نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 57512
تحميل: 3007

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57512 / تحميل: 3007
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

جارا له، بل ربما يوجد عالم ذوفتوى ولكن لايكون له تأليف ولارسالة عملية وغير ذلك من المبعدات.

الدليل السابع: ثبوت الخيار على وفق القاعدة ويمكن الاستدلال لما نحن فيه بوجه آخر غير تلك الوجوه المذكورة وهو ان نقول: ان ثبوت الخيار للمغبون انما كان على طبق القاعدة.

وتقرير ذلك ان العقد المفروض قد وقع مقيدا بان المبيع مساو للثمن الفلانى وكل عقد مبنى على قيد، يوجب تخلفه الخيار.

اما الصغرى فظاهر لانه لو علم عدم كونه مساويا له لما يرضى بالعقد على الفرض ومعلوم انه لافرق بين القيد اللفظى والقيد المفهومى الذى يستفاد من قرينة الحال او المقال، لكونه قيدا حقيقتا كما لايخفى.

واما الكبرى فكذلك أيضا اذالقيد فيما نحن فيه كغيره قيد للزوم العقد، لانفس المعاملة، والا يوجب تخلفه بطلانها.

ويدل على ذلك ايضا ما افاده الشهيدقدس‌سره في اللمعة من قوله: " لايجب على المشترط عليه فعله وانما فائدته اى فائدة الشرط جعل البيع عرضة للزوال عند عدم سلامة الشرط وقلب العقد اللازم جائزا "(١) وحاصله كما ترى ايجاب الخيار عند مخالفة الشرط لا البطلان من رأس.

نعم يرد على ماذكرهقدس‌سره من عدم وجوب الوفاء بالشرط،

_____________________

(١) شرح اللمعة ج ١ ص ٣٨٥ طبع عبدالرحيم

١٦١

انه مخالف لجميع ادلة الشروط لكونها ظاهرة في وجوب الوفاء بالشرط.

ويمكن التمسك فيما ادعيناه أيضا بماورد من خيار الرؤية من صحيحة جميل بن دراج.

" قال: سألت اباعبداللهعليه‌السلام عن رجل اشترى ضيعة وقد كان يدخلها ويخرج منها، فلما ان نقد المال صار إلى الضيعة فقبلها ثم رجع، فقال ابوعبداللهعليه‌السلام : انه لو قلب منها ونظر إلى تسعة وتسعين قطعة ثم بقى منها قطعة ولم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية(١) فانها بعد حملها على صورة يصح معه البيع، او بان يدل مارآه من القطعات على مالم يره، تدل على أن فقدان الوصف يوجب قلب اللازم جائزا.

وهذه الرواية وان وردت في خيار الرؤية كما عرفت الا ان الملاك وهو فقدان الوصف وتخلفه في كلا المقامين واحد، والمورد لايكون مخصصا كما هو مقرر في محله.

الشرط في ثبوت خيار الغبن

ثم انه يشترط في ثبوت هذا الخيار امران.

الاول: اعتبار الجهالة بالقيمة السوقية الواقعية في طرف المغبون.

الثانى: كون التفاوت فاحشا ومما لايتسامح به، فلو اشترى بثمن ازيد من قيمته السوقية مع كونها عالما بالزيادة التى لايتسامح بها عادة فلا خيار له.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ١٥ - من أبواب الخيار، الحديث ١.

١٦٢

وكذا لو اشترى كذلك لكن كان التفاوت مما يتسامح به عادة وان كان حين الشراء جاهلا فلا خيار ايضا.

اما هنا فلما فيه من المسامحة العرفية.

واما هناك فلا قدامه على غبنه وضرره.

وهل هذان الامران قيدان للموضوع اعنى تحقق الغبن وحصوله، او قيدان للحكم بالخيار، او التفصيل بان الاول قيد للاول والثانى قيد للثانى وجوه: اما الوجه الاول فلعدم صدق الخديعة مع العلم بالغبن ولصحة سلب الغبن عما اذا كان التفاوت مما يتسامح به.

وأما الوجه الثانى فلصدق الغبن مع العلم بالزيادة ولو لم يكن خديعة في البين، ولان الناس انما يما كسون فيما يتسامح فيه ايضا فموضوع الغبن حينئذ موجود متحقق لكن الحكم بالخيار يتوقف على الامرين المذكورين.

