قضاء الاشتياني

قضاء الاشتياني0%

قضاء الاشتياني مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 486

  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 4292 / تحميل: 4238
الحجم الحجم الحجم
قضاء الاشتياني

قضاء الاشتياني

مؤلف:
العربية

ابتداء مع الخلاف أو مطلقا فممنوعة كل المنع انتهى كلامهرحمه‌الله وهذا كما ترى يحتمل معنيين أحدهما ما عرفت من ثبوت الترجيح بعد الرجوع إلى شخصين في قضية جزئية وهذا غير الترجيح في كلي الواقعة من أول - الامر وابتداء ثانيهما الالتزام بالترجيح في قاضي التحكيم فيما إذا حكم الخصمان رجلين فصاعدا فاتفق الاختلاف بينهما هذا المعنى كما ترى أردأ من سابقه لانقطاع التحكيم بعد ورود المقبولة وأشباهها من عمومات النصب كما هو واضح.

وأما الاحتمال الاول فيتوجه عليه ان تعين الترجيح عند الاختلاف في كلي الواقعة أوجب الاخذ بالراجح في شخص الواقعة المختلف فيها لا ان الرجوع الفعلي صار سببا لذلك كما هو ظاهر واضح ويتوجه عليه مضافا إلى ما عرفت ان سوق التقليد مساق الحكم في الرجوع إلى عمومات البابين والحكم بالتخيير بين الفاضل والمفضول قد أسمعناك ما فيه من الفرق بين عمومات البابين وعدم إمكان التمسك بعمومات التقليد واعتبار الفتوى لاثبات التخيير بين الرأيين المختلفين في المسألة من المجتهدين بل لا بد له من التماس دليل من خارج وهذا بخلاف عمومات نصب القضاة فإن مقتضاها على ما عرفت حتى صدر المقبولة نصب كلواحد ممن اجتمع فيه شوائط النصب حتى في صورة الاختلاف في الرأي هذا.

وهنا معنى ثان للمقبولة تنطبق بملاحظته مع مرفوعة زرارة الواردة في باب تعارض الخبرين صدرا وذيلا وهو حمل الحكم فيها على نقل كل منهما الحديث المتضمن لحكم الواقعة التي اختلف فيها الرجلان وإن اعتقد كل من الفقيهين مضمون ما رواه إلا ان الرجوع إليه إنما هو من حيث كونه راويا لا مفتيا ولا حاكما ويرشد إليه الترجيح بالاصدقية فيها فإنه لا معنى له إلا مع هذا المعنى فتكون الاوصاف المذكورة فيها من مرجحات الرواية كالمرفوعة وما قيل كما لا يأبى عنه كلام شيخنا العلامة قده في الرسالة التي أملاها في التقليد من عدم منافات الترجيح بالاصدقية بمعنى شدة الملكة كشدة سائر الملكات لترجيح الفتوى المستندة إلى الروايات في تلك الازمنة ضعيف وإن كان ممكنا لعدم التزامهم به في ظاهر كلماتهم في باب التقليد فراجع و تدبر هذا بعض الكلام في فقه المقبولة.

وأما غيرها مما عرفت من أخبار الباب الظاهرة في التفصيل والترجيح عند اختلاف الحكمين في الرأي فالظاهر انطباقها مع المقبولة من حيث كون النزاع من جهة الجهل بالمسألة والرجوع إلى العدلين من جهة رفع الجهل فالمراد من الحكم الذي اختلف فيه العدلان هو المجعول للقضية المنطبق على الفتوى لا الحكم بمعنى الانشاء والالزام فلا تنطبق على المقام كالمقبولة وحمله على بيان المرجع للقضاء فيما إذا علم اختلاف المجتهدين في الرأي بالفحص قبل الرجوع أو بعده بجعله كاشفا عن تحقق الاختلاف وعدمه لا أن يكون في نفسه جائزا حتى ينافي قواعد القضاء الغير المجامعة لتعدد الحكومة كما ترى فمفاده كالمقبولة لزوم الترجيح بالاوصاف في باب التقليد لا القضاء ودعوى عدم الفصل بين البابين قد عرفت ما فيها.

هذا بعض الكلام فيما ورد من الاخبار وبيان المراد منها وإذ قد عرفت ما يستفاد منها فلنصرف العنان إلى ما عاهدنا من ذكر وجوه أقوال المسألة.

