نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 57501
تحميل: 3006

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57501 / تحميل: 3006
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

وبعبارة اخرى ان غالب التصرفات من الاحداث الواقعة على المبيع مما ذكر كاشفة نوعا عن استمرار الرضا بأصل البيع لاالرضا بالالتزام بالعقد فانه فرد نادر، فلو حملناها على الاحداث الكاشفة عن الرضا بذلك، يلزم تخصيصها بالفرد النادر وهو قبيح.

هذا آخر الكلام في خيار الحيوان.

الثالث: خيار الشرط

١٢١

ومن جملة الخيارات خيار الشرط وهو يحصل باشتراطه في العقد.

والذى يدل على صحته بالخصوص من الاخبار صحيحة ابن سنان عن ابى عبدالله (ع) في حديث " قال: وان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشترى قبل أن يمضى الشرط فهو من مال البايع "(١) ومنها رواية السكونى ان اميرالمؤمنينعليه‌السلام قضى في رجل اشترى ثوبا بالشرط إلى نصف النهار.(٢)

ومنها الاخبار الواردة برد الثمن.(٣)

ثم هل هذا الشرط على طبق القاعدة لكن خرج عنها ما خرج مثل الشرط في عقد النكاح والطلاق وأمثالهما مما هو خارج بالنص وبقى تحتها مابقى لشمول عموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " المؤمنون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب الله"(٤) او على خلاف القاعدة

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٨ - من ابواب الخيار، الحديث ٢.

(٢) الوسائل، الباب - ١٢ - من ابواب الخيار، الحديث ١.

(٣) الوسائل، الباب - ٧ - من ابواب الخيار،

(٤) الوسائل، الباب - ٦ - من ابواب الخيار، الحديث ٢ - وفيه " المسلمون " مكان " المؤمنون ".

١٢٢

لكن خرج منه بعض الشروط بواسطة الاخبار المتقدمة.

قد يقال انه على خلاف القاعدة تارة بدعوى عدم الامكان اذكما لايمكن فسخ العقد للمتبايعين كذلك لايمكن مع الشرط ايضا.

ووجه ذلك اما ان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " المؤمنون عند شروطهم " أنما يشمل على ما هو جائز فعله وسائغ اتيانه من الشرائط قبل الشرط لاما لم يكن سائغا قبله ولكن يكون سائغا بالاشتراط الا يلزم ان يكون مشرعا - بالكسر - وليس الامر كذلك وهو واضح.

والمفروض أن قوله: " اوفوا بالعقود " كان يقتضى اللزوم فحينئذ كلما يحصل الفسخ يكون لغوا وغير مؤثر.

واما ان الخيار حكم من الحكام الشرعية وليس من الافعال الاختيارية للمكلف بل هو في الحقيقة من احكام الله تبارك وتعالى وليس وضعه ورفعه بيده فلا يكون له حينئذ اثر اصلا.

واخرى بدعوى ان هذا مخالف للكتاب والسنة من جهة وجوب الوفاء المستفاد من الكتاب مثل قوله: اوفوا بالعقود، والسنة مثل قوله: " فاذا افترقا وجب البيع " وغير ذلك مما يمكن اثبات وجوب الوفاء به.

ولكن يمكن رد ذلك اولا: بانا لانسلم عدم جوازه قبل الشرط لان مفاده مثل مفاد الاقالة، الا ان بينهما فرقا من جهة اخرى وهو ان الرضا بحل العقد في الاقالة من حينها وفي المقام من حين العقد لكونه مشروطا في ضمنه على الفرض وثانيا:

١٢٣

ان فرض الامتناع وعدم الامكان اما لانه كالطريان إلى السماء و المفروض انه ليس كذلك، وامالحرمة العمل بالفسخ وليس الامر كذلك ايضا، وليس من جملة المحرمات، التلفظ بلفظ فسخت كما هو واضح واما القول بان الخيار من قبيل الحكم غير مضر وفي المقام لانه ليس من قبيل اشتراط جعل الزرع سنبلا او جعل الثمرة تمرا وأمثال ذلك حتى يستحيل بل كان من قبيل شرط النتيجة وقد قرر في محله صحة هذا الشرط اذا كان من ذوات الاسباب.

