصية واعتبرت ادية

____________________

(٣٤) قال بعضهم: وهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله من حيث الشرف والقدرة وجهان، بل قولان، أحوطهما ذلك خصوصا فيما لا يحتاج إلى تكلف وفيمن شغله التكسب، بل وجوبه حينئذ قوي جدا. وسيلة النجاة للسيد الاصبهاني ٢ / ٩١.

(٣٥) في بعض النسخ: من بعد الجرح.

٢٦٨

من الثلث، ولم يكن للوارث في ذلك اعتراض.

المسألة الخامسة عشرة : إذا لم يعلم أن عليه قضاء صلاة واجبة وتوضأ قبل الوقت بنية الوجوب، جاهلا بأن ذلك لا نجوز، وجرح الوقت، فعلم أنه كان عليه القضاء وعلم أن الوضوء قبل الوقت بدون أن يكون عليه القضاء لا يصح، أيجب عليه إعادة تلك الصلاة ولو كان عليه القضاء لكنه لم يعلم ذلك، كان(٣٦) فرضه أن يتوضأ بعد دخول الوقت بنية الوجوب لا قبله، أم لا يجب عليه قضاء ذلك.

وإن استمرت عادته عشر سنين بأنه كان يتوضأ للصلاة الواجبة الموقتة قبل وقتها وينوي الوجوب ولم يكن عليه في الظاهر قضاء جاهلا بأن ذلك لا يجوز مع أنه كان قادرا على أن يعرف ذلك فنبه عليه أيجب عليه قضاء تلك الصلوات كلها أم لا يجب إلا قضاء أول صلاة صلاها ويصح الباقي؟ الجواب: الذي ظهر لي أن نية الوجوب أو الندب ليست شرطا في صحة الطهارة، وإنما يفتقر الوضوء إلى نية التقرب وهو اختيار الشيخ أبي جعفر الطوسيرحمه‌الله في النهاية(٣٧) ونية الدخول به في الصلاة وهو اختيار السيد المرتضى(٣٨) .

وأن الاخلال بنية الوجوب ليس مؤثرا في بطلان، ولا إضافتها مضرة ولو كانت غير مطابقة لحال الوضوء في وجوبه وندبه.

وما يقوله المتكلمون من أن الارادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه، وإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد إيقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيته،

____________________

(٣٦) كذا في بعض النسخ الاربعة، ولعل الصحيح: لان فرضه.

(٣٧) النهاية ص ١٥.

(٣٨) الناصريات المسألة ٢٤.

٢٦٩

ولم تكن النية مخرجة للوضوء عن التقرب به، ولا عن القصد به للاستباحة، فاذا تسقط تلك الفروع كلها، وتصح الصلوات بتلك الطهارات على التقديرات.

المسألة السادسة عشرة : لو احتلم ضحوة نهار في رمضان ولم يغتسل من جنابته إلى الليل هل يجب عليه قضاء ذلك اليوم أم لا؟ الجواب: لا يجب عليه القضاء، لان الاحتلام غير مقصود فلم يؤثر في الصوم، والبقاء على الجنابة بعد انعقاد الصوم غير مؤثر فيه، عملا بالاصل.

المسألة السابعة عشرة : هل تجوز هبة ام الولد أم لا؟ الجواب: لا تجوز هبة ام الولد ولا الوصية بها ولا غير ذلك من وجوه الانتقالات مادام ولدها باقيا إلا كما قبل(٣٩) في ثمن رقبتها إذا لم يكن له وفاء إلا منها.

ووجه المنع إجماع المسلمين(٤٠) أنه لا خلاف فيهم فيه.

ولو جاز هبتها لجاز للمستوهب بيعها وهو منفى بالاتفاق.

المسألة الثامنة عشرة : كيف حكم الشك في صلاة الآيات؟ وهل هي عشرة ركعات أم ركعتان؟

____________________

(٣٩) قال في الشرائع ٣ / ١٣٩: لا يجوز للمولى بيعها مادام ولدها حيا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على المولى، ولا وجه لادائه إلا منها.

(٤٠) قال الشيخ في الخلاف ٢ / ٦٧٣: وقال داود يجوز التصرف فيها على كل حال ولم يفصل.

وقال أبوحنيفة وأصحابه والشافعي ومالك: لا يجوز بيعها ولا التصرف في رقبتها بوجه وتعتق عليه أي المولى بوفاته.

٢٧٠

الجواب: اعلم أن الركعة مقولة بالاشتراك على المرة الواحدة من الركوع كالجلسة لواحدة الجلوس والركبة لواحدة الركوب، وعلى مجموع الركوع والسجود، وليس من البعيد أن يقع الشئ الواحد بالاشتراك على المركب وعلى بعض أجزائه.

