نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 58304
تحميل: 3165

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 58304 / تحميل: 3165
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

ففيه أن كون الملك في الهبة اللازمة وغير اللازمة على نهج واحد مسلم بالحس والوجدان، لكنه لاينافى كونه مختلفا بخصوصية المحل وبلحاظ المورد كما في الهبة لذى الرحم ولغيرهم، فان معناها هو انشاء الملك قى كلا الموردين على نسق واحد ونهج فارد بلا اشكال، فيه، لكن لما كنا جاهلين بمواردها حقيقة كشف الشارع عن حقيقتها بانه ان وقعت على ذى الرحم تكون لازمه، وان وقعت لغيرهم تكون غير لازمة.

ووجه الفرق خصوصية المحل في كليهما ونظير ذلك كما فيمن أحدث الحرارة في محلين مختلفين بان احدث حرارتين متساويتين من جميع الجهات في محلين، لكن أحدهما أشد من الاخر كما في الحديد والخزف فانها وان كانت على نحو واحد، الا أن اختلاف المحل يجعلها مختلفين حيث ان بقائها في الاول يكون ازيد زمانا من الاخر: فظهر أنه يمكن اختلاف المعنى الواحد على ما نحسه بالوجدان باختلاف بعض الخصوصيات كما عرفت، فيكون المقام من قبيل الاستصحاب الكلى، ويخرج عما هو الفرض من كون الاستصحاب استصحاب الفرد كما هو مقتضى تسليم الشيخقدس‌سره عدم جريانه فيه، وتنزله عنه إلى دعوى جريان الاستصحاب في الفرد. واما في الثالث من قوله أن اللزوم والجواز لو كانا.. ففيه انا نختار الشق الثانى، وقوله لزم امضاء الشارع العقد على

٤١

غير ما قصده المنشئ مدفوع بأن المسلم من كون العقود تابعة للقصود هو مطابقة اصل المعنى للقصد وتبعيته له، والمفروض أن المنشئ قد قصد الملكية عند انشائه العقد، واما مطابقية خصوصية زائدة عليه خارجة عن مقتضاه مستفادة عن اعتبار الشارع لخصوصية المحل أعنى اللزوم وعدمه، فليس بمسلم.

واما في الرابع(١) ففيه ان كون الشئ بالحس والوجدان واحدا لايستلزم ان يكون واحدا شخصيا خارجيا كى يكون المستصحب مفردا لاكليا بل يمكن ان يكون مع ذلك كليا مرددا بين فردين او أفراد كثيرة متحدة الحقائق فحينئذ يكون المستصحب في المقام كليا فلازمه استصحاب الكلى لاالفرد.

مضافا إلى ما ذكرنا ان لنا جوابا آخر: وهو ان لنا دليلا على ان المسبب ايضا مختلف وليس الاختلاف منحصرا في الاسباب ليس غير.

وبيان ذلك أن المؤثر في المقام هل هى الاسباب باختلافها او هى بجامعها؟ اما الثانى فخلاف الفرض اذا المفروض ان المؤثر هى الاسباب وأما الاول، فلازمه تعدد الاثر المسبب بتعدد الاسباب والمؤثرات بلا اشكال، كما هو مقتضى اختلافها.

_____________________

(١) لايخفى ان هذا ايضا هو الوجه الثانى من الوجوه الثلاثة المذكورة في كلام الشيخ لاالرابع.

٤٢

وعن الثالث: وهو كون الاستصحاب بين متعارضين، وأن أحدهما حاكم على الاخر.

ففيه اشكالان: الاول: أن كون جريان استصحاب بقاء الملكية للمالك الجديد معارضا باستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك الاول عن ملكه، متوقف على عدم انقطاع العلاقة له عن ملكه كلية والحال أن المعلوم من الاخبار الدالة على ثبوت الخيار لذيه في بابه انقطاع علاقته عن ملكه كذلك، وأن الخيار الثابت له حق آخر مجهول عن قبل الشارع ليندفع به الضرر الوارد عليه من جهة العيب الموجود في المبيع أو من جهة الغبن أو غير ذلك من أسباب الخيار، وقد مر سابقا أن معنى الخيار هو فسخ ذى الخيار العقد ورجوعه فيه لا الرجوع بالمال والعين.

