• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14907 / تحميل: 4513
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

المسائل العزية

المحقق الحليرحمه‌الله

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة

إنشاء الله تعالى.

٢

(١) المسائل العزّيّة

وهي تشتمل على تسع مسائل

تأليف المحقق الحليرحمه‌الله

٣

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رافع الدين ومظهره، وقامع الشرك ومدمره، وناصر الحق وجابره، وقاهر الباطل وكاسره، وصلى الله على سيدنا محمد المخترع من أطيب نسب وأطهره، المنتزع من أعجب حسب وأفخره، وعلى آله المستخرجين من عنصره، النامين إلى شرف جوهره.

أما بعد فإن الامير الكبير عزالدين عبدالعزيز(١) أعز الله أولياء‌ه بدوام بقائه وامتداد عمره، وأمده برعايته وحسن نظره، رسم(٢) الاستدلال على مسائل دل أختيارها على تحقيقه وجودة تخيره، ونبه اهتمامه باعتبارها على تدقيقه وشدة تبحره، فأحببت إجابته لاشتهار فواضله وانتشار مآثره، وتمسكه من الدين بأمتن مرائره(٣) وأحسن أواصره(٤) ، وها أنا شارع في امتثال أوامره، طامع أن يقع ذلك موافقا لاربه، مطابقا لوطره، إن شاء الله تعالى.

____________________

(١) راجع رسالتنا حول حياة المحقق ره.

(٢) رسم رما له كذا: أمره به.

(٣) المرير والمريرة (جمعهما المرائر) من الحبال ما اشتد فتله.

(٤) كذا في بعض النسخ، والوصر جمعه الاواصرر: العهد، وفي بعض النسخ: أواجره.

٤

المسألة الاولى : المأءآن النجسان إذا لم يتغيرا بالنجاسة وجمعا فبلغا كرا فصاعدا، لم يزل عنهما حكم التنجيس، وتحقيق موضع النزاع، أن بلوغ الماء الطاهر كرا مشتمل على قوة دافعة لتأثير النجاسة الواردة، فإذا كان مفرقا منفعلا بالنجاسة، ثم اجتمع كرا، هل يكون بلوغه رافعا للانفعال؟ قال بعض الاصحاب: نعم(١) والمعتمد بقاؤه على النجاسة، ولنا في الاستدلال على ذلك مسالك: الاول: أن نقول: ما محكوم بنجاسته منفردا، فيجب أن يستدام ذلك الحكم مجتمعا.

أما الاولى، فلانا نتكلم على هذا التقدير، وأما الثانية فلوجوه: الاول: أن الثابت

____________________

(١) قال العلامة الحليرحمه‌الله في القواعد: اما القليل فانما يهطر بالقاء كر دفعة عليه لا باتمامه كرا على الاصح.

قال السيد الجواد في مفتاح الكرامة في شرح الجملة الاخيرة: الاصحاب في المسألة على أقوال ثلاثة: الاول عدم التطهير وهو خيرة الخلاف والشرائع والمعتبر والمنتهى والنهاية والتذكرة والذكرى والدروس والبيان والمدارك وغيرها..

الثاني التطهير إن تم بطاهر كما في الوسيلة..

الثالث أنه يطهر باتمامه بطاهر أو نجس كرا كما في رسيات السيد والمراسم والسرائر والمهذب والجواهر والاصباح والجامع والمبسوط في وجه..

مفتاح الكرامة ١ / ٩٩.

اقول: راجع رسائل الشريف المرتضى ٢ / ٣٤١ المسألة السابعة عشرة من جواب المسائل الرسية الاولى، والمراسم لسلار ص ٣٦ لكن في دلالة عبارته على القول الثالث تأمل والمهذب لابن البراج ١ / ٢٣، وجواهر الفقه في الجوامع الفقهية ص ٤٠٩، وجامع الشرائع لابن سعيد ص ١٨، والمبسوط للشيخ الطوسي ١ / ٧، والسرائر لابن ادريس ص ٩ قال فيه بعد البحث حول هذه المسألة: ولنا في هذا مسألة منفردة نحو من عشر ورقات قد بلغنا فيها أقصى الغايات وحججنا القول فيها والاسئلة والادلة والشواهد من الآيات والاخبار، فمن أرادها وقف عليها من هناك.

أظن والظن لا يغني أن هذه الرسالة كانت عند المحققرحمه‌الله وبحثه هذا رد عليها والله العالم.

٥

غني في وجوده عن المؤثر، ومفتقر في زواله إلى المؤثر، فمع الفحص وعدم الوقوف على الدليل الرافع يجب الحكم ببقاء الثابت، وإلا لزم الحكم بانتفاء الثابت لا لمؤثر.

الثاني: أن المقتضي للتنجيس موجود فيجب الحكم ببقائه عملالا بالمقتضي السالم عن المصادم.

الثالث: الالفاظ الدالة على ثبوت التنجيس عند ملاقاة النجاسة مطلقة، فيجب الحكم بالنجاسة عملا بالاطلاق.

