نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 58102
تحميل: 3132

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 58102 / تحميل: 3132
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

من صحته بالتقدير في الوجه الاول، فان هناك اعتبار الملكية والحال أنه لاملكية حقيقة وهنا اعتبار بقاء العين المملوكة والحال أنه لابقاء لها حقيقة.

وقد ظهر مما ذكرنا أنه بناء على هذا القول ايضا لامحيص عن أن الفاسخ يتلقى الملك عن المفسوخ عليه، غاية ما في الباب أنه يكون التلقى في أحدهما بالبدل وفي الاخر بنفس العين.

والحاصل أن شرط صحة الفسخ وهو تلقى الفاسخ عن المفسوخ عليه في كلا المقامين حاصل فلامانع من اعمال دليل الخيار لكن الحق والتحقيق أن العلماء كثر الله أمثالهم لمارأوا ان الشارع حكم بشئ متوقف على شئ آخر، ورأوا أن الموقوف عليه كالملكية ليس موجودا حقيقة فقدروا وجوده تصحيحا لكلامه الشريف وتحذيرا عن حمله على اللغوية كما في مسألة بيع من ينعتق عليه، فان الانعتاق فيه متوقف على تقدير الملك بمقتضى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لاعتق الا في ملك(١) ولذا قدروه ولو آنا قليلا.

بخلاف مسألة فسخ ذى الخيار فانا لم نحرز حكم الشارع فيه بأدلة الخيار كى يحتاج إلى تقدير الملك، اذ هو أول الكلام والا فلا تكون محلا للخلاف بين الاصحاب.

هذا هو الانصاف كما لايخفى، مع أن تقدير الملك فيما نحن فيه من فسخ البايع العقد خرق لقاعدة ان الحر لايعود رقا بخلافه هناك، فانها على طبق القاعدة، كما مر من أنه لاعتق الا في ملك

_____________________

صفحه(١) الوسائل كتاب العتق الباب ٥

٦١

وأما قياس المقام على قاعدة التلف فهو قياس مع الفارق، لان تقدير الملك فيها من جهة حكم الشارع بضمان المشترى المتوقف عليه مقدمة للتلقى، كما اذا باعه بعقد لازم في زمن خيار البايع بخلاف ما نحن فيه، لما مر من عدم احراز حكم الشارع فيه وانه اول الكلام.

مع أنها ليست مخالفة لقاعدة بخلافه.

فظهر أنه لابد من تقدير ملكية المشترى اذا ترتب عليه الانعتاق لامطلقا كما هو المستفاد من كلام الشيخقدس‌سره ايضا وهو في محله وموقعه كما لايخفى.

تنبيه هنا مسألة مرتبطة لاتخلو عن فائده وهى هذه: اعلم أن تقدير الملك انما هو لاجل الضرورة الداعية اليه، فتقديره آناما أو آنا قليلا في بيع العبد المنعتق كالاب والاخ لازم لاجل انعتاقه كما مر آنفا من قوله: لاعتق الا في ملك(١) فاذا فرضنا تقدير الملك المذكور لاجل الضرورة يترتب عليه انعتاقه وهو واضح واما اذا فرضنا كون البايع ذا خيار وفسخ عقد هذا المبيع المنعتق على الفرض فلابد من تقدير الملك للمشترى أيضا كى يسترجع البايع عن ملكه.

فيقال انه كلما قدر الملك المذكور للمشترى يترتب عليه انعتاقه وهكذا يتسلسل فلاتصل النوبة إلى تملك البايع وتمكنه منه.

_____________________

(١) راجع الوسائل، الباب - ٥ - من ابواب كتاب العتق

٦٢

لكن يمكن أن يقال وهو الجواب عنه: ان تقدير الملك هنا لاجل ضمانته له ليس غير.

