المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 87773
تحميل: 5169


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87773 / تحميل: 5169
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

من الطيور، أو من حيوان البر، أو الحضر مما لا يمكن التحرز منه كالفأرة(١) واختاره ابن إدريس(٢) .

(ب): المسوخ، وبنجاسته قال في الخلاف: والجلال(٣) ، وبنجاسته قال في المبسوط: وهو مذهب ابن الجنيد فيهما(٤) .

(ج): ما أكل الجيف، مع خلو موضع الملاقاة، وبنجاسته قال في المبسوط(٥) والنهاية(٦) . أما الآدمي: فالمسلمون أطهار، وإن إختلفوا في الآراء والمذاهب، عدا الخوارج والغلاة والنواصب. وقال في المبسوط: بنجاسة المجبرة والمجسمة(٧) . وهو حسن.

____________________

(١) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، ص ١٠، س ١٤، قال: " وماكان منه في الحضر فلا يجوز استعمال سؤره الا ما لا يمكن التحرز منه مثل الهرة والفارة والحية ".

(٢) السرائر: كتاب الطهارة، ص ١٣، س ٢٩، قال: " وما لايمكن التحرز منه فسؤره طاهر، فعلى هذا سؤر الهر " إلى ان قال: " طاهر سواء غابت عن العين اولم يغب " آه.

(٣) الخلاف: ج ٣، ص ٢٦٤، كتاب الاطعمة، مسألة ٢، س ٦، ولفظه: " و النجس، الكلب والخنزير والمسوخ كلها " وايضا في كتاب البيوع، ج ٢، ص ٨١ مسألة ٣٠٦، س ١٨، قال: " القرد لا يجوز بيعه، وقال الشافعي: يجوز بيعه، دليلنا اجماع الفرقة على انه مسخ نجس " آه.

(٤ و ٥) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، ص ١٠، س ٣، قال: " وفما يؤكل لحمه لا بأس بسؤره على كل حال الا ما كان جلالا " إلى أن قال بعد اسطر، س ١٢، " فسؤر الطيور كلها لاباس بها الا ما كان في منقاره دم أو ياكل الميتة، او كان جلالا ".

(٦) النهاية: كتاب الطهارة،ص٥،س ٤، قال: " وكذلك لاباس بأسآر الطيور كلها الا ما أكل الجيف " آه

(٧) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، باب حكم الاواني والاوعية والظروف اذا حصل فيها نجاسة، ص ١٤، س ٩، قال: وحكم سائر الكفار في هذا الباب سواء كانوا عباد الاوثان وأهل الذمة او مرتدين او كفارملة من المشبهة و المجسمة والمجيرة وغيرهم ".

١٢١

وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم قولان: أحوطهما النجاسة ولو نجس أحد الانائين ولم يتعين اجتنب ماء‌هما، وكل ماء حكم بنجاسته لم يجز إستعماله، ولو اضطر معه إلى الطهارة تيمم.

وقال المصنف في المعتبر: (وخرج بعض المتأخرين - إشارة إلى ابن إدريس - بنجاسة من لم يعتقد الحق عدا المستضعف)(١) . وهو غلط.

تنبيه

لو أكلت الهرة فأرة، ثم شربت من الماء في الحال، وليس على فمها أثر دم، لم ينجس، وإن لم تغب عن العين. وكذا ساير الحيوان، فانه يكفي في الحكم بطهارتها زوال عين النجاسة عنها. قال طاب ثراه: وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم، قولان: أحوطهما النجاسة. أقول: قال الشيخ في المبسوط: إن ما لا يدركه الطرف من الدم مثل رؤوس الابر إذا وقع في الماء القليل، لا ينجسه(٢) ، لصحيحة علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال: سألته عن رجل إمتخط فصار الدم قطعا فأصاب إناء‌ه، هل يصح الوضوء منه؟ فقال: إن لم يكن شئ يستبين في الماء، فلا بأس، وإن كان شيئا بينا، فلا يتوضأ منه(٣) ولما في التحرز من المشقة المنفية.

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، في الفرع الثاني من فروع الاسآر، ص ٢٤، س ٢٦.

(٢) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، ص ٧، س ٢ نقلا بالمعنى، ولايخفى ان كلامةقدس‌سره غير مخصوص بالدم بل بكل مالا يمكن التحرز منه من الدم وغيره، فراجع.

(٣) الكافي: ج ٣، ص ٧٤، باب النوادر من كتاب الطهارة، حديث ١٦، مع اختلاف يسير في العبارة.

١٢٢

وقال ابن إدريس: بنجاسته(١) وهو اختيار العلامة(٢) . وأجاب: عن الرواية: بعدم دلالتها على موضع النزاع، لتضمنها إصابة الدم الاناء، ولا يلزم منه إصابة الماء، ولهذا شرطعليه‌السلام الاستبانة.

وعارضها العلامة برواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فقطر قطرة في إنائه، هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا(٣) . ومنع كون المشقة المذكورة مسقطة للتكليف بالازالة، وإن اعتبر مطلق المشقة، ارتفع أكثر التكاليف(٤) .