واما وجه الثالث فيظهر من الوجهين السابقين عليه من دون حاجة إلى ذكره على حدة.

لكن خير الوجوه اوسطها.

اذ ثبوت الغبن ليس متوقفا على وجود الخديعة ودائرا مدارها اذ قد يثبت الغبن بدون الخديعة ايضا كما اذا كان المتبايعان جاهلين معا كما مرت اليه الاشارة في اول هذا الخيار ولانسلم صحة سلب الغبن عما كان التفاوت مما يتسامح فيه لما مر من الوجه.

هنا

مسائل اربعة: الاولى:

١٦٣

لو اقدم على غبن يتسامح فيه فبان مما لايتسامح فيه من مجموع ما اقدم فيه من المعلوم وغيره، كما اذا اشترى شيئا على انه يسوى بخمسة دراهم في الواقع بخمسة دراهم ونصف فظهر انه يسوى في الواقع باربعة دراهم ونصف مثلا، فالزائد المعلوم وهو نصف درهم وان كان المفروض انه مما يتسامح فيه عرفا لكنه مع النصف الاخر المجهول مما لايتسامح فيه على الفرض، فعلى هذا يثبت له الخيار لانه انما اقدم على ما يتسامح فيه بشرط لا، فقد تبين انه بشرط شئ.

وكذا لو اقدم على ما لايتسامح فبان انه ازيد مما لايتسامح فيه منفردا وكان مثله في عدم التسامح.

اما ثبوت الخيار هنا فلانه انما رضى واقدم بالنسبة إلى المرتبه الاولى مما لايتسامح فيه بشرط عدم وصوله إلى المرتبة الاخرى من الثانية والثالثة او غيرذلك.

نعم لو كان الزائد في تلك الصورة مما يتسامح فيه فلايكون له حينئذ خيار لان الزيادة فيها داخلة في المرتبة الاولى مما لايتسامح فيه التى أقدم عليها مع عدم كونها واصلة إلى مرتبة ثانية منه وهو واضح ثم اعلم ان المعتبر في تحقق القيمة ملاحظة حال العقد، فلو زادت

١٦٤

بعده وأن كان ذلك قبل اطلاع المغبون بالنقصان في زمان العقد لاتكون مجدية لثبوت الخيار لما مر سابقا من ان الملاك والمناط في ثبوته هو قاعدة تخلف الشرط الضمنى وهو غير حاصل.

كما انه لو نقصت بعده لايكون موجبا لثبوته ايضا.

وكذا لو قلنا بأن المدرك فيه هو التعبد اما من جهة الاخبار او الاجماع.

نعم لوقلنا ان المدرك في ثبوته قاعدة " الضرر " بمعنى ان الخيار يثبت بثبوت الضرر ويسقط بزواله، - لاانه كاشفا عن عدمه من اول الامر لعدم صدق السقوط حينئذ - كان لسقوطه وجه، لكن قد عرفت الاشكال فيها سابقا.

واعلم أن الشيخقدس‌سره قال في المكاسب في بيان الامر الثانى أعنى كون التفاوت فاحشا: " الواحد بل أثنان في العشرين لايوجب الغبن وحده عندنا كما في التذكرة ما لايتغابن الناس بمثله "(١) أقول: ان الناس لايتغابنون بما يتسامح في مقام المعاملة بل بأدنى تفاوت ايضا ولعل ما ذكره العلامة اعلى الله مقامه فيها من الحد هو المعيار في مقام الرد دون المعاملة، حيث ان الناس لايردون بما يتسامح فيه من الزيادة في ذلك المقام فقط كما لايخفى.

المسألة الثانية

لو ادعى المغبون الجهل بالقيمة عند الشراء وادعى البايع علمه بها عنده وأنه اقدم على ما وقع عليه العقد وهما متفقان في الزيادة،

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣٦.

١٦٥

فهل يسمع دعواه الجهل بالقيمة مطلقا من دون مطالبة بينة ويمين لاصالة عدم العلم، او لانه لايعلم الا من قبله او يسمع مع اليمين، او يسمع مع البينة وان عجز عن اقامتها يتوقف الدعوى فيرجع إلى ما هو مقتضى الاصل في تلك المسألة تلك الدعوى، او يسمع معها وان عجز عنها فمع اليمين، وجوه.