فظهر أن في حصول الانعتاق لابد من تقديره لا ان التقدير كلما حصل يترتب عليه الانعتاق بل يوجب شيئا آخر كالضمانة في المقام فافهم واغتنم.

٦٣

مسقطات خيار المجلس

اعلم أنه كما لااشكال في ثبوت هذا الخيار مطلقا حتى فيما بين العامة كمامر، كذلك لاأشكال في سقوطه أيضا أنما الكلام والاشكال في دليل ذلك لافى أصل السقوط.

وهو يحصل بأحد امور: الاول اشتراط سقوطه في متن العقد والدليل على صحة ذلك عموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمنون عند شروطهم(١) للمقام حيث اضيف الجمع إلى الضمير، ومعلوم أن الجمع المضاف يفيد العموم، فحينئذ يجب الوفاء بهذا الشرط أيضا على ما هو مقتضاه.

وأما صدق قولهعليه‌السلام : البيعان بالخيار مالم يفترقا على ذلك المورد، وان كان له مجال فمقتضاه تعارض الدليلين، وان النسبة بينهما عموم من وجه، فلابد في مورد الاجتماع من الرجوع إلى المرجح لكن الترجيح مع قوله: المؤمنون عند شروطهم

_____________________

(١) الوسائل الباب - ٢٠ - من ابواب المهور، الحديث ٤.

٦٤

أما أولا فلان دلالته أنا هى بالوضع كما هى كذلك في كل عام بخلاف دلالة قول: البيعان بالخيار فانها من باب الاطلاق ومن باب مقدمات الحكمة، وقد قرر في محله أن الدلالة الوضعية مقدمة على الدلالة اللاطلاقية.

وأما ثانيا فأن دلالة قوله: البيعان بالخيار على مثل المقام غير شاملة بل منصرفة عنه كما لايخفى على المصنفز وأما ثالثا فأن قولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم أظهر دلالة وهو ظاهر فيتدم عليه. هذا بالنسبة إلى المرجح الداخلى.

وأما الترجيح بالمراجحات الخارجية وتأييده يها فلكونه موافقا لمقتضى أصالة اللزوم ومقتضى قوله تعالى: اوفوا بالعقود ومؤيدا بعمل الاصحاب.

ولو شككنا في الترجيح بالمذكورات او سلمنا عدمه فالمرجع هو أصالة للزوم فينثبت به المدعى أيضا أذ بعد التعارض يتساقطان فيرجع أليها.

هذا بناء على تسليم التعارض بينهما والا فالحق والانصاف انه لاتعارض بينهما لامكان العمل بكلا الدليلين معا، فان الظاهر من أدلة الاحكام أنما هو بيان مرحلة الاقتضاء للمقتضيات مع قطع النظر عن طرؤ الطوارى. ومعناه أنه لو لم يكن في البين مانع من أن يمنع عن تأثير المقتضى مع فرض وجود شرائط التأثير لاترث، وأن أدلة الشروط متكفلة لبيان

٦٥

مرحلة الحكم الفعلى، أعنى بيان أحداث المانعية فحينئذ تكون مانعة عن تأثير أدلة الاحكام لحكومتها عليها فعلا فلايكون بينهما معارضة أصلا.

ولعل هذا ايضا مراد الشيخقدس‌سره من قوله: عدم نهوض أدلة الخيار للمعارضة الخ(١) ومما ذكرنا يظهر مافى عبارته المذكورة من سوء التعبير كما لايخفى.

نعم ان مجرد كونها مسوقة لبيان ثبوت الاقتضاء بأصل الشرع كما في المكاسب(٢) لايرفع المعارضة عنها لو كانت دلالتها على ثبوته فعلا مطلقا حتى مع ملاحظة الطوارى كما لايخفى.

