نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 57511
تحميل: 3007

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57511 / تحميل: 3007
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

والشرطية والجزئية وأمثالها.

وأما الحق عبارة عن أمر مترتب عليه وشيئ متفرع عليه.

وبعبارة اخرى أن الحكم عبارة عن الامور والاوصاف القائمة بنفس الحاكم، والحق عبارة عن الاوصاف والامور الثابتة القائمة ابتداء أن انتزاعا بنفس المحكوم ليفعل للغير او يفعل الغير له، وبين المفهومين بون بعيد لايشتبه أحدهما بالاخر أصلا.

وأما ثانيا فلان تعريفه بالسلطنة غير صحيح، اذ من الحقوق في الشرع مالا يتصف بها أصلا بل يكون اطلاقه عليه غير صحيح عند العرف كما في حق الاخ المؤمن على أخيه المؤمن وحق الجار على الجار مع أن واحدا منهما لايتصف بانساد السلطنة اليه بأنه مسلط وذو سلطنة على أخيه المؤمن أو جاره وهكذا.

فالظاهران معنى الحق فيهما هو معناه اللغوى والعرفى وهو اللائق والجدير، وبالفارسى - سزاوار - يعنى أن ذا الحق يليق أن يفعل له بكذا بمعنى أن حاله وشانه يقتضى أن يفعل له كما في قولنا أكرم العالم والمطعم وأهن الظالم والفاسق، فان العالم والمطعم كان من حقهما أن يكرما و الظالم كان من حقه أن يهان وكذا الاب والام كان من شأنهما أن يطاعا، وكذا غيرهما من ذوى الحقوق.

وهذا المعنى مطرف في جميع الموارد التى ورد فيها حق من الحقوق المجعولة في لسان الشرع.

وايضا انه اعتبر في الحق دائما كونه بالنسبة إلى الغير وقد لوحظ في جميع موارده ذلك المعنى، كما في حق التحجير والمارة وامثالهما اذ مقتضى تعلق حقه على الارض المحجرة انه كان لصاحب التحجيران

٢٠١

يمنع الغير عنها، وكذا في حق المارة انه كان للمار حق في ثمرة واقعة في طريقه بحيث لايجوز للغير ان يمنعه عنها.

بخلاف الحكم، فان اعتبار الغير ليس شرطا في لحاظ تعلقه، فانه تارة يكون متعلقا بنفس الشخص كما في وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما واخرى يكون بلحاظ الغير متعلقا على الشخص كما في قولك: يجب عليك أن تضرب زيدا او يجب عليك اكرام العلماء والسادة او غيرهما، الا انه ليس هذه الملاحظة و الاعتبار بلازم دائما ومن هنا ظهر فساد ما في تفسير " الغير " من كونه تارة شخصا واخرى مالا كما مر آنفا.

ثم انه لابد في موارد الحقوق الثابتة لذيها في الشرع من علل و واسباب تكون هى المنشأ لوجودها وثبوتها.

وتلك العلة او السبب قد يكون امرا ذاتيا بحيث لايمكن اسقاط المعلول والمسبب كما في حق واجب الوجود على العباد اذحقه تبارك و تعالى ان يعبده العباد ولايشركوا به طرفة عين ابدا فان اسقاط ذلك الحق غير ممكن، وكما في الحق الثابت للوالدين بالنسبة إلى اولادهما فانه لايمكن اسقاط حق الابوة وامثاله مما كان معلوليته ناشئة عن امر ذاتى غير قابل للتغير والانقلاب.

وقد يكون معلولا عن امر اصلى لايمكن اسقاطه وتغييره في نفسه وحده الامع اسقاط ذلك الامر الاصلى، وهذا مثل حق الرجوع في الوكالة وامثاله فانه لايمكن اسقاطه مع كون الوكالة باقية على ما هى عليه، الا ان يسقط معه نفس الوكالة وموضوعها، بان عزل الموكل

٢٠٢

الوكيل في ضمن اسقاطه، الا انه مع اسقاطه نفس الوكالة لامعنى لاسقاط ذلك الحق، لانه يكون ساقطا بنفسه من دون حاجة إلى اسقاطه ثانيا كما هو واضح، وكذا حق الرجوع في الدين وكذا حق الرجوع للزوج في الطلاق الرجعى وامثالها فعلم ان اسقاط الحق في هذه الموارد غير ممكن الا مع اسقاط اصله ومنشأه.