ويدلك على أن الركوع في صلاة الآيات والكسوف يسمى ركعة وجود ذلك في كتب فقهائنا(٤١) عدا بعض المتأخرين، ولا عبرة بانفراده.

ويدل أيضا على تسمية الركوع من صلاة الكسوف والآيات ركعة رواية زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قالا: سألناه عن صلاة الكسوف كم هي ركعة؟ فقال: عشر ركعات(٤٢) .

وعن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: صلاة الكسوف عشر ركعات بأربع سجدات(٤٣) .

ومثله روى ابن اذينة عن رهط عنهماعليهما‌السلام قالا: الكسوف عشر ركعات بأربع سجدات(٤٤) .

وقال المرتضىرضي‌الله‌عنه : وقد قال الناصر: صلاة الكسوف عشر ركوعات وقال المرتضىرضي‌الله‌عنه (٤٥) : عندنا أنها عشر ركعات(٤٦) .

فخالفه

____________________

(٤١) قال الشيخ في النهاية ص ١٣٧: وهذه الصلاة عشر ركعات باربع سجدات.

وقال ابن إدريس في السرائر ص ٧٢: وهي عشر ركوعات بأربع سجدات.

(٤٢) التهذيب ٣ / ١٥٦ والكافي ٣ / ٤٦٤.

(٤٣) التهذيب ٣ / ٢٩٤ والاستبصار ١ / ٤٥٢.

(٤٤) التهذيب ٣ / ١٥٥.

(٤٥) كذا في النسخ الاربعة، والظاهر زيادة هذه الجملة.

(٤٦) قال في الناصريات المسألة ١١٢: والعبارة الصحيحة عن ذلك أن يقال: إن هذه الصلاة عشر ركعات..

٢٧١

في العبارة، وهذا يدلك على تسمية الركوع الواحد ركعة.

أما الشك فإن كان بين الركعة الاولى المشتملة على خمس ركوعات وبين الثانية المشتملة على الاربع(٤٧) بطلت الصلاة، لان الركعتين لا تحتملالان السهو كصلاة الصبح والسفر، أما لو كان الشك في الركوع الواحد وإن سمي ركعة فإن كان شكه في محله لم ينتقل إلى القراء‌ة أتى به، وإن كان انتقل ولو إلى القراء‌ة وشك بنى على أنه أتى به، ولم يؤثثر الشك كما قلنا في الشك في الركوع في الفرائض الخمس(٤٨) .

المسألة التاسعة عشرة : إذا كان على الموروث دين وكان بعض الورثة حاضرا أو كانوا حاضرين، وتصدى بعضهم لجواب الغريم، فصالحه على عقار يساوي الدين، وحكم القاضي بذلك وأثبت صحته ومضت على ذلك مدة بعد علم باقي الورثة بذلك، وسكوتهم تلك المدة، ألهم أن يقولوا نحن ننقد الدين من أموالنا ولا نرضى تلك الصلحة(٤٩) وهل لهم أن يطالبوا بالعقار والارتفاعات من حاصله؟ الجواب: نعم إذا كان العقار مما لباقي الورثة فيه حصة كان لكل منهم أن يطالب بحصته منه عدا المصالح، وأن يطالبوا بالنماء الحاصل منه، لان الصلح لا يمضي على الساكت وإن حضر، ولا يمضي حكم القاضي عليهم ولو تطاولت المدة، إلا أن يكونوا امتنعوا من تسليم الدين فقضى القاضي للغريم فإنه يمضي عليهم باعتبار حكم الحاكم لا باعتبار صلح المصالح.

____________________

(٤٧) كذا في النسخ الاربعة. والصحيح: " على الخمس " كما لا يخفى.

(٤٨) أي قلنا لا اعتبار بالشك في الركوع بعدما دخل في غيره.

(٤٩) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: المصلحة، ولعل الصحيح: المصالحة.

٢٧٢

المسألة العشرون : المعتبر في النية استحضار صورة الالفاظ المذكورة في الكتب في الذهن أم استحضار العلم بمعانيها والقصد إلى ذلك؟ مثلا يعتبر استحضار امور أربعة: تعيين تلك الصلاة، والوجوب، والاداء، والقربة، سواء تقدمت تلك المعاني أو تأخرت في الاستحضار في الذهن أم المعتبر استحضار صوررة تلك الالفاظ مرتبة؟ ولو ذكر الالفاظ المذكورة في الكتب باللسان مع استحضار معانيها في الذهن قاصدا إلى ذلك أيصح أم لا؟ الجواب: المعتبر استحضار المعاني الاربعة لا الالفاظ، وهو أن تقصد الصلاة المعينة وتستحضر كونها واجبة وكذا الباقي.