فظهر أن مقتضاه استرداد مازال عن ملكه حقيقة وواقعا من المال باعمال الحق المجهول من الخيار عند تحقق اسبابه فتأمل.

الثانى: ان كون أحد الاستصحابين حاكما على الاخر لامعنى له الا كونه سببا والاخر مسببا كما هو المطلوب من الحكومة في اصطلاحاتهم والمقام ليس من هذا القبيل.

فان بقاء الملكية فيه للمألك الثانى ليس مسببا عن بقائها للمالك الاول، كى يكون حاكما عليه ولايكون مجال لجريانه فيه، بل كل واحد منهما مسبب عن سبب غير سبب الاخر كما هو معلوم.

٤٣

ثم لايخفى أن الحق جريان هذا الاستصحاب مطلقا سواء كان أثر العقد سبقا ام تسلطا أم غيرهما من الاثار من دون فرق بينهما.

وما ذهب اليه الشيخ الانصارىقدس‌سره من الفرق في جريانه بين كون الاثر سبقا وكونه تسليطا في غير محله اذما من عقد الايكون له اثر كما لايخفى.

هذا كله في الشبهة الحكمية، وأما جريانه في الشبهة الموضوعية فلا اشكال ايضا فيه كما لااشكال في كون اللزوم مقتضى العقود.

٤٤

اقسام الخيار وهى كثيرة حتى عد بعض لها عشرين موردا الا انا نكتفى بذكر الاهم منها كما هو المتعارف في كتب الاكثر وهى سبعة:(١) الاول خيار المجلس: اعلم انه لااشكال في ثبوت هذا الخيار بين الامامية والعامة، الا ان اباحنيفة قد انكر ثبوت ذلك، وتصدى بعض من تبعه من اشياعه بتوجيه النصوص المستفيضة الواردة في اثبات ذلك الخيار وبتأويلها، تفصيا عن رد كلامه وتخلصا عما يرد عليه من الاشكال بها، فراجع إلى كتبهم.

هل يثبت خيار المجلس للوكيل ثم لااشكال ايضا في ثبوته للماللكين العاقدين، وانما الكلام والاشكال في انه هل هو ثابت لو كليهما أولا.

قال بعض بثبوته لهما مطلقا، وقال آخر وهو المحقق الثانى بعدم ثبوته لهما كذلك وانما الثابت لموكليهما فقط، وفصل ثالث كالشيخ الانصارى في مكاسبه بين أن يكونا وكيلين في خصوص اجراء

_____________________

(١) لايخفى انه لم يتعرض المؤلف في هذه الرسالة الا لاربعة منها وهى المجلس والحيوان والشرط والغبن.

٤٥

العقد أو وكيلين في التصرف في مال الموكل مطلقا على أى نحو اتفق من التصرف المالى، بأن كانا مستقلين في التصرف في ماله بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها كالعامل في مال المضاربة مثلا وكاستقلال أولياء القاصرين من الصغار والمجانين في تصرفهم في اموالهم على أى نحو شاء‌وا، وأرادوا، أو كانا مستقلين في التصرف في ماله في خصوص أمر واحد كالبيع والشراء للموكل، وجوه.

قالقدس‌سره : بعدم ثبوت الخيار لهما في الوجه الاول لامور: منها أن المتبادر من قوله: البيعان بالخيار مالم يفترقا غير الوكيلين في مجرد اجراء العقد.

وفى الوجه الثانى لهما لعموم النص، وان دعوى تبادر المالكية ممنوعة خصوصا اذا اسندت هذه الدعوى إلى الغلبة، لان معاملة الوكلاء والاولياء لاتحصى.

وفى الوجه الثالث بعدم ثبوته لهما ايضا كالوجه الاول لا لماذكر في وجهه من انصراف الاطلاق إلى غير ذلك او تبادر غيره من النص، بل لبعض ماذكر فيه من ان مفاد ادلة الخيار اثبات حق وسلطنة لكل من العاقدين على ما انتقل إلى الاخر بعد الفراغ عن تسلطه على ما انتقل اليه، وعن تمكنه عن رد ما في يديه، فلا يثبت بهذه الادلة هذا التمكن والتسلط لو شك في ثبوته، ولم يكن مفروغا عنه في الخارج.