وقد يكون معلولا عن امر يمكن اسقاطه بدونه كما في موارد من الخيارات كخيار الغبن وخيار العيب وخيار الشفعة وامثال ذلك، فان في كل واحد منها حقا للمغبون في رجوعه في عين ماله ثمنا كان او مثمنا وكذا الشريك ايضا يجوز له الرجوع في حق الشفعة إلى شريكه ويجوز لهم ايضا اسقاط حقوقهم ومصالحتها بشئ آخر وكذا سائر التقلبات الشرعية، وهذا بخلاف حق الرجوع في الوديعة والعارية والهبة، فان للمعير والمودع والواهب حق رجوع في عاريته ووديعته وهبته وليس لهم اسقاطه بنقل او مصالحة او بلا شئ بالاجماع والاخبار.

هذا كله في بيان حال الحقوق.

واما منشأ الاختلاف والتفاوت في جواز اسقاط بعض منها دون بعض آخر فيمكن ان يقال فيه كما قيل: ان الذى لايجوز اسقاطه كما في العقود الجائزة فهو لكنه حكما شرعيا، والذى يجوز اسقاطه كما في غيرها فهو لكونه حقا.

ولكن فيه ما لايخفى، لان التميز فيما بين الحقوق بان هذا حق وذاك حكم مع انه يطلق الحق على الجميع في الشرع يحتاج إلى مميز ودليل كى يمزه هذا عن ذاك وذاك من هذا مع ان ماورد في لسان الشرع انما هو: يجوز لك الفسخ، او: يجوز لك الاسترداد

٢٠٣

او: لك الرد، او: لك الخيار، وامثال ذلك، وهو امر واحد، وشئ فارد، اما منتزع عنه الحكم او الحق فلو انتزع معه الحكم لايجوز اسقاطه لعدم كونه في يد المكلف ففى كلها كذلك، ولو انتزع منه الحق يجوز اسقاطه، ففى جميعها كذلك، واما التفصيل بان بعضها حكم وبعضها حق من دون مفصل فهو كما ترى.

تعم ان صحة الكبريين الكليتين وهما: كل ما هو حكم لايجوز اسقاطه وكل ما هو حق يجوز اسقاطه ونقله مسلمة من دون اشكال وخلاف فيها، وانما الشأن في تطبيق هاتين الكبريين على صغرياتهما، بعمنى ان اى مورد، من موارد صغرى تلك الكبرى دون صغرى الاخرى او بالعكس.

لكن يمكن ان يقال في ضابطة التميز بين الصغيريات، ان كل حق يكون سبب جعله ارفاقا للمكلف ودفعا للضرر المتوجه اليه يجوز، له حينئذ اسقاط هذا الحق، اذ في اسقاطه يتوجه اليه الضرر، لكنه من قبل نفسه اختيارا او من جهة اقادمه عليه، لامن قبل الشرع وغيرها من النظائر.

وكل حق ينجر اسقاطه إلى زوال الغرض او إلى توجه الضرر من قبل الشرع لايجوز اسقاطه كما في حق الرجوع في العقود الجائزة وحق الوكالة والوصاية وولاية الحاكم وامثالها، لان مقتضى اسقاط حق الرجوع في العارية والوديعة والهبة مثلا هو رفع اليد عن ملكيتها وهو موجب لوصول الضرر من قبل الشرع او لزوال الغرض الاهم الذى ينافى لنفس جعل الحق، اعنى جواز الرجوع فيها، وكذا اسقاط حق الوكالة او حق الوصاية او حق الولاية مثلا يقتضى رفع اليد عن

٢٠٤

اصل الوكالة والوصاية والولاية، فظهر انه لايجوز اسقاط الحق في امثالها لمامر.

فهذا مجمل الكلام في المقام وأما التفصيل بين الموارد كلها على الوجه الذى ذكر لاتسعه هذه الرسالة، فلابد له من محل آخر.