قد يقال بالاول بالقاعدة المعمول بها عند الفقهاء في مقامات كثيرة من ان كل ما لايمكن العلم به الامن قبل صاحبه يقبل قوله فيه مثل قول المرأة بانقضاء عدتها وعادتها في صحة الطلاق والفراق، وقول معطى النفقة للصغير بعدم كونها مجانا، وقول محتكر الطعام بأنه قوت عياله واولاده وغيرها من امثالها ونظائرها، فأن الجهل ايضا مما لايعلم الامن قبل مدعيه فيقبل قوله من دون مطالبة الشئ منه من البينة واليمين اصلا.

واما الوجه في الثانى فهو انه منكر لعلمه بزيادة القيمة عند العقد، وان قوله موافق للاصل اذا لاصل عدم كونه عالما بها حينه، فيطالب حينئذ باليمين لان فصل الخصومة لابد ان يكون بأحدى الموازين الشرعية من الاتيان بالبينة او اليمين اوردها او الرجوع والنكول وغيرها.

واما الوجه في الثالث فانه بدعواه الجهل يكون مدعيا وان مايتميز به المدعى والمنكر - هو تعبيرهم عن المدعى بانه لو ترك ترك اى لوترك خصوص الدعوى الشخصية لترك في هذه الدعوى الشخصية - صادق عليه في المقام، اذلو ترك مدعى الجهل دعواه هذه لترك فيها.

واما الوجه في الرابع ولعله الذى اختاره الشيخ الانصارى أعلى الله

١٦٦

مقامه فهو جمعهرحمه‌الله بين وظيفتى المدعى والمنكر في قوله: " ان الجهل انما يثبت باعتراف الغابن، وبالبينة ان تحققت، وبقول مدعيه مع اليمين لاصالة عدم العلم الحاكمة على اصالة اللزوم..

ولايمكن للغابن الحلف على علمه لجهله بالحال فتأمل "(١) فان قولهرحمه‌الله بالبينة ان تحققت وبقول مدعيه اذا ادعى الجهل او الغبن، يفيد، ان المغبون في نظره مدع ولذا اطلق عليه هذا اللفظ ومايجب عليه في اثبات الدعوى هو اقامة البينة.

وانه منكر لانه الذى وافق قوله للاصل وهو عدم علمه بها كما هو ميزان معرفة المنكر عن غيره.

ولايخفى عليك ما في عبارة الشيخ في هذا المقام من عدم معلومية المراد وعدم تنقيحه من ان ايهما من الغابن والمغبون مدع وان ايهما منكر.

فان تعبيرهقدس‌سره بأن الجهل انما يثبت باعتراف الغابن وبالبينة ان تحققت، يعلم منه ان المدعى هو المغبون والا لما يحتاج إلى البينة فيكون الغابن على هذا منكرا.

وبانه يثبت بقول مدعيه مع اليمين لاصالة عدم العلم الحاكمة على اصالة اللزوم، يعلم منه انه منكر والا فلامعنى لاعتبار اليمين واعتبار موافقة قوله للاصل، لمامر من انه ميزان لمعرفة المنكر، فعلى هذا يكون الغابن مدعيا عكس الاول.

وبقوله ولايمكن للغابن الحلف على علمه لجهله بالحال إلى علم المغبون، يعلم منه انه منكر مثل الاول.

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣٦.

١٦٧

وبالجملة انه بعد ذلك كله لايعلم انه مدع في ما نحن فيه او منكر كما لايخفى.

ولكن نقول: ان معنى المدعى والمنكر مثل معانى سائر الالفاظ كالقيام والعقود والذهاب والرجوع وغيرها في كونها من المعانى العرفية وليس لهما حقيقة شرعية او متشرعة كما هو واضح.

لكن الاصحاب كثر الله امثالهم قد جعلوا الكل واحد منهما ضابطة وقالوا كما عرفت آنفا ان المدعى من كان اذا ترك ترك، وكان ايضا قوله مخالفا للاصل او الظاهر، والمنكر من كان اذا ترك لايترك، و كان قوله موافقا للاصل او الظاهر، وغير ذلك من الموازين المقررة لهما في محله.