وقد يستشكل التمسك بدليل الشرط في المقام بوجوه: الاول: أن سقوط الخيار من قبيل شرط الغاية والنتيجة وليس من قبيل الافعال الاختيارية كى يصح اشتراطه، فلايترتب عليه آثار الصحة وعموم دليل الشرط لايدل على كون الشارط مشرعا بل انما يدل على أن الوفاء صرفا لمامر من كونه خارجا عن الاختيار فترتيب آثار الصحة على مثل هذا الشرط من قبيل تحليل الحرام وتحريم الحلال، فحينئذ لايجب الالتزام عليه بل يحرم لمامر.

والجواب عنه: أن الحق مثل الملكية في كونه من الاعتبارات

_____________________

(١) المتاجر، ص ٢٢٠

(٢) المتاجر، ص ٢٢٠

٦٦

العقلائية التى يتوسل اليه بما جعل سببا له، ومن جملة أسبابه الشرط في هذا المقام لكونه مجعولا سببا له في وجوب الوفاء عليه، فاذا كان ثبوته مما يتوسل اليه وكان مقدورا كان سقوطه ايضا كذلك اذ لايعقل كون أحد الطرفين مقدورا عليه وتحت الاختيار دون الاخر.

وقديقال في الجواب: ان الاصحاب بين من منع اشتراط النتيجة والغاية مطلقا وبين من جوزه كذلك الامانص الشارع بعدم جوازه من ذوات الاسباب الخاصة كالزوجية والطلاق وأمثالهما مما لايحصل بالاشتراط، بل لابد في تحققه شرعا من صيغته الخاصة وبين من فصل فمنع اشتراط ذوات الاسباب الخاصة مطلقا وجوز غيرها سواء علم عدم وجود سبب خاص له كما في الملكية، بأن يقال: بعتك دارى بكذا بشرط كون دارك لى، أم شك فيه كما في الوكالة. ومانحن فيه من قبيل الاخير، لمكان الشك في ان سقوط الخيار من ذوات الاسباب الخاصة أولا. فعلى هذا يتمسك فيه بعموم المؤمنون عند شروطهم فلامانع منه. لايقال: ان التمسك به في المقام من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، وقد قرر في محله عدم جوازه. لانا نقول: ان الخارج من العام من المصاديق ليس له علامة يسمى بذى السبب وكذا الداخل منها تحته ليس له علامة يسمى بأنه غير ذى السبب، كى يكون التمسك بالمشكوك من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. بل الواقع العلم بخروج امور متعددة ويشك في انه خرج منه غير

٦٧

تلك الامور أيضا أولا، فيكون الشك حينئذ في التخصيص الزايد لافى المصداق.

وايضا أن الممنوع من التمسك به مطلقا في المقام وغيره انما هو كون منشأ الشك الامور الخارجية، لاالشك في أن الشارع هل حكم بالجواز أولا كما في المقام والا فالتكليف هو الرجوع إلى نفسه الشريفة لو كان حاضرا أو إلى الادلة المأخوذة منهمعليهم‌السلام ان لم يكن كذلك كما اشير إلى نظير هذا المطلب في السابق أيضا والمقام من هذا القبيل كما هو واضح.

وقد يقال في المقام: انه لامجال للتمسك به فيه لو لم يمكن تنقيح كون المشكوك من أفراد العام بوجه من الوجوه كما هو كذلك في مثل قولنا: أكرم العلماء ولاتكرم الفساق منهم، فانه اذا شك في وجوب اكرام زيد العالم العادل في السابق وحرمته من جهة الشك في فسقه فعلا يحكم بوجوب اكرامه ببركة استصحاب عدالته، وما نحن فيه كذلك، وتوضيحه أنا اذا شككنا في أن اشتراط سقوط الخيار مخالف للكتاب والسنة كى لايجوز التمسك بعموم أدلة الشرط او ليس بمخالف لهما كى يجوز ذلك فنقول: انا نعلم قطعا عدم وجود سبب خاص لسقوط الخيار من قبل الشرع سابقا ولو من جهة عدم وجود ذى سبب فتستصحب عدم وجوده عند وجود ذى السبب.