وأما دعوى كونه مخالفا للكتاب والسنة فمدفوعة بأن وجوب الوفاء الذى يترآى كونه مناقضا لشرط الخيار انما هو من مقتضيات اطلاق العقد لامن مقتضيات طبيعته، فلا مناقضة من حيث ذاته فلا محذور كيف والبيع الخيارى وارد في الشرع كثيرا، فالحكم قابل للتغير بالطوارى والعوارض فلا اشكال في صحة الشرط المذكور.

فان قلت: بناء على ماذكر، اذا انعقد عقد بلا شرط أثر اللزوم كذلك لانه مقتضى الاطلاق حسب الفرض، فليس قابلا للزوال بعد الاستقرار، وهذا ينافى ما قرر في محله من جواز العقد بعد كونه لازما بسبب اشتراط الخيار فيه في ضمن عقد آخر بعد ذلك.

وايضا ذلك انعقد جائزا بسبب اشتراط الخيار فيه ثم اسقطه صاحب الخيار، فما الذى يصير بسببا للزومه بسبب الاسقاط بعد زوال الاطلاق بسبب الاشتراط.

على أن الاطلاق عبارة عن تجرد العقد عن التقييد وهذا أمر عدمى فكيف يسند اليه الامر الوجودى أعنى اللزوم.

١٢٤

قلت: محصل ماذكرنا أن العقد مع قطع النظر عن طرو الطوارى من اشتراط الخيار في ضمن عقد آخر أو اسقاطه بعد العقد محكوم باللزوم شرعا تعبدا ان كان مطلقا فمطلقا وان كان مقيدا فبالنسبة إلى غير جهة العقد. فعلى هذا اندفعت الاشكالات باجمعها.

فظهر مما ذكرنا أن اشتراط الخيار على وفق القاعدة وطبقها، والاخبار الخاصة كاشفة عنه لكن خرج عنها مثل اشتراط الخيار في النكاح والطلاق.

لا أنه على خلاف القاعدة والاخبار الخاصة مخصصة لمادل على عدم صحة الشرط المخالف للكتاب والسنة.

مع أن سياق أدلة عدم صحة الشرط المخالف لهما آب عن التخصيص كما هو غير خفى على الوفى، اذ مفاد تلك الاخبار نفى كون صحة الشروط المخالفة للكتاب منهمعليهم‌السلام مطلقا لا انه بالنسبة إلى بعض أفرادها دون بعض كما هو مقتضى القول بالتخصيص.

شرط صحة خيار الشرط

يشترط في صحة هذا الخيار تعيين مدته، فلو اشترطاه إلى مدة مجهولة بان قالوا إلى قدوم الحاج مثلا بطل وبطلت المعاملة ايضا لسراية الغرر اليها، ولا اعتبار بمسامحة العرف احيانا لعدم رضا الشارع بذلك قطعا.

وهذا مراد من قال: " ان دائرة الغرر في الشرع أضيق من دائرته في العرف "(١) .

_____________________

(١) كما عن الشيخ الاكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

١٢٥

وقد يقال بناء على هذا كان الانسب أن يقال ان الغرر في الشرع أوسع دائرة لاأضيق.

أقول: أن مراده أن الشارع انما ضيق على الناس بسده باب بعض المسامحات العرفية عليهم.

استدل صاحب الجواهر على لزوم تعيين المدة بأن اشتراط المدة المجهولة مخالف للكتاب والسنة لانه غرر.

