نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 57499
تحميل: 3006

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57499 / تحميل: 3006
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

والا اذا قلنا ان البيع كما يتعلق بالاعيان كذلك يتعلق بالمنافع كما ان ابدال المنافع ايضا مقتضى الاخبار(١) من دون الالتزام بالمسامحة فيها كما هو الظاهر منها، فلايتم ما ذكره.

على ان حق التعبير ان يقيد لفظ " العين " بقيد " المتمول " والا كان تعريفه صادقا على ما ليس بيعا شرعيا كما اذا باع قبضة من ماء او تراب بدرهم في مكان لم يكن لهما قيمة هناك كساحل البحر او البر.

والقول بان غالب موارد المبايعة هو المال ولذا لم يقيد به غير كاف، لان الشيخ قدس سالله سره آتى بلفظ المال في جوانب العوض، وغير تعريف السيد الطباطبائى، حيث انه اكتفى في جانب العوض بلفظ " العوض " لاجل انه رآى انه عام شامل لما ليس بمال فبدله بلفظ المال.

مع انه يمكن الاكتفاء بتعريف السيد الطباطبائى والاعتذار بان غالب الموارد في جانب العوض هو المال، ويندر ان يكون العوض غير المال فلا حاجة لتبديل لفظ " العوض " بالمال.

ولايخفى انه لو لم يبدله كان اتم واحسن لما مر من صدق البيع على ما كان اثره الانتقال فيه انعتقاق المبيع كما في بيع العمودين او سقوط الدين سقوطا.

نعم قد اجاد في اسقاط قيد التراضى عن التعريف مع ان السيد الطباطبائى اخذه في التعريف - لصدق البيع على بيع المكره بلااشكال

_____________________

(١) راجع التعليقة على المتاجر للسيد الطباطبائى اليزدىقدس‌سره ص ٥٤.

٢٢١

واما اعتبار " المال " في طرف العوض ففيه انه كما يصح ان يكون المال عوضا عن المبيع ومنتقلا إلى ملك البايع كذلك يصح ان يكون الحق عوضا عنه ويكون انتقاله إلى ملكه - في بعض الموارد - بمعنى سقوطه عن ذمته لاانه يصير ملكا له ثم يسقط كما مر سابقا.

هذه هى الاشكالات الواردة على تعريف الشيخ الانصارى ره للبيع.

ولكن يمكن الجواب عن ثانى الاشكالات وهو النقض بما ذكرنا من موارد عديدة وهو ان نقول: ان ما يوقف للمساجد انما هى موقوفة لاجل صلاح المسلمين ولمصالحهم من صلاتهم واعتكافهم فيها وغيرهما من المصالح الراجعة اليهم لا لاجل الاجر والجص وغيرهما، فاذا يكون المالك تمام المسلمين فيصح التعبير بالتمليك.

نعم يشكل الامر في اجارة الموقوفة لها، بأن احدا من المسلمين اذا استجار العين الموقوفة لها سواء كان امام ذلك المسجد او متوليه او احد المصلين فيه فيصير ذلك الشخص موجرا ومستاجرا من وجهة واحدة وهو غير معقول.

واما الجواب عن النقص ببيع العبد الذى كان تحت الشدة فنقول: ان المالك هنا الفقراء كما ورد في الروايات انه " اذا مات ولم يكن له وارث وقد صار حرا ذا مال يرثه الفقراء لانه قد اشترى بسهم "

٢٢٢

في الرواية(١) او " بمالهم " كما في رواية اخرى(٢) الا ان تلك الروايات مخالفة لظاهر آيه(٣) الزكاة حيث انه تبارك وتعالى قد جعل " وفي الرقاب " فيها قسيما للفقراء وعنوانا مستقلا في حد نفسه.

هذا كله بالنسبة إلى مختار الشيخقدس‌سره في تعريف البيع واما بناء على مختارنا فنقول: انه كما في المصباح عبارة عن مبادلة مال بمال او كما قلنا بعوض، او عن الاعطاء والقبض، وآثار ذلك تختلف باختلاف الموارد فان الاثر المطلوب منه قد يكون انعتاقا كما في بيع العمودين وقد يكون سقوطا وقد يكون غيرها، و اختلاف الاثار واللوازم لايوجب اختلاف الملزم والمؤثر.

وبناء على هذا الايرد عليه اشكال بوجه مما ذكر.

اما بيع الات المساجد بالاموال الموقوفة لها فان من بيده تلك الاموال والموفوقات قد يبادلها بما هو من لواز المساجد وآلاتها.