ويؤيد الحكم ببقاء الثابت الحكم ببقاء الطهارة مالم يعلم الحدث، وببقاء الديون ما لم يعلم السقوط، وببقاء نجاسة الاواني والثياب ما لم تعلم الطهارة، وليس الحكم بذلك مستندا إلى مورد الشرع، بل تعليلا بتيقن الواقع وعدم العلم بالرافع.

فإن قيل: متى يكون الثابت غنيا عن المؤثر إذا كانت ذاته قابلة للبقاء، أم إذا لم يكن؟ الاول مسلم، والثاني ممنوع، ونحن لا نسلم أن نجاسة الماء باقية، فما المانع أن يكون كالصوت الذي لا يبقى، فلا يفتقر زوالها إلى المؤثر، ويفتقر تجددها.

سلمنا أن النجاسة قابلة للبقاء، لكن مع قبولها لا تخرج عن كونها ممكنة، والممكن الخاص في قبوله للوجود والعدم على السواء، فلو افتقر في عدمه إلى المؤثر لافتقر في بقائه.

سلمنا أن الثابت غني في وجوده عن المؤثر، لكن لا نسلم أن حصوله في الزمان الثاني غني عن المؤثر، فان هذا الحكم زائد على المعقول من ذاته، وهو أمر متجدد، فيفتقر فيه إلى المؤثر.

ثم نقول: حاصل ما ذكرته يرجع إلى التسوية بين موضع الخلاف وموضع الوفاق، وهو خطأ من وجوه: أحدها: أن ذلك قياس، وهو متروك عندنا.

الثاني: لابد من اشتمال محل الخلاف على وصف ليس بحاصل في محل الوفاق أو بالعكس، والا لما تحقق الاختلاف، ومع التفاوت لا تجب المساواة.

أو نقول: إما أن يكون بين الصورتين تفاوت وإما أن لا يكون، فان لم يكن فهو استدلال بالشئ على نفسه، وإن كان فهو قياس مع ثبوت الفارق.

الثالث: الحكم

٦

بنجاسة القليل مستند إلى النص أو الوفاق، فلا يجب إثبات الحكم في موضع الخلاف، لتجرده عن المستند.

قوله في الوجه الثاني: المقتضي للتنجيس موجود.

قلنا: لا نسلم، فإن قال: ملاقاة النجاسة سبب في الحكم بتنجيس الماء القليل وهي موجودة، قلنا: هي موجبة للتنجيس مع بقاء الماء على القلة، فلا يثبت الحكم مع بلوغه الكثرة.

قوله في الوجه الثالث: اللفظ قاض بالتنجيس مطلقا.

قلنا: لا نسلم، فان قال: ذلك كثير كقول أبي عبداللهعليه‌السلام في سؤر الطير: وإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه(٢) .

وقوله في الكلب: رجس نجس لا تتوضأ بفضله(٣) .

وقوله في الجرة يقع فيها أوقية من دم أشرب منه وأتوضا؟ فقال: لا(٤) .

وغير ذلك

____________________

(٢) الكافي لثقة الاسلام الكليني ره ٣ / ٩ ووسائل الشيعة للشيخ الحر ١ / ١٦٦ وإليك تمام الحديث: أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سئل عما تشرب منه الحمامة، فقال: كل ما اكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب.

وعما شرب منه باز أو صقرأو عقاب، فقال: كل شئ من الطير توضأ مما يشرب منه إلا أن ترى في منقاره دما، فأن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب.

(٣) التهذيب للشيخ الطوسي رره ١ / ٢٢٥ والاستبصار له ١ / ١٩ والوسائل ١ / ١٦٣ وتمام الخبر هكذا: أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه محمد بن الحسن عن الحسين ابن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن الفضل أبي العباس (في الوسائل: " عن العباس " مكان " أبي العباس ") قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن فضل الهرة والشاة والبقرة والابل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع، فلم أتررك شيئا إلا سألته عنه، فقال: لا بأس به حتى انتهيت إلى الكلب فقال: رجس نجس لا تتؤضا بفضله، واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء.

(٤) التهذيب ١ / ٤١٨ والاستبصار ١ / ٢٣ والوسائل ١ / ١١٤ وهذا تمام الرواية: عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سعيد الاعرج قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الجرة تسع مائة رطل من ماء يقع فيها أوقية من دم، أشرب منه وأتوضأ؟ قال: لا.

٧

من الاحاديث، قلنا: المناهي الشرعية تشتمل على المطلق والمقيد، فالمنع هنا كما يحتمل الاطلاق، يحتمل التقييد بقيد القلة، فلا يثبت الحكم مع الكثرة.