قال في المكاسب في مقام رده: وفيه أن كون البيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب والسنة غير كون نفس المشروط مخالفا للكتاب والسنة، ففى الثانى يفسد الشرط ويتبعه البيع وفي الاول يفسد البيع فيلغوا الشرط.

ثم قال: اللهم الا أن يرادان نفس الالزام بخيار في مدة مجهولة غرر وان لم يكن بيعا فيشمله دليل نفى الغرر ونهيه فيكون مخالفا للكتاب والسنة انتهى(١) .

أقول: لايخفى مافيه من عدم المناسبة والربط، اذلم يقل احدان كون البيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب والسنة عين كون نفس المشروط مخالفا لهما، حتى يجاب عنه بأنه غيره لاعينه.

نعم الجواب المناسب والدفع اللايق ما أفادهقدس‌سره بقوله: اللهم الا أن يراد ان نفس الالزام بخيار الخ اذكما ورد من النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن البيع الغررى(٢) كذلك ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا

_____________________

(١) المتاجر، ص ٢٢٨.

(٢) الوسائل، الباب - ٤٠ - من ابواب آداب التجارة الحديث ٣.

١٢٦

أنه نهى عن الغرر(١) ، من دون تقييده بلفظ البيع، فحينئذ يسرى غرر الشرط إلى المشروط فيبطل أيضا.

ولكن هذا الجواب لايحتاج إلى التعبير والاستمداد بلفظ اللهم في المقام.

ثم انه لافرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد او منفصلا عنه، فلو شرط الخيار لغد مثلا أو يوما ويومالا، لصح لعموم ادلة الشروط.

هل يشترط تعيين مدة الخيار في الصلح؟

وهل يشترط تعيين مدة الخيار في الصلح أولا، قد قيل نعم لاطلاق ماورد من أنه نهى عن الغرر.

وفيه ان غايه ما سلمنا منه هو ورود النهى عن البيع الغررى مع كون ضعف سنده منجبرا بعمل الاصحاب، واما وروده عن مطلق الغرر فليس بمسلم، واما ثبوت تعينها في غير البيع من العقود اللازمة كالاجارة وغيرها فبالاجماع، ولايعلم استناده إلى هذا الاطلاق كى يشكل الامر هنا أيضا.

على ان اغتفار الجهل في المصالح عنه والمصالح به مثل قول احد الشريكين لللاخر لك ما عند ولى ما عندى مع عدم علمها بمقدار ما عندهما على ماثبت في محله يوجب اغتفاره في الشرط بطريق اولى من اجل كونهما من مقومات العقد دونه.

ثم هل يسرى فساد الشرط بسبب الجهل في المدة إلى المشروط اولا قيل نعم ولو لم نقل به في غيره من الشروط الفاسدة.

_____________________

(١) سنن البيهقى ج ١ ص ٣٣٨.

١٢٧

اما اولا فمن جهة ان التراضى لم يقع الامع الشرط.

واما ثانيا فمن جهة سراية إلى العوضين في المعاملة.

اقول: اما مسألة التراضى فهى مشتركة الورود بين هذا الشرط وغيره من الشروط، فلا مجال لاختصاصه به، واما مسألة السراية فلانسلم دخل هذا الشرط في المقابلة بين العوضين في المعاملة حتى يسرى جهله اليهما، غاية الامر ان فقده يوجب الخيار.

جعل الخيار للاجنبى

لا اشكال في صحة جعل الخيار للاجنبى منفردا، او مع المتبايعين، او مع احدهما، ولاريب ايضا في صحة جعله على سبب التحكيم والولاية وعلى سبيل الوكالة لعموم " المؤمنون عند شروطهم " بل الظاهر من الجعل هو الاول.

وتظهر الثمرة في سقوط الخيار باسقاط الجاعل او بتصرفه في المبيع وفي انعزاله بعزله فانه اذا كان على سبيل الوكالة يكون له عزله وتفويت محلها بالاسقاط والتصرف وغير ذلك من المسقطات بخلاف ما اذا كان على سبيل الولاية فانه ليس له شئ مما ذكر لتفويض امر العقد اليه.