وبمجرد تبديلها بها تصير موقوفة لها.

ولايحتاج إلى اجراء صيغة الوقف عليها لان اثر ذلك التبديل و الا بدال هو الوقفية كما هو واضح.

فحينئذ يصدق عليه انه اعطى شيئا واخذ آخر وانه ابداله بعوض على المختار، او ابداله بمال كما في تعريف المصباح.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٤٣ - من ابواب المستحقين للزكاة الحديث ٢.

(٢) الوسائل، الباب - ٤٣ - من ابواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

(٣) التوبة: ٦٠.

٢٢٣

واما بيع العبد بمال الزكاة فنقول فيه: ان اثر تلك المبادلة صيرورته يع العبد بمال الزكاة فنقول فيه: ان اثر تلك المبادلة صيرورته من اموال الفقراء، لما مر من انه انما اشترى من مالها على الفرض.

والمبادل في المقام يكون مخيرا في ابقاء العبد على حاله فيجعله خادما للفقراء او غيرهم من مصارف ما الزكاة، او بيعه وصرف قيمته فيها او اعتاقه كما ورد في الرواية(١) من انه يشترى ويعتق.

ومن هنا يعلم انه بمجرد الشراء لايصير معتقا كما توهم، والا فلا يكون حينئذ وجه لقولهعليه‌السلام : " يشترى ويعتق " كما لايخفى واما بيع العمودين فكذلك ايضا الا ان اثرها هنا الانعتاق وهو عتق قهرى ولاينافيه قوله: " لاعتق الا في ملك(٢) لانه في المورد الذى لايكون فيه مانع شرعى، بخلاف المقام في الشارع قد نفى تملكهما عمن ينعتقا عليه، وهو مانع شرعى لايمكن للمكلف رفعه بخلاف المورد الاخر.

ثم ان الشيخقدس‌سره قد أورد امورا بالنسبة إلى تعريفه: منها: انه لو كان البيع انشاء تمليك عين بمال لجاز الايجاب بلفظ ملكت والا فلا يكون مراد فاله.

ولايخفى ان هذا ليس نقضا على مختاره ولا واردا عليه، لانه انما عرفه بانشاء تمليك ومقتضاه جوازه بلفظ ملكت وهو عين مطلوبه كما صرح به ايضا بقوله: " ويرده انه الحق "(٣) اى جواز الايجاب به

_____________________

(١) راجع الوسائل، ج ٦ ص ٢٠٣.

(٢) راجع الوسائل ج ١٦ ص ٦ - ٨.

(٣) المتاجر ص ٧٩.

٢٢٤

واما بناء على مختارنا فلايجوز الايجاب به، لان التمليك كما مر اثر المبادلة ولازمها لانفسها.

ومنها: عدم شموله على بيع الدين على من هو عليه، لان الشخص لايملك مالا على نفسه ولايكون مديونا عليه.

واجاب عنه اولا بانه قد عرفت في السابق وستعرف في اللاحق من تعقل تملك ما في ذمة نفسه فيرجع ذلك إلى سقوطه.

ولايخفى ما فيه، فانا لم نعرف منه الا مجرد دعوى تعقل تملك الشخص على نفسه من دون الاتيان بدليل وبرهان قاطع لمدعاه، والحال ان المستشكل انما يدعى الاستحالة وهذا بيانه: انا لو قلنا ان في بيع الدين على من هو عليه تمليكا ولو كان مرجعه إلى السقوط يلزم اتحاد الداين والمديون عليه وتسلط الانسان على نفسه وهو غير معقول ومحال.

واجاب ثانيا بانه لو لم يعقل التمليك فيه لم يعقل البيع ايضا اذ ليس للبيع لغة وعرفا معنى غير المبادلة و النقل والتمليك وما يساويها.

وحاصل ذلك الوجه دعوى المساواة بين لفظ بعت وملكت ونقلت وما يشبهها في المعنى، ولو فرضنا عدم صحة استعمال بعض منها لعدم تعقل التمليك فيه، يلزم عدم صحة الاخر ايضا قضاء الحق التساوى بينها، الا ان الثانى باطل، اذ المفروض افادة لفظ " بعت " التمليك فيكون الاول ايضا كذلك لما مر من مقتضى التساوى.

وفيه: ان له ان يمنع التساوى بينها كما هو الحق، اذ للفظ التمليك معنى خاص لايصدق الا في مورد يوجد فيه من يتملك بخلاف التبديل

٢٢٥

والمبادلة والبيع فانها معناها عام يصدق فيما كان من يتملك وما لم يكن كما مر في الصور السابقة وبيع الدين ايضا من هذا القبيل في انه يجوز التبديل فيه دون التمليك لما مر.