اذا علم ذلك فينبغى ان يعلم ايضا ان المراد من الاصل المذكور هنا ليس هو الاصول العامة من اصل البرائة واصل العدم، بل المراد هو الاصل المقرر في المسألة قبل ملاحظة الترافع والتداعى ومع قطع النظر عنه، وهو قد يكون اصالة الصحة وقد يكون اصالة اللزوم وقد يكون اصالة البرائة او الاشتغال او الاستصحاب كما لايخفى.

نعم قد يتحقق في ضمن الاصول العامة بل الغالب يكون كذلك وذلك لايوجب كونه عبارة عنها كما توهمه بعض، بل هى احدى مصاديقه.

ومما ذكرنا يظهر حال ما نحن فيه فان من يدعى الجهل اعنى المغبون هو مدع اذ هو الذى لو ترك الدعوى ترك فيها، وان قوله مخالف للاصل المقرر في المسألة فان الاصل فيها هو اصالة اللزوم و

١٦٨

مقتضى قوله دعوى ثبوت الخيار لنفسه بسبب جهله وهو مناف له، و ان الظاهر كونه عالما بزيادة القيمة حين العقد.

وان من يدعى علمه بالحال من صاحبه هو منكر، لان قوله موافق للاصل المذكور وهو اصالة اللزوم اى لزم العقد وان الاصل برائة ذمته عما يدعى عليه، وانه لو ترك دعواه (وهو علم مدعيه بالحال) لم يترك بل يؤخذ منه.

فحينئذ كان اللازم على المغبون اقامة البينة على كونه جاهلا حال العقد فان اقامها يأخذ التفاوت والا فعلى الغابن الحلف على كونه عالما بالقيمة حينه.

وان ادعى هو ايضا الجهل بالحال مثل المغبون او لم يحرز ضبطه على علمه لكونه فعل الغير، فيتوقف الدعوى، فيرجع إلى الاصل المعين في المسألة كما مرت اليه الاشارة.

ومن نظائر المسألة من عليه دين للغير لكن يدعى افلاس نفسه وعدم قدرته على ادائه، وكذا غاصب مال الغير يدعى ادائه ورده اليه، وان ذكره بعض إلى سبيل النقض للميزان المذكور.

من أن المديون يدعى الافلاس مع انه لو ترك افلاسه لايترك وكذا الغاصب لو ترك دعواه الرد، لايترك، بل يؤخذ منهما ما في ذمتهم من الدين ومال الغصب.

فان المراد من انه لو ترك لترك اى في خصوص دعواه مما يدعيه على الغير، لاما يقارنه من ادعاء آخر. فحينئذ يكون مدعى الافلاس انه لوترك دعواه الافلاس خاصة

١٦٩

لترك في هذه الدعوى خاصة، وهذا لاينافى عدم تركه في دعوى اخرى التى كانت مقارنة لها.

وكذا الكلام في مسألة الغصب فانه لو رجع عن دعواه لترك في خصوص دعواه التى رجع عنها لامطلقا.

هذا في غير اهل الخبرة، واما الكلام فيه فهو بعينه مثل غيره في سماع قوله ان احتمل الجهل في حقه، والا فلو كانت الخبروية بحيث يوجب العلم بعدم معقولية الجهل في حقه، أو القطع بعدم احتمال الجهل فيه، فلايسمع قوله.

واما ماذهب اليه المحقق والشهيد الثانيان من عدم سماع قولهم مطلقا حتى في صورة احتمال الجهل في حقهم كما هو المستفاد من كلامهم فلاوجه له اصلا.

المسألة الثالثة:

فيما يمكن فرض ثبوت هذا الخيار لكلا الطرفين من البايع والمشترى في معاملة واحدة من جهة وصول الغبن اليهما معا.

وهو ما اذا تبايعا في غير بلدهما وفرض ان البايع او باعه في بلده يكون ثمنه ازيد من الثمن الذى باعه به في المحل المفروض وكذا فرض ان المشترى لو اشتراه في بلده يكون ثمنه انقص من الثمن الذى اشتراه به هناك.