ولايخفى انه ليس من هذا القبيل سائر الموارد كجعل الحاكم غيره قيما على صغار او مأذونا ليتصرف في الموقوفة مثلا لانه من قبيل الوكالة ليس غير، لقصور ادلة النيابة عن كون المجتهد مختارا حتى في اعطاء المنصب اعنى الولاية بل قيل انه ليس للامامعليه‌السلام ايضا بل هو مختص بالله جل ذكره وعظم شأنه، فبناء على هذا لو مات الحاكم فلايجوز لمن اوكل اليه الامر التصرف فيه لارتفاع الاذن بالموت قطعا.

١٢٨

بيع الخيار

من أفراد خيار الشرط ما يضاف اليه البيع بأن يقال: " بيع الخيار " وهو ان يبيع شيئا ويشترط الخيار لنفسه مدة معينة كشهر وشهرين مثلا بأن يرد الثمن فيها ويسترد المبيع.

والذى يمكن أن يستدل به للمقام مضافا إلى الاجماع، النصوص المستفيضة: منها: موثقة اسحاق بن عمار قال: حدثنى من سمع اباعبداللهعليه‌السلام قال سأله رجل وأنا عنده فقال لهعليه‌السلام : رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فمشى إلى اخيه فقال له: أبيعك دارى هذه و تكون لك احب إلى من أن تكون لغيرك، على أن تشترط لى انى اذا جئتك بثمنها إلى سنة تردها على، قال لاباس بهذا ان جاء بثمنها ردها عليه قلت: ارايت لوكان للدار غلة لمن تكون الغلة؟ فقالعليه‌السلام : الغلة للمشترى الاترى انه لو احترقت كانت من ماله "(١) .

وغيرها من امثالها(٢) .

_____________________

(١) الوسائل الباب - ٨ - من ابواب الخيار، الحديث ١، مع تفاوت قليل.

(٢) راجع الوسائل، الباب - ٧ و ٨ - من ابواب الخيار.

١٢٩

ثم هل هذا الشرط على طبق القاعدة كى يشمله عموم " المؤمنون عند شروطهم " فيعتدى حينئذ عن مورد النصوص إلى غيره بان شرط البايع ان جئت بعض الثمن في مدة كذا أن استرد بعض المبيع من النصف أو الثلث أو الربع مثلا، أو شرط المشترى أنه ان جئت بالمبيع في مدة كذا أو بعضه كذلك ان ترد إلى الثمن أو بعضه. او ليس كذلك فلايعتدى إلى غيره.

قد يقال بالثانى اذكما أن تعليق نفس العقد مفسد له كذلك مفسد للشرط فيسرى فساده إلى العقد، ولان مدة هذا الخيار ليست بمظبوطة كى يكون ابتداء الخيار منها والحال أنه يشترط أن يكون مدة الخيار، مضبوطة.

ولو سلمنا انظباط المدة بجعل الرد قيدا للفسخ بأن يكون له خيار في كل جزء من المدة المعينة، ويكون التسلط على الفسخ متوقفا على الرد، ولكن توقف التسلط على الفسخ على الرد ينافى الخيار ويناقضه لكونخه عبارة عن السلطنة على الفسخ والامضاء.

لكن نقول: اما الجواب عن التعليق فلانسلم كونه مفسدا مالم يقم اجماع على الافساد كما في الطلاق ومالم يتعلق بنفس الانشاء بل تعلق ببعض متعلقات المنشأ كما في المقام فحينئذ لافساد في البين فضلا من سرايته إلى العقد. نعم لوكان متعلقا بنفس الانشاء يكون موجبا للافساد لاستلزامه المناقضة بينه وبين فعلية تحقق المنشأ بالانشاء.