ومنها: شمول التمليك للمعاطاة، مع ان المشهور، بل المجمع عليه انه ليس ببيع.

وأجاب عنه بأنا ملتزمون بكونها بيعا لما سيجئ، ومراد كل من نفى بيعيته نفى صحته ولزومه لا كونه بيعا.

ولايخفى أن هذا لايكون نقضا على الشيخقدس‌سره ولاعلى غيره ممن عرف البيع بالتمليك لانها حينئذ تكون من افراده ومصاديقه.

نعم يمكن الاشكال عليه بوجه آخر وهو ان نقول: انه ما المراد من الانشاء المأخوذ في تعريف البيع في المعاطاة فان كان المراد منه المقاولة بين المتعاطيين من السؤال والجواب عن القيمة ومقدار البيع من حيث الوزن أو الكيل او غير ذلك، مما هو متعارف حين المعاملة اظهاره واعلامه، ففيه -مع انها ليست بانشاء بلا اشكال تكون المعاطاة حينئذ بيعا بالصيغة ويكون هذا تعميما لصيغة البيع في انه قد تحصل بلفظ بعت وامثاله، وقد تحصل بالمقاولة- لابيعا بالافعال كما هو المختار-.

وان كان المراد منه هو اعطاء المبيع واخذ الثمن مثلا، ففيه انه ليس بانشاء اصلا بل هو ايفاء للمقاولة الواقعة فيما بينهما، وان حالهما حال الاعطاء والاخذ في البيع بالصيغة(١)

_____________________

(١) قد اشترنا إلى ما هو الحق عندنا: من ان الاسباب الفعلية كالاسباب القولية وان الفعل يقوم مقام القول اذا كان صريحا عند العرف في ما يفيد *

٢٢٦

ومنها: صدق تعريفه على الشراء على مستأجر العين بالعين فان المشترى بقبوله للبيع يملك ماله بعوض البيع، والمستأجر بقبوله الاجارة يملك ماله من العين على الموجر بعوض المستأجر به.

واجابقدس‌سره عن كليهما بأن التمليك فيهما ضمنى وانما حقيقته التملك بعوض.

ومنها: انتقاض طرده بالصلح على العين بمال.

واجاب عنه بما حاصله: ان الصلح ليس عين البيع بل معناه الاصلى التسالم، وهو قد يفيد فائدة البيع اذا تعلق بالعين، وقد يفيد

_____________________

القول، فاذا كان الموضوع للاثر امرا انشائيا، يكفى فيه اى سبب عرفى من القول والفعل، فاشارة الاخرس إلى المفارقة عن زوجتها، كالقاء القناع على رأسها.

يقومان مقام " انت طالق " اذا كان سببا عرفيا ولعله إلى ذلك ينظر ما نقل عن ابى حنيفة من ان ابيع ينعقد بما يرونه العرف بيعا وما افاده شيخنا من ان حال الاعطاء والاخذ في المعاطاة حالهما في البيع، بالصيغة، غير تام، لجريان المعاطاة، في الموارد التى لاتوجد هناك المقاولة كما اذا كانت القيمة وسائر الخصوصيات معلومة، بحيث، لايصدر من البايع والمشترى الا الاخذو الاعطاء فلايكون حال الاعطاء والاخذ، فيه حالهما في البيع بالصيغة، لكونهما فيه وفاء‌ا بالمقاولة دون المقام لعدمها بتاتا.

وبهذا يستكشف تغاير حالهما في المعاطاة والبيع بالصيغة في عامة الموارد بل يمكن ان يقال: ان المعاطاة، بيع اصيل، والبيع بالصيغة متفرع عليه والمجتمع الانسانى في بدء امره كان يبيع ويشترى بالمعاطاة ثم اذا بلغ إلى مرتبة من الحضارة، اخذ يدون القانون، فجعل اللفظ والكتابة مكان المعاطاة، خصوصا فيما اذا لم يمكن حمل المبيع فاحتل البيع باللفظ والكتابة مكان البيع بالمعاطاة - المؤلف

٢٢٧

فائدة الاجارة، وقد يفيد فائدة العارية، وقد يفيد الانتقال والاسقاط والابراء اذا تعلق بالحقوق، وقد يفيد تقرير امر بين المتصالحين كما في قول احد الشريكين لصاحبه صالحتك على ان يكون الربح لك والخسران عليك فانه يفيد مجرد التقرير.