هذا حاصل ماذكرهقدس‌سره في كتابة المذكور(١) لكن اقول انه لقد اجاد فيما افاد بالنسبة إلى الوجه الاول من

_____________________

(١) راجع المتاجر ص ٢١٧ طبع تبريز.

٤٦

الدليل، من عدم ثبوت الخيار للوكيلين فيه لعدم صدق البيع عليهما او انصرافه عنهما او المتبادر منه من باشر التصرفات المالية من الاخذ والرد دون من باشر بمجرد اجراء العقد ليس غير، كما هو الفرض.

كما ان دعواه ثبوته في الوجه الثانى لمقتضى صدق البيع عليهما في غاية الجودة والمتانة، لما ذكر من الصدق وعموم النص. واما قولهقدس‌سره في الوجه الثالث.

بعدم ثبوته لهما لالعدم صدق النص عليهما فيه، او انصرافه عنهما اذالبيع صادق عليهما بلا اشكال، وليس منصرفا عنهما اصلا، بل لعدم بعض ما ذكره وجها للاول من الوجوه، وهو ان اطلاق ادلة الخيار مسوق لافادة سلطنة كل من العاقدين على ما نقله عنه بعد الفراغ عن تمكنه عن رد ما في يديه مما انتقل اليه والمفروض ان الوكيلين ليسا متمكنين عن رد ما انتقل اليهما لعدم كونهما وكيلا فيه، بل هما وكيلان في خصوص المعاوضة، فلايشمل عليهما البيع بهذا النحو.

فمدفوع بان المفروض ان البيع صادق عليهما وان ثبوت الخيار وعدم ثبوته يدور مدار صدق البيع وعدم صدقه، وكون الصدق مشروطا بهذا الشرط المذكور اول الكلام فعلى مدعيه اثباته.

ولصاحب المسالك في هذا المقام كلام لكن الانصاف انه خلط في التمسك بثبوت الخيار وعدم ثبوته بين ما هو مقتضى ادلة الخيار وبين ما هو مقتضى ادلة الوكالة.

لكن سلوك الشيخ الانصارى في المقام وهو التمسك بمقتضى ادلة الخيار فقط موافق لمسلك القوم فراجع. ثم ان أغمضنا عن شمول أدلة الخيار في أثباته للوكيلين، وقلنا

٤٧

بأنها دالة على خيار العاقدين المالكين، كما عن المحقق الثانى، هل يمكن التمسك فيهما بعموم أدلة الوكالة أولا؟.

الحق أنه يمكن التمسك بها في ثبوته للوجه الثانى، أذالمدار في الثبوت وعدمه على صدق البيع وعلى عدمه، والمفروض أنهما فيه بيعان كما هو مقتضى تفويض أمر المعاوضة أليها مطلقا كما مر سابقا وهذا واضح لا اشكال فيه.

كما أن عدم جواز التمسك بها في ثبوته للوجه الاول أيضا كذلك لمامر من عدم صدق البيع فيه.

وأما جواز التمسك بها في ثبوته للوجه الثالث فوجهان من جهة أن الوكيل فيه بيع وأن أدلة الوكالة تنزله منزلة المالك العاقد، فيثبت له ما ثبت له من الخيار، ومن أن هذه الادلة تجعله نائبا أو وكيلا عن قبله فيما وكل فيه من متعلق الوكالة لا وكيلا فيما أزيد منه كما هو مقتضاها فلا يثبت له الخيار حينئذ، والاخير منها لايخلو عن قوة وهو الحق.

ثم هل يثبت الخيار للموكلين عند حضورهما في مجلس العقد في الموارد الثلاثة المذكورة أولا؟.

أقول انهقدس‌سره لقد أجاد أيضا في قوله بثبوت الخيار في الاول من الوجوه لهما، لان الخيار حق ثابت للبيع والمفروض أن الوكيل في مجرد أجراء العقد ليس بيعا كما مر، فيكون البيع نفس الموكل فيثبت له الخيار.