١٣٠

وأما عن عدم انضباط المدة فنقول: لاضرر فيه الا من جهة الغرر في المقام أصلا لكون منشأ الخيار بيده بحيث كان له احداثه في أى جزء شاء منها.

ومن هنا يظهر اندفاع الاشكال بالمناقضة، اذالخيار انما يحدث من حين الرد بالرد لامن حين العقد كى يشكل الامر.

ثم ان ملاحظة رد الثمن في هذا الخيار كما في المكاسب(١) ايضا يتعقل بانحاء.

منها: ما يؤخذ قيدا للخيار على وجه التعليق والتوقيت وعلى وجه الظرفية فلايكون له خيار قبله.

ومنها: ما يؤخذ قيدا للفسخ فحينئذ يكون له خيار في كل جزء من المدة المضروبة والتسلط على الفسخ فيجوز له اسقاطه قبل الرد او مصالحته او غير ذلك من التصرفات بخلاف النحو الاول.

ومنها: ان يكون رد الثمن فسخا فعليا بأن يملك البايع الثمن به كى يتملك منه المبيع.

ومنها: أن يكون الرد سبب لانفساخ العقد قهرا فيكون مرجع ثبوت الخيار إلى كون ذى الخيار مسلطا على سبب الانفساخ لا على مباشرة الفسخ.

ومنها ان يكون شرطا لوجوب الاقالة على المشترى بان أن يقيل مع البايع لوجائه بالثمن في وقت كذا. ثم ان الوجه الثانى من الوجوه المذكورة لما كان

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣٠.

١٣١

والمختار وأنه هو ظاهر الاصحاب والمتداول بين الناس ينبغى أن يصار اليه من بينها ويكون معناه ثبوت السلطنة له من حين العقد لكن اعمال تلك السلطنة مقيد برد الثمن، كما أنه لو قيد بقيد آخر بأن كان في المسجد أو عند الفقيه أو العدول يكون حكمه أيضا كذلك.

وبعبارة اخرى بعد تسليم ما ذكر فيه من التناقض في ظاهره انه يمكن توجيه هذا الوجه بوجه يمكن القول بصحته في المقام.

وهو أن نقول: ان اشتراط الخيار لنفسه تارة يكون بان يجعل لها سلطنة مطلقة وله حينئذ الفسخ قبل رد الثمن كما هو قضية الاطلاق وهو أوضح واخرى بان يجعل لها سلطنة محدودة بأن يقول: أبيعك دارى على أن يكون لى الخيار على الفسخ عند رد الثمن، والخيار كما مر فيما سبق عبارة عن ملك اقرار العقد و ازالته فحينئذ يكون له التسلط على الفسخ من حين العقد حتى قبل رد الثمن لكن فسخه حين رده فيجوز له حينئذ اسقاطه ومصالحته بشئ آخر كما مر آنفا.

وعلى هذا المعنى يحمل صحة هذا الاشتراط في معاملة الناس وفي أقوال الفقهاء لا أن معناه جعل نفس السلطنة مقيدة بالرد كى يرد الاشكال بالتناقض الذى نبهنا عليه آنفا.

الثمن المشروط ردّه

لثمن المشروط رده اما ان يكون كليا في الذمة، واما أن يكون وعلى كل تقدير اما أن يكون مقبوضا أولم يكن كذلك يقبضه هل كان للبايع خيار في تلك الحال اولا.

١٣٢

احتمل الشيخقدس‌سره في المكاسب(١) فيه عدم خياره بناء على ان اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله، فاذا انتفى الشرط - أعنى الرد الذى لازمه اشتراط القبض قبله - انتفى مشروطه وهو الخيار لكن الاقوى ثبوت الخيار له في هذا الفرض ايضا اذالغرض من رد الثمن ليس الا ايصاله إلى مالكه كما هو كذلك في كل مقام فاذا فرض كونه في ملك مالكه يحصل الغرض المطلوب من الرد.