ولو كانت عين تلك المعانى الخمسة حقيقة لزم كونه مشتركا لفظيا وهو واضح البطلان فيكون مفهومه معنى آخر وهو التسالم كما مر لكن يفيد في كل موضع فائدة من الفوايد المذكورة حسب ما يقتضيه متعلقه.

فالصلح على العين بعوض تسالم عليه وهو يتضمن التمليك، لاان معناه هو عين انشاء تمليك في خصوص المورد.

ولايخفى ما فيه، اما اولا لانا لانسلم ان معناه التسالم الذى هو الجامع بين الموارد المذكورة، كى يفيد في كل موضع فائدة على حسب اقتضاه متعلقة، بل التحقيق انه اصل مستقل كما اتفق عليه كل الفقهاء وان نسب الخلاف إلى الشيخ في المبسوط، الا ان هذه النسبة اشتباه ناش من الاقتصار بأول كلامه من دون النظر إلى سائر عبائره فيه والا فقد اعترافرحمه‌الله بكونه اصلا مستقلا في موردين، فراجع(١) واما ثانيا، فلانه لو كان بمعنى التسالم، لصح ان يستعمل " سالمت " مكان " صالحت " وليس كذلك بالاتفاق.

واما ثالثا، فلان التسالم لو كان بمعنى الصلح لصلح تعديته بعن

_____________________

(١) راجع المبسوط ج ٢ ص ٢٨٨ - ٢٨٩ قال: فاذا ثبت هذا فالصلح ليس باطل في نفسه.. وقال في موضع آخر ويقوى في نفسى ان يكون هذا الصلح اصلا قائما بنفسه.. فراجع

٢٢٨

ايضا، والحال انه لايتعدى بها وهو واضح لمن كان له انس بعلم اللغة ومحاورات العرب.

والحق ان معنى الصلح كما في اللغة والعرف هو رفع الخصومة والتوفيق بين الطرفين سواء كان بينهما خصومة فعلية ام خصومة مترقبة ام لايكون بينهما خصومة اصلا، اذ ليس ذلك مبتنيا على ملاحظة الخصومة ولو مترقبة كما عليه العامة، بل يستعمل في الصفح والاعراض ورفع اليد وامثال ذلك، ولذا يتعدى إلى المفعول الاول بعن وإلى الثانى بالباء.

ثم اذا تعلق الصلح بالعين بأن يقال صالحت دارى هذه بعوض مثل مائة دينار، يكون هذا الصلح عين البيع من غير فرق بينهما اصلا كما هو الحال في المصالحات الواقعة في الاسواق على ما رايناه فان كل من المتصالحين لايريد من صلحه الا اعطاء ما عنده واخذ ما عنده الاخر او بالعكس.

فحينئذ يكون تلك المعاملة اما بيعا فاسدا اذا فرض الجهالة في البين في العوضين او لايكون بيعا كما لايكون غيره لعدم تعلق الارادة به وهو واضح.

وحينئذ يعتبر في صحته ولزومه ما يعتبر في البيع من الشرايط من عدم الجهالة في الموضعين والقبض في المجلس في مصالحة النقدين وغيرهما من الخيار فيه وغيره، بناء على ان البيع يحصل بكل لفظ دال عليه ولو كان دلالته بذكر قيود مخصوصة عليه من دون ان يكون مخصوصا بلفظ دون لفظ آخر وبصيغة دون صيغة اخرى كما يشير إلى ذلك عبائر الفقهاءرحمهم‌الله من دون تخصيصهم ذلك بلفظ مخصوص او صيغة مخصوصة.

وان من قيده بصيغة مخصوصة عند تعريفه كجامع المقاصد

٢٢٩

فمراده منه ايضا كل ما يدل على البيع ولو كان بواسطة ذكر قيود مخصوصة عليه كما مر، لا ان مراده خصوص لفظ " بعت " كما لايخفى ومما يدل على انه لايلزم في البيع ان يكون له لفظ صريح فيه، بل كما يحصل به، كذلك يحصل بغيره لكن بشرط ان يكون مؤداه كاشفا عنه ولو بواسطة ذكر لوازمه وقيوده، تحير الاصحاب واختلافهم في موارد في انها هل هى بيع اولا.

منها تقبل احد الشريكين حصة نفسه من الثمار على الاشجار بخمسة وزنات مثلا من الاخر.

ومنها رجل اشترى متعاعا بثمن وقال له رجل آخر: شركنى فيما اشتريت من المتاع بنصف قيمته المأخوذة.

ومنها قوله: لك من عندك ولى ماعندى.