حق الرجوع في المطلقة الرجعية

وأما حق الرجوع في المطلقة الرجعية، هل يجوز صلحه أو هبته بشئ أو غيرها من الاسباب المسقطات والنواقل ولو كان الداعى على ذلك استخلاص الزوجة من يذ زوجها وعدم تطرقه اليها بوجه، او لايجوز، وجوه، تارة يقال: انه جاير مطلقا، واخرى ليس بجايز كذلك، وثالثة يفصل بين القول ببقاء الزوجية بعد الطلاق إلى انقضاء العدة وعدمه، فان قلنا بالبقاء بعده فلا يجوز فيه ذلك، و ان قلنا بعدم بقائها بعده فلا مانع من جوازه اذا تحقق ذلك فاعلم أنه يمكن الاستدلال على الوجه الاول بوجهين: الاول: الروايات الواردة في جواز هبة حقوق المتمتع بها من النفقة والاجرة والكسوة وغيرها، فيستنبط من تلك الروايات أيضا انه يجوز للزوج صلح حق الرجوع اليها، اذا زوجية المطلقة ليست بأشد من زوجية المتمتع بها وأقوى منها، بل دلالتها هنا اولى من دلالتها هناك لان الغرض الاهم من الزوجية فيها هو الاستمتاع في أغلب الاوقات بخلاف الغرض من الزوجية في المقام، فان المقصود الاهم منها هنا هو التناسل والتوارث فيما بينهما.

٢٠٥

الثانى: الروايات الدالة على جواز هبة الزوجة وابرائها في النكاح الدائم كل ما وجب عليه ايفائه وبرائة ذمته عنه من حقوقها من صداق أو كسوة أو نفقة أو قسم أو غيرها مما يسمى حقا لها، لئلا يطلقها، ويستكشف منها أيضا - لو لم نقل بالدلالة - بتنقيح المناط أن ما نحن فيه أيضا كذلك فيجوز مصالحة حق الرجوع اليها في أيام عدتها وقبل انقضاء مدتها، اذا الدوام لاخصوصية له في الجواز، وأن الزوجية فيها ليست بأشد منها أيضا كما مر.

مع ان دائرة الصلح أوسع من دائرة الهبة، كما يدل عليه " ان الصلح جائز بين المسلمين "(١) .

هذا بالنسبة إلى بقاء الزوجية بينهما بعد الطلاق إلى انقضاء العدة، وأما بالنسبة إلى بقائها فأوضح، اذالمحذور الذى يحتمل ما نعيته في المقام أو يترآى عن الصلح انما هو وجود الزوجية وبقائها لكونها منشأ لذلك الحق ومن شئوناته، فاذا فرضنا انها ليست بباقية، وان ذلك الحق والاثر مجعول له من قبل الشرع في تلك الحال فلا مانع حينئذ من الصلح، وهذا هو المطلوب.

ومما يؤيد ذلك القول قوله تبارك وتعالى: " وبعولتهن أحق بردهن "(٢) فانه يدل على أن الزوجة بمجرد ايجاد الطلاق من المطلق قد خرجت عن الزوجية على مايستفاد من كلمة " الرد ".

وأما تسميتها زوجة في العبارة المتداولة " المطلقة رجعية زوجة "

_____________________

(١) الوسائل: الباب - ١٣ - من ابواب احكام الصلح الحديث ٢ - ١.

(٢) البقرة: ٢٢٨.

٢٠٦

فانما هو تعبير للفقهاء واصطلاح منهم والا فليس بهذا المضمون رواية أصلا.

نعم ان الشارع قد جعل للزوج حقا وهو جواز رجوعه إلى العقد السابق واسترداده لها اليه كما جعل لها حقوقا أيضا في تلك الحال، سواء فرضنا رجوعه اليها أم عدمه كما مر.

وحاصل التائيد أن الاسترداد والرجوع حق للزوج كما يدل عليه التعبير بلفظ " أحق " في الاية، فاذا كان حقا له يجوز صلحه من دون اشكال.

لايقال: فرق بين المقام وهو المطلقة الرجعية وبين المتمتع بها في اطلاق الزوجية عليها اذ المتمتع بها مستأجرة كما هو مقتضى الاية الشريفة: " فما اسمتعتم به مئهن فآتوهن أجورهن فريضة "(١) بخلاف المطلقة الرجعية فانها زوجة حقيقة بناء على زوجيتها فحينئذ دعوى عدم أشدية الزوجية وعدم الاقوائية فيها عنها في المقايسه كما ترى.

لانا نقول: ان المتمتع بها زوجة حقيقة بالضرورة من الدين، والا فلازم ما ذكر ثبوت قول العامة من أن المتعة داخلة تحت قوله تعالى: " ومن اتبغى وراء ذلك فأولئك هم العادون "(٢) ولااقل من كونه تأييد ألهم.

بيان الملازمه أن المتعة ليست بزوجة ولاملك يمين على الفرض فتكون داخلا في ذيل الاية أعنى قوله تعالى " ومن ابتغى.. " وهذا المعنى مناسب لقولهم لاقولنا.