____________________

(١) السرائر: كتاب الطهارة، ص ٨، س ٧، قال بعد الحكم بنجاسة الماء القليل بكل نجاسة، ما لفظه (لان بعض أصحابنا ذكر في كتاب له: الا ما لايمكن التحرز منه مثل رؤوس الابر من الدم وغيره.

وهذا غير واضح، لانه ماء فلل وفعت فيه نجاسة، فيجب أن استثنى نجاسة دون نجاسة يحتاج إلى دليل ولن نجده).

(٢) المختلف، باب المياه، ص ٣ س ٢٧.

(٣) الكافي: ج ٣، ص ٧٤، باب النوادر، من كتاب الطهارة، ذيل حديث ١٦.

(٤) المختلف: باب المياه، ص ٣، ص ٣٥، وفيه: " النقض بجميع التكاليف ".

١٢٣

الركن الثاني: في الطهارة المائية وهي: وضوء وغسل الوضوء

فالوضوء: يستدعي بيان أمور:

الاول: في موجباته. وهي خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد، والنوم الغالب على الحاستين، والاستحاضة القليلة. وفي مس باطن الدبر وباطن الاحليل، قولان: أظهرهما أنه لا ينقض.

الثاني: في آداب الخلوة والواجب: ستر العورة.

الركن الثاني في الطهارة المائية

قال طاب ثراه: وفي مس باطن الدبر أو باط ن الاحليل، قولان: أظهر هما أنه لاينقض أقول: هذا مذهب الثلاثة(١) ، واختاره المصنف(٢) ، والعلامة(٣) .

____________________

(١) اي المفيد والمرتضى والطوسي قدس الله اسرارهم. قال في المقنعة: ص ٣، س ٣٢، باب الاحداث الموجبة للطهارة. وجميع ما يوجب الطهارة من الاحداث عشرة أشياء، إلى أن قال: س ٣٤ وليس يوجب الطهارة شئ من الاحداث سوى ما ذكرناه على حال من الاحوال وقال في النهاية: باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه، ص ١٩، س١: "وليس ينقض الطهارة شئ سوى ما ذكرناه " الخ.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، في نواقض الوضوء، ص ٢٩، س ١٠، قال ما لفظه: (إذا مس الرجل أحد فرجيه لم ينتقض وضوء سواء مس الباطنين أو الظاهرين، وكذا لو مست المرأة فرجها بباطن الكف وظاهره بشهوة وغيرها، وهو اختيار الثلاثة وأتباعهم).

(٣) المختلف: باب الوضوء، ص ١٧، س ٢٤.

١٢٤

ويحرم إستدبار القبلة وإستقبالها ولو كان في الابنية على الاشبه. ويجب غسل مخرج البول، ويتعين الماء لازالته، وأقل ما يجزئ مثلا ما على الحشفة، وغسل موضع الغائط بالماء، وحده الا نقاء، فإن لم يتعد المخرج تخير بين الاحجار والماء، ولا يجزئ أقل من ثلاثة ولو نقي بما دونها، وقال الصدوق(١) ، وأبوعلي: أنه ناقض(٢) . احتج الاولون: بروايات، منها صحيحة ابن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ليس في المذي من الشهوة ولا من الانعاظ ولا من القبلة من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء، ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد(٣) . احتج الاخرون: بما رواه عمار بن موسى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره؟ قال: نقض وضوء‌ه. وإن مس باطن إحليله، فعليه أن يعيد الوضوء، وان كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ و يعيد الصلاة، وإن فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة(٤) . واجيب: بمنع السند، ومع تسليمه يحمل على الاستحباب، أو خروج شئ من النواقص على يده. قال طاب ثراه: ويحرم إستقبال القبلة وإستدبارها ولو كان في الابنية على الاشبه.

____________________

(١) الفقيه: ج ١، باب ١٥، ما ينقض الوضوء، ص ٣٩، ذيل ح ١٢. قال: " واذا مس الرجل باطن دبره او باطن احليله، فعليه ان يعيد الوضوء " الخ.

(٢) المختلف: باب الوضوء، ص ١٧، س ٢٥، قال ما لفظه: (وقال ابن الجنيد: ان من مس ما انضم عليه الثقبان نقض وضوء) الخ. التهذيب: ج ١ ص ١٩، باب ١، الاحداث الموجبة للطهارة، حديث ٤٧.

(٤) الاستبصار: ج ١، ص ٨٨، باب ٥٣، القبلة ومس الفرج، حديث ٨.

١٢٥

ويستعمل الخزف بدل الاحجار، ولا يستعمل العظم، ولا الروث، ولا الحجر المستعمل. وسننها تغطية الرأس عند الدخول، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى، والاستبراء والدعاء عند الدخول، وعندالنظر إلى الماء وعند الاستنجاء، وعند الفراغ. والجمع بين الاحجار والماء، والا قتصار على الماء إن لم يتعد، وتقديم اليمنى عند الخروج. ومكروهاتها: ويكره الجلوس في الشوارع والمشارع، ومواضع اللعن، و تحت الاشجار المثمرة، وفئ النزال، واستقبال الشمس والقمر، والبول في الارض الصلبة، وفي مواطن الهوم، وفي الماء جاريا وراكدا واستقبال الريح به، والاكل والشرب والسواك، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى، والكلام إلا بذكر الله، أولضرورة. الثالث: في الكيفية.