فان تحيرهم فيها في كونها بيعا او غيره من سائر العناوين، يدل على ان البيع في صحته وتحققه ليس لابد ان يكون بلفظ خاص دون آخر، والا فلا يكون لدعوى البيعية فيها مجال، بناء على الاختصاص لعدم وجود لفظ مخصوص فهيا للبيع، بل اللازم حينئذ اتفاقهم طرا على انكار البيعية فيها من اصله.

فحينئذ لما ثبت تلك المقدمة من عدم اختصاص البيع في صحته ولزومه بلفظ خاص، بل يتحقق بلفظ عام كما عليه الشيخرحمه‌الله في آخر المعاطاة والمفروض تعلقه على عين في مقابل العوض يكون هذا القسم من الصلح بيعا ويعتبر فيه مايعتبر فيه مما ذكر كمامر، من دون فرق بينهما فيكون مفهومه في خصوص هذا المورد مبادلة مال بمال، او مبادلة عين بعوض.

٢٣٠

ومن هنا ظهر ما في قول الشيخقدس‌سره : " ومن هنا لم يكن طلبه من الخصم اقرارا بخلاف طلب التمليك " من الاشكال.

اذ عدم كون طلب الصلح من الخصم اقرار وكون طلب التمليك والبيع اقرارا ليس من جهة ان الصلح في المورد المذكور ليس بيعا كى يكون اقرار في حقه، بل من جهة ان حقيقته ومفهومه عام كما مر من كونه عبارة عن الصفح والتوفيق ورفع اليد وغيرها من نظائرها، وان اثر هذا المفهوم العام يختلف باعتبار متعلقه، تارة يكون مفيدا فائدة التمليك، واخرى فائدة الابراء، وثالثة فائدة الاجارة وهكذا من موارده، ومن المعلوم ان العام لادلالة له على الخاص بوجه.

واما اذا كان متعلقه هو العين في مقابل المال كما هو المفروض في المقام يكون بيعا ويكون طلبه اقرارا له بلااشكال كما في طلب التمليك والبيع.

فبناء على ذلك يكون تعريفه منتقضا بمثل ذلك بناء على مختاره وليس كذلك بناء على ما اخترناه كما لايخفى.

نعم ان ما صرنا اليه من دعوى البيعية فيه في مورد خاص كما مر تفصيله ينافى ما اتفق عليه القوم ويباينه من انهم اتفقوا على ان الصلح اصل مستقل في نفسه في قبال سائر العناوين، واتفقوا ايضا على ان الجهالة في العوضين غير مضرة في صحة المصالحة وانه ليس كالبيع في اشتراط التعيين فيهما وان ذهب بعض الاعلام كالمحقق الاردبيلىقدس‌سره وبعض آخر إلى اشتراط التعيين فيه ايضا، الا انه يمكن ان يقال فرارا عن مخالفتهم: الانصاف ان التبادل الملحوظ في باب الصلح

٢٣١

انما هو واقع بين الفعلين حقيقة اى فعل المصالح وفعل المصالح له، لما علم سابقا من ان معنى الصلح لغة وعرفا وفي جميع المورد التى وقعت في الكتاب المجيد، هو الصفح والتجاوز، اى تجاوز احدهما عن فعله في مقابل تجاوز الاخر عن فعله وان كان هذا التجاوز والاعراض لايتحقق خارجا الا في ضمن المتصالح عنه والمتصالح به وتبادلهما فيه الا ان متعلق الصلح هو الفعل اولا وبالذات وبالاصالة، وان صدق عليه التبادل ثانيا وبالعرض وبالتبع.

بخلاف التبادل في باب البيع، فانه انما هو فيما بين العوضين بالاصالة.

وبهذا يظهر الفرق بين المقامين، الا ان هذا خلاف ما عليه ديدن العرف في مصالحاتهم كما في زماننا هذا، فانا نراهم لايصالحون في مورد الا كان غرضهم من المصالحة دفع المصالح عنه واخذ المصالح به فقط بالنسبة إلى المصالح، ودفع المصالح به واخذ المصالح عنه بالنسبة إلى المصالح له، فهذا عين البيع فلاحظ.

ومنها: انتقاضه بالهبة المعوضة، والمراد منها هنا ما اشترط فيها العوض كى يكون موردا للنقض نعم يكون ما اذا وهب الواهب هبة مطلقة من دون اشتراط العوض ثم وهب الموهوب له بعد هبته شيئا بداعى العوض خارجا فان هذه الهبة المطلقة وان كانت تصير هبة لازمة ايضا بالاجماع مثل ما اشترط فيه العوض، كما تعرض لها في الشرايع، لكنها لاتكون موردا للنقض، لانها ليست على صورة المقابلة كما هى

٢٣٢

كذلك في مورد النقض لما هو مقتضى الشرط.