والجواب: قوله: متى يكون الثابت غنيا عن المؤثر إذا كانت ذاته باقية أو إذا لم تكن؟ قلنا: إذا كانت ذاته باقية، قوله: لا نسلم أن نجاسة الماء باقية، قلنا: الدليل على ذلك وجهان: أحدهما أن ملاقاة النجاسة لو لم تكن سببا لاستقرار النجاسة، لما حكم بالنجاسة الا حال الملاقاة، ومعلوم أنه ليس كذلك.

الثاني أن الاتفاق حاصل أنه مهما بقي الماء على حاله كان التنجيس باقيا.

قوله: نجاسة الماء ممكنة فتفتقر إلى المؤثر.

قلنا: متى؟ عند حدوثها أو مع بقائها؟ الاول مسلم، والثاني ممنوع، ولهذا لم يكن المعدوم الممكن مفتقرا في استمرار عدمه إلى المؤثر وكذا البناء لايفتقر بعد تقرره إلى الباني.

قوله: حصوله في الثاني زائد على حقيقته، وهو متجدد فيفتقر إلى المؤثر.

قلنا: حصوله في الثاني هو المعني باستمرار وجوده، واستمرار الوجود ليس زائدا على الوجود، وإلا لكان استمرار ذلك الاستمرار زائدا ويتسلسل.

قوله: حاصل الكلام يرجع إلى تسوية موضع الخلاف بموضع الوفاق وهو قياس.

قلنا: إذا ثبت أن الشرع لا ينقلنا من حكم إلى غيره إلا بدليل معلوم، لا يكون ذلك قياسا تمثيليا، بل برهانا قطعيا.

قوله: وقوع الخلاف بعد البلوغ يدل على مخالفته لموضع الوفاق، وحينئذ يجوز الاستناد في المخالفة بين الصورتين إلى الفارق.

قلنا: الجواز مسلم، لكن لا يجوز المصير إليه ما لم يحصل العلم بكون تلك المخالفة رافعة للحكم الثابت.

قوله: الحكم بنجاسة القليل مستند إلى النص أو الاتفاق فلا يثبت في

٨

موضع الخلاف ، لتجرده عن المستند.

قلنا: واستناد الحكم بالتنجيس في موضع الخلاف، للعلم بثبوت المقتضي وانتفاء العلم بالرافع، فإن العقل يجزم(٥) ببقاء الثابت ما لم يحصل الرافع، ويجزم بانتفاء الرافع مع استفراغ الوسع في تحصيله، وتعذر الاطلاع عليه، فيعلم أنه لو كان واقعا لظفر به، أو لسقط اعتباره بالنظر إلى الباحث، إذ لو لا هذان لزم التكليف بما لا يطاق.

قوله في الوجه الثاني: لا نسلم أن المقتضي للتنجيس موجود.

قلنا: نحن نعني بالمقتضي ملاقاة النجاسة للماء القليل، ونتكلم على تقدير بقائها.

قوله: ذلك مشروط ببقائه على القلة.

قلنا: الاشتراط منفي بالاصل.

قوله: على الوجه الثالث: لا نسلم أن هنا ألفاظ قاضية بالتنجيس مطلقا.

قلنا: قد ذكرنا طرفا منها.

قوله: مناهي الشرع قد ترد مطلقة ومقيدة.

قلنا: الاطلاق هو الاصل فلا يصار إلى التقييد إلا مع الدليل.

المسلك الثاني: طهارة هذا الماء مع القول بنجاسة مستنقع الحمام مما لا يجتمعان، فتثبت النجاسة هنا.

أما أنهما لا يجتمعان، فلان اجتماع الكر من النجاسات إما أن يكون رافعا للنجاسة وإما أن لا يكون، فإن كان لزم في الموضعين، وإن لم يكن لزم في الموضعين، فيثبت أن طهارة أحدهما مع نجاسة الاخر مما لا يجتمعان.

وأما أن الثابت نجاسة مستنقع الحمام فلما روي عن أبي الحسنعليه‌السلام : ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام، فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب

____________________

(٥) يحكم. خ ل.

٩

وولد الزنا والناصب(٦) .

فان قيل: لا نسلم تساويهما.

قوله: بلوغ الماء النجس كرا إما أن يكون مطهرا وإما أن لا يكون.

قلنا: يكون.

قوله: يلزم طهارة مستنقع الحمام.

قلنا: متى إذا اختص الحمام بمزيد استقذار ليس بموجود في غيره، أم إذا لم يختص؟ أما على تقدير التساوي فمسلم، وأما على تقدير التفاوت في اجتماع الاقذار فممنوع.

والحمام مختص بهذه المزية.

وبيانه تعليل المنع من مائه باجتماعه من غسالة الجنب وولد الزنا والناصب، وحينئذ إما أن يكون التمسك في نجاسته بالاجماع أو بالحديث، فإن كان الاول فلايلزم من الاجماع على نجاسة ماء الحمام الاجماع على نجاسة غيره، فإن كان الثاني فالرواية تتضمن تعليل نجاسته بإجتماع هذه الثلاث فلا تكون متعدية إلى غيرها.

فإن قال: التعليل قاض بالتساوي.