ولا عبرة باللفظ.

ولابد أن يكون ذلك الاستحضار حاصلا بالفعل عند النطق بتكبيرة الاحرام.

ولو ذكر الالفاظ بلسانه وكانت معانيها حاضرة في ذههنه جاز، بشرط أن تكون تلك المعاني مستمرة الحضور في الذهن عند التلفظ بتكبيرة الاحرام لم يذهل عنها(٥٠) .

المسألة الحادية والعشرون : قولهم: إذا بعدت المسافة بين بلدين في رؤية الهلال فلكل بلد حكم نفسه.

فنقول: إذا رئي الهلال في البلد الشرقي الشاسع(٥١) من بلدك القريب منه عرضا بحيث يكون غروب الشمس في بلدك بعد ساعة من غروبها في ذلك البلد الشرقي فبالضرورة أن القمر يبعد عن الشمس تلك الساعة ثلاثين دقيقة أو أقل أو أكثر، فاذا رئي الهلال في البلد الشرقي فبالضرورة يجب أن يرى في بلدتك إذا لم يكن ثم مانع.

فكيف أطلقوا القول بأن لكل بلد حكم نفسه؟

____________________

(٥٠) في بعض النسخ: ثم يذهل عنها.

(٥١) شسع المنزل: بعد.

٢٧٣

الجواب: لا نقول إن لكل بلد حكم نفسه مطلقا، وكيف؟ والمروي عن الائمةعليهم‌السلام أنه يجب الصوم إذا شهد عدلان يدخلان ويخرجان من مصر(٥٢) .

لكن قد يقال: إذا كانت البلدان التي رئي فيها متقاربة بحيث لو كانت السماء مصحية والموانع مرتفعة لرئي في ذلك البلد أيضا لاتفاق عروضها وتقاربها مثل بغداد وواسط والكوفة وتكريت والموصل.

هكذا ذكر شيخنا أبوجعفر الطوسيرحمه‌الله في المبسوط(٥٣) .

وهذا يدلك على أن مع العلم بأنه متى اهل في بلد يعلم أنه مع ارتفاع المانع يجب أن يرى في الآخر كانت الرؤية فيه رؤية لذلك الآخر.

أما إذا تباعدت البلدان تباعدا يزول معه هذا العلم فإنه لا يجب أن يحكم لها بحكم واحد في الاهلة، لان تساوي عروضها لا يعلم إلا من أصحاب الارصاد وأرباب النجوم، وهو طريق غير معلوم، ولا يحصل به الوثوق فلهذا لا يعمل به.

المسألة الثانية والعشرون : الكافر إذا باشر الخمر بجسمه ثم صار خلا أيكون طاهرا أم لا؟ وإذا مزجت الخمر بالخل ما حكمه؟ وما ذكره ابن إدريس(٥٤) أعليه معول أم لا؟ الجواب: الاقرب أنها لا تطهر بالاتفاق والحال هذه، لان نجاسة الكافر أغلظ في الحكم من نجاسة الخمر، لان العصير إذا نجس بأن صار خمرا ثم انقلب خلا

____________________

(٥٢) راجع الوسائل الباب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان والتهذيب ٤ / ١٥٤ باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل دخوله.

(٥٣) المبسوط ١ / ٢٦٨.

(٥٤) السرائر ص ٣٧٣ قال فيه: صار بالاجماع الخل نجسا ولا دلالة على طهارته بعد ذلك..

٢٧٤

طهر، ولا كذا لو نجس العصير بملاقاة الكافر ثم صار خلا، فانه لا يطهر.

فعرف أن الانقلاب يطهر النجاسة الخمرية ولا يطهر النجاسة الحاصلة بمباشرة الكافر.

وقد ثبت بالدليل أن الانقلاب إلى الخلية مطهر من النجاسة الخمرية إجماعا فيكون ما عدا النجاسة الخمرية باقية.

والخمر إذا مرج(٥٥) بالخل لم يطهر وهو قول علم الهدى ذكره في الانتصار(٥٦) لان عند ملاقاة الخمر الخل ينجس الخل قبل انقلاب ما لاقاه من الخمر فتستقر فيه النجاسة، لانه لم تعرض له حالة مطهرة.

وقال الشيخ أبو جعفر الطوسيرحمه‌الله في النهاية والتهذيب: إذا وقع شئ من الخمر في الخل لم يحل ذلك الخل حتى يعزل من تلك الخمرة شئ وإذا صارت خلا طهر حينئذ ذلك الخل(٥٧) .