وأجاب عنه الشيخ(١) بأنها ليست انشاء تمليك بعوض على جهة المقابلة، والا لم يعقل تملك أحدهما لاحد العوضين من دون تملك الاخر للعوض الاخر، مع ان ظاهرهم عدم تملك العوض بمجرد تملك الموهوب، بل غاية الامر أن للواهب رجوعا في الهبة لو لم يؤد المتهب عوضها.

والحاصل أن مخالفة الشرط لايوجب بطلان عقد الهبة وعدم انعقادها كى لايحصل التملك من أول الامر، بخلاف عدم دفع الثمن في البيع، فانه موجب لعدم انعقاد العقد من أول الامر فلايحصل الملكية عند الامساك عن دفع الثمن، وهذا بخلاف الامساك عن دفع العوض في الهبة العوضة، فان امساك الموهوب له يكون سببا لجواز الرجوع له كما مر، فيكون حال تلك الهبة المشروطة في صورة عدم الوفاء بشرطها مثل حال الهبة غير المشروطة.

مضافا إلى أن الجهل بالموهوب لايضر بصحة الهبة، بخلاف الجهل بأحد العوضين في البيع فانه يضر.

ومنها: انتقاضه بالقرض لصدق التعريف عليه من كونه انشاء تمليك عين بمال.

لكن فيه كما افاد الشيخ(٢) أيضا، ان الغرض الاصلى من القرض ليس المعاوضة والمقابلة، بل هو تمليك على جهة الضمان بالمثل والقيمة،

_____________________

(١) راجع المتاجر ص ٨٠،(٢) المتاجر ص ٨٠.

٢٣٣

لامعاوضة العين بالمال حقيقة.

وقال فيه أيضا: "ولذا لايجرى فيه ربا المعاوضة ولا الغرر المنفى فيها ولاذكر العوض ولاالعلم به".

توضيح ذلك انه لايعتبر في تحقق الربا في القرض ما يعتبر في تحققه في المعاوضات الاخر من اعتبار كون العوضين من جنس واحد، واعتبار كونهما من قبيل المكيل والموزون، بل يحرم فيه الزيادة مطلقا وان لم يكونا من جنس واحد هذا.

لكن في دلالة ذلك على عدم كونه معاوضة اشكال بل منع وان كان اصل المدعى حقا ثابتا لوضوح أن القرض تمليك بالضمان لابعوض، وبعبارة اخرى انه صفح واعراض عن شخصية الشيئ المقروض به دون ماليته، ولذا لو تعذر مثله أو تنزل قيمته حين أداء المديون عن قيمته الاصلية وعن مالية الاولية، يجب عليه مراعات قيمته الاصلية ولايكفى أداء قيمته الحالية الناقصة عما في ذمته من المالية السابقة.

وجه المنع يمكن ان تكون دائرة الرباء في بعض المعاملات اوسع من البعض الاخر كما، هو كذلك في الرباء القرضى والرباء المعاوضى، فهو في الاولى اوسع لما عرفت.

وانه يجوز الاقتراض مع الجهل بالمقادر وسائر الاوصاف وان كان غررا، وانه لايجب ذكر العوض ولاالعلم به ولو كان من المعاوضات المعهودة المخصوصة المتعارفة وجب فيه ذكر العوضين والعلم بكليهما كما هو واضح.

_____________________

(١) المتاجر ص ٨٠ طبع تبريز

٢٣٤

تمت الرسالة بيد مؤلفها الفقير، محمد حسين السبحانى الخيابانى التبريزى في النجف الاشرف، في جوار الحضرة العلوية على ساحتها الصلاة والتحية ولكن حالت العوائق، بين شيخنا العلامة دام ظلله، وما كان يرومه من ادامة البحث حسب ما في متاجر الشيخ الانصارى قدس الله سره، فلاجل ذلك نختم البحث في هذا المقام مصلين على نبيه وآله وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

رسالة موجزة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

اما بعد: فهذه رسالة موجزة في بيان امرين.

الاول: احكام ملاقى الشبهات المحصورة، ولم استوف الصور، لكن يعلم حكم ما لم نذكر، مماذكر.

الثانى: احكام صورة الاضطرار، فيما اذا اضطر إلى ارتكاب احد الطرفين، بعينه اولا بعينه.

وارجو من فضله الواسع ولطفه العميم ان ينتفع به الاخوان الكرام.