وبعبارة اخرى أن الرد لم يعتبر فيه موضوعية بل هو من باب الطريقية للايصال.

ولو شرط البايع الخيار عند رد يعم بدل الثمن ولو تمكن من رد عينه، فهل له رد الثمن مع تمكنه من عينه اولا.

قال الشيخقدس‌سره (٢) : فيه اشكال من جهة اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العين مع الامكان.

لكن الاقوى عدم الاشكال في ثبوت الخيار وصحة الفسخ عند رد البدل ولو كان متمكنا من رد العين، وذلك لان الفرض ان هذا الشرط سائغ في الشرع وليس مخالفا للكتاب والسنة كى يمنع من اجله، فاذا كان كذلك يكون سببا لجواز رده مع وجود عينه، كما أن في صورة التلف كان التلف ايضا سببا لذلك بلااشكال.

والاشكال في المقام من حيث اقتضاء الفسخ شرعا بل مدفوع بانه كذلك في غير مورد خيار اشتراط رد البدل

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣٠

(٢) المتاجر ص ٢٣٠.

١٣٣

فليس كذلك: اذ هو بنفس الرد يكون عوضا عن عينه كما هو واضح ومما ذكرنا يظهر حكم رد المثل في القيمى والقيمة في المثلى ايضا اذا اشترطا ذلك حين المعاملة.

مسألة

لاريب في انه لايكفى مجرد الرد في الفسخ على الوجهين الاولين من الوجوه الخمسة السابقة(١) لتاخر تحققه ونفوذه عن الرد، وكذا لايكفى على الوجه الاخير لعدم سلطنته على الفسخ مطلقا: كما لاريب في حصول الفسخ او الانفساخ على الوجهين الاوسطين ومن هنا ظهر ان عدم كفاية الرد في الفسخ انما يكون لاجل عدم السلطنة لالاجل عدم دلالته عليه لانه لو فرض الدلالة عرفا اما بان يفهم منه كونه تمليكا للثمن للمشترى فيتملك منه المبيع على وجه المعاطات، واما بان يدل الرد بنفسه على الرضا بكون المبيع ملكا له والثمن ملكا للمشترى، فلاوجه لعدم كفاية مجرد الرد.

على ان هذا القول من غرائب الكلام وعجائبه، اذليس المقام من قبيل المعاوضة الجديدة حتى يرد انه على وجه المعاطاة او الرضا بكون المبيع ملكا له والثمن ملكا للمشترى، بل كان من قبيل حل العقد او الانفساخ او الاقالة.

ظهر ايضا عدم منافاة بين ذهاب الاصحاب إلى تحقق الفسخ من الرد كالاشارة وتعريض كل منهما ما في يده للبيع وبين ذهابهم إلى عدم كفاية الرد فيه في المقام، لاعتبار ان السلطنة محدودة هنا بخلافها هناك.

_____________________

(١) صفحه ١٤٥

١٣٤

فرع

يسقط هذا الخيار بالاسقاط بعد العقد على الوجه الثانى والثالث(١) بل على الوجه الاول ايضا بناء على ان تحقق المقتضى وهو العقد كاف في صحة اسقاط الحق، بل وعلى الوجهين الاخيرين، لكن لا بعنوان اسقاط الخيار بل بعنوان حق الشرط، فلا ينفسخ بالرد ولايجب الاقالة بالرد.

حكم تلف المبيع والثمن ونمائهما

لاريب في انه لوتلف المبيع يكون من المشترى، سواء‌ا " كان قبل الرد او بعده وكان نمائه له ايضا مطلقا، سواء‌ا " تلف ام لا.

اما على الوجه الاول وفرض كونه بعد الرد فلقاعدة " التلف في زمان الخيار ممن لاخيار " له الحاكمة على القاعدة الاولية وهى ان كل مال تلف تحت يد مالكه فهو من ماله.