وأما ثبوته لهما في الثانى والثالث ففيه أشكال لمامر من أن ثبوته يدور مدار صدق البيع وعدم صدقه، وهما ليسا بيعين حقيقة بل البيع

٤٨

حقيقة وكيلاهما كما هو مقتضى تفويض امور المعاملة مطلقا أو خصوص أمر المعاوضة من البيع والشراء أليهما كما مر آنفا، مع أن المراد من الحضور والاجتماع الحضور العيى والاجتماع الكذائى بخلاف حضور الموكلين عند المعاملة واجتماعهما حال البيع، فأنه ليس اجتماعا بيعيا وحضورا كذلك كما لايخفى.

بقى هنا شئ: قال الشيخقدس‌سره فقد يتحقق في عقد واحد الخيار لاشخاص كثيرة من طرف واحد او من طرفين، فكل من سبق من أهل الطرف الواحد ألى أعماله نفذ وسقط خيار الباقين بلزوم أو بأنفساخه، وليس المقام من تقديم الفاسخ على المجيز، فأن تلك المسألة فيما أذا ثبت للجانبين وهذا فرض من جانب واحد انتهى(١) وتوضيح ذلك أنه اذا فرضنا عشيرة أشخاص موكلين شخصا واحدا في المعاملة الكذائية في طرف واحد من العقد، وفرضنا عشرة اخرى موكلين شخصا آخر من طرف آخر منه بأن كان احدهما وكيلا منهم في بيع العبد عن قبلهم والاخر وكيلا في شرائه لهم اذا شرطوا الخيار لكليهما او في بيع حيوان بحيوان، بأن بدل احدهما بالاخر ليكون الخيار لكليهما، او فرضنا احد المتعاملين وكيلا كذلك والاخر اصيلا او امثال ذلك من الفروض.

وفرضنا فوت احد الوكيلين او كليهما بعد ان تحقق المعاملة الكذائية فان الخيار حينئذ ينقل منه إلى الموكلين بلا اشكال لكونه حفا لهم

_____________________

(١) المتاجر ص ٢١٧ طبع تبريز

٤٩

ومقتضى كلامهقدس‌سره انه ان اعمل احدهم الخيار امضاء او فسخا نفذ ويسقط عن الباقين من الموكلين، وهذه المسألة ليست من مسألة تقديم الفاسخ على المجيز، يعنى ان الفاسخ هناك مقدم على المجيز سواء كان فسخه سابقا على اجازة المجيز ام لاحقا عليها والوجه في ذلك ان معنى اجازة المجيز العقد، انه يبقى العقد على حاله وان يسقط الحق الثابت له شرعا من الخيار عن نفسه فقط، ولاربط له لاسقاط حق غيره منه بخلاف فسخ الفاسخ فانه يعدم الموضوع وهو العقد من البين، فلا يبقى لغيره حينئذ حق اصلا لانتفاء موضوعه مطلقا سواء قدم على الاجازة ام اخر عنها فلا تاثير لوقوع الاجازة بعد فسخ الفاسخ لما عرفت من الوجه.

هذا حاصل كلامهقدس‌سره ولكن لايخفى ما فيه من الاشكال فان عدم سقوط حق الفاسخ في مسألة تقديم الفاسخ على المجيز في صورة كونه مسبوقا على الاجازة الواقعة من صاحبه وعدم كونها مفيدة للزوم العقد في تلك المسألة كى لايكون لاعمال الفسخ مجال، ان كان الملاك فيه ثبوت الحق من الجانبين واعتبار تعدده في البين، فقد يمكن لنا فرض ثبوته فيما نحن لكل من الموكلين ايضا لعدم المانع فيه لصدق البيع على كل واحد منهم، فيكون حكمه حينئذ مثل حكم تلك المسألة فيما ذكر لها من الحكم من غير فرق، فان اجاز واحد منهم فلا تكون اجازته مسقطة لحق الغير من الباقين بل انما تكون مسقطة لخيار نفسه والتزاما لبقاء العقد على حاله.

فعلى هذا لو فسخ واحد منهم العقد يكون نافذا ومعدما للعقد وان كان ذلك بعد الاجازة، كما انه كذلك هناك.