غاية مافى الباب من الفراق بين ما نحن فيه وبين المثال المذكور ان جريان الاصل هنا على نحو السالبة بانتفاء الموضوع بخلافه هناك

٦٨

كما اذا شككنا في امرأة هل هى نبطية او قرشية او غيرها نستصحب عدم وجود نسبتها سابقا ولو قبل خلقتها ومن جهة عدم وجود المنتسب على نحو ليس التامة.

هذا غاية ما يمكن ان يقال في الجواب عن الاشكال.

لكن يرد عليه اولا انه ان اريد من الاستصحاب ربط السلب بأن يكون الغرض من الاستصحاب هو استشكاف حال الموضوع المشكوك اعنى اثبات عدم كون اشتراط سقوط الخيار مخالفا للكتاب والسنة واثبات عدم كون المرأة نبطية فالاصل مثبت فان الاستصحاب على صورة ليس التام التى يجتمع مع عدم الموضوع لايثبت حال الموضوع المشكوك ولايثبت اتصافه بالوصف العدمى المستصحب.

وان اريد منه سلب الربط بأن يكون الغرض الاكتفاء بمفاد الاصل دون اثبات حال الموضوع فلا فائدة في التمسك به.

وثانيا انه من شرط الاستصحاب اتحاد القضيتين المشكوكة والمتيقنة، والامر هنا ليس كذلك لمكان وجود الموضوع في المشكوكة وعدمه في المتيقنة.

الثانى انه مستلزم للدور، وبيانه ان لزوم الشرط متوقف على لزوم العقد، لان الشرط في ضمن العقد غير اللازم، غير لازم بلا اشكال، اذ حكمه لايزيد عن حكم الاصل وهو العقد الذى هو كالوعد، فلو توقف لزوم العقد على لزوم الشرط لزم الدور. واجاب الشيخ الانصارىقدس‌سره عنه بما حاصله:

٦٩

ان التوقف هنا ليس توقفا سبقيا زمانيا كى يقال: ان ملاك البطلان متحقق وهو تقدم الشئ على نفسه فيبطل.

بمعنى ان لزوم الشرط وان كان متوقفا على لزومن العقد الا ان لزوم العقد ليس متوقفا على لزومه بل لزوم العقد ولزوم الشرط متحققان في زمان واحد من دون توقف اصلا، فلزومه بمقتضى دليله عين لزوم العقد على صحته، ان كان الشرط صحيحا يصير العقد لازما والا فلا وهو اوضح من ان يخفى.

والا وضح منه في الجواب ان يقال ان البيع عقد لازم، وخيار المجلس مزاحم له فاشتراط السقوط لدفع المزاحم لا لاثباب اللزوم فلا دور.

الثالث: أنه مخالف لمقتضى العقد، اذمقتضى أدلة الخيار اثبات الخيار للبيع في العقد، فاشتراط عدم كونه ذا خيار فيه مناقض لمقتضاه.

والجواب عنه أولا: انه ليس مخالفا لمقتضى العقد، لان المخالف لمقتضاه انما يكون لو قال البايع: بعتك دارى بشرط أن لاتسكن فيها، أو بشرط أن لاتبيعها، أو قال المزوج ابنته: انكحتك ابنتى بشرط أن لاتواقع بها وأمثال ذل:. فان شرط عدم تسلط الشمترى ببيع ما اشتراه من الدار وشرط عدم سكناه فيها، وكذا شرط عدم تسلط الناكح بمواقعة

٧٠

زوجته، كلها منافية لمقتضى العقد ومناقضة له كما هو واضح.

بخلاف ما نحن فيه اذشرط سقوط الخيار لاربط له بمقتضى العقد أصلا، نعم هو مناف لاطلاقه لالمقتضاه.