والفروض سبعة: أقول: للاصحاب هنا أربعة أقوال:

(الف): وجوب تجنب الاستقبال والاستدبار مطلقا، قاله الشيخ(١) ، وبه قال السيد، وابن إدريس(٢) ، والقاضي(٣) ، والمصنف(٤) ، والعلامة(٥) .

____________________

(١) الخلاف: ج ١، ص ١٧، كتاب الطهارة، مسألة ٤٨.

(٢) السرائر: كتاب الطهارة، باب احكام الاستنجاء والاستطابة، ص ١٦، س ٢٥، قال ما لفظه: (فاذا أراد القعود لحاجته، فالواجب عليه ان لا يستقبل القليلة ولاستدبرها ببول ولا غائط. فهذان تركان واجبان في الصحاري والبنيان) الخ.

(٣) المهذب: ج ١، ص ٤١، باب ترك استقبال القبلة واستدبارها وكذلك الشمس والقمر في حال البول والغائط س١٩.

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، في آداب الخلوة، ص ٣١، س ٢٢.

(٥) المختلف: في التخلي والاستنجاء، ص ١٩ س ٤.

١٢٦

الاول: النية مقارنة لغسل الوجه، ويجوز تقديمها عند غسل اليدين، واستدامة حكمها حتى الفراغ.

والثاني: غسل الوجه، وطوله من قصاص شعر الرأس إلى الذقن، وعرضه ما اشتملت عليه الابهام والوسطى، ولا يبج غسل ما استرسل من اللحية ولا تخليلها.

والثالث: غسل اليدين مع المرفقين مبتائا بهما،

(ب): الاستحباب مطلقا، قاله أبوعلي(١) .

(ج): التحريم في الصحارى والفلوات، والرخصة في الابنية، قاله سلار(٢) .

(د): الكراهية في الصحاري والاباحة في الابنية، قاله المفيد(٣) . احتج الاولون: بأنها محل التعظيم، لوجوب إستقبالها في الصلاة، فيناسب تحريم استقبالها بالحدث. ولان فيه تعظيما لشعائر الله، وبما رواه الشيخ عن عيسى بن عبدالله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تسدبرها، ولكن شرقوا وغربوا(٤) . والنهي دلالة التحريم. احتج سلار: بما رواه محمد بن إسماعيل قال: دخلت دارأبي الحسن الرضا

____________________

(١) قال في المعتبر: كتاب الطهارة، في آداب الخلوة، ص ٣١، س ٢٣، مالفظه: (وقال ابن الجنيد في المختصر: يستجب للانسان إذا أراد التغوط في الصحراء أن يجتنب إستقبال القبلة أو الشمس أو القمر أو الريح بغائط أو بول).

(٢) المراسم: ذكرما يتطهر منه الاحداث، ص ٣٢، س ٥، قال: ويجلس غير مستقبل القبلة ولا مستد برها " إلى ان قال: " وقدر خص ذلك في الدور ".

(٣) المقنعة: باب آداب الاحداث للطهارة، ص ٤، س ١٣.

(٤) التهذيب: ج ١، ص ٢٥، باب ٣، آداب الاحداث الموجبة للطهارة، ح ٣، وفيه: " قال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . شرقوا او غربوا ".

١٢٧

ولو نكس فقولان: أشبههما انه لا يجزئ، وأقل الغسل ما يحصل به مسماه ولو دهنا. والرابع: مسح مقدم الرأس ببقية البلل بما يسمى مسحا.عليه‌السلام وفي منزله كنيف مستقبل القبلة(١) . ولاصالة الجواز.

والجواب: عدم دلالة الخبر على جلوسهعليه‌السلام عليه، لجواز إنتقال الملك إليه على هذه الحال وتجنبه له، وانحرافه عند جلوسه عليه. والاصل مخالف للدليل. قال المصنف: وانما قلنا على الاشبه. لان التحريم مأخوذ من إطلاق الالفاظ المانعة، لا لنص على عين المسألة. وكل حكم مستفاد من لفظ عام أو مطلق، أو من استصحاب، نسميه بالاشبه، لان مذهبنا التمسك بالظاهر. فالاخذ بما يطابق ظاهر المنقول أشبه بأصولنا. فكل موضع نقول فيه: على الاشبه، فالمراد به هذا المعنى(٢) . قال طاب ثراه: ولو نكس فقولان: أشبههما أنه لا يجزئ. أقول: هذا مذهب الشيخ(٣) ، وأبي علي(٤) ، وابن حمزة(٥) ، وسلار(٦) .