٥٠

وان كان الملاك في سقوط حق الفاسخ بعد فرض وقوع الاجازة قبله فيما نحن فيه، هو وحدة الحق ولذا كانت الاجازة بمجرد صدورها مؤثرة فلا اثر للفسخ بعد فرض وقوعها فيه.

فلو امكن فرض وحدة الخيار في تلك المسألة للمتبايعين كليهما مطلقا اجازة كانت ام فسخا كما انه مما يحتمل لصدق قولهعليه‌السلام البيعان بالخيار مالم يفترقا عليه أيضا، يكون حالها مثل حال مانحن فيه أن الواقع من كل واحد منهما مطلقا أجازة أم فسخا يكون مؤثرا في اللزوم أو الفسخ فلا يكون بعد ذلك لاعمال الاخر خيار في المقام سواء أجاز أم فسخ، بل لامعنى له لوجود الطبيعة في ضمن الفرد، ولو كان ذلك الفرد الموجود اجازة مثل ما نحن فيه بعينه.

٥١

ارث خيار المجلس

ثم ان الشيخقدس‌سره قال في مسألة أرث الخيار: أن في استحقاق كل من الورثة للخيار مع أنه شئ واحد لايقبل التقسيم والتجزية، وجوها اربعة.

الاول: استحقاق كل منهم خيارا مستقلا متعددا بتعددهم مثل استحقاق مورثهم ولازمه عدم سقوط خيار بعض اجازة أو فسخا باعمال البعض الاخر خياره كذلك كما لايخفى نظير حد القذف وحق الشفعة الذى لايسقط بأخذ البعض عن الباقين.

والاستناد في ذلك إلى النبوىصلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله: ماترك الميت فلو ارثه وغيره.

الثانى: استحقاق كل منهم خيارا مستقلا في نصيبه، ولازمه جواز الفسخ، له فيه دون باقى الحصص، ويكون مع اختلاف الورثة في الامضاء والفسخ ثبوت الخيار على من عليه الخيار من جهة تبعض الصفقة.

وقال في وجه ذلك انه لما كان الخيار غير قابلة للتجزية والتقسيم كان مقتضى أدلة ارث الورثة فيما ترك مورثهم تعين تبعضه بحسب متعلق الخيار، نظير المشتريين لصفقة واحدة اذا قلنا بثبوت الخيار لكل منهما بسبب حدوث العيب مثلا.

٥٢

الثالث: استحقاق مجموع الورثة الخيار من دون ارتكاب تعدده بالنسبة إلى جميع المال، ولا بالنسبة إلى حصة كل منهم، لان مقتضى أدلة الارث في الحقوق والاموال أمر واحد وهو ثبوت مجموع ماترك لمجموع الورثة، الا أن التقسيم في الثانية لما كان أمرا ممكنا يكون مرجع اشتراك المجموع من الورثة في المجموع من الاموال إلى اختصاص كل منهم بحصة مشاعة بخلاف الحقوق، فانها باقية على حالها من اشتراك المجموع فيها سواء ارادوا اجازة أم فسخا، فلابد من اتفاقهم عليها او عليه، فلايجوز لبعضهم الاستقلال بالفسخ لافى الكل ولافى حصته.

الرابع: وهو الذى عبر عنه بقوله: وهنا معنى آخر وهو قيام الخيار بالمجموع من حيث تحقق الطبيعة في ضمنه لامن حيث كونه مجموعا كما في الثالث فحينئذ يكون لازمه جواز استقلال كل منهم بالفسخ مالم يجز الاخر لتحقق الطبيعة في الواحد، وليس له الاجازة بعد ذلك كما أنه لو اجاز الاخر لم يجز له الفسخ بعده كما ان المجموع ايضا كذلك. هذا حاصل ما افادهقدس‌سره هناك.(١) وفيه مالايخفى من عدم صحة عدالاخير منها وجها مستقلا عليحدة في قبالها، لانا لانعقل كونه كذلك، بل هو من قبيل الوجه الاول منها اذ كون الطبيعة متعلقا للحاكم اما الطبيعة من حيث هى هى مع قطع النظر عن الوجودين الخارجى او الذهنى، واما الطبيعة باعتبار احد الوجودين وبعبارة اخرى باعتبار وجودها السعى والخارجى أو الذهنى، فاذا لايكون لها وجود الا وجود الافراد ذهنا أو خارجا فيكون الوجه الاخير

_____________________

(١) راجع المتاجر ص ٢٩١ طبع تبريز

٥٣

حينئذ عين الوجه الاول لامغايرا له كما هو مدعاه.