وثانيا: أن اشتراط سقوط الخيار مؤكد لمقتضى العقد لامناقض له، لان معنى عدم الخيار في العقد لزومه وعدم تزلزله وعدم قابليته للفسخ، وهو أظهر.

وثالثا: أن من المسلم جواز شرط الخيار في العقد وجودا بغير هذا الخيار، مع انه مناقض لمقتضاه في الظاهر، لان مقتضاه هو اللزوم على مامر تفصيلا من مقتضى الادلة المذكورة سابقا، فاذا لم يكن شرط وجوده مناقضا حقيقة لمقتضاه، فيكون شرط سقوطه أيضا كذلك.

الرابع: أن اسقاط الخيار في ضمن العقد اسقاط لما لم يجب. والجواب عنه: أن مانحن فيه ليس من هذا القبيل، بل من قبيل منع مالم يجب من أن يجب، وحاصله دفع الوجوب فيه لارفعه. ويمكن الجواب بوجه آخر وهو أن اشتراط سقوط الخيار انما هو في محل ثبوته على نحو التعليق والتقدير وهو ليس من قبيل اسقاط مالم يجب بلااشكال كما لايخفى.

الثاني من مسقطات خيار المجلس: اشتراط أن لايفسخ

٧١

بأن قال: بعتك بشرط أن لاأفسخ في المجلس، ثم لوخالف ففسخ العقد، هل يكون فسخه مؤثرا فيه أو لايكون كذلك بل هو لغو، ولفظ باطل؟ ويمكن الاستدلال على الشق الثانى بعموم المؤمنون عند شروطهم اذكما أن له عموما أفراديا كذلك أن له عموما أحواليا شاملا لجميع أحواله، ومن جملة أحواله حال بعد وقوع الفسخ فيكون مقتضى عمومى وجوب الوفاء بالشرط في جميع الاحوال حتى حال الفسخ وبعده، فنستكشف من عمومه أن فسخه انما وقع لغوا صرفا نظير الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد على كون فسخ أحدهما من المتبايعين منفردا من دون رضا الاخر لغوا باطلا لايرفع وجوب الوفاء بالعقد مع أن العرف لايفهمون عن مثل قوله: المؤمنون عند شروطهم فيما نحن فيه الا عدم القدرة على الفسخ، وهو مساوق لعدم الخيار، لان الخيار كما مر سابقا هو ملك اقرار العقد وازالته، فاذا انتفى القدرة بالنسبة إلى الثانى بمقتضى فهم العرف انتفى الخيار من أصله، لان المركب ينتفى بانتفاء أحد أجزائه.

٧٢

فالتحقيق حينئذ هو لغوية الفسخ اذا اشترط عدمه ولغوية الرجوع والعزل وأمثالها كذلك اذا فسخ أو رجع أو عزل.

لكن يشكل التمسك بعمومه في المقام من جهة أن التمسك به، اما قبل احراز الموضوع له أو بعد احرازه، فعلى الاول يلزم التمسك بالعام فيما يشك في كونه فردا له وهو باطل الوجدان، وعلى الثانى اما ان يكون احرازه بهذا العام أو بغيره كالاستصحاب مثلا، الثانى خلاف الفرض في المقام لان الفرض هو التمسك بعموم المؤمنون عند شروطهم للمورد المذكور، أما الاول فهو مستلزم للدور.

وبيانه: أن عمومية المؤمنون عند شروطهم لهذا المورد مما نحن فيه اعنى ما اذا شرط عدم فسخ العقد ثم فسخ احدهما، أو شرط عدم العزل في الوكالة ثم عزل، أو شرط عدم الرجوع في الطلاق ثم رجع وأمثال ذلك، متوقفة على كون المورد فردا من أفراد العام واقعا والا فلاوجه للحكم بوجوب الوفاء بالشرط في هذا المورد وفى غيره كما هو واضح.