وقال المرتضى: انه مكروه(٧) ، واختاره ابن إدريس(٨) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٦، باب ٣، آداب الاحداث الموجبة، للطهارة، حديث ٥.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، في آداب الخلوة، ص ٣٢، س ٤.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الطهارة، فصل في كيفية الوضوء وجملة احكامه، ص ٢٠، ص ١٦، قال: " فان خالف وغسل منكوسا، خالف السنة "

(٤) و(٥) المختلف: في كيفية الوضوء، ص ٢١، س ٤، قال: " فان نكس أعاد الوضوء وجوبا " إلى ان قال: " وكذا (اي أوجبه) ابن الجنيد وابن حمزة ".

(٦) المراسم: دكر كيفية الطهارة الصغرى، ص ٣٨، س ٨، قال: " وان لا يستقبل الشعر الذي في اليدين " الخ.

(٧) الانتصار: كتاب الطهارة، قال: " مسألة: ومما انفردت به الامامية الابتداء في غسل اليدين للوضوء من المرافق " إلى ان قال: " ان الاولى ان يكون ذلك مسنونا ومندوبا إليه وليس بفرض حتم " الخ.

(٨) السرائر: كتاب الطهارة، في كيفية الوضوء، ص ١٧، س ١٩ و ٢٠.

١٢٨

وقيل: أقله ثلاث أصابع مضمومة. احتج الاولون: بصحيحة زرارة بن أعين قال: حكى لنا أبوجعفرعليه‌السلام وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعى بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فأخذ كفا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه الحديث(١) . وبيان الواجب، واجب. وبقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : وقد أكمل وضوء‌ه هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به(٢) أي بمثله. احتج السيد: بما رواه حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لابأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا(٣) . والجواب: حمله على مسح الرأس والرجلين، لانه المتبادر إلى الفهم عند إطلاق لفظ المسح.

قال طاب ثراه: وقيل: أقله ثلاث أصابع. أقول: الاجزاء مذهب الشيخ في أكثر كتبه(٤) . وبه قال القديمان الحسن و أبوعلي(٥) ، وسلار والتقي(٦) ، وابن إدريس(٧) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٥٥، باب ٤، صفة الوضوء والفراض منه والسنة والفظيلة فيه قطعة من ح.

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٢٥، باب ٨، صفة وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حديث ٣.

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٥٨، باب ٤، صفة الوضوء منه والسنة والفظيلة فيه، حديث ١٠.

(٤) المبسوط: ج ١، ص ٢١ كتاب الطهارة، فصل في كيفية الوضوء وجملة احكامه، س ١٥، قال: " والواجب من المسح ما يقع عليه اسم المسخ: ولا يتحدد ذلك بحد، والفضل مقدار ثلاث أصابع مضمومة " وفي الخلاف: ج ١، ص ١١، كتاب الطهارة، مسائل الوضوء، مسألة ٢٩، قال: " المسح ببعض الرأس هو الواجب، والافضل ما يكون مقدار ثلاث أصابع مصمومة، ويجزئ مقدار اصبع واحدة ".

(٥) اي الحسن بن ابي عقيل العماني، وابوعلي محمد بن احمد بن الجنيد الاسكافي.

(٦) المختلف: في كيفية الوضوء ص ٢٣، س ٢٤، قال: " مسألة: المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين باصبع واحدة، اختاره الشيخ في اكثر كتبه، وابن أبي عقيل، وان الجنيد، وسلار، وأبوالصلاح، وابن البراج، وابن ادريس ".

(٧) السرائر: كتاب الطهارة، ص ١٨، س ٣، قال: " وأقل ما يجزئ في مسح الناصبة، ما وقع عليه اسم المسح " الخ.

١٢٩

ولو استقبل فالاشبه الكراهية، ويجوز على الشعر، أو البشرة، ولا يجزئ على حائل كالعمامة والخامس: مسح الرجلين إلى الكعبين، وهما قبتا القدم، ويجوز منكوسا، ولا يجوز على حائل من خف وغيره إلا للضرورة.

والسادس: الترتيب: يبدأ بالوجه: ثم باليمنى، ثم بالرأس، ثم بالرجلين، ولا ترتيب فيهما.

والسابع: الموالاة: وهي أن يكمل طهارته قبل الجفاف. وقال في النهاية: لا يجوز أقل من ثلاث أصابع مضمومة مع الاختيار، فان خاف البرد من كشف الرأس أجزأه مقدار إصبع واحدة(١) . احتج الاولون: بما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني عين، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال في المسح: تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك، وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الاصابع فقد أجزأك(٢) . احتج المانع: بما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الاصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم. فقلت: جعلت فداك، لو أن رجلا قال: باصبعين من أصابعه؟ قال: لا يكفيه [لا الا بكفه](٣) . والجواب: حمله على الاستحباب. قال طاب ثراه: ولو استقبل، فالاشبه الكراهية.

____________________

(١) النهاية: كتاب الطهارة، ص ١٤، س ٤.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٩٠، باب ٤، صفة الوضوء والفراض منه والسنة والفضيلة فيه، حديث ٨٦.