قلنا: مع التعليل لا يلزم تعديته عن محله، لجواز اختصاص موضع التعليل بحكمة مقتضية للاختصاص.

سلمنا أنه يجب تساويهما، لكن لا نسلم نجاسة مستنقع الحمام.

فان استدل بالرواية المذكورة، كان الاعتراض من وجوه: أحدها: منع سندها، فان الراوي محمد بن الحميد عن حمزة بن أحمد ولم يتحقق حالهما(٧) فهي في قوة المرسل.

الثاني: مع تسليمها هي قليلة الورود، فتكون في حيز الشذوذ.

الثالث: تعارضها بما روي عن أبي الحسنعليه‌السلام

____________________

(٦) التهذيب ١ / ٣٧٣ والوسائل ١ / ١٥٨ واليك تمام الحديث: محمد على بن محبوب عن عدة من أصحابنا عن محمد بن عبدالحميد عن حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الاول عليه لاسلام قال: سألته أو سأله غيري عن الحمام قال أدخله بمئزر وغض بصرك ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم.

(٧) محمد بن عبدالحميد بن سالم العطار الكوفى البجلي كثير الرواية في الكتب الاربعة، وقيل بوثاقته لوقوعه في أسناد كامل الزيارات ولغيره، وحمزة بن أحمد من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ولكنه مجهول وليس له في الكتب الاربعة إلا هذا الحديث. راجع معجم رجال الحديث.

١٠

وقد سئل عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب.

فقال: لاباس(٨) .

فإن قال: هذا مطلق وذاك مقيد.

قلنا: لفظة الناس تعم فهي تتناول كل مغتسل، فتتحقق المعارضة بطريق العموم.

قوله: ما المانع أن يختص الحمام بما ليس موجودا في غيره.

قلنا: البناء على الاحتمال فتح لابواب الجهالات وتطريق إلى سد باب الاستدلال بالالفاظ.

فان قال: الفارق موجود، وهو تعليل مستنقع الحمام باجتماعه من الغسالات الثلاث.

قلنا: فحوى اللفظ يدل على حكمه بالتنجيس لاجل اجتماعه من النجاسات لا نظرا إلى خصوصية النجاسات المذكورة، فالتعدية حينئذ تفهم من فحوى اللفظ لا من منطوقه، فان من نجس الماء لاجتماعه من غسالة الجنب والناصب أولى أن ينجسه من غسالة الحربي وممازجة البول والغائط.

قوله: لانسلم نجاسة مستنقع الحمام قلنا: قد بينا ذلك.

قوله: خبر واحد.

قلنا: نكتفي به حيث متمسك الخصم مثله.

قوله: إما أن يستند التنجيس إلى الرواية أو إلى الاجماع.

قلنا: الاجماع مفقود في الطرفين عند المصنف بل إلى الرواية.

قوله: نمنع سندها.

قلنا: هي موجودة في كتب الاصحاب(٩) ، دائرة بينهم، ولا نعلم لها رادا، ويكفي في التمسك في مثل هذا المقام بمثلها.

قوله: هي معارضة بالرواية التي ذكرها.

قلنا: عن ذلك أجوبة: أحدها

____________________

(٨) التهذيب ١ / ٣٧٩ وهذا سند الرواية: أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض صحابنا عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: سئل عن مجتمع..

ورواه الكليني في الكافي ٣ / ١٥ والصدوق في الفقيه ١ / ١٢ والشيخ الحر في الوسائل ١ / ١٥٤.

(٩) كالتهذيب للطوسي والكافي للكليني وبعض كتب الصدوق فان هذه الرواية بمضمونها قد رويت في هذه الكتب فراجع الوسائل ١ / ١٥٨ ويحتمل ارادتهرحمه‌الله من كتب الاصحاب الكتب الفقهية.

١١

ترجيح هذا بطريق السند، فان تلك مرسلة(١٠) والرجحان لجانب المسند.

الثاني أنها عامة في الناس وهو يحتمل الطاهر والنجس فيكون الترجيح لروايتنا لما عرف من وجوب تقديم الخاص على العام.

فإن قال: لولا النجاسة لما كان للسؤال معنى.

قلنا: قد يسأل عن الاوساخ هل تجتنب أم لا لمكان الجهالة بذلك، فلعل السائل ممن يشتبه عنده ذلك.

الثالث أنها لا تنافي ما رويناه لانها تتضمن رفع اليأس عن إصابة الثوب ولا تتضمن الاذن في الاغتسال به.

المسلك الثالث.

لو تحققت الطهارة في صورة النزاع لكانت إما مستندة إلى استهلاك المائين للنجاسة، وإما إلى بلوغهما كرا، والقسمان منتفيان.

أما الحصر فلانه لولا أحد القسمين كانت النجاسة باقية عملا بالمقتضي الصافي عن المصادم.