وكونه فردا له واقعا متوقف على عمومية ذلك العام وشموله له من الشرط، فهل هذا الا الدور؟ لكن يمكن الجواب عن ذلك بأن شمول العام على ذلك المورد وان كان متوقفا على كونه فردا له واقعا لمامر من الوجه، لكن كونه فردا له واقعا ليس متوقفا على شمول العام عليه، بل العام كاشف عنه فلا دور، فتأمل.

ولو قررنا التوقف بين العلمين بأن نقول ان العلم بأن المؤمنين عند شروطهم شامل لهذا المورد من الفرض، متوقف على العلم بكونه فردا

٧٣

له، والعلم بكونه فردا له متوقف على العلم بشمول العام له، لكان لزوم الدور حينئذ أمتن وأشد، فلايندفع بمامر من الجواب كما لايخفى.

لكن يمكن الجواب عنه أيضا بأن نقول: ان العلم بفردية الفرد للعام متوقف على العلم بكونه شاملا له فعلا وهو مسلم، وأما كون العلم بشمول العام متوقفا على العلم بفردية الفرد له فممنوع، لان القد المسلم منه هو عدم العلم بخروج الفرد عن تحت العام وهو حاصل في المقام، واما الاعتبار بأزيد من ذلك في الشمول فغير مسلم.

وان قيل: ان التمسك بعموم المؤمنون عند شروطهم في المقام على هذا الفرض والتقرير أعنى عدم العلم بكون المورد فردا من أفراد العام أولا، تمسك بالعام في الشبهة المصداقية اذالفرض انا لانعلم انه من افراد ذلك العام اولا، فلايتم الاستدلال به حينئذ للمقام.

قلنا: ان المقام ليس من قبيل الشبهة الحكمية لما هو واضح، من ان منشأ الشك والاشتباه فيه ليس الامور الخارجية كما هو المناط والملاك فيها، بل منشأ الشك عدم معلومية الحكم الشرعى فيه، اذالشك في ان العقد البيعى او الوكالى او الطلاقى، هل يكون منفسخا بسبب الفسخ، او الوكيل منعزلا بسبب العزل، او الطلاق باطلا بالرجوع، اولا.

فالمرجع حينئذ هو نفس الشارع أن أمكن الرجوع إلى نفسه الشريفة الزكية، والا إلى الادلة الكاشفة عن حكم المسألة كما لايخفى.

ثم لوقلنا بعدم تمامية الاستدلال بعموم المؤمنون عند شروطهم لما نحن فيه، لما فيه من ريب من أن وجوب الوفاء بالشرط أنما يثبت في مورد

٧٤

احرز فيه وجود الشرط، وعلم تحقق الموضوع فيه تفصيلا كى يترتب عليه حكمه، والمفروض انا كنا شاكين فعلا في أنه بعد وقوع الفسخ او العزل او الرجوع في الامثلة المذكورة هل الموضوع وهو شرط عدم تلك الامور باق على ما هو عليه بحيث يكون تلك الامور لغوا صرفا بالنسبة إلى مشروطاتها، ومثابتها مثل مثابة طيران الطير في السماء بالنسبة اليها او أنه قد ارتفع بعروضها ولم يبق شئ في البين كى يتمسك بعمومه نظير الاشكال الوارد في الاستدلال بعموم أوفوا بالعقود فيما يشك في موجود العقد بسبب عروض ما يشك في أزالته العقد وعدمها من الفسخ وغيره على مامر سابقا ففى الاستدلال للمقام بالاستصحاب مستقلا مع قطع النظر عن عموم المؤمنون عند شروطهم أو منضما بذلك العام غنى وكفاية.