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٩١، باب ٤، صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفظيلة فيه، حديث ٩٢.

١٣٠

مسائل: والفرض في الغسلات مرة، والثانية سنة، والثالثة بدعة، ولا تكرار في المسح، ويحرك ما يمنع وصول الماء‌لى البشرة وجوبا كالخاتم، ولو لم يمنع حركه إستحبابا. والجبائر تنزغ إن أمكن، وإلا مسح عليها ولو في موضع الغسل. ولا يجوز أن يولي وضوء‌ه غيره إختيارا. ومن دام به السلس يصلي كذلك.

وقيل، يتوضأ لكل صلاة وهو أقول: بالكراهية قال ابن إدريس(١) ، واختاره المصنف(٢) ، والعلامة(٣) . وبالتحريم قال السيد(٤) ، وابن حمزة(٥) ، وهو ظاهر الصدوق(٦) ، والشيخ في الخلاف(٧) . احتج الاولون: بانه يصدق عليه الامتثال في الامر بالمسح، وبما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا(٨) . واحتج الآخرون: بانه مستقبل الشعر، فيكون منهيا. والجواب: المنع بتناول إستقبال شعر اليدين، وحمل الرأس عليه قياس. قال طاب ثراه: ومن دام به السلس يصلي كذلك. وقيل: يتوضأ لكل صلاة،

____________________

(١) السرائر: كتاب الطهارة، ص ١٨، س ٧.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٤٠، س ١٤.

(٣) المختلف: باب الوضوء، ص ٢٤، س ٧، فانه بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط من انه لا يستقبل شعر الرأس في المسح، فان خالف أجزأه لانه مسح قال: " والحق عندي ما ذهب اليه الشيخ ".

(٤) و(٥) المختلف: باب الوضوء، ص ٢٤، س ٥.

(٦) الفقيه: ج ١، ص ٢٨، باب ١٠، حد الوضوء وترتيبه وثوابه، ذيل ح ١، قال: " ولاترد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين ".

(٧) الخلاف: ج ١، ص ١٢، كتاب الطهارة، مسائل الوضوء، مسألة ٣١.

(٨) التهذيب: ج ١، ص ٥٨، باب ٤ صفة الوضوء والفراض منه والسنة والفظيلة فيه، حديث ١٠.

١٣١

حسن. وكذا المبطلون، ولو فجأه الحدث في الصلاة توضا وبنى. والسنن عشرة: وضع الاناء على اليمين، والاغتراف بها، والتسمية، و غسل اليدين مرة للنوم والبول، ومرتين للغائط قبل الاغتراف، والمضمضة، والاستنشاق، وأن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه، والمرأة بباطنهما، والدعاء عند غسل الاعضاء، والوضوء بمد، والسواك عنده، و يكره الاستعانة فيه، والتمندل منه. وهو حسن. وكذلك المبطون. ولوفجأه الحدث في الصلاة توضأ وبنى. أقول: هنا مسألتان. الاولى: السلس. وفيه ثلاثة أقوال: (الف): جواز الجمع بين صلوات كثيرة بوضوء واحد. وهو اختيار الشيخ في المبسوط(١) .

(ب): تجديده لكل فريضة، اختاره في الخلاف(٢) ، واستحسنه المصنف(٣) ، وهو اختيار العلامة في كتبه(٤) ، لقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا)(٥) وهو عام، خرج من لاحدث عليه، فيبقى الباقي على العموم. ولانه أحوط.

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ٦٨ كتاب الطهارة، فصل في ذكر الاستحاضة واحكامها، س ٢، ولفظه: " ولا يجوز للمستحاضة ان تجمع بين فرضيين بوضوء واحد. واما من به سلس البول فيجوز له ان يصلي بوضوء واحد صلوات كثيرة، لانه لا دليل على تجديد الوضوء عليه، وحمله على الاستحاضة قياس لا نقول به ".

(٢) الخلاف: ج ١، ص ٧٣، كتاب الحيض، مسائل المستحاضة، ومسألة ٢٨، قال: " المستحاضة ومن به سلس البول يجب عليه تجديد الوضوء عند كل صلاة فريضة، ولا يجوز لهما ان يجمعا بوضوء واحد بين صلاتي فرض ".

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٤١، س ٩، قال: " وقيل يتوضا لكل صلاة. وهو حسن ".

(٤) المختلف: احكام الوضوء، ص ٢٧، س ٢٩.

(٥) سورة المائدة: ٦.

١٣٢

الرابع في الاحكام: فمن تيفن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما و جهل المتأخر، تطهر. ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو شك من أفعال الوضوء بعد انصرافه بنى على الطهارة. ولو كان قبل انصرافه أتى به وبما بعده. ولو تيقن ترك عضو أتى به على الحالين بو بما بعده ولو كان مسحا. ولو لم تبق على أعضائه نداوة أخذ من لحيته وأجفانه، ولو لم تبق نداوة استأنف الوضوء. احتج الشيخ: بأصالة براء‌ة الذمة، وحمله على المستحاضة قياس(١) .