فنقول استدل للقول بتعين قضاء الاعلم بوجوه الاول الاصل حيث ان مقتضاه سيما على القول بكون القضاء منصبا حسبما يقتضيه كلامهم ودل عليه غير واحد من الاخبار على ما أسمعناك عدم جواز قضاء المفضول وعدم فوذه ولا يزاحمه استصحاب جوازه فيما فرض سبق التفاوت بالفضل بالعلم بالتسوية المتمم بعدم الفصل

٤٨١

في غير الفرض لعدم جريان الاستصحاب بعد فقد الموضوع فإن شئت قلت الحكم بالتخيير بين المتساوين مترتب على التساوي ولا أقل من الشك في ترتبه عليه فلا يجري استصحابه مع ارتفاع التساوي لاشتراط العلم ببقاء الموضوع في التمسك باخبار الاستصحاب الثاني قبح التسوية بين الفاضل والمفضول كقبح ترجيح المفضول على الفاضل ومن هنا تمسكوا بهذه القاعدة العقلية في مسألة الخلافة الكبرى على تقدير كون النصب من الخالق الثالث كون رأي الفاضل أقوى نوعا من رأي المفضول الرابع الاجماع المدعى في كلام غير واحد منهم السيد في محكي الذريعة وثاني المحققين في محكي حواشي الشرائع على لزوم تقديم الاعلم في المقام وفي باب التقليد الخامس ما عرفت من الاخبار المتقدمة فإنها تدل على لزوم التقديم في الجملة بلا إشكال فإن لم يكن هناك قول بالفصل استدل بها بانضمامه على تعين الرجوع إليه مطلقا هذا.

واستدل للقول بعدم تعينه والتسوية بينهما بوجوه أيضا الاول عموم ما دل من النصب مما عرفت من الاخبار فإن مقتضاه على ما عرفت جواز الرجوع إلى المفضول مع الاختلاف فضلا عن الاتفاق وبه يرفع اليد عن الاصل في المسألة وإن كان مقتضاه تعين قضاء الاعلم بالتقريب الذي عرفته ولا يخصصه ما دل الترجيح عند الاختلاف لما عرفت من اختصاص الترجيح في الحكم بالمعنى المنطبق على التقليد لا القضاء ولا علم بعدم الفصل بين المسئلتين إن لم ندع العلم بوجود الفصل بينهما وأما تخصيصه بنقل الاجماع في المسألة ممن عرفت ففيه مضافا إلى ابتنائه على حجيته مطلقا مع ما يتطرق إليه من المنع على ما فصلنا القول فيه في محله من الاصول بذهاب جمع إلى القول بخلافه فتدبر.

وأما تخصيصه بحكم العقل فيتوجه عليه مضافا إلى اقتضائه على تقدير تسليمه عدم جواز النصب من الامامعليه‌السلام للرعية مطلقا بعدم تماميته في أمثال المقام حتى يوجب التخصيص ورفع اليد عن عمومات النصب وإنما يتم في مسألة الخلافة حيث ان مرجع الفرق بين الفاضل والمفضول في هذه المسألة إلى الفرق بين العالم والجاهل حيث ان الفاضل عالم بجميع ما تحتاج إليه الامة ومحيط به والمفضول جاهل ببعضه فيقبح التسوية بينهما فضلا عن ترجيح المفضول وإليه أشار في قوله تبارك وتعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وهذا بخلاف مسئلتنا هذه فإن مرجع الفرق بينهما إلى شدة الملكة العلمية بالنسبة إلى المسائل وضعفها و هذا كما ترى لا تعلق له بالعلم والجهل هذا.

وأما قوة الظن بالنسبة إلى فتوى الاعلم فيتوجه عليه على تقدير التسليم انه إنما ينفع فيما إذا دار الامر بينها وبين فتوى غيره بحيث يكون الدليل والحجة احديهما كما في مسألة التقليد لا فيما نحن فيه مما قام الدليل فيه على نصب كلواحد من العلماء هذا فإن شئت قلت ان مبنى الترجيح على التعارض بحيث يدور الامر بين كون الدليل والحجة الفعلية أحدهما على التعيين أو كلواحد على البدل والتخيير وهذا كما ترى أجنبي عما نحن فيه كما هو ظاهر ومما ذكرنا كله تعرف فساد وجوه القول بتعين قضاء الاعلم مطلقا.

الثاني لزوم الحرج الشديد من تعين قضاء الاعلم وهذا بخلاف تعين تقليده والفرق بينهما لا يكاد أن يخفى على الاوائل فلو فرض هناك ما يقتضي بظاهره تعين قضاء الاعلم فلا بد من رفع اليد عنه بهذا الوجه نعم على القول بكون المنفي بدليل نفي الحرج الحرج الشخصي لا الغالبي الاكثري النوعي لم يتم هذا الوجه باطلاقه ولا يتممه عدم القول بالفصل فتدبر.