وان فرض قبله فلمقتضى القاعدة الاولية السليمة عن الحاكمة بل لمقتضى الحاكمة ايضا، لان مدرك ضمان من لاخيار له لمال صاحبه هو تزلزل البيع سواء كان بسبب خيار متصل او منفصل.

واما على الوجوه الباقية، فان كان قبل الرد فللقاعدة الحاكمة وان كان بعده فلضمان اليد.

ولو تلف الثمن فالظاهر انه من المشترى ايضا، اما بعد الرد وقبل الفسخ فلشمول القاعدة الاولية المحكومة، للثمن ايضا.

_____________________

(١) من الوجوه الخمسة السابقة

١٣٥

قال الشيخ الانصارى اعلى الله مقامه في مكاسبه(١) : " ويدعى اختصاصها بالمبيع كما ذكره بعض المعاصرين واستظهره من رواية معاوية بن ميسرة "(٢) ثم قال: " ولم اعرف وجه الاستظهار - اذ ليس فيها الا ان نماء الثمن للبايع وتلف المبيع من المشترى وهما اجماعيان حتى في مورد كون التلف ممن لاخيار له، فلاحاجة لهما إلى تلك الرواية، ولا تكون الرواية مخالفة للقاعدة.

وانما المخالف لها كون التلف في زمان الخيار ممن لاخيار له وكون النماء للمالك اى نماء الثمن للبايع فيما نحن فيه لا للضامن "(٣) ولكن يمكن ان يقال في وجه الاستظهار ان اطلاق المال في قول المشترى في تلك الرواية(٤) : " انك ان أتيتنى بمال ما بين ثلاث سنين فالدار دارك " يشمل للبدل بعد التلف، اذالمدار في هذا الخيار على تلف الثمن من البايع وعلى هذا يكون تلف الثمن من البايع فيرد البدل ويسترجع المبيع لانه لوكان التلف من المشترى، انفسخ البيع بمجرد التلف باعترافهقدس‌سره .

وأما قبل الرد فهو من المشترى أيضا ولامجال حينئذ للقول بانه من البايع بناء على الوجه الاول من الوجوه الخمسة المتقدمة لعدم ثبوت الخيار قبل الرد، لمامر من ان دليل ضمان من لاخيار له مال صاحبه، هو تزلزل البيع سواء‌ا كان بخيار متصل أم منفصل وهو حاصل

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣١

(٢) الوسائل، الباب - ٨ - من ابواب الخيار، الحديث ٣

(٣) عبارة الشيخقدس‌سره هكذا: وانما المخالف لها هى قاعدة ان الخراج بالضمان اذا انضمت إلى الاجماع على كون النماء للمالك.

(٤) اى رواية معاوية بن ميسرة التى مر مصدره آنفا.

١٣٦

في المقام.

على ان لنا منع المبنى كما علم في ماسبق من ثبوت الخيار من حين العقد لابالرد فتأمل.

(١) هل يصح اشتراط الخيار في غير البيع.

قد ظهر فيما سبق صحة اشتراط الخيار في البيع اما بمقتضى الدليل العام واما بمقتضى الدليل الخاص.

واما في غيره هل يصح اشتراطه مطلقا عقدا كان او ايقاعا الا ماخرج بالدليل الخاص كالنكاح والطلاق والابراء والعقود الجائزة ام يمنع اشتراطه كذلك الا ما ثبت بالدليل ككثير من العقود اللازمة مثل الاجارة والصلح والمزاراعة والمساقات.

وجهان بل قولان.

يمكن التمسك للمنع بما اشرنا اليه السابق في طى بعض الكلمات وحاصله: ان دليل الشرط مثل دليل النذر والعهد واليمين ملزم لامشرع، ومعناه انه يجب ان يكون متعلق الشرط كمتعلقها من الامور السائغة الجائزة قبل تعلقه عليه والا فلو كان جوازه مستفادا بنفس دليل الشرط يلزم ان يكون مشرعا لاملزما.