والتحقيق فيها انه ان امكن لحوق كل منهما باحد البلدين فبها والا فالمرجع حينئذ اصالة اللزوم، والحكم بعدم كون المعاملة غبنية اصلا لعدم امكان تحصيل العلم بالغبن.

١٧٠

نعم يشكل الامر في صورة العلم الاجمالى بحصول الغبن في المعاملة الشخصية ولكن لانعلم المغبون بشخصه فحينئذ لابد من العمل بالقرعة لشمول دليلها عليه لاشتباه الغبن فيما بينهما ولو لم نعمل بها لكونها ضعيفة السند وعدم عامل بها في هذه المسالة فالمرجع ايضا اصالة اللزوم فتامل جيدا.

المسألة الرابعة

قال الشيخ الانصارىرحمه‌الله تعالى: " ظهور الغبن شرط شرعى لحدوث الخيار أو كاشف عقلى عن ثبوته حين العقد؟ وجهان.. "(١) لايخفى ان هذه المسألة مما تفرد بها الشيخقدس‌سره ، لكن لامحصل لها حقيقتا اصلا لعدم الاختلاف في كلمات العلماء بوجه.

فان من عبر بالظهور أو بالكشف او أمثالهما مما هو في كتبهم، انما هو من جهة الطريقية إلى الواقع والكاشفية عنه لا ان له خصوصية في ثبوت الخيار.

ومن هنا ظهر المراد من اعتبار الدخول بالسوق في رواية تلقى الركبان(٢) فان الدخول به لاجل كونه طريقا لتبين الغبن، وهو ظهوره به، ولذا لو ظهر قبل الدخول بالسوق كان للمغبون ايضا خيار فلااشكال.

واما الجمع بين كلماتهم في اختلاف الاثار، ففيه ايضا ما لايخفى بل لاوجه له ايضا.

١٧١

اذا الاثار انما هى آثار للغبن الواقعى الثابت بحسب الواقع على الفرض: لاعلى ظهوره وكشفه.

فظهر أن الجمع بين كلماتهم انما هو على النحو الذى ذكرناه لاعلى ما ذكرهقدس‌سره من اختلاف الاثار، فافهم.

من مسقطات هذا الخيار: التصرف

١٧٢

اعلم ان التصرف الواقع بعد العلم بالغبن ان كان فعلا ظاهرا في الرضا بالعقد أو كاشفا عن الرضا بالالتزام به، يكون مسقطا للخيار وذلك لاحد الامرين: اما لما مر من أن ظاهر الافعال مثل ظاهر الاقوال في حجيتها الا ما خرج منها بالدليل كما عليه الاصحاب من ترتيبهم الاثار على الافعال الكاشفة عن الفقر والغنى والعدالة والفسق وغير ذلك وهو ظاهر ديدنهم.

واما لذيل صحيحة ابن رئاب(١) وهو قوله: " وذلك رضى منه " وبيانه ان الامامعليه‌السلام انما اقتصر بذكر الصغرى دون التعرض بذكر الكبرى للاشعار بأن الكبرى امر مرتكز في ذهن جميع العقلاء وانه مفروغ عنها عندهم، ولذا لايحتاج إلى اثباتها كما لايخفى ومثل ذلك دعوى كلية عدم نقض اليقين بالشك في باب الاستصحاب ايضا.

نعم يمكن الاشكال عليه مضافا إلى كونه مجملا بانه يحتمل ان

_____________________

(١) الوسائل: الباب - ٤ - من ابواب الخيار، الحديث ١.

١٧٣

يكون الشارع قد جعل التصرف في باب خيار الحيوان منزلة الرضا تعبدا ونزله منزلته كذلك، فلابد حينئذ من الاقتصار على مورده فلا يتعدى من هذا الباب إلى باب آخر كما هو مقتضى معنى التعبد الشرعى وان لم يكن ظاهرا في الرضا بالعقد ولاكاشفا عنه وشككنا في بقاء الخيار وعدمه نحكم ببقائه للاستصحاب، اذالدليل قد دل على ثبوته اولا وقبل ايجاد هذا الفعل المشكوك كونه مسقطا، وهو يكفى في بقائه ولايحتاج فيه بالنسبة إلى الان الثانى والثالث إلى دليل آخر كما هو واضح.