الثالث كونه خلاف السيرة المستمرة بين العلماء بل بين أصحاب الائمةعليهم‌السلام أيضا فإنه لا يكاد يرتاب

٤٨٢

في تصدي المفضول للقضاء مع وجود الفاضل وهذا الوجه ذكره غير واحد ممن أركن إليه تمام الركون سيما بعض مشايخنا في شرحه على الشرايع لكنه كما ترى لا يخلو عن مناقشة لان استمرار سيرة المفضولين المعتقدين بكونهم كذلك فيما علم الاختلاف بينه وبين الفاضل في الشبهة الحكمية مع التمكن من رفع الامر إلى الفاضل من دون حرج أول الدعوى.

الرابع نصب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الوصيعليه‌السلام للمفضول أو اذنه في القضاء مع وجود الفاضل فإنه أمر لا يرتاب فيه ولا ينكره أحد ومنه إذن النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لغير أمير المؤمنينعليه‌السلام من الصحابة في القضاء مع كونهعليه‌السلام أفضل من جميعهم باتفاق الامة فيدل على التسوية بينهما والاعتذار عنه بأن خلله في زمان الحضور كان ينجبر بنظر الامامعليه‌السلام كما اعتذر عنه به غير واحد ربما يتوجه عليه بما في كلام غير واحد منهم شيخنا الافقه في شرحه بأنه إنما يتم مع قربه منهعليه‌السلام واطلاعهعليه‌السلام على أحكامه لا مع بعده عنه لى وجه لا يعلم شيئا من وقائعه وإن نوقش فيه بأنه أجنبي عن كلام المعتذر حيث ان مراده ليس الانجبار في القضايا الشخصية من حيث صدور الخطأ منه فيكون معتصما بنظر الامامعليه‌السلام بل الانجبار الكلي والتأييد منهعليه‌السلام للمأذون بحيث يكافوء شدة الملكة للفاضل وهذا لا تعلق له بقربه من الامامعليه‌السلام وإطلاعهعليه‌السلام على وقائعه ضرورة عدم الفرق بين الحالات في هذا المعنى.

هذا مضافا إلى ان الاعتراض المذكور راجع إلى جهل الامامعليه‌السلام بما يصدر عن رعيته إذا لم يكن بمسمع ومحضر منه تعالى شأنه عن ذلك وهو خازن علم الله تبارك وتعالى ومحل مشيته بل الذي فوض أمره إليه صلوات الله وسلامه عليه.

الخامس لزوم العسر من تشخيص الاعلم حيث ان الملكة مقولة بالتشكيك في القوة والضعف بحيث يصعب تمييز مراتبها مع الاختلاف مع تقارب اللاحق نعم فيما كان الاختلاف في المرتبة بينا واضحا يسهل تشخيص الحال هذا وفيه ما لا يخفى فإن تشخيص الفضل وإن كان أصعب عند المنصف من تشخيص أصل الاجتهاد سيما مع تقارب اللاحق إلا انه ليس بحيث يبلغ مرتبة الحرج الشديد الرافع للتكليف على الاطلاق.

هذا بعض الكلام في وجوه اطلاق القولين ومن التأمل فيه يعرف وجه التفصيل بين الشبهات الموضوعية والحكمية والتفصيل في الشبهة الحكمية بين صورتي اختلاف الفاضل والمفضول في الرأي واتفاقهما في الرأي ما عن غير واحد كما ان منه يعرف ما هو الاوجه من الاقوال وهو التسوية بين الفاضل والمفضول مطلقا ووجه من عمومات النصب مما عرفتها وعدم ما يقتضي لصرفها عن العموم فلا حاجة إلى بسط القول في ذلك مع كونه تطويلا لا طائل به.

تذييل مشتمل على فروع الاول انه على القول بتعين قضاء الاعلم هل يجب الفحص عن حال القضاة لتشخيص القاضي لهم أو لا يجب الفحص عنه كما انه على القول بالتفصيل بين صورتي اختلافهما في الرأي واتفاقهما في الرأي هل يعتبر الفحص في تشخيص الاختلاف أو يكفي في الرجوع إلى المفضول عدم العلم بالاختلاف وهذا كما ترى جار في مسألة التقليد أيضا بناء على لزوم تقليد الاعلم. والاصل وإن اقتضى عدم المزية بل عدم الاختلاف أيضا والشبهة موضوعية في المقام وفي مسألة التقليد إلا ان الرجوع إليه يشبه الرجوع إلى الاصل في الشبهة الحكمية من دون فحص من حيث الوقوع في مخالفة الواقع كثيرا على تقدير الرجوع إليه بدون الفحص للعلم بتفاوت العلماء في الفضل واختلافهم في الرأي كثيرا بل غالبا هذا مع