ثم ان الحق والمختار في تلك المسألة من الوجوه الثلاثة هو الوجه الثالث من استحقاق مجموع الورثة بالخيار لا لما ذكرهقدس‌سره من الوجه، بل لان الخيار لما كان حقا شخصيا قائما بشخص واحد وهو مورثهم قبل موته، فاذا فات المورث يكون الورثة كلهم معا قائمين مقامه في قيام الحق المذكور الشخصى الوحدانى بهم وبمجموع اشخاصهم كما هو مقتضى القاعدة.

ومن هنا يظهر ما هو المختار فيما نحن فيه ايضا من مسألة تعدد الموكلين معا وانتقال الخيار لكونه حقا من الوكيل اليهم بعد فوته وهو مامر من استحقاق مجموع الموكلين معا لحق الخيار لعين ما ذكرنا له من الوجه كما عرفت.

٥٤

ما ليس فيه خيار المجلس ثم انه قد استثنى من عموم ثبوت هذا الخيار موارد.

منها: شراء من ينعتق على المشترى بالملك ولو تقديرا مثل شراء الاب والابن، اذبمجرد شرائه يصير ملكا للمشترى ولو ملكا تقديريا آنا ما فيترتب عليه الانعتاق، فليس فيه خيار مطلقا لافى العين ولافى القيمة.

أما الاولى فللادلة على أن الحر لايعود رقا.

وأما الثانية فمن وجهين: الاول أن الاستحقاق بالبدل فرع الاستحقاق بالمبدل كما هو مقتضى البدلية والمبدلية والا فلا يكون مالكا للبدل أيضا كما هو واضح، والمفروض أنه لايجوز أن يكون مالكا للعين ومستحقا لها لعروض الحرية فلايكون له الخيار.

الثانى أن ظاهر قولهعليه‌السلام : البيعان بالخيار مالم يفترقا(١) اى بالخيار فيما بأيديهما من العين من حيث الرد والاسترداد لا مايرجع اليه عند تعذر العين من القيمة، فأنه غير متبادر عنه، بل المتبادر عند الاطلاق هو الاول وهو غير خفى على المنصف.

_____________________

(١) راجع الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار.

٥٥

قال العلامةقدس‌سره في التذكرة: لو اشترى من ينعتق عليه بالملك كالاب والابن لم يثبت خيار المجلس، لانه عقد مغابنة من جهة المشترى، لانه وطن نفسه على الغبن المالى والمقصود من الخيار أن ينظر ويتروى لدفع الغبن عن نفسه(١) وفيه ما لايخفى من الاشكال كما اشاره اليه الانصارى أيضا، وهو أن توطين النفس على اعتاقه بالشراء عليه ليس توطينا على الغبن من حيث المعاملة بأن اشترى مايقابل بالخمسة بعشرة دراهم مثلا أو ازيد من ذلك، مع أن ما هو مناط في ثبوت الخيار وهو أن يتروى وينظر بعدها في معاملته ليدفع الغبن به عن نفسه لو كانت معاملة غبنية، ممكن في المقام.

فظهر أن مجرد الاقدام على الشراء عالما بالانعتاق لايستلزم الاقدام على الغبن فضلا عن كونه عينه كما يتوهم. نعم هو توطين لها على انعتاقه وهو غير منكر.

قال صاحب المقابيس: وفي ثبوت الخيار للبايع والرجوع مع الفسخ إلى القيمة أشكال ينشأ من أن الخيار والعتق هل يتحققان بمجرد حصول البيع أو بعد ثبوت الملك آنا قليلا، أو الاول بألاول والثانى بالثانى، او بالعكس ألى آخره(٢) .