ويدعوا للمؤلف بالخير والغفران.

٢٣٥

احكام ملاقى الشبهة المحصورة

اعلم أن الحق أن ملاقى الشبهة المحصورة محكوم بالطهارة مطلقا، سواء كانت الملاقاة قبل العلم بالنجاسة الموجودة في أحد الشبهتين ام بعده وان مال بعض إلى الطهارة في الصورة الثانية دون الاولى. لما ستعرف من انهما من واد واحد من غير فرق بينهما في ذلك اصلا.

اما وجه كونه طاهرا أن الاجتناب عن المشتبهنين واجب من جهة المقدمة العلمية للاجتناب عن النجس المحقق الواقعى في احديهما، لصدق الامتثال للخطاب المنجر وهو قوله: " اجتنب عن النجس " بالاجتناب عن المشتبهين وان لم يجتنب عن الملاقى، ولايصدق الامتثال اذا لم يجتنب عنهما وان اجتنب عن الملاقى كمال الاجتناب.

وأن شئت قلت: أن أصالة الطاهرة في جانب الملاقى سالمة عن المعارض فلا مانع من جريانها فيه بخلافها في نفس المشتبهين، فان جريانها في احدهما معارض بجريانها في الاخر فيتساقطان، فيجب الاجتناب عنهما معا لما مر من عدم صدق الامتثال الا باجتنابهما.

٢٣٦

اما حكم الملاقى اذا خرج الملاقى (بالفتح عن محل الابتلاء فنقول: اذا لاقى شئ بأحد المشتبهين ثم خرج الملاقى - بالفتح - عن محل الابتلاء بعد حدوث العلم الاجمالى ففى هذه الصورة لايجب الاجتناب، عن الملاقى (بالكسر) ويجب الاجتناب عن صاحب الملاقى (بالفتح).

اما الاول: فلان العلم الاجمالى حدث بين المشتبهين منجزا اطرافه ولم يكن الملاقى (بالكسر) طرفا للعلم وكانت اصالة الطهارة مثلا فيه بلامعارض، وخروح الملاقى بالفتح عن محل الابتلاء لايجعله طرفا للعلم بل الاصل يبقى فيه بلامعارض.

اما الثانى، فلان الاجتناب عنه اثر العلم الاجمالى المنجز سابقا وخروج احدهما عن محل الابتلاء، نظير اراقة احدى الانائين لايؤثر في رفع وجوب الاجتناب ابدا فان اثر العلم وهو وجوب الاجتناب موجود، وان لم يكن نفس العلم موجودا واما اذا خرج عن محل الابتلاء قبل حدوث العلم الاجمالى، فيجب الاجتناب عن صاحب الملاقى (بالفتح) والملاقى، لان الملاقى عندئذ يصير طرف العلم الاجمالى، فيعارض الاصل الجارى فيه مع الاصل الجارى في صاحب الملاقى (بالفتح) لانه يعلم اجمالا، بانه اما يجب الاجتناب، اما عن صاحب الملاقى (بالفتح) واما عن الملاقى والملاقى، وكون الملاقى (بالفتح) خارجا عن محل الابتلاء لايجب تأثيرا في تنجيز العلم الاجمالى بالنسبة إلى الملاقى (بالكسر).

وهذا نظير ما اذا علم بان النجس، اما ذاك الاناء او الانائين اللذين خرج احدهما عن محل الابتلاء كما انه اذا فرض عود الملاقى

٢٣٧

(بالفتح) إلى محل الابتلاء، فهل يجب الاجتناب حينئذ عنه ايضا اولا الظاهر نعم، لانه بخروجه عن محل الابتلاء لم يكن محكوما بالطهارة، لانه لااثر للاصل في الخارج عن محل الابتلاء وبعد عوده، يقع جزء‌ا لطرف العلم السابق.

الاضطرار إلى ارتكاب احد المشتبهين

واما حكم الاضطرار إلى ارتكاب بعض الاطراف دون بعض فحاصل القول فيه: ان الاجتناب عن الباقى الذى هو غير مضطر اليه ليس بواجب مطلقا سواء كان الاضطرار قبل العلم ام بعده أم معه.

وسواء كان المضطر اليه معينا ام غير معين، لان الادلة المتضمنة للاحكام الواقعية مقيدة بالادلة الدالة على الاحكام الثانوية من حكم الاضطرار والاكراه وغيرهما بمعنى أن النجس أو الخمر يجب الاجتناب عنه الا في صورة الاكراه والاضطرار مثلا، فيكون احد المشتبهين مرخصا فيه من قبل الشرع لتلك الادلة الثانوية فيكون الباقى حينئذ مشكوكا بالشك البدوى.