_____________________

(١) سورة النساء: ٢٤

(٢) المؤمنون: ٧.

٢٠٧

نعم ان زوجيتها فيها ليست مثل الزوجية في العقد الدائم بل هى خاصة منحصرة بمقدار أيام التمتع فقط بخلافها فان زوجيتها مطلقة دائمة، وهذا المقدار من الفرق لايوجب نفى أصل الزوجية، بل يوجب الفرق في حيثيتها وكيفيتها كما لايخفى.

واما الاستدلال على الوجه الثانى، فبان يقال: ان حق الرجوع هنا منتزع عن حكم الشارع بجواز رجوعه إلى زوجته المطلقة مالم يخرج ايام العدة، وهو حكم - ولو باعتبار المنشأ - غير قابل للاسقاط والصلح.

واما الاستدلال على الوجه الثالث وهو التفصيل، فنقول: اما عدم جواز الصلح والهبة مثلا بناء على بقاء الزوجية، فلان الحق الملحوظ في المقام لازم للزوجية ومعلول لها فانفكاك اللازم والمعلول عن وجود الملزوم والعلة غير معقول.

وما جوازه بناء على عدم بقائها فظهر وجهه من احد شقى الوجه الاول فراجع.

الا ان الحق انا لانرى مانعا من جواز الصلح وغيره في المقام مع ما مر من كون دائرته اوسع كما مر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " الصلح جائز بين المسلمين "(١) ودعوى ان التمسك به هنا تمسك بالعام في الشبهة المصداقية لانا نعلم بخروج بعض الافراد منه قطعا ونشك في ان هذا الفرد المشتبه علينا هل كان من افراد المخصص كى لايجوز فهى الصلح ايضا او من افراد العام كى يجوز فيه ذلك لكونه فردا من افراده.

والقول بانه فرد من افراد المخصص - بالفتح - لامن افراد المخصص - بالكسر - تمسك له في المصداق المشتبه.

٢٠٨

مدفوعة بانه نعم لااشكال في خروج بعض الافراد من ذلك العام الا ان الافراد الخارجة منها وكذا الافراد الباقية ليست معنونة بعنوان وموصوفة بوصف حتى لايجوز التمسك به في المورد المشتبه لعدم العلم بعنوانه الموجب دخوله تحت العام ولسكوت نفس العام عن ذلك، بل الخارجة منها افراد غير معنونة، فاى مورد نعلم خروجه يترتب عليه حرمة الصلح قطعا واى مورد نعلم دخوله او نشك في خروجه يترتب عليه جوازه كما لايخفى.

على ان المقام من قبيل الشبهة الحكمية دون المصداقية.

هل يجوز الصلح على حق اليمين من الموارد التى يجوز مصالحتها من الحقوق حق اليمين الذى لمدعى الدعوى على منكرها وان كان للاستخلاص من الاحلاف لاجل رفع النزاع وقطع الخصومة اذا صالح المجتهد او غيره، فيصالح حق الدعوى له او غيره من حقوقه بشئ من المال.

بل يمكن ان يشترط في ضمنه على المدعى عليه ان يحلف للمدعى اى حلف يريده من الحلف على الله او باحد الاولياء والقديسين ولكن هذا الحلف غير الحلف الذى تقطع به الخصومة، فانه لايجوز الا باسمه الخاص اعنى لفظ الجلالة ولايجوز الاحلاف فيها لغير المجتهد.

ولايخفى صحة هذه المصالحة لما مر من كونه حقا ثابتا في الشرع نعم يكشل الامر فيما اذا علم القاضى بكذب المنكر فيما ينكره فانه لايجوز احلافه حتى مثل ذاك الاحلاف لانه امر بالمعصية وهو غير جائز وباقى الكلام في كتاب القضاء.

هل يقع الحق عوضا عن المبيع اولا

٢٠٩

قال الشيخ الانصارى اعلى الله مقامه في مقام بيان صحة كون الحقوق عوضا في البيع وعدمها ما هذا حاصله: انه لابد في البيع ان يكون العوض فيه مما يقبل المعاوضة بالمال ويقبل النقل والانتقال، ولذا علل عدم صحة كون الحقوق عوضا فيه بان البيع تمليك الغير.

ثم قال: ولاينقض ببيع الدين على من هو عليه، لعدم مانع من كون هذا البيع تمليكا.

فيكون اثره سقوط الدين عن ذمته، لعدم معقولية تسلط الشخص على نفسه.