نعم ان المسألة المفروضة مبتنية على أنه اذا ورد عام مثل " اوفوا بالعقود " ثم خرج عن تحته بعض الافراد إلى زمان خاص كزمان الخيار وشك في خروجه في غير ذلك الزمان، فهل يرجع في ذلك المشكوك إلى عموم العام كى يسقط الخيار فيما نحن فيه، أو يرجع فيه إلى المخصص كى لايسقط فيه.

ذهب المشهور إلى سقوط الخيار في المقام وتمسكوا فيه بأمور ثلاثة: منها اطلاق معاقد الاجماع.

ومنها عدم جريان مادل على ثبوت الخيار من الاجماع وقاعدة لاضرر ولاضرار في ما نحن فيه.

فالاول انما هو ثابت في صورة عدم التصرف واما في صورته فلا.

واما الثانى فمنتف ايضا لانه كما لايجرى مع الاقدام على الضرر فكذلك لايجرى مع الرضا بالضرر الذى يدل عليه التصرف بعد علمه بالغبن.

١٧٤

ومنها: ذيل صحيحة ابن رئاب: " فان احدث المشترى فيما اشترى حدثا قبل ثلاثة ايام فذلك رضى منه ولاشرط له "(١) فان ظاهر العلة، أن التصرف وهو احداث الحدث، هو رضى بلزوم العقد فلاخيار بعد الرضا.

ولايخفى عليك ضعف كل واحد منها اما الاول، فقيه ان المقصود من الاجماع ان كان هو الاجماع على لفظ التصرف مع كونهم مختلفين في معناه فغير مجد في المقام لان مايجدى فيه هو اتفاق الاراء على أمر شرعى وهو غير متحقق جدا.

ونظير هذا الاجماع في عدم الاعتبار اجماعهم على اشتراط التوالى في الوضوء مثلا مع كونهم مختلفين في معناه وفيما يتحقق به ذلك العنوان غاية الاختلاف الذى يقرب من ثمانية اقوال.

وأما الثانى، ففيه ان الاجماع وحديث لاضرر ولاضرار لا يصلحان للدلالة على ثبوت الخيار، بل التمسك بهما لثبوته كان محل الكلام والمنع، فضلا عن التمسك بعدمهما في سقوطه.

واما الثالث ففيه ما عرفت سابقا وآنفا من كونه مجملا.

واحتمال تنزيل التصرف منزلة الرضا في باب واحد تعبدا، فالتعدى منه إلى غيره يحتاج إلى دليل.

تتميم لو تصرف المغبون قبل علمه بالغبن فان كان تصرفا مخرجا عن الملكية ونازلا منزلة التلف، بان يبيع المشترى - بالفتح -

_____________________

(١) الوسائل الباب - ٤ - من ابواب الخيار الحديث ١

١٧٥

بالعقد اللازم.

أو استوالد، أو وقف، أو اعتق او غير ذلك مما يكون تالفا او في صورته.

قال المشهور بسقوط الخيار ولاينافى هذا اتفاقهم بعدم سقوط الخيار بالتصرف قبل العلم بالغبن، لان محل الاتفاق انما هو في التصرف غير المتلف، واما تصرفه قبل علمه بغبنه اذا كان تصرفا متلفا فليس اتفاقيا حتى يلزم التنافى واستدلوا على السقوط بعدم القدرة والتمكن على رد العين اليه.

لكن يتوجه عليهم ان الخيار لما ثبت فلاوجه لسقوطه بعد ذلك مع اتفاقهم بان الخيار لايسقط بالتلف.

خصوصا اذا كان الخيار حقا متعلقا بالعقد.

لان العقد باق قابل للحل والانحلال، فالمغبون في صورة تلف العين اذا فسخ رجع عليه بالمثل او القيمة كما عليه الشهيدقدس‌سره واما توجيه كلامهم على ما في المكاسب(١) فهو: ان ماثبت بنفى الضرر هو عدم لزوم العقد لاالخيار، وعدم اللزوم مساوق للرد والاسترداد، وهو مختص بصورة بقاء العين، فاذا فرض العين تالفة باتلاف شرعى انتفى موضوع الرد(٢) .