_____________________

(١)التذكرة ج ١ ص ٥١٦

(٢) واليك تتمة كلام صاحب المقابيس: فعلى الاولين والاخير يقوى القول بالعدم لانصية أخبار العتق، وكون القيمة بدل العين، فيمتنع استحقاقها من دون المبدل، ولسبق تعلقه على الاخير، ويحتمل قريبا الثبوت جمعا بين الحقين ودفعا للمنافاة من البين وعملا بكل من النصين وبالاجماع على عدم امكان زوال يد البايع عن العوضين وتنزيلا للفسخ منزلة الارش مع ظهور عيب في أحدهما وللعتق بمنزلة تلف العين.. راجع المقابيس للتسترى ص ٢٤٠

٥٦

أقول في توضيح بعض فقرانه: ان المراد من الحقين هو حق البايع وحق العتق، والجمع بينهما عبارة عن ابقاء المنعتق على حريته ورجوع ذى الخيار بسبب الفسخ الذى كان مالكا له إلى القيمة.

والمراد من رفع المنافاة التى هى استحقاق البايع الفسخ المقتضى لرجوع كل من العوضين إلى صاحبه الاول مع تعذر عود المنعتق إلى ملكه، هو رجوع البايع بسبب فسخه إلى قيمة المنعتق لتعذر رد عينه، فعلى هذا يرتفع المنافاة.

والمراد من النصين هى أدلة الخيار وأدلة العتق، ومقتضى العمل بهما مع قطع النظر عن دليل آخر يفيد رجوع المشترى إلى الثمن وبقاء المنعتق على حريته، ولازم ذلك خلو يد البايع عن كل من العوضين وهو غير ممكن، ولذا عقبها بقوله وبالاجماع

يعنى أن الاجماع دل على عدم امكان زوال يد البايع عن العوضين، ويكون الحاصل من العمل بها، استحقاق من له الخيار بالفسخ وبقاء المبيع المنعتق على حريته ورجوع البايع إلى القيمة.

وقد ظهر مما ذكرنا ان قوله بالاجماع عطف على موضع لفظ الكل الذى في عبارتهقدس‌سره فراجع ولاتغفل(١). هذا حاصل بعض عبارته. لكن يرد على كلامهقدس‌سره : أولا: أن التقارن والتقدم في المقام انما هو رتبى ذاتى لاترتيبى هامش(١) هذا تنبيه على سقوط كلمة كل في المتاجر عند نقله كلام المقابيس فراجع المتاجر ص ٢١٨ فانه حكى هكذا: عملا بالنصين وبالاجماع

٥٧

زمانى، فلاعبرة على مثل هذا التقارن والتقدم في ترتيب الاثار كما لايخفى على الفطن.

وثانيا: أن هذا التفصيل انما يناسب فيما اريد اثبات الخيار بالنسبة إلى العين لاالقيمة كما هو مراده ومدعاه، الاترى أنه بناء على هذا الوجه لايكون فرق بين تقارن حصول الخيار والانعتاق كما على الاولين وبين تقدم أحدهما على الاخر كما على الاخيرين، غاية ما في الباب أن العتق يحصل بالعقد فيكون بمنزلة تلف المبيع، وهذا لاينافى ثبوت الخيار به لكونه حقا لذيه فيه.

وثالثا: أن ما ذكرهقدس‌سره من انصية أخبار العتق، مسلم لااشكال فيه، لكنه لايقتضى عدم الخيار في العقد مع أنه حق لذيه فيه كما مردون العين، فحينئذ لاينافى ثبوته بالنسبة إلى القيمة.

وكونها بدلا عن العين لايضر، لان العين وان لم تكن مملوكة للمشترى فعلا ولازمه امتناع الاستحقاق بالقيمة لامتناع الاستحقاق بالمبدل، لكنها قد حصلت في ملكه وتلفت عليه.

ورابعا: أن قوله وبالاجماع على عدم امكان زوال يد البايع من العوضين الخ لامحصل له، اذيده لاتكون خالية عن أحدهما، سواء فسخ العقد ام لم يفسخه، فانه على الفرض الاول يأخذ القيمة من المشترى وعلى الفرض الثانى يبقى الثمن في يده.