أما بيان الاول فنقول: انا قد علمنا قبلا بوجود العقد تفصيلا ثم بعد فسخ البايع في المجلس له نشك في بقائه وعدمه، بمعنى أن الفسخ العارض عليه هل كان مزيلا للعقد ومؤثرا فيه كى لايكون باقيا فعلا، أو ليس كذلك حتى يكون باقيا على ماهو عليه، فتستصحب بقائه فعلا فيترتب عليه لغوية الفسخ أو الرجوع أو العزل مثلا لايقال: أن الاصل في المقام مثبت، لان لغوية الفسخ وغيرها من أمثالها من اللوازم العقلية لاالشرعية، فلا مجال لجريان الاستصحاب. لانا نقول: أولا:

٧٥

نعم هو لازم عقلى لكن لغوية الفسخ في نظر العرف هو عين القول ببقاء العقد على حاله على ما هو مقتضى الاستصحاب، وأنهم لايفهمون من الحكم ببقائه الا هذا المعنى، فيترتب مثل هذه الاثار عليه.

وثانيا: ان اللازم اذا كان خفيا في نظر العرف بحيث يرى العرف ذلك اللازم نفس المستصحب كما في المقام فلامانع من جريانه ايضا وان كان مثبتا.

وأما بيان الثانى: وهو التمسك بعموم المؤمنون عند شروطهم مع ضم الاستصحاب اليه فنقول: ان المحذور المتصور في التمسك بعمومه هنا ليس الا احتمال ارتفاع الموضوع لوجوب الوفاء بالشرط أو لحرمة ترك الوفاء عليه واقعا، واذا اثبتنا وجود الموضوع حقيقة وقلنا ببقائه فعلا بمقتضى الاستصحاب لصح التمسك بعموم ذلك العام في هذا المقام من دون كلام فيه.

وبالجملة انه اذا فرض بقاء العقد الذى اشترط عدم فسخه بمقتضاه يجب الوفاء عليه بمقتضى المؤمنون عند شروطهم فلازم ذلك أنه لو وقع في البين فسخ او عزل او رجوع في الوكالة او الهبة او غير ذلك ماهو خلاف ما اشترط في العقد مطلقا وخلاف ما اتفقا عليه فيما بينهم يكون لغوا باطلا في نظر الشرع وبلا اثر كما مر مرارا. لايقال: ان غاية ما يفيد، قوله: المؤمنون عند شروطهم هو

٧٦

وجوب الوفاء بالشرط وحرمة الترك به، وهو حكم تكليفى، غاية الامر يكون الفسخ عليه حراما وأما عدم نفوذه فلا يثبت بهذا العام فيحتاج اثباته إلى عناية اخرى.

لانا نقول ان العرف لايفهمون من تبانى المتبايعين على عدم الفسخ للعقد في قوله: بعث، بشرط ان لاافسخ الا انه لو فسخ العقد بعد ذلك كان فسخ لغوا وغير نافذ، بل لامعنى للاشتراط في نظرهم الا هذا كما هو واضح فاذا كان الامر عندهم كذلك يكون مفاد المؤمنون عند شروطهم ايضا ناضرا إلى هذا المفهوم العرفى، وارشادا إلى ان المؤمن اذشرط شرطا فلابد له من الوقوف عند شرطه، وان لايتجاوز عنه، والا كان غرضه لغوا وسعيه عبثا.

والحاصل أن الشروط التى أمر بوجوب الوفاء بها أو بحرمة الترك هى الشروط المعروفة المتداولة بعينها عند العرف في استفادة المراد منها وهو الحكم الوضعى.

ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه اتفاق الاصحاب كافة والحنفية في باب الرهن على أن الراهن اذا وكل المرتهن في بيع الرهن ثم عزل الوكيل لم يكن عزله نافذا ويكون لغوا وغير مؤثر كما لايخفى.

وخلاف الشهيدقدس‌سره في المقام مبنى على أصل انفرد به نفسه وهو غير مضر في المقام اصلا.