ثم قال: والسر ان الحق سلطنة فعلية لايعقل قيام طرفيها بشخص واحد، بخلاف الملك، فانه نسبة بين المالك والمملوك ولايحتاج إلى من يملك عليه حتى يستحيل اتحاد المالك والمملوك عليه فافهم.

واما الحقوق القابلة للانتقال كحق التحجير ونحوه فهى وان قبلت النقل وقوبلت بالمال في الصلح، الا أن في جواز وقوعها عوضا للبيع اشكالا من اخذ المال في عوضى المبايعة لغة وعرفا..

(١) اقول: لايخفى ما فيه من الاشكال من وجوه اربعة بل خمسة.

_____________________

(١) المتاجر للشيخ الانصارى ص ٧٩ طبع تبريز

٢١٠

الاول ان تعليل عدم صحة كون الحق عوضا بان البيع تمليك الغير لاوجه له، اذالمدعى انه هل يجوز ان يكون الحق عوضا في البيع اولا وكون حقيقة البيع، هو تمليك المعوض للغير غير مرتبط لصحة جعل الحق عوضا حال الشراء وعدمها كى يعلل به.

نعم هذا التعليل مناسب لعدم جواز الحق معوضا فيه كما هو واضح.

الاثانى: سلمنا ارتباطه له، لكن جوابه من النقض، بقول: " لانه لامانع من كونه تمليكا فيسقط "(١) اخص من المدعى، اذالمدعى انه هل يجوز جعل الحقوق عوضا في البيع مطلقا سواء كان البيع ممن هو علهى ام من غيره ولا اختصاص له بالاول كما هو المتوهم من النقض، ومن قوله: " والسر ان الحق سلطنة فعلية.. "(٢) الثالث: ان اصل المدعى غير مسلم، اذ من اين ثبت وعلم ان الحق سلطنة فعلية بالنسبة إلى الغير كى لايعقل قيام طرفيها بشخص واحد.

هذا مع ان من الحقوق ما ليس هذا المعنى ملحوظا فيه مثل حق التحجير وامثاله، فان حق المحجر انما تعلق بالارض المحجرة وهى صارت مالا له فقط من دون لحاظ الغير فيه، الرابع: ان جوابهقدس‌سره عن عدم صحة وقوع حق التحجير عوضا في المبايعة بعدم كونه مالا، مشعر، بل اعتراف بان ما سبق عليه في عبارتهقدس‌سره (٣) من الحقوق، وهو حق الخيار وحق الشفعة

_____________________

(١) المتاجر ص ٧٩(٢) المتاجر ص ٧٩.

(٣) المتاجر ص ٧٩.

٢١١

كان من قبيل المال، فعلى هذا يوجد من الحقوق، مايبدل بازائه المال ويقبل المعاوضة ويصح نسبة النقل والانتقال اليه.

الخامس: انه هل يعتبر في العوض ان يكون من قبيل المال ومنصحرا فيه بحيث لو لم يكن مما ينتقل منه إلى غيره يكون البيع فاسدا من اصله ولغوا، او يكفى فيه ان يكون مما يقبل المعاوضة وان لم يكن مالا، فيكون اثر النقل حينئذ السقوط، يعنى سقوط حق المشترى عن ذمة البايع اذا فرض له حق عليه.

والتحقيق والاقرب هو الثانى، لعدم الدليل عل اعتبار كون العوض مالا بالخصوص.

نعم ان ما هو لازم في تحقق البيع عدم كون العوض من قبيل الحق فلا، بل يمكن دعوى عدم اعتبار كونه مالا في طرف المبيع ايضا كما لايخفى. ويمكن دفع هذه الاشكالات.

أما الاول فواضح. اذ من المعلوم ان التمليك انما هو من الطرفين اذكما انه مسند إلى البايع بالنسبة إلى مبيعه كذلك مسند إلى المشترى بالنسبة إلى عوضه، غاية الامر أنه في أحدهما أولا وبالاصالة وفي الاخر ثانيأ وبالتبع، فيكون حاصل التعليل بقوله: " لان البيع تمليك الغير "(١) أن الحق المذكور لايقبل النقل والانتقال فلايصلح لتمليك المشترى عوضه، فحينئذ يكون مرتبطا بالمقام وواقعا في موقعه.

نعم لو قيده بلفظ العوض بأن قال لان البيع تمليك الغير بعوض لكان أوضح في الجواب لان فيه دلالة على كونه ممايقبل النقل والانتقال

_____________________

(١) المتاجر ص ٧٩.