٤٨٣

ما قيل من ان مرجع الفحص في باب التقليد إلى الفحص عن الطريق الشرعي الفعلي للعامي نظير الفحص عن المعارض للاخبار والادلة والمرجح للمتعارضين في حق المجتهد وفي باب القضاء إلى الفحص عن المرجع للحكم ومن نصبه الامامعليه‌السلام للقضاء بين الناس فيجب احرازه وإلا فالاصل عدم نفوذ قضاء مشكوك الحال والمسألة غير نقية عن الاشكال من حيث ان الفرع غير مذكور في كلمات جلهم نعم تعرض له بعض مشايخنا في شرحه على سبيل الاجمال حيث قال ما هذا لفظه ثم انه بناء على تقديم الافضل فهل هو في حكم المانع أو الشرط وجهان لا تخفى الثمرة بينهما انتهى كلامه رفع مقامه والغرض من كونه في الحكم المانع عدم لزوم الفحص عنه كما ان الغرض من كونه في حكم الشرط لزوم الفحص عنه وبعد الاحاطة بما ذكرنا تعرف ما يتوجه عليه من المناقشة الثاني انه على القول بتقديم الاعلم في المقام هل يقدم الاعدل والاورع على العادل والورع أم لا وجهان ظاهر غير واحد حيث ذكروها في عنوان تقديم الفاضل والمفضول وصريح بعض التقديم وظاهر آخرين حيث اقتصروا على تقديم الاعلم عدمه والاقوى هو الاول بناء على الاستناد في تقديم الاعلم إلى الاخبار المتقدمة بعد حمل العطف على كفاية كلواحدة من الفضائل للترجيح كما عليه الفتوى ويشهد له قول السائل الذي قرره الامامعليه‌السلام قلت جعلت فداك كلاهما عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه فقد علم كون مدار الترجيح على مطلق الفضيلة بل إلى غيرها أيضا في الجملة كما هو ظاهر ومنه يعلم انه لا مناص عن الترجيح بالفضيلة المذكورة في باب التقليد بناء على حمل الاخبار المتقدمة على ما ينطبق عليه حسبما اخترناه.

الثالث انه على تقدير الترجيح بكل من الافقهية والاعدلية فهل تقدم الاولى عند التعارض أم لا صريح من تعرض للفرع في المقام وفي مسألة التقليد هو التقديم ولا يستفاد من أخبار الباب بناء على حملها على الحكومة بل على التقليد أيضا بل على الترجيح من حيث تعارض الاخبار أيضا حكم تعارض الفضائل وفي كلام بعض الاصحاب التعليل له بما لا يخلو عن مناقشة نعم يمكن التمسك له بعد منع التمسك باطلاق الاخبار لصورة تعارض الصفات بالاصل المحكم المرجع في المقام بل في التقليد وتعارض الاخبار أيضا بعد فرض كون الافقه متيقن الاعتبار والمرجعية الرابع انه لا إشكال في كون المراد بالاعلم في الابواب الثلاثة هو الاعلم بالفقه يعني أشد ملكة بالنسبة إليه وإن كان لتكميل المقدمات سيما علم الاصول ولمزاولة الفقه مدخل فيه ومن هنا وقع التعبير بالافقه في المقبولة والافقه بدين الله في رواية النميري وينطبق عليه الاعلم بالحديث في رواية داود بن الحصين فإن الافقهية في ذلك الزمان إنما كانت تحصل بالاعلمية بأحاديث الائمةعليهم‌السلام فلا تنافي بين الاخبار.

الخامس انه لا إشكال في ثبوت سائر الولايات العامة الحسبية المختصة بالمجتهدين للمفضول كثبوتها للفاضل على القول باختصاص ولاية القضاء به بل الظاهر انه مما لا خلاف فيه لعموم ما دل عليه من الاخبار سيما التوقيع الشريف الدال على كونهم حجة من الحجة أرواحنا له الفداء على الخلق وانهم المرجع للحوادث الواقعة وانتفاء ما يقتضي تخصيصه بطائفة منهم وهو أمر ظاهر.