(ج): الجمع بالصلاتين بوضوء واحد. وهو اختيار العلامة في منتهى المطلب(٢) ، ومستنده ما روه ابن بابويه في الصحيح، عن حريز عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم، إذا كان حين الصلاة إتخذ كيسا وجعل فيه قطنا، ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه ثم صلى، يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان وإقامتين، ويفعل ذلك في الصبح(٣) .

وهو يشعر بجواز الجمع بين الظهر والعصر خاصة، وبين المغرب والعشاء خاصة، دون باقي الصلوات.

الثانية: المبطون الذي به البطن، وهوالذرب، قال المصنف في المعتبر: فهو يفعل كمن به السلس من تجديد الوضوء لكل صلاة، لان الغائط حدث فلا يستبيح معه إلا الصلاة الواحدة، لمكان الضرورة.

أما لو تلبس بالصلاة متطهرا ثم فجأه الحدث

____________________

(١) إلى هنا تلخيص كلام العلامة في المختلف ص ٢٧، س ٣١.

(٢) المنتهى: البحث في الوضوء وما يتعلق به، ص ٧٣، س ٣٤.

(٣) الفقيه: ج ١، ص ٣٨، باب ١٥، وما ينقض الوضوء، ح ١٠.

١٣٣

ويعيد الصلاة لو ترك غسل إحدى المخرجين ولا يعيد الوضوء. ولو كان الخارج أحد الحدثين غسل مخرجه دون الآخر. مستمرا تطهر وبنى، لان التخلص متعذر، ولو استأنف الصلاة مع وجوده لم تظهر فائدة، فالاستمرار أولى. ويؤيد ذلك ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي(١) و(٢) .

وقال العلامة في المختلف: المبطون إذا فجأه الحدث وهو في الصلاة قال بعض علمائنا: يتطهر ويبني على صلاته لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته(٣) .

وعن الفضيل بن يسار قال: قلت للباقرعليه‌السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا؟ فقال: إنصرف وتوضأ وإبن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا، فإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك، وهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت: وإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم و إن قلب وجهه عن القبلة(٤) . والوجه عندي: أن عذره إن كان دائما لا ينقطع، فانه يبني على صلاته من غير أن يجدد وضوأ كصاحب السلس. وإن كان يتمكن من تحفظ نفسه بمقدار زمان الصلاة، فانه يتطهر ويتسأنف الصلاة. ويدل على التفصيل. أن الحدث المتكرر لو نقض الطهارة لابطل الصلاة، لان شرط صحة الصلاة استمرار الطهارة. وأما مع التمكن من التحفظ فانه يجب عليه الاستيناف، لانه يتمكن من فعل الصلاة

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٣٥٠، باب ١٤، باب الاحداث الموجبة للطهارة من ابواب الزيادات، حديث ٢٨.

(٢) إلى هنا كلام المعتبر: كتاب الطهارة، في حكم من به السلس، ص ٤١، س ١٧.

(٣) المختلف: ص ٢٨، س ١.

(٤) الفقيه: ج ١، ص ٢٤٠، باب ٥٠، صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون، حديث ٢٨.

١٣٤

وفي جواز مس كتابة المصحف للمحدث، قولان: أصحهما المنع. كملا بطهارة، فوجب عليه ما يتمكن منه كما كلف(١) . قال طاب ثراه: وفي جواز مس [لمس] كتابة المصحف للمحدث قولان: أصحهما المنع. أقول: ذهب الشيخ في المبسوط إلى الكراهية(٢) ، وبه قال ابن إدريس(٣) ، و ذهب في الخلاف إلى التحريم(٤) ، وبه قال الصدوق(٥) ، والتقي(٦) ، واختاره المصنف(٧) ، والعلامة(٨) . احتج المجوزون: بالاصل، فانه الاباحة، وبأصالة براء‌ة الذمة من وجوب التطهير للمس.

____________________

(١) إلى هنا كلام العلامة في المختلف، الفصل الرابع في بقايا احكام الوضوء من كتاب الطهارة، ص ٢٨، س ١، " وفيه مما كلف به ".

(٢) المبسوط: كتاب الطهارة، فصل في كيفية الوضوء وجملة احكامه، ص ٢٣، قال: " ويكره للمحدث مس كتابه المصحف " الخ.

(٣) لم نعثر على مذهبه بكراهية مس المصحف للمحدث بالحدث الاصغر، ولكن قال بحرمة المس للمحدث بالحدث الاكبر، لاحظ السرائر باب الجنابة واحكامها، ص ٢١، س ٢٩، ولكن نسب اليه القول بالكراهة في المختلف: لاحظ باب الوضوء، ص ٢٦، س ١٧.

(٤) الخلاف: كتاب الطهارة، ج ١، ص ١٧، مسألة ٤٦.

(٥) الفقيه: ج ١، ص ٤٨، باب صفة غسل الجنابة، ذيل ح ١٣، قال: " ومن كان جنبا أوعلى غير وضوء فلايمس القرآن " الخ.