٢١٢

ولو تضمنا، والحق الذى في المقام ليس مما يقبل ذلك.

واما الثانى فلان قول: " والسران الحق سلطنة فعلية لايعقل قيام طرفيها بشخص واحد "(١) جواب عن سؤال مقدر ناش عن جواب النقض ببيع الدين على من هو عليه الذى نشأ من عدم اتصاف الحق بالنقل والانتقال، بيان ذلك: انهقدس‌سره لما دفع ورود النقض للمقام بما مر بأن في بيع الدين على من هو عليه، تمليكا واتصافا بالنقل والانتقال واثره سقوط الدين عن الذمة بخلاف ما نحن فيه من الحق فانه لايتصف بهما فنشأ عنه سؤال وهو انه لماذا لايكون ما نحن فيه من قبيل بيع الدين على من هو عليه في كونه متصفا بالتمليك والانتقال فيكون اثلا الانتقال السقوط ايضا.

فاجاب عنه بما ذكر من ان الوجه والسر فيما بين المقامين، ان الحق سلطنة فعلية لايعقل قيام طرفيها بشخص واحد، بل لابد في تحقق معناه من لحاظ الغير وطرفيته له، بخلاف مسالة بيع الدين على من هو عليه واما الثالث، فعن شقه الاول فان الكلام فيما كان لشخص على غيره من الحقوق، فلاريب انه نحو سلطنة منه على من هو عليه.

واما عن شقه الثانى، فبعد تسليم الاطلاق اى مطلق الحق الثابت سواء كان على من هو عليه ام لامثل الارض المحجرة في الفرض نقول ان في حق التحجير ايضا سلطنة للمحجر على غيره، فان له ان يمنع غيره عن التصرف في ارضه المحجرة، لاانه مجرد اعتبار بينهما كما لايخفى.

واما الرابع، فان وجه الفرق بين تلك الحقوق والحقوق

_____________________

(١) المتاجر ص ٧٩.

٢١٣

السابقة عليها ما ذكرهقدس‌سره وهذا حاصله: انها وان قبلت النقل وقوبلت بالمال في الصلح بخلافها الا ان نفى المالية عنها هنا لايكون اثباتا للمالية لها هناك غاية الامر ان هناك ما نعين من وقوعها عوضا للبيع احدهما عدم قبولها النقل وثانيهما عدم ماليتها، بخلافها هنا فان فيها مانعا واحدا وهو عدم المالية فيها.(١) نعم يرد على الشيخقدس‌سره ايراد آخر، وهو ان قولهرحمه‌الله : " وقوبلت بالمال في الصلح " اعتراف بأنها اموال، اذ لانعنى بالمال الا ما يبذل بازائه المال ويرغب فيه العقلاء كما مر في السابق واما الاشكال الخامس فالظاهر انه غير ممكن دفعه ووارد عليه كما لايخفى.

عود إلى بدء: ما هو حقيقة البيع

_____________________

(١) راجع المتاجر ص ٧٩.

٢١٤

اعلم أن لفظ البيع ليس له حقيقة شرعية، ولاحقيقة متشرعة، بل انما هو باق على معناه اللغوى والعرفى كما أشرنا إلى ذلك في السابق وقلنا ان معناه من المفاهيم العرفية والمعانى الواضحة عند الناس، غير منقول عن معناه اللغوى والعرفى.

ومع ذلك قد اختلف الفقهاء كثر الله أمثالهم في تعيين معناه وتنقيح مايراد من مصدر " بعت " من المعانى المحتملة.

ثم ان مما ذكروا له من المعانى " التمليك " و " التبديل " و " النقل " و " الانتقال " و " الايجاب والقبول " و " المبادلة " وكلها راجع إلى معان ثلاثة: النقل والانتقال والعقد من الايجاب والقبول لاغير.

أما المعنى الثانى والثالث من هذه الثلاثة فليسا معنى للبيع بلا اشكال.

لان الاول منهما أعنى الانتقال أثر للبيع ولازمه لاأنه نفسه وهو واضح.

والثانى محصل وسبب لتحقق معناه، لانهما لفظان واللفظ لايعقل أن ينشأ باللفظ بل المعنى ينشأ به.

فلم يبق ألا المعنى الاول وهو " النقل " ولايخفى ما فيه أيضا من الاشكال، اذالمراد منه اما الفعل الانشائى

٢١٥

الصادر من البايع وان شئت قلت: ان يستعمل مصدرا لباع بمعنى اوجد البيع وهو بهذا المعنى عبارة عن الفعل الصادر من احد المتعاملين خاصة مباشرة او توليدا.