وأما بطلان الاستهلاك، فلانه هنا عبارة عن مكاثرته حتى تذهب عين النجاسة أو حكمها، وكلاهما منتف، لانا نتكلم على تقدير ثبوت الحكم والعين في الماء‌ين قبل البلوغ وبعده، فعند الاجتماع لم يزد قدر الماء عما كان عليه، فلا يتحقق الاستهلاك بالكثرة، ولا بالخاصية القاهرة للنجاسة، لانا نتكلم على تقدير الانقهار السابق على البلوغ.

وأما بطلان استناد الطهارة إلى بلوغ الكر فلانه عبارة عن اجتماع الماء‌ين، فلو حصلت الطهارة لكان إما لسبب، أولا لسبب، والثاني باطل والا لحصل الحادث لا عن مؤثر وإما أن يحصل من كل واحد من الماء‌ين للاخر، ويلزم منه الدور، أو تطهير النجس بالنجس، أو من أحدهما، وهو ترجيح من غير مرجح، وأما أن تحصل الطهارة من سبب غير الماء، وهو باطل بقول الصادقعليه‌السلام الماء يطهر ولا يطهر(١١) .

____________________

(١٠) لان الراوي عن الامامعليه‌السلام لم يذكر اسمه، بل ذكر بعنوان: بعض أصحابنا.

(١١) رواه الشيخ الصدوق في الفقيه ١ / ٥ مرسلا عن الصادق ورواه الكليني ره في الكافي عن =

١٢

فان قيل: لا نسلم الحصر فما المانع أن تكون الطهارة مستندة إلى القسمين جميعا، أو إلى الثالث أو إليهما مع ثالث، أو إلى أحدهما مع ثالث.

سلمنا الحصر لكن لا نسلم انتفاء الاستهلاك.

قوله: قبل الاجتماع كل واحد منهما نجس، ومع الاجتماع لم يزد مقدارهما.

قلنا: صحيح لكن لم لايجوز أن تكون خاصية الماء في دفع الخبث مستكملة عند الاجتماع، وقاصرة عند الانفراد، فيتحقق الاستهلاك وإن لم يزد المقدار، بحصول الشرط الذي باعتباره يستهلك الخبث.

قوله ولا يجوز استناد الطهارة إلى البلوغ.

قلنا: ما المانع منه؟.

قوله إما أن يكون حصولهما لسبب أو لا لسبب.

قلنا: لسبب.

قوله إما من كل واحد منهما لصاحبه وهودور، أو يطهر النجس بالنجس.

قلنا: متى يكون دورا إذا وقفت طهارة كل منهما على الآخر، أم إذا حصلتا في الوقت الواحد؟ فما المانع أن تحصل طهارتهما بسبب البلوغ في وقت واحد فلا يلزم الدور.

قوله في الوجه الاخر: يلزم تطهير النجس بالنجس.

قلنا: متى يلزم ذلك إذا كان أحد الماء‌ين مطهرا للآخر أم إذا ارتفعت النجاسة بمضادة البلوغ؟ ونحن نقول: إن البلوغ يرفع حكم التنجيس، لا أن أحدهما يطهر بالاخر(١٢) ولا يطهر نفسه.

سلمنا ذلك، لكن لم لا يجوز أن تكون الطهارة مستندة إلى غير البلوغ.

قوله: يلزم طهارة الماء بغير الماء، وهو منفي بقولهعليه‌السلام : الماء

____________________

= علي بن ابراهيم عن ابيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الماء يطهر ولا يطهر. ورواه ايضا الشيخ في التهذيب ١ / ٢١٥ والبرقي في المحاسن ص ٥٧٠ والوسائل ١ / ١٠٠.

(١٢) الآخر خ ل.

١٣

يطهر ولا يطهر.

قلنا: الرواية ضعيفة، فان الراوي لها السكوني وهو عامي(١٣) ولو صحت روايته لكانت منافية لمسائل كثيرة اتفق عليها فيجب إطراحها أو تخصيصها، ومع تطرق التخصيص يسوع لنا ايضا التخصيص.

وبيان ذلك بصور: الاولى: الماء القليل إذا اتصل بالجاري فاستهلكه طهر.

الثانية: الماء القليل إذا القي عليه كر من ماء طهر.

الثالثة: مياه الآبار تطهر بالنزح.

ثم نقول: الرواية متناقضة، لانه يلزم من كون الماء مطهرا أن يطهر نفسه ومن كونه لا يطهر أن لا يطهر.

ثم نقول: ما ذكرتموه من الحجج يرجع حاصلها إلى التمسك باستصحاب الواقع ما لم يثبت المعارض، والمعارض موجود، وبيانه بالاجماع والنص والاثر والمعقول.