لكن يمكن توجيه كلامهم بوجه آخر أحسن من هذا وأسد وهو قولنا بثبوت الخيار في المقام (ولاوجه للعدول عنه للتفصى عن الاشكال إلى التمسك بنفى الضرر والاضرار).

ومفاد ثبوته هو الرد والاسترداد بمعنى أن معنى الخيار اما حق

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٣٩.

(٢) ان العبارة تحتاج إلى تتميم وهو جواب " أما ".

١٧٦

متعلق بالعقد كما هو ملك اقرار العقد وازالته أو حق متعلق بالعين فحينئذ يكون مرددا بين الامرين لكن نقول: ان الحق والتحقيق أنه ظاهر في المعنى الثانى هنا لمساعدة الدليل على ذلك - وان كان المختار فيما سبق خلاف ذلك - لتبادره منه في الاذهان الخالية حيث القى اليها الخيار، فانها لاتفهيم منه الا الرد والاسترداد.

ومعلوم ان الرد والاسترداد لايمكن الامع بقاء العين لتوقفهما عليه لافى صورة الاتلاف مطلقا عقليا كان أو شرعيا كما مر.

ولو سلمنا عدم ظهوره فيه ليصير مجملا فنأخذ بالقدر المتيقن وهو تعلق الحق بالعقد مع بقاء العين.

وكذا الكلام على القول بثبوته بنفى الضرر والاضرار، بان نقول ان الاحكام الثابتة بالعناوين الاولية منفية أو مرتفعة عند عروض العناوين الثانوية التى منها عدم الضرر.

وفي المقام كان الحكم قبل عروض الضرر لزوم العقد ووجوبه وبعد عروضه يكون ذلك الحكم منتفيا ومعدوما ومعنى اللزوم وعدمه هو القيام بما وقع عليه العقد من مقتضاه من الاخذ والاعطاء به أو ببدله وهو موقوف على بقاء العين.

هذا ما أردنا ايراده في هذه الاوراق بعون الله الملك الخلاق وقد فرغنا عن تبييضه في الخامس عشر من شهر جمادى الاخرة من سنة سبع وسبعين وثلاثمأة بعد الالف من الهجرة النبويةصلى‌الله‌عليه‌وآله والحمد لله اولا وآخرا ولااله الا الله ظاهرا وباطنا تمت التعاليق في السابع والعشرين من شهر رجب يوم بعث النبى من شهور عام ١٣٩٨ بيد العبد الفقير رضا " الاستادى " والحمد لله ونسأله الخيرة لنا ولجميع المؤمنين بحق عباده الاخيار صلوات الله عليهم اجمعين.

رسالتان: الاولى (تحديد الكر)

تحديد الكر بالوزن والمساحة تأليف العالم الربانى آية الله الشيخ محمد حسين السبحانى قدس الله سره المتوفى عام ١٣٩٢ ه‍ ق قم -

١٧٧

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله خير الورى.

اما بعد: فهذه رسالة موجزة في تحديد الكروزنا ومساحة وهى مما تلقيتها من بحث شيخنا العلامة نا درة الافاق ونابغتها، وشيخ الامة وامامها، اعنى شيخنا واستاذنا، الشيخ فتح الله النمازى الشيرازى، الشهير بشيخ الشريعة الاصفهانى، مازالت مدارس العلم عامرة بابحاثه ومعاهد الفضل زاهرة بافكاره حرس الله مهحجته وابقى بهجته وارجوا ان تكون تلك الصحائف الغر، ذخرا في يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم.

المؤلف

في تحديد الكر

الكر هو الذى بملاقاة النجس به الا اذا تغير لونه وطعمه وريحه.

واما مقداره شرعا فله تقديران بالوزن والمساحة بالشبر وغيره اما الاول فمقداره عبارة عن الف ومأتى رطل وتدل عليه صحيحتان: احديهما: مرسلة ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن ابى عبداللهعليه‌السلام ، قال: الكرمن الماء الذى لاينجسه شيى ء الف ومأتا رطل(١) والمراد منه الرطل العراقى، لا لان المرسل عراقى حتى يشكل بانه غير المخاطب ولا لاجل ملاحظة الجمع بينها وبين صحيحة محمد بن مسلم التى هى الرواية الثانية للاستشهاد بها في المقام كما يأتى بعيد هذا.