واما مايقصده البايغ بقول: " بعث " في العقد وهو النقل الاعتبارى الانشائى سواء ترتب عليه القبول ام لا.

فايهما يراد لايخلو من مخدور بيان ذلك ان المراد لو كان الاول لا نتقض بسائر تصاريفه التى يراد فيها من البيع، النقل الاعتبارى الانشائى مثل " باع " و " باع " و " بايع " و " مبيع ".

على انه لزم ان يصح نسبة البيع إلى الدار وان لم يتعقبه القبول بل من دون وجود المشترى وان يصدقه العرف لو اخبرهم بهذا البيع والحال ان الامر ليس كذلك.

على انه لو كان بصدد الاخبار عما اراده من بيعه - وهو الفعل الانشائى - وقال: بعث دارى يلزم ان لايفهم العرف من اخباره الامانواه وليس الامر هكذا.

وان كان المراد النقل الاعتبارى كما هو كذلك في الموارد المذكورة السابقة، لكنه ينتقض بالفعل الانشائى الذى يدل عليه " البيع " الذى هو مصدر " بعت " ويلزم أن يكون البيع من قبيل الايقاع لاالعقد، فلايحتاج إلى تعقب القبول بعد الايجاب كما هو مقتضى الايقاع.

ويلزم صدور كل واحد من الايجاب والقبول من ناحية البايع خاصة، مع أن القبول ليس مقدورا له، لانه فعل الغير.

وقد تفطن بذلك صاحب المقابيس وأدعى أن للفظ " البيع " اطلاقات:

٢١٦

تارة يستعمل مصدرا لباع بمعنى الفعل الانشائى من ايجاد البيع وانشائه الصادر من البايع خاصة.

واخرى يستعمل فيما يقصده البايع بقوله " بعت " في العقد، من النقل الاعتبارى الانشائى الكاشف عن الرضا التنجيزى.

وثالثة يراد منه الاثر المترتب على تحقق جزئى العقد معا وهو النقل العرفى مطلقا والشرعى مع صحة العقد.

ورابعة نفس العقد المركب من الايجاب والقبول، وهو الشايع المعروف بين الفقهاء، انتهى موضع الحاجة(١) .

اقول: نعم يندفع المحذور ان المذكوران بما ادعىقدس‌سره من الاطلاقين الاولين للفظ البيع.

لان استعمال كل واحد منهما في مورده غير استعمال الاخر في مورده وبالعكس.

لكن مقتضى ذلك هو القول بان البيع مشترك لفظى فيهما لايستعمل الامع القرينة وهو مستلزم لتعدد الوضع فيه، وهو خلاف الاصل، ولادليل عليه بل الدليل على عدمه كما يجئ.

والحق في المقام ان يقال ان معنى البيع، بالحمل الشايع الصناعى الذى هو سار في جميع تصاريفه ولايلزم منه محذور اصلا هو النقل الاعتبارى وان الذى يصدر من البايع من قوله: بعث او ملكت، هو صدور هذا المعنى المذكور منه واظهاره ذلك على الغير بانشائه، ويكون هذا المعنى منشأ بانشائه بهما او بغيرهما من الاسباب ومسببا عنه وله وجود ايضا فعلا وليس تعقب القبول عنه شرطا متأخرا

_____________________

(١) المقابيس للمحقق التسترى ص ١٠٧ - ١٠٨ مع اختصار

٢١٧

له حقيقة أو بمثابة الشرط المتأخر اصلا كى يكون حصول القبول ووجوده كاشفا عن حصوله من اول الامر وعدمه عن عدمه كذلك حتى يدعى اشكال الاستحالة: من انه كيف يكون الشئ موجودا مع ان من جملة شرائطه وجوده وجود شرطه المفروض عدم وجوده فعلا.

بل المتوقف على وجود القبول هو تحققه الخارجى ووقوعه في الخارج ليكون محلا لترتب الاثار واللوازم.

والذى ينبه على المختار من معنى البيع فضلا عن الدلالة عليه، انه لو فرضنا ان البايع اراد من لفظ " بعت " مثلا الفعل الانشائى واراد المشترى من لفظ " قبلت " ايضا هذا المعنى المذكور فما الذى يترتب على هذا البيع بعد انشائهما.