أما الاجماع فتقريره من وجهين: أحدهما استقراء كتب الاصحاب، فانهم بين مفت بالطهارة، وساكت ومتردد(١٤) ، وعلى الاحوال تسلم دعوى المطهر من المخالف، إذ المتردد لا فتوى

____________________

(١٣) قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله في عدة الاصول: اذا كان [ الراوي ] مخالفا في الاعتقاد لاصل المذهب وروى مع ذلك عن الائمةعليهم‌السلام نظر فيما يرويه فان كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره وان لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به، وان لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب ايضا العمل به لما روي عن الصادقعليه‌السلام انه قال: اذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنا فانظروا إلى ما رووه عن عليعليه‌السلام فاعملوا به.

ولاجل ما قلنا عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث بن كلوب ونوح بن دراج والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتناعليهم‌السلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه.

عدة الاصول ١ / ٣٧٩ الطبع الحديث.

اقول: اسم السكوني إسماعيل وأبوه أبوزياد والسكوني حي من اليمن.

(١٤) قد مر القول بعدم التطهير من خلاف الشيخ وغيره فراجع.

١٤

له، والقول في طرف الساكت أظهر.

وربما قرر بعضهم الاجماعبحكاية كلام السيد ونقل كلام ابن البراج وايراد كلام سلار، ثم يقول: وهؤلاء فضلاء الاصحاب، ومن خالف معروف فيكون الحق في خلافه(١٥) .

التقرير الثاني: أن نقول: الامة بين قائلين: قائل يقدر الماء بحد لاينجس معه وقائل ينفي التقدير، وكل مقدر له بحد لا يفرق بين سبق النجاسة وتأخرها، فيكون الفرق على خلاف الاجماع.

وأما النص فقوله تعالى: * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) *(١٦) .

وقولهعليه‌السلام : خلق الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته(١٧) .

وقولهعليه‌السلام : إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا(١٨) .

وهذا الخبر متواتر متلقى بالقبول، والاستدلال به من وجهين: أحدهما: أن الماء جنس معرف باللام وليس هنا معهودا فهو إذا لاستغراق الجنس لما عرف.

الثاني: الماء المذكور إما أن يراد به الطاهر والنجس، أو الماء لا باعتبار أحد القسمين، لان كل واحد من القسمين لا إشعار في المطلق به، وأيهما كان لزم تناوله لصورة النزاع، أما بتقدير إرادة الامرين فظاهر، وأما بتقدير إرادة الماء من حيث هو، فلان معناه موجود في النجس فيجب ثبوت الحكم معه.

لا يقال: الظاهر أن

____________________

(١٥) راجع رسائل السيد المرتضى ٢ / ٣٦١ والمهذب لابن البراج ١ / ٢٣ والمراسم لسلار ص ٣٦.

(١٦) سورة الانفال، الآية: ١١.

(١٧) قال في الوسائل ١ / ١٠١: في المعتبر للمحقق الحلي: قال: قالعليه‌السلام : خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه.

قال ورواه ابن ادريس مرسلا في أول السرائر ونقل انه متفق على روايته.

اقول: ولم أجده بهذا اللفظ في الكتب الروائية للعامة فراجع.

(١٨) رواه الشيخ في الخلاف ١ / ١٧٤ ونسبه إلى الائمة الاطهارعليهم‌السلام .

١٥

البلوغ شرط لنفي الحمل، والمشروط موقوف على الشرط، فإذا حصل البلوغ انتفى أن يحمل فلا يتناول نفي ما حمل، لانا نقول: لا ريب أن البلوغ شرط لنفي الحمل، ويلزم انتفاء السابق والا لكان الحمل ثابتا.

واما الاثر فما روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام من طرق عدة: إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ(١٩) .

واما المعقول فوجوه: الاول: لو لم تكن الكثرة رافعة للخبث السابق لما جاز استعمال الراكد مع وجود عين النجاسة فيه حتى يعلم سبق الطهارة، لكن هذا اللازم باطل بالاجماع.

الثاني: لو لم يكن الكر المجتمع من المياه النجسة طاهرا عند البلوغ لزم تخصيص شرط آية التيمم(٢٠) ، والتخصيص على خلاف الاصل.

الثالث: لو لم يكن طاهرا عند البلوغ لكانت الكثرة غير ناهضة بدفع الخبث الوارد، فلا تكون الطهارة معلقة على البلوغ، بل وعلى ذلك السبب، وهو خلاف مدلول الاحاديث.

الرابع: الحكم بنجاسة هذاا الماء عسر، والحكم بطهارته يسر، فيترجح جانب اليسر لقوله تعالى: *(يريد الله بكم اليسر)*(٢١) .

والجواب: قوله: لا نسلم الحصر، فان هنا أقساما اخر.

قلنا: قد بينا انتفاء تلك الاقسام، فانه لو لا أحد الامرين لزم بقاء النجاسة عملا بالمقتضى السالم عن مصادمة المعارض.

فإن قال: المعارض ممكن.

قلنا: لا يجوز الوقوف مع الاحتمال، وإلا لزم نفي الحكم الثابت بالفرض الموهوم.