بل لاجل رواية على بن جعفر(٢) الدالة على أن الف رطل من الماء اذ وقع فيها أوقية من دم تصير منفعلة، فانها كما ترى تدل على ان هذا المقدار

_____________________

(١) الوسائل الباب - ١١ - من ابواب الماء المطلق الحديث الاول

(٢) الوسائل الباب - ٨ - من ابواب الماء المطلق الحديث ١٦ وهذا لفظه " سألته عن جرة ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول، هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لايصلح ".

١٧٨

من الماء ليس كرا والا لم يكن متنجسا، فيكون المراد حينئذ من المرسلة المذكورة بقرينة رواية على بن جعفر، أن الكر عبارة عن ألف ومأتى رطل من الماء وانه رطل عراقى.

ثانيتهما صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبداللهعليه‌السلام " الكر ستماة رطل "(١) وباسناد آخر نقل عنه أيضا " الكر ستمأة رطل "(٢) .

والمراد من هذا الرطل هو الرطل المكى وهو عبارة عن ضعف رطل عراقى، فتنطبق الروايتان الصحيحتان أعنى المرسلة وهذه الرواية كما لايخفى، لاالمدنى كما حمله عليه الشيخ البهائىقدس‌سره ليكون المراد تسعمأة رطل بالعراقى.

لما مر من انفعال الف رطل من الماء بملاقاة النجس في رواية على بن جعفر، ففيه يكون الانفعال بطريق أولى.

ولاانه رطل عراقى لانه لم يقل به أحد من الفقهاء و الاصحاب فيتعين ما ذكرناه.

التقدير بالمساحة

أما المساحة ففيه روايات بطرق ثلاثة.

وهى رواية أبى بصير " قال: سالت أباعبداللهعليه‌السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره؟ قال: اذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف، في مثله ثلاثة اشبار ونصف، في عمقه في الارض، فذلك الكر من الماء "(٣)

_____________________

(١ - ٢) الوسائل: الباب - ١٣ - من ابواب الماء المطلق، الحديث ٣ و ٢.

(٣) الوسائل، الباب - ١٠ - من أبواب الماء المطلق، الحديث ٦.

١٧٩

ورواية حسن بن صالح الثورى عن أبى عبداللهعليه‌السلام " قال: اذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شيئ قلت: وكم الكر؟ قال: ثلاثة أشبار ونصف عمقها، في ثلاثة أشبار ونصف عرضها "(١) ورواية اسماعيل بن جابر عن ابى عبداللهعليه‌السلام " قال: قلت وما الكر؟ قال: ثلاثة اشبار في ثلاثة اشبار "(٢) ورواية اسماعيل بن جابر ايضا " قال: قلت لابى عبدالله (ع) الماء الذى لاينجسه شيئ قالعليه‌السلام : ذارعان عمقه في ذراع و شبر سعة "(٣) ذهب المشهور إلى ان قدره بهذا التقدير عبارة عن ثلاثة واربعين شبرا الاثمن شبر، ومستندهم رواية أبى بصير.

اشكال

وهو ان العلماء قدس الله أرواحهم قد وزنوا ألف ومأتى رطل من الماء باوزان عديدة بمياه مختلفة ثقيلا وخفيفا في أمصار متعددة وفي أمكنة متكثرة ووجدوها بمعيار ست وثلاثين شبرا من دون زيادة ونقيصة.

فحينئذ لاينطبق أحد التقديرين على الاخر أعنى تقدير المساحة على الوزن.

بل يكون بمقدار سبعة أشبار الاثمن زايدا عليه، مع انهمعليهم‌السلام في مقام بيان تحديد القاعدة وبيان حكم الضابطة حتى يرجع المكلفون عند الشك والتحرير اليها.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٩ - من ابواب الماء المطلق الحديث ٨

(٢) الوسائل، الباب - ٩ - من ابواب الماء المطلق الحديث ٧

(٣) الوسائل، الباب - ١٠ - من ابواب الماء المطلق الحديث الاول.

١٨٠