فان كان المترتب عليه هو النقل الاعتبارى الذى هو نتيجة كلا الفعلين وحاصل عنهما، يلزم ترتب شئ اجنبى صرف عليه لعدم كونه متعلق قصدهما بالفرض.

وان كان هو نفس الانشاء الفعلى، فهو ليس بيعا في العرف، بل لا فائدة اصلا في ترتبه لاحد من المتبايعين كما هو واضح.

وهذا المعنى المدعى مطرد في جميع التصاريف غير مختص ببعضها دون بعض.

فلا يرد حينئذ عليه محذور من المحاذير السابقة اصلا فتذكر.

اذا تحقق ما ذكرنا فاعلم ان القوم عرفوه بتعاريف عديدة قال المحقق الثانى في جامع المقاصد في تعريفه: " والاقرب ان

٢١٨

البيع هو نقل ملك من مالك إلى آخر بصيغة مخصوصة "(١) .

واورد عليه الشيخ الانصارىقدس‌سره جملة من الاشكال(٢) .

منها: دعوى لزوم الدور في تعريفه لواريد بالصيغة خصوص بعت، اذالمقصود معرفة مادة " بعت ".

ولايخفى ما فيه من الفساد، لان الغرض والمقصود كما ذكرهرحمه‌الله معرفة معنى البيع وان معرفته متوقفة على معرفة مادة " بعت " وليس فيه اشكال، واما توقف معرفة نفس بعت على معناه فغير مسلمة اذيكفى في معرفته انه مما ينتقل به المبيع ويتحقق في ضمنه، واما معرفة حقيقة البيع وانها ماذا؟ كما هو المدعى فليست معرفة صيغة " بعت " متوقفة عليها وهو ظاهر.

ولايخفى ان مانسبه الشيخ اليه من التعريف ليس عين عبارته وان كان مناسبا له، فلعله نقله بالمعنى، وقد ذكرنا عين عبارته فراجع حول تعريف الشيخ الانصارى للبيع.

قال الشيخ الانصارى - بعد سوق الاشكالات على تعاريف القوم للبيع -: فالاولى تعريفه بانه انشاء تمليك عين بمال(٣) وفيه ما لايخفى من الفساد ايضا، بل الانصاف انه اردء التعاريف اما انه انشاء فليس بصحيح اذ حقيقة البيع ليست بانشاء والا يلزم انشاء الانشاء حين المعاملة مع الغير.

_____________________

(١) جامع المقاصد ص ٨ من كتاب المتاجر مع اختصار

(٢) المتاجر للشيخ الانصارى ص ٧٩

(٣) المتاجر ص ٧٩.

٢١٩

واما التمليك فكذلك لانتفاضه بموارد عديدة، مع انها بيع حقيقة، كما في بيع الحصير والاجر والجص وغيرها من ساير الالات واللوازم للمسجد، بغلة موقوفة له، فان التمليك لامعنى له هنا، لعدم المملك عليه.

وكما في بيع العبد الذى كان تحت الشدة والمشقة بمال الزكاة وكما في بيع من ينعتق بمجرد الشراء كالعمودين وامثال ذلك من الموارد فان التمليك فيها ايضا لاوجه له لما مر.

ولذا ادعى بعض من قال في البيع باعتبار التمليك، انه قبل الانعتاق يحصل الملك آناما ثم يحصل العتق تصحيحا لما ادعاه مع ان فيه ايضا ما لايخفى من ان في حصول الملكية لايفرق بين كون زمانها مدة قليلة او كثيرة، فانه اما يحصل فيحصل مطلقا واما لايحصل فكذلك.

واما التفصيل بين كونها آناما وبين غيره فهو كما ترى.

واما التعبير بالعين، ففيه ان اعتباره في حقيقة البيع انما يتم لو سلمنا المسامحة في التعبير في كلمات بعض الفقهاء وفي كثير من الاخبار كالخبر(١) الدال على جواز بيع خدمة المدبر والخبر(٢) الدال على جواز بيع سكنى الدار التى لايعلم صاحبها كما اشار اليها في اول البيع(٣)

_____________________

(١) كخبر ابى مريم والسكونى والقاسم بن محمد راجع الوسائل الباب - ٣ - من ابواب كتاب التدبير الحديث ١ و ٣ و ٤.

(٢) كخبر اسحاق بن عمار المروى في الوسائل، الباب الاول من ابواب عقد البيع وشروطه، الحديث الخامس.

(٣) المتاجر للشيخ الانصارى ص ٧٩.

٢٢٠