فان شئت قلت: أن شرط تنجيز العلم الاجمالى أن يكون منجزا على كل تقدير، بمعنى أن المعلوم بالاجمال لو فرض كونه في هذا الاناء يجب الاجتناب عنه وكذا لو فرض كونه في ذاك الاناء يجب الاجتناب عنه وهو غير متحقق في المقام لما مر من ان الطرف المضطر اليه لو فرض وجود الخمر أو النجس فيه حقيقة وواقعا غير واجب الاجتناب عنه لترخيص الشارع فيه فلايعقل منه أن يامر حينئذ مع ذلك بوجوب العمل بمقتضى العلم ايضا، فيكون غيره من الاطراف غير واجب

٢٣٨

الاجتناب لكونه مشكوكا ابتدائيا عندئذ في جميع الصور الاربعة من غير فرق كما لايخفى على الفطن فافهم واغتنم.

ويؤيد ما ذكرنا من عدم وجوب وجوب الاجتناب عن الباقى انه لو علمنا بخلية احدهما تفصيلا ولكن لانعلم أنه الخمر الذى كان في احد الطرفين وانقلب إلى الخل أو كان خلا من اول الامر حين ما كان طرفا للعلم.

فلا يجب الاجتناب عن الطرف الاخر لكون خمريته صرف احتمال وشك، والفرق بين الاضطرار والفقدان غير خفى لان التكليف قبل مفقودية احد الطرفين كان منجزا ببركة العلم والاجتناب واجبا عن كليهما فان الفقدان، لايقلب التكليف، ولايصير محرم الشرب واجبه، ولاجل ذلك يبقى التكليف في الاخر الموجود، على حال.

وهذا بخلاف الاضطرار، فانه يقلب التكليف ويجعل محرم الشرب واجبه في المضطر اليه فيكون وجود الحرام في الاخر، مشكوك الوجود بدأ.

نعم يمكن الفرق بين صورتى الاضطرار من كون المضطر اليه معينا او احدهما لابعينه، بوجوب الاجتناب عن الباقى والاحتياط في الثانية دون الاولى.

وذلك لمامر من الوجه المذكور آنفا من ان ادلة الضطرار بانضمامها بادلة وجوب الاجتناب عن الخمر أو النجس، توجب تقييدها بها فيكون مفادها انه يجب الاجتناب عن الخمر غير المضطر اليه او عن النجس غير المضطر اليه وهكذا، فعلى هذا يمكن دعوى انقلاب الحكم

٢٣٩

بوجوب الاجتناب عن الفرد المعين المضطر اليه إلى حكم آخر من وجوب الشرب والاستعمال كما هو مقتضى الاضطرار فيكون الفرد الاخر غير المضطر اليه، مشكوكا بالشك البدوى.

بخلاف الفرض الثانى فان التكليف قد كان منجزا فيه لكن الشارع من جهة الارفاق للمكلفين رخص في ترك بعض الاطراف دون بعض فيجب الاجتناب حينئذ عنه لعدم انقلاب الحكم هنا كى يكون حكم الباقى ببركته مشكوكا بالشك البدوى كما في الاول فافهم.

المشتبهان التدريجيان اعلم انه اذا كان المشتبهان تدريجيين مطلقا من اى نوع كان يجب الاجتناب عنهما ايضا وان لم يكن احدهما موجودا فعلا لكن يوجد بعد مدة، لكن يشترط في ذلك ان يكون الطرفان واجدا لجميع شرائط وجوب الاجتناب من اعتبار كونهما محل الابتلاء وغيره ومما ذكرنا يظهر ما في كلام الشيخ الانصارىقدس‌سره من الاشكال وهو الفرق بين الامثلة الثلاثة من الحكم بوجوب الاجتناب في مسألتى النذر والبيع الربوى وبعدم وجوبه في مثل الحيض مع ان الوجه في الكل على حد سواء، لكن يمكن مع ذلك ابداء الفرق وايجاده فيما بين الامثلة، وحاصله: ان الموضوع في مسألة النذر هو شرب الناذر فيما نذر ان لا يشرب التتن ليلة واحدة لكن ترددت هذه الليلة بين ليلتى الجمعة والخميس، والحكم وهو حرمة شربه ايضا معلوم، غاية ما في الباب ان زمان شربه مجهول مردد بينهما وهو غير مضر في ثبوت الحكم ولاجل ذلك لو نذر

٢٤٠