السادس انه على القول بتعين قضاء الفاضل هل له اذن المفضول وتوكيله أو نصبه للقضاء كما ان للامامعليه‌السلام كلا من التوكيل والنصب في زمان حضوره أو ليس له ذلك وجهان أوجههما الثاني لان القضاء وإن كان قابلا للتوكيل والنصب في الجملة على ما عرفت إلا انه لما كان على خلاف الاصل والقواعد فيقتصر في حق الامامعليه‌السلام وليس هنا دليل خاص يقتضي الجواز كما انه ليس هنا عموم منزلة يقضى بثبوت مالهعليه‌السلام

٤٨٤

للفقيه إلا ما خرج ونظيره الوصي فإنه ليس له إيصاء الغير إلا بتصريح الميت وكذا الوكيل من شخص في عمل ليس له توكيل الغير فيه إلا بتصريح الموكل فنصب الامامعليه‌السلام الافضل في زمان الغيبة لا يقتضي اذنه في نصب غيره.

ومما ذكرنا كله يظهر الكلام في مسألة اخرى وهي انه هل يجوز للفقيه الجامع لشرائط الحكومة والفتوى المنصوب من الامامعليه‌السلام في زمان الغيبة نصب العامي العارف بمسائل القضاء من رأيه للحكومة بين الناس أو توكيله في ذلك بعد البناء على عدم جوازها له ابتداء واشتراط الملكة في القاضي كما هو المشهور بين الاصحاب قديما وحديثا وإن مال بعض مشائخنا في شرحه إلى الجواز بل قال به كما يظهر لمن راجع الكتاب المسطور أو لا يجوز له ذلك وجهان ظاهر الاصحاب الاول والمحكى عن المحقق القمي قده في أجوبة مسائله الميل إلى الثاني وهو صريح بعض مشائخنا في شرحه بالنسبة إلى التوكيل إن لم يكن إجماع على خلافه لعموم دليل الوكالة وجه الاول ظاهر بعد فرض اعتبار ملكة الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض وإلا كان العامي العارف بالمسائل عن تقليد في عرض العالم عن ملكة كالفاضل والمفضول على القول بعدم الفرق بينهما فلا معنى لنصب العامي بل على القول باعتبار المعرفة النظرية لا مورد لنصب الامامعليه‌السلام العامي فضلا عن نصب المجتهد مع انه على تقدير جواز النصب لهعليه‌السلام يمكن منعه بالنسبة إلى المجتهد من جهة منع عموم المنزلة ما أسمعناك بالنسبة إلى جواز نصب المفضول للفاضل على القول بالترجيح بينهما هذا بالنسبة إلى النصب.

وأما التوكيل فلا مجال له بعد اعتبار الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض لان دليل الوكالة لا يكون مشرعا هذا وإن شئت قلت أولا انه ليس في باب الوكالة ما يقتضي بعمومه كون كل فعل قابلا للنيابة والوكالة وان الوكالة تجري في كل فعل إلا ما خرج على ما يدعيه بعض مشائخنا في شرحه خلافا لما أثبتنا وأوضحناه في كتاب الوكالة وثانيا انه على تقدير ثبوت العموم فإنما هو بالنسبة إلى ما لم يقم دليل على اختصاص صدوره بطائفه خاصة فإذا دل الدليل على حصر (قصر خ) نصب الامامعليه‌السلام لمن كان ناظرا في الحلال والحرام وعارفا بجميع الاحكام بمعنى كونه واجدا لملكة معرفة الجميع كما هو المفروض فكيف يجوز له توكيل العامي في القضاء والحكم بين الناس.

ثم ان محل الكلام في المسألة في قضاء العامي بأحد الوجهين وأما توكيله في مقدمات القضاء كاستماع الشهود والحلف مع كون الحكم بفعل المجتهد فقد صرح ثاني الشهيدين في المسالك بجوازه وهو الظاهر من غيره لكنه لا يخلو عن إشكال إن لم يكن إجماع عليه لعدم دليل عليه على ما أسمعناك عن قريب و الاصل في المعاملة الفساد باتفاق منهم والله الهادي وهو المصلح لمفاسد أمور عباده.

هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه الاوراق مع اختلاف البال وتشتت الفكر والخيال والبهت الحاصل للنفس في شهر الصيام والحمد لله أولا وآخرا وله الشكر دائما سرمدا والصلاة على نبيه وآله الطيبين الطاهرين أبدا أبدية السموات والارض وقد وقع الفراغ منه في ليلة الثامن من شهر الصيام في البلد المشحون بالهموم والاحزان من سنة الثامن عشر بعد الالف وثلثمائة من الهجرة النبوية.

٤٨٥

الفهرس

قضاء الاشتياني الحاج ميرزا محمد الاشتياني ١

قضاء الاشتياني (كتاب القضاء) ٣

الفهرس ٤٨٦

٤٨٦