وهو ضعيف للعلة التي ذكرناها، ولانه إذا حكم بنجاسة الخل بالملاقاة ولم يطهره باستحالة ما وقع فيه إلى الخلية، لم يكن لتطهيره بانقلاب الخمر الخارجة عنه وجه.

وفي رواية عبدالعزيز بن المهتدي عن الرضاعليه‌السلام قال: كتبت إليه: جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل أو شئ منه يغيره حتى يتميز خلا قال: لابأس به(٥٨) .

فتناولها الشيخرحمه‌الله وامثالها بالتأويل الذي ذكره(٥٩) .

____________________

(٥٥) كذا.

(٥٦) الانتصارص ٢٠٠.

(٥٧) النهاية ٥٩٣ والتهذيب ٩ / ١١٨.

(٥٨) التهذيب ٩ / ١١٨ والاستبصار ٤ / ٩٣.

(٥٩) في التهذيب ٩ / ١١٨.

٢٧٥

والرواية ضعيفة السند(٦٠) وهي مكاتبة، ولا تعطي الوثوق.

ثم إنا نطالبه بصحة التأويل فإنه لم يذكر على ذلك شاهدا بل ذكره مجردا عن مستند، فإذا العمل بما ذكره علم الهدىرحمه‌الله أولى.

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

____________________

(٦٠) وإليك تمام السند: محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى بن عبيد عن عبدالعزيز بن المهتدي.

وعبدالعزيز وثقه النجاشي والشيخ. ولعل المحققرحمه‌الله عد محمد بن عيسى بن عبيد ضعيفا كما ضعفه الشيخ في الرجال ولكن ضعفه غير معلوم بل هو ثقة. راجع معجم رجال الحديث ١٧ / ١١٣ و ١٠ / ٣٥.

٢٧٦

(٨) رسالة تياسر القبلة

تاليف المحقق الحليرحمه‌الله

٢٧٧

٢٧٨

بسم الله الرحمن الرحيم

جرى في اثناء فوائد المولى الاعظم أفضل علماء الاسلام وأكمل فضلاء الانام نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي(١) أيد الله بهمته العالية قواعد الدين ووطد أركانه ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان وشيد بنيانه إشكال(٢) على التياسر، وحكايته: إن الامر بالتياسر لاهل العراق لا يتحقق معناه، لان التياسر أمر اضافي لا يتحقق إلا باضافته إلى صاحب يسار متوجه إلى جهة، وحينئذ إما أن تكون الجهة المحصلة وإما أن لا تكون، ويلزم من الاول التياسر عما وجب التوجه إليه، وهو خلاف مدلول الآية(٣) ومن الثاني عدم امكان التياسر، إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها.

ثم يلزم مع تحقق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل.

____________________

(١) صاحب التجريد ونقد المحصل وشرح الاشارات المتوفى سنة ٦٧٢.

(٢) في بعض النسخ: إشكالا.

(٣) سورة البقرة: ١٤٤ و ١٥٠: فولوا وجوهكم شطره.

٢٧٩

وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الاوائل ولا الاواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء، لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.

وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الاعظم من علماء الانام أن يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام وأن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام، فإنها شفاء الانفس وجلاء الافهام، غير أنه ظاهر الله جلاله ولا أعدم أولياء‌ه فضله وإفضاله سوغ لي الدخول في هذا الباب وأذن لي أن أورد ما يخطر في(٤) الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب، فأقول ممتثلا لامره مشتملا ملابس صفحه وعفوه: إنه ينبغي أن تتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين: الاول لفقهائنا قولان: أحدهما أن الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ومن خرج عنه، والتوجه إليها متعين على التقديرات(٥) فعلى هذا لا يتياسر(٦) أصلا.

والثاني أنها قبلة لمن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم، والحرم قبلة لمن خرج عنه.

وتوجه المصلي على قول هذا القائل من الآفاق ليس إلى الكعبة حتى أن استقبال الكعبة في الصف المستقيم المتطاول متعذر عنده لان عنده جهة كل واحد من المصلين غير جهة الآخر، إذ لو خرج من وجه كل واحد منهم خط مواز للخط الخارج من وجه الآخر لخرج بعض تلك الخطوط عن ملاقاة الكعبة فحينئذ يسقط اعتبار الكعبة بانفرادها في الاستقبال ويعود الاستقبال مختصا باستقبال ما اتفق من الحرم.

لا يقال: هذا باطل بقوله تعالى: * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) *(٧)

____________________

(٤) في بعض النسخ: ما يحضرني في الجواب.

(٥) في بعض النسخ: على التقديرين.

(٦) في بعض النسخ: لا تياسر.

(٧) سورة البقرة: ١٤٤ و ١٥٠.

٢٨٠