أو نقول: هذا الاحتمال منفي، أما عندنا

____________________

(١٩) راجع الوسائل ١ / ١١٧ وفي الروايات " اذا كان " مكان " اذا بلغ " الفقيه ١ / ٩ طبع مكتبة الصدوق / التهذيب ١ / ٤٠ / الاستبصار ١ / ٤ / الكافي ٣ / ٢.

(٢٠) سورة النساء: ٤٣ وسورة المائدة: ٦.

(٢١) سورة البقرة: ١٨٥.

١٦

فلتحقق النجاسة، وأما عند الخصم، فلان الطهارة معللة بأحدهما، فيكون ثبوته لا بأحدهما منفيا بالاجماع.

قوله: لا نسلم انتفاء الاستهلاك.

قلنا: قد بيناه.

قوله: لم لا يجوز أن تكون قوة الماء على دفع الخبث مشروطة بالبلوغ فالحكم يثبت معه لا قبله.

قلنا: الغرض يتم، فإنه إذا لم يكن الشرط حاصلا فقد قويت النجاسة على الماء، فلم يتحقق الاستهلاك هناك وإذا كان الاستهلاك بالمكاثرة ولم يحصل بعد الاجماع لم تحصل الغلبة.

قوله: ما المانع أن تحصل الطهارة هنا منهما.

قلنا: قد بينا ذلك.

قوله: متى يلزم الدور إذا حصلت طهارتهما في وقت وحد أم إذا سبقت إحداها؟ قلنا: كيف كان، فان المؤثر متقدم على الاثر تقدم ذاتيا، فلو كانت طهارتهما منهما وقف حصول كل واحد منهما على الاخرى، أو يقال: أحدهما يطهر الآخر وهو نجس، لكن هذا باطل.

قوله: ما المانع أن تكون الطهارة بالبلوغ.

قلنا: البلوغ إما ان يكون شيئا زائدا على الماء وإما أن يكون أمرا إضافيا عرض له.

ويلزم من الاول طهارة الماء بغير الماء، ومن الثاني طهارة كل واحد من الماء‌ين بالاخر، أو طهارة أحدهما بالآخر وقد بينا بطلانه.

قوله: الرواية مستندة إلى السكوني، وهو عامي.

قلنا: هو وان كان عاميا فهو من ثقات الرواة.

وقال شيخنا أبوجعفررحمه‌الله في مواضع من كتبه(٢٢) : إن

____________________

(٢٢) الذي يظهر من هذه العبارة أن الشيخ الطوسي ره صرح بقبول رواية السكوني في غير عدة الاصول أيضا ولكن لم نقف إلى الآن إلا على عبارته في العدة وقد نقلناها في بعض التعاليق الماضية فراجع.

واستدل بعض أهل الرجال بهذه العبارة من هذه الرسالة أي: قول المحقق في المسائل العزية: " هو وإن كان عاميا فهو من ثقاة الرواة " على وثاقة السكوني. راجع تنقيح المقال ١ / ١٢٨.

١٧

الامامية مجمعة على العمل بما يرويه الكسوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات، ولم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهار الصدق، وكتب جماعتنا مملوة من الفتاوى المستندة إلى نقله، فلتكن هذه كذاك.

ثم الخصم يحتج بما هو أضعف منها.

قوله: هي منافية لمسائل كثيرة.

قلنا: لا نسلم فإنه لا شئ من تلك المسائل إلا ولها وجه تخرج به عن معارضة الرواية.

أما طهارة القليل بالجاري، فلان الاستهلاك يجري مجرى الاعدام، فلا نقول إنه يطهر، ولكن إذا استهلك في الطاهر لم يبق له حكم، فكان كالبول الذي يستهلكه الماء الجاري.

وأما الراكد، فيقع عليه كر، فأن الكر الواقع لا ينجس بملاقاة النجاسة فإذا لم يتغير بما يقع عليه لم ينجس.

والقليل إن بقي ممتازا فهو نجس، وإذا استهلكه الطاهر كان الحكم للطاهر دونه.

وأما ماء البئر قلنا عنه جوابان: أحدهما: أنا لا نسلم نجاسته، فإن من الاصحاب(٢٣) من يوجب نزحه تعبدا لا تطهيرا، فعلى هذا لا يلزم تطهير النجس.

الثاني: أنا نلزم التنجس، ونقول: ما المانع أن يكون تنجسه لشبهه بالراكد.

فإذا نزح، خرج بالنزح إلى حيز الجاري، فاستهلك النجاسة بجريته، فإن قال: لو كان كذلك لما اختلف مقادير النزح.

قلنا: لما كان المراد قوة الجرية على النجاسة، وكانت الاذهان تقصر عن تحقيق ذلك قرر الشرع من النزح ما يعلم حصول الغرض به بحسب اختلاف تأثير النجاسات.

قوله: الرواية متناقضة.

قلنا: لا نسلم.