نعم لوعلمنا من دليل خاص او اجماع تطرق الجواز اليه وكونه من الامور السائغة تلتزم به فيه كما في الموارد التى علم من اجماع او دليل

_____________________

(١) لعل وجه التامل وغايته الاشارة إلى ان مقتضى هذا المنع هو الخروج عن محل النزاع والبحث وهو واضح منه ره

١٣٧

آخر صحة الاقالة فيها، فانا نستكشف من صحتها فيها أنه كان من الامور السائغة عند الشرع، ويصح حينئذ شرط الخيار فيه.

لا لان الاقالة فسخ، بل لانها كاشفة عن جواز هدم العقد بالفسخ والا فلا.

وقد يتمسك لامكان احراز الجواز في المشكوك بالاصل. تارة بأن يقال: ان الاصل عدم وجود الشرط المخالف للكتاب والسنة من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع أى وان كان ذلك قبل تحققه ووجوده.

واخرى بان يقال: ان الاصل عدم جعل الشارع الحكم المترتب على العقد من اللزوم من ذاتياته، بل هو من مقتضيات اطلاقه. وهذا أيضا من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع. فلايرد انه ليس للشرط وجود اتصف بعدم المخالفة، في السابق حتى يستصحب. وكذا مسألة جعل الحكم، ليس له سابق ايضا فيستصحب. لكن فيه أن هذا الاصل على أى تقدير يكون مثبتا ان كان المراد منه ربط السلب إلى الشرط المبحوث عنه والعقد. وغير مفيد ان كان المراد سلب الربط على مامر تفصيل ذلك في بعض الكلمات.(١)

_____________________

(١) وان شئت قلت: ان كان المراد اثبات ان الشرط المأخوذ في العقد، ليس مخالفا للكتاب والسنة على نحو مفاد ليس الناقصة، فذاك مما ليست له حالة سابقة، اذ لم يكن بهذا الشرط في زمن من الازمنة وجود *

١٣٨

هذا تمام البحث في خيار الشرط.

متصف بعدم المخالفة بل كان من اول زمن وجوده مشكوكا في الموافة والمخالفة وان كان المراد نفى وجود شرط مخالف لكتاب والسنة في البين على نحو ليس التامة بحيث يصح هذا السلب مع عدم وجود لهذا الشرط في عالم الاعتبار والتشريع فهذا وان كانت له حالة سابقة، الا انه لايثبت ان الشرط المنازع فيه، ليس مخالفا مهمأ الاعلى القول بالاصل المثبت فتدبر.

١٣٩

الرابع خيار الغبن

ومن جملة الخيارات خيار الغبن.

وهو في اللغة الخديعة وهو مستلزم للجهل، اذ قد لايتحقق الخدعة بهذا المعنى ولاكون الشخص مخدوعا الا أن يكون مع الجهل.

وفي اصطلاح الفقهاء مبادلة مال بأزيد من ثمنه المثلى، لكن لما كان هذه المعاملة الكذائية غالبا تصدر على وجه الخدع فلذا اعتبروا فيه قيد " مع جهل الاخر " والا فقد لايكون في البين خدع اصلا كما اذا كان كلاهما جاهلين بالقيمة السوقية.

فظهر أنه في اصطلاحهم من حيث المعنى اعم منه في اصطلاح اللغويين.

ومن هذا القبيل قوله تبارك وتعالى وجل شانه: " يخادعون الله وهو خادعهم "(١) اذالجهل بالنسبة اليه تعالى غير معقول وكذا أمثاله مما ينسب اليه مادة الخدع، والمقصود من خدعه جل ذكره توصيفه بافعال وامور يشبه صدورها منه في الظاهر بصدور أفعال الخادعين، لا ان فيه خدعا حقيقتا تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وان شئت

_____________________

(١) سورة النساء: ١٤٢

١٤٠