فظهر من جميع ماذكر أن ماوقع من الفسخ والرجوع والعزل و غير ذلك، لاحظ لها من الاثر بعد فرض شرط عدمها في متن العقد،

٧٧

ثم مع ذلك كله لو ادعى الخصم ثبوت التأثير لها فعليه اثباته نخبة ‌الازهار من ص ٩١ سطر ١ الى ص ١٠٠ سطر ٢١ ثم مع ذلك كله لو ادعى الخصم ثبوت التأثير لها فعليه اثباته بالدليل كما لايخفى.

دفع توهم.

قد يتوهم مماسبق أنه لوقلنا: بعدم تمامية الاستدلال بعموم المؤمنون عند شروطهم للمقام، او أغمضنا عن الاستدلال به واستدللنا بالاستصحاب استقلالا فيتوجه اشكال حينئذ في المقام.

وهو أن المانع الذى يتراآى من العمل بمفاد أدلة الخيار من قوله البيعان بالخيار مالم يفترقا فيه هو كون أدلة الشروط حاكمة عليها لكونها متكفلة لبيان العناوين الثانوية بخلافها، فانها متكفلة لبيان العناوين الاولية، فيكون على هذا حاكمة عليها، وقد أشير إلى ذلك فيما سبق ايضا فحينئذ اذا فرضنا عدم تماميتها فيه فلامانع حينئذ من العمل بمفادها، ولم تصل النوبة إلى العمل بالاستصحاب والاستدلال به لما نحن فيه، فضلا من أن يكون فيه غنى وكفاية.

لانها عموم لفظى بخلافه فانه أصل عملى، والعموم اللفظى مقدم على الاصل.

وبعبارة أخرى انها ادلة اجتهادية والاصول ادلة فقاهية فهى مقدمة عليها فلامجال لها مع وجودها.

ولكن يندفع ذلك الاشكال بأن نقول: ان أدلة الخيار انما تدل على الحكم التكليفى أعنى جواز اعمال الخيار اعنى السلطنة على الفسخ والامضاء وعلى الحكم الوضعى وهو كون الفسخ او الامضاء منه صحيحا ونافذا، واذا انتفى أحد الحكمين

٧٨

في مورد بجهة من الجهات فلايبقى لها صلاحية صدق فيه.

ففى ما نحن فيه لما اتفق المتبايعان على عدم فسخ العقد علم منه أن فسخه ليس بجائز بل حرام، فاذا ينتفى الجواز الذى هو بعض مفاد تلك الادلة ويبقى بعض مفادها وهو الحكم الوضعى من الصحة والنفوذ، فلايكون مجال لورودها حينئذ فيبقى التمسك بالاستصحاب بلامانع وبلامزاحم.

الثالث من مسقطات خيار المجلس: اشتراط اسقاط الخيار

٧٩

قال الشيخقدس‌سره : مقتضى ظاهر هذا الاشتراط وجوب الاسقاط بعد العقد، فلوأخل به ففسخ العقد، ففى تأثير الفسخ وجهان المتقدمان، والاقوى عدم التاثير.(١) والحق أن مرجع هذا القسم من اشتراط اسقاط الخيار كسابقه ايضا إلى القسم الاول من اشتراط سقوط الخيار حقيقة، وأن وقوع الفسخ وغيره بعد الاسقاط لاأثر له أصلا، كما قال به الشيخقدس‌سره أيضا. وهذا لااشكال فيه.

لكن يتوجه عليهقدس‌سره هنا اشكال وهو أنه بعد البناء على أنه بمجرد اشتراط الاسقاط يسقط الخيار كما هو مقتضى قوله والاقوى عدم تأثير الفسخ لواخل بالشرط وفسخ فحينئذ لايبقى في المقام شيئ كى يجب عليه اسقاطه بعد العقد مرة ثانية كما لايخفى.

فظهر من ذلك أنه لاوجه لقوله ومقتضى ظاهر هذا الاشتراط وجوب الاسقاط بعد العقد كما واضح.

_____________________

(١) المتاجر، ص ٢٢١ طبع تبريز.

٨٠