____________________

(٢٣) قال في مفتاح الكرامة: في المسألة اقوال: القول الثالث: البقاء على الطهارة ووجوب النزح تعبد..وقد نسب هذا القول إلى الشيخ في التهذيب في المهذب البارع..واستندوا في هذه النسبة إلى حكمه بعدم جواز الاستعمال وبعدم وجوب اعادة م ا استعمل فيه من الوضوء وغسل الثياب..انتهى ملخصا. راجع مفتاح الكرامة ١ / ٨١.

١٨

قوله: عموم كونه مطهرا يقتضي أن يطهر نفسه، ولا يطهر.

قلنا: يفهم من هذا كونه مطهرا لغيره، كما فهم ذلك من قوله تعالى: * (خالق كل شئ) *(٢٤) في أنه لا يتناول ذاته تعالى.

والجواب عن المعارضات: قوله: الاصحاب بين مفت بالتطهير، وساكت، ومتردد، قلنا: لا نسلم الحصر، فما المانع أن يكون من الاصحاب مانع لم نقف على قوله، فإن قال: عدم الوقوف بعد الفحص يدل على عدم المخالف.

قلنا: قد ثبت في العقل أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

قوله: ويلزم من انقسام الاصحاب هذا الانقسام سلامة قول المفتي عن المعارض.

قلنا: لا نسلم بل المتردد مانع في أحد قوليه.

قوله: المتردد لافتوى له.

قلنا: صحيح لكن كما ليس له فتوى بالمخالفة ليس له فتوى بالموافقة.

قوله: مع سلامة قول المفتي عن المانع يكون إجماعا.

قلنا: لا نسلم، وانما يتحقق الاجماع حيث يعلم اتفاق من الامام في جملتهم، فمن أين أن الامام مفت بالتطهير، أو في أحد الاقسام الثلاثة(٢٥) .

وربما يقول: المخالف معروف باسمه، وهو هوس لا يستحق الجواب.

فليس الوقوف على قول المخالف والجهل بقول الباقين دليلا على المخالفة أو الموافقة.

وأما تعداد الفتاوى فتمسك الضعيف، إذ الحجة ليست في قول الواحد والعشرة، بل في قول من يعلم دخول الامام في جملتهم، وذاك لا يتحقق بالواحد ولا الخمسة ولا الخمسين، بل يكون التعداد أضر إذ ينقلب(٢٦) أن هؤلاء هم القائلون دون غيرهم، أو يحتمل، وعلى التقديرين

____________________

(٢٤) سورة الانعام: ١٠٢ والرعد: ١٦ والزمر: ٦٢ وغافر: ٦٢.

(٢٥) كون الامامعليه‌السلام في المترددين مما لا يحتمل كما لا يخفى على العارفين بمقاماتهم.

(٢٦) كذا.

١٩

لا يكون إجماعا.

قوله في التقرير الثاني: الامة بين قائلين، وكل من قال بالتحديد لم يفرق بين سبق النجاسة وتأخرها عن البلوغ.

قلنا: هذا غفول، فإن كثيرا من الجمهور يفرق بين الحالين كأحمد بن حنبل ومن تابعه، وكذا اختلاف فرقتنا، وإلا فالمناظرة على ماذا؟ وان ادعى ذلك علينا فهو إذن غني بهذا الاجماع عن هذا النزاع.

وأما الاستدلال بالآية فالاعتراض من وجوه: أحدها: أن لفظة " ما " نكرة في سياق الاثبات، فلا تعم فهي تصدق ولو بصورة واحدة.

الثاني: لو سلمنا عمومها لدلت على الغرض بإنزال الماء، أما على انقلاب ما حكم بنجاسته إلى الطهارة فلا.

الثالث: أن العموم معارض بالعمومات المانعة من استعمال الماء، الذي لاقته النجاسة، كقول الصادقعليه‌السلام في سؤر الكلب: لا تتوضأ بفضله(٢٧) ، وكنهيه عن سؤر اليهودي والنصراني(٢٨) ، وعن الجرة التي وقع فيها الدم(٢٩) ، وغير ذلك من الاحاديث التي اتفق الفقهاء على قبولها.

وأما الرواية(٣٠) المتضمنة لكون الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غيرلونه أو طعمه أو رائحته، فغير دالة على موضع النزاع، لانا نتكلم على تقدير كون

____________________

(٢٧) قد مرت هذه الرواية في بعض التعاليق الماضية عن التهذيب ١ / ٢٢٥ والاستبصار ١ / ١٩ والوسائل ١ / ١٦٣.

(٢٨) رواه في الكافى ٣ / ١١ والتهذيب ١ / ٢٢٣ والاستبصار ١ / ١٨ والوسائل ١ / ١٦٥: محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن عبدالله بن المغيرة عن سعيد الاعرج قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن سؤر اليهودي والنصراني، فقال: لا.

(٢٩) التهذيب ١ / ٤١٨ والاستبصار ١ / ٢٣ والوسائل ١ / ١١٤ وقد مرت الرواية في بعض التعاليق الماضية.

(٣٠) اي رواية خلق الله الماء طهورا.

٢٠