(٦) الكافي في الفقيه: ص ، س ١٧، قال بعد ذكر الاحداث المانعة من الصلاة: " فمتى حدث شئ من هذه صار المكلف محدثا ممنوعا من الصلاة، ص ٤٦، س ٣٠.

(٨) المختلف:، ص ٢٦، س ٢٠ الفصل الرابع من باب الوضوء في بقايا احكام الوضوء.

١٣٥

الغسل

وأما الغسل ففيه: الواجب والنداب، فالواجب منه ستة.

الاول غسل الجنابة والنظر في موجبه وكيفيته وأحكامه

أما المواجب فأمران:

١ - إنزال الماء يقظة أو نوما. ولو اشتبه اعتبر بالدفق وفتور البدن، و تكفى في المريض الشهوة. ويغتسل المستيقظ إذا وجد منيا على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به.

٢ - الجماع في القبل. وحده غيبوبة الحشفة وإن أكسل احتج المانعون: بقوله تعالى (لايمسه إلا المطهرون)(١) وبرواية أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عمن قرء في المصحف وهو على غير وضوء؟ قال: لا بأس، ولا يمس الكتاب(٢) . وفي معناها كثير.

فرع

هل يختص المس بباطن الكف، أم هو اسم للملاقاه؟

الاول هو المعروف. و بالثاني قال المصنف(٣) مصيرا إلى اللغة، ويتفرع على ذلك مالو مس المصحف بظاهر الكف أو الزند أو الوجه واللسان فانه يأثم على الثاني، دون الاول. أما لو اغتسل الجنب وفي فيه درهم عليه إسم الله، فانه يصح غسله. أما على الاول فظاهر،

____________________

(١) سورة الواقعة: ٧٩.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ١٢٧، باب ٦، حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث ٣٤.

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، الفرع الثالث من الفروع المس، ص ٤٧، س ٨، قال: " المس هل يختص بباطن الكف ام اسم للملاقات الاشبه الثاني مصيرا إلى اللغة ".

١٣٦

وكذا في دبر المرأة على الاشبه. وأما على الثاني فلرجوع النهي إلى غيرالغسل، ولعدم المنافاة بين الغسل والالقاء، بل يأثم بابقائه في فيه. قال طاب ثراه: وكذا في دبر المرأة على الاشبه. أقول: روى ابن بابويه في كتابه، عدم ايجاب الغسل(١) وهو اختيار الشيخ في النهاية(٢) والاستبصار(٣) والظاهر من كلام السلار، وقال المرتضى بالوجوب(٤) وهو اختيار الشيخ في المبسوط(٥) ، واختاره المصنف(٦) ، والعلامة(٧) .

احتج الاولون: بما رواه أحمد بن محمد البرقي رفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إذا أتى الرجل المرأة في دبرها ولم ينزل فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل ولا غسل عليها(٨) ، ولان الاصل براء‌ة الذمة.

____________________

(١) الفقيه: ج ١، ص ٤٧، باب ١٩، صفة غسل الجنابة، حديث ٨.

(٢) النهاية: كتاب الطهارة، باب الجنابة واحكامها وكيفية الطهارة منها، ص ١٩، س ١٥، قال: " فان جامع امرأته فيما دون الفرج " إلى ان قال: " فليس عليه الغسل ايضا ".

(٣) الاستبصار: ج ١، ص١١٢، باب٦٦،الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج، فينزل هودونها، ح ٢.

(٤) المختلف: باب الغسل، ص ٣٠ س ١٣، قال ما لفظه " مسألة. لعلمائنا في وجوب الغسل بالوطئ في دبر المرأة من غير انزال قولان: فالذي اختاره السيد المرتضى، وابن الجنيد، وابن حمزة، وابن ادريس وجوب الغسل.

(٥) قال في المبسوط: فصل في ذكر غسل الجنابة واحكامها، ص ٢٧، س ١٩، ما لفظه " فاما اذا ادخل ذكره في دبر المرأة او الغلام فلاصحابنا فيه روايتان: احديهما يجب الغسل عليهما، والثانية لا يجب عليهما " ولم يذكر فتواه بعد ذلك. لكن قال في ج ٤، من المبسوط: كتاب النكاح، فصل في ذكر ما يستباح من الواطئ وكيفيته، ص ٢٤٣، س ٦، ما لفظه " والواطئ في الدبر يتعلق به احكام الوطئ في الفرج، من ذلك افساد الصوم، ووجوب الكفارة، ووجوب الغسل".

(٦) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٤٨، س ٩، قال بعد نقل قول المبسوط: و " هو اشبه ".

(٧) المختلف: باب الغسل، ص ٤٧، س ٢٠، قال: " والحق ما اختياره السيد المرتضى ".

(٨) الكافي: ج ٣، ص ٤٧، كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة حديث ٨.

١٣٧

وفي وجوب الغسل بوطئ الغلام تردد، وجزم علم الهدى بالوجوب.