وخامسا: أن تنزيل الفسخ منزلة الارش لاوجه له للمطلب. ولايخفى أن هذه الاشكالات كلها سوى الاول منها قد تعرض بها الاستاذ الاعظم السيد محمد كاظم الطباطبائى اليزدى دامت بركاته

٥٨

أيضا في حاشيته على المكاسب.(١) الا انا قد ذكرنا سابقا أن ادلة الخيار لايتبادر منها الا الخيار فيما بايديهما من العين من حيث الرد والاسترداد، لا مايرجع اليه من القيمة عند تعذرها كذلك، لعدم تبادره عند الاطلاق كما لايخفى.

قال الشيخ الانصارى أعلى الله مقامه في ذلك المقام: أقول: ان قلنا انه يعتبر في فسخ العقد بالخيار أو بالتقايل خروج الملك عن ملك من انتقل اليه إلى ملك من انتقل عنه نظرا إلى أن خروج احد العوضين عن ملك احدهما يستلزم دخول الاخر فيه ولو تقديرا لم يكن وجه للخيار فيما نحن فيه.. وان قلنا ان الفسخ لايقتضى ازيد من رد العين ان كان موجودا وبدله ان كان تالفا او كالتالف..(٢) اقول: التحقيق هو الاول من الوجهين اذلامعنى للفسخ الا ماذكرهقدس‌سره من خروج الملك عن ملك من انتقل اليه إلى ملك من انتقل عنه بالنسبة إلى المعوض ورد ما انتقل اليه إلى من انتقل عنه بالنسبة إلى العوض.

وذلك قد مر مرارا ان الفسخ هو حل العقد، ومفاد العقد مبادلة كل من المتبايعين ما في ايديهما لصاحبه، فيكون الفسخ حل هذا المعنى من حينه.

ولكن لانسلم أن مقتضى ذلك عدم الخيار في المقام، وذلك لان المبيع المنعتق وان لم يكن صيرورته مملوكاي للمشترى حقيقة

_____________________

(١) راجع حاشية السيد، قسم الخيارات، ص ٧،

(٢) المتاجر، ص ٢١٨ طبع تبريز.

٥٩

كى يسترجعه عند البايع حتى يكون خارجا عن ملكه وداخلا في ملك صاحبه، لكنه يمكن كونه مملوكا له تقديرا، بأن يقال ان المبيع الذى تلف عند المشترى بالانعتاق كانه ملك للبايع حين الفسخ وهو موجود عند المشترى فحينئذ لابد له من اعطاء عوضه كما في سائر الموارد من الفسخ مع فرض تلف المبيع، ولايعتبر تقدير ملكه له قبل الانعتاق ليكون منعتقا في ملكه، بل يكفى تقدير ملكه، حين الفسخ.

وكذلك الكلام في صورة البيع في زمن الخيار ولكن لايخفى أنه يكفى في ضمان المشترى تقدير كونه ملكا للبايع بعد الفسخ، ولايعتبر تقدير كونه ملكا للمشترى ثم خروجه عن ملكه إلى ملك البايع كما يستفاد من كلام الشيخ أعلى الله مقامه وأما الوجه الثانى منهما وهو القول بأن الفسخ لايقتضى أزيد من رد العين ان كانت موجودة وبدلها ان كانت تالفة، وأنه لايعتبر امكان تقدير تلقى الفاسخ الملك من المفسوخ عليه وتملكه منه.

ففيه أنه بناء على هذا الوجه لاوجه لضمانه بالبدل، لان الفرض أن العين قد تلفت في ملكه من دون ضمان منه فما لم يقدر كون العين التالفة ملكا لمالكها الاول فلا معنى للضمان.

لكن يمكن أن يقال ان تلقى الفاسخ عنه لايتوقف على اعتبار التقدير فيما تعذر تلقى العين بنفسها فانه وان كان معتذرا الا أنه لايتعذر تلقى تلك العين ببدلها فكان العين محفوظة ببدلها وبماليتها، فيرجع بالفسخ ببدلها. وصحة التلقى عن المفسوخ عليه بهذا الوجه هنا، ليس باقل

٦٠