وأما كيفيته: فواجبها خمسة: النية مقارنة لغسل الرأس، أومتقدمة عند غسل اليدين، و إستدامة حكمها.

غسل البشرة بما يسمى غسلا، ولو كان كالدهن. وتخليل ما لا يصل الماء إليه إلا به. والترتيب. يبدأ برأسه، ثم ميامنه، ثم مياسره. و يسقط الترتيب بالارتماس. احتج الآخرون: بقوله تعالى (أولا مستم النساء)(١) .

وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته متى يجب الغسل على الرجل والمرأة؟ فقال: إذا أدخله فقد وجب الغسل(٢) .

وما رواه عن حفص بن سوقة عمن أخبره قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها؟ قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل(٣) .

وأجابوا عن حجة الاولين: بأن الاتيان في الدبر أعم من غيبوبة الحشفة وعدمها، فيحمل على العدم، لصحة تناول اللفظ له، جمعا بين الادلة. والبراء‌ة معارضة بالادلة وبالاحتياط. قال طاب ثراه: وفي وجوب الغسل بوطئ الغلام تردد، وجزم علم الهدى بالوجوب.

____________________

(١) سورة النساء: ٤٣.

(٢) الكافي: ج ٣، ص ٤٧، كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة قطعة من حديث ٨، وفيه (فلم ينزل).

(٣) التهذيب: ج ٧ ص ٤٦١، باب ٤١، من الزيادات في فقه النكاح، حديث ٥٥، مع اختلاف يسير في العبارة.

١٣٨

وسننها سبعة: الاستبراء، وهو أن يعصر ذكره من المقعدة إلى طرفه ثلاثا، وينتره ثلاثا، وغسل يديه ثلاثا، والمضمضة، والاستنشاق، و إمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل الماء اليه، والغسل بصاع.

وأما أحكامه: فيحرم عليه قراء‌ة العزائم، ومس كتابة القرآن، ودخول المساجد إلا إجتيازا، عدا المسجد الحرام ومسجد النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولو احتلم فيهما تيمم لخروجه. أقول: ذهب المصنف إلى عدم وجوب الغسل مع الايقاب ما لم ينزل، قال: وقال علم الهدى بالوجوب محتجا بأن كل من قال: بالغسل في وطئ المرأة دبرا، قال به في دبر الغلام، وإلى الآن لم أتحقق ما ادعاه فالاولى التمسك فيه بالاصل(١) هذا آخر كلامه في المعتبر. وقال العلامة في المختلف: الخلاف في دبر الغلام كالخلاف في دبر المرأة، والحق فيه وجوب الغسل لوجوه.

(الف): إنكار عليعليه‌السلام على المهاجرين(٢) ، فانه يوجب متابعة الغسل للحد، والحد هنا ثابت، فيثبت الغسل.

(ب): أنه أولج فرجه في دبر مشهي طبعا، فيجب الغسل كدبر المرأة وقبلها.

(ج): الاجماع المركب، فإن كل قائل بوجوبه في دبر المرأة، قائل بوجوبه في دبر الغلام.

قال الشيخرحمه‌الله : إذا أولج ذكره في دبر المرأة، أو الغلام، فلاصحابنا فيه

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٤٨، س ١٣.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ١١٩، باب ٦، حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث ٥.

١٣٩

ووضع شئ فيها على الاظهر.

ويكره قراء‌ة ما زاد على سبع آيات، ومس المصحف، وحمله، والنوم ما لم يتوضأ، والاكل والشرب ما لم يتمضمض، ويستنشق، والخضاب. ولو رأى بللا بعد الغسل، أعاد، إلا مع البول أو الاجتهاد. روايتان، إحداها يجب الغسل والاخرى لا يجب عليهما(١) ولم يفت بشئ في فصل الجنابة. وهذا يدل على عدم إعتداده بخلاف المصنف. قال طاب ثراه: ووضع شئ فيها على الاظهر. أقول: المشهور عند أصحابنا تحريم الاستيطان في المساجد، ووضع شئ فيها للجنب والحايض.

وقال سلار: إنهما مكروهان(٢) واختار المصنف الاول، لقوله تعالى (ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا)(٣) والمراد مواضع الصلاة، ليتحقق معنى العبور والقربان، ولحسنة جميل قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا، ولكن يمر فيها كلها، إلا المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وفي الصحيح عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم، ولكن لا يضعان في المسجد شيئا(٥) .

____________________

(١) المبسوط: ج١، فصل في ذكر غسل الجنابة واحكامها، ص ٢٧، س ١٩، وفيه " اذا أدخل ذكره ".

(٢) المراسم: ذكر غسل الجنابة وما يوجبه و، ص ٤٢، س ١٤، قال: " والندب ان لا يمس المصحف " إلى ان قال: " ولايترك شيئا فيها ".

(٣) سورة النساء: ٤٣.

(٤) التهذيب: ج ١، ص ١٢٥، باب ٦، حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث ٢٩.

(٥) التهذيب: ج ١، ص ١٢٥، باب ٦، حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث ٣